إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

][ إضاءات على خطبة الإمام الحسين عليه السلام في مكة ][

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ][ إضاءات على خطبة الإمام الحسين عليه السلام في مكة ][

    ][ إضاءات على خطبة الإمام الحسين عليه السلام في مكة ][

    قال المحقّق المتتبع الشيخ السماوي (قدس سره): «ولمّا جاء كتاب مسلم الى الحسين عزم على الخروج، فجمع أصحابه في الليلة الثامنة من ذي الحجّة فخطبهم..»(1).

    غير أنّ السيد ابن طاووس (قدس سره) لم يذكر أنه خطبها في أصحابه، بل قال: «ورُوي أنه(عليه السلام) لمّا عزم على الخروج الى العراق قام خطيباً...»(2).

    وقال ابن نما(قدس سره): «ثم قام خطيباً...»(3).

    وقد يستفاد من نص ابن طاووس وابن نما أنّ الإمام خطب هذه الخطبة في الناس في مكة لا في خصوص أصحابه.

    والخطبة هي:

    « الحمد لله، ما شاء الله، ولا قوّة إلاّ بالله، وصلى الله على رسوله، خُطّ الموت على ولد آدم مخطَّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف، وخِيرَ لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن منّي أكرُشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خُطَّ بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرُّبهم عينه، وينجز بهم وعده، من كان باذلاً فينا مهجته وموطّناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى »(4).


    ملاحظات مستفادة من هذه الخطبة الشريفة:

    1) شبّه الإمام حتمية عدم انفلات الإنسان من طوق قهرية الموت بعدم انفلات عنق الفتاة من طوق القلاد المحكم، وتشبيه الموت بالقلادة على جيد الفتاة وهي زينة لها إلفاتة رائعة إلى أنّ الموت خطوة تكاملية في مسار حركة الإنسان التكوينية، وهو زينة للمؤمن خاصة في مسار حركة المصير لكونه معبراً للمؤمن من دار العناء والتزاحم والإبتلاء والشدائد الى دار النعيم والجزاء الأوفى والسعادة الأبدية، ولاشك أنّ الشهادة وهي أفضل وأشرف الموت أحرى بحقيقة الزينة من مطلق الموت، ولا يؤتاها إلا ذو حظّ عظيم.

    2) في قوله : «خِيرَ لي مصرع أنا لاقيه» إشارة إلى أنّ هذا المصرع اختيار إلهي لا على نحو القهر والجبر طبعاً، بل على نحو التشريف بكرامة التكليف في الظروف الصعبة الخاصة المؤدية إلى أنْ يتحرّك الإمام نحو هذا المصرع تعبّداً وامتثالاً لأمر الله تعالى في آداء هذا التكليف في مثل تلك الظروف.

    كما أنّ في قوله هذا إشارة إلى علمه بمصيره ومآل أمره.

    3) في قوله : «لامحيص عن يوم خُطّ بالقلم» إشارة جليّة إلى حتمية وقوع هذا المصرع، وتحقّق ذلك المصير قضاء من الله تعالى، لا على نحو القهر والجبر كذلك، بل على نحو أنّ حركة الأحداث في علم الله تبارك وتعالى ستؤول في النهاية بمشيئة الله تعالى إلى تحقّق هذا المصرع وبالكيفية التي وقع بها.

    4) في هذه الخطبة ركّز الإمام على أن مصيره في التوجه إلى العراق هو القتل، واشار إلى بشاعة القتلة بأنّ أوصاله تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، ولعلّ في قوله بين النواويس وكربلاء إشارة إلى امتداد الجيش الأموي وكثافته الشديدة على امتداد مابين هاتين المنطقتين.

    وشرط على من يلتحق به أن يكون باذلاً في موالاة أهل البيت عليهم السلام مهجته، وموطّناً على لقاء الله نفسه، أي لا مصير إلاّ القتل والصبر على السيوف والأسنّة !

