إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سؤال وأرجوا الإجابة عليه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    قال محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله رحمة واسعة كما في الدرر السنية

    ثم لا يخفى عليكم : وأنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم، قد وصلت إليكم، وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي .
    (ص34) فمنها، قوله : إني مبطل كتب المذاهب الأربعة ؛ وإني أقول : أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء ؛ وإني أدعي الاجتهاد وإني خارج عن التقليد، وإني أقول إن اختلاف العلماء نقمة ؛ وإني أكفر من توسل بالصالحين ؛ وإني أكفر البوصيري، لقوله : يا أكرم الخلق ؛ وإني أقول : لو أقدر علي هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها؛ ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها، وجعلت لها ميزاباً من خشب ؛ وإني أُحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما ؛ وإني أكفر من خلف بغير الله ؛ وإني أكفر ابن الفارض، وابن عربي ؛ وإني أحرق دلائل الخيرات، وروض الرياحين، وأسميه روض الشياطين .
    جوابي عن هذه المسائل، أن أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ؛ وقبله من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور ؛ قال تعالى : ( إنما بفتري الكذب الذين لا يؤمنون ) [النحل 105] بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول : إن الملائكة، وعيسى، وعزيراً في النار ؛ فأنزل الله في ذلك : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) (الأنبياء 101) .
    وأما المسائل الأخر ، وهى : أني أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إلَه إلا ّ الله، وأني أعرف من
    (ص35) يأتني بمعناها، وأني أكفر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله، وأخذ النذر لأجل ذلك، وأن الذبح لغير الله كفر، والذبيحة حرام ؛ فهذه المسائل حق، وأنا قائل بها، ولي عليها دلائل من كلام الله وكلام رسوله، ومن أقول العلماء المتبعين، كالأئمة الأربعة، وإذا سهل الله تعالى : بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة، إن شاء الله تعالى .
    ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى : (يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة) (الحجرات 6)



    ثم يذكر عقيدته ومنهجه رحمه الله رحمة واسعة فقال

    قال شيخ الإسلام : العالم الرباني ؛ والصديق الثاني ؛ مجدد الدعوة الإسلامية، والملة الحنيفة ؛ أوحد العلماء، وأورع الزهاد ؛ الشيخ : محمد بن عبد الوهاب ؛ أجزل الله له الأجر والثواب ؛ وأسكنه الجنة بغير حساب، لما سأله أهل القصيم عن عقيدته :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أُُشهد الله ومن حضرني من الملائكة، وأشهدكم : أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره ؛ ومن الإيمان بالله : الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا أٌلحد في أسمائه وآياته، ولا أكيّف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه ؛ لأنه تعالى لا سمي له، ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه.
    (ص30) فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً، فنزّه نفسه عما وصