إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

السيرة الذاتية لفضيلة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (حفظه الله)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيرة الذاتية لفضيلة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (حفظه الله)

    الشيخ أحمد الوائلي



    مقدمة

    كلنا نعرف إن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من المدارس الجامعة التي اهتمت بنشر علومها ومعارفها إلى كل بقاع العالم، وكسب الناس إلى هذا السلم العظيم من الترقي بالشخصية الإنسانية المسلمة.

    حتى تخرج العديد من العلماء والأدباء والخطباء الذين ذاع صيتهم وعرفت منزلتهم وخاصة في المنبر الحسيني، حتى تهاوت الناس عليهم لحسن خلقهم وتواضعهم وتوددهم إلى الناس الذي هو ضروري لكسب جماهيرية واسعة تعزز من منزلتهم، وتبتعد عن الغرور والتعالي الذي يعتبر من الحواجز التي تقطع تلك العلاقة فيتحجم فيها الإنسان ويصبح بعيداً عن الناس ولا يحسب علينا.

    ومقابل ذلك أن لا ينظر الناس إلى ذلك العالم أو المرتقي إلى السلم المنبري بنظرة من الغلو والمبالغة حتى يضعوه في صورة الرجل الخارق للعادة، لأن ذلك يقود المجتمعات المتخلفة الساذجة في تقيمها لتلك الشخصيات المرموقة والإعلام البارزة إلى تراكم فكري خاطئ والتناقض بين الارتقاء بها إلى السماء أو الهبوط بها إلى الحضيض.

    وهكذا ترى أن أهل البيت (عليهم السلام) يرفضون هذا التطرف والمبالغة في التقويم والمغالاة، والصادق (عليه السلام) يقول: ألا لعن الله الغلاة هلا كانوا يهودا، هلا كانوا نصارى؟!!

    وبناء على ذلك يعتبر الوائلي من الشخصيات المعروفة وفق المقاييس الموضوعية معرضين عن المبالغات والتهاويل التي تتحدث بها ألسنة العوام والبسطاء والطيبين من الناس بناء على ما يمثل الرجل من موقع خطابي متقدم ومركز ديني متميز وشخصية مثيرة شهيرة ومعروفة، وهو من أبرز رموز المنبر الحسيني، وواجهة في واجهات جامعة النجف الأشرف، ومؤسس المدرسة المعاصرة للخطابة الحسينية، والعميد العظيم للسلك الخطابي.

    ويعتبر الوائلي من الشخصيات الاجتماعية البارزة وله علاقات واسعة وكبيرة مع شخصيات علمية وأدبية وسياسية واجتماعية وذلك لما يتمتع به من شهرة عريضة واسعة وحصانة دينية منيعة.

    ولادته وتسميته وعمره

    (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة، ومبشراً برسول من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)[سورة الصف: الآية 6].

    بهذه الآية الكريمة افتتح الشيخ الوائلي مسيرة الحياة. وكان والده ينظر إليه وهو متفاؤل بولادته الذي انتزع اسمه من كتاب الله وكان وقعها مطابقاً لمقتضى الحال حيث كانت ولادته في 17 ربيع الأول بذكرى مولد سيد البشر نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وذكرى مولد حفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) فسماه أحمد بدون تردد وبلا تأمل، وكان هذا في سنة 1347 هـ.

    نسبه وأسرته

    هو الشيخ أحمد بن الشيخ حسون بن سعيد بن حمود الليثي الوائلي. اشتهرت هذه الأسرة في النجف بأسرة آل حرج، وحرج هو اسم الجد الأعلى لها وهو أول من نزح من الغراف بلدهم الأصلي وهبط في النجف الأشرف على أثر معركة بينه وبين بعض العشائر، ففر إلى النجف واتخذها موطناً ومسكناً وملاذاً ولسان حاله:

    بقـــــبرك لـــــذنا والقـــــبور كثيرة ولـــــكن مـــن يــحمي الجوار قليل

    وتوزعت هذه الأسرة في مواطن سكناها على أماكن متفرقة ونواح شتى فقطن القسم الأكبر منها في موطنهم الأصلي في الغراف وقطنت طائفة أخرى في ناحية الحمّار من قضاء سوق الشيوخ ويعرفون بآل حطيط، واستوطن جماعة منهم منطقة الحي واشتهروا بآل باش آغا، بينما استقر بعضهم في الفيصلية وكذلك في أبي صخير وهم يمارسون مهنة الزراعة.

    وهذه الأسرة من الأسرة العربية العريقة التي امتاز بعض رجالها بالأريحية والنخوة والشهامة بالإضافة إلى بروز بعض الشخصيات العلمية والأدبية كالشاعر إبراهيم الوائلي والدكتور فيصل الوائلي وغيرهم من أعلام الأسرة.

    نشأته ودراسته

    لقد تميزت البيئة النجفية بأنها موئل العلم والأدب باعتبارها المركز الحيوي للحوزات العلمية والدراسات الدينية، لذلك كانت رافداً مهماً في حياة شيخنا، حيث انبثق من صميم هذه البيئة المملوءة بالمفكرين والعلماء والخطباء، حتى أصبح شيخنا يمتاز بهذه الشخصية الثرية بالعلم والأدب والخطابة.

    كان قربه من تلك العقول العظيمة وفي رحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أعطت ذلك الفتى الصغير أجواء من الولاء والإيمان الزاخر بالنشاط العلمي والحيوية الدينية، حتى كانت خطوته الأولى هو التوجه نحو مكاتب القرآن الكريم ويتعلم مبادئ القراءة والكتابة ويخزن في عقله الآيات، وكان عمره حينذاك سبع سنوات.

    وكان أول أستاذ يتعلم على يديه هو الشيخ عبد الكريم قفطان الذي أشرف على تعليمه في مسجد الشيخ (علي نواية)، ثم ولج المدارس الرسمية وانتسب لمدرسة الملك غازي الابتدائية، ثم دخل في مدارس منتدى النشر حتى تخرج منها في عام 1962، وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ثم أكمل الماجستير في جامعة بغداد.

    وكانت رسالته (أحكام السجون) الكتاب المطبوع المتداول اليوم، ثم قدم الدكتوراه في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة حتى نالها بأطروحته المعنونة (استغلال الأجير وموقف الإسلام منه).

    وإلى جانب ذلك توغل الوائلي بالدراسة الحوزوية وقرأ مقدمات العلوم العربية والإسلامية وتدرج فيها حتى المراحل المتقدمة على يد نخبة من أساتذة الحوزة المبرزين منهم الشيخ علي ثامر، والشيخ عبد المهدي مطر، والشيخ علي سماكة، والشيخ هادي القرشي، والسيد حسين مكي العاملي، والشيخ علي كاشف الغطاء، والسيد محمد تقي الحكيم، والشيخ محمد حسين المظفر، والشيخ محمد رضا المظفر والشيخ محمد تقي الإيرواني، وهؤلاء الأساتذة هم علية القوم ومفاخر الحوزة، وقطع الأستاذ الوائلي شوطاً من حياته الدراسية التي يعتز بها في ظل هذه الكوكبة اللامعة.

