أفرد العلامة المجلسي في الجزء الثالث والخمسين من كتابه بحار الأنوار بابا سماه ( باب خلفاء المهدي وأولاده وما يكون بعده ) ذكر فيه أربع روايات نصت على أن بعد المهدي سيحكم اثنا عشر مهديا ، وقال في نهاية الباب : بيان : هذه الأخبار مخالفة للمشهور .
وذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ( ليس بعد دولة القائم لأحد دولة إلا ما جاءت به الرواية عن قيام ولده إن شاء الله ذلك ، ولم يرد على القطع والثبات ، وأكثر الروايات انه لن يمضي مهدي الأمة إلا قبل القيامة بأربعين يوما يكون فيها الهرج ) .
وذكر الشيخ الطبرسي في أعلام الورى في آخر الباب الرابع

والآن سنناقش الروايات الأربعة لنظهر ضعفها وعدم الأخذ بها :
الرواية الأولى :- نقلها صاحب البحار عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق :( قال الدقاق عن الاسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن حمزة عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السلام يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله سمعت من ابيك انه قال : يكون بعد القائم اثنا عشر مهديا ، فقال : إنما قال اثنا عشر مهديا ولم يقل اثنى عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس الى موالاتنا ومعرفة حقنا . ) كمال الدين وتمام النعمة ج2ص359 )
وسنقوم بدراسة سند الحديث :
1- علي بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق
2- محمد بن أبي عبد الله الكوفي
3- موسى بن عمران النخعي
4- الحسين بن يزيد النوفلي
5- علي بن أبي حمزة البطائني
6- أبي بصير ..
أولا : علي بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق :- لم أجد له عند بن داود والبرقي والكشي والطوسي والنجاشي والعلامة الحلي وابن الغضائري ، ولذلك حكم المحقق الخوئي بجهالته . ( المعين على معجم رجال الحديث ترجمة رقم 15303 ) .
ثانيا : الحسين بن يزيد النوفلي :- قال عنه الشيخ الطوسي ( .... كان شاعرا أديبا وسكن الري ومات بها وقال قوم من القميين انه غلا في آخر عمره ) ( الفهرست للطوسي ترجمة رقم 241 وذكره في رجاله في أصحاب الرضا ) .
وقال النجاشي عنه : ( كان شاعرا أديبا سكن الري ومات بها ... انه غلا في آخر عمره والله اعلم ..) .
وذكره العلامة المجلسي في ( مرآة العقول ) : ( قد حكم على بعض الأحاديث التي ورد فيها النوفلي بقوله : ضعيف على المشهور ..) .
ثالثا : علي بن أبي حمزة البطائني : قال عنه النجاشي : ( ... وهو احد عمد الواقفة ) .
وقال فيه بن الغضائري : ( علي بن أبي حمزة لعنه الله اصل الوقف واشد الخلق عداوة للمولى من بعد أبي إبراهيم عليه السلام ) .
الرواية الثانية : رواها العلامة المجلسي في البحار ج53 نقلا عن غيبة الشيخ الطوسي :-
( عن محمد بن عيسى عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال

سند الرواية :
1- محمد الحميري : وهو محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري .
2- أبيه : وهو عبد الله بن جعفر الحميري .
3- محمد بن عبد الحميد : وهو محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار .
4- محمد بن عيسى : وهو محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني .
5- محمد بن الفضيل : وهو محمد بن الفضيل بن كثير الازدي .
6- أبو حمزة : وهو ثابت بن دينار الملقب بالثمالي .
مناقشة لبعض الرواة :
أولا محمد بن الفضيل : ذكره الطوسي في رجاله في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام صـــ297 وفي أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام صــــ358 وفي أصحاب الإمام الرضا صــــ389 ، قال : محمد بن الفضيل ازدي صيرفي يرمى بالغلو .
وقال عنه العلامة الحلي في إيضاح الاشتباه : ( محمد بن الفضيل ... مرمي بالغلو ..) وقال عنه العلامة ايضا في الخلاصة صــــ395 ( محمد بن الفضيل ...ازدي صيرفي يرمى بالغلو ) وقد ضعفه صاحب جامع الرواة ج2 صـــ175 رقم 1274 .
