إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

بيان لسماحة آية الله الفقيه السيد المقدس الغريفي بمناسبة اربعينية الامام الحسين (ع)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بيان لسماحة آية الله الفقيه السيد المقدس الغريفي بمناسبة اربعينية الامام الحسين (ع)

    صدر بيان من النجف الاشرف لسماحة آية الله الفقيه المجاهد السيد ابو الحسن حميد المقدس الغريفي (مد ظله) بمناسبة اربعينية سيد الشهداء الامام الحسين (ع) واليكم نص البيان :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين . السلام على المعصومين الأربعة عشر ورحمة الله وبركاته . السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ، السلام على أبي الفضل العباس ، السلام على زينب الحوراء ورحمة الله وبركاته . السلام عليكم يا أنصار الحجة (عج) في كل مكان ورحمة الله وبركاته.
    (بيان الأربعين)
    قبل الخوض في الحديث عن زيارة الحسين (ع) في يوم الأربعين بعد استشهاده وبيان فضيلتها وعظمة إحياء هذه الشعيرة نريد أن نتعرف أولاً بالقدر الممكن عن رقم الأربعين وخصوصياته الرسالية والتشريعية لنصل ثانياً إلى إدراك ما يُمكن إدراكه من فضيلة زيارة الحسين (ع) وخصوصيتها في يوم الأربعين ، ونستفيد من هذا الطرح بعض المعلومات والدروس والعِبَر لتتبلور لدينا فكرة ناضجة عن يوم الأربعين الذي صار يوماً عالمياً اتفقت مختلف الديانات على جعله يوم زيارة الموتى من حين وفاتهم وتأدية مراسيم معينة بحسب كلّ معتقد . فنقول: إنَّ رقم الأربعين له خصوصيات وسنن معهودة وردت في الكتاب والسُنَّة وكان من أبرز معالمها هو تلقي الرسالة السماوية ومعرفة التشريعات الإلهية وترتب بعض الآثار التكوينية والتشريعية فيما يتعلق بالرقم أربعين ، فممّا يُلفت النظر أنَّ الإنسان يبلغ الأشُدْ من عمره في سن الأربعين ، وهو أيضاً الميقات الذي واعد الله سبحانه موسى (ع) لكي ينقطع عن جميع الخلائق ويتوجه إلى مناجاة ربِّه ويأخذ عنه التوراة وتشريعاته فتمَّ ميقات ربِّه أربعين ليلة ، وهو الرقم الذي نجى بنو إسرائيل من التيه والضياع باكتمال أربعين سنة ، ثُمَّ أنَّه نزلت رسالة الإسلام على نبينا محمد (ص) وهو في عمر الأربعين ، وقد بشّر الرسول (ص) المسلمين بأنَّه من حفظ على أمتيأربعين حديثاً كتب فقيهاً وفي رواية دخل الجنَّة ، كما أنَّ مراحل تكوين الجنين تعتمد رقم الأربعين في التغيير المفصلي لمراحل نموه كما عن الباقر(ع) أنَّ النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ثمَّ تصير مضغة أربعين يوماً فإذا كمل أربعة أشهر....إلخ ، ويلحظ الإمام علي (ع) في خطابه لأبناء الأربعين جانب الإبتعاد عن الغفلة واللهو واللعب والعمل على الإعداد الكامل والتزود والإقدام على الله تعالى بقوله (ع): ( يا أبناء الأربعين ماذا أعددتم للقاء ربِّكم ) ، وأما الدعاء للمؤمنين في وتر صلاة الليل فإنَّه يُستحب تعداد أربعين منهم بأسمائهم ، وكذا شهادة أربعين من المؤمنين للميت تُكتب على جريد النخل الرطب وتُوضع مع الميت كما هو وارد ، وقول الرسول (ص) : ( من شرب الخمر لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً ) وقوله (ص) : ( من اغتاب مسلماً أو مسلمة لم يقبل الله صلاته أربعين يوماً وليلة ، إلاّ أنْ يغفر له صاحبه ) وعنه (ص): ( من صلّى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق ) ، وعن الإمام الحجة (عج) : ( من أخلص العبادة لله أربعين صباحاً ، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) ، وعن النبي (ص) : (إنَّ الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا) ، وفي رواية عن الصادق (ع) في بيان فضيلة دعاء العهد أنَّه قال : ( من دعا إلى الله تعالى أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا (ع) ، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره ، وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة ) ، ودعاء العهد معروف وموجود في كتب الأدعية ، وهناك الكثير من الروايات في هذا المجال ، ونفهم من خلال استعمال الباري جلَّ وعلا في سننه التشريعية وما يلحقها من آثار وضعية لهذا الرقم في عدَّة موارد فإنَّه يكشف عن وجود اهتمام وخصوصية وسر في هذا الرقم نستدل بذلك كلِّه على قوَّته ونضجه وتأثيره في مسارات انبعاث الحياة الكريمة للأمم والشعوب ونهوضها ويُساعد على تجدد مسيرتها وفق صياغة رسالية هادفة تدرك الطبيعة الحركية الإصلاحية في بني البشر بنضج ووعي ورشاد ، وإن لم نكن ندرك العلّة الحقيقة في هذا الرقم إلاّ أننا نتعامل معه من جهة التعبد لإدراك المصالح المكنونة فيه ولذا ورد هذا الرقم في الكتاب والسُنّة في موارد عديدة كما ذكرنا ، وأيضاً كما قال تعالى (( حتى إذا بلغ أشدُّه وبلغ أربعين سَنَةً قال ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك )) الأحقاف / 15 وقال تعالى (( فتّم ميقات ربِّه أربعين ليلة )) الأعراف / 142 ، وقال تعالى : (( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً ثمَّ اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون )) البقرة / 51 ، وقال تعالى: ((قال فإنَّها محرمة عليهم أربعين سنةً يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين )) المائدة / 26 ، ومن السنن المستحبَّة أيضاً زيارة الأموات في يوم الأربعين من تاريخ وفاتهم وهو ما قام به الإمام السجاد (ع) لزيارة أبيه الشهيد الحسين (ع) ، وزيارة الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله تعالى عليه الذي اغتسل بماء الفرات ولبس ثياباً طاهرة وتطيَّب وسار حافياً إلى قبر الحسين (ع) والتقى مع الإمام السجاد عند القبر ، وكان الإمام السجّاد (ع) قد أعاد الرؤوس الكريمة من الشام إلى مكان دفن الجسد في كربلاء يوم الأربعين وهو ما يُعرف عند العراقيين بيوم (مَرَدّ الرؤوس) ، وفي كامل الزيارات ص167عن أبي عبد الله الصادق(ع) حيث قال : يا زرارة إنَّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم ، وأنَّ الأرض بكت أربعين صباحاً بالسواد ، وأنَّ الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة ، وأنَّ الجبال تقطعت وانتثرت وأنَّ البحار تفجرت ، وأنَّ الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين (ع) . وفيما روي أنَّ الروح تزور مكان دفن الجسد في يوم الأربعين . كما أنَّ في