مظاهر وأعراض وأشكال الضعف النفسي عند غالب المسلمين
1- عدم الثقة بان تطبيق حكم الله وحدوده هي مصدر سعادة المجتمع وأمنه و استقراره:
فنرى الكثير من شباب المسلمين عندما تطرح مسألة قطع يد السارق يصبح ضعيفاً مربكاً من هذه المسألة ويحاول أن يغير هذا الحديث بل وأحياناً يحاول أن ينكر هذا الحكم بشكل أو بآخر .
ومثال آخر عندما تطرح مسألة رجم الثيب الزاني تراه أيضاًً ضعيفاًً ويحاول أن يتهرب من هذا الموضوع وكذلك عندما تطرح مسائل تحريم البنوك الربوية والبيوع الربوية تراه أيضاً منهزماً ضعيفاً . وإذا ما استمر هذا الانهزام بنفسه فإن ذلك سوف يقوده إلى تبني والاعتقاد بان قوانين البشر أصلح للأمة من شرع الله تعالى وقد لا يجرأ أن يقولها صراحة وإنما أفعاله ومعتقداته تدل على ذلك فهو لم يفهم بل فهم وأنكر قوله تعالى ((أ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)) المائدة 50.
فالمسلم الذي يوقن بان لا إله إلا الله محمد رسول الله يجب أن يتيقن بلا أدنى شك بأن أحكام الإسلام هي مصدر تماسك المجتمع وأن تشريع الله عز وجل لا يعدله أي تشريع من شرائع البشر , لذلك من يؤمن بذلك نراه واثق الخطى قوي النفس قوي النقاش يجهر بمبادئه بينما ترى المسلم المنهزم غير واضح المبدأ ضعيف النقاش ضعيف النفس كثير التهرب .
2- عدم القناعة وعدم التفاؤل بأن النصر سوف يكون لا محالة للمسلمين وأن هذه الأرض سوف تحكم قبل يوم القيامة بلا إله إلا الله محمد رسول الله:
فنرى الكثير من الشباب المتشائمين يقولون بأنه كتب علينا الذل إلى يوم القيامة وان أمريكا هي الحاكمة المطلقة في العالم وأنه لن يغير هذا العالم ولن تتغير موازين القوى إلا بظهور عيسى عليه السلام والمهدي بن عبد الله رضي الله عنه, فنرى مثل هؤلاء الشباب يائسين يعتبرون أن معارك الصحابة وغزواتهم هي حادثة طارئة في تاريخ الأمة لن تتكرر لذلك عندما تذكر فلسطين تراه شبه مقتنع بأنتها لن تتحرر وأن إسرائيل تفعل ما تشاء وكما يحلو لها , و هؤلاء المنهزمين ينسون حقائق التاريخ وأن الحياة كر وفر وأن الله تعالى قال في محكم تنزيله ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)) الأنبياء 105.
فالله تعالى يؤكد بأن وراثة الأرض وحكمها سوف يكون في النهاية لعباده المؤمنين ويجب أن نتذكر بان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نهض بالدعوة إلى الله كان الروم والفرس مسيطرين على العالم ولم يكن احد في العالم آنذاك يتوقع أن تنهار تلك الدول ولكن انهارت بفضل الله وبسواعد رجال الله رضي الله عنهم.
3- رفض كل تجديد والاكتفاء بالتقليد:
فنرى الكثير من علماء المسلمين ومسلميهم متمسكين بأفكار مشايخهم وعلمائهم الأولين ولا يقبلون النقاش وأصبح لديهم فكرة راسخة في الأذهان أن كتب القدماء ومخطوطاتهم لا تقبل النقاش أو النقد فمثلاُ هناك من طلبة الطلب من يتعصب لآراء الإمام أبو حنيفة والإمام مالك الإمام والشافعي والإمام أحمد رضي الله عنهم دون النظر إلى صحة الدليل الذي استندوا عليه هؤلاء الفقهاء وتراهم يرفضون كل مسألة فقهية تخالف المذهب الفقهي الذي يسيرون به وهذا أيضاً عرض من أعراض الضعف النفسي عند بعض علماء وطلاب علم المسلمين لأنه غير مقتنعين بأنهم قد يصلوا إلى مرحلة الدقة والتمحيص أكثر من هؤلاء الأئمة .
