بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين .
أناشدكم أن تقرؤوا هذه الرسالة على مسامع الناس في قناتكم التي تبث برنامج حوار بين السنة والشيعة حتى أبين بعض النقاط التي لم توضح للسادة المشاهدين ، وإني قد طلبت من المؤمنين أن يمطروكم بالرسائل والفاكسات التي تحوي هذه الرسالة إصراراً منا عليكم لقراءة ملخص الرسالة على الأقل والأدلة الموجودة بها ، فيا أيها المؤمنون جميعاً ، لا يقرأ منكم أحد هذه الرسالة ثم يتخاذل عن نشرها وإرسالها بالبريد أو الفاكس إلى قناة المستقلة .
الكلام حول تحريف القرآن عند الشيعة باطل ، يجمع على بطلانه أشهر علمائنا من بداية الغيبة وحتى اليوم ، وإن الأحاديث الموجودة عندنا إنما لا تفسر كما ذهب البلوشي وغيره ممن يرمون التهم على الشيعة ، وإلا كان القرآن محرفاً عند السنة أيضاً ، وسأوضح ذلك فيما بعد .
إننا نعتقد أن التحريف الذي أصاب القرآن تحريف في المعنى والتفسير وليس في اللفظ ، وكذلك فإن الزيادات التي نصت عليها الروايات هي زيادات تفسير وتأويل لا زيادات تحريف ، وعلى ذلك قال علماؤنا وليس غير ذلك ، وقد يقول القائل : وكيف يكون عند أهل البيت قرءاناً آخر ؟ فنرد نعم ، لديهم القرآن على حقيقته ، القرآن الذي يحوي التأويل والحقائق المخبأة عن الناس ، أليس الله يقول : (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) ، وينبغي التنبيه أن الوقف عند قولنا (والراسخون في العلم) ، وليس عند قولنا : (إلا الله) ، لأنه إذا كان عند قول : (إلا الله) ، تكون تكملة الآية : (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) ، فحتى غير الراسخين في العلم يؤمنون به ، فلا تكون خصوصية لهم في الذكر هنا إلا إذا كانوا يعلمون تأويل القرآن ، ومن أعظم مصاديق الراسخين في العلم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فلا عجب أن يكون القرآن الموجود لديهم والمخفي عن الناس مختلف عن القرآن الموجود لدينا ، إذ أنه قرآن يحوي الحقائق المخفية عن الناس (التأويل) كما سبق وقلت .
وهنا يطرح إشكال ، تقولون أن قرآن أهل البيت فيه زيادة ، والزيادة تحريف وليست تفسير أو تأويل ، فنرد على ذلك بقولنا : إن الزيادة لا تعني التحريف إنما التفسير والتأويل ، كيف ؟ نقول إن القرآن مختزل اللفظ ، أي أنه يحتوي على إيجاز عظيم جداً في اللفظ ، وإن الزيادة في اللفظ تكون للتوضيح ، يمكنني أن آتي بمثال من عند السنة في آية المتعة ، وإني لست الآن بصدد إثارة موضوع المتعة إنما فقط لإثبات أن الزيادة تكون لتوضيح المعنى الموجز في لفظ القرآن ، فمن المعروف أن آية المتعة في القرآن هي : ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن أجورهن) ، ولكن عدداً من الصحابة كانوا يقرؤونها هكذا : (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ، أنقل لكم هذا الكلام من تفسير الطبري .
يقول : (أَعْطَانِي اِبْن عَبَّاس مُصْحَفًا , فَقَالَ : هَذَا عَلَى قِرَاءَة أُبَيّ . قَالَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ يَحْيَى : فَرَأَيْت الْمُصْحَف عِنْد نُصَيْر فِيهِ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى ") .
ويقول : (سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ مُتْعَة النِّسَاء , قَالَ : أَمَا تَقْرَأ سُورَة النِّسَاء ؟ قَالَ : قُلْت بَلَى . قَالَ : فَمَا تَقْرَأ فِيهَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى ") .
ويقول : (عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة عَلَى اِبْن عَبَّاس : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ اِبْن عَبَّاس : " إِلَى أَجَل مُسَمًّى " , قَالَ قُلْت : مَا أَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ ! قَالَ : وَاَللَّه لَأَنْزَلَهَا اللَّه كَذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات) .
ويقول : (عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقْرَأ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ ") .
ويقول : (وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَتهمَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " فَقِرَاءَة بِخِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ) .