الأربعين إشارة واضحة إلى نضج وتكامل ثورة الحسين (ع) وبلوغها الأشد بالدور الذي قام به السجاد (ع) وعمته زينب الحوراء من خلال مسيرهم مع السبايا إلى الشام وكشفهم لملابسات النهضة الحسينية للعالم والتعريف الصريح بقادة هذه النهضة وأنَّهم أهل بيت النبوّة وسيّد شباب أهل الجنّة وصحابتهم البررة وليس هم من الترك أو الديلم أو خارجين عن الحق والعدل كما يُرَوِّج لذلك الإعلام الأموي الدموي لتضليل الرأي العام ، فكان إعلامهم الإسلامي النهضوي الجريء المتصدّي والمواجه لسياسة التضليل والكذب والقمع و الإبادة مكملاً ومتمماً لنهضة الحسين (ع) حيث أنّه كشف الحقائق وخلق التوعية وبصَّرَ الناس بالحق ورفع عن الطغاة أغطيتهم المزيفة والمضلِّلة التي يتسترون بها لتتضح حينئذٍ معالم ثورة الحسين(ع) ، كما أنَّ الإعلام الصادق الواعي والهادف استنهض الهمم وحرّك جميع القوى في داخل الإنسان للدفاع عن الإسلام وعن رموزه الواقعية ، وقد نتج عن ذلك كلِّه حفظ وتحصين الإسلام من التحريف والتلاعب الذي مارسه الطغاة المستكبرين وإزالة الأغطية الوهمية عنهم وعن تطبيقاتهم المنحرفة وكشف زيف دعاة الجاهلية الثانية لتثبت حقيقة للعالم أجمع وهي أنَّ الإسلام محمديُ الوجود حسينيُ البقاء ، ولذا تعاقبت الثورات والانتفاضات الشعبية ضدّ الحكم الأموي الجاهلي وما زالت تأثيراتها مستمرة إلى يومنا هذا حيث تقوم الشعوب المتحررة بمناهضة الظلم و الإستكبار والفساد بفضل تضحية الحسين (ع) ومدرسته المتكاملة ، ومن هنا نقول : إنَّ زيارة الأربعين تمتلك أبعاداً واسعةومؤثرة فمنها كونها ملتقى الأحبَّة وتجديد المواساة وتنشيط الموالاة وتأكيد عقد البيعة والنصرة وبيان مظلومية أهل البيت (ع) والتبرك بالمكوث إلى قربهم واستجابة الدعاء في حضراتهم كما أرشد الأئمة (ع) إلى ذلك في روايات عديدة ومقامات متفرقة ، وفي تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (قدس سرّه) ج6 ص42 باب 16حديث1، فعن الإمام الباقر(ع) حيث قال: ( مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام ، فإنَّ إتيانه يزيد في الرزق ويمد في العمر و يدفع مدافع السوء . وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقرُّ للحسين (ع) بالإمامة من الله ) ، وفي كامل الزيارات لإبن قولويه الصدوق (قدس سرّه) باب43حديث2-5 ،ص237، عن الوشاء ، قال : سمعت الرضا (ع) يقول إنَّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته ، وإنَّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة ) ، وعن أبي عبد الله الصادق (ع) ، قال: ( لو أنَّ أحدكم حجَّ دهره ثمّ لم يزر الحسين(ع) لكان تاركاً حقّاً من حقوق رسول الله (ص) ، لأنَّ حقّ الحسين (ع) فريضة من الله واجبة على كلّ مسلم ) ، حتى عدَّ الإمام الحسن العسكري (ع) زيارة الحسين (ع) في يوم الأربعين من علامات المؤمن كما ورد عنه أنه قالعلامات المؤمن خمس : صلاة إحدى وخمسين ، وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) ، وببركة هذا الرقم الذي يحمل سِرَّ الحياة الكريمة والتشريع والصلاح والعهد والخلاص من التيه والضياع إنَّما يتفاعل في واقع الأمر مع الموجودات بشرط توفر الأرضية