نحن لا نقول أننا نترك المذاهب الفقهية الأربعة ولكن نقول لابد عند التقليد من التحري والتدقيق في الأحاديث التي استند عليها هؤلاء الفقهاء رضي الله عنهم فالأئمة الأربعة بشر قد يخطئون وقد يصبون فالتقليد دون تمحيص أو تجديد دليل على انهزام نفسي يعاني منه بعض علماء وطلبة علم المسلمين.
فلو ظننا أن كل تلميذ سوف يكون أقل علماً وشأناً من معلمه فإننا سوف نصل في النهاية - على فرض أن هذا صحيح- إلى جيل خانع كسول غير قادر على إبداء الرأي أو حتى النقاش وإنما يقول فقط قال شيخي كذا! وقال شيخ شيخي كذا ! ...
4- عدم العزة بالإسلام وإخفاء بعض أحكام الإسلام وبعض أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فنرى الكثير من المسلمات يخجلن من وضع الحجاب الشرعي في الدول الإسلامية والدول الغربية لأنهم في حقيقة أنفسهم منهارين ويظنون أن الحجاب الشرعي دليل التخلف وأن الحضارة تكون بسفور المرأة ! وكذلك نرى العديد من شباب الإسلام يخجل من أن يقول هذا حرام في الإسلام وهذا حلال في الإسلام وخصوصاً عندما يجالس بعض الغربيين أو بعض النصارى فمثلاً إذا سؤل لماذا لا تشرب الخمر فيجيب بأنه يؤذي الصحة ويخجل من أن يقول السبب الحقيقي لذلك وهو خوفه من الله ويخجل أن يقول حرام هذا في شريعة الإسلام !.
وكذلك بعض رواة السيرة من علماء المسلمين في دول الغرب يحاول أن يخفي بعض أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم كعدد زوجاته وأمره صلى الله عليه وسلم بقتل يهود بني قريظة وكقصة تأبير النخل وغيرها لأنه في داخل نفسه منهزم ويظن أن هذه الأمور مصدر ضعف في دين الإسلام ؟! ونسي قوله ((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)) آل عمران 139.
5- قلة الثقة بتغير النفس وتغير الواقع وتغيير الآخرين: فنرى الكثير من المسلمين يائساًً منهزما خارجاً من معادلة التغير الاجتماعي الديني ويقوم بالانزواء في الزوايا المظلمة تاركاً أهل المعاصي والفتن يغوصون في معاصيهم دون رقيب أو حسيب متمسكاً ببعض آيات القرآن الكريم التي يفسرها على هواه وعلى مزاجه الخاص ويفسر قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون )) المائدة 105 .بأنه ليس مسؤولاً عن الآخرين ولا يضره إن اهتدوا أم لم يهتدوا .... ويقول بان هذا الزمان زمان فتن وزمان معاصي ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن))رواه البخاري.
لذلك ترى الإنسان المنهزم اليائس يفسر ضعف شخصيته على انه ورع وانهزامه على انه عبادة وعزلته على أنها تفكّّّّر.
ونقول لهؤلاء المسلمين إذا جميعنا اعتزل الساحة فمن إذاً للإصلاح و إذا كلنا ابتعد عن ساحة التغير فمن يرد على المنافقين ومن يرد على المجاحدين إذا نحن تركنا الدعوة وإذا نحن تركنا الإصلاح وكيف ننسى قوله تعالى ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله....)) آل عمران 110.
