إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

قرينة الأحزان وحليفة الأشجان- أم المصائب زينب (ع)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قرينة الأحزان وحليفة الأشجان- أم المصائب زينب (ع)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    انما الدنيا أُعدت لبلاء النبلاء, هاهي مولاتنا وشفيعتنا زينب الحوراء عليها السلام تبدأ رحلة في موكب المآسي وهي بعد في مدارج الحياة الأولى, وما أسرع زوال ذلك الظل المبارك الذي تفيّأت وارفه.

    فقد النبي والرؤيا المزعجة:

    " جاءت زينب الى جدها رسول الله (ص) وقالت: يا جداه, رأيتُ البارحة رؤيا, إنها انبعثت ريح عاصفة سودّت الدنيا وما فيها, وأظلمتها وحركتني من جانب الى جانب, فرأيت شجرة عظيمة فتعلقت بها من شدة الريح, فإذا بالريح قلعتها وألقتها على الأرض, ثم تعلقت على غصن قوي من أغصان تلك الشجرة فقطعتها ايضا, فتعلقت بفرع آخر فكسرته أيضا, فتعلقت على احدى الفرعين من فروعها فكسرته ايضا, فاستيقضت من نومي, فبكى (ص) وقال الشجرة جدُك, والفرع الأول أمكِ فاطمة, والثاني أبوك علي, والفرعان الآخران هما أخواكِ الحسنان, تسودُّ الدنيا لفقدهم, وتلبسين لباس الحداد في رزيتهم ".

    إنه نبأ الغيب وارهاص المستقبل, واعداد لتحمل مكاره الدهر وخطوب الزمان, ولعل شرحا وايضاحا بسط فيه صلى الله عليه وآله ما يكتنف هاتيك الرزايا من عظيم البلاء وبالغ المحنة, وقد فجعت بأعز مفقودٍ وأعظم موجود, ولم تمتليء من كريم شخصه عينها, ولم تنعم بوافر لطفه طويلاً حياتها, وكان هذا الفقد الباكر بداية لسلسة مصائب تترى تفرعت عن فقد الأصل

    فلستَ ترى واللهِ ما عشتَ فادحاً *-* بأعظم من رزء النبي محمد


    ايها الاخوة سنعرض تحت هذا الموضوع الرزايا التي المت بمولاتنا زينب عليها السلام, نرجوا منكم المشاركة ولو المعنوية وأجركم على كعبة الرزايا!


  • #2


    السلام عليكم والرحمة

    السلام عليـــــكٍ يا جبل الصبر زينب ..




    هي الحوراء زينب عن علاها ـــــ لتقصر كلّ ذات يد طويلة
    سليلة أحمد مولى الموالي ـــــــــــ ألا نعمت لأحمد من سليلة
    فمهما تبلغ الألباب علماً ـــــــــــ فلن تحصي مواهبها الجليلة
    أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) :
    كانت زينب (عليها السلام) من فضليات النساء. و فضلها أشهر من أن يذكر.