    خطابته

    للوائلي تاريخ عريق ومجد أصيل في خدمة المنبر الحسيني الشريف فقد تدرج منذ بواكير حياته في هذا الاتجاه وتبلورت في شخصه إمارات النبوغ وسمات التفوق منذ عهد بعيد حسب ما تنص الوثائق والمستندات التاريخية والاجتماعية حتى أصبح ركناً هاماً من أركان الخطابة الحسينية، وعلماً من أعلامها، إلى أن ألقت إليه زمامها، وسلمته قيادها، بعد أن خلت الساحة من فرسانها، فكان الوريث لميدانها، واستلام عنانها، بحق وجدارة، فهو اليوم أستاذ لجيل من نوابغ الخطباء المعاصرين، ومقياس لمستوى الخطيب الناجح، والعبقرية الفذة في الأسلوب، لذلك اعتبر المؤسس للمدرسة الحديثة لخطابة المنبر الحسيني.

    إن أوليات الأستاذ الوائلي في الخطابة وارتقاء المنبر الحسيني هي في العقد الأول أو على مشارف العقد الثاني من عمره وزاول ما يعرف خطابياً بقراءة المقدمة حتى إذا تناصف العقد الثاني من عمره انفرد بنفسه، وكانت مجالسه الابتدائية في النجف والكوفة والحيرة والفيصلية من بداية الأربعينات من هذا القرن.

    واستمر يقرأ في مختلف المناطق العراقية كالبصرة والشطرة والناصرية والحلة وبغداد والمجر الكبير والسماوة والنجف وكربلاء وبعض القرى والمدن العراقية الأخرى. حتى عام 1951، وفيها دعي للقراءة في الكويت في الحسينية الخزعلية بمناسبة العشرة الأولى من شهر محرم.

    واستمر في مجلسه هذا تسع سنوات بعدها انتقل إلى البحرين في عام 1960 م حتى عام 1965 م في مأتم ابن سلّوم ثم عاد إلى الكويت واستمر حتى منتصف الثمانينات ثم مضى إلى العاصمة البريطانية وقرأ فيها مجالس عاشوراء.

    أما في العشرات الأخرى من الشهر فإنه يوزعها على أقطار وأمصار مختلفة عراقية وغير عراقية، أما في شهر رمضان فكانت مجالسه المشهودة في بغداد ثم انتقل إلى مسجد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة حتى عام 1995 م.

    وعرف عن الوائلي انه لا يقرأ في منطقة أكثر من عشر أيام حتى ينتقل إلى أخرى ويبقى الشوق إلى مجالسه، ويبقى تألقه فوق المنبر.

    شعره

    يتميز شعر الأستاذ الوائلي بفخامة الألفاظ وبريق الكلمات وإشراقه الديباجة، فهو يعني كثيراً بأناقة قصائده، وتلوين أشعاره بريشة مترفة.

    لذلك فهو شاعر محترف مجرب ومن الرعيل الأول المتقدم من شعراء العراق. وهو شاعر ذو لسانين فصيح ودارج، وأجاد وأبدع بكليهما، وهي بحق من عيون الشعر الشعبي كقصيدة (حمد) وقصيدة (سيارة السهلاني) وقصيدة (شباك العباس) وقصيدة (سوق ساروجه) وقصيدة (داخل لندن) وقصيدة (وفد النجف) وكلها من القصائد الرائعة. ويجري الشعر على لسانه مجرى السهل الممتنع بل ويرتجله ارتجالاً.

    ورسم الأستاذ الوائلي قصائده المنبرية بريشة الفنان المتخصص الخبير بما يحتاجه المنبر الحسيني من مستوى الشعر السلس المقبول جماهيرياً وأدبياً فكانت قصائده في أهل البيت طافحة بالحرارة والتأثير.

    وللوائلي دواوين صغيرة مطبوعة تحت عنوان الديوان الأول والديوان الثاني من شعر الشيخ أحمد الوائلي، وقد جمعت بعض قصائده التي تنوعت في مضامينها في ديوانه المسمى باسم (ديوان الوائلي) والتي كانت من غرر أشعاره في المدح والرثاء والسياسة والشعر الأخواني. ومن شعره في أهل البيت قصيدة في رثاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تطبع كغيرها في ديوان شعره مطلعها:

    أفيـــــضي فـــبرد الليل مدّ حواشيه وعــبّي فــــؤاد الكرم راقت دواليه

    وجاء في أواخرها:

    أبــــــا حســـــن والليل مرخٍ سدوله وأنـــــت لـــــوجه الله عــان تناجـيه

    براك الضنا من خوف باريك في غد وقد أمن المغرور مـــن خوف باريه

    وغالتك كـف الرجس فانفجع الهدى وهدّت من الدين الحنــــيف رواسيه

    وهي أكثر من أربعين بيتاً طبعت في كتاب شعراء الغري للخاقاني مع مجموعة أخرى من شعره القديم.

    وله قصيدة في رثاء علي الأكبر في خمس وأربعين بيتاً لم تطبع كذلك في ديوانه، طبعها السيد المقرّم في كتابه (علي الأكبر) مطلعها:

    هــــل مــــن ســـــبيل للرقاد النائي ليداعـــــب الأجــــــفان بــــالإغفاء

    أم إن مـــــا بـين المحاجر والكرى ترة فــــلا يــــألفن غـــــير جــــفاء

    أرق إذا هــــدأ الســــمير تعوم بي الأشــــواق فـــي لجج من البرحاء

    أقسمت إن أرخــــى الظلام سدوله أن لا أفــــارق كــــوكب الخـــرقاء

    فـــــإذا تـــــولى الليل أسلمني إلى وضــــح النــــهار محـطم الأعضاء

    لا عضــــو لي إلا وفيه من الجوى أثر يـــــجر إلـــــيه عــــين الرائي

    قــــلق الوضين أبيت بين جوانحي همـــــم تــــحاول مصــعد الجوزاء


    مؤلفاته

    لاشك أن التأليف فن قائم بذاته كفن الخطابة وكموهبة الشعر وغيرها من الفنون والمواهب الأخرى.. إلا أن الوائلي يعتبر خطيباً أفضل منه كاتباً. وهذه أهم مؤلفاته والتي تناول فيها جوانب مختلفة وطرق أبواباً شتى:

    هوية التشيع.

    نحو تفسير علمي للقران.

    من فقه الجنس.

    ديوان شعر2،1.

    أحكام السجون.

    استغلال الأجير.

  • #2
    كتب- السيد داخل السيد حسن


    اعتادت الطبقات العامة من الناس بما في ذلك العوام من طلبة العلوم الدينية، والمتطفلين على السلك المنبري، أن تنظر إلى المشاهير والشخصيات التي احتلت موقعاً متميزاً من الصيت والشهرة بمنظار خارق للوضع الاعتيادي، وتقوّم هؤلاء بمقياس يتجاوز المقاييس الطبيعية، وتتعامل معهم بمنطق الانبهار والتعظيم فتضفي عليهم من النعوت والتصورات الساذجة، وتحيط تلك الشخصية بهالة من التهيّب والمبالغات والتهويل.