كما إن المحقق الخوئي يرى عدم ثبوت وثاقة الرجل وعدم الاعتماد على روايته ( المعين على معجم رجال الحديث صـــــ260 رقم 11571 ) .
فالرجل مطعون فيه ولم يوثق ، فحديثه ضعيف لا يمكن قبوله .
النتيجة : الرواية ضعيفة من حيث السند لضعف محمد بن الفضيل ، وناحية المتن فأنها تختلف عن الرواية السابقة فتلك أشارت الى اثنى عشر مهديا وهذه تذكر احد عشر ، والرواية الأولى وصفت المهديين بانهم من شيعتنا وهذه وصفتهم بأنهم من ولد الحسين .
الرواية الثالثة : نقلها المجلسي في بحار الأنوار عن الشيخ الطوسي : ( عن البزوفري عن علي بن سنان الموصلي عن الحسين عن احمد بن محمد بن الخليل عن جعفر بن احمد المصري عن عمه الحسين بن علي عن ابيه عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام عن آبائه عن امير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله - في الليلة التي فيها وفاته لعلي - : ( يا ابا الحسن احضر صحيفة ودواة ... فأملا رسول الله صلى الله عليه وآله وصيته حتى انتهى الى هذا الموضع فقال : يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم اثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثنى عشر إماما .. وساق الحديث الى ان قال : وليسلمها الحسن عليه السلام الى ابنه
م ح م د المستحفظ من آل محمد صلى الله عليه وآله فذلك اثنا عشر إماما ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا فإذا حضرته الوفاة فليسلمها الى ابنه اول المهديين له ثلاثة أسامي ، اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله واحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين ( البحار ج53 صـــ148 ) .
سند الرواية :
1- البزوفري : هو الحسين بن علي بن سفيان البزوفري.
2- علي بن سنان الموصلي العدل .
3- علي بن الحسين .
4- احمد بن محمد بن الخليل .
5- جعفر بن احمد المصري .
6- عمه الحسين بن عن ابيه .
أولا : علي بن سنان الموصلي : ممن لم يظفر له بترجمة ، إذ لم يذكره أصحاب الرجال من المتقدمين كالبرقي والكشي والطوسي وبن الغضائري وبن داود . ولم يذكره العلامة وبن طاووس وحتى عند المتاخرين من امثال المامقاني والتستري والمحقق الخوئي . فهو مجهول .
ثانيا : احمد بن محمد بن الخليل : وهو أيضا لم يذكر في كتب الرجال وأهمل .
ثالثا : جعفر بن احمد المصري : لم يذكر فهو مجهول ، كذلك عمه فهو مجهول .
الرواية الرابعة :- نقلها العلامة المجلسي عن كتاب ( مختصر بصائر الدرجات ) حيث قال : ( مما رواه السيد علي بن عبد الحميد بإسناده عن الصادق عليه السلام : ان منا بعد القائم اثنا عشر مهديا من ولد الحسين عليه السلام ) .
ومما تجدر الإشارة إليه إن صاحب كتاب المختصر عاش في القرن التاسع الهجري أو العاشر ونقل عن كتاب علي عبد الحميد المتوفي في القرن التاسع الهجري فما هو إسناده وهو الذي يقول عنه روى بإسناده ؟ فما لم نعرف سند الحديث لا يمكن الحكم بصحته .
وعلى القارىء أن يتصور طول الإسناد من القرن التاسع حتى الإمام الصادق عليه السلام .
فالرواية ضعيفة لأنها مرسلة ولم نتعرف على رجال سندها فهم مجهولون بالنسبة لنا وعليه لا يمكن الحكم بصحة الرواية وتعتبر من قسم الحديث الضعيف .
ومن المعروف ان العلماء اعتبروا الحديث المرسل من قسم الضعيف سوى ما استثناه البعض من تصحيح مراسيل أمثال محمد بن ابي عمير والبيزنطي وصفوان بن يحيى وغيرهم ممن كان لا يري ولا يرسل الا عن ثقة .
تعليق