    ولادتها و نشأتها:
    ولدت زينب في حياة النبي محمد (صلّى الله عليه و آله و سلّم) في الخامس من شهر جمادى الاولى في السنة الخامسة للهجرة. و جاءت بها أمّها الزهراء (عليها السلام) إلى أبيها أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب و قالت: سمّ هذه المولودة، فقال: ما كنت لأسبق رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) ـ و كان في سفر له ـ و لما جاء النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و سأله علي (عليه السلام) عن اسمها، فقال: ما كنت لأسبق ربي تعالى، فهبط جبرئيل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل و قال له: سَمِّ هذه المولودة «زينب»، فقد اختار الله لها هذا الاسم.
    ثم أخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى النبي (صلّى الله عليه و آله و سلم)، و قال: من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على أخويها الحسن و الحسين.
    و يقال لها زينب الكبرى، للفرق بينها و بين من سميت باسمها من أخواتها، كما أنها تلقب بالصدّيقة الصغرى، للفرق بينها و بين أمها الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام).
    و تلقب بالعقيلة، و عقيلة بني هاشم، و عقيلة الطالبيين ـ و العقيلة: هي المرأة: الكريمة على قومها العزيزة في بيتها، و زينب فوق ذلك ـ كما و تلقب ايضاً بالموثّقة، و العارفة و العالمة غير المعلمة، و الفاضلة، و الكاملة، و عابدة آل علي،و غير ذلك.
    تربّت في حجر أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلم) فنهلت من معين الرسالة و من حجر الاسلام؛ العقل و الفضل و الايمان و الإباء، و من أبيها علي بن أبي طالب؛ الفصاحة و البلاغة و الشجاعة و الشيم. فنعم الفرع من الشجرة النبوية الهاشمية الكريمة، جدّها الرسول الاكرم و أبوها الوصي، و أمها البتول، و أخواها لأبيها و أمها الحسنان سيدا شباب أهل الجنّة، و لا بدع إن جاء الفرع على منهاج أصله… و من يشابه أبه فما ظلم.
    فنشأت نشأة قدسية. و ربيت تربية روحانية. متجلببة جلباب الجلال و العظمة. مرتدية رداء العفاف و الحشمة! فالخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام) هم الذين قاموا بتربيتها و تثقيفها و تهذيبها. و كفاك بهم مؤدبين و معلمين.
    و لما غربت شمس الرسالة، و غابت الانوار الفاطمية، و تزوّج أميرالمؤمنين بأمامة بنت أبي العاص بوصية من فاطمة الزهراء (عليها السلام). قامت أمامة بشؤون زينب خير قيام، كما كانت تقوم بشؤون بقية ولد فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، و كانت أمامة هذه من النساء الصالحات القانتات العابدات.

    عبادتها:
    كانت تشبه أباها علياً و أمها الزهراء بالعبادة، حتى أن الحسين (عليه السلام) عندما أوصاها ليلة العاشر من المحرّم من جملة وصاياه أن قال لها: «أختاه يا زينب و أوصيك أن لا تنسيني في نافلة الليل»، كما ذكر ذلك الفاضل البيرجندي و هو مدوّن في كتب السير و المقاتل.
    فكانت (سلام الله عليها) من القانتات العابدات. اللواتي وقفن حركاتهن و انفاسهنّ للباري تعالى، و بذلك حصلن على المنازل الرفيعة. و الدرجات العالية، التي حكت برفعتها منازل المرسلين و درجات الاوصياء (عليهم الصلاة و السلام).

    علمها و فضلها:
    زينب المتربية في مدينة العلم النبوي، المعتكفة بعده ببابها العلوية، المتغذية بلبان أمها الصديقة الطاهرة سلام الله عليها، و قد طوت عمراً من الدهر مع الامامين السبطين يزقانها العلم زقّا، فهي من عياب علم آل محمد (عليهم السلام) التي علت فضائلهم و اعترف بها عدوّهم الألدّ يزيد الطاغية بقوله في الامام السجاد (عليه السلام): إنه من أهل بيت زقّوا العلم زقّاً.
    و قد نصّ لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين (عليهما السلام) بقوله لها: أنتِ بحمد الله عالمة غير معلّمة و فهمة غير مفهّمة، يريد: أن مادّة علمها من سنخ ما منح به رجالات بيتها الرفيع اُفيض عليها الهاماً، لا بتخرّج على استاذ و أخذ عن مشيخة.
    و ما أحلى كلمة قالها (علي جلال) في كتابه (الحسين): من كان النبي (صلّى الله عليه و آله و سلّم) معلّمه، و من كان أبوه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، و امه فاطمة الزهراء، ناشئاً في أصحاب جدّه و أصدقاء أبيه سادات الأمّة و قدوة الأئمة، فلا شك أنه كان يغرّ العلم غرّاً.
    و عن الصدوق محمد بن بابويه (طاب ثراه): كانت زينب عليها السلام لها نيابة خاصة عن الحسين (عليه السلام)، و كان الناس يرجعون إليها في الحلال و الحرام حتى برىء زين العابدين (عليه السلام) من مرضه.
    و قال الطبرسي: إن زينب (عليها السلام) روت أخباراً كثيرة عن أمّها الزهراء (عليها السلام).
    و عن عماد المحدثين: إن زينب الكبرى كانت تروي عن اُمها و أبيها و أخويها و عن اُم سلمة و ام هاني و غيرهما من النساء، و ممن روى عنها ابن عباس، و علي بن الحسين و عبدالله بن جعفر و فاطمة بنت الحسين الصغرى و غيرهم.