    ومن صميم هذه النظرة المتطرفة نشأ الغلو عند بعض الشعوب والجماعات المتخلفة، وقد كافحت مدرسة أهل البيت عليهم السلام هذا الاتجاه في حياة الناس أشد المكافحة، كما فعل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مع أولئك الذين ألّهوه عندما حاورهم في شهر رمضان لمّا رأى عدم إلتزامهم في أداء فريضة الصوم قائلاً أأنتم مرضى أم على سفر؟ قالوا: لا ذا ولا ذاك! قال: إذاً لم أفطرتم؟ فقالوا: أنت أنت، فاستتابهم فأبوا إلا الكفر، فحفر لهم خندقاً وأحرقهم بالنار وهو القائل:
    لمّا رأيت الأمر أمراً منكرا
    أججت ناري ودعوت قنبرا
    وجاء عن الإمام الصادق عليه السلام تصريحاً شديد اللهجة بشأن الغلاة قائلاً: ألا لعن الله الغلاة هلا كانوا يهوداً، هلا كانوا نصارى؟!!.

    وهكذا نرى مدرسة أهل البيت عليهم السلام ترفض اشد الرفض التطرف والمبالغة في التقويم والمغالات بشخصياتهم المثالية الطاهرة، والارتفاع بها إلى مصاف الآلهة نتيجة الجهل والتخلف والضلال.
    بينما نرى الجبابرة الذين استغلوا هذه السذاجة عند الناس ومباركتها والاستفادة منها كما فعل معاوية مع أولئك الذين دخلوا عليه مسلّمين بالرسالة قائلين: السلام عليك يا رسول الله، فلم ينكر عليهم ولم يرفض هذا الأسلوب المقيت.
    وهكذا هي حالة المجتمعات المتخلفة، والفئات الساذجة في تعاملها وتقويمها للشخصيات المرموقة، والأعلام البارزة، تعيش حالة التناقض بين الارتقاء بها إلى السماء أو الهبوط بها إلى الحضيض.

    وبناءً على هذا نحاول جاهدين دراسة شخصية الأستاذ الوائلي المعروفة وفق المقاييس الموضوعية معرضين عن المبالغات والتهاويل التي تتحدث بها ألسنة العوام والبسطاء الطيبين من الناس بناءً على ما يحتل الرجل من موقع خطابي متقدم ومركز ديني متميّز وشخصية منبرية شهيرة ومعروفة.

    وفي هذه الترجمة ألزمت نفسي أن أتحدث عنه بأمانة وتجرد وحياد دون تأثر بأي ظرف من الظروف السلبية أو الإيجابية فأسطر الانطباعات والبصمات الحقيقية لتجربة طويلة استمرت ما يقرب من ربع قرن من الصلة الوثيقة والعلاقة القريبة والمعرفة التامة معتزاً بشخصيته، مستفيداً من خبرته، تلميذاً في مدرسته إلا ان في الاتصال الوثيق مع هذا الرجل مزيداً من المشقة والمعاناة وسوف ألخص في هذه الأسطر خلاصة التجربة، وزبدة المخاض واضعاً في أعماق ضميري رقابة الله وأمانة التاريخ وشرف المسؤولية.

    لا شك أن الأستاذ الوائلي رمز من أبرز رموز المنبر الحسيني، وواجهة من واجهات جامعة النجف الأشرف، ومؤسس المدرسة المعاصرة للخطابة الحسينية، والعميد الفعلي للسلك الخطابي – إن صح التعبير – فهو الأكبر سناً والأكثر تجربة والأشهر صيتاً، والأجدر كفاءة وثقافة أن يتسنم الذرى في عمادة المنبر الحسيني المعاصر، فهو الذي لم يضارعه خطيب في قوة شخصيته وتأثير أسلوبه وسحر بيانه، لذا انتسب لمدرسته جيل من نوابغ الخطباء، واستفادت من مناهجه وطروحه الطلائع اللامعة من أرباب الفن المنبري.

    وإذا أردنا أن نضيف إلى شخصيته الخطابية شيئاً آخراً، فهو شخصية اجتماعية بارزة، تمتلك شبكة علاقات واسعة مع مختلف الشخصيات العلمية والأدبية والسياسية والاجتماعية لما يتمتع به من شهرة عريضة واسعة، وحصانة دينية منيعة، ومهابة فاعلة في نفوس الناس مستمدة من نفحات سيد الشهداء عليه السلام، وإن لم يستفد من تلك العلاقات وذلك الجاه العريض أحد سواه، فهو ضنين جداً على إخوانه وزملاءه ولا يسخو أبداً بجاه أو نفوذ أو صلاحيات اجتماعية لإغاثة ملهوف أو مساعدة محتاج، إلا ما ندر.

    الوائلي من الخطباء النوادر الذين لم يخفقوا أو يتعثروا في مسيرة حياتهم المنبرية، فلقد بقي محافظاً على المستوى الرفيع لخطابته طيلة خمسين عاما، أو تزيد، وإن اكتشف أخيرا كثرة اعادته وتكراره لمواضيعه ومجالسه أو دمج بعضها بالبعض الآخر واستعادة الكثير من الشواهد والهياكل العامة بل وحتى التعاليق التي اعتاد لسانه عليها، وذلك أمر لا يخفى على ذوي الخبرة والاختصاص مما جعل الناس تنحسر وتتقلص نسبياً عن الحضور تحت منبره، والاتجاه إلى خطباء مجددين آخرين في المؤسسة الحسينية الشريفة، بيد أن مجالسه تبقى متميزة بطعم الأصالة ونكهة الخبرة واللوذعية، وغزارة المادة ودسومة الحديث، وإن كا بعضه معاداً ومكرراً، وفوق كل ذلك شخصيته المؤثرة، ومكانته المتميزة.

    وكما أن شيخنا المترجم ثري علمياً وأدبياً فله الثراء الطائل مادياً أيضاً مما جعله يعيش أسلوباً متميزاً من العيش وحالة خاصة من التعامل مع أصحاب المجالس بحيث يملي شروطه ويفرض إرادته عليهم بلباقة دون الاكتراث بأحد وهو يعلم أنهم بحاجة إليه وليس هو بحاجة إلى مجالسهم حتى أنه قال يوماً لأحدهم على سبيل الدعابة والميانة في أيام محرم: أنا لا أقرأ لك هذه الليلة!. وجنّ جنون ذلك الرجل كيف لا تقرأ ولماذا؟؟!! قال: بلى إلا أن تقف على يديك ورجليك وامتطي ظهرك على رغم أنفك حينئذ أقرأ هذه الليلة وإلا فلا!! ويمزج الجد بالهزل والقصد بالمزح، كل ذلك شعوراً منه بالزهو والتفوّق والاعتداد بالنفس، بينما يتطلع غيره من الخطباء إلى فرصة مؤاتية للارتباط ببعض تلك المجالس دون قيد أو شرط، بل ربما تفرض عليه قيود وشروط فيذعن لها مرغماً دون القناعة بصحتها وعدم الإيمان والاعتقاد باهميتها وجدواها، وهذا ما يستحيل أن يفعله الوائلي. غير أن له أسلوبه الفني الخاص، وطريقته الحكيمة المحكمة في فرض شخصيته على بعض أصحاب المجالس والشخصيات التجارية والاجتماعية وتوثيق الصلة بهم وتمتين العلاقة معهم باتصاله الدائم وسؤاله المستمر وهداياه الرمزية وتفقده لهم في المناسبات الاجتماعية والعائلية، وهذا ما لا يفعله الوائلي مع سائر الناس بما فيهم المريدون له والمحبون لشخصيته.

