إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الرد على نزول آية (وسيجنبها الاتقى) في ابي بكر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد على نزول آية (وسيجنبها الاتقى) في ابي بكر

    الرد على نزول آية (وسيجنبها الاتقى) في ابي بكر للشهيد التستري


    الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة
    تأليف السيد السند السيد القاضي نور الله التستري
    الشهيد في سنه 1019 ه‍
    ص302 - 307


    97 - قال: الفصل الثاني في ذكر فضائل أبي بكر الواردة فيه وحده وفيها آيات واحاديث.
    أمّا الايات، فالاولى:
    قوله تعالى: سيجنبها الاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى، وما لاحد عنده من نعمة تجزى، إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى، ولسوف يرضى.

    قال ابن الجوزي: اجمعوا على انها نزلت في أبي بكر ففيها التصريح بانه اتقى من سائر الامة والاتقى هو الاكرم عند الله لقوله تعالى "ان اكرمكم عند الله اتقاكم" والاكرم عند الله هو الافضل فنتج انه افضل من بقية الامة ولا يمكن حملها على علي خلافا لما افتراه بعض الجهلة؛ لأن قوله تعالى: وما لاحد عنده من نعمة تجزى يصرفه عن حمله على علي؛ لأن النبي رباه فله عليه نعمة، أي نعمة تجزى، فإذا خرج علي تعيّن أبي بكر للاجماع على ان ذلك الاتقى هو احدهما.
    واخرج ابن حاتم والطبراني ان أبا بكر اعتق سبعة كلهم يعذب في الله فانزل الله قوله:
    وسيجنبها الاتقى الذي، . الى آخر السورة انتهى.

    اقول: فيه نظر من وجوه:
    اما اولا:
    فلأنّا لا نسلّم صحة الرواية في شان ابي بكر فضلا عن الاجماع عليه، والسند ما ذكره بعضهم انها نزلت في حق أبي الدحداح، وقد روى هذا أبو الحسن علي بن احمد الواحدي في تفسيره الموسوم باسباب النزول باسناده المرفوع الى عكرمة وابن عباس:
    ان رجلا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير وصاحب النخلة يصعد لياخذ منها التمر فربما سقطت تمرة فيأخذها صبيان الفقير فينزل الرجل من نخلته حتى ياخذ التمر من ايديهم فإن وجدها في في احدهم ادخل اصبعه في فيه فشكا الفقير الى النبي صلى الله عليه وآله مما يلقى من صاحب النخلة فقال النبي صلى الله عليه وآله اذهب، ولقى النبي (ص) صاحب النخلة وقال:
    اعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة، فقال الرجل للنبي (ص): ان لي نخلا كثيرا وما فيها نخلة اعجب الى تمرة فكيف اعطيك؟
    ثم ذهب الرجل في شغله، فقال رجل كان يسمع كلام النبي صلى الله عليه وآله: اتعطينى ما اعطيت اعني النخلة التي في الجنة ان انا اخذتها فقال النبي (ص): نعم، فذهب الرجل ولقى صاحب النخلة فساومها منه فقال: تعرف ان محمدا اعطاني نخلة في الجنة فقلت له يعجبني تمرها وان لي نخلا كثيرا وما فيه كله نخلة اعجب الى تمرا منها؟
    فقال الرجل لصاحب النخلة اتريد بيعها؟
    قال: لا، الا ان اعطى ما لا اظنه اعطى، قال: فما مناك؟ اربعون نخلة، فقال الرجل لصاحب النخلة: لقد جئت بعظيم؟ تطلب بنخلتك المائلة اربعين نخلة؟ ثم قال الرجل: انا اعطيك اربعين نخلة، فقال صاحب النخلة: اشهد لي ان كنت صادقا، فمر الرجل على اناس ودعاهم واشهد لصاحب النخلة، ثم ذهب الى النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله (ص) ان النخله صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه وآله الى الفقير وقال له: النخلة لك ولعيالك، فانزل الله تعالى
    "والليل إذا يغشى" السورة.
    وعن عطاء انه قال: اسم الرجل أبو الدحداح فاما من اعطى واتقى هو أبو الدحداح وأما من بخل واستغنى صاحب النخلة وهو سمرة حبيب وقوله "لا يصليها إلا الاشقى، الذي كذب وتولى" المراد به صاحب النخلة وقوله "سيجنبها الاتقى" هو أبو الدحداح .
    ولا يخفى ان مع وجود هذه الرواية ادعاء نزوله في أبي بكر ثم حصر نزوله فيه يكون باطلا مع ما لا يخفى من شدة ارتباط هذه الرواية لمتن الآيه بخلاف ما روى انه نزل في شان أبي بكر حين اشترى جماعة يوذيهم المشركون فاعتقهم في الله تعالى إذ لا يقال لمن يوذى عبده انه بخيل ولا انه كذب وتولى، فتدبّر.

    وأما ثانيا:
    فلانه يرد على استدلالهم بهذه الاية ما اورده كثير منهم كصاحب المواقف وغيره على استدلالنا بحديث الطير حيث قالوا :
    انه لا يدل على ان عليا عليه السلام احب الخلق مطلقا بل يمكن ان يكون احب الخلق بالنظر الى شئ إذ يصح الاستفسار بان يقال احب خلقك في كل شئ أو في بعض الاشياء على غيره الزيادة لا في كل شئ بل جاز ان يكون غيره ازيد ثوابا منه في شئ آخر.
    وذلك ان للمعارض ان يقول: ان هذه الاية لا تدل على ان أبا بكر اتقى الخلق مطلقا لجواز الترديد والاستفسار بانه اتقى الكل أو البعض ومن كل وجه أو من بعض الوجوه كما ذكرتم في حديث الطير حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.

    وأما ثالثا:
    فلأنّا لا نسلم ان معنى قوله تعالى "ان اكرمكم عند الله اتقيكم" ما فهمه بل المراد به كما صرحه به بعض المفسرين "ان اكرمكم عند الله اعملكم بالتقية".

    واما رابعا:
    فلأنّه ان اريد بالاتقى من كان اتقى من جميع المؤمنين عند نزول الآية فينحصر في النبي صلى الله عليه وآله وان ارتكب التخصيص، وان اريد به كان اتقى من بعض المؤمنين فلا يلزم منه افضلية أبي بكر واكرميته مطلقا فضلا عن علي عليه السلام لوجهين:
    الاول: انا لا نسلم حينئذ ان عليا عليه السلام داخل في ذلك البعض حتى يكون أبو بكر منه.
    الثاني: ان الاكرم عند الله هو الذي يكون اتقى جميع المؤمنين كما قال الله تعالى ان اكرمكم عند الله اتقيكم لا الاتقى من بعض المؤمنين وبالجملة إذا تطرق التخصيص في الاتقى سقط الاستدلال بظاهر المقال.

    وأما خامسا:
    فلانا لا نسلم رواية الشيعة ذلك في شأن علي عليه السلام بل إنما ذكروا ذلك على سبيل الاحتمال في مقام البحث والجدال ولهذا لا يوجد في تفاسيرهم المتداولة عن هذه الرواية عين ولا اثر وانما احتملوا ذلك لمناسبة قوله تعالى "ويؤتون الزكوة وهم راكعون" في حق علي عليه السلام اتفاقا لقوله تعالى ههنا "الاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى" ومناسبة ما ورد في حقه عليه السلام ايضا من قوله "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا" لقوله "وما لأحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى"

    وأما سادسا:
    فلأنّه ان كان المراد بقوله تعالى "وما لأحد عنده من نعمة تجزى" ان لا يكون عنده نعمة يكافئ عليها اعم من يكون ذلك الاحد من الذين آتاهم شيئا ام لا فلا نسلم ان أبا بكر كان بهذه المثابة؛ إذ الظاهر انه لا يوجد شخص لا يكون لاحد في حقه حق نعمة من طعام أو شراب ونحوهما مع ان النبي صلى الله عليه وآله لم يسلم من ذلك لكونه في حجر تربية عمه ابي طالب رضي الله عنه ومع ان النبي (ص) كان يحرض اصحابه على التحبب والاتحاد واكل بعضهم من بيوت بعض. والقول بان مثل ذلك ليس نعمة تجزى مكابرة ظاهرة وغاية الامر ان يكون جزاءه اقل، وان كان المراد به ان لا يكون عنده لاحد من الذين آتاهم النعمة نعمة تجزى - كما هو الظاهر ويدل عليه سياق الاية - أي لم يفعل الاتقى ما يفعل من ايتاء المال وانفاقه في سبيل الله إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى فلا نسلم انه لا يجوز ان يكون المراد به عليا عليه السلام خصوصا مع قيام القرائن والمناسبات التي مر ذكرها.

    واما سابعا:
    فلأن استدلاله على صرف حمله عن علي عليه السلام بقوله "ان النبي صلى الله عليه وآله رباه، . الى آخره" مدخول بانه مر منا انه ليس المقصود في الاية نفي مجرد نعمة النبي (ص) عن ذلك الاتقى بل نفي نعمة كل واحد من آحاد الناس وكما ان عليا عليه السلام كان في حجر تربية النبي (ص) كان أبو بكر في حجر تربية أبيه وامه والفرق بين التربيتين تهكم صرف لا يقول به إلا بليد، أو مكابر عنيد.

    وأما ثامنا:
    فلأنّ اقل الامر ان عند ابي بكر نعمة هداية النبي (ص) فكيف ينفى عنه نعمة الكل حتى النبي صلى الله عليه واله وما توهمه رئيس المشككين فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير من ان نعمة الهداية لا تجزى مستدلا عليه بقوله تعالى "قل لا اسئلكم عليه اجرا" معارض بل مخصص بقوله تعالى ايضا "قل لا اسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى" ويدل على ان المراد من الاجر المنفي في هذه مثل الاية هو المال لا مطلق الاجر قوله تعالى في سورة هود حكاية عن نوح عليه السلام "ويا قوم لا اسئلكم عليه مالا ان اجرى الا على الله، . الاية" والضمير في عليه راجع الى ما سبق من قوله "اني لكم نذير مبين".

    وأما تاسعا:
    فلأنّ قوله آخرا "للاجماع على ان ذلك الاتقى هو احدهما لا غير" يناقض ظاهر قوله اولا "اجمعوا على انها نزلت في أبي بكر" لأن الاجماع على الواحد المعين غير الاجماع على المردد بين الاثنين كما لا يخفى ولنعم ما قيل "الكذوب لا حافظة له" فاحفظ هذا.

    المصدر

  • #2
    اولا: عروة حفيد ابي بكر تفرّد بأكثر فضائل ابي بكر المخترعة! ومن المعلوم ان عروة ممن ينال من علي عليه السلام، وابوه مثله في السوء!
    ورواياته مرسلة! يعتمدها العامّة بضوابط!
    ثانيا: من هي النهدية وابنتها؟ مجهولتان موجودتان في عقل الراوي فقط! ومن هي زنيرة ومن هي ام عميس ومن هي جارية بني المؤمل؟ مجهولين؟!!
    ثالثا: هؤلاء المشركين الأثرياء يطلقون العبيد بحسب المزاج؟!!
    فمرة يأخذون الأموال وهم وليسوا بحاجة لها، ومرة يعذبونهم عذابا شديدا ولا يتركونهم حتى يموتوا أو يتراجعوا؟!!
    لماذا لم يتقدم أبو بكر لإعتاق أي واحد من آل ياسر؟
    ثلاث من آل ياسر كانوا يعذّبون لماذا لم يتقدم أبو بكر ليعتقهم؟ بل إن المشركين رفضوا أن يعتقوهم. ولم يتركوا عمارا إلا بعد أن أقر لهم بما يقولون!!
    رابعا: اذا كان ابا بكر ذا مال كثير وقد عمل لله فمالنا لم نسمع انه مد المسلمين المحاصرين في الشعب طوال 3 سنوات ولو بحبة قمح؟!!
    خامسا: من اين لأبي بكر المال؟!! وقد كان مدقع الفقر لا يجد ما يستر به نفسه وعياله من حر او قر؟!!
    كان حلابا للشياه والمعيز ويبيع الاسبال واسمال الملابس على يديه في سوق يثرب وهاتين المهنتين لا يمتهنها الا وضاع الناس ورعاعهم!!
    حتى حين بويع كانت هذه مهنته الى ان القى دريهماته في بيت المال فأجاز لنفسه باطلا ان يقتات ويعيش من بيت المال وبحجة انه وضع ماله في بيت المال فهو يأخذ منه!!
    فكيف يتزكى ماله من يأخذ من بيت المال؟!! وهل سيصيب حسابه؟!!
    سادسا: قال تعالى:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ
    ذكر المفسرون أن سبب نزول الآية في ابي بكر وعمر! لأنهم تعالت أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وبذلك حبطت اعمالهم، فيكون ابو بكر وعمر من ادنى الناس فلا فضل ولا كرامة لهم عند الله في قوله تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم!
    قال ابن إسحاق: فَقَدِمَت على رسول الله صلى الله عليه وآله وفودُ العرب، فقدم عليه عُطارد ابن حاجب بن زُرارة بن عُدُس التميمي، في أشراف بني تميم، منهم الأقرع بن حابس التميمي، والزبرقان بن بدر التميمي، أحد بني سعد، وعمرو بن الأهتم والحَبحاب بن يزيد.
    قال ابن إسحاق: ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وقد كان الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فتح مكة وحنيناً والطائف. فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم (
    سيرة ابن هشام ج4 ص986).
    واقترح أبو بكر على النبي صلى الله عليه وآله أن يؤمِّر على بني تميم القعقاع بن معبد بن زرارة وقال عُمَر: بل أمِّر الأقرع بن حابس، قال أبو بكر: ما أردت إلا خِلافي! قال عُمَر: ما أردت خلافك، فتماريا (
    أي تجادلا) حتى ارتفعت أصواتهما فنزل في ذلك:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ.
    صحيح البخاري ج4 ص1587 عن عبد الله بن الزبير. وفي ج4 ص1833 عن ابن ابي مليكة قال: كاد الخيرِّان أن يهلكا أبو بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبي (صلى الله عليه وآله) حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع وأشار الآخر برجل آخر قال نافع: لا أحفظ اسمه فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي قال: ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك (وفي رواية النسائي ج8 ص226 فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما) فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم) وفي ج6 ص262 فنزلت (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي (صلى الله عليه وآله)) إلى قوله (عظيم) قال بن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد هذه الآية حتى يستفهمه ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر.