6– الضياع والتشتت وعدم الطموح لتحقيق أي شيء أخروي أو دنيوي يفيد المسلمين:
فنرى الكثير من المسلمين يمضون الساعات الطوال بل حتى الأيام والسنين دون هدف ولا غاية وإذا سألته لماذا أنت موجود في الحياة يقول لك لا أعرف وأحياناً يقول لك لأعبد الله رغم أن واقعه العملي يدل على انه ضائع وإجابته بأنه مخلوق لعبادة الله هي إجابة تلقنها دون أن يشعر بلذتها أو ما يترتب عليها,وإذا جلست معه قد تراه طبيباً أو مهندسا أو حافظا للقرآن أو فقيها ومع ذلك تراه فاقداُ للطموح.
فمثلا الكثير من طلاب الجامعات بعد تخرجه لا يفكر أن ينشر أية مقالة باختصاصه في الانترنت أو الجامعة وتوقف تحصيله العلمي عند تخرجه فما هي إلا سنوات قليلة بعد التخرج إلا تراه تحول إلى آلة أو إلى رجل آلي ينام يأكل يعمل , هذه هي الحياة في نظره ولا يفكر بتطوير نفسه ولا يطمح بأن يقدم إلى اختصاصه أي شيء .
وكذلك حال بعض طلاب العلم الشرعي فنجده يتخرج من كلية الشريعة ثم بعد تخرجه لا يتابع تحصيله العلمي ولا يفكر بأن يلقي محاضرة يعظ بها الناس أو يؤلف كتاب يفيد فيه مكتبات المسلمين وإذا سألته عن السبب يقول لك هناك الكثير من الكتب تغني عن الكتاب الذي سوف أقوم بتأليفه ولن يقوم أحد بقراءته فالمكتبات عامرة بالكتب ولا تجد من يقرآها, ومثل هؤلاء اليائسين المنهزمين انهزموا وخرجوا من معادلة الإصلاح والتغيير.
7- الاعتماد على القصص والأحاديث الموضوعة في وعظ الناس ونفي بعض الروايات الصحيحة التي يطعن من خلالها بعض الناس في حقيقة الإسلام:
من أشكال الضعف النفسي عن بعض المسلمين هو الاستدلال بالأحاديث الموضوعة و القصص الموضوعة وشديدة الضعف في وعظ الناس وفي دعم بعض المعتقدات والأفكار وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على انهزامهم وضعفهم في توجيه وهداية الناس إلى الحق فشدة ضعفهم و انهزامهم جعلهم يعتمدون على القصص المكذوبة لدعم أفكارهم .
فالمسلم الواثق من صحة دينه وعقيدته لا يتكلم إلا حقا ولا ينطق إلا حقا ولا يعتمد على الخرافات والأوهام لإثبات صحة ما يدعو إليه فدين محمد عليه الصلاة والسلام دين الله غني عن الكذب ففيه من الصدق كله وفيه القوة كلها, وكذلك بعض طلاب العلم من المسلمين عندما تطرح بعض الروايات التي قد تخالف العادات والتقاليد السائدة يسارعون إلى تضعيف هذه الروايات ورفضها ونسخها , دون بينة ولا دليل وإنما فقط لأنها تخالف عاداتهم وتقاليدهم .
و السؤال الذي يطرح نفسه مادمنا متفقين على أن الله عز وجل هو من شرع لنا الشريعة وأن دين الإسلام هو دين الحق فلماذا هذا الانهزام والضعف؟!
وليعلم الجميع وأنا منهم بأن شريعة الله جاءت لتسعد البشر وتحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسي فعدم قبولنا لشيء وعدم اتفاق عادتنا مع شيء لا يجعله حراما فما هو غير مقبول لك قد يكون مقبول عند غيرك والعكس صحيح ويجب أن ندرك بأن الله عليم خبير عليم بنفوس وخبايا عباده وخبير بها.....