    بين الأمس واليوم:
    من الصور المطبوعة في أرشيف الذاكرة ما يعود تاريخياً إلى ثلاثة عقود خلت تعود بي الذكريات وترجع عجلة الزمن القهقرى إلى دور النشأة الأولى في أجواء المجالس الدورية المنتظمة في مدينتنا الصغيرة – الخضر – ففي كل ليلة على امتداد العام ومدار السنة تعقد المجالس الحسينية بشكل دوري رتيب في ديار الكرام وبيوت المؤمنين من أهلنا وأبناء قومنا، أذكر منها بيت السادة آل السيد جاسم، وبيت أخوالنا آل وليد الطائي – قوّام مقام الخضر – وبيت آل الحاج جبر، ودار العلامة الجليل الشيخ محسن الشيخ حسن آل كريم البزوني وكان هذا الرجل من العلماء الزهاد والأتقياء والأبدال، وقد رافقته حضراً وسفراً فما كان يبارح صلاة الليل والتهجد بالأسحار وكثرة الدعاء والزيارة والتعبد خصوصاً في أماكن العبادة المقدسة كمراقد الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وقد عاش ما يقرب من السبعين عاما وتوفي في خضم العهد المظلم والظروف السوداء حيث خنق الحريات واضطهاد الأحرار والشرفاء ومطاردة المؤمنين، وسمعنا بخبر وفاته ونحن في بلد المهجر، وبلغنا أن الجماهير الغفيرة المكبوتة التي شيّعت جثمانه الكريم، كانت أمواجاً متلاطمة تشق طريقها في أجواء الحزن والأسف لفقد شيخها وعميدها الذي مثل صلابة المؤمن في سلوكه وتعامله مع أزلام النظام الذين حاولوا استمالته إلى جانبهم وحضور مناسباتهم بشتى الطرق، إلا أنه رفض أي نوع من أنواع التعاون والركون إلى تحقيق مآرب القتلة والسفاحين، حتى أنه غضب على بيت من بيوت وجهاء البلد وقاطع مجلسهم الحسيني لأنهم رفعوا صورة الطاغية في صالة دارهم التي يعقد بها ذلك المجلس.
    ومن مؤلفات هذا العلم المغمور كتاب النقد السديد لابن أبي الحديد في شرح الخطبة الشقشقية الذي طبع في النجف الأشرف بمطبعة النجف منذ عهد قديم، وما رايته منذ ذلك العهد حتى عثرت على نسخة منه حديثاً في مكتبة الإمام الصادق في الكويت.
    وشاهدي أن في شريط الذكريات ذلك المجلس الحسيني الأسبوعي الذي كان يعقد في باحة داره الواسعة، وغالباً ما كان الخطيب فيه هو الشيخ أحمد الوائلي ولكن ليس شخصياً وإنما عبر أشرطة التسجيل، ولم تكن اشرطة التسجيل بذلك الوقت متوفرة بهذه الكثرة، ولا نظام أشرطة الكاسيت كما هي اليوم من الانتشار، وإنما كانت المسجلات القديمة كبيرة الحجم وغالباً ما كانت من ماركة كروندك الألمانية أو توشيبا اليابانية ذات الأشرطة المستديرة المصطلح عليها محلياً (البكر) هي المتداولة والمعروفة.
    أجل: كنا نتحلق حول جهاز التسجيل ويبتدأ الوائلي قرائته كما هو المعروف بآية قرآنية ثم يعقبها فوراً بديباجته التقليدية الخاصة في الآية الكريمة مباحث هامة أعرض لها إن شاء الله على التوالي: فيشد أسماعنا اصغاءاً إليه، ونتابع ما يقوله بشوق ولهفة وإعجاب، نتداول أحياناً ما بيننا بعض الدعابات أو التعاليق البريئة على ما يتحدث عنه وما يعلق ببالي من تلك التعاليق اللاذعة، ما اعترض به المرحوم حسين الحاج كاظم الطائي وكان رجلاً لوذعياً، خارق الذكاء، وافر العقل، مليح القول، كما كان شاعراً شعبياً مجيداً له صحبة مع معظم الخطباء الذين توافدوا للقراءة في الخضر، ومن أكثر هؤلاء صحبة له هو الشيخ منديل التميمي والشيخ شاكر الوائلي والشيخ مجيد الصيمري والشيخ جعفر الهلالي وغيرهم، وكنموذج للتعريف بعقلية هذا الرجل وتفكيره الواعي وحسّه الولائي اهزوجته التي هزت كربلاء في أحد السنين في موكب الخضر عندما صاح بلهجته العشائرية واسلوبه الشعبي المصطلح عليه (بالهوسة) قائلاً:
    شلون تجاسر بجدل قص مفتاح القاصة أل بيها أسرار الدين
    وبجدل – كما هو معلوم – هو الرجس الذي رام أن يسلب الحسين شيئاً فلم يجد سوى خاتماً جمدت عليه الدماء فقطع الإصبع الشريف وانتزع الخاتم بكل ضعة ولؤم ودناءة.
    فبينما نحن في هدأة الإصغاء لحديث الوائلي وكان الحديث يدور حول نظام تأسيس الأسرة في الإسلام، وتذليل العقبات في تسهيل الزواج وأن من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، فأنبرى المرحوم (حسين) مخاطباً الشيخ المترجم بأريحية ولطافة: لو تقدمت خاطباً منك ابنتك ذات العين الممزقة أكنت تزوجني بيسر وتسهيل ودون عقبات وشروط؟؟!. مشيراً بذلك إلى شريط استمعنا إليه في المجلس السابق يتحدث فيه الشيخ عن إحدى كريماته التي أصيبت عينها على أثر كسر زجاجة في البيت حتى تقطعت العين ثم برئت بكرامة للإمام موسى بن جعفر عليه السلام، وقد نمقها الشيخ بأسلوب درامي مؤثر، وتصوير حبكه بلباقة قصصية، وقد اشتهر وذاع بين الناس يومئذ، فإليه يؤشر صاحبنا المستمع مع تقديره واعتزازه للإستاذ الوائلي، وهذا ما يدلل على تفاعل شريحة كبيرة من الناس وتقبلها لما يقول ويطرح، ولكن يبقى هناك من يشكك أن زخرفة القول ورصانة التعبير على المنبر شيء والتطبيق العملي شيء آخر.
    من ناحية أخرى هناك الكثير من الإشكالات الفقهية التي كان يلتفت إليها العلامة السالف الذكر الشيخ محسن الشيخ حسن ويشير إليها وينبهنا عليها ورعاً منه وشعوراً بوجوب إيضاح الحكم الشرعي الذي اشتبه الشيخ في نقله على المنبر وهو يحمل إخلاصاً وتقديراً لفضيلته بالإضافة إلى ما تربطه به من وشائج الرحم والقرابة فهو ملتقى الخؤولة التي تربط الدكتور فيصل الوائلي بخالي أبي فريد الحاج حسون عبد الرزاق، فهما ولدا خاله، ومن هنا تنبعث رائحة للقرابة بيننا وبين الوائلي ولكنها رائحة لا طعم لها ولا لون ولا أثر!.
    وقد يشتبه شيخنا المترجم في مجالسه حتى في قراءة بعض نصوص القرآن الكريم وهذا اشتباه لا يغتفر بحال، ولذلك نراه إذا ما التفت أو نبهه أحد سرعان ما يتدارك التصحيح في المجلس اللاحق والإشارة إلى الخطأ السابق حيث لا مفر من الاعتراف ولا مناص من الإذعان إلى ضبط النص القرآني حسب الأصول.
    ومن خلال تجربتي المتواضعة وقربي منه أنه لا يتنازل لنقد ولا يرضى بتنبيه على خطأ أبداً حتى ولو كان ذلك الخطأ مطبعياً!!.