    تعليق


    • #3

      البرهان على ان ابي بكر ليس الاتقى ولا الافضل على زعمهم في الاية 17من الليل/ذي الشوكة
      http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=177469

      يقولون لنا أبو بكر أعتق 7 اعبد كلهم يعذب في الله. ما الذي حدث ل أل ياسر
      http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=177469

      تعليق


      • #4

        إنّ الآيتين في مجال بيان نتيجة التقوى ومزاولتها في اجتناب النار وعذابها فهي مطلقة بمنطوقها وإن اختلفت الآراء في تأويلها وتطبيقها.

        اما السنّة فعلى رأيين في شأن نزولها, إذ اكثرهم يرى أنّها نزلت في أبي بكر, وبعضهم يصرّح بأنّ مورد نزولها كان أبا الدحداح (تفسير الرازي - تفسير البيان للآلوسي - تفسير القرطبي وغيرها من التفاسير).
        وأمّا الشيعة فلا يرون صحة نزولها في أبي بكر لما يلي:

        أوّلاً: إنّ الروايات المزعومة متعارضة مع الأحاديث الواردة التي تقول بأنها نزلت في حق الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو أميرالمؤمنين عليه السلام, أو حتى التي تشير بأن شأن النزول كان في مورد أبي الدحداح.

        ثانياً: إنّ القول بثروة أبي بكر قول بلا دليل, بل تردّه القرائن والأدلّة الحافّة بالموضوع فمثلاً أنّ أباه - أبا قحافة - كان شديد الفقر حتى كان يؤجر نفسه للناس في أمور خسيسة (مسامرة الأوائل / 88 - الأغاني 8 /329 و 4 /450 ط إحياء التراث), فهل يعقل وجود هذه الحالة مع ثراء الابن, أليس الأولى للولد أن يكون بارّاً لأبيه قبل الآخرين؟!

        أو مثلاً تنقل المصادر الحديثيّة المعتبرة عندهم بأنّه هو قد خرج ذات يوم مع عمر من البيت جوعاً طلباً للأكل (صحيح مسلم 3 /1609 كتاب الاشربة ح 3799 - إعلام النبوة للماوردي / 220 ب 20) فهل هذا يجتمع مع ثروته المبالغ فيها عند البعض؟!

        وأيضاً فإنّ التقوّل بإغناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بماله, زخرف وباطل, لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد استغنى بماله ومال كفيله وعمّه أبي طالب ومال خديجة (عليهما السلام) في مكة, ولمّا هاجر إلى المدينة فتحت عليه الفتوح والغنائم, ففي أيّ مقطع من الزمن كان (صلى الله عليه وآله) يحتاج إلى ثروة أبي بكر؟!

        ولعلّ لتكلّف هذه المحاولات في شأن النزول المزعوم, تردّد الآلوسي في تتمّة كلامه في قبول استدلال ابن أبي حاتم على ردّ قول الشيعة في هذا المجال, إذ قال أخيراً : ((... وأطال الكلام - ابن أبي حاتم - في ذلك وأتى بما لا يخلو عن قيل وقال)).

        تعليق


        • #5
          إقتباس:
          صاحب المشاركة الأصلية: alyatem
          نقول:
          إنّ القول بثروة أبي بكر قول بلا دليل, بل تردّه القرائن والأدلّة فمثلاً أنّ أباه - أبا قحافة - كان شديد الفقر حتى كان يؤجر نفسه للناس في أمور خسيسة (مسامرة الأوائل / 88 - الأغاني 8 /329 و 4 /450 ط إحياء التراث), فهل يعقل وجود هذه الحالة مع ثراء الابن, أليس الأولى للولد أن يكون بارّاً لأبيه قبل الآخرين؟!


          ونعم المصادر مصادرك اغاني وسماسرة ودق ورقص

          إقتباس:
          صاحب المشاركة الأصلية: alyatem
          ثم نقول:
          تنقل المصادر الحديثيّة المعتبرة العامّية بأنّه قد خرج ذات يوم مع عمر من البيت جوعاً طلباً للأكل (صحيح مسلم 3 /1609 كتاب الاشربة ح 3799 - إعلام النبوة للماوردي / 220 ب 20) فهل هذا يجتمع مع ثروته المبالغ فيها عند البعض؟!
          ستقول أنفق ماله على النبي ودعوته! ماشي



          نعم وهو هذا ماحدث وهذا هو مااخبرتنا به المصادر الحديثية المعتبرة لكن مبغضي ابا بكر تكون فضائلة غصة في حلقومهم فيلفضونها ولايستسيغون ابلتلاعها لانها تخنقهم خنقا
          إقتباس:
          صاحب المشاركة الأصلية: alyatem
          ثم نقول:
          إنّ التقوّل بإغناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بماله, زخرف وباطل؛ لأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد استغنى بماله ومال كفيله وعمّه أبي طالب ومال خديجة (عليهما السلام) في مكة, ولمّا هاجر إلى المدينة فتحت عليه الفتوح والغنائم, ففي أيّ مقطع من الزمن كان (صلى الله عليه وآله) يحتاج إلى ثروة أبي بكر؟!



          اولا نحن لم نقل ان النبي استغنى بمال ابي بكر بل ابو بكر انفق امواله على الرسول والاسلام ليس لاغنائهم بل لديمومة الدين بعتق المعذبين في الله فهؤلاء كانوا كابناء لرسول الله مختطفين وابو بكر دفع فديتهم واطلق سراحهم لانه ارادهم لله ولم يردهم لنفسه
          ولو لم يكن لابي بكر اي فضيلة سوى انه اشترى بلال واعتقه لوجه الله لكان هذه فضيلة لاتدانيها اية فضائل
          فبلال هو بلال وما ادراك من هو بلال

          ثانيا
          المشهور والمعلوم ان ابا طالب كان فقيرا لامال عنده حتى انه فرق بعض ابناءه على اقاربه لاعالتهم بدلا عنه فكان علي من حصة ارسول الله رباه واعله

          تعليق


          • #6
            في مقام رد نزول هذه الآية بحق أبي بكر نقول:
            انه لم تنزل آية من القرآن الكريم بحق أبي بكر وابنائه!
            فقد
            حّدث محمد بن اسماعيل البخاري في أصح كتاب بعد القرآن عند اهل العامة ناقلا عن عائشة ابنة ابي بكر قولها:
            مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ.
            صحيح البخاري ج 6 ، ص 42.

            ولكننا بعد مدة من الزمن نجد ان بني أميّة شكّلوا جماعات لدسّ أحاديث تروي فضائل في الخلفاء الثلاث، ونسبوها الى رسول الله صلى الله عليه وآله!
            يقول الحافظ ابن الجوزي بهذا الخصوص:
            قد تعصب قوم لا خلاق لهم يدّعون التمسك بالسنّة قد وضعوا لابي بكر فضائل ...
            الموضوعات، ج 1، ص303.

            ونقل ابن ابي الحديد الشافعي، عن وجود جماعة بإسم (البكرية) وتحدّث عنهم قائلا:
            فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة [يقصد نقلهم لروايات الفضائل بحق علي عليه السلام والتي تثبت إمامته وقد نقلوها من كتب العامّة أنفسهم] وضعت لصاحبها [أبي بكر] أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث نحو:
            - (لو كنت متخذا خليلا) فإنهم وضعوه في مقابله حديث الإخاء،
            - ونحو سد الأبواب فإنه كان لعلي عليه السلام فقلبته البكرية إلى أبي بكر،
            - ونحو (ائتوني بدواة وبياض اكتب فيه لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه اثنان) ثم قال (يأبى الله تعالى والمسلمون الا أبا بكر) فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه (ائتوني بدواة وبياض اكتب لكم ما لا تضلون بعده ابدا) فاختلفوا عنده وقال قوم منهم لقد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله،
            - ونحو حديث (انا راض عنك فهل أنت عنّي راض) ونحو ذلك،
            فلما رأت الشيعة ما قد وضعت البكرية أوسعوا في وضع الأحاديث
            ...
            شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج11، ص 48 - 409.

            شأن النزول في هذه الآية ليس بحق أبي بكر:
            يتوقف الاستدلال بهذه الآية على اثبات شأن نزولها بحق أبي بكر، في حين اختلف علماء العامّة في شأن نزولها، ولهم فيها ثلاث أقوال:

            القول الاول: ان المراد منها عموم المؤمنين والمسلمين.
            قال الشوكاني:
            قال الواحدي: الأتقى أبوبكر الصديق في قول جميع المفسرين انتهى، والأولى حمل الأشقى والأتقى على كل متصف بالصفتين المذكورتين، ويكون المعنى أنه لا يصلاها صليا تاما لازما إلا الكامل في الشقاء وهو الكافر، ولا يجنبها ويبعد عنها تبعيدا كاملا بحيث لا يحوم حولها فضلا عن أن يدخلها إلا الكامل في التقوى، فلا ينافي هذا دخول بعض العصاة من المسلمين النار دخولا غير لازم، ولا تبعيد بعض من لم يكن كامل التقوى عن النار تبعيدا غير بالغ مبلغ تبعيد الكامل في التقوى عنها.

            فتح القدير، الشوكاني، ج 5، ص 453.

            وقال المرحوم العلاّمة الطباطبائي:
            فالآية عامّة بحسب مدلولها غير خاصة ويدل عليه توصيف الأتقى بقوله: «الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ» إلخ وهو وصف عام وكذا ما يتلوه، ولا ينافي ذلك كون الآيات أو جميع السورة نازلة لسبب خاص كما ورد في أسباب النزول.
            وأما إطلاق المفضل عليه بحيث يشمل جميع الناس من طالح أو صالح ولازمه انحصار المفضل في واحد مطلقا أو واحد في كل عصر، ويكون المعنى وسيجنبها من هو أتقى الناس كلهم وكذا المعنى في نظيره: لا يصلاها إلا أشقى الناس كلهم فلا يساعد عليه سياق آيات صدر السورة، وكذا الإنذار العام الذي في قوله: «فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى» فلا معنى لأن يقال: أنذرتكم جميعا نارا لا يخلد فيها إلا واحد منكم جميعا ولا ينجو منها إلا واحد منكم جميعا
            .

            القول الثاني: ان شأن النزول بحق شخص يدعى ابو الدحداح.
            كتب القرطبي المفسر المشهور عند اهل العامةّ في تفسير هذه الآية:
            وقال عطاء، وروى عن ابن عباس: إن السورة نزلت في أبي الدحداح، في النخلة التي اشتراها بحائط له، فيما ذكر الثعلبي عن عطاء.
            وقال القشيري عن ابن عباس: بأربعين نخلة، ولم يسم الرجل.
            قال عطاء: كان لرجل من الأنصار نخلة، يسقط من بلحها في دار جار له، فيتناول صبيانه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم. [تبيعها بنخلة في الجنة]؟ فأبى، فخرج فلقيه أبو الدحداح فقال: هل لك أن تبيعنيها ب‍"حسنى": حائط له. فقال: هي لك. فأتى أبو الدحداح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، اشترها مني بنخلة في الجنة. قال: [نعم، والذي نفسي بيده] فقال: هي لك يا رسول الله، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم جار الأنصاري، فقال: [خذها] فنزلت "والليل إذا يغشى" [الليل: 1] إلى آخر السورة في بستان أبي الدحداح وصاحب النخلة.
            "فأما من أعطى واتقى" يعني أبا الدحداح. "وصدق بالحسنى" أي بالثواب. "فسنيسره لليسرى": يعني الجنة. "وأما من بخل واستغنى" يعني الأنصاري. "وكذب بالحسنى" أي بالثواب. "فسنيسره للعسرى"، يعني جهنم. "وما يغني عنه ماله إذا تردى" أي مات. إلى قوله: "لا يصلاها إلا الأشقى" يعني بذلك الخزرجي، وكان منافقا، فمات على نفاقه. "وسيجنبها الأتقى" يعني أبا الدحداح. "الذي يؤتي ماله يتزكى" في ثمن تلك النخلة. "ما لاحد عنده من نعمة تجزى" يكافئه عليها، يعني أبا الدحداح. "ولسوف يرضى" إذا أدخله الله الجنة.
            تفسير القرطبي، ج 20، ص 90.