    زواجها:
    زوّج عليّ (عليه السلام) ابنته زينب الى ابن عمها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب و هو أول مولود ولد في الاسلام بالحبشة و نشأ و ترعرع في حجر عمه أميرالمؤمنين (عليه السلام) و أبوه جعفر الطيار و أمه اسماء بنت عميس. و ولد منها اولاد منهم: عون و محمد اللذان قتلا مع خالهما الحسين (عليه السلام) بطف كربلاء، و توفّي عبدالله بن جعفر بالمدينة المنورة سنة ثمانين هجرية و دفن بالبقيع .
    سميت زينب أم المصائب؛ و حقّ لها أن تسمى بذلك، فقد شاهدت مصيبة جدّها الرسول (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و مصائب أبيها و أمها بعد وفاة النبي؛ في السقيفة، و حين هجوم القوم على دار علي، و التهديد بحرق الدار و من فيها، و عصر أمها الزهراء خلف الباب و كسر ضلعها... و من ثم وفاتها، و دفنها ليلاً! بوصية منها، و بعد ... سمّ أخيها الحسن , و قتل أخيها الحسين (عليهما السلام) و من قتل معه من أهل بيتها في واقعة الطف و ما وافقتها قبل القتل و بعده و قتل ولداها عون و محمد مع خالهما أمام عينها، و حملها أسيرة من كربلاء الى الكوفة و إدخالها على ابن زياد في مجلس الرجال و مقابلته لها بذاك الكلام الخشن الموجع و إظهار الشماتة الممضه، و حملت أسيرة من الكوفة الى الشام و رأس أخيها و رؤوس ولديها و أهل بيتها أمامها على رؤوس الرماح طول الطريق حتى دخلوا دمشق على هذه الحالة، و ادخلوا على يزيد في مجلس الرجا ل و هم مقرنون بالجبال، قال المفيد: فرأى هيئة قبيحة و أظهر السخط على ابن زياد، لما فعله في اهل بيت النبوة و لما رأى من نقمة الناس عليه و على فعله، فأراد أن يتلافى ما فرط منه، و هيهات.

