اكد سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي(دام ظله) على ان )مشاكل البلاد وادارة امورنا يجب ان لا تعالج بردود الافعال والصراعات واللجوء الى الاقتتال و قوة السلاح، بل لا بد من معالجات وعلى ضوء المنهج القرآني الحكيم (بالتي هي احسن). موضحا بهذا الشأن ان (نبينا الاكرم صلى الله عليه واله لم يملك البلاد بل ملك العباد، وانه لم يملك العباد بالمال والقوة بل بالخلق الحسن والرفق والحكمة). وشدد سماحته في جانب من المحاضرة الاسبوعية التي يلقيها بمكتبه في مدينة كربلاء المقدسة، على ان: (دواء دائنا وعلاج مشاكلنا وطريق خلاصنا يكمن اليوم في المنهج القرآني والايات الكريمة التي تقول: " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم، ولا يُلقّاها الا الذين صبروا ولا يُلقّاها الا حظ عظيم، وإمّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم" ). وتابع بالقول
.. فياأخواني : لم لا نعالج مشاكلنا بالتي هي احسن، وهناك طرق سليمة... فلا بأس بان تحقق أهدافك ولكن بطرق مستقيمة سليمة وآمنة ومختصرة وحسنة. وأنا قلت سابقاً واقول الأن وللمستقبل بان هناك حروباً وصراعات اهلية كثيرة حدثت في شعوب العالم ولم تحل مشاكلهم الا بالحوار، فلم لا نتعظ منها؟.. وفي العراق يمكن ان نقول ان هناك صراعات داخلية اذا لم نرد ان نسمها بشيء اخر، ونحن ندعوا دائما الى السلم والحوار والتعاون البنّاء بالتي هي أحسن ). مبيناً ان ( ذلك التعاون وتظافر الجهود يجب ان يصب في معالجة ازمات ومشاكل كثيرة وعميقة في البلاد، ومنها ان في العراق بطالة وفقر ومشاكل حقيقية و حاجات ومطالب لا يمكن التغاضي عنها، دعونا نفكر في حلها جديا ..، ففي كل بلد حينما تكون هناك بطالة وفقر وتذمر وقلة خدمات، وحينما تنعدم الثقافة الصحيحة، وحينما تكون هناك ايضا أطماع خارجية، يشتعل البلد صراعات وحرباً وازمات ..، ونحن اذ لا نبرر الاعمال السيئة وغير السليمة اذا ما اتجه اليها احد ما يرى انه مضطر اليها بسبب البطالة والفقر..، ولكن مع ذلك في نهاية المطاف نرى ان امثال هذا الانسان او ذاك قد ينجرف في مثل طرق كهذه تؤدي الى القلاقل والمشاكل وزعزعة الامن..، واذا لم نعالج البطالة والفقر والمشاكل الاخرى اليوم كقضية اليتامى الذين سيكونون غدا جيلا كبيرا في البلاد ...، فسوف تكون النتائج بما لا يحمد عقباه..، فمجرم واحد في البلد كثير، لانه قادر على ان يخل بالامن، فيجب العمل على معالجة اسباب وجذور المشاكل..). واضاف سماحته، انه والى جانب ذلك
نحن في العراق بحاجة الى رؤية مستقبلية واضحة رصينة يتفق عليها الحكماء واهل البصائر والحل والعقد والتيارات الدينية والعلماء والسياسيين والمثقفين وغيرهم، وان تحل المشاكل بصورة جذرية وليس بصورة ترقيعية فوقية وسطحية ..، بما يسهم بالتالي في حل المشاكل الادارية والامنية وغيرها ). واشار سماحته في جوانب اخرى من كلمته الى ان (افضل واسلم المناهج والطرق التي امر بها الله سبحانه هو الوسطية، وان الافراط والتفريط او تطرف الانسان ذات اليمين أو ذات الشمال يجعله بعيدا عن الصراط المستقيم الذي هو المحجة البيضاء حيث قول ربنا سبحانه " وكذلك جعلناكم امة وسطا" والوسط هو الطريق العادل ، الطريق المستقيم، لذا فالمطلوب منا ان نتبصر في آيات قرآننا الكريم لنعرف ما هو الطريق المستقيم الى تحقيق اهدافنا، فقد تختار وتعمل لتحقيق هدف ما ..