            وقال الثعلبي في تفسيره:
            عن عطاء قال: كان لرجل من الأنصار نخلة، وكان له جار، فكان يسقط من بلحها في دار جاره، فكان صبيانه يتناولون، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي (عليه السلام) (بعنيها بنخلة في الجنة)، فأبى قال: فخرج، فلقيه أبو الدحداح، فقال: هل لك أن تبيعها بجبس؟ يعني حائطا له، فقال: هي لك، قال: فأتى النبي (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله اشترها مني بنخلة في الجنة، قال: نعم، قال: هي لك، فدعا النبي (عليه السلام) جار الأنصاري، فأخدها، فأنزل الله سبحانه وتعالى "والليل إذا يغشى" إلى قوله: "إن سعيكم لشتى" أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة. "فأما من أعطى واتقى" أبو الدحداح "وصدق بالحسنى" يعني الثواب "فسنيسره لليسرى" يعني الجنة. "وأما من بخل واستغنى" يعني الأنصاري "وكذب بالحسنى" يعني الثواب "فسنيسره للعسرى" يعني النار، "وما يغني عنه ماله إذا تردى" يعني به إذا مات كما في قوله: "فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلها إلا الأشقى" صاحب النخلة "وسيجنبها الأتقى" يعني أبا الدحداح "الذي يؤتي ماله يتزكى" يعني أبا الدحداح "وما لاحد عنده من نعمة تجزى" يكافئه بها، يعني أبا الدحداح "إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى" إذا أدخله الجنة. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بذلك بجبس وعذوقه دانية، فيقول: (عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة)
            .
            تفسير الثعلبي، ج 10، ص 220 – 221.

            القول الثالث: انها نزلت بحق ابي بكر!
            وأكثر مفسّري العامّة على ذلك، ونقلوا روايات لتأييد قولهم!
            ومنهم الثعلبي في تفسيره:
            عن هشام بن عروة، عن أبيه أن أبا بكر اعتق من كان يعذب في الله: بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمل....
            حدثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول: كان أبوبكر يبتاع الضعفة فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال: (إنما أريد ما أريد) فنزلت فيه
            "وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى" إلى آخر السورة...

            وقال ابن أبي حاتم:
            19367 عن عروة ان أبا بكر الصديق اعتق سبعة كلهم يعذب في الله، بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها وزنيرة وأم عيسى وأمة بني المؤمل، وفيه نزلت وسيجنبها الأتقى إلى اخر السورة.
            تفسير ابن أبي حاتم الرازي، ج 10، ص 3441.

            وكتب السيوطي المفسر المشهور عن أهل العامّة في تفسيره الدر المنثور:
            وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر من وجه آخر عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: نزلت هذه الآية "وما لأحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى" في أبي بكر الصديق
            .
            الدر المنثور، جلال الدين السيوطي، ج 6، ص 359 – 360.

            وقال الطبري:
            29033، عن عامر بن عبد الله عن أبيه، قال: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق: وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى.

            29034، أخبرني سعيد، عن قتادة، في قوله: "وما لاحد عنده من نعمة تجزى" قال: نزلت في أبي بكر، أعتق ناسا لم يلتمس منهم جزاء ولا شكورا، ستة أو سبعة، منهم بلال، وعامر بن فهيرة
            .
            جامع البيان، إبن جرير الطبري، ج 30، ص 287.

            وقال ابن الجوزي:
            وروى عطاء عن ابن عباس ان أبا بكر لما اشترى بلالا بعد أن كان يعذب قال المشركون: ما فعل أبو بكر [ذلك] إلا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله تعالى: (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى).
            زاد المسير، ابن الجوزي، ج 8، ص 265.

            وسوف نحلل أسناد هذه الروايات لنتبين هل يمكننا الاستدلال بها أم لا؟
            نقلت هذه الروايات بطرق اربعة:
            1: هشام بن عروة بن الزبير، عن عروة بن الزبير؛
            2: عامر بن عبد الله بن الزبير، عن ابيه عبدالله بن الزبير؛
            3: سعيد، عن قتادة؛
            4: عطاء عن ابن عباس.


            تحليل السند الاول:
            اولاً:
            جاء في السند هشام بن عروة، قال عنه الذهبي:
            7328، هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي ثقة فقيه ربما دلس.
            تقريب التهذيب، ج2، ص267.

            ثانيا:
            في السند عروة بن الزبير وهو من أعداء أهل البيت عليهم السلام ومن أعوان معاوية وأعضاء مجموعته في تزوير الأحاديث واختلاقها ووضعها.
            قال ابن أبي الحديد الشافعي في شرح نهج البلاغة، ج4، ص 63 نقلا عن استاذه ابوجعفر الاسكافي:
            أن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزبير.
            واورد بعد كلامه نموذجان من مجعولات عروة بن الزبير:
            روى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه، قال: حدثتني عائشة قالت: كنت عند رسول الله إذ أقبل العباس وعلي، فقال: يا عائشة، إن هذين يموتان على غير ملتي أو قال ديني.
            وروى عبد الرزاق عن معمر، قال: كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي عليه السلام، فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما! الله أعلم بهما، إني لأتهمهما في بني هاشم
            .
            قال:
            فأما الحديث الأول، فقد ذكرناه، وأما الحديث الثاني فهو أن عروة زعم أن عائشة حدثته، قالت: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل العباس وعلي، فقال: (يا عائشة، إن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا)، فنظرت، فإذا العباس وعلي بن أبي طالب.

            وبناءا على هذا كيف يمكن ان نثق بهكذا شخص؟!!
            والمسلمون عامّة اتفقوا على ان من علامات المنافقين عداء وبغض أميرالمؤمنين عليه السلام.
            حدّث مسلم النيشابوري في الصحيح:
            عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ.
            صحيح مسلم، ج1، ص60 - 61 و...

            ومن جانب آخر فقد نقلت روايات متعددة وصلت الى حد التواتر عن النبي صلى الله عليه وآله:
            عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ قَالَ: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ.
            صحيح البخاري، ج1، ص14، كتاب الايمان، باب علامة المنافقين وصحيح مسلم، ج1، ص56، كتاب الايمان، باب خصال المنافق و...

            فالصغرى: ان كل مبغض لأميرالمؤمنين علي عليه السلام منافق.
            والكبرى: ان كل منافق كذّاب.
            والنتيجة: ثبت ان عروة بن الزبير ناصبي ومن مبغضي عليا واعدائه، فهو كذّاب.


            ثالثاً:
            ولادة عروة بن الزبير في عام 23 أو 27 بعد الهجرة على اختلاف الأخبار، ولم يكن موجودا سنة نزول الآية؛ فكيف كان شاهدا على اعتاق بلال و... ونزول الآية في ابي بكر؟!!
            فالرواية مرسلة لا يصح الاستدلال بها.

            تحليل السند الثاني:
            عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير:

            اولاً:
            عبد الله بن الزبير لم يشهد الامر وولد في السنة الاولى او الثانية للهجرة؛ كما جاء في ترجمته في تهذيب الكمال:
            هاجرت به أمه حملا، فولد بعد الهجرة بعشرين شهرا.
            إذن الرواية مرسلة ولا قيمة لها في الاستدلال.

            ثانياً:
            عبد الله بن الزبير من المنحرفين عن اميرالمؤمنين عليه السلام ومن اعدائه ومبغضيه، وهو ممن حارب عليا في معركة الجمل ومن المحرضين الاصليين لنشوب هذه الحرب.
            يقول عنه اميرالمؤمنين عليه السلام:
            مَا زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى نَشَأَ ابْنُهُ الْمَشْؤُومُ عَبْدُ اللَّهِ.
            نهج البلاغة، الكلمات قصار، رقم 453.

            وقال المسعودي الشافعي (الطبقات الشافعية الكبري، ج3، ص225) وفي مروج الذهب وعدّة من علماء أهل السنّة:
            وذكر عمر بن شبه النميري، عن مساور بن السائب، أن ابن الزبير خطب أربعين يوماً لا يصلي على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، وقال: لا يمنعني أن أصلي عليه إلا أن تَشَمَخَ رجالٌ بآنافها.
            ويقصد بالرجال بني هاشم. مروج الذهب، ج1،‌ ص328 وشرح نهج البلاغة، ج 4،‌ ص62 و النصايح الكافية، محمد بن عقيل، ص124.

            وكتب المسعودي:
            وحدث النوفلي في كتابه في الأخبار عن الوليد بن هشام المخزومي، قال: خطب ابن الزبير فنال من علي، فبلغ ذلك ابنه محمد بن الحنفية فجاء حتى وضع له كرسي قدامه، فعلاه، وقال: يا معشر قريش، شاهت الوجوه! أينتقص علي وأنتم حضور؟ إن عليّاً كان سَهْماً صادقاً أحَد مرامي اللّه على أعدائه يقتلهم لكفرهم ويُهَوِّعُهم مآكلهم، فثقل عليهم، فرموه بقرفة الأباطيل، وإنا معشر له على ثبج من أمره بنو النخبة من الأنصار، فإن تكن لنا في الأيام دولة ننثر عظامهم ونحسر عن أجسادهم، والأبدان يومئذ بالية، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فعاد ابن الزبير إلى خطبته، وقال: عذرت بني الفواطم يتكلمون، فما بال ابن الحنفية.
            فقال محمد: يا ابن أم رومان، ومالي لا أتكلم.
            أليست فاطمة بنت محمد حليلة أبي وأم إخوتي. أوليست فاطمة بنت أسد بن هاشم جدتي. أوليست فاطمة بنت عمرو بن عائذ جدة أبي. أما واللّه لولا خديجة بنت خويلد ما تركت في بني أسد عَظْماً إلا هشمته، وإن نالتني فيه المصائب صبرت
            .
            مروج الذهب، ج 1، ص328، باب بين ابن الحنفية وابن الزبير وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 4، ص 62 – 63 نقلا عن: وروى عمر بن شبة.

            وقال ابو الفرج الاصفهاني وهو من مشاهير علماء العامّة، في الأغاني:
            أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا الحارث بن محمد عن المدائني عن أبي بكر الهذلي قال: كان عبد الله بن الزبير قد أغري ببني هاشم يتبعهم بكل مكروه ويغري بهم ويخطب بهم على المنابر ويصرح ويعرض بذكرهم. فربما عارضه ابن عباس وغيره منهم. ثم بدا له فيهم فحبس ابن الحنفية في سجن عارمٍ، ثم جمعه وسائر من كان بحضرته من بني هاشم، فجعلهم في محبس وملأه حطباً وأضرم فيه النار.
            الأغاني،‌ ج2،‌ ص450.

            وقال ابن أبي الحديد:
            وخطب [عبد الله بن الزبير] يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب.
            شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 1، ص 22.

            ثالثاً: السند المنتهي بعبدالله بن الزبير، ضعيف، وقال بضعفه كبار علماء العامّة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد:
            وعن عبدالله بن الزبير قال: نزلت في أبي بكر الصديق (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى). رواه الطبراني وفيه مصعب بن ثابت وثقة ابن حبان وغيره وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.
            مجمع الزوائد، الهيثمي، ج 9، ص51.

            تحليل السند الثالث والرابع:
            سعيد عن قتادة وعطاء عن ابن عباس:

            هذه الروايتين كذلك مرسلة كسابقها؛ لان السند لم يذكر الى سعيد وقتادة.
            وكذلك قد مرّ عن ابن عباس وعطاء في روايات متعارضة، كالرواية التي ذكرت انها نزلت في ابي الدحداح! ولا مرجّع لأحدهما على الآخر فتعارضا وتساقطا.

            المسألة الاخيرة:
            لم تنقل هذه الروايات في أي كتاب معتبر للعامّة! ولا تجدها في اي من كتب الصحاح، وهذا خير دليل على ردّها.
            حتى احمد بن حنبل الذي يدّعي ان أي رواية لم اوردها في مسندي فليس حجّة، وهو لم ينقل هذه الروايات.
            قال السبكي في طبقات الشافعية، في ترجمة احمد بن حنبل:
            قال الإمام أحمد: إنّ هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول اللّه (ص) فارجعوا إليه، فإن كان فيه وإلّا ليس بحجّة.
            طبقات الشافعية الكبرى، ج2، ص22.

            من كلام ابن حنبل وعدم نقله للروايات وعدم نقل العلماء لهذه الروايات في كتبهم المعتبرة يتوضح ان هذه الروايات لا حجة فيها ولا صحة لها عند العامّة وإلاّ لماذا أعرضوا عن ذكرها.

            النتيجة:
            لا يمكن اثبات نزول هذه الآيات في شأن ابي بكر؛ لأن اسناد الروايات المدعية لذلك مخدوشة ومرسلة وغير قابلة للاستناد.

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة الكمال977

              ونعم المصادر مصادرك اغاني وسماسرة ودق ورقص
              لعلها مهنتك ومهنة علمائك، فنقلها اشهر علمائكم وما في الاغاني من فضائح خلفائك ما يندى له الجبين!
              ولا بأس ان تحترم نفسك فنحترمك! لكنك تأبى يا ابن هند البغي الراقصة الدعي بنت الدعي!