    روحي لكٍ الفداء

    زينب زينب

    ولدكٍ وخادمكٍ

    يوسف الناصر

    تعليق


    • #3


      السلام عليكٍ يا مولاتي ام الخدر والعفاف والشرف والحنان


      زينب في وقعة الطف:
      و كانت زينب في واقعة الطف متزوجة من ابن عمها عبدالله بن جعفر، فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها و زوجها راض بذلك مبتهج به، و قد أمر ولديه (عون و محمد) بلزوم خالهما و الجهاد بين يديه، ففعلا حتى قتلا.
      كان لزينب في وقعة الطف المكان البارز في جميع الحالات و في المواطن كلها، فهي التي كانت تمرّض العليل (علي بن الحسين زين العابدين)، و تراقب أحوال أخيها الحسين (عليهما السلام) ساعة فساعة و تخاطبه و تسأله عند كل حادث، و هي التي كانت تدبّر أمر العيال و الاطفال و تقوم في ذلك مقام الرجال، و هي التي دافعت عن زين العابدين (علي بن الحسين) لما أراد ابن زياد قتله و خاطبت ابن زياد بما ألقمه حجراً و أسكته، و بها لاذت فاطمة الصغرى و أخذت بثيابها لما قال الشامي ليزيد: هب لي هذه الجارية (يعني فاطمة بنت الحسين) فخاطبت يزيد بما فضحه؛ و لا عجب في ذلك فقد غذّتها يد الرحمة و ترعرعت في حجر الاسلام، حجر فاطمة الزهراء بنت الرسول (صلّى الله عليه و آله و سلدم) فأوصتها بوصاياها و ما يجب عليها حيال أخيها الحسين و ما يجري عليه، فحينما رأته في اليوم العاشر من محرّم وحيداً بين الاعداء قد صرع أصحابه و أهل بيته، قالت له أخي ابا عبدالله: اكشف لي عند نحرك و صدرك فكشف لها، فشمته في نحره و قبلته في صدره ثم توجهت نحو المدينة و قالت: يا أماه، لقد ردّت الامانة و استرجعت الوديعة! فقال لها الحسين (عليه السلام) «و ما هذه الامانة و الوديعة»؟ فقالت له: اعلم يا أخي إن أمي فاطمة (عليها السلام) حينما حضرتها الوفاة أوصتني و استودعتني و قالت: إذا رأيت أخاك الحسين وحيداً في كربلاء لا ناصر له و لا معين فشميه في نحره و قبّليه في صدره فهي امانة و وديعة لديك، و ها أنذا أردّ الامانة… و أخبرتني بكل ما يجري علينا فإنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
      قال ابن الاثير حمل الناس على الحسين عن يمينه و شماله، فحمل على الذين عن يمينه فتفرقوا ثم حمل على الذين عن يساره فتفرقوا فما رئي مكثور قط قد قثل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جأشاً و لا أمضى جناناً و لا أجرأ مقدّماً منه. فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب و هي تقول ليت السماء أطبقت على الارض و قد دنا عمر بن سعد، فقالت يا عمر أيقتل أبو عبدالله و انت تنظر، فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خدّيه و لحيته و صرف وجهه عنها.
      قال ابن طاووس: لما كان اليوم الحادي عشر بعد قتل الحسين (عليه السلام) حمل ابن سعد معه نساء الحسين و بناته و اخواته. فمروا بهن على المصرع، فلما نظر النسوة الى القتلى فو الله لا أنسى زينب بنت عليّ و هي تندب الحسين و تنادي بصوت حزين و قلب كئيب: يا محمداه صلى عليك مليك السما، هذا حسينك مرمل بالدما، مقطّع الاعضاء، و بناتك سبايا، إلى الله المشتكى و إلى محمد المصطفى و إلى علي المرتضى و إلى فاطمة الزهراء و إلى حمزة سيدالشهداء، يا محمداه هذا حسين بالعرا تسفي عليه ريح الصبا قتيل أولاد البغايا، وا حزناه وا كرباه عليك يا أبا عبدالله، اليوم مات جدي رسول الله، يا أصحاب محمد، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا،وا محمداه؛ بناتك سبايا، و ذريتك مقتّله، هذا حسين محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة و الردا، بأبي من أضحى عسكره نهبا، بأبي من فسطاطه مقطّع العرى، بأبي من لا غائب فيرتجى و لا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفدا، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدما، بأبي من جدّه رسول إله السما، بأبي من هو سبط نبي الهدى، بأبي محمد المصطفى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي عليّ المرتضى، بأبي فاطمة الزهراء، بأبي من ردّت له الشمس حتى صلّى. فأبكت والله كل عدوٍ و صديق.
      و لما دخلوا الكوفة جعل أهلها يناولون الاطفال الخبز و التمر فكانت زينب تأخذ ذلك من أيدي الاطفال و ترمي به و تقول: يا أهل الكوفة أن الصدقة علينا حرام.


      للحوراء زينب عليها السلام ثورة وعطاء

      لا يعلمها الا اائمة المعصومين عليهم السلام ..