8- العرض الثامن هو عرض الذي يصيب المثقفين من المسلمين وهو الانبهار بالحضارة الغربية وإخفاء الشخصية الإسلامية عامة والعربية خاصة:
فنجد الكثير من أصحاب القرار ومن مدراء الشركات وخصوصاً التابعة للقطاع العام- القطاع الحكومي- منبهرين ومسلمين للفنيين الأجانب فنجد, مثلاً خبير عربي مسلم قد يكون برتبة بروفسور كثيرا ما يقول أفكار صحيحة ومع ذلك لا نجد من يسمع له وعندما يتحدث فني أجنبي قد لا تكون شهادته من رتبة معهد متوسط نجد أن الكثير من أصحاب القرار يسارعون إلى تطبيق هذه الفكرة دون تدقيق أو تمحيص؟!.
فنرى اليوم الفني الفاشل في بلاد الغرب الذي لا يجد فرصة عمل في بلاده أول ما يفكر به هو أن يأتي إلى بلاد المسلمين وخصوصاً البلاد العربية لأنه واثق بأنه سوف يجد فرصة عمل قد لا يحلم بها البروفسور المسلم العربي الناجح في بلده ؟! وأصبح هذا الشيء علني فمثلاً توجد إحدى الدول العربية المسلمة المنهزمة المنبهرة بالغرب عندما يوظفون مهندسين أو أطباء لديهم فإنهم يعطون الراتب على الجنسية فالذي جنسيته مصري أو سوري يأخذ راتب لا يساوي ربع راتب الأمريكي أو الفرنسي رغم أن المسلم المصري أو السوري قد يكون أكفء علمياً وخلقياً بعشرات المرات من هذا الغربي وإن دل هذا على شيء فهذا يدل على انهزام نفسي يعاني منه هؤلاء المنهزمين.
9- عدم التمييز بين ما هو جيد وواجب أخذه والاستفادة منه من غير المسلمين وبين ما هو خبيث وسيء يجب عدم أخذه وقبوله من غير المسلمين: فالمسلم لا يتعلم من غير المسلم أصول التعامل الاجتماعي وأساس التنظيم الاقتصادي لا بل نتعلم من القرآن والسنة الصحيحة أمور ديننا وبناء مجتمعنا فالصدق والإخلاص وعدم قبول الرشوة وعدم التعامل بالربا نتعلمه من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم أما أمور الدنيا من اختراعات وابتكارات ووسائل أخرى فالواجب على المسلم أن يستفيد منها من أي شخص كان كافر أو مسلم فنحن لا نرفض السيارات لأنها صنع أمريكا وفرنسا وبريطانيا ولا نرفض ابتكاراتهم العلمية ونقول هؤلاء ملحدين لا نتعلم منهم .
فمادام الأمر متعلق بشأن من شؤون الدنيا فلا مانع بل وواجب أن نتعلمه من صديقنا أو عدونا لنساير التقدم ولكن عندما يكون الأمر يتعلق بالعقائد والمعاملات والعبادات فلا نتعلم إلا من محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه فهو القائل ((....صلُّوا كما رأيتموني أُصلي...))رواه ابن حبان في صحيحه. وهذا الحديث لا يشمل الصلاة فقط بل ويشمل كل شيء شرعي يجب أن نتعلمه ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جهة أخرى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((...أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ...))رواه مسلم. فهذا الحديث يفتح لنا جميع الخيارات في الأمور الدنيوية للابتكار والاختراع والتعلم مادام لا يتعارض مع شريعة الله عز وجل.
10- الاهتمام بتقليد شخصية عصرية في العبادة والعقيدة والمعاملات وجعل هدف الوصول إلى هذه الشخصية هو الهدف والطموح ونسيان أن القدوة الحقيقية هي الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذه الفكرة تجعل الإنسان محدود الطموح فأنت تفكر أن تكون مثل شيخك – رغم انه قد يملك الكثير من الأخطاء- وهذا يجعل قدوته معلمه ولا يفكر بأن يكون أفضل منه فتراه منهزماً خاضعاً فلا يجرئ على مناقشة معلمه , وينظر إلى مؤلفاته على أنها سحر من عالم الخيال من المستحيل أن يؤلف مثلها فلذلك عندما يخطئ المعلم أو الشيخ نرى هذا الخطأ ينتشر من تلميذ إلى تلميذ دون تدقيق أو تمحيص .
وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على انهزام نفسي واستصغار للنفس من قبل الطالب أو من قبل المتعلم وهذا خطأ كبير فالإنسان يسعى لنيل المستحيل ليحصل على الممكن وهذا ما ربى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وهذا ما ربى الصحابة عليه أبناؤهم.
فهذا علي بن أبي طالب _رضي الله عنه_ يربي أحد أبنائه إلى التطلع للأحسن، فقد ورد عن علي بن أبي طالب: (أنه سأل ابنه: تريد أن تكون مثل من ؟ فقال له أحد أبنائه: أريد أن أكون مثلك، فقال له: لا بل قل إنك تريد أن تكون مثل رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لأنك إذا كان هدفك أن تكون مثل علي فلعلك لا تصل إلى علي ؟ ولو كان هدفك الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وهو قدوتك، قد تكون أفضل من علي بن أبي طالب).
11- عدم الواقعية في الحديث عن قدرة العدو وتقدمه الفكري والحضاري وإعطاء واقع المسلمين مميزات وخصائص قائمة على الوهم غير واقعية وغير موجودة :وهذا أيضاً يعتبر من الضعف النفسي والخنوع والوهم الذي قد ينتاب الكثير من المسلمين فتراه يتحدث عن أمريكا وإسرائيل بأنها ضعيفة وأنهما منهزمين وان العرب والمسلمين أقوى من كل دول العالم, وتراه يتحدث ويتحدث ويصور لك قوة المسلمين حتى تظن نفسك تعيش في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنك تعيش في عهد الخلفاء الراشدين وهذا التفاؤل الغير واقعي الذي ينادي به بعض الدعاة يجعل من الإنسان المسلم يعيش حالة من الخيال وحالة من الوهم وحالة من التواكل والراحة وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على انهزام نفسي وهروب من الواقع عند بعض المسلمين .
فالمسلم الصحيح الواقعي هو الذي يعطي الأمور حجمها الواقعي دون زيادة أو نقصان فنحن لا نقول أن أمريكا وإسرائيل وغيرهم من الدول الاستعمارية أنهم دول ضعيفة ونبسط الموضوع كثيراً ولا نقول بالمقابل أن أمريكا وإسرائيل هما الحاكمين المطلقين في الأرض ويفعلون ما يحلوا لهما , وإنما التصرف الصحيح هو أن نعترف بقوة أمريكا و إسرائيل ولكن يجب أن نؤمن بقول الله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) محمد 7 .فعندما نعود إلى عقيدتنا وإلى ديننا بشكل صحيح فإننا إن شاء الله نحن الغالبون وعندما ننصر الله حق نصره فإن الله ينصرنا ولن يتركنا والله على كل شيء قدير.
12- الاقتصار على مسائل إسلامية بسيطة ومفاهيم سطحية في تربية الشباب المسلمين وترك مسائل التوحيد والعقيدة: وهذا العرض يصيب بعض دعاة وعلماء المسلمين فتراه يؤلف الكتب العديدة حول الأذكار والأوراد و التزكيات ولا يؤلف كتب في مجال التوحيد والعقيدة وإذا سألته لماذا لا تناقش أمور العقيدة وتدحض الشبهات المثارة حولها والتي أصبح من الضروري التصدي لها يقول: نحن نشغل الناس بالأذكار والأوراد ولا داعي لأن نناقشهم في أمور العقيدة والتوحيد لأنهم والحمد لله مسلمين ويؤمنون بأن الله واحد أحد فرد صمد.