    فمن ذكرياتي في هذا الصدد عندما طبع كتابه (هوية التشيع) في طبعته الأولى، قرأته وسبرت فصوله وكتبت عنه بعض الملاحظات ثم أحصيت له الأخطاء المطبعية حرصاً مني على تلافيها في الطبعات اللاحقة بنية صافية، وخدمة خالصة، فلم يكترث ولم يتقبل مني جدولة الأخطاء، فاستغربت من عدم اعتنائه وقبوله تصحيح أخطاء مطبعية لا يخلو منها كتاب، ولا تمس شخصيته من قريب ولا بعيد!!.

    أما إذا نقده أحد في فكرة يطرحها أو رأي يؤمن به أو قضية يثيرها فلا يكاد يسيطر على أعصابه من شدة الإنفعال والتأثر وعدم السماح في إبداء الرأي الآخر فضلاً عن الإيمان به والرضوخ لأحقيته.

    والخلاصة أننا كنا مولعين بمجالسه منذ الطفولة المبكرة نستملح ما يقول، ونستعذب ما يقرأ، ونؤمن بما يطرح إيماناً تعبدياً، ولا نعير اهتماماً للنقد أو الإشكالات التي تثار حول قراءته وكأنه (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)!!.

    وجدير بالإشارة إلى أن أغلب ألفاظه ومصطلحات قراءته انطبعت في لوحة ذاكرتي منذ ذلك العهد، وكما قيل أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، فلا زلت أحتفظ برصيد كبير من التعابير وفنون الكلمات المنبرية، تلقيتها عن طريق المدرسة الصوتية لشيخنا المترجم إن صح التعبير. تلك المدرسة التي تولعت فيها صغيراً وتعلمت فيها ناشئاً وكبيراً، ثم التقيت شيخنا المترجم في النجف الأشرف في أواخر الستينات خطيباً تهطع له الأسماع وتذهل له الألباب، ولا أنسى مجلسه في المناخة بشارع المدينة والأمواج البشرية تتدفق غادية ورائحة زرافاتاً ووحدانا، فإذا ما ارتقى المنبر مهاباً وقوراً اشرأبت الأعناق وشخصت الأحداق وهدأت الأصوات ولم ينبس أحد ببنت شفة، وكنت ألتقط ما يقول وأكتب ما يطرح وأسجل كل شاردة وواردة، وأدوّن كل إشارة أو إلتفاتة بارعة، وهكذا يفعل غيري من المعجبين والخطباء الناشئين وكنا نتبع مجالسه حتى خارج النجف، فقد كنا نقصد خصيصاً لحضور مجلسه بعد زيارة سيد الشهداء عليه السلام في كربلاء المقدسة في حديقة بيت أبي الطحين الذي يلتزم له بقراءة عشر ليال كاملة.

    وكانت مجالسه السنوية في النجف معروفة لدينا كمجلس الجامع الهندي، ومجلس الميدان، ومجلس المناخة، ومجلس الكوفة، ومجلس موظفي مصرف الرافدين، وغيرها. وغالباً ما كان يقرأ له مقدمة تلك المجالس سيادة الزميل المظلوم المأسوف على شبابه الأستاذ السيد عبد الرزاق القاموسي فرّج الله عنه، حتى إذا حان موعد المجلس السنوي لموظفي مصرف الرافدين جائني الصديق الكريم العلامة الشيخ فاضل السهلاوي وكنا نسكن معاً في فندق استأجره السيد محسن الحكيم قدس سره خصيصاً لسكنى طلبة الحوزة العلمية في النجف عندما ضاقت المدارس الدينية، وامتلأت حجراتها بطلاب العلم من مختلف الأقطار والأمصار فأصبح هذا الفندق بكامله بمثابة المدرسة الدينية أو السكن الداخلي لمنتسبي الدراسات الدينية في النجف الأشرف.
    ولما هاجر شيخنا الفاضل من آل سهلان من البصرة إلى النجف طلباً للعلم هبط في هذه المؤسسة الدينية بتوسط السادة الكرام من آل بحر العلوم الذين تربطهم علاقة حميمة بأبيه الحجة العلم الشيخ محمد جواد السهلاني، وكنت قد سبقته في النزول بهذه المؤسسة، وعندما حل بيننا شاباً لطيفاً وديعاً أريحياً توثقت علاقتي به وكنا نشكل شلة من الأصدقاء كالسيد محمد زكي السويج والسيد محمد رضا بحر العلوم والشيخ عدنان الجباري والشيخ علي قبلة والشيخ عباس المطراوي وغيرهم. ولا زلت أحتفظ ببعض الذكريات الجميلة الطيبة مع شيخنا الفاضل، ففي يوم من تلك الأيام اللطيفة جائني يحمل دعوة لي من الشيخ الوائلي للقراءة معه في مسجد الجزائري بمجلس موظفي مصرف الرافدين فمضيت إليه وقرأت معه عشر ليالي في المجلس المذكور وكان هذا أول مجلس اقرأه مع الوائلي، وأول لقاء وتعارف شخصي وعملي بيني وبينه، ثم تتابعت لقاءاتي واتصالاتي به سواءً في جمعية منتدى النشر أو في بيته أو في المجالس العامة، فقرأت معه في مجالس الخطباء، وفي مجالس الكويت حتى لامني أحد أساتذتي الآخرين، وكان حسن الظن بي وأني أصبحت في عداد الخطباء فلماذا الاقتصار على قراءة المقدمة حتى ولو كان الخطيب هو الأستاذ الوائلي، وكنت لا أرى بذلك بأساً بل اعتزازاً وفخراً.