      نعم لروحكٍ الطاهره



      خادمكٍ


      يوسف الناصر


      تعليق


      • #4



        خطبة زينب بالكوفة:
        روى ابن طاوس أنه لما جيء بسبايا أهل البيت إلى الكوفة جعل أهل الكوفة ينوحون و يبكون. قال بشر بن خزيم الاسدي: و نظرت إلى زينب بنت عليّ (عليهما السلام) و قد أومأت الى الناس ان اسكتوا، فارتدّت الانفاس و سكنت الاجراس ثم قالت:
        الحمد لله و الصلاة على محمد و آله الطاهرين (أما بعد) يا أهل الكوفة، يا أهل الختل و الغدر، أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة و لا قطعت الرنّة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ انكاثاً، تتخذون ايمانكم دخلاً بينكم، ألا و هل فيكم إلا الصلف النطف و الصدر الشنف و ملق الاماء و غمر الاعداء أو كمرحى على دمنة، أو كفضّة على ملحودة الاساء، ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم و في العذاب انتم خالدون، أتبكون و تنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً و اضحكوا قليلاً فلقد ذهبتم بعارها و شنارها و لن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، و أنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوّة و معدن الرسالة و سيد شباب أهل الجنّة و ملاذ حيرتكم و مفزع نازلتكم و منار حجتكم و مدرة ـ أي السيد الشريف و المقدّم في اللسان و اليد عند الخصومة و القتال ـ ألسنتكم، ألاساء ما تزرون و بعداً لكم و سحقاً، فلقد خاب السعي و تبت الايدي و خسرت الصفقة و بؤتم بغضبٍ من الله، و ضربت عليكم الذلّة و المسكنة. ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أي كبدٍ لرسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلّم) فريتم، و أي كريمة له أبرزتم، و أي دم سفكتم، و أي حرمة له انتهكتم، لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء نأناء خرقاء شوهاء كطلاع الارض أو ملء السما، أفعجبتم ان مطرت السماء دماً، فلعذاب الآخرة أخزى و انتم لا تنصرون فلا يستخفنّكم المهل فانه لا يحفزه البدار و لا يخاف فوت الثأر و إن ربّكم بالمرصاد.
        قال: فوالله لقد رأيت الناس يومئذٍ حيارى يبكون و قد وضعوا أيديهم في أفواههم، و رأيت شيخاً واقفاً الى جنبي يبكي حتى اخضلّت لحيته و هو يقول: بأبي أنتم و أمي كهولكم خير الكهول، و شبابكم خير الشباب، و نساؤكم خير النساء، و نسلكم خير نسل، و لا يخزي و لا يبزي.
        و لما اُدخل عيال الحسين (عليه السلام) على ابن زياد، فدخلت زينب متنكرة حتى جلست ناحية من القصر، و حفّت بها اماؤها، فقال ابن زياد: من هذه التي انحازت فجلست ناحية و معها نساؤها؟ فلم تجبه فأعاد ثانية و ثالثة يسأل عنها. فقيل له هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم)، و كفى ذلك في لزوم تعظيمها و احترامها و لكن أبى له كفره و خبثه و لؤم عنصره إلا أن يتهجّم لها و يجيبها بأقبح جواب و هو الذي صرّح بالكفر لما وضع رأس الحسين (عليه السلام) بين يديه بقوله: (يوم بيوم بدر). فأقبل عليها ابن زياد فقال لها: الحمد لله الذي فضحكم و قتلكم و أكذب احدوثتكم.
        فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و طهّرنا من الرجس تطهيراً، إنما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا و الحمد لله.
        فقال ابن زياد: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟
        فقالت (عليها السلام): كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم و سيجمع الله بينك و بينهم فتتحاجّون إليه و تختصمون عنده.
        فغضب ابن زياد و استشاط، فقال له عمر بن حريث: أيها الامير انها امرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها و لا تذم على خطائها.
        فقال لها ابن زياد: قد شفى الله نفسي من طاغيتكم و العصاة من أهل بيتك.
        فرقّت زينب و بكت و قالت له: لعمري لقد قتلت كهلي و أبرزت أهلي و قطعت فرعي و اجتثثت أصلي فان يشفك هذا فقد اشتفيت.
        فقال ابن زياد: هذه سجاعة و لعمري لقد كان أبوها سجاعاً شاعراً.
        فقالت: ما للمرأة و السجاعة؟ ان لي عن السجاعة لشغلاً؛ و لكن صدري نفث بما قلت.
        ثم ان ابن زياد بعث بهم الى الشام إجابة لطلب يزيد بن معاوية و معهم الرؤوس و فيها رأس الحسين (عليه السلام) فدعا يزيد بالرأس الشريف فوضع بين يديه.
        قال ابن طاووس: ان زينب بنت علي لما رأت رأس أخيها بين يدي يزيد، نادت بصوت حزين يقرح القلوب: يا حسيناه. يا حبيب رسول الله، يا ابن مكّة و منى، يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يا ابن بنت المصطفى، قال الراوي فأبكت و الله كل من كان حاضراً في المجلس و يزيد ساكت.