ولكن السؤال الذي نطرحه لهؤلاء الدعاة ماذا لوترك هذه الإنسان تلك الأذكار والأوراد وراح يناقشه بعض الناس بأمور العقيدة و التوحيد ؟ النتيجة ستكون بحسب ما نجده في واقع بعض المسلمين بأن عقيدته سوف تهتز و قد تنهار والعياذ بالله عند أول امتحان فكري أو نقاش عقائدي لانعقيدته بالأساس غير قوية وفكره غير سليم وإنما جسد بدون عقل جسد يقوم بالعبادات وينسى التفكر هذا من جهة ومن جهة أخرى إن أول ما بدأ به الرسول الأعظم عندما دعا الناس عامة وربى أصحابه خاصة على التوحيد والعقيدة السليمة وكان الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام يوصي أصحابه بالبدء بالعقيدة والتوحيد ثم الانتقال إلى المسائل الفرعية الأخرى وإن عقيدة الإسلام والحمد لله يفهمها الطفل والشيخ والعالم والجاهل فهي عقيدة بسيطة تخاطب العقل والقلب بأسلوب فطري بسيط دون تعقيد فالرسول عليه الصلاة والسلام يعلمنا ذلك بقوله لعبد الله بن عباس رضي الله عنه -والذي كان طفلا –

فهنا نلاحظ كيف رسولنا ومعلمنا الكريم صلى الله عليه وسلم قام بترسيخ العقيدة السليمة في نفس ذلك الطفل والذي أصبح علماً من أعلام الصحابة وهذا الحديث بحسب ما ذكره العديد من رجال العلم بأنه اشتمل على نصف عقيدة المسلم .
والحديث السابق فيه حجة قوية وجلية وهي أن نبدأ أولاً ببناء العقيدة في نفوس الناس ولا نقول هذا صغير وهذا غير واعي بعد فعقيدتنا والحمد لله خالية من التعقيد وإن رأينا شخص ما يقول بأن عقيدة الإسلام صعبة وتحتاج إلى عقول ناضجة لتدركها , عندها يجب أن نعلم أن ذلك الشخص إما أن يكون جاهلاً لعقيدة الإسلام أو بعيداً عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13- إهمال الجانب الديني الدعويللمرأة والنظر إلى المرأة بنظرة مقتبسة من أفكار العصر الجاهلي أو النظر إلى المرأة بمنظار الدول الغربية السافرة:
أولاً: النظر إلى المرأة بنظرة دونية يعد من مظاهر الضعف النفسي الذي أصاب غالب المسلمين: فالمرأة كالرجل لها حقوق عليها واجبات هذه الحقوق والوجبات يجب أن تكون مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله وليست من العادات والتقاليد البالية فنرى بعض المسلمين يعتبر دور المرأة فقط للطبخ وللنكاح ولطاعة الزوج وتربية الأولاد ويحرمها من حقها في التعلم وحقها في التعليم .... بل والأخطر من ذلك يمنعها من حضور دروس العلم في المساجد ومن شهود صلاة الجماعة والصلوات المسنونة كصلاة التراويح وإذا سألت ذلك المسلم لماذا تمنع زوجتك من الذهاب إلى المسجد فيقول هناك حديث بما في معناه أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من الصلاة في المسجد .... و لكن ذلك المسلم المنهزم أمام التعصب والتزمت والجهل والتخلف قد نسي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ الله مَسَاجِدَ الله» رواه مسلم. وهناك الكثير من هذه الحالات وقد سميتها انهزاماً نفسي لأن في الغالب مرد ذلك إلى التعصب ضد المرأة وهذا مبعثه التزمت وعدم الإنصاف، والغيرة المذمومة التي جاء بها الحديث: " إن من الغيرة ما يبغضه الله و رسوله .....” رواه ابن حبان في صحيحه، وهي: الغيرة في غير ريبة.