الخصبة من الإعداد النفسي والإقدام الحقيقي للإنسان والمجتمعات والشعوب نحو التغيير والإصلاح والتقرب إلى الله تعالى ، لكون هذا يُعَدُّ مسلكية إيمانية تندرج ضمن مصاديق الإحياء الذي يؤكد عليه الإمام الصادق (ع) بقوله أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا ) ، لنفهم أنَّ زيارة الحسين (ع) في يوم الأربعين تعني حياة للمعصومين (ع) لأنَّ أمرهم واحد ، وبالتالي فهو حياة للإسلام ورحمة ونجاة للعاملين لأنَّه سبيل الى يقظتهم ونهوضهم وتماسكهم وقوتهم وكذا تحمل دعوة للشعوب إلى التحرر من الطاغوت والاستكبار الشيطاني والتمسك بالعروة الوثقى التي تجمع الناس على الألفة والمحبّة والوحدة والسلام وهذه من الأهداف السامية والمقاصد العالية في التطبيقات الصحيحة لإقامة الشعائر الدينية واستذكار الحسين (ع) ، ولذا فإنَّ الملايين من الناس يزحفون إلى قبر الحسين (ع) مشياً على الأقدام ويقطعون آلالاف الكيلو مترات ومن كل أنحاء العالم ، وهذه سُنّة يُمارسها الموالون منذ أن أستشهد الحسين(ع) وإلى يومنا هذا إحياءاً لهذه الشعيرة العظيمة التي هي من رموز الولاء والنصرة للحق وإتباع الإمامة الصادقة والرفض القاطع للطواغيت من شياطين الإنس والجن ولذا قال تعالى ذلك ومن يُعظم شعائر الله فإنَّها من تقوى القلوب) الحج / 32 ، فرقم (الأربعين) رغم ما يحمله من تكاليف عظيمة ومسؤولية رسالية لقيادة الأمَّة وتشريع نظامها إلاّ أنَّ أسم الحسين (ع) أضاف إلى الأربعين صفةً خاصة ولوناً جديداً وحركة متميزة خالدة حيث تجد في نهضته ومناسبة أربعينيته صرخة مُدّوية وصحوة عارمة ورؤيةً آفاقية واسعة نتجت عنها بيعة دائمة وعهداً متجدداً لمواصلة الجماهير المؤمنة المسيرة على الدرب الرسالي الخالد الذي يؤدي إلى حفظ الإسلام وانتصار المسلمين والثبات على العقيدة والإلتزام بالتشريع ، فتكون مناسبته (ع) مجمعاً رئيسياً للغايات والمقاصد الحميدة ينبض بالعزَّة والكرامة والإباء والقوة والمَنعَة ليُنعِشَ الأمم المستضعفة ويستنهضها بالمدد الإيماني والدروس الإصلاحية لتجديد مسيرته الواقعية الحيََّة في كلّ زمانٍ ومكان والتي كان وما يزال وسيبقى الحسين (ع) رمزها ورائدها في جانبي القدوة والأسوة ، وهنا تبرز وتظهر بقوّة عظمة الموالاة والنصرة والإقتداء بالحسين (ع) من خلال معرفتنا فيما لا مبالغة فيه وبشهادة القرآن وبالسيرة المتجسدة على أرض الواقع أنَّ بني إسرائيل غاب عنهم موسى (ع) أربعين ليلةً وقد استخلف عليهم أخاه هارون النبي (ع) فارتدوا على أدبارهم وعبدوا العجل من دون الله جلَّ وعلا ، وعاقبهم الله سبحانه وتعالى بالتيه والضياع أربعين سنة ، فجعل كُلَّ يومٍ عليهم بسنة ، ولمّا أدركوا الذنب والعقوبة أعلنوا التوبة والندم وبعد إكمال الأربعين سنة حصل لهم الفرج ، بينما نجد أتباع الحسين (ع) اليوم وقد أستشهد منذ أكثر من ألف و ثلاثمائة سنة وهم يُجددون ذكراه في كل يوم وينصبون له العزاء في كل مكان ويسترشدون بسيرته في كل مناسبة ويتعاهدون دائماً على بيعته وبيان مظلوميته والمطالبة بثأره مع إمام مهدي موعود بالنصر لتحقيق العدالة العالمية ، وهذا شرف لا يناله إلا ذو حظٍ عظيم من الأوفياء الموالين المخلصين .
