بسمه تعالى الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الانام
وعلى اله الكرام وعجل فرجهم
ولا تفرق بيننا وبينهم
السلام عليكم
بعد جفاف القلم
نعود لنكتب هذا الحوار القصصي بتواضع حروفه واسلوبه
فنرجو القبول


لقد حان الغذاء هذا ابريق الماء
بيت معطر وبخور فواح
زوجة راعية للبيت والأولاد والزوج
هي الأم ... هي الأب ..
هي الحنان .. هي العطاء
ابريقها مملوء بالماء تسكبه على يد زوجها قبل الطعام وبعده ...
عطفها مسدول شكلها جذاب مرموق
عطاء بلا حدود ...
ماذا بعد !!
هذه هي زهراء ....
ابتسامة مشرقة
زوجة لابن عمها عبد الله
قضت عمرها جليسة البيت في خدمة الزوج والأولاد
تحرص على مال زوجها ولا تصرف منه شيئا
الا في حضوره انقطعت عن زيارة الأهل
حرصا منها على الحضور اثناء وجود زوجها
كل طلباته مجابة ..
فماذا بعد ؟!!!
ملخص لــ حياة زهراء المرأة المؤمنة المثالية الطائعة
نطرحه على شكل حوار قصصي
ابن عمي ..
حان وقت الغذاء
هذا هو ابريق الماء
دعني أغسل يديك
تتعب وتشقى لا بد لك من راحة وغذاء جيد
سم بالله يا بن العم وتفضل ...
احضرت ما تحبه
هذا تمر وماء وهذه التفاحة الحمراء ..
اشكرك يازهراء ...
ولكن .... لماذا أنت هذا اليوم حزينة مهمومة ؟
تبدين متعبة ...
لا .. يا بن العم
إنه ابنك أحمد وقع من مرتفع وانكسر ذراعه ..
إنه بحاجة إلى عناية طبيب يا عبد الله
طبيب .. لا داعي سيتشافى باذن الله
هذه شقاوة أطفال ..
لا تبالغي يازهراء سيتعافى .
لا تخافي ..
لكن .. ....... لكن ماذا ؟
إن ابننا يتألم ويصرخ من شدة الألم ...
بابتسامة باردة ينظر إليها قائلا :
قلت لك لا تخافي انتن النساء هكذا تبالغن في الأمور
إن الله معه سيتعافى لا تخافي عليه
مر يومان من الحادث ...
بألم وحسرة على طفلها الصغير قالت زهراء :
عيد الله لقد تورمت يد ابنك أحمد وتغير لونها
بابتسامة باردة أيضا .. جاء نفس الرد
لا .. يازهراء بضحكات هادئة وابتسامة ثلجية
إنك تبالغين في الأمر هذا سبع ... لكن ...
إذا كنتِ خائفة عليه اذهبي به مع أخيك إلى المستشفى
واطمئني عليه ......
اخفت زهراء دموعها وشاحت بوجهها لكي لا ير دموعها
بصوت خافت تملؤه العبرات
قالت :
حسنا يا عبدالله ..
هبت مسرعة .. واتصلت لأخيها علي ..
أخي أن ابني أحمد متألم ذراعه مكسورة
هل تستطيع أن تذهب معي إلى المستشفى ؟؟
نعم يا أختي .. سأحضر حالا ..
جهزي أحمد ...
لحظات معدودة .. جاء أخوها علي
وذهبوا جميعا إلى المستشفى..
بعد فحص ذراع أحمد .. أكد الطبيب أن أحمد في حالة خطيرة
ولو لم يأتي بسرعة لفقد ذراعه لتأخره في العلاج
حمدت زهراء الله وشكرته على انقاذ ابنها وحمايته ورعايته له
مرت الأيام .. وظلت زهراء كما هي
حبيسة الدار
تكنس .. تطبخ .. تنظف ..
تعلم .. تربي وتوجه
تغسل يد الزوج وترشحه بالورد وتبخر ثيابه
فهي .. الام والأب معا ..