    ثم كنت أرتاد مجلسه الحسيني السنوي الذي كان يقيمه في بيته بمنطقة الحنانة بعد فراغه من مجالسه والتزاماته وغالباً ما كان يقتصر على ثلة من الخطباء والأدباء، وكان الخطيب فيه الأستاذ السيد حبيب الأعرجي وكان مجلساً سنوياً منتظماً ثم تلكأ في ظروف الهجرة وعدم الإستقرار وتقطع بعد أن خرج الشيخ من العراق وحط رحله مبدئياً في الكويت، ثم عاد مجلسه إلى الانعقاد عندما ألقى الشيخ عصاه واستقر به النوى في دمشق، وحالفني التوفيق أن أكون خطيب ذلك المجلس بحضور الأساتذة العلماء والخطباء وجمهرة المؤمنين والمثقفين لخمس سنوات متتالية بدعوة واختيار ونص وتعيين من سماحة شيخنا الأستاذ، ولم ألق منه سوى كلمة طيبة لا زال صداها يرن في مسمعي عند خروجي وتوديعي له في بيته وهي: بيّض الله وجهك كما بيّضت وجهي.
    وكنا نعتني غاية الإعتناء في خدمة هذا المجلس والشيخ يستشيرنا في شؤونه ومراسم ضيافته، وما ينبغي أن يقدم للضيوف من طعام وشراب ونحن رهن الإشارة متطوعين في استقبال الضيوف وتوديعهم والانهماك في الإعداد لراحتهم وتقديم أفضل الخدمات لهم بنيّة خالصة وطويّة مخلصة، حتى إذا وقعت الواقعة التي رفعت قوماً وخفضت آخرين تسلل من يجيد التسلل، وقفز إلى المنبر من يتقن لعبة القفز برجل معوّقة عرجاء دون مراعاة للأصول واللباقة، بل بدناءة وصفاقة سواء في مجلسه الخاص أو المجالس الأخرى التي استعمل نفوذه في الإيعاز إليهم لاستبدال خطيبهم التاريخي بمرشحين من قبله بدافع الغضب وعدم المروءة، فبادر هؤلاء وكأنهم يتربصون الدوائر ويتحيّنون الفرص للانقضاض على حطام زميلهم المعتق بدلاً من الوقوف بشرف ورجولة لإنصاف المظلوم ورأب الصدع، ولكن المطامع الرخيصة والنفوس اللئيمة دفعتهم لاحتلال المواقع، واجتياح المجالس ظلماً واغتصاباً متسترين بأغطية وأقنعة هي أوهى من بيت العنكبوت!!.

    أجل هكذا تطورت علاقتي بالأستاذ المترجم وخصوصاً في ظلال الهجرتين الكويتية والدمشقية، فقد لازمته ملازمة وثيقة، وصحبته صحبة حميمة، في الحضر والسفر، وتتلخص تجربتي الشخصية ودراستي العلمية وإطلاعي الكامل على معالم شخصيته بمساحة زمنية جاوز طولها ربع قرن من العلاقة المؤكدة والمعرفة التامة حتى تجلت لي الكثير من الحقائق الثابتة، وتبلور لدي المزيد من الخصال والسجايا والصفات العامة والخاصة لهذه الشخصية المتميزة المعروفة.

    سلوكه الشخصي أو الوجه الآخر:
    للوائلي شخصيتان: الشخصية المنبرية، والشخصية السلوكية وتنفرد كل منها باستقلالها وسماتها المميزة وكيانها الخاص. ولا أستطيع أن أتجرأ على تعريف هاتين الشخصيتين بتعبير ملائم ومنسجم، ولم أجد عبارة تقويمية حقيقية أنسب من العبارة التي أطلقها بصدق وإخلاص الفقيد الراحل سيد العلم والتحقيق السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب على لسان عامة الناس مشيراً إلى شخصيته المنبرية بقوله: على أن الناس مجمعون على أن في طليعتهم – أي الخطباء – من أنسى المتقدمين، وبذّ المتأخرين، وحاز قصبات السبق وفاز بحلبات الفخر (من لا يحضره الخطيب/ج2/ص21)
    بينما يقوّم شخصيته السلوكية بما يلي: (لو كان الشيخ أحمد خطيباً فاشلاً لحقد على كل الدنيا).
    ولعمر الحق ذلك تقويم الخطيب الخبير، فمن دواعي الأسف أن يهبط هذا العملاق فيفتعل أسباب الخصومة دون أدنى مبرر ثم لا تنتهي خصومته ولا يتوقف حقده عند حدود إنسانية أو موازين شرعية بل ولا حتى ضوابط أخلاقية وقد أعلن بنفسه، وصرّح بلسانه في الشريط الشهير المعروف عن الإمام موسى بن جعفر في قصة كريمته التي تقطعت عينها بحادث منزلي ثم عوفيت بكرامة للإمام – على حد زعمه – يقول في نفس الشريط المسجل: (فصرت أحقد على كل فتاة التقيتها في الطريق وأرى عينيها سالمتين، ثم تعوّذت بالله من هذه النفس الشريرة!!)
    وفي نفس السياق إذا حضر محفلاً لزفاف أحد الشباب المؤمنين يدعى إليه ببراءة وحسن ظن، يمتزج عنده الحزن بالحقد لماذا يزف هذا ويحضر هو بنفسه مناسبة عرسه وفرحته، بينما يحرم من الحضور في مناسبات أسرته الخاصة، ومحافل زفاف أولاده والحال أن الجميع في عداد أسرته وأولاده!!.

    والويل ثم الويل لمن يتورط معه بخصومة أو اختلاف كائناً من كان فهو على أتم استعداد لمناطحة حتى مراجع الشريعة كما حصل في هجائه للسيد كاظم اليزدي والسيد محسن الحكيم في قصيدته المعروفة (شبّاك العباس)!! ثم تشهيره وتقليده الساخر بالمرحوم السيد جمال الخوئي لسلب الثقة منه بناءً على استلامه مبلغاً كبيراً يعود لسماحة الإمام الخوئي كحق شرعي من مقلديه في الخليج، ثم إدعاؤه توزيعه على المحتاجين من المهجرين العراقيين في دمشق، ولم يطمئن السيد لذلك، ولم يوافق على التصرف بغير اذنه، لا سيما وأن الشيخ إن دفع شيئاً ضئيلاً لبعض المعوزين يعطيه باسمه وكأنه من ماله الخاص، فطالبه السيد الخوئي بتسديد المبلغ فثارت ثائرته وأطلق عقيرته في النيل من الخوئي وابناءه، ثم سرعان ما تبدل وانضوى تحت لواءهم خصوصاً بعد وفاة السيد الخوئي فبادر متقرباً لأبنائه الصغار الذين بأيديهم الحل والعقد مادحاً لهم بأشعاره ومهنئاً لهم بقصائده المنشورة في مجلة الموسم، لأنه ينتفع منهم في القراءة بمركزهم في لندن عندما اضطربت الأحوال في الخليج ولوجود بعض المنافع والمصالح الأخرى.