              المشاركة الأصلية بواسطة الكمال977

              نعم وهو هذا ماحدث وهذا هو مااخبرتنا به المصادر الحديثية المعتبرة لكن مبغضي ابا بكر تكون فضائلة غصة في حلقومهم فيلفضونها ولايستسيغون ابلتلاعها لانها تخنقهم خنقا
              لاننا لا ناكل فوق امتلاء كما هو عادة الادعياء! فما ذكرتموه من روايات بفضائل ابي السبطين الحسن والحسين فاق ما كتمتموه بغضا وما لم ننقله خوفا من بطشكم يا نواصب!
              المشاركة الأصلية بواسطة الكمال977

              اولا نحن لم نقل ان النبي استغنى بمال ابي بكر بل ابو بكر انفق امواله على الرسول والاسلام ليس لاغنائهم بل لديمومة الدين بعتق المعذبين في الله فهؤلاء كانوا كابناء لرسول الله مختطفين وابو بكر دفع فديتهم واطلق سراحهم لانه ارادهم لله ولم يردهم لنفسه
              ولو لم يكن لابي بكر اي فضيلة سوى انه اشترى بلال واعتقه لوجه الله لكان هذه فضيلة لاتدانيها اية فضائل
              فبلال هو بلال وما ادراك من هو بلال
              نحتاج الليلة ان نعقد مجلسا للبكاء على مظلومية ابو بكر!!
              هل اعترف بلال بهذه الفضيلة؟!! بدليل انه لم يبايعه خليفة!!

              اولا: من هي النهدية وابنتها؟ مجهولتان موجودتان في عقل الراوي فقط! ومن هي زنيرة ومن هي ام عميس ومن هي جارية بني المؤمل؟ مجهولين؟!!
              ثانيا: هؤلاء المشركين الأثرياء يطلقون العبيد بحسب المزاج؟!!
              فمرة يأخذون الأموال وهم وليسوا بحاجة لها، ومرة يعذبونهم عذابا شديدا ولا يتركونهم حتى يموتوا أو يتراجعوا؟!!
              لماذا لم يتقدم أبو بكر لإعتاق أي واحد من آل ياسر؟
              ثلاث من آل ياسر كانوا يعذّبون لماذا لم يتقدم أبو بكر ليعتقهم؟ بل إن المشركين رفضوا أن يعتقوهم. ولم يتركوا عمارا إلا بعد أن أقر لهم بما يقولون!!!
              طبعا لا استبعد ان تبقى تشد وسطك وترقص وتهلّل هنا وتستعين بالراقصات والغانيات لتثبيت الشبهات!!!
              ولو شئت لكتبت لك ما ستخطه في ردك التالي

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة الكمال977

                المشهور والمعلوم ان ابا طالب كان فقيرا لامال عنده حتى انه فرق بعض ابناءه على اقاربه لاعالتهم بدلا عنه فكان علي من حصة ارسول الله رباه واعله
                لأنه أنفق كل ما عنده في سبيل رسول الله صلى الله عليه وآله فلا عجب ان يكون فقيرا!
                وتأكد أنه لم ينفق اربعين دينارا فقط كالتي أنفقها صاحبك!

                تعليق


                • #9
                  قال تعالى:
                  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ
                  ذكر المفسرون أن سبب نزول الآية في ابي بكر وعمر! لأنهم تعالت أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وبذلك حبطت اعمالهم، فيكون ابو بكر وعمر من ادنى الناس فلا فضل ولا كرامة لهم عند الله في قوله تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم!
                  قال ابن إسحاق: فَقَدِمَت على رسول الله صلى الله عليه وآله وفودُ العرب، فقدم عليه عُطارد ابن حاجب بن زُرارة بن عُدُس التميمي، في أشراف بني تميم، منهم الأقرع بن حابس التميمي، والزبرقان بن بدر التميمي، أحد بني سعد، وعمرو بن الأهتم والحَبحاب بن يزيد.
                  قال ابن إسحاق: ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وقد كان الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فتح مكة وحنيناً والطائف. فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم (
                  سيرة ابن هشام ج4 ص986).
                  واقترح أبو بكر على النبي صلى الله عليه وآله أن يؤمِّر على بني تميم القعقاع بن معبد بن زرارة وقال عُمَر: بل أمِّر الأقرع بن حابس، قال أبو بكر: ما أردت إلا خِلافي! قال عُمَر: ما أردت خلافك، فتماريا (
                  أي تجادلا) حتى ارتفعت أصواتهما فنزل في ذلك:
                  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ.
                  صحيح البخاري ج4 ص1587 عن عبد الله بن الزبير. وفي ج4 ص1833 عن ابن ابي مليكة قال: كاد الخيرِّان أن يهلكا أبو بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبي (صلى الله عليه وآله) حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع وأشار الآخر برجل آخر قال نافع: لا أحفظ اسمه فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي قال: ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك (وفي رواية النسائي ج8 ص226 فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما) فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم) وفي ج6 ص262 فنزلت (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي (صلى الله عليه وآله)) إلى قوله (عظيم) قال بن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد هذه الآية حتى يستفهمه ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر.

                  تعليق


                  • #10

                    قال السيد علي الميلاني في كتابه استخراج المرام من استقصاء الافحام:
                    ربّما نسب بعض المتعصّبين المفترين من أهل السنّة إلى الشيعة القول بعدم طيب ولادة آباء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم... وهذا بهتان عظيم، اللّهمّ العن قائله ومعتقده و مثبته ألف ألف لعنة، وأذقه حرّ النار وأصله سعيراً...
                    ولكنّ الكثيرين من أهل السنة قائلون بعدم إسلام وإيمان آباء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم... والعياذ بالله
                    .

                    أباطيل الأعور الواسطي
                    بل الأعجب من ذلك ردّ بعضهم على الإماميّة تشنيعهم على أهل السنّة وإعابتهم القول بذلك...!!
                    ألا ترى كيف يدافع الأعور الواسطي عن هذه المقالة الفاسدة والزعم الباطل، ويردّ على أهل الحق قائلاً:
                    «ومنها: إعابتهم قول أهل السنّة بكفر أبوي النبي. وذلك حقّ لا إعابة على أهل السنّة، لوجوه:
                    الأوّل: إنّ نصّ القرآن والأحاديث والتواريخ عن مجموع الكفّار من قريش، مثل أبي لهب عمّ النبي وأبي جهل، ومن أسلم منهم مثل أبي سفيان وغيرهم: أنّ محمّداً سفّه ما كان آباؤنا عليه من عبادة الأصنام، ونحن لا نرغب عن ملّة عبدالمطّلب.
                    الثاني: إنّ الله يقول لمن عرف الإسلام به (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) فمن أين جاء الإيمان لأبويه.
                    الثالث: إنّ الرافضة يزعمون إنّ عليّاً رضي الله عنه رمى أصنام قريش عن الكعبة، وعبدالمطّلب وعبدالله من رؤوسهم، فأيّ شيء أخبرهم عن عدم عبادتهما؟
                    قالوا: نقل من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الطاهرة.
                    قلنا: معناه لم يكن سفاح بل عن عقود وأنكحة.
                    قالوا: كيف يمكن خروج نبيّ من كافر؟
                    قلنا: كثير من الأنبياء، كخروج إبراهيم عليه السلام من آزر.
                    قالوا: عمّه أو خاله؟
                    قلنا: يكذب ذلك أنّ الله تعالى سمّاه أباً بقوله: (إذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتّخذ أصناماً) ويقول إبراهيم لآزر: يا أبتِ، مراراً كثيرة. وأيضاً: العم ابن الجد لأب والخال ابن الجد لاُم، وحينئذ فيكون جدّه كافراً، ولا ينتفع الرافضة بشيء من هذه الدعوى، ودليل كفره شهادة ابنه عليه كقوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناماً فنظلُّ لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذْ تدعون أو ينفعونكم أو يضرّون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وكقوله تعالى: (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين)
                    »
                    (
                    رسالة الأعور الواسطي في الرد على الرافضة ـ مخطوط).

                    أقول:
                    إنّها خرافات ركيكة وهفوات سخيفة:
                    فأمّا ما ذكره في الوجه الأوّل، فلا دليل عليه في القرآن والحديث، ولو فرض أنّ مجموع الكفّار قالوا كذلك، فأيّ اعتبار بقول الكفّار؟
                    وأمّا ما ذكره في الوجه الثاني، فليس إلاّ وساوس ظلمانيّة وتلبيسات شيطانيّة، ومحصّلها الكفر والزندقة والإلحاد.
                    وأمّا ما ذكره في الوجه الثالث، ففي غاية الضعف ولا محصَّل له، وأيّ ارتباط لمقصوده بقضيّة كسر الأصنام التي رواها ابن أبي شيبة وأبو يعلى وأحمد والطبري والحاكم والخطيب والنسائي وأمثالهم من الأعلام.
                    (
                    كنز العمال للمتقي الهندي، عن ابن أبي شيبة وأبي يعلى وابن جرير، مسند أحمد 1: 84 ، خصائص علي: 225 الحديث 122، المستدرك 2: 366 و3 : 5.)

                    وهل رئاسة عبدالمطلب وعبدالله لقريش تستلزم عبادة الأصنام؟
                    إنّه لا يقول بذلك إلاّ الجهلة الأغثام والسفهاء اللئام!
                    كيف لا؟ وقد قال السيوطي في (طراز العمامة في الفرق بين العمامة والقمامة) في بيان المسالك التي سلكها في إثبات إسلام أبوي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:
                    «الثالث: إنّهما كانا على دين إبراهام، ما عبدا قطّ في عمرهما الأصنام، وأحاديث هذا المسلك قويّة السند، كثيرة العدد، عظيمة المدد، لا يقوم لردّها أحد».
                    وأمّا ما ذكره عن إبراهيم عليه السلام، فبطلانه يتّضح بمراجعة (رسائل السيوطي) و(المنح المكيّة) لابن حجر المكي، وأمثالهما.

                    وبالجملة، فإنّ القائلين منهم بهذا القول الباطل والرأي الفاسد كثيرون، ولنذكر كلمات بعضهم:

                    ابن كثير الدمشقي
                    قال ابن كثير الدمشقي في تاريخه (البداية والنهاية):
                    «وإخباره عليه السلام عن أبويه وجدّه عبدالمطلب بأنّهم من أهل النّار، لا ينافي الحديث الوارد عنهم ـ من طرق متعددة ـ أنّ أهل الفترة والأطفال والمجانين والصمّ يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسط سنداً ومتناً عند قوله تعالى: (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً) فيكون منهم من يجيب ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب.
                    والحديث الذي ذكره السهيلي ـ في إسناده مجاهيل ـ إلى أبي الزناد عن عروة عن عائشة: إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم سأل ربّه أن يحيي أبويه فأحياهما وآمنا به.
                    فإنّه منكر جدّاً، وإنْ كان ممكناً بالنظر إلى قدرة الله تعالى، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه
                    ».
                    البداية والنهاية = تاريخ ابن كثير 2: 281.

                    وكذّب أبوالخطّاب ابن دحية أيضاً حديث السهيلي، ونصَّ على أنّه موضوع، قال القسطلاني:
                    «قال ابن دحية: هذا الحديث موضوع، يردّه القرآن والإجماع، إنتهى. وقد جزم بعض العلماء بأنّ أبويه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ناجيان وليسا في النّار، متمسّكاً بهذا الحديث وغيره. وتعقّبه عالم آخر بأنّه لم ير أحداً صرّح بأنّ الإيمان بعد انقطاع العمل بالموت ينفع صاحبه، فإنْ ادّعى أحد الخصوصيّة فعليه الدليل، إنتهى. وقد سبقه بذلك أبوالخطّاب ابن دحية وعبارته: من مات كافراً لم ينفعه الإيمان بعد الرجعة، بل لو آمن عند المعاينة لم ينفعه ذلك فكيف بعد الإعادة».
                    المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّديّة 1: 90/ ذكر رضاعه.