تهتم بالزوج والأولاد ..
كان لديها بنتين وولدين
كبروا وتزوجوا ..
ولا زالت تحمل كل شئ على عاتقها
ولكن .. لم تعد كالسابق ... أيام شبابها
لقد بان الشيب في رأسها
وتغير جسدها وضعفت قوتها
كبرت في العمر ..
ولكن لم يستمر هذا الوضع على حاله فقد تغير كل شئ ..
كان في بيت زهراء يقام مجلس للعزاء يوم الأثنين
تجتمع بعض النساء لاستماع المجلس
وبعض انتهاء القراءة ينصرفن إلا ... صفية ..
كانت تحيك الخطط لاستجذاب زوج زهراء إليها
بالكلمات المعسولة والضحكات العاليه والكلام المصطنع
كان زوج زهراء يتضايق بعض الشئ في بادئ الامر
ولكن صفيه تراقبه بعينيها وتلاحقه أينما ذهب
في ذهابه وإيابه ... تحاول أن تبين له أنها مسكينة بحاجة إلى المال
وبحاجة الى رجل يعيل أولادها ... تطلب المساعدات المالية
كانت عندما تحادثه تحاول وصف نفسها بالمهارات المختلفة .وإنها أمرة فاضلة .....
مرت الأيام ..... ولم تحس زهراء بما تفعله صفية
لم تتوقع إنها أمرة ماكرة
كانت حسنة الظن بها ترحب بها في بيتها وتكرمها وتحادثها بالطيب
وتساعدها عند الحاجة وتطلب من زوجها عبد الله ان يساعدها ويذهب لقضاء حوائجها
في أي عهد تعيش زهراء !! .. لم تعد الدنيا كما هي سابقا
أصبحت الأنانية حلت تلبس في هذا الزمن ... كل في شانه
مرت الأيام وهي على هذا الحال ...
بدأت صفية تحبك الخطط أكثر وأكثر وبكل جهد
للزواج من عبد الله .......
تجلس عندما يخرج الجميع أثناء حضور عبد الله وزوجته زهراء ..
تحاول أن تجمل نفسها لـــ عبد الله
وتصف نفيسها بانها أمرة ماهرة في الطبخ
سريعة الحركة .. ماهرة بالحديث ... سريعة البديهة
مرحة ... و جميع الخصال الحسنة فيها وكل ما يحبه الرجل من صفات
ومن تحت قناع الخبث تتطاول على زهراء بصوت عال وهي في بيتها ..
زهراء : أنت لا تجيدين الطبخ
لماذا لا تتعلمين جميع الطبخات لكي تطبخين لزوجك عبد الله
هذا الرجل الطيب ...
الرجل يحب المرأة الماهرة في كل شئ
لقد كبرتِ يازهراء وبدأتِ لا تهتمين بشكلك ..
انظري إلي كيف البس وكيف اتزين !
الرجل يريد المرأة المتألقة الجميلة
أنت هائة أيضا وغير مرحة الرجل لا يحب البرود
وتسترسل صفية بضحكات عالية لتغيض بها زهراء ...
كان عبد الله يسمح حوارهما .. وهو صامت
تكرر هذا المشهد كثيرا ..
حتى وقع الزوج في فخها وأنانيتها
تزوجها بسرية وبسرعة بعيدة عن زهراء
وسكن معها في بيت أبنائها بالرغم من كثرة عددهم
اختفت صفية عن أنظار زهراء فقطعت زيارتها
.. لاحظت زهراء على زوجها عبد الله التغيير الكلي
والانصراف عن المنزل والغياب المستمر ...
وزيادة الاهمال بشؤونها ..
حرمها الحنان وانصرف الى الزوجة الثانية ..
كل الأموال مباحة لــ زوجته الثانيه صفيه وكذلك السفر للسياحة
وحرمان زهراء من ابسط حقوقها ..
