بسم الله الرحمن الرحيم
وصل يارب على محمد واله الطيبين الطاهري وصحبه المنتجبين
أيها القارئ كما ترى الروايات صريحة في بيان أن المقر بلسانه بكلمة التوحيد مسلم ، ليس لك أن تتهمه بغير ذلك ، ومن يقر بالتوحيد يقر بأن الله الخالق المدبر المعبود لا يجوز له أن يرى غيره إلها خالقا مدبرا معبودا ، فمن يقر بأن الله خالق مدبر ولكن المعبودات متعددة هو مشرك . وصل يارب على محمد واله الطيبين الطاهري وصحبه المنتجبين
نعم هذا لا يعني أنه لا يمكن أن نحكم بكفر من يقر بالتوحيد وذلك إذا أنكر ما هو ضروري من الدين مع انتفاء الشبهة في حقه ، وهذا أمر قضائي يجب أن يحكم به القضاء العادل غير المنحاز ، وأما دون ذلك ومع قوله لا إله إلا الله ، بمعنى اعتقاده بأن الخالق المدبر المعبود إله واحد هو الله لا إله غيره فهذا ما ردع عنه رسول الله (ص) فيما نقلنا من الأحاديث .
وبعبارة أخرى ما يريد رسول الله (ص) بيانه أنه لا يمكنكم أن تتهموا المقر بالتوحيد بالشرك بل ابحثوا عن أدلة أخرى لتكفيره كإنكار ضرورات الدين ، وكل ذلك لأن
هناك معنى لغويا بسيطا لكلمة التوحيد عند العرب بل عند البشرية هي وحدانية الخالق المعبود .
من يقول أنا لا أعبد إلا الله وما أقوم به ليست عبادة لغيره ، لا يمكن أن يقال له : لا بل أنت مشرك ، أنت تعبد غير الله لأننا نحن نعرف معنى العبادة ومصاديقها وأنت لم تعرفها ، هو مسلم بمجرد اعتقاده بأن العبادة لا تكون إلا لله ولم يقصد غير الله بالأعمال العبادية ، فهو مسلم وإن قام بما تخيله الوهابيون عبادة لغير الله ما دام هو لا يراها عبادة لغير الله بل يقول كل ما فعلته بقصد احترام ذلك الغير وتقديره لا عبادته .
نعم اتضح عند الكثير منهم فداحة الأمر والخطأ الذي وقع به أسلافهم وخاصة مع ما روي عنه (ص) في صحيح مسلم : " إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما " (1) ، فغيروا عباراتهم وقالوا : بأننا لا نقول بأن المسلم الذي يتوسل بالأنبياء والصالحين مشرك وكافر ، بل نقول إن عمله عمل الكفار المشركين من دون الحكم بكفره .
ولكنها كلمات لا يقصد منها إلا تدارك الأخطاء الجسيمة والجرائم الفظيعة التي صدرت من أسلاف الحركة الوهابية في العصور المتأخرة ، بل إن نفور البعض من الانتساب إلى الوهابية ينطلق من ذلك ، ولذا فضلوا الانتساب إلى السلف والتسمي باسم السلفية .
عموما تبقى بذور الخطر كامنة حتى في ذلك البعض ، مع سهولة دعوى أن الحجة أقيمت على شخص ما أو جماعة ما فتعود الجرائم التي مورست في الماضي القريب ، بل عادت كما نراها جلية في ممارسات الحركات الإرهابية المعاصرة في مطلع القرن الحادي والعشرين .
إن جوهر الخلاف معهم يتلخص بأن ما ادعوه شركا ليس بشرك حتى يترتب عليه قولهم إنه وقع جهلا من المسلم فلا نحكم بكفره ، وهدفنا في هذا البحث بيان وتوضيح حقيقة كل من التوحيد والشرك الذي تحدث عنها القرآن وتحديد نقاط الخلل في فهم أصحاب هذه الرؤية ، وهو بحث مهم لكل من تأثر أو يمكن أن يتأثر بأرباب هذه الرؤية سواء كانوا مكفرين أم لا