                    وقد أطنب ابن كثير في المسألة في (تفسيره) بتفسير قوله تعالى: (وما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اُولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم) وقال:
                    «قال الإمام أحمد: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا زهير، حدّثنا زبيد ابن الحرث اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة عن أبيه قال:
                    كنّا مع النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب، فصلّى ركعتين، ثمّ أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطّاب وفدّاه بالأب والاُم وقال: يا رسول الله! مالك؟
                    قال: إنّي سألت ربّي عزّوجلّ في الإستغفار لاُمّي فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمةً لها من النّار.
                    وإنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها لتذكّركم زيارتها خيراً، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أيّ وعاء شئتم ولا تشربوا مسكراً.
                    وروى ابن جرير من حديث علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أنّ النبيّ صلّى الله عليه
                    [وآله] وسلّم لمّا قدم مكّة، أتى رسم قبر، فجلس إليه فجعل يخاطب، ثمّ قام مستعبراً، فقلنا: يا رسول الله! إنّا رأينا ما صنعت.
                    قال: إنّي استأذنت ربّي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي، واستأذنته في الإستغفار لها، فلم يأذن لي، فما رُئي باكياً أكثر من يومئذ.
                    وقال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدّثنا أبي، حدّثنا خالد بن خداش، حدّثنا عبدالله بن وهب، عن ابن جريح عن أيوب بن هاني، عن مسروق، عن عبدالله بن مسعود قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه
                    [وآله] وسلّم يوماً إلى المقابر فأتبعناه، فجاء حتّى جلس إلى قبر منها، فناجاه طويلاً ثمّ بكى، فبكينا لبكائه، ثمّ قام، فقام إليه عمر بن الخطّاب فدعاه ثمّ دعانا فقال: ما أبكاكم؟ قلنا: بكينا لبكائك.
                    قال: إنّ القبر الذي جلست عنده قبر آمنة، وإنّي استأذنت ربّي في زيارتها فأذن لي، وإنّي استأذنت ربّي في الدعاء لها، فلم يأذن لي وأنزل علَيّ: (ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اُولي قربىفأخذني ما يأخذ الولد للوالد، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّها تذكّر الآخرة.
                    حديث آخر في معناه: قال الطبراني: حدّثنا محمّد بن علي المروزي، حدّثنا أبوالدرداء عبدالعزيز بن منيب، حدّثنا إسحاق بن عبدالله بن كيسان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاس: أنّ رسول الله صلّى الله عليه
                    [وآله] وسلّم لمّا أقبل من غزوة تبوك واعتمر، فلمّا هبط من ثنية عسفان، أمر أصحابه أن يستندوا إلى العقبة حتّى أرجع إليكم، فذهب فنزل على قبر اُمّه، فناجا ربّه طويلاً، ثمّ إنّه بكى، فاشتدّ بكاؤه وبكى هؤلاء لبكائه وقالوا: ما بكى نبيّ الله هذا البكاء إلاّ وقد اُحدث في اُمّته شيء لا يطيقه، فلمّا بكى هؤلاء قام فرجع إليهم فقال: ما يبكيكم؟ فقالوا: يا نبيّ الله! بكينا لبكائك، قلنا: لعلّه اُحدث في اُمّتك شيء لا تطيقه. قال: لا، وقد كان بعضه.
                    ولكن نزلت على قبر اُمّي، فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة فأبى الله أن يأذن لي، فرحمتها وهي اُمّي فبكيت، ثمّ جاءني جبرئيل فقال: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ لله تبرّأ منه) فتبرّأ أنت من اُمّك كما تبرّأ إبراهيم من أبيه، فرحمتها وهي اُمّي.
                    ودعوت ربّي أن يرفع عن اُمّتي أربعاً، فرفع عنهم اثنين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين، دعوت ربّي أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعاً، وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض، فرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض، وأبى الله أن يرفع عنهم القتل والهرج
                    .
                    وإنّما عدل إلى قبر اُمّه، لأنّها كانت مدفونة تحت كدي، وكانت عسفان لهم.
                    وهذا حديث غريب وسياق عجيب.
                    وأغرب منه وأشدّ نكارة:
                    ما رواه الخطيب البغدادي في كتاب السابق واللاّحق، بسند مجهول، عن عائشة، في حديث فيه قصّة: أنّ الله أحيا اُمّه فآمنت ثمّ عادت.
                    وكذلك ما رواه السهيلي في الرّوض، بسند فيه جماعة مجهولون: أنّ الله أحيا له أباه واُمّه فآمنا به. وقد قال الحافظ ابن دحية: هذا الحديث موضوع، يردّه القرآن والإجماع، قال الله تعالى: (ولا الذين يموتون وهم كفّار).
                    وقد مال أبو عبدالله القرطبي إلى هذا الحديث، وردّ على ابن دحية في هذا الإستدلال ما حاصله: إنّ هذه حياة جديدة، كما رجعت الشمس بعد غيبوبتها فصلّى عليّ العصر. قال الطحاوي: وهو حديث ثابت. يعني حديث الشمس. قال القرطبي: فليس إحياؤهما بممتنع عقلاً ولا شرعاً. قال: وقد سمعت أنّ الله أحيى عمّه أباطالب فآمن به.
                    قلت: وهذا كلّه يتوقّف على صحّة الحديث، فإذا صحّ فلا مانع منه. والله أعلم.
                    وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: (ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الآية، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه
                    [وآله] وسلّم أراد أن يستغفر لاُمّه فنهاه الله عن ذلك، فقال: فإنّ إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه فأنزل الله: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إيّاه) الآية.
                    وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في هذه الآية: كانوا يستغفرون لهم حتّى نزلت هذه الآية، فلمّا اُنزلت أمسكوا عن الإستغفار لأمواتهم، ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتّى يموتوا، ثمّ أنزل الله: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه) الآية.
                    وقال قتادة في هذه الآية: ذكر لنا أنّ رجالاً من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه
                    [وآله] وسلّم قالوا: يا نبيّ الله! إنّ من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الأرحام، ويفكّ العاني ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ قال: فقال النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: بلى والله، إنّي لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه، فأنزل الله: (ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) حتّى بلغ الجحيم، ثمّ عذّر الله إبراهيم عليه [وآله] الصلاة والسلام فقال: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ لله تبرّأ منه)»
                    (
                    تفسير ابن كثير 4: 221 ـ 224 والآية في سورة التوبة: 113).

                    الذهبي
                    والذهبي أيضاً كذّب الحديث المذكور، حيث قال في (ميزان الإعتدال):
                    «عبدالوهّاب بن موسى، عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، بحديث: إنّ الله أحيا لي اُمّي فآمنت بي.
                    الحديث كذب، مخالف لِما صحَّ أنّه عليه السلام استأذن ربّه في الإستغفار لهما فلم يؤذن له
                    »(1).
                    وفي (لسان الميزان) عن جماعة أنّهم كذّبوا الحديث كذلك(2).
                    ______________
                    (1) ميزان الاعتدال 4 : 437 /5332 ترجمة عبدالوهّاب بن موسى.
                    (2) لسان الميزان 4 : 512 /5416 ترجمة عبدالوهّاب بن موسى.

                    تعليق


                    • #11
                      القائلون بالحقّ وأدلّتهم

                      لكنّ جماعةً من أعلامهم دافعوا عن الحق، وأبطلوا هذه الأقاويل الفاسدة.

                      فالحافظ السيوطي ـ مثلاً ـ ألّف رسائل عديدة في إثبات نجاة آباء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، حتّى أنّه قال بكفر من يقول بكفر والدي النبي، ففي رسالته التي أسماها: (الدرج المنيفة في الآباء الشريفة):
                      «نقلت من مجموع بخطّ الشيخ كمال الدين الشمني، والد شيخنا الإمام تقي الدين رحمه الله ما نصّه: سُئل القاضي أبوبكر ابن العربي عن رجل قال: إنّ آباء النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في النار، فأجاب بأنّه ملعون; لأنّ الله تعالى قال: (إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً) قال: ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه: إنّه في النّار»(1).

                      وقال في رسالته (الدوران الفلكي على ابن الكركي) في بيان الاُمور المستهجنة التي ذكر صدورها من السخاوي:
                      «الثاني: إنّه تكلّم في حق والدي المصطفى بما لا يحلّ لمسلم ذكره، ولا يسوغ أن يجزم عليه فكره، فوجب علَيّ أنْ أقوم عليه بالإنكار، وأنْ أستعمل في تنزيه هذا المقام الشريف الأقلام والأفكار، فألّفت في ذلك ست مؤلّفات شحنتها بالفوائد وهي في الحقيقة أبكار، ومن ذا الذي يستطيع أنْ ينكر علَيّ قيامي في ذلك، أو يلقي نفسه في هذه المهالك، من أنكر ذلك أكاد أقول بكفره وأستغرق العمر في هجره».

                      وقال السهيلي في (الروض الأنف):
                      «وذكر قاسم بن ثابت في الحديث: إنّ رسول الله صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم زار قبر اُمّه بالأبواء في ألف مقنّع، فبكى وأبكى: وهذا حديث صحيح.
                      وفي الصحيح أيضاً أنّه قال: استأذنت ربّي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي.
                      وفي مسند البزّار من حديث بريدة: إنّه عليه السلام حين أراد أن يستغفر لاُمّه، ضرب جبرئيل في صدره وقال: لا تستغفر لمن مات مشركاً، فرجع حزيناً.
                      وفي الحديث زيادة في غير الصحيح: إنّه سئل عن بكائه، فقال: ذكرت ضعفها وشدّة عذاب الله، إن كان صحَّ هذا.
                      وفي حديث آخر ما يصحّحه وهو أنّ رجلاً قال له: يا رسول الله! أين أبي؟ فقال: في النار، فلمّا ولّى الرجل قال عليه السلام له: إنّ أبي وأباك في النّار.
                      وليس لنا أنْ نقول هذا في أبويه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، لقوله صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم: لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات، والله عزّوجلّ يقول: (إنّ الذين يؤذون الله ورسوله) الآية»(2).

                      والواقع: إنّ السهيلي متذبذب مضطربٌ في هذا المقام، ويزيد ذلك وضوحاً قوله بعد ذلك:
                      «وإنّما قال النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم لذلك الرجل هذه المقالة، لأنّه وجد في نفسه، وقد قيل: إنّه قال: أين أبوك أنت، فحينئذ قال ذلك.
                      وقد روى معمر بن راشد بغير هذا اللفظ، فلم يذكر أنّه قال له: إنّ أبي وأباك في النّار، ولكن ذكر أنّه قال له: إذا مررت بقبر كافر فبشّره بالنّار.
                      وروي في حديث غريب لعلّه أن يصحّ ـ وجدته بخطّ جدّي أبي عمرو ـ إنّ أحمد بن أبي الحسن القاضي رحمه الله ـ بسند فيه مجهولون ـ ذكر أنّه نقله من كتاب انتسخ من كتاب معوذ بن داود بن معوذ الزاهد، يرفعه إلى أبي الزناد عن عروة عن عائشة: اُخبرت أنّ رسول الله صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم سأل ربّه أن يحيي أبويه، فأحياهما له وآمنا به ثمّ ماتا.
                      والله قادر على كلّ شيء، وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء، ونبيّه أهل أن يخصّه بما شاء من فضله وينعم عليه بما شاء من كرامته، صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم»(3).

                      بل رجع إلى قول أسلافه الموجب للّعن ووافق عليه، في موضع آخر من كتابه، حيث قال في غزوة اُحد:
                      «ووقع في هذه الغزوة: إنّ رسول الله صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم جمع لسعد أبويه فقال له: إرم فداك أبي واُمّي. وروى الترمذي من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقول لأحد فداك أبي واُمّي إلاّ لسعد. وقال في رواية اُخرى عنه: ما جمع رسول الله أبويه إلاّ لسعد.
                      والرواية الاُولى أصحّ والله أعلم; لأنّه أخبر فيها أنّه لم يسمع، وقد روى الزبير بن العوام أنّ رسول الله صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم جمع له أيضاً أبويه وقال له كما قال لسعد، ورواه عنه ابنه عبدالله بن الزبير، وأسنده في كتاب أنساب قريش الزبير ابن أبي بكر.
                      وفقه هذا الحديث أنّه جائز هذا الكلام لمن كان أبواه غير مؤمنين، وأمّا من كان أبواه مؤمنين فلا; لأنّه كالعقوق لهما. كذلك سمعت شيخنا أبابكر يقول في هذه المسألة
                      ».

                      ومن الذين قالوا بالحقّ ودافعوا عنه: ابن حجر المكي، حتّى أنّه اعترض على قول أبي حيّان الأندلسي بانحصار القول بإيمان آباء النبي بالإماميّة، فقد ذكر القسطلاني في (المواهب اللدنيّة):
                      «نقل الإمام أبو حيان في البحر عند تفسير قوله تعالى (وتقلّبك في السّاجدين) إنّ الرافضة هم القائلون إنّ آباء النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم كانوا مؤمنين، مستدلّين بقوله تعالى: (وتقلّبك في السّاجدين) وبقوله عليه السلام: لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين، الحديث»(4).

                      قال شارحه الشبراملسي في (تيسير المطالب السنيّة):
                      «قوله: ونقل الإمام أبو حيان...
                      قال الشهاب ابن حجر في كتابه: النعمة الكبرى على العالم بمولد سيّد بني آدم: وقول بعضهم: ونقل أبو حيان... سوء تصرّف منه، لأنّه ـ أعني ناقل هذا الكلام عن أبي حيان ـ لو كان له أدنى مسكة من علم أو فهم لتعقّب ما قاله أبو حيان أنّ الرافضة هم القائلون.. وقال له: هذا الحصر باطل منك، أيّها النحوي البعيد عن مدارك الاُصول والفروع. كيف؟ وأئمّة الأشاعرة من الشافعيّة وغيرهم ـ على ما مرّ التصريح به ـ في نجاة سائر آبائه صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم كبقيّة أهل الفترة، فلو كنت ذا إلمام بذلك لما حصرت نقل ذلك عن الرافضة وزعمت أنّهم المستدلّون عليه بالآية والحديث. وهذا الفخر الرازي من أكابر أئمّة أهل السنّة قد استدلّ بهما ونقل ذلك عن غيره، فليتك أيّها الناقل عن أبي حيّان سكتَّ عن ذلك، ووقيت عرضك وعرضه من رشق سهام الصواب فيهما».