أقول انظروا أيها المنصفون ، ابن عباس يحلف بالله ثلاثاً أنها نزلت بإضافة (إلى أجل مسمى) ، وسعيد بن جبير يقرؤها بالزيادة ، وأبي بن كعب كذلك ، ومع ذلك فهي غير موجودة في القرآن الموجود بين أيدينا ، في الوقت نفسه يقر الطبري أن هذه القراءة بخلاف مصاحف المسلمين ، ولم يتهم ابن عباس بتحريف القرآن ، ولم يستغل الشيعة هذه الروايات باتهام إخوانهم السنة بالقول بتحريف القرآن ، فكما عند الشيعة أن القرآن الموجود عند أهل البيت فيه اختلاف عن القرآن الموجود لدينا ، فإن السنة كذلك يقرون أن القرآن الموجود عند عدد من الصحابة كان مختلفاً عن هذا القرآن ، وليس في هذه الروايات وتلك ما يدل على تحريف القرآن ، أما مصدر الكلام الذي أتيت به فهو من هذا الرابط :
فهذا عند السنة أن هناك زيادات قد حذفت من القرآن ، فإذا كان ما يرويه الشيعة عن اختلاف القرآن الموجود عند أهل البيت دليل على تحريفه يكون هذا أيضاً دليل على تحريفه عند أهل السنة ، أضف أنه توجد عند السنة آيات كانت تقرأ في عهد رسول الله وفي عهد أبي بكر وعمر ، ومع ذلك لم تدون عندما جمع القرآن ، وما قراءتها في عهد أبي بكر وعمر إلا دليل على عدم نسخها ، فليس كل القرآن الذي كان يقرأ في عهد رسول الله هو موجود في قرآننا ، لأعطيكم مثالاً من كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، كتاب الحدود ، الاعتراف بالزنا .
فيقول : (لما صدر عمر من الحج وقدم المدينة خطب الناس فقال : أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة - ثم قال إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله , فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا , والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) .
ويقول : (في ترجمة داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن عمر " لكتبتها في آخر القرآن ") .
ويقول : (ولولا أن يقولوا كتب عمر ما ليس في كتاب الله لكتبته , قد قرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) .
ويقول : (ومن رواية أبي أسامة بن سهل أن خالته أخبرته قالت " لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم " فذكره إلى قوله " البتة " وزاد " بما قضيا من اللذة ") .
ويقول : (" وأخرج النسائي أيضا أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت " ألا تكتبها , في المصحف ؟ قال : لا , ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ؟ ولقد ذكرنا ذلك , فقال عمر : أنا أكفيكم , فقال : يا رسول الله أكتبني آية الرجم , قال لا أستطيع) .
ويقول : (أن عمر خطب الناس فقال : لا تشكوا في الرجم فإنه حق , ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال : أليس إنني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري وقلت أستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر) .
ويقول : (كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الشيخ والشيخة فارجموهما البتة , فقال عمر : لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أكتبها ؟ فكأنه كره ذلك) .
وفي النهاية قال : (فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها) .
أما هذا القول الأخير في نسخ الآية فهو مردود على المؤلف ، وذلك لوجود الأدلة الصريحة على عدم نسخها .
أما الأدلة على عدم نسخ الآية فهي كالتالي :
1- إن تلاوة هذه الآية حتى عهد عمر دليل على عدم نسخها .
2- قال عمر : (وقد هممت أن أكتبه في المصحف) ، فقوله هممت دليل على عدم نسخها ، فلو كانت نسخت نوقفكم أنه مأخذ على عمر أن يهم بكتابة ما نسخ .
3- كما أن قوله : (يا رسول الله أكتبني آية الرجم) فرد الرسول : (لا أستطيع) دليل أيضاً على عدم نسخها ، فلو نسخت ما كان ينبغي له أن يطلب كتابتها في القرآن ، وكذلك قوله : (أكتبها ؟ فكأنه كره ذلك) دليل عدم النسخ ، يعني إلى هذه الدرجة يريد أن يقول أن الرسول أمر بعدم كتابتها في القرآن ، ولكن دون أن نقول نسخت .
4- لو نسخت الآية لما استدل بها عمر على الرجم ، فإنه لا يصح الاستدلال بالمنسوخ من القرآن ، وهذا ما أراد عمر قوله للناس ، أن الحكم الشرعي لم ينسخ لأن الآية لم تنسخ ، إنما لم يرخص له في كتابتها وتدوينها .
هذا الكلام كله يمكنكم التأكد منه عبر هذا الرابط :
في النهاية ألخص قولي في أن الروايات على وجود زيادات في القرآن موجودة عند السنة والشيعة ، أما مشهور علماء الشيعة فقد أجمعوا أنها لا تدل على تحريف القرآن ، وكذلك مشهور علماء السنة أجمعوا على عدم تحريف القرآن ، فلم يتهم الشيعة السنة بالتهم الباطلة ، ولم يتهم السنة الشيعة بالتهم الباطلة ، إنما البلوشي والدمشقية وكل من على شاكلتهم ممن يريدون التفرقة بين المسلمين هم الذين ألقوا هذه التهم على الشيعة .