فالمسلم مادام رضي بالله عز وجل ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالإسلام دينا إذا فيجب عليه أن يحتكم إلى شريعة الإسلام ويدع العادات والتقاليد والأفكار التعصبية العمياء وأن يتخذ جانب الإنصاف وأن يستوصي بالنساء خيرا .
وإن التعصب الأعمى ضد حقوق المرأة التي أعطاها الله إياها ينتج عنه مخالفة الله تعالى وتعطيل بعض أحكام القرآن ومنها قوله تعالى ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) التوبة 71 .
فهذه الآية واضحة أشد الوضوح بأن على المؤمنين – رجال- وعلى المؤمنات – نساء- أن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...... فإن منعنا المرأة من الخروج لتعلم علم الدين في المسجد أو في أي مكان آخر طبعاً ضمن الضوابط الشرعية وكان الزوج غير مهتم بتربية زوجته التربية الدينية وذلك بسبب انشغاله بمشاغل الحياة أو لأنه غير كفء أصلاً ليعلمها فماذا ستكون النتيجة ؟ طبعاً ستكون جهل المرأة بأمور دينها وعدم تربيتها التربية الصحيحة لأولادها و.... لذلك كل يوم نسمع قصة جديدة عن نساء تعرضن لكثير من حالات الغش والاغتصاب على أيدي بعض لعنهم الله ولعن من اتبعهم.
و السبب في ذلك هو جهل المرأة بأمور دينها والذي يحمل وزره الرجال المتعصبين والمتزمتين حيال المرأة وكذلك الآية الكريمة تمتدح من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقيم الصلاة... رجالاً ونساء دون تمييز فكيف تأمر المرأة بالمعروف وتنهى عن المنكر وهي لا تفقه شيء في أمور دينها... إذاً فمن ينصح السافرات من النساء في الشوارع ومن يعظهن فإذا رجل اقترب لنصيحتهن قلنا له : انتبه ممنوع الاقتراب والتكلم وإذا اقتربت امرأة منعنها زوجها أو أبيها أو أخيها بل وحتى قد يضربها ... فتكون النتيجة بأننا قد عطلنا حكم الله في الأمر في المعروف والنهي عن المنكر وحكمنا على الظواهر والعلاقات الاجتماعية بحكم يخالف حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول محذراً من ذلك بقوله ((...و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) المائدة 44.
ثانياً- النظر إلى المرأة بنظرة مقتبسة من الدول الغربية السافرة من أعراض الضعف النفسي الذي أصاب غالب المسلمين : كذلك الحال إعطاء المرأة مكانة لم يعطيها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للمرأة ودعوة المرأة إلى السفور والفجور والتبرج يعد أيضاً من مظاهر الضعف النفسي التي يعاني منها بعض المسلمون وخصوصاً طلاب الجامعات والمسلمين القادمين من بعض الدول الغربية فنراه ينظر على أن الحجاب تخلفا وأن الإسلام قيد المرأة وحرم حقوقها ...! ونجده منبهراً بنظرة الغرب إلى المرأة وفي كل حديثه يقول يجب تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة وللأسف المساواة التي يتحدث عنها ذلك المنهزم هي المساواة في الزينة والتبرج والخروج من المنزل والنزول إلى الأسواق والعمل والنوادي دون حسيب ولا رقيب هذا ما يسميه بالمساواة !.
الإسلام يريد من المرأة أن تكون لؤلؤة مصونة وذلك المنهزم وأمثاله يريدونها سلعة رخيصة يراها البار والفاجر ويكسر حياؤها المنافق والفاسق ويطمع بها المخادع والماكر.