                      وهذا كلام ابن حجر المكي في (المنح المكيّة ـ شرح القصيدة الهمزيّة):
                      «وقول أبي حيان: إنّ الرافضة هم القائلون بأنّ آباء النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم مؤمنون غير معذَّبين، مستدلّين بقوله تعالى: (وتقلّبك في الساجدين).
                      فلك ردّه: بأنّ مثل أبي حيّان إنّما يرجع إليه في علم النحو وما يتعلّق بذلك، وأمّا المسائل الاُصوليّة فهو عنها بمعزل، كيف والأشاعرة ومن ذكر معهم ـ فيما مرّ آنفاً ـ على أنّهم مؤمنون، فنسبة ذلك للرافضة وحدهم ـ مع أنّ هؤلاء الذين هم أئمّة أهل السنّة قائلون به ـ قصور وأيّ قصور، تساهل وأيّ تساهل
                      »(5).

                      فثبت ـ والحمد لله ـ أنّ القائلين بالقول الحقّ هم أهل الحقّ، وأنّ كثيراً من غيرهم أيضاً يشاركونهم في هذا القول.

                      وقال السيوطي في (الدرج المنيفة في الآباء الشريفة):
                      «الدرجة الثالثة: أنّهما كانا على التوحيد ودين إبراهيم عليه السّلام، كما كان على ذلك طائفة من العرب، كزيد بن نفيل وقس بن ساعدة وورقة بن نوفل وعمير ابن حبيب الجهني وعمر بن عنبسة، في جماعة آخرين، وهذه طريقة الإمام فخرالدين الرازي وزاد: إن آباء النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم كلّهم إلى آدم على التوحيد ودين إبراهيم، لم يكن فيهم شرك.
                      قال: ممّا يدلّ على أنّ آباءه صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم ما كانوا مشركين: قوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، وقال تعالى: (إنّما المشركون نَجَسٌ) فوجب أن لا يكون أحد من أجداده مشركاً.
                      قال: ومن ذلك قوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلّبك في الساجدين) معناه أنّه ينقل نوره من ساجد إلى ساجد.
                      قال: وبهذا التقرير، فالآية دالّة على أنّ جميع آباء محمّد صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم كانوا مسلمين.
                      قال: وحينئذ يجب القطع بأنّ والد إبراهيم ما كان من الكافرين، إنّما كان ذاك عمّه، أقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى (وتقلّبك في الساجدين) على وجوه اُخرى، وإذا وردت الروايات بالكلّ ولا منافاة بينهما، وجب حمل الآية على الكلّ، وبذلك يثبت أنّ والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان، وإنّ آزر لم يكن والده بل كان عمّه، إنتهى ملخّصاً.
                      وقد وافقه على الإستدلال بالآية الإمام الماوردي صاحب الحاوي الكبير من أئمّة أصحابنا.
                      وقد وجدت ما يعضد هذه المقالة من الأدلّة ما بين مجمل ومفصّل; فالمجمل: دليل مركّب من مقدّمتين:
                      إحداهما: أنّ الأحاديث الصحيحة دلّت على أنّ كلّ أصل من اُصوله صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم من أبيه إلى آدم خير أهل زمانه.
                      والثانية: إنّ الأحاديث والآثار دلّت على أنّ الله لم يخل الأرض من عهد نوح إلى بعثة النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم من ناس على الفطرة، يعبدون الله ويوحّدونه ويصلّون له وبهم يحفظ الأرض، ولولاهم لهلكت الأرض ومن عليها.
                      ومن أدلّة المقدّمة الاُولى حديث البخاري: بعثت من خير قرن بني آدم، قرناً فقرناً، حتّى بعثت من القرن الذي كنت فيه.
                      وحديث البيهقي: ما افترقت الناس فرقتين إلاّ جعلني الله في خيرهما، فاُخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهليّة، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم حتّى انتهيت إلى أبي واُمّي; فأنا خيركم نفساً وخيركم أباً.
                      وحديث أبي نعيم وغيره: لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيّبة إلى الأرحام الطاهرة مصفّى مهذّباً، لا يتشعّب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما.
                      في أحاديث كثيرة.
                      ومن أدلّة المقدّمة الثانية: ما أخرجه عبدالرزاق في المصنّف، وابن المنذر في تفسيره ـ بسند صحيح على شرط الشيخين ـ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لم يزل على وجه الأرض من يعبد الله عليها.
                      وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في الزهد، والخلاّل في كرامات الأولياء ـ بسند صحيح على شرط الشيخين ـ عن ابن عبّاس رضي الله عنه: ما خلت الأرض من بعد نوح من شعبة يدفع الله بهم عن أهل الأرض.
                      في آثار اُخر.
                      وإذا قرنت بين هاتين المقدمتين، اُنتج منهما قطعاً: أنّ آباء النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم لم يكن فيهم شرك; لأنّه قد ثبت في كلّ منهم أنّه خير قرنه، فإن كان الناس الذين هم على الفطرة هم آباؤه فهو المدّعى، وإن كان غيرهم وهم على الشرك، لزم أحد الأمرين: إمّا أن يكون المشرك خيراً من المسلم، وهو باطل بنصّ القرآن والإجماع، وإمّا يكون غيرهم خيراً منهم، وهو باطل، لمخالفته الأحاديث الصحيحة.
                      فوجب قطعاً أن لا يكون فيهم مشرك، ليكونوا خير أهل الأرض، كلّ في قرنه
                      »(6).

                      وقال ابن حجر بشرح:
                      «لم تزل في ضمائر الكون *** تختار لك الاُمّهات والآباء»
                      قال ما نصّه:
                      «تنبيه: لك أن تأخذ من كلام الناظم، الذي علمت أنّ الأحاديث مصرّحة به لفظاً في أكثره ومعنى في كلّه: أنّ آباء النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم ـ غير الأنبياء ـ واُمّهاته إلى آدم وحوّاء ليس فيهم كافر; لأنّ الكافر لا يقال في حقّه أنّه مختار ولا كريم ولا طاهر بل نجس كما في آية (إنّما المشركون نَجَسٌ).
                      وقد صرّحت الأحاديث السابقة بأنّهم مختارون، وأنّ الآباء كرام، وإنّ الاُمّهات طاهرات.
                      وأيضاً: فهم إلى إسماعيل كانوا من أهل الفترة، وهم في حكم المسلمين بنصّ الآية الآتية، وكذا من بين كلّ رسولين.
                      وأيضاً: قال تعالى: (وتقلّبك في الساجدين) على أحد التفاسير فيه: أنّ المراد ينقل نوره من ساجد إلى ساجد. وحينئذ، فهذا صريح في أنّ أبوي النبي صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم ـ آمنة وعبدالله ـ من أهل الجنّة، لأنّهما أقرب المختارين له صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.
                      وهذا هو الحقّ
                      ، بل في حديث ـ صحّحه غير واحد من الحفّاظ ولم يلتفتوا لمن طعن فيه ـ: أنّ الله تعالى أحياهما فآمنا به. خصوصيّة لهما وكرامة له عليه السلام.
                      فقول ابن دحية يردّه القرآن والإجماع، ليس في محلّه; لأنّ ذلك ممكن شرعاً وعقلاً، على جهة الكرامة والخصوصيّة، فلا يردّه قرآن ولا إجماع.
                      وكون الإيمان لا ينفع بعد الموت. محلّه في غير الخصوصيّة والكرامة.
                      وقد صحّ أنّه عليه السلام ردّت عليه الشمس بعد مغيبها فعاد الوقت حتّى صلّى عليّ العصر أداء، كرامة له صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم، فكذا هنا، وطعن بعضهم في صحّة هذا بما لا يجدي أيضاً.
                      وخبر أنّه تعالى لم يأذن لنبيّه صلّى الله عليه
                      [وآله] وسلّم في الإستغفار لأبويه، إمّا كان قبل إحيائهما له وإيمانهما به، أو أنّ المصلحة اقتضت تأخير الإستغفار لهما عن ذلك الوقت، فلم يؤذن له فيه حينئذ.
                      فإن قلت: إذا قرّرتم أنّهما من أهل الفترة، وأنّهم لا يعذّبون، فما فائدة الإحياء؟
                      قلت: فائدته إتحافهما بكمال لم يحصل لأهل الفترة; لأنّ غاية أمرهم أنّهم اُلحقوا بالمسلمين في مجرّد السلامة من العقاب، وأمّا مراتب الثواب العليّة فهم بمعزل عنها، فاُتحفا بمرتبة الإيمان زيادة في شرف كمالهما لحصول تلك المراتب لهما. وفي هذا مزيد ذكرته في الفتاوى.
                      ولا يرد على الناظم آزر، فإنه كافر مع أنّ الله تعالى ذكر في كتابه العزيز أنّه أبو إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، وذلك لأنّ أهل الكتابين أجمعوا على أنّه لم يكن أباً حقيقة وإنّما كان عمّه، والعرب تسمّى العمّ أباً، بل في القرآن ذلك، قال تعالى: (وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل) مع أنّه كان عمّ يعقوب، بل لو لم يجمعوا على ذلك وجب تأويله بهذا جمعاً بين الأحاديث، وأمّا من أخذ بظاهره ـكالبيضاوي وغيره ـ فقد تساهل واستروح
                      »(7).

                      هذا، والأعجب من ذلك كلّه: قدح جماعة من أئمّتهم في نسب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، بدعوى أنّ كنانة زوجة خزيمة قد مكَّنت أباها من نفسها، فكان النضر بن كنانة، وهو من أجداده صلّى الله عليه وآله وسلّم... أعاذنا الله من الإفتراء والبهتان والإرتباك في العمى والخذلان، وتفصيل هذه القصّة الشنيعة في (الروض الأنف) و(المعارف) وغيرهما من كتب القوم(8).
                      _________________________
                      (1) الدرج المنيفة في الآباء الشريفة (ضمن الرسائل العشر) : 42.

                      (2) الروض الانف 2 : 185 ـ 186 بتفاوت يسير.
                      (3) الروض الانف 2 : 187.
                      (4) المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّديّة 1 : 92.
                      (5) المنح المكيّة ـ شرح القصيدة الهمزيّة : 27.
                      (6) الدرج المنيفة في الآباء الشريفة (ضمن الرسائل العشر) : 32 ـ 34.
                      (7) المنح المكيّة ـ شرح القصيدة الهمزيّة: 25 ـ 26.
                      (8) الروض الانف 2: 356 ـ 357، المعارف لابن قتيبة: 130.

                      تعليق


                      • #12
                        تنبيه حول رأي الرازي
                        قد تقدَّم في كلام السيوطي وابن حجر المكي: أنّ الفخر الرازي من القائلين بإسلام آباء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنّ السيوطي والقسطلاني نقلا ذلك عنه في كتابه (أسرار التنزيل)، فاقتضى ذلك مراجعة الكتاب المذكور، ومراجعة (التفسير الكبير).
                        أمّا في (التفسير الكبير) فقد وجدنا الرازي ـ وللأسف الشديد ـ يحاول إثبات القول المخالف للحق، فكان من الضروري الوقوف على كلامه في (أسرار التنزيل) لمعرفة مدى صحّة ما نسبوا إليه، حتّى عثرنا عليه فوجدناه كذلك، فإنّه ينقل القول الحقّ الصحيح ثمّ يردّ عليه بزعمه، غير أنّه في (التفسير الكبير) ينسب القول الحق والإستدلال عليه إلى الإماميّة بصراحة، أمّا في (أسرار التنزيل) فيذكر في والد سيّدنا إبراهيم عليه السلام قولين ـ بلا نسبة لأحد ـ أحدهما: كون آزر والده، والآخر: أنّه لم يكن والده... فأورد للاستدلال على هذا القول ما نقله السيوطي وغيره عنه... ثمّ جعل يردّ عليه... وكأنّ السيوطي لم يلحظ آخر كلامه، فنسب إليه القول بالحق، والحال أنّه ليس كذلك.

