من جريدة الراي
شنت الصحف المصرية ومعها قطاع كبير من الاخريات العربيات
على «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصرالله هجوماً عنيفاً على خلفية الاتهامات التي وجهها النائب العام المصري للحزب بالتخطيط والإخلال بالأمن في مصر بعد التحقيقات مع اللبناني سامي شهاب، والكشف عن انتماء عدد من المصريين للحزب ودعمهم لفلسطينيي غزة بالسلاح.
بصراحة يبدو أن في الأمر شيئاً ما يُحسب على الجانب السياسي والنفسي «وفش الخلء» أكثر من جانبه القانوني أو الأمني كما يُراد التلويح به، وإليك ما أقصد. تتهم النيابة المصرية سامي شهاب العضو في «حزب الله» بأنه يتجسس لمصلحة الحزب الذي ينتمي إليه. ولكن هذه التهمة وُجهت رغم أن المهمة الموكولة لم تتجاوز نقل وإمداد غزة والعمق الإسرائيلي بالسلاح. أي أن عملية الحزب استهدفت، خصوصاً، نقل السلاح إلى خارج الحدود المصرية، والتجسس ضد مصر ولمصلحة الحزب مهمة لم ترد حسب تصريحات منتصر الزيات، محامي المتهم. ولكن، ومع فرضية التجسس، تظل الحملة الإعلامية الشرسة على الحزب أكبر من حجمها الطبيعي لسببين: تارة لتركيزها على التجسس من دون التهم الأخرى، وتارة لتضخيم الموضوع حتى بالنسبة إلى تهمة التجسس إذا ما صدقت.
ما أقصده أن الإعلام المصري لم يتناول قضية التجسس سابقاً بالحماسة نفسها التي أخذ بتناولها هذه الأيام مع الحزب. فمثلاً أمن الدولة المصري ألقى القبض وقبل عامين تقريباً (2007) على شبكة تجسس تعمل لمصلحة الموساد تضم ضباطاً إسرائيليين ثلاثة، إضافة إلى المصري محمد عصام العطار، وكان ذلك بعد مراقبة استمرت لمدة تزيد على الأعوام الخمسة، ومرت العملية إعلامياً، وكأنه شيء لم يكن أو يستحق الذكر!
الإعلام كذلك تعامل بدم بارد ولم يبالغ في الحجم مع قصص أخرى كالجاسوس عزام عزام الذي حُكم عليه بالسجن 15 عاماً، أو قضية الجاسوس سمير عثمان أو تاجر المخدرات سمحان موسى مطير أو شريف الفيلالي، إلى جانب قضايا تجسسية كثيرة يرفعها البعض في فترة التسعينات لوحدها لأكثر من 25 شبكة عملت لحساب إسرائيل. فلو كان الخلل في الأمن المصري بهذه الحدة، لكان من المنطقي التعامل مع ملف التجسس بالحدة نفسها والمعيار نفسه، سواء أتى من هذا الطرف أو ذاك.
فكما قلت تبدو وكأنها قضية نفسية وسياسية أكثر من كونها أمنية تستحق هذه الغيرة والحماسة الوطنية أو العربية كلها. الغريب في الأمر أن بعض المحللين أخذوا على الحزب مأخذاً شديداً، لأنه عرّض التقارب العربي للخطر! فلو صدقنا هذه الدعوة، ألم يكن من الأجدر بقائلها أن يرى الموقف الإيجابي لنقل السلاح من الحزب إلى الفلسطينيين «العرب» بالعين المأسوية نفسها التي نظر بها تعريض أمن مصر إلى الخطر؟ أما المضحك اتهام الحزب بأنه يهدف لنشر التشيع في مصر، وهي دعوة ساذجة لا أظنها تستحق عناء التعليق!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
hasabba@gmail.com
شنت الصحف المصرية ومعها قطاع كبير من الاخريات العربيات
على «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصرالله هجوماً عنيفاً على خلفية الاتهامات التي وجهها النائب العام المصري للحزب بالتخطيط والإخلال بالأمن في مصر بعد التحقيقات مع اللبناني سامي شهاب، والكشف عن انتماء عدد من المصريين للحزب ودعمهم لفلسطينيي غزة بالسلاح.
بصراحة يبدو أن في الأمر شيئاً ما يُحسب على الجانب السياسي والنفسي «وفش الخلء» أكثر من جانبه القانوني أو الأمني كما يُراد التلويح به، وإليك ما أقصد. تتهم النيابة المصرية سامي شهاب العضو في «حزب الله» بأنه يتجسس لمصلحة الحزب الذي ينتمي إليه. ولكن هذه التهمة وُجهت رغم أن المهمة الموكولة لم تتجاوز نقل وإمداد غزة والعمق الإسرائيلي بالسلاح. أي أن عملية الحزب استهدفت، خصوصاً، نقل السلاح إلى خارج الحدود المصرية، والتجسس ضد مصر ولمصلحة الحزب مهمة لم ترد حسب تصريحات منتصر الزيات، محامي المتهم. ولكن، ومع فرضية التجسس، تظل الحملة الإعلامية الشرسة على الحزب أكبر من حجمها الطبيعي لسببين: تارة لتركيزها على التجسس من دون التهم الأخرى، وتارة لتضخيم الموضوع حتى بالنسبة إلى تهمة التجسس إذا ما صدقت.
ما أقصده أن الإعلام المصري لم يتناول قضية التجسس سابقاً بالحماسة نفسها التي أخذ بتناولها هذه الأيام مع الحزب. فمثلاً أمن الدولة المصري ألقى القبض وقبل عامين تقريباً (2007) على شبكة تجسس تعمل لمصلحة الموساد تضم ضباطاً إسرائيليين ثلاثة، إضافة إلى المصري محمد عصام العطار، وكان ذلك بعد مراقبة استمرت لمدة تزيد على الأعوام الخمسة، ومرت العملية إعلامياً، وكأنه شيء لم يكن أو يستحق الذكر!
الإعلام كذلك تعامل بدم بارد ولم يبالغ في الحجم مع قصص أخرى كالجاسوس عزام عزام الذي حُكم عليه بالسجن 15 عاماً، أو قضية الجاسوس سمير عثمان أو تاجر المخدرات سمحان موسى مطير أو شريف الفيلالي، إلى جانب قضايا تجسسية كثيرة يرفعها البعض في فترة التسعينات لوحدها لأكثر من 25 شبكة عملت لحساب إسرائيل. فلو كان الخلل في الأمن المصري بهذه الحدة، لكان من المنطقي التعامل مع ملف التجسس بالحدة نفسها والمعيار نفسه، سواء أتى من هذا الطرف أو ذاك.
فكما قلت تبدو وكأنها قضية نفسية وسياسية أكثر من كونها أمنية تستحق هذه الغيرة والحماسة الوطنية أو العربية كلها. الغريب في الأمر أن بعض المحللين أخذوا على الحزب مأخذاً شديداً، لأنه عرّض التقارب العربي للخطر! فلو صدقنا هذه الدعوة، ألم يكن من الأجدر بقائلها أن يرى الموقف الإيجابي لنقل السلاح من الحزب إلى الفلسطينيين «العرب» بالعين المأسوية نفسها التي نظر بها تعريض أمن مصر إلى الخطر؟ أما المضحك اتهام الحزب بأنه يهدف لنشر التشيع في مصر، وهي دعوة ساذجة لا أظنها تستحق عناء التعليق!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
hasabba@gmail.com
تعليق