    فماذا اراد الإمام من وراء ذلك .. ولماذا..؟!

    إنّ القائد الرباني في حركته نحو تحقيق أهدافه يسعى كغيره من القادة إلى تهيأة العدّة والعدد ويتوسّل الى ذلك بالأسباب الظاهرة المألوفة، ولكنه يختلف عن القادة الساعين الى تحقيق النصر الظاهري فقط في انّه لا يبتغي الأعوان كيفما كانوا، بل القائد الربّاني يبتغي أعواناً ربّانين من نوعه، هدفهم الأساس في كلّ ما هم ساعون إليه مرضاة الربّ تبارك وتعالى، أعواناً هادين مهديين، مصرّين على المضيّ في طريق ذات الشوكة مع علمهم بمصيرهم، ومن أولئك تتشكّل العدّة الحقيقية للقائد الربّاني التي يرسم بحسبها خطّة الفعل ونوع المواجهة، فهو لا يعتمد في رسم خطط ونوع المواجهة على كلّ من التحق به، وكثير منهم الطامعون وأهل الريبة والعصيان، فلابد من تمحيصهم، ولابدّ من تنقية الركب الحسينيّ من كلّ أولئك قبل الوصول الى ساحة المواجهة، ولذا كان لابدّ من أن يختبر حقيقة النيّات والعزائم بالإعلام والتأكيد على أنّ المصير هو القتل والصبر على السيوف والأسنة، وأنّ ذلك لا يقوى عليه إلاّ باذل في حقيقة الموالاة مهجته، موطّن على لقاء الله نفسه !!

    وهذا الإختبار من سنن منهج القيادة الربانيّة، وقد حدّثنا القرآن الحكيم عن هذه السنّة في اختبار النهر على يد طالوت :

    (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(5).

    يُضاف الى ذلك أنّ القائد الربّاني حينما يُطلع أنصاره على ما سوف يلقى ويلقونه من مصير وما سوف يواجهونه من شدائد ومكاره يكون بذلك قد فتح لهم باب علّو الدرجة وسمّو المنزلة والمثوبة العليا عند الله تبارك وتعالى في حال إصرارهم على المضيّ على طريق الجهاد في سبيل الله.

    والمتأمل في تفاصيل حركة الإمام الحسين يرى أنّ الإمام كان قد دأب على الإخبار بمصرعه منذ أن كان في المدينة، وفي الطريق الى مكة، وفي مكّة، وفي منازل الطريق منها الى العراق، مغربلاً بذلك الركب الحسيني من جميع من أرادوا الدنيا من وراء الإلتحاق به، ولم يكتف بذلك بل عرّض حتى الصفوة الخالصة من أنصاره لهذا الاختبار، لتعلو بثباتهم درجاتهم الرفيعة عند الله تبارك وتعالى، وهكذا كان، حتى رأوا منازلهم في الجنّة عياناً تلكم العشيّة، ثمّ في الغد الرهيب نراه قد رسم خطّته الحربية على أساس قوّته الحقيقية المؤلّفة من تلكم الصفوة القليلة الخالصة من كل شائبة !

    5) في قوله : «لن تشذّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله لُحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرّ بهم عينه، وينجز بهم وعده...» إشارة إلى أنّ مسار أهل البيت عليهم السلام امتداد لمسار رسول الله ، وهم معه في درجته ومنزلته، وتقرّ عين الرسول بما جعل الله لهم وخصّهم به من كرامة الدنيا والآخرة(6). ولعل في قوله «وينجز بهم وعده» إشارة إلى أنّ الوعد الإلهي بإظهار دين الله على الدين كلّه على كلّ الأرض سيتحقق في النهاية على يد رجل من أبناء رسول الله ومن أبناء الحسين هو الإمام المهدي المنتظر (7).