                        وإليك نصّ كلامه في (التفسير الكبير):
                        «قالت الشيعة: أنّ أحداً من آباء الرسول وأجداده ما كان كافراً، وأنكروا أن يقال أنّ والد إبراهيم كان كافراً، وذكروا أنّ آزر كان عمّ إبراهيم عليه السلام وما كان والداً له، واحتجّوا على قولهم بوجوه:
                        الحجّة الاُولى: إنّ آباء الأنبياء ما كانوا كفّاراً، ويدلّ عليه وجوه: منها قوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلّبك في الساجدين)(1) قيل: معناه أنّه كان ينقل روحه من ساجد إلى ساجد، وبهذا التقرير فالآية دالّة على أنّ جميع آباء محمّد عليه السلام كانوا مسلمين، وحينئذ، يجب القطع بأنّ والد إبراهيم كان مسلماً.
                        فإن قيل: (وتقلّبك في الساجدين) يحتمل وجوهاً اُخرى:
                        أحدها: أنّه لمّا نسخ فرض قيام اللّيل، طاف الرسول عليه السلام تلك اللّيلة على بيوت أصحابه لينظر ماذا يصنعون، لشدّة حرصه على ما يظهر منهم من الطاعات، فوجدها كبيوت الزنابير، لكثرة ما يسمع من أصوات قراءتهم وتسبيحهم وتهليلهم، فالمراد من قوله (وتقلّبك في الساجدين) طوافه صلوات الله عليه تلك اللّيلة على الساجدين.
                        وثانيها: المراد أنّه عليه السلام كان يصلّي بالجماعة، فتقلّبه في الساجدين معناه: كونه فيما بينهم ومختلطاً بهم حال القيام والركوع والسجود.
                        وثالثها: أن يكون المراد أنّه لا يخفى حالك على الله كلّما قمت وتقلّبت مع الساجدين في الاشتغال باُمور الدين.
                        ورابعها: المراد تقلّب بصره فيمن يصلّي خلفه، والدليل عليه قوله عليه السلام: أتمّوا الركوع والسجود فإنّي أراكم من وراء ظهري.
                        فهذه الوجوه الأربعة ممّا يحتملها ظاهر الآية، فسقط ما ذكرتم.
                        والجواب: لفظ الآية محتمل للكلّ، وليس حمل الآية على البعض أولى من حملها على الباقي، فوجب أن نحملها على الكلّ، وحينئذ حصل المقصود.
                        وممّا يدلّ أيضاً على أنّ أحداً من آباء محمّد عليه السلام ما كان من المشركين: قوله عليه السلام: «لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات»، وقال تعالى: (إنّما المشركون نَجَسٌ)(2) وذلك يوجب أن يقال: أنّ أحداً من أجداده ما كان من المشركين.
                        إذا ثبت هذا فنقول: ثبت بما ذكرنا أنّ والد إبراهيم عليه السلام ما كان مشركاً، وثبت أنّ آزر كان مشركاً، فوجب القطع بأنّ والد إبراهيم كان إنساناً آخر غير آزر....
                        وأمّا أصحابنا، فقد زعموا أنّ والد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كان كافراً، وذكروا أنّ نصّ الكتاب في هذه الآية يدلّ على أنّ آزر كان كافراً، وكان والد إبراهيم عليه السلام، وأيضاً: قوله تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه)(3) إلى قوله (فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ لله تبرّأ منه)(4) وذلك يدلّ على قولنا. وأمّا قوله (وتقلّبك في الساجدين) قلنا: قد بيّنّا أنّ هذه الآية تحتمل سائر الوجوه، قوله: تحمل هذه الآية على الكل، قلنا: هذا محال، لأنّ حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه لا يجوز، وأيضاً: حمل اللفظ على حقيقته ومجازه معاً لا يجوز.
                        وأمّا قوله عليه السلام: لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، فذلك محمول على أنّه ما وقع في نسبه ما كان...
                        »(5).

                        وقال في (أسرار التنزيل):
                        «أمّا قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه)(6) ففيه مسائل:
                        المسألة الاُولى: في آزر قولان:
                        الأوّل: إنّه والد إبراهيم عليه السلام، ولهم في ذلك دلائل:
                        الحجّة الاُولى: ظاهر لفظ القرآن في هذه الآية يدلّ على ذلك، ثمّ إنّ ظاهر هذه الآية متأكّد بآيات اُخرى، منها: قوله تعالى في سورة مريم: (إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر)(7) وقال أيضاً: (ما كان استغفار إبراهيم لأبيه) إلى قوله: (فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ لله تبرّأ منه)، فكلّ هذه الآيات تدلّ على أنّ أبا إبراهيم كان كافراً عابداً للوثن.
                        الحجّة الثانية: إنّ العرب سمعوا هذه الآية، وقد كانوا أحرص الناس على تكذيب الرسول وأعظمهم رغبة في براءة شجرة النسب عن كلّ عيب، فلو لم يكن آزر والد إبراهيم لتسارعوا إلى تكذيبه، ولوجدوا ذلك غنيمة عظيمة في الطعن فيه.
                        الحجّة الثالثة: إنّه تعالى ذكر قصّة إبراهيم عليه السلام مع أبيه في آيات كثيرة، ولم يذكر اسم العمّ في القرآن، فيتعذّر حمل لفظ الأب في هذه الآية على العم.
                        القول الثاني: إنّ آزر لم يكن والد إبراهيم عليه السلام. واحتجّوا عليه بوجوه:
                        الأوّل: إنّ آباء الأنبياء ما كانوا كفّاراً، ويدلّ عليه وجوه:
                        منها: قوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلّبك في الساجدين) قيل: معناه أنّه كان ينتقل روحه من ساجد إلى ساجد، وبهذا التقرير، فالآية دالّة على أنّ جميع آباء محمّد عليه السلام كانوا مسلمين، وحينئذ، يجب القطع بأنّ والد إبراهيم ما كان من الكافرين، أقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى (وتقلّبك في الساجدين) على وجوه:
                        منها: إنّه لمّا نسخ فرض قيام الليل طاف الرسول عليه السلام تلك الليلة على بيوت أصحابه لينظر ماذا يصنعون، لشدّة حرصه على ما يظهر منهم من الطاعات، فوجدها كبيوت الزنابير لكثرة ما يسمع من دندنتهم بذكر الله، فالمراد من قوله (وتقلّبك في الساجدين) طوفه عليه السلام على الساجدين في تلك الليلة.
                        ومنها: المراد يراك حين تقوم للصّلاة بالناس جماعة، وتقلّبه في الساجدين: كونه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده; لأنّه كان إماماً.
                        ومنها: أنّه لا يخفى على الله حالك كلّما قمت وتقلّبت مع الساجدين، في الإشتغال بأمر الدين.
                        ومنها: المراد تقلّب بصره فيمن يصلّي خلفه من قوله: أتمّوا الركوع والسجود فإنّي أراكم من ورائي وخلفي.
                        فهذه الآية وإن كانت تحتمل هذه الوجوه الأربعة، إلاّ أنّ الوجه الذي ذكرناه الآن أيضاً محتمل، والروايات وردت بالكلّ، ولا منافاة بين هذه الوجوه، فوجب حمل الآية على الكلّ، ومتى صحّ ذلك ثبت أنّ والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان.
                        وممّا يدلّ على أنّ آباء محمّد عليه السلام ما كانوا من المشركين: قوله عليه السلام: لم أزل أُنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، وقال تعالى: (إنّما المشركون نجس)، فوجب أن لا يكون أحد من آبائه مشركاً.
                        الحجّة الثانية على أنّ آزر ما كان والد إبراهيم عليه السلام: إنّ هذه الآية دالّة على أنّ إبراهيم شافه آزر بالغلظة، ومشافهة الأب بالغلظة لا تجوز، وذلك يدلّ على أنّ آزر ما كان والد إبراهيم. أما إنّ إبراهيم شافه آزر بالغلظة، فلوجهين:
                        الأوّل: إنّه قرىء (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) بضمّ آزر، وهذا يكون محمولاً على النداء، ومخاطبة الأب ونداؤه بالإسم من أعظم أنواع الجفاء.
                        الثاني: إنّه قال لآزر: (إنّي أراك وقومك في ضلال مبين) وهو من أعظم أنواع الإيذاء.
                        فثبت أنّه شافه آزر بالغلظة.
                        وإنّما قلنا أنّ مشافهة الأب بالغلظة لا يجوز، لوجوه:
                        الأوّل: قوله تعالى: (وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحساناً) وهذا عام في حقّ الكافر والمسلم. وقال تعالى: (لا تقل لهما اُفّ ولا تنهرهما) وهذا أيضاً عام.
                        الثاني: إنّه تعالى لمّا بعث موسى إلى فرعون أمره بالرفق معه، قال تعالى: (فقولا له قولاً ليّناً) والسبب في ذلك أن يصير هذا رعاية لحقّ تربية فرعون، فهاهنا الوالد أولى بالرفق.
                        الثالث: إنّ الدعوة مع الرفق أكثر تأثيراً في القلب، وأمّا التغليظ فإنّه ينفّر السامع عن القبول، ولهذا قال تعالى لمحمّد عليه السلام: (وجادلهم بالتي هي أحسن)، فكيف يليق بإبراهيم هذه الخشونة مع أبيه في وقت الدعوة.
                        الرابع: إنّه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام الرفق الشديد مع هذا المسمّى بالأب، وهو قوله: (يا أبت لِمَ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً)، ثمّ إنّ ذلك الإنسان غلظ معه في القول فقال: (لئن لم تنته لأرجمنّك)، ثمّ إنّ إبراهيم عليه السلام ما ترك الرفق معه بل قال: (سلام عليك سأستغفر لك ربّي)، فإذا كان عادة إبراهيم في الرفق والقول الحسن هذا، فكيف يليق أن يظهر الخشونة والغلظة مع أبيه؟
                        فثبت بهذه الحجّة أنّ آزر ما كان والد إبراهيم.
                        الحجّة الثالثة: إنّه جاء في كتب التواريخ: أنّ اسم والد إبراهيم عليه السلام تارخ، وأمّا آزر فهو كان عمّ إبراهيم.
                        ثمّ إنّ القائلين بهذا القول أجابوا عن دلائل أصحاب القول الأوّل فقالوا:
                        القرآن وإن دلّ على تسمية آزر بالأب، إلاّ أنّ هذا لا يدلّ على القطع بكونه والداً له، وذلك، لأنّ لفظة الأب فقد تطلق على العمّ، قال تعالى حكاية عن أولاد يعقوب: (نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل) فسمّوا إسماعيل أباً ليعقوب، مع أنّ إسماعيل كان عمّاً ليعقوب، وقال رسولنا عليه السلام: ردّوا علَيّ أبي. يعني العبّاس. وأيضاً: يحتمل أن يكون آزر كان أب اُم إبراهيم، وهذا قد يقال له الأب، قال تعالى: (ومن ذرّيّته داود وسليمان) إلى قوله: (وعيسى)، فجعل عيسى من ذرّيّة إبراهيم مع أنّه كان جدّه من قبل الاُمّ، وبهذا ظهر الجواب عن الحجّة الثانية، وذلك لأنّ تسمية العم بالأب مشهور في اللغة العربيّة، فلهذا السبب في هذه الآية ما كذّبوه.
                        هذا تمام هذا الكلام في نصرة هذا القول.
                        واعلم أنّ القول الأوّل أولى، وذلك لأنّ ظاهر لفظ الأب يدلّ على الوالد.
                        أمّا التمسّك بقوله تعالى: (وتقلّبك في الساجدين) فهو محمول على سائر الوجوه، ولا نحمله على أنّ روحه كانت تنتقل من ساجد إلى ساجد، محافظة على ظاهر الآية التي تمسّكنا بها وهو قوله (لأبيه آزر).
                        وأمّا الحجّة الثانية فجوابها: إنّكم تمسّكتم بعمومات دالّة على أنّه لا يجوز إظهار الخشونة مع الأب فنقول: إن قلنا بما ذكرتم سَلِمَتْ تلك العمومات عن هذا التخصيص، إلاّ أنّه وجب حمل لفظ الأب على المجاز، وإن أجرينا لفظ الأب على حقيقته، لزمنا إدخال التخصيص في تلك العمومات، لكنّا بيّنّا في اُصول الفقه إنّه مهما وقع التعارض بين المجاز والتخصيص، كان التزام التخصيص أولى، فكان الترجيح معنا
                        »(8).