        تعليق


        • #5



          خطبة زينب (عليها السلام) بالشام:
          روى ابن طاوس في كتاب اللهوف على قتلي الطفوف أنه لما جيء برأس الحسين (عليه السلام) الى يزيد بالشام دعا بقضيب خيزران و جعل ينكت به ثنايا الحسين (عليه السلام) و يتمثل بأبيات ابن الزبعرى المشرك:

          ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا ـــ جزع الخزرج من وقع الاسل
          لأهلّوا و استهلّوا فرحاً ــــــــــــــــــ ثم قالوا يا يزيد لا تشل
          لعبت هاشم بالملك فلا ـــــــــــــــ خبر جاء و لا وحي نزل
          قد قتلنا الفخر من ساداتهم ـــــــــــ و عدلنا ميل بدر فاعتدل
          و أخذنا من علي ثارنا ـــ و قتلنا الفارس الشهم البطل (1)

          فقامت زينب بنت علي (عليهما السلام) فقالت:
          «الحمد لله رب العالمين و صلى الله على رسوله و آله اجمعين، صدق الله كذلك حيث يقول: (ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزؤون).
          أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا اقطار الارض و آفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء أن بنا هواناً على الله و بك عليه كرامة؟ و ان ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك و نظرت في عطفك جذلان مسروراً حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة (أي مجتمعة و منتظمة) و الامور متّسقة، و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا، فمهلاً مهلاً، لا تطش جهلاً، أنسيت قول الله تعالى: (و لا يحسبنّ الذين كفروا أنما نملي لهم خيراً لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثماً و لهم عذاب مهين)؟ أمن العدل يا ابن الطلقاء (2) تخديرك حرائرك و إمائك و سوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوهن، تحدو بهنّ الاعداء من بلد الى بلد و يستشرفهن أهل المناهل و المناقل، و يتصفّح وجوههن القريب و البعيد و الدنيء و الشريف، ليس معهن من حماتهن حمي، و لا من رجالهن ولي، و كيف ترتجي مراقبة ابن من لفظ فوه اكباد الازكياء و نبت لحمه بدماء الشهداء، و كيف يستبطىء في بغضنا أهل البيت، من نظر الينا بالشنف و الشنآن، و الإحن و الاضغان، ثم تقول غير متأثم و لا مستعظم.