    ــــــــــــ
    (1) إبصار العين: 27.
    (2) اللهوف: 126.
    (3) مثير الأحزان: 41.
    (4) اللهوف: 26، ومثير الأحزان: 41، وكشف الغمة 2: 29.
    قال الشيخ السماوي:
    مخطّ القلادة: يعني موضع خطّ القلادة، وهي في الحقيقة الجلد المستدير من الجيد، فكما أنّ ذلك الجلد لازم على الرقبة كذلك الموت على ولد آدم !
    هذا إذا قلنا إنّ مخطّ اسم مكان، وإن قلنا إنه اسم مصدر بمعنى خطّ فيعني به أنّ الموت دائرة لا يخرج ابن آدم من وسطها كما أنّ القلادة دائرة لا يخرج الجيد منها في حال تقلّده.
    ما أولهني: ـ يعني ما أشدَّ شوقي، والوله شدّة الشوق.
    خِيرَ لي: ـ يعني خار الله لي مصرعاً، أي اختاره. ويمضي على بعض الألسنة وفي بعض الكتب «خُيِّر» بالتشديد وهو غلط فاحش.
    عُسلان الفلوات: بضم العين وسكون السين، جمع عاسل، وهو المهتزّ والمضطرب، يُقال للرمح وللذئب وأمثالهما، والمراد هنا المعنى الثاني.
    لا يُقال: إنّ العسلان لا تتسلّط على أوصال صفوة الله، لطفاً من الله وإيثاراً له.
    لأنا نقول: إنّ الكلام جرى على القواعد العربية والأساليب الفصيحة كما يقول قائلهم: عندي جفنة يقعد فيها الخمسة، يعني لو كانت مما يُفعل به ذلك لقعد فيها خمسة رجال. فيكون معنى الكلام: لو جاز ذلك على أوصالي لفُعل بها، وهذا كناية عن قتله وتركه بالعراء.
    النواويس: ـ جمع ناوس في الأصل، وهو القبر للنصراني، والمراد به هنا القرية التي كانت عند كربلاء.
    جُوفاً: ـ بضم الجيم وسكون الواو، جمع جوفاء، وهي الواسعة، ويجري على بعض الألسن تحريك الواو أو تشديدها وهو غلط.
    أجربة سُغُباً: أجربة جمع جراب، كأغلمة وغلام، والمراد به البطن مجازاً، وسغباً جمع سغبى من السَغَب وهو الجوع. ورأيت في نسخة «أحوية» فكأنه جمع لـ حوية البطن وهي أمعاؤها، والمعروف حوايا، فإن وردت أحوية فما أحسبها إلاّ خيراً من أجربة.
    لن تشذّ: ـ لن تنفرد وتتفرّق.
    لُحمته: ـ بضمّ اللام وهي القرابة. (إبصار العين: 42 ـ 43).
    (5) سورة البقرة: 249.
    (6) عن محمد بن مسلم قال: سمعت أباجعفر وجعفر بن محمد(عليهما السلام) يقولان: إنّ الله تعالى عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أن جعل الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تُعدّ أيّام زائريه جائياً وراجعاً من عمره.

    قال محمد بن مسلم: فقلت لأبي عبدالله(عليه السلام): هذه الخلال تُنال بالحسين(عليه السلام)، فماله في نفسه ؟ قال: إنّ الله تعالى ألحقه بالنبيّ فكان معه في درجته ومنزلته، ثمّ تلا أبوعبدالله(عليه السلام): ( والذين آمنوا واتّبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيتهم ) الآية». (البحار 44:221).
    (7) والروايات في هذا المعنى كثيرة يجدها من أرادها في الكتب المؤلّفة في غيبته(عليه السلام)، كالغيبة للطوسي، والغيبة للنعماني، وكمال الدين للصدوق، ويحتويها بشكل مجموع كتاب معجم أحاديث المهدي(عليه السلام). فراجع.

    http://www.al-shia.org/html/ara/book...hosain/h06.htm

  • #2
    السلام على المنحور المكروب

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

    يعمل...
    X