إن الإسلام ليس كما يظنه أو يدعيه البعض بأنه دين مساواة لا إن الإسلام دين عدل معنى كلمة عدل هي أن تكون حقوق الإنسان وواجباته تتماشى مع قدرته ومواهبه فحساب العالم عند الله غير الجاهل وحساب القوي المتخاذل عن الجهاد غير حسب الإنسان الضعيف الجبان فحساب المرأة المقصرة أو الرجل المقصر الذين تتهيأ لهم الظروف والمقومات ويجدون من يشد على أيديهم ليخدموا دين الله ليس كمثل حساب الرجل أو المرأة الذين لم يجدوا من يساعدهم ويقويهم على خدمة دين الله فالله تعالى يقول ((......هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب )) الزمر9. فهذه الآية تبين وبشكل واضح أن الذي يعلم غير الذي لا يعلم فالذي يذوق حلاوة العلم الشرعي المتجدد والدعوة إلى الله والحب في الله والإخلاص مع الله غير الذي لا يذوق تلك النعم فبقدر العطاء يكون الحساب .
فموقف الإسلام تجاه الذكر والأنثى واضح كل له خصوصيات وعليه واجبات فمثلاً جعل الإسلام للرجل فضل القوامة على المرأة بقوله تعالى ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم...)) النساء 34. فقوامة الرجل على المرأة معناها الإحاطة والاعتناء والتولي وأنه هو المسئول عليها فالذي يقول بأن المرأة لها حرية التصرف في بيت زوجها وتربية أولادها كما يحلو لها مخطئ بل الرجل هو القيم على البيت وهو المسئول عنه وهو ولي أمر أولاده وبناته0
ومثال آخر عن أبي بكرةَ قال: «لقد نَفَعَني اللهَ بكلمةٍ أيامَ الجملِ، لما بَلَغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فارساً مَلَّكوا ابنةَ كِسرَى قال: لن يُفلحَ قومٌ ولَّو أمرَهُم امرأة».رواه بخاري
فهذا الحديث يدل وبشكل واضح على عدم تولية المرأة للشؤون العامة للرجال لأن الرجال هم القوامون على النساء وليس في عدم تولية المرأة على الرجال انتقصا من حقها أو من مكانتها كما يروج إليه بعض المفتونون بالفكر الغربي لا وإنما صوناً لها وحفاظاً عليها وحمايتها من الأخطاء لأن المرأة بطبعها عاطفية حنونة بسيطة فطرية فقد تقودها هذه البراءة إلى الكثير من الأخطاء هي بغنى عليها وخصوصاً عند توليها لرجال يجيدون فن المكر والخداع ويستغلون براءة المرأة لتحقيق مصالحهم ولو على حساب أنوثتها وعلى راحة منزلها وهؤلاء المنافقين من الرجال أصلحهم الله ولعن المعاد المتكبر فيهم قد وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفاً دقيقاً بقوله ((يَحْرُجُ في آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بالدِّينِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنَ الِّلينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ السُّكَّرِ وَقُلِوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ. يَقُولُ الله عز وجل أَبي يَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ؟ فَبِي حَلَفْتُ لأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ مِنْهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرَاناً))رواه الترمذي.
و عندما نتكلم عن حنان وعطف المرأة وبراءتها فلا يفهم من هذا الكلام أن هذا انتقاص للمرأة لا وألف لا فهذه النفس اللطيفة البريئة التي تتمتع بها المرأة جعلتها تمتلك قدرة كبيرة جداً في الصبر على تربية الأولاد بعكس عموم الرجال اللذين لا يستطيعون الصبر على تربية الأولاد وهناك العديد من الأمور الإيجابية الجوانب الخيرة التي يمكن أن تفيد المرأة بها الإسلام لعل الله يوفقني في الحديث عن ذلك في محاضرة أخرى إن شاء الله.
فيا أمة محمد عليه الصلاة والسلام الله الله في صون النساء الله الله في أعراض النساء الله الله في الحفاظ عليهن من كل منافق فاجر .
ويا شباب الإسلام لا تنسوا وصية أبا الزهراء صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي يوصي الأمة بالنساء بقوله ((....اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً))رواه مسلم في صحيحه.
تعليق