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين .
أناشدكم أن تقرؤوا هذه الرسالة على مسامع الناس في قناتكم التي تبث برنامج حوار بين السنة والشيعة حتى أبين بعض النقاط التي لم توضح للسادة المشاهدين ، وإني قد طلبت من المؤمنين أن يمطروكم بالرسائل والفاكسات التي تحوي هذه الرسالة إصراراً منا عليكم لقراءة ملخص الرسالة على الأقل والأدلة الموجودة بها ، فيا أيها المؤمنون جميعاً ، لا يقرأ منكم أحد هذه الرسالة ثم يتخاذل عن نشرها وإرسالها بالبريد أو الفاكس إلى قناة المستقلة .
الكلام حول تحريف القرآن عند الشيعة باطل ، يجمع على بطلانه أشهر علمائنا من بداية الغيبة وحتى اليوم ، وإن الأحاديث الموجودة عندنا إنما لا تفسر كما ذهب البلوشي وغيره ممن يرمون التهم على الشيعة ، وإلا كان القرآن محرفاً عند السنة أيضاً ، وسأوضح ذلك فيما بعد .
إننا نعتقد أن التحريف الذي أصاب القرآن تحريف في المعنى والتفسير وليس في اللفظ ، وكذلك فإن الزيادات التي نصت عليها الروايات هي زيادات تفسير وتأويل لا زيادات تحريف ، وعلى ذلك قال علماؤنا وليس غير ذلك ، وقد يقول القائل : وكيف يكون عند أهل البيت قرءاناً آخر ؟ فنرد نعم ، لديهم القرآن على حقيقته ، القرآن الذي يحوي التأويل والحقائق المخبأة عن الناس ، أليس الله يقول : (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) ، وينبغي التنبيه أن الوقف عند قولنا (والراسخون في العلم) ، وليس عند قولنا : (إلا الله) ، لأنه إذا كان عند قول : (إلا الله) ، تكون تكملة الآية : (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) ، فحتى غير الراسخين في العلم يؤمنون به ، فلا تكون خصوصية لهم في الذكر هنا إلا إذا كانوا يعلمون تأويل القرآن ، ومن أعظم مصاديق الراسخين في العلم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فلا عجب أن يكون القرآن الموجود لديهم والمخفي عن الناس مختلف عن القرآن الموجود لدينا ، إذ أنه قرآن يحوي الحقائق المخفية عن الناس (التأويل) كما سبق وقلت .
وهنا يطرح إشكال ، تقولون أن قرآن أهل البيت فيه زيادة ، والزيادة تحريف وليست تفسير أو تأويل ، فنرد على ذلك بقولنا : إن الزيادة لا تعني التحريف إنما التفسير والتأويل ، كيف ؟ نقول إن القرآن مختزل اللفظ ، أي أنه يحتوي على إيجاز عظيم جداً في اللفظ ، وإن الزيادة في اللفظ تكون للتوضيح ، يمكنني أن آتي بمثال من عند السنة في آية المتعة ، وإني لست الآن بصدد إثارة موضوع المتعة إنما فقط لإثبات أن الزيادة تكون لتوضيح المعنى الموجز في لفظ القرآن ، فمن المعروف أن آية المتعة في القرآن هي : ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن أجورهن) ، ولكن عدداً من الصحابة كانوا يقرؤونها هكذا : (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ، أنقل لكم هذا الكلام من تفسير الطبري .
يقول : (أَعْطَانِي اِبْن عَبَّاس مُصْحَفًا , فَقَالَ : هَذَا عَلَى قِرَاءَة أُبَيّ . قَالَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ يَحْيَى : فَرَأَيْت الْمُصْحَف عِنْد نُصَيْر فِيهِ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى ") .
ويقول : (سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ مُتْعَة النِّسَاء , قَالَ : أَمَا تَقْرَأ سُورَة النِّسَاء ؟ قَالَ : قُلْت بَلَى . قَالَ : فَمَا تَقْرَأ فِيهَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى ") .
ويقول : (عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة عَلَى اِبْن عَبَّاس : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ اِبْن عَبَّاس : " إِلَى أَجَل مُسَمًّى " , قَالَ قُلْت : مَا أَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ ! قَالَ : وَاَللَّه لَأَنْزَلَهَا اللَّه كَذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات) .
ويقول : (عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقْرَأ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ ") .
ويقول : (وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَتهمَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " فَقِرَاءَة بِخِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ) .