                        أقول:
                        وأمّا تشكيكات الرازي ـ المعروف بإمام المشكّكين ـ في استدلال أهل الحق بالآية (وتقلّبك في الساجدين) والحديث المذكور، فركيكة جدّاً.
                        أمّا في الآية فغاية ما قال: إنّ حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه غير جائز، كحمل اللفظ الواحد على كلا معنييه الحقيقي والمجازي، وفيه:
                        أوّلاً: إنّه متى ورد بتفسير الآية المباركة رواية من أهل السنّة تثبت قول أهل الحق، صحّ الاستدلال بها، لمطابقتها روايات أهل البيت عليهم السلام واعتضادها بالأدلّة السديدة الاُخرى، وحينئذ، لا يلتفت إلى الأقوال والتفاسير الاُخرى للآية، ولا تكون قادحةً في هذا الاستدلال.
                        وقد عرفت من كلام السيوطي احتجاج الماوردي صاحب كتاب (الحاوي) بالآية على إسلام آباء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكفى بذلك ردعاً للشبهات ودفعاً للتوهّمات.
                        وثانياً: إنّ إرادة المعاني المتعدّدة من اللفظ المشترك جائز عند الشافعي وهو إمام الفخر الرازي، بل لقد قال بوجوبه عند عدم المخصّص... وقد ذكر الرازي نفسه هذا القول عن الشافعي في كتابه الذي ألّفه في ترجيح مذهبه ـ أي الشافعي ـ على سائر المذاهب، ودافع عنه ونصّ على موافقة أجلّة الاُصوليّين معه، وهذا نصّ عبارة الرازي:
                        «المسألة الرابعة: عابوا عليه قوله: اللفظ المشترك محمول على جميع معانيه عند عدم المخصص.
                        قالوا: والدليل على أنّه غير جائز: أنّ الواضع وضعه لأحد المعنيين فقط، فاستعماله فيهما يكون مخالفةً للّغة.
                        وأقول: إنّ كثيراً من الاُصوليّين المحقّقين وافقوه عليه، كالقاضي أبي بكر الباقلاني والقاضي عبدالجبار بن أحمد، ووجه قوله فيه ظاهر، وهو أنّه لمّا تعذَّر التعطيل والترجيح لم يبق إلاّ الجمع. وإنّما قلنا: إنّه تعذّر التعطيل، لأنّه تعالى إنّما ذكره للبيان والفائدة، والقول بالتعطيل إخراج له عن كونه بياناً، وإنّما قلنا: إنّه تعذّر الترجيح، لأنّه يقتضي ترجيح الممكن من غير مرجح وهو محال. ولمّا بطل القسمان لم يبق إلاّ الجمع. وهذا وجه قويّ حسن في المسألة، وإنْ كنّا لا نقول به
                        »(9).
                        فظهر: إنّ هذا القول قول إمامه الشافعي، وغير واحد من الأئمّة موافقون له، والرازي يدافع عنه بوجه قوي حسن.
                        وإذا كان الرازي لا يوافق عليه في (التفسير الكبير)، فهو موافق له في (أسرار التنزيل) حيث يقول:
                        «أمّا التمسّك بقوله تعالى: (وتقلّبك في الساجدين) فهو محمول على سائر الوجوه، ولا نحمله على أنّ روحه كانت تنتقل من ساجد إلى ساجد»(10).
                        فإنّ معنى الحمل على سائر الوجوه هو الحمل على المعاني المتعدّدة.
                        وأمّا في الحديث ـ وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لم أزل اُنقل من أصلاب الطاهرين ـ فحاصل استدلال أهل الحق هو: إنّ الله تعالى وصف المشركين بالنجاسة وهي ضدّ الطهارة، فلو كان آباؤه صلّى الله عليه وآله وسلّم مشركين لما وصفهم بالطهارة، وإلاّ لزم اجتماع الضدّين.
                        ولم يتعرَّض الفخر الرازي للجواب عن هذا الاستدلال، والحديث منقول بطرق متعدّدة، فحاول تأويله بما لم يرتضه هو في (أسرار التنزيل) حيث لم يذكره أصلاً، وإنّما قال:
                        «وأمّا الحديث، فهو خبر واحد فلا يعارض القرآن».
                        ولا يخفى وهن هذا الكلام... وكم من مورد قد رفعوا اليد فيه عن ظاهر القرآن بخبر واحد!!
                        ثمّ إنّ عدم كون آزر والداً لسيّدنا إبراهيم عليه السلام ليس قول أهل الحق وحدهم، فقد وافقهم غير واحد من أئمّة المفسّرين، كما ذكر السيوطي في (الدرج المنيفة).

                        هذا، ويعجبني في هذا المقام كلام شارح (مسلّم الثبوت)، فإنّه مع مرائه التام وتعصّبه الشديد الشائع بين الخاص والعام، أتى بما يجلو صدء الأفهام ويزيح ظلمة الشكوك والأوهام، حيث قال في (فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت):
                        «وأمّا الواقع، فالمتوارث من لدن آدم عليه السلام أبي البشر إلى نبيّنا ومولانا أفضل الرسل وأشرف الخلق محمّد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: أنّه لم يبعث نبيّ قطّ أشرك بالله طرفة عين، وعليه نصّ الإمام أبو حنيفة رحمه الله في الفقه الأكبر، وفي بعض المعتبرات أنّ الأنبياء عليهم السلام معصومون عن حقيقة الكفر وعن حكمه بتبعيّة آبائهم، وعلى هذا، فلابدّ من أن يكون تولّد الأنبياء بين أبوين مسلمين أو يكون موتهما قبل تولّدهم، لكن الشقّ الثاني قلّما يوجد في الآباء ولا يمكن في الاُمّهات، ومن هاهنا بطل ما نسب بعضهم من الكفر إلى اُمّ سيّد العالم مفخر بني آدم، صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلامه، وذلك لأنّه حينئذ يلزم نسبة الكفر بالتبع، وهو خلاف الإجماع، بل الحقّ الراجح هو الأوّل.
                        وأمّا الأحاديث الواردة في أبوي سيّد العالم صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلامه، متعارضة مرويّة آحاداً، فلا تعويل عليها في الإعتقاديّات.
                        وأمّا آزر، فالصحيح أنّه لم يكن أبا إبراهيم عليه السلام بل أبوه تارخ، كذا صحّح في بعض التواريخ، وإنّما كان آزر عمّ إبراهيم عليه السلام وربّاه الله تعالى في حجره، والعرب تسمّي العم الذي ولي لتربية ابن أخيه أباً له، وعلى هذا التأويل قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر)، وهو المراد بما روي في بعض الصحاح أنّه نزل في أبي سيّد العالم صلوات الله عليه: (ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اُولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنّهم أصحاب الجحيم)، فإنّ المراد بالأب العم، كيف لا؟ وقد وقع صريحاً في صحيح البخاري أنّه نزل في أبي طالب. هذا.
                        وينبغي أن يعتقد أنّ آباء سيّد العالم ـ صلّى الله عليه وآله وأصحابه وسلّم ـ من لدن أبيه إلى آدم كلّهم مؤمنون، وقد بيّن السيوطي بوجه أتم
                        »(11) إنتهى.

                        _______________________
                        (1) سورة الشعراء 26 :218 ـ 219.
                        (2) سورة التوبة 9 :28.
                        (3) سورة التوبة 9 :114.
                        (4) سورة التوبة 9 :114.
                        (5) تفسير الرازي 13 :38 ـ 40 .
                        (6) سورة الأنعام 6 :74 .
                        (7) سورة مريم 19 :42.
                        (8) أسرار التنزيل للفخر الرازي: 296 ـ 272، الباب الثاني، الفصل الأوّل.
                        (9) رسالة الرازي في ترجيح مذهب الشافعي ـ المسألة الرّابعة.
                        (10) أسرار التنزيل: 272، الباب الثاني، الفصل الأوّل.
                        (11) فواتح الرحموت ـ شرح مسلّم الثبوت ـ على هامش المستصفى 2: 98.

                        انتهى كلام السيد الميلاني حفظه الله.

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة الكمال977

                          المشهور والمعلوم ان ابا طالب كان فقيرا لامال عنده حتى انه فرق بعض ابناءه على اقاربه لاعالتهم بدلا عنه فكان علي من حصة ارسول الله رباه واعله
                          لا بأس بمطالعة هذا الموضوع (اضغط هنا)
                          وقد أجاب عن هذه النقطة فيه الاخ المعتمد في التاريخ بقوله:

                          اقول كلام منطقي جدا
                          وحيث ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اخذ عليا ليربيه فمعنى هذا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يكن محتاجا لأحد وكان قادرا على إعالة نفسه وعائلته.
                          فما الحاجة إلى مال أبي بكر؟؟؟؟

                          تعليق


                          • #14
                            احاديث نزول سورة اليل بحق ابي بكر احاديث صحاح مشهورة بطرق عديدة

                            الرواية رواها الثعلبي بطرق ثلاث


                            تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج 10 - ص 219

                            (الطريق الاول عن الثعلبي )
                            أخبرني الحسين قال : حدثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله المقري قال : حدثنا جدي قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن سالم .

                            (الطريق الثاني )
                            و أخبرني ابن فنجويه قال : حدثنا ابن يوسف قال : حدثنا ابن عمران قال : حدثنا أبو عبيد الله المخزومي قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن أبا بكرح اعتق من كان يعذب في الله : بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمل . فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار ، فلما أسلمت عميت ، فقالوا : أعمتها اللات والعزى . فقالت : هي تكفر باللات والعزى ، فرد الله إليها بصرها ، ومر أبو بكر بها وهي تطحن وسيدتها تقول : والله لا أعتقك حتى يعتقك صباتك ، فقال أبو بكر فحلى إذا يا أم فلان فبكم هي إذا ؟ قالت : بكذا وكذا أوقية ، قال : قد أخذتها ، قومي ، قالت : حتى أفرغ من طحني . وأما بلال فاشتراه ، وهو مدفون بالحجارة ، فقالوا : لو أبيت إلا أوقية واحدة لبعناك ، فقال أبو بكر : لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته ، وفيه نزلت يعني أبا بكر ، " * ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ) * ) إلى آخرها ، وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها كلها ، يعني أبا بكر .

                            (الطريق الثالثة عند الثعالبي )
                            و أنبأني عبد الله بن حامد قال : أخبرني أبو سعيد الحسن بن أحمد بن جعفر اليزدي قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي عبد الرحمن المقري قال : حدثنا سفيان ، عن عتبة قال : حدثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم ، فقال له أبوه : يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ، قال : ( إنما أريد ما أريد ) فنزلت فيه " * ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ) * ) إلى آخر السورة ، وكان اسمه عبد الله بن عثمان

                            عن عطاء ، عن ابن عباس ، في هذه الآية أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها ، وكان المشركون وكلوا امرأة تحفظ الأصنام ، فأخبرتهم المرأة ، وكان بلال عبدا لعبد الله ابن جدعان ، فشكوا إليه ، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم ، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء ، وهو يقول : أحدا أحد ، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ينجيك أحد أحد ، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن بلالا يعذب في الله ، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به .

                            و قال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لإبي بكر حين قال له أبو بكر : أتبيعه ؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس ، وكان نسطاس عبدا لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي ، وكان مشركا ( وحمله ) أبو بكر على الإسلام على أن يكون ( له ) ماله ، فأبى فأبغضه أبو بكر ، فلما قال له أمية : أتبيعه بغلامك نسطاس ؟ اغتنمه أبو بكر وباعه به ، فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلا ليد كانت لبلال عنده ، فأنزل الله سبحانه " * ( وما لأحد عنده ) * ) من أولئك الذين أعتقهم " * ( من نعمة تجزى ) * ) يد نكافئه عليها " * ( إلا ) * ) لكن " * ( ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) * ) بثواب الله في العقبى عوضا مما فعل في الدنيا .


                            أسباب نزول الآيات - الواحدي النيسابوري - ص 300

                            أخبرنا أبو بكر بن الحرث ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، أخبرنا الوليد بن أبان أخبرنا محمد بن إدريس ، أخبرنا منصور بن مزاحم ، أخبرنا ابن أبي الوضاح ، عن يونس ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الله ، أن أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشر أواق ، فأعتقه ، فأنزل الله تبارك وتعالى - والليل إذا يغشى - إلى قوله - إن سعيكم لشتى - سعى أبي بكر وأمية وأبى بن خلف * قوله تعالى : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ) الآيات .

                            أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن جعفر بن الهيثم الأنباري ، أخبرنا جعفر ابن محمد بن شاكر ، أخبرنا قبيصة ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن منصور والأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : يا رسول الله أفلا نتكل ؟ قال : اعملوا فكل ميسر ثم قرأ - فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى - رواه البخاري عن أبي نعيم عن الأعمش ، ورواه مسلم عن أبي زهير بن حرب عن جرير عن منصور

                            أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال : حدثني عبد الله ابن أحمد بن حنبل ، أخبرنا أحمد بن أيوب ، أخبرنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد ابن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله ، عن ابن أبي عتيق ، عن عامر بن عبد الله ، عن بعض أهله ، قال أبو قحافة لابنه أبى بكر : يا بني أراك تعتق رقابا ضعافا ، فلو أنك إذا فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدة يمنعونك ويقومون دونك ، فقال أبو بكر : يا أبت إني إنما أريد ما أريد ، قال : فتحدث ما أنزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قاله أبوه - فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى - إلى آخر السورة . و ذكر من سمع ابن الزبير وهو على المنبر يقول : كان أبو بكر يبتاع الضعفة من العبيد فيعتقهم ، فقال له أبوه : يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ، قال : ما منع ظهري أريد ، فنزلت فيه - وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى - إلى آخر السورة . وقال عطاء عن ابن عباس ، أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها وكان عبد ا لعبد الله بن جدعان ، فشكى إليه المشركون ما فعل ، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم ، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء وهو يقول : أحد أحد ، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ينجيك أحد أحد ، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن بلالا يعذب في الله ، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به ، فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده ، فأنزل الله تعالى - وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى

                            تفسير الطبري
                            حدثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن عُبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق، عن عامر بن عبد الله بن الزّبير، قال: كان أبو بكر الصدّيق يُعْتِق على الإسلام بمكة، فكان يُعْتِق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أَيْ بُنَيّ، أراك تُعْتِق أناساً ضعفاء، فلو أنك أعتقت رجالاً جُلداً يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك، فقال: أي أبت، إنما أريد «أظنه قال»: ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي، أن هذه الآية أنزلت فيه: { فأمَّا مَنْ أعْطَى واتَّقَى وَصَدَّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }.

                            تعليق


                            • #15
                              والسؤال هل يمكن ان يكون في اباء النبي وامهاته من هو منافق كافر؟؟؟

                              انتظر جوابك من جهة نظرك؟

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
                              ردود 2
                              17 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                              بواسطة ibrahim aly awaly
                               
                              أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
                              استجابة 1
                              12 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                              بواسطة ibrahim aly awaly
                               
                              يعمل...
                              X