    وحقاً أن هذا الرجل غريب الأطوار متناقض السلوك متقلب المزاج، فبينا تراه يتفجر غيظاً وحنقاً على خصمه ويطلق لسانه تشهيراً وتجريحاً لا يقف عند حد، فإذا ما اقتضى الأمر وشاءت السياسة أن ينقلب رأساً على عقب فيتحوّل إلى محب مشفق وصديق مخلص، ولا يسعني استعراض النماذج المرقمة التي احتفظ بها لدعم هذه الصورة الواقعية لئلا يتسرب شيء من سوء الظن أو الحكم غير الموضوعي وقد ألزمت نفسي الحياد في بداية الحديث لتكون الدراسة خالصة لوجه الحق والحقيقة بالرغم من جرحه العميق الذي لا يندمل ومحاربته العلنية على اثر جفوة طارئة كاشفته فيها بالكثير من الحقائق والمزيد من الأرقام دون مجاملة أو ملق، فما كان منه إلا أن استخدم كل ما يملك من نفوذ ديني وثقل اجتماعي ورفع بيارق الحرب وقرع طبول المعركة متجاهلاً كل التاريخ الذي يربطني به!!
    وتتلخص مشكلتي معه بتراكم المزيد من التجاوزات وعدم مراعاة الحقوق الطبيعية، والإقدام على بعض تصرفات التحدي والاستفزاز لحد النيل من كرامتي ثم الإعراض والجفاء دون مبالاة أو اكتراث بالأصول والحقوق، وحصل ما حرّك الساكن وقدح الزناد، فكتبت له رسالة واضحة وصريحة ومرقمة أحصيت فيها كل المؤاخذات المؤلمة، ورسمت له كل عمل سلبي مارسه معي ومع غيري، وما أن اطلع على تلك الرسالة الساخنة التي كتبتها ورقابة الله في اعماق ضميري، وأنني لم افتر عليه حرفاً واحداً فيها حتى توترت أعصابه وانتفخت أوداجه غيظاً وحنقاً، فكتب الكتائب وعقد الألوية وأضرم نيران الحرب الضروس بما أوتي من براعة ونفوذ وساندته حفنة من المتصيدين بالماء العكر، وباركت ظلمه شرذمة من اللصوص والسماسرة، وتزلفت إليه طائفة من أنصاف الرجال، بينما وقف الآخرون موقف المتفرج حتى اتسع الخرق وتعذر الرتق، فتحكم الشيخ بشبكة علاقاته الاجتماعية وكثف الاتصالات المشبوهة معها لتجنيدها في معسكره المعتدي والقيام بحملة واسعة ضد تلميذ من تلاميذه المخلصين {ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون} ولو شئت لألقيت حبلها على غاربها وسقيت أولها بكأس آخرها لولا حضور الحاضر، ومراعاة أصول الاحترام وما تقتضيه قواعد الصبر والتحمل.
    وتزول الغرابة في هذا السلوك إذا عرفنا أن الرجل لم تكن علاقته طيبة ومستقرة حتى مع أبيه وولده الأكبر ولعل من أطرف الصور ما نقله الخطيب الشيخ يوسف دكسن عن ذكرياته القديمة في النجف أن كان بصحبة والده الشيخ يحيى الدكسن وكان من زملاء الشيخ حسون الوائلي وله معه صحبة وميانة، يقول الشيخ يوسف ولما ارتديت الزي الديني قدمني والدي لصديقه الوائلي قائلاً هذا ولدي الشيخ يوسف قد اعتمر العمامة وسلك طريق الخطابة، يقول فوثب الشيخ حسون رحمه الله وقال بمرارة وألم: (لا خير فيه إن كان كأحمد)!!
    ويقول الحجة المرحوم السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب اتصلت بالشيخ حسون الوائلي وكلّمته بما يشبه العتاب: لماذا الإعراض والجفوة بينك وبين ولدك الشيخ أحمد وهو من مفاخر الخطباء، فغضب وزمجر في وجهي وانتفض قائلاً كلكم ... كذا، ثم تركني ومضى.

    ومن أحدث الشواهد في هذا الصدد ما نقله أحد الأصدقاء المعاصرين، قال: بعد أن توثقت علاقتي مؤخراً بالشيخ أحمد على اثر تزويج ولده سمير وانجابه طفلاً، أخذته إلى بيته للسلام عليه فقط بعد جفوة وقطيعة دامت العمر كله، وأبقيته خارج البيت ثم دخلت على الشيخ والتمسته أن يسمح لولده بالدخول عليه وتجديد العهد به، فأبى وامتنع أشد الامتناع أن يستقبله ويراه برغم ظروف الهجرة القاسية والسنين المتعاقبة على فراقه!!.

    ومن النماذج السريعة موقفه الظالم من زميله الخطيب السيد جواد شبّر وجفوته المؤلمة لصديق عمره الشيخ محمد جواد السهلاوي، وقطيعته المجحفة لرفيقه الحميم السيد طاهر الملحم، ومحاربته للسيد حسين الصدر، وجسارته على الشيخ الباقر الناصري واستخفافه بالشيخ المهاجر، وتشهيره بالسيد الفاضل الميلاني ووو .. إلخ من الشواهد المؤسفة وأنا لا يهمني مسلسل هذه الصور والشواهد وتثبيتها واستعراضها وتتبعها، فإني احتفظ بالعشرات منها مع كثير من الرموز والأعلام ولكني أطوي عنها كشحاً، وأعرض عنها ترفعاً، ولست مسؤولاً عن تدوين مشاكل الآخرين إلا بمقدار ما يقتضيه سياق البحث كشواهد وأدلة لإعطاء الصورة المتكاملة الحقيقية للشخصية المترجمة، ثم لا تفوتني الإشارة إلى تسجيل ظلامتي التي طوّق بها عنقه، بتتبع مجالسي وعلاقاتي الاجتماعية ومحاربته لموارد رزقي ومعيشة أطفالي وعائلتي دون وازع من ضمير أو رادع من دين أو ضابط من خلق، أسجّل هذا للتاريخ وأرفع ظلامتي بوجهه مطالباً بحقي يوم نفد على الله ولئن أحاط نفسه بالغوغاء والأمعات والنفعيين والسذج والأبرياء في تعامله وظلمه فلن يستطيع أن ينتفع من هؤلاء شيئاً يوم تبلى السرائر ويعض الظالم على يديه ... ويقول: يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلاناً خليلا.

