كم من مرة تعرضنا كأطباء في الجلسات الخاصة او عبر الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع الى ملاحظات سخرية ولاذعة عن فشل الطب في عدة مجالات منها القضاء على السرطان ومرض نقص المناعة المكتسب AIDS وحتى الزكام! وتحملنا هذا التهكم بصبر وقناعة مرسخة في عقولنا اننا في اخر المطاف سننتصر على هذه الامراض وغيرها بمعونة الله سبحانه وتعالى ومن ثم مجهود العلماء والباحثين والوف الاطباء الذين قبلوا هذا التحدي وهم يعملون بكل تفانٍ وجهد وعزم للتوصل الى الحلول الطبية التي تساعد على محاربة الموت وتسكين الآلام والقضاء على الامراض المستعصية ومنح المريض رفاهة وسعادة الشفاء والعافية. ولا داعي الى تذكير هؤلاء الساخرين عن الانجازات العظيمة التي حققها الطب في القضاء على امراض كثيرة منها مرض الجدري وشلل الاطفال وغيرها وتقدم جراحة القلب وزرع الاعضاء مع الحصول على نتائج مميزة والتوصل الى مسح كامل للجينات والتعرف على اسباب السرطان الجينية ومعالجة الكثير من الأمراض المستعصية منها بعض انواع السرطان بنجاح لم نتخيله منذ بضعة سنوات. ولكن كل هذه الانجازات والابتكارات ليست كافية في رأي بعض المشككين الذين يطلبون المزيد من البراهين عن تقدم الطب وقدرته على رفع التحدي وتوفير علاجات فريدة وابتداعية. هل يعلم هؤلاء ان بعد النجاح في مسح الجينات الكامل وتفهم دور خلل هذه الجينات في تسبب عدة امراض وراثية او مكتسبة كالسرطان مثلاً يحاول الان الوف الباحثين دراسة البروتينات المفروزة في الخلايا المشوهة من الجينات الشاذة لمحاولة تصحيحها ومنعها من تحويل الخلايا السليمة الى خلايا سرطانية والحد من انتشارها اذا ما تكونت باستعمال مضادات خاصة بها او باستعمال عقاقير تقضي على المواد الكيماوية التي تكون الشرايين التي تساعدها على الانتشار او المواد التي تسمح لها باختراق الانسجة الطبيعية وغزو الجسم. ومن الابتكارات الحديثة دراسة مولد المضاد الخاص بالخلايا السرطانية واستعمال اللقاح الخاص وهنالك امل جديد للالوف من المصابين بامراض القلب المستعصية الذين ينتظرون الحصول على قلب شخص حيث يزرع لهم فقد تم بنجاح استعمال قلب اصطناعي في الولايات المتحدة لرجل يشكو من فشل شبه تام في عضلات قلبه ولم يبقَ له الا بضعة اسابيع للعيش وهو لا يزال حيا ونشيطاً بعد سنة من اجراء العملية. وهنالك ايضاً جهازات ميكانيكية لاستبدال قسم فاشل من القلب كالبطين الايسر تسمح للقلب بالقيام بوظيفته بدون الحاجة الى زرع قلب من شخص متوفى او استعمال قلب اصطناعي. وبرقت امال جديدة للمصابين بفشل الكبد اذ استطاع فريق من الاطباء في جامعة ميتشيغان في الولايات المتحدة من اختراع كبد اصطناعي يساعد الجسم عن التخلص من المواد السامة المتراكمة فيه نتيجة الفشل الكبدي وقد تم استعمال هذا الجهاز بنجاح لدي بعض المرضى . واستطاع ايضا فريق طبي في الولايات المتحدة من استعمال رئة اصطناعية زرعت بنجاح في الاختبارات الحيوانية وهي تستطيع ان تقوم بعمل الرئة بنسبة 50%.
ومن الابتكارات الاخري استعمال الخلايا "الجزئية" المستخلصة من الجنين او من خلايا المريض الدموية لمعالجة عدة امراض منها السرطان والشلل ومرض الذهيمر و"البركنسية" وغيرها وقد تفتح في المستقبل آفاقاً جديدة لمعالجة الامراض الوراثية كداء السكري وغيره وتصنيع اعضاء بديلة لكل أعضاء الجسم. وهل يصدق القارىء انه تم بنجاح تصنيع اطراف اصطناعية كالذراع والرجل واستعمال جهاز الكتروني يسمح للضرير ان يميز الصور وللأصم ان يسمع والمريض الذي فقد قدرة التكلم بعد عملية جراحية ان يتكلم ومن عجائب الطب النجاح الباهر الذي حققه فريق اطباء فرنسيين بتصحيح خلل جيني عند طفل ولد بدون اي جهاز مناعي في جسمه فاعطوه امل العيش الهنيء والطبيعي بدون الاصابة بالالتهابات التي كانت قد قضت عليه.
ومن الانجازات الطبية المميزة والمبدعة التي تحمل امالاً جديدة لمعالجة اكثر الامراض المستعصية" ..... الدماغ" الذي يزرع في الصدر ويبث التنبهات الكهربائية الى الدماغ لتخفيض درجة تقبض العضلات واهتزاز الاطراف التي تصيب مرضى" "البركنسية" واستعمال اضراس مصنوعة من الخلايا الجزئية لاستبدال الاضراس المخربة، واستبدال المتانة المصابة بالسرطان بمثانة اصطناعية، وحقن غضروف جديد مصنوع من ملايين من خلايا غضروف مستأصل من جسم المريض ومزروع في المختبر في ركبة المريض المصاب بضمور او تخريب غضروفه الطبيعي. وتم ايضاً اختراع دواء جديد نجح في المختبر في الحد من تقدم مرض السكري الخلقي وذلك سيعطي املاً جديداً في معالجة هذا الداء والوقاية من مضاعفاته واما بالنسبة الى سرطان الرئة وهو القاتل الاول في الولايات المتحدة واوروبا تم استعمال جينات مصنوعة في المختبر والمحقونة في الدمم تؤدي الى استبدال الجينات المشوهة او المفقودة عند المريض فتحث الخلايا السرطانية الى الانتحار.
هذه بعض الانجازات الطبية التي فتحت افاقاً جديدة براقة لمعالجة الكثير من الامراض المستعصية واعطت امالاً جديدة للمصابين بهذه الامراض من الشفاء منها بمعونة الله سبحانه وتعالى وهو الشافي الرحيم.
فاننا نتطلع الى المستقبل بتفاؤل وايمان ونشعر بالاعتزاز لما قدمه وسيقدمه الطب من ابتكارات مدهشة وفريدة ان شاءالله وحبذا لو ينفق على الابحاث الطبية جزءاً ضئيلاً مما تنفقه الدول على الاسلحة المدمرة الفتاكة لاستطاع العلماء الانتصارعلى الأمراض وقهر اغلب الامراض المستعصية منذ زمن طويل.

منقووووووووووول