          لأهلوا و استهلوا فرحاً ــــــ ثم قالوا يا يزيد لا تشل
          منحنياً على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنّة تنكتها بمخصرتك (العصا)، و كيف لا تقول ذلك و قد نكأت القرحة و استأصلت الشأفة باراقتك دماء ذرية محمد (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و نجوم الارض من آل عبدالمطلب و تهتف بأشياخك، زعمت انك تناديهم، فلتردنّ وشيكاً موردهم و لتودنّ انك شللت و بكمت، و لم تكن قلت ما قلت، و فعلت ما فعلت، اللهم خذ بحقنا، و انتقم ممن ظلمنا، و احلل غضبك بمن سفك دماءنا، و قتل حماتنا، فو الله يا يزيد، ما فريت إلا جلدك، و لا حززت إلا لحمك، و لتردنّ على رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم)، بما تحملت من سفك دماء ذريته، و انتهكت من حرمته في عترته و لحمته حيث يجمع الله شملهم و يلمّ شعثم، و يأخذ لهم بحقّهم: (و لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) و حسبك بالله حاكماً، و بمحمد (صلّى الله عليه و آله و سلّم) خصيما، و بجبرئيل ظهيراً، و سيعلم من سوّل لك، و مكنك من رقاب المسلمين (بئس للظالمين بدلاً) و أيكم شرٌ مكاناً و أضعف جندا، و لئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك، اني لأستصغر قدرك، و استعظم تقريعك، و استكبر توبيخك، لكن العيون عبرى و الصدور حرّى ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الايدي تنطف (أي تقطر) من دمائنا و الافواه تتحلب (أي تسيل) من لحومنا، و تلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل (الذئاب) و تعقرها أمهات الفراعل (الضباع)، و لئن اتخذتنا مغنماً لتجدننا وشيكاً مفرقا، حيث لا تجد إلا ما قدّمت يداك، و ما ربك بظلام للعبيد. فإلى الله المشتكى، و عليه المعوّل، فكد كيدك، واسع سعيك، و ناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، و لا تميت وحينا، و لا تدرك أمدنا، و لا ترحض (تغسل) عنك عارها، و هل رأيك إلا فند (أي كذب) و أيامك إلا عدد، و جمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي، ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لاولنا بالسعادة و المغفرة، و لآخرنا بالشهادة و الرحمة، و نسأل الله أن يكمل لهم الثواب، و يوجب لهم المزيد، و يحسن علينا الخلافة، انه رحيم ودود، و حسبنا الله و نعم الوكيل».
          فقال يزيد:
          يا صيحة تحمد من صوائح ـــــ ما أهون النوح على النوائح
          و نقل أرباب المقاتل و غيرهم من الرواة: حينما دعا يزيد بنساء أهل البيت والصبيان فأجلسوا بين يديه في مجلسه، نظر شاميّ إلى فاطمة بنت الحسين فقام إلى يزيد و قال: يا أمير: هب لي هذه الجارية، قالت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) (3): فارتعدت فرائصي، و ظننت أن ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب عمتي زينب، فقلت: عمتاه أوتمت و استخدم؟ فقالت عمتي للشامي: كذبت و الله و لؤمت، ما جعل الله ذلك لك و لا لأميرك، فغضب يزيد و قال: كذبت و الله، إن ذلك لي، و لو شئت أن أفعل لفعلت، قالت: كلا و الله ما جعل الله ذلك لك، إلا أن تخرج من ملتنا و تدين بغير ديننا، فاستطار يزيد غضباً و قال: إياي تستقبلين بهذا الكلام، إنما خرج من الدين أبوك و أخوك، فقالت زينب: بدين أبي و أخي اهتديت أنت و أبوك و جدّك إن كنت مسلماً، قال: كذبت يا عدوّة الله، قالت: يا يزيد أنت أمير تشتم ظالماً، و تقهر بسلطانك، فكأنه استحيا و سكت، فأعاد الشامي كلامه: هب لي هذه الجارية، فقال له يزيد: اسكت و هب الله لك حتفاً قاضياً.
          هذه نبذة مما جرى على زينب و على أهل بيت الرسالة من الظلم و الفضائع الفادحة من أمّة جدّهم الرسول (صلّى الله عليه و آله و سلّم) فكانت الأمة بين مقاتل و خاذل إلا نفراً يسيراً قاتلوا فقتلوا أو عمّهم الخوف فسكتوا لا يقدرون لقلّتهم على كثير و لا قليل.