، ولكن بطرق ملتوية فتكون النتيجة بجهد مضاعف، ثم لا تكون مفيدة ومجدية لحياتك بل مضرة وربما مهلكة، فالذي يدير و يدبر اسرة كانت او دولة او مملكة او عملا ما وهو مهتد الى الطريق الوسط المستقيم، هو الذي يستطيع ان يحقق هدفا بأقل كلفة وافضل انتاج وبأمن من دون اخطار ومشاكل..). واضاف سماحته بالقول: (ان الآيات القرآنية تعطينا منهجاً كاملاً لوضعنا ، فادعو نفسي والمؤمنين الى ان لا تهزمهم هذه العواصف التي تهب علينا من خارج بلادنا ونكون مستقيمين على الطريقة ونتوكل على الله سبحانه ونجعل الدعوة اليه لا الى انفسنا، وان ندرأ بالحسنة السيئة، أي نعمل بالتي هي احسن ونفتش عن الطرق الصحيحة والسليمة التي تقودنا الى اهدافنا من اقصر الطرق وآمن الطرق واجمل الطرق، وبامكاننا ان نفعل ذلك بعون الله تعالى الذي نسأله ان ينزل علينا رأفته ورحمته وان يعطف قلوب بعضنا على بعض وان يؤلف بين هذه القلوب التي نفّرتها شياطين الجن والإنس وان يجمع كلمتنا على التقوى و ان يكشف هذه الغمة عن هذه الامة و ان يرزقنا قوة وقدرة وعزما على كشف مواقع الضعف في بلدنا لنتمكن من اصلاحها..) . وبيّن سماحته ان من ركائز المنهج القويم في الحياة، اولا: (ان تجعل منهجك متصلاً بالله سبحانه وتعالى، فهناك من يحمل لافتة الوطن وهناك من يحمل لافتة المصالح والمنافع وهناك من يحمل لافتة اللون اوالطبقة او العنصر، ولكن المؤمن لا يحمل إلا لافتة واحدة مكتوب عليها (أشهد ان لا إله الا الله) وهي تعني الايمان به تعالى وتعني ان تهيمن على قلبك وجوارحك سنن الله واحكامه وشرائعه ، لا ان تكون كلمة مجردة عن واقعك، وهي تعني ايضا ان نجعل مرضاة الله تعالى محور اساسيا في حركتنا وادارة امورنا وعندها سوف يهدينا الله سبل السلام). ثانياً
ان تتحدى العالم والواقع وتقول كلمتك وتؤمن بالله وحده وترفض كل شيء يريد ان يحرفك و يدفعك عن الله تعالى وسبيله، (الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) وهذه الكلمة والشهادة بالايمان بالله سبحانه ليست مجرد احرف انما تحمل معنى التحدي فالانسان الذي يؤمن بالله يجب ان يقول ويعمل بالعبودية لله تعالى بكل وضوح وشفافية لذلك فان الاية الكريمة تقول " الذين قالوا" ، قالوا – تعني صرحوا- بقولهم " ربنا الله" ) ثالثاً
ثم استقاموا، فالانسان عندما يقول "ربنا الله" فان شياطين الانس والجن سوف يتكالبون ضده ويتظاهرون عليه فالامر ليس بالسهل فمن له لافتة اخرى لا يقبل بهذا الكلام، ان تقول ربنا الله، وان كان في الظاهر قد يبدوا سامعا لك ..، هذه هي ركائز ثلاث في المنهج الالهي، المتمثلة بالايمان بالله والالعمل والقول بهذه الشهادة بكل صراحة ووضوح، والاستقامة والتحدي لكل الظروف والضغوط ، اما الركيزة الرابعة فتتمثل بالدعوة الى الله فقط..، " ومن احسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" . فالمؤمن لا يكتفي بتحدي الظروف انما يدعوا الى الله، ان يكون المؤمن داعية أنى كان موقعه أو جنسه ذكرا او انثى ..، ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس من واجب علماء الدين فقط بل اي انسان من كبير وصغير، بمقدار فقهه وبصيرته وعلمه وعقله يجب ان يقول كلمته، والدعوة الى الله، لا ان يدعو الانسان لنفسه فيستخدم المسجد والمنبر للدعوة الى الذات والتحزبات وماشابه! لا الدعوة الى الله..، يجب ان نعمل بما يقول الله ونحتكم الى كلامه والى بصائر قرآنه وهدى نبيه والمعصومين من ذريته عليه وعليهم افضل الصلاة والتسليم).




تعليق