    ولئن توفرت عوامل الصفح والعفو في يوم من الأيام عما قام به تجاهي، فأني لن أعفو عن الذين وقفوا يشدون أزره ويساندون ظلمه من أنصاف الأميين المذبذبين والمرتزقة النفعيين ولا أنسى تطوعهم بخسة ودناءة نيابة عنه في التهريج والضجيج والبغي والعدوان بجهل وحماقة، وصلف وصفاقة، وعلى الباغي تدور الدوائر وهم أحقر من أن ينالوا من شعلة الحق شيئاً:
    وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ
    فهي الشهادة لي بأني كاملُ
    وأما الإفراط في الإشادة بشخصية الأستاذ الوائلي والمبالغة في عرض سيرته، والغلو بما عنده من خوارق عبر بعض الكتابات المنشورة هنا وهناك، فأعتقد أن تلك الأقلام كتبت بطيبة وبراءة متأثرة بشخصيته المنبرية التي لا غبار عليها، والبعض الآخر واهماً بعض الأهداف التجارية التي أفلس عن تحقيقها فيما بعد فعاد بخفي حنين يجر اذيال الخيبة والندم بينما البعض الثالث أشاد وعظـّم ومجّد وفخـّم تزلفاً مقيتاً وملقاً رخيصاً.

    وأنا لا أنفي عن شخصيته السلوكية الخصال الطيبة والصفات اللامعة ولكني لست مع المبالغة والتطرف والغلو في إضفاء هالة من الحصانة والخوارق لأقواله وافعاله واعتبارها سنة مؤكدة، يعمل بموجبها ويقتدى بأفعالها وأقوالها وتقريراتها، وإلا فالرجل قدوة في الأخلاق والمجاملة ومثلاً في الخير والمعروف، وشخصية هامة ترمق بعين الاحترام والتقدير ولا يصدني خلافي معه عن قول الحقيقة في تقويم شخصيته، وربما يعذر الرجل حتى في توتره وعدم إنصافه ومروءته معي نظراً لحياة الغربة وظروف الهجرة وكثرة الضغوط الاجتماعية التي تحسن الظن فيه، وبعده عن أهله وقومه، أجل ربما لكل ذلك تمام الأثر في توتر أعصابه وحدّة مزاجه وسلبيته المفرطة مع العديد من زملائه ورفاق دربه وتلامذته، ولكن لكل شيء حد وهو أفضل بكثير ممن سواه الذين يعانون مرارة الغربة مع الجوع، والم الهجرة مع القلق، ومعاناة التشرد مع الخوف، فهو بحمد الله يعيش حياة آمنة مستقرة محفوفة بالرغد والرخاء ولئن عاش مع أخوانه في بلد الهجرة فالمحنة مشتركة والقدر واحد وإنا لله وإنا إليه راجعون.


    (معجم الخطباء/ج1/ص350-372)

    تعليق


    • #3
      شهادة الامامين الكاظم والرضا
      خير من شهادة انسان يكتب بدافع الحسد والمواقف الشخصيه
      وشهادة عشرات الخطباء والفقهاء خير من شهادة داخل

      تعليق


      • #4
        يمكن الموضوع قديم .... من عبارة حفظه الله
        جزيتم الف خير

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة العقيق اليمنى
          شهادة الامامين الكاظم والرضا
          خير من شهادة انسان يكتب بدافع الحسد والمواقف الشخصيه
          وشهادة عشرات الخطباء والفقهاء خير من شهادة داخل
          السيد داخل هو تلميذه وتحليله لم يقتصر عليه بل نقل صفات المذكور وأخلاقه على ألسن خطباء آخرين

          تعليق


          • #6
            بس اكو امور مذكورة اصلا متليق بعالم دين فضلا عن عميد المنبر الحسيني

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة نسر المهجر
              السيد داخل هو تلميذه وتحليله لم يقتصر عليه بل نقل صفات المذكور وأخلاقه على ألسن خطباء آخرين
              هل نزلت اية من السماء تقول لك ان السيد داخل
              منزه عن الكذب وعن الحسد
              المصيبة ان لا يوجد احد يقراء هذا الكلام الا وخرج بقناعة تامة بحقد وحسد ولئم هذا المدعو
              الان اذا جئتكم بشخص يعرف صاحبكم معرفة شخصية يقول عنه انه عميل وصاحب لسان قذر
              وليس بعالم ولم يدرس في الحوزة هل ستقول لي انه صادق بما يقوله ام انكم ستفتحون ابواب جهنم على هذا الشخص
              عجيب امركم والله الى اي مستوى وصل بكم الحال
              على كل اوصلوا لصاحبكم هذا الكلام فقط يكفي الوائلي تلك المعجزة الربانية بان يمد بعمره بضع ايام بعد السقوط حتى يموت ويدفن بارض الائمة وحتى ينال شرف دفنه بقرب امير المؤمنين عليه السلام كما كان يتمنى هو
              فلينظر صاحبكم ان كان الله سيحقق امانيه هذا ان كان همه المذهب اصلا

              تعليق


              • #8
                رحم الله الشيخ الوائلي رحمة واسعه

                تعليق


                • #9
                  اكو شغلة ذكرها و هي المزاح مع صاحب المجلس و يكله ما اقرالك عليبوا ديشاقه
                  لو كاتب الموضوع عنده ذرة من الدين جان عرف ان هكذا مزح يعتبر كذب .. يعني الشيخ رحم الله كذاب و حاشاه

                  تعليق


                  • #10

                    الى روح الشيخ الوائلي(رحمه الله)

                    ملايين الموالي اليوم بجايه

                    رحل صوت الحسين وفكره والرايه



                    لبس ثوب الحداد المنبر عليك

                    يَصوت الجهور بذيج الولايه



                    تعلمنه على إيدك يا أبو الراي

                    يامنبع عقيدة وفكر ياغايه



                    حزن كل العراق بفكدك اليوم

                    من أرضه وسماه وسفحه..... ومايه



                    يافرقد طفه وياركن طاح اليوم

                    تشيله عللرؤوس الناس مشايه



                    تنيمك يم علي حيدر ابو الكلفات

                    يلنك مشتهي هالنومه..... هوايه



                    تمنيت العراق تزوره يامغوار

                    وتمنيت بربوعه تصير القرايه



                    تدري بالبتول اليوم تتلكاك

                    تنصبلك عزه وتصير نعايه



                    وتدري بالحسين اليوم يتعناك

                    يخليلك وساده بصفه تجايه



                    يااحمد فكدنه بفكدك التنوير

                    بعدك من يحاجج ويثبت الغايه



                    يا رايه بسمه التجديد ياراي

                    نكسنه بغيابك والله هالرايه



                    ياخادم الزهرة وياصدى المختار

                    يالوتر بخصالك يلجنت ايه



                    ياصوت العقيله ويا صدى الزهراء

                    ياصرخة علي بالناس دوايه



                    باجر للمقام تصير هالاجيال

                    تمشيلك مشي وتصير عنايه
                    (شعر روافد الياسري)

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    x

                    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                    صورة التسجيل تحديث الصورة

                    اقرأ في منتديات يا حسين

                    تقليص

                    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                    يعمل...
                    X