          تعليق


          • #6



            وفاة العقيلة زينب و مدفنها:
            اختلف الرواة و المؤرخون في وفاة العقيلة زينب و مدفنها كما اختلف في الكثير مما يخص آل رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم)، و لعل أسباب ذلك غير خافية على الناقد البصير و المتتبع للاحداث التي صاحبت مسيرة آل الرسول الاكرم (صلّى الله عليه و آله و سلّم) منذ وفاة سيد الكونين والى نهاية الدولة الاموية و ما بعدها. و لسنا الآن بصدد بحث هذه الاسباب إلا أن البحث عند وفاة العقيلة زينب الكبرى و تحري الوقوف على مدفنها قد تضاربت الاخبار فيه، و اختلفت الروايات لاختلاف الأهواء و المشارب، فمن قائل إنها توفيت و دفنت في المدينة المنورة، و ذلك بعد رجوعهم من الشام. و لو صح هذا لبقي لها أثر خالد و مشهد يزار ـ لعظمة بيت الوحي و النبوة ـ كما بقي لمن دونها في المرتبة من بني هاشم.
            و من قائل إنها توفيت في الشام. و اختلف أيضاً في تحديد المكان من الشام فمن قائل في الشام، و آخر في قرى الشام و ثالث حوالي الشام.
            و آخر يقول؛ حينما عادت عقيلة بني هاشم من اُسر بني أمية الى المدينة أخذت تؤلّب الناس على يزيد بن معاوية، فخاف عمرو بن سعد الأشدق من هيجان أهل المدينة، فكتب الى يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها و بين الناس، فأمر الوالي باخراجها من المدينة إلى حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة و قالت: قد علم الله ما صار إلينا، قُتل خيرنا، و سُقنا كما تساق الأنعام، و حُملنا على الاقتاب، فو الله لا أخرج و إن اُهرقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عمّاه قد صدقنا الله وعده و أورثنا الارض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً و قرّي عيناً، و سيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟! إرحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم و تلطفن معها في الكلام، فاختارت مصر، و خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة الحسين، و سكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذي الحجة، فاستقبلها الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري في جماعة معه، فأنزلها داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهراً و خمسة عشر يوماً، و توفيت عشية يوم الاحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة اثنتين و ستين هجرية، و دفنت بمخدعها في دار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى (4).
            و سواء أكانت دفنت بالشام حيث قبرها و مزارها الان في حي السيدة زينب أو في مصر حيث قبرها و مزارها … فان عباد الله الصالحين و أولياءه الميامين و أهل بيته المنتجبين اعلام الهدى و أنوار الدجى يظل نورهم بازغاً ينير الدرب للاجيال عبر الأجيال فهم حجج الله على العباد بهم تستقر البلاد و بنورهم يخضّر السواد رغم كيد العناد دعاة البغي و الفساد.

            بجلال أحمد في مهابة حيدر ـــــــــــــــــــــ قد أنجبت اُمّ الأئمة زينبا
            فبمجمع الشرفين بضعة فاطم ـــــــــ حصلت على اُكرومة عظمت بنا؟
            و سرت مع الدنيا مكارمها كما ــــ يسري لها اُرج الثناء مع الصبا(5)

            تعليق


            • #7


              ــــــــــــــــــــــــــــــــ
              (1) ذكر ابن هشام في سيرته قصيدة ابن الزبعرى بكاملها.
              (2) هم معاوية و أبو سفيان، و بقية الامويين، جمعهم الرسول يوم ورد مكة فاتحاً فقال في آخر خطبته: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فبهذا صاروا عبيداً لرسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) هم و ذريتهم الى يوم القيامة.
              (3) و فاطمة الصغرى بنت الحسين (عليه السلام) هي أيضاً من عالمات نساء أهل البيت (عليهم السلام)، تروي الحديث عن أبيها و عن أم سلمة و أم هاني و عن عمتها زينب الكبرى و عن أخيها زين العابدين، و يروي عنها ولدها عبدالله و غيره.
              وفي بعض الأخبار: أنها كانت عندها أشياء من آثار رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) و توفيت في المدينة على الأصح، و قيل بمصر. و اُم فاطمة هذه أم اسحاق بنت طلحة.
              (4) الشيخ جعفر الربعي (النقدي): زينب الكبرى ص 141 (عن كتاب أخبار الزينبات للنسابة العبيدلي).
              (5) العلامة الاستاذ محمد علي الغروي

              تعليق


              • #8


                السلام على الحوراء

                السلام على صاحبة الدمعة الكبرى


                نعم زينب الحوراء رمز القوة والعطاء ورمز الوفاء والتضحية


                ورمز الفكر والاعلام الشريف في قضية ابي الاحرار عليه السلام



                اخيكم


                يوسف الناصر

                تعليق

                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                حفظ-تلقائي
                x

                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                صورة التسجيل تحديث الصورة

                اقرأ في منتديات يا حسين

                تقليص

                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                يعمل...
                X