في يوم من الأيام وبعد سنين من الاعتكاف في المنزل
قررت أن تخرج غلى عالم الناس
وأن تذهب الى مجالس العزاء القريبة من المنزل ..
وبينما هي جالسة في إحدى المجالس
لمحت بعض النساء يتغامزن ويهمسن إليها من بعيد بنظرات غريبه ..
ثم تقربت احداهن وقالت : زهراء يقولون إن زوجك عبد الله تزوج بامرة اخرى ..
ماذا ؟؟!!
نعم يازهراء هذا ما سمعناه من الناس ..
من هي ؟؟
انها صفية التي كانت تزورك وتجلس معك في منزلك
يا إلهي
نهضت من مجلسها وهي لا تعي ما تفعله مشدوهة من الأمر
كان الخبر كالصاعقة طعنها في القلب وأوجع رأسها
أظلمت الدنيا حولها وسارت في الطريق وهي لا ترى إلا الظلام
لا لا أصدق ان بعد كل هذه التضحيه والصبر والعطاء
يتزوج عبد الله بأمرأة غيري !!
لماذا هل قصرت في حقه ؟
هل تركته دون رعاية او مأكل ؟!
هل ... وهل ....
لماذا ؟...
آه حسرة أحس بصداع قوي آه ضاع عمري في خدمته
هذا ما حديث به زهراء نفسها اثناء طريقها إلى المنزل ..
وصلت المنزل وبينما هي متجهة الى غرفتها ..
سمعت رنين الهاتف ..
من .. قهقهات وشتائم وسب
من ... أنا صفيه ..
اسمعي لقد تزوجني عبد الله وهو يحبني و الآن هو معي
فلا تزعجينا باتصالك ولا تسألي عنه
لن يذهب إليك ولن يجيبك
الآن هو لي وحدي واسترسلت بضحكاتها العالية
أنت خلاص كبرتِ .. هو لا يرغب برؤيتك .. أسمعتِ
اقفلت صفية السماعة ,
وقعت زهراء مقهورة على الأرض مغشى عليها
من هول ما سمعت من هذه المرأة الخائنة للعيش
.ومن هذا الزوج الناكر للمعروف
بعد دقائق نهضت وهي متعبة
وتمنت لو أن الزمن يعود لتحرك سير جهادها مع هذا الزوج الذي لم يفي حقها
لقد أحرقت شبابها من أجله وفي خدمته
لم يقدر هذا الزوج ولو الشئ البسيط من حب ووفاء زوجته زهراء له
فــ كان حاضر غائب
لا يدري عن شؤون أسرته ..
احست بانتهاء عمرها وحلول أجلها
توالت عليها الأمراض ولم تجد رعاية من زوجها
بقيت في المستشفة تعاني العديد من الامراض
اتصل الطبيب بزوجها وأخبره بأنها بجاجة الى جهاز لأنها
لا تستطيع الذهاب إلى المنزل بدونه
ولكنه لم يبال بالأمر ..
وتجاهلها وتركها وحيده
تدهورت صحتها وصارت سقيمة
رقيدة المستشفى بعد التضحيات التي
قدمتها لزوجها وحبها المتدفق التي غمرته به
ويوم بعد يوم ازدادت سوءا ...
اختارها الله وتوفاها وهي طريحة الفراش
لكن بقت ذكرى لابنائها رغم تقصيرهم ايضا للقيام بواجباتهم تجاهها
أنها توفيت في فراشها بالمنزل
أراد الله ان تكون بين يدي بناتها ..
هذه نهاية زهراء
بعد الابريق والماء
عاش زوجها كالسيد على عرشه جميع متطلباته مجابة
وهي كالخادمة تحت رجله
لم يحمد ولم يشكر
ولم يفي لها ما قدمته من عطاء ونكر المعروف
ماتت مقهورة بعد زواجه من أمرأة أخرى
فهل للرجال وفاء ؟!!
14 / شعبان / 1429 هـ[/color]