أقول انظروا أيها المنصفون ، ابن عباس يحلف بالله ثلاثاً أنها نزلت بإضافة (إلى أجل مسمى) ، وسعيد بن جبير يقرؤها بالزيادة ، وأبي بن كعب كذلك ، ومع ذلك فهي غير موجودة في القرآن الموجود بين أيدينا ، في الوقت نفسه يقر الطبري أن هذه القراءة بخلاف مصاحف المسلمين ، ولم يتهم ابن عباس بتحريف القرآن ، ولم يستغل الشيعة هذه الروايات باتهام إخوانهم السنة بالقول بتحريف القرآن ، فكما عند الشيعة أن القرآن الموجود عند أهل البيت فيه اختلاف عن القرآن الموجود لدينا ، فإن السنة كذلك يقرون أن القرآن الموجود عند عدد من الصحابة كان مختلفاً عن هذا القرآن ، وليس في هذه الروايات وتلك ما يدل على تحريف القرآن ، أما مصدر الكلام الذي أتيت به فهو من هذا الرابط :
فهذا عند السنة أن هناك زيادات قد حذفت من القرآن ، فإذا كان ما يرويه الشيعة عن اختلاف القرآن الموجود عند أهل البيت دليل على تحريفه يكون هذا أيضاً دليل على تحريفه عند أهل السنة ، أضف أنه توجد عند السنة آيات كانت تقرأ في عهد رسول الله وفي عهد أبي بكر وعمر ، ومع ذلك لم تدون عندما جمع القرآن ، وما قراءتها في عهد أبي بكر وعمر إلا دليل على عدم نسخها ، فليس كل القرآن الذي كان يقرأ في عهد رسول الله هو موجود في قرآننا ، لأعطيكم مثالاً من كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، كتاب الحدود ، الاعتراف بالزنا .
فيقول : (لما صدر عمر من الحج وقدم المدينة خطب الناس فقال : أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة - ثم قال إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله , فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا , والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) .
ويقول : (في ترجمة داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن عمر " لكتبتها في آخر القرآن ") .
ويقول : (ولولا أن يقولوا كتب عمر ما ليس في كتاب الله لكتبته , قد قرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) .
ويقول : (ومن رواية أبي أسامة بن سهل أن خالته أخبرته قالت " لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم " فذكره إلى قوله " البتة " وزاد " بما قضيا من اللذة ") .
ويقول : (" وأخرج النسائي أيضا أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت " ألا تكتبها , في المصحف ؟ قال : لا , ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ؟ ولقد ذكرنا ذلك , فقال عمر : أنا أكفيكم , فقال : يا رسول الله أكتبني آية الرجم , قال لا أستطيع) .
ويقول : (أن عمر خطب الناس فقال : لا تشكوا في الرجم فإنه حق , ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال : أليس إنني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري وقلت أستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر) .
ويقول : (كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الشيخ والشيخة فارجموهما البتة , فقال عمر : لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أكتبها ؟ فكأنه كره ذلك) .
وفي النهاية قال : (فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها) .
أما هذا القول الأخير في نسخ الآية فهو مردود على المؤلف ، وذلك لوجود الأدلة الصريحة على عدم نسخها .
أما الأدلة على عدم نسخ الآية فهي كالتالي :
1- إن تلاوة هذه الآية حتى عهد عمر دليل على عدم نسخها .
2- قال عمر : (وقد هممت أن أكتبه في المصحف) ، فقوله هممت دليل على عدم نسخها ، فلو كانت نسخت نوقفكم أنه مأخذ على عمر أن يهم بكتابة ما نسخ .
3- كما أن قوله : (يا رسول الله أكتبني آية الرجم) فرد الرسول : (لا أستطيع) دليل أيضاً على عدم نسخها ، فلو نسخت ما كان ينبغي له أن يطلب كتابتها في القرآن ، وكذلك قوله : (أكتبها ؟ فكأنه كره ذلك) دليل عدم النسخ ، يعني إلى هذه الدرجة يريد أن يقول أن الرسول أمر بعدم كتابتها في القرآن ، ولكن دون أن نقول نسخت .
4- لو نسخت الآية لما استدل بها عمر على الرجم ، فإنه لا يصح الاستدلال بالمنسوخ من القرآن ، وهذا ما أراد عمر قوله للناس ، أن الحكم الشرعي لم ينسخ لأن الآية لم تنسخ ، إنما لم يرخص له في كتابتها وتدوينها .
هذا الكلام كله يمكنكم التأكد منه عبر هذا الرابط :
في النهاية ألخص قولي في أن الروايات على وجود زيادات في القرآن موجودة عند السنة والشيعة ، أما مشهور علماء الشيعة فقد أجمعوا أنها لا تدل على تحريف القرآن ، وكذلك مشهور علماء السنة أجمعوا على عدم تحريف القرآن ، فلم يتهم الشيعة السنة بالتهم الباطلة ، ولم يتهم السنة الشيعة بالتهم الباطلة ، إنما البلوشي والدمشقية وكل من على شاكلتهم ممن يريدون التفرقة بين المسلمين هم الذين ألقوا هذه التهم على الشيعة .
تعليق