    أيها الأنصار المجاهدون الشرفاء المؤمنون في كل مكان لقد غاب عنكم المعصوم المهدي المنتظر (عج) منذ ما يزيد على الألف ومائة سنة وقد بايعتموه على الولاء والطاعة والنصرة وصبرتم على ذلك بعقيدة وإيمان راسخين تنتظرون خروجه ونصرته وأنتم على الإنتظار صابرون وعاملون ، تؤسسون القواعد الممهدة لخروجه واستقباله ، وهذه مسلكية إيمانية غير معهودة منذ أن خلق الله سبحانه آدم (ع) وحتى غياب المهدي المنتظر(عج) ، وبها تمتازون عن باقي الأمم والشعوب الذين انحرفوا عن الخط العقائدي والتشريعي الصحيح بمجرد غياب النبي موسى (ع) عن قومه أربعين ليلة ، وغياب عيسى النبي (ع) حينما رفعه الله تعالى إلى السماء ، بينما أنتم صامدون وصابرون وسائرون وعاملون في الخط الصحيح ومستمسكون بالعروة الوثقى وفق ضوابط وآليات الصراط المستقيم حيث ابتعدتم عن السُبات والكسل والرهبانية المزعومة و الانحراف و فسّرتم الانتظار ( فعلاً وقوةً ) بالصبر والعمل ومتابعة منهجية القيادة المركزية الواقعية المتمثلة بالإمام المهدي الحُجة بن الحسن (عج) ، وهذا يعني الإستقامة والتطبيق الحقيقي للمنهج الشرعي للإسلام الصحيح ، الذي يرفض المفاسد والانحرافات الفكرية والسلوكية ويبتعد عن الأباطيل والدعاوى المضلِّلة بإسم الإمام المهدي (عج) وغيره ، و يُتابع بتأكيد وضرورة منهج الإمام (عج) فيما نصَّ عليه في إرشاداته وتوجيه الأمّة في حال غيبته بمتابعة الامتداد الطبيعي للأئمة (ع) من المراجع الربّانيين والعلماء الرساليين الأمناء على الدين لملئ الفراغ ومواصلة المسيرة الصادقة ومن ثمَّ تسلّم الراية إلى الإمام الحجّة (عج) حين يأذن الله تعالى بظهوره (ع) ، و نحن من خلال هذه المنطلقات الواعية والأهداف السامية نغتنم مناسبة أربعين الحسين (ع) لإحيائها بما تستحق وإعطائها دورها الحقيقي وبعدها الإستراتيجي في تنشيط الجوانب التربوية والحركية وإيقاظ الأمّة نحو تحقيق مطالبها المشروعة من الإصلاح ودرأ الفساد والمفسدين بكل أشكاله وقمع الإرهاب والسير بالأمّة نحو الاستقلال والعدل والسلام ورعاية المستضعفين والمحرومين والمظلومين وإرجاع حقوقهم المشروعة وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي العادل غير المسيّّس وتوفير فرص عمل متكافئة وسُبُل حياة كريمة تصون كرامة الإنسان وشرفه ، ونهيب بجميع الأخوة في العالم مراعاة ذلك وخصوصاً في عراقنا الجريح وبالأخص نخاطب المتنفذين في أجهزة الدولة ، فيجب أن نتحمل جميعاً مسؤولية إسلامنا وولائنا للحسين (ع) الذي قدَّم نفسه وأهل بيته وأصحابه و ما يملك من أجل حفظ الإسلام والإصلاح في أمّة جدِّه محمد (ص) ورفض الظلم وتحقيق العدالة ، فإذا كان الحسين (ع) رمزنا حقيقة فعلينا أن نتخذه قدوة وأسوة في مسيرتنا ، وأيضاً ينبغي علينا جميعاً أن نبذل ما بوسعنا للرقي بأنفسنا إلى مستوى تضحية الحسين (ع) وأهل بيته (ع) وأصحابه الكرام لكي نحظى بالانتماء إلى مدرسته المتكاملة ولذا تجد فيما أكدَّ عليه الرسول الأعظم محمد (ص) وقد ألقى الحجّة على الناس ودعاهم إلى الالتفاف حول الحسين (ع) واستبق جميع الأحداث التي كان يعلم بحصولها حيث قال الرسول (ص) : الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة . وقوله (ص) حسين منّي وأنا من حسين أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً. وقوله (ص) : الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا . وقوله (ص) : الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنَّة . وغير ذلك من الروايات الكثيرة المتفق عليها بين المسلمين بشأن الحسين (ع) وأهل البيت سلام الله عليهم .
    ونفهم من جميع ما ذكرنا أنَّ المدرسة الحسينية لا تقتصر في متابعتها و الانتماء إليها على شعبة العاطفة الإنسانية من الحزن والبكاء واللطم أو الإيثار وبذل الطعام وإن كانت هذه الشعب مطلوبة في المسيرة الحركية الواعية والهادفة على مستوى الذات الإنسانية ومستوى الجماهير في إحياء ذكرى الحسين (ع) ولكنّها تمثل شُعَباً من مجموع شُعَبٍ كثيرة تشترك جميعها كوحدة متلاحمة ومترابطة لإخراج الهوية الكاملة لهذه المدرسة الحسينية بصورة منضبطة ومتوازنة في شُعَبها وأبعادها وأهدافها ومسيرتها لكي نبتعد عن الخلل في المضمون والأداء ، وبالتالي نحظى على الإستقامة المطلوبة في العقيدة والتزام جانب التشريع وتكون تطبيقاتنا الحياتية العامّة عادلة ومنصفة وصحيحة ومنتجة في عباداتنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا برموزنا وسائر الناس ، وهذا ما يتطلب من الجميع أن لا يُسَيِّسوا الدّين وقضية الإمام الحسين(ع) الرسالية الإسلامية العالمية لمصالح حزبية وفئوية ضيَّقة فيُحارَب لأجلها زوّار الحسين(ع) بإسم الحسين (ع) والدّين ، فتستغل استغلالاً سيئاً ومحرمّاً ، وينبغي علينا جميعاً أن نرقى بذاتنا وبجماهيرنا إلى مستوى تضحية الحسين (ع) ونحفظ لذلك الأمانة الدينية التي دافع من أجلها الحسين (ع) وأهل بيته (ع) وأصحابه البررة الكرام ، ونؤدي وظيفتنا الشرعية والشعائرية بخير وعدل ونظام وسلام ، وبهذا نكون قد تحملنا مسؤولية إسلامنا وولائنا لأهل البيت (ع) وأحيينا أمرهم وواصلنا مسيرتهم بأمانة وصدق وإخلاص .
    إذن اجتماع الأمّة في كربلاء وباقي مدن العالم لإحياء المناسبة بما تستحق هو استجابة مفتوحة عبر الأجيال لصرخة الحسين (ع) التي نفذت في أعماق النفس الإنسانية وتركت في الأمم والشعوب إنطباعاً حركياً نحو التغيير والإصلاح ورفض الظلم والطغيان والسعي الجاد من أجل التحرر من قيود الجاهلية في كل زمان ومكان ، والعمل على مواساة أهل البيت (ع) وبيان مظلوميتهم والتعاهد على متابعة منهجهم صلوات الله عليهم أجمعين ومبايعتهم ، والإقتداء بسيرتهم من الصدق في القول والعمل وحفظ الأخوّة والوفاء والإيثار ونشر العدل والسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها مما تعني جميعها التخلق بأخلاق القرآن الذي جسَّده المعصومون (ع) في مسيرتهم ، هذا وأنَّ مبايعة صاحب الأمر والزمان (عج) تختصر فيها بيعة جميع المعصومين (ع) لأنَّه خلاصة سيرتهم (ع) وهو الإمام القائد لهذا الزمان الذي يجب معرفته وبيعته كما قال الرسول (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) ، وهو الذي يُحقق العدالة الكبرى في العالم وينتصر للمستضعفين ويأخذ بثأر جدّه الحسين (ع) ويعم الخير والسلام في ربوع العالم ، فهو من تصل إليه تلك الصرخة والصيحة الحسينية المدوّية كاملة عبَرَ الوسائل الإلهية فيتحمل شدتها وحرقتها وينهض بأعبائها كاملة أيضاً مع أنصار أشدّاء لا يرهبون الموت كأنصار الحسين في كربلاء ، لأن الصرخة خرجت بقوّة من معصوم وهو الحسين (ع) وتنتهي إلى من يتحملها وهو المعصوم المهدي المنتظر(ع) ، وما بينهما تكون مسيرة نضالية كفاحية تقدّر بقدرها بحسب ما تنص عليه الوظيفة الشرعية لكل مرحلة وظرف ، هذا وأنَّ للحسين (ع) كما في الرواية حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبدا . ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من أنصاره وأعوانه و الذابّين عنه والمستشهدين بين يديه ، والحمد لله أولاً وآخراً ، وعظم الله أجورنا وأجوركم بالحسين الشهيد وأهل بيته (ع) وصحابته الكرام ونرفع تعازينا إلى الإمام المهديّ المنتظر (عج) والعالم الإسلامي والمراجع العظام وإليكم أيّها الأنصار في كلّ مكان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    ((زيارة الأربعين))
    السَّلَامُ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ حَبِيبِهِ ، السَّلَامُ عَلَى خَلِيلِ اللَّهِ وَ نَجِيبِهِ ، السَّلَامُ عَلَى صَفِيِّ اللَّهِ وَ ابْنِ صَفِيِّهِ ، السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ ، السَّلَامُ عَلَى أَسِيرِ الْكُرُبَاتِ وَ قَتِيلِ الْعَبَرَاتِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَ ابْنُ وَلِيِّكَ وَ صَفِيُّكَ وَ ابْنُ صَفِيِّكَ الْفَائِزُ بِكَرَامَتِكَ أَكْرَمْتَهُ بِالشَّهَادَةِ وَ حَبَوْتَهُ بِالسَّعَادَةِ ، وَ اجْتَبَيْتَهُ بِطِيبِ الْوِلَادَةِ وَ جَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السَّادَةِ وَ قَائِداً مِنَ الْقَادَةِ وَ ذَائِداً مِنَ الذَّادَةِ وَ أَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ الْأَنْبِيَاءِ وَ جَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ مِنَ الْأَوْصِيَاءِ ، فَأَعْذَرَ فِي الدُّعَاءِ وَ مَنَحَ النُّصْحَ وَ بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَ حَيْرَةِ الضَّلَالَةِ ، وَ قَدْ تَوَازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيَا وَ بَاعَ حَظَّهُ بِالْأَرْذَلِ الْأَدْنَى وَ شَرَى آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوْكَسِ وَ تَغَطْرَسَ وَ تَرَدَّى فِي هَوَاهُ وَ أَسْخَطَكَ وَأَسْخَطَ نَبِيَّكَ وَ أَطَاعَ مِنْ عِبَادِكَ أَهْلَ الشِّقَاقِ وَ النِّفَاقِ وَ حَمَلَةَ الْأَوْزَارِ الْمُسْتَوْجِبِينَ النَّارَ ، فَجَاهَدَهُمْ فِيكَ صَابِراً مُحْتَسِباً حَتَّى سُفِكَ فِي طَاعَتِكَ دَمُهُ وَ اسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ ، اللَّهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لَعْناً وَبِيلًا وَ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً السَّلَامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَابْنَ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِينُ اللَّهِ وَ ابْنُ أَمِينِهِ ، عِشْتَ سَعِيداً وَ مَضَيْتَ حَمِيداً وَ مِتَّ فَقِيداً مَظْلُوماً شَهِيداً ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ مَا وَعَدَكَ وَ مُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ وَ مُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاهُ وَ عَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاهُ ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلَابِ الشَّامِخَةِ وَ الْأَرْحَامِ المُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا وَ لَمْ تُلْبِسْكَ الْمُدْلَهِمَّاتُ مِنْ ثِيَابِهَا وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ الدِّينِ وَ أَرْكَانِ الْمُسْلِمِينَ وَ مَعْقِلُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الْبَرُّ التَقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَ أَعْلَامُ الْهُدَى وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى وَ الْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَ أَشْهَدُ أَنِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ وَ بِإِيَابِكُمْ مُوقِنٌ بِشَرَائِعِ دِينِي وَ خَوَاتِيمِ عَمَلِي وَ قَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَ أَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَكُمْ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ وَ شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ وَ ظَاهِرِكُمْ وَ بَاطِنِكُمْ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. وَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ وَ تَنْصَرِفُ.
    توصية: ينبغي على الزائر الكريم أن يدخل كربلاء المقدّسة بحزن ووقار وخشوع وسكينة وأن يحفظ النظام ويؤدي مراسيم الزيارة متقرباً بها إلى الله تعالى ويدعوا بالفرج.(نسألكم الدعاء).
    (( الفاتحة))
    إلى روح سماحة الحجة الكبير الشهيد المجاهد السيد كمال الدين المقدّس الغريفي (قدس الله سره الشريف) وعقيلته العلوية الطاهرة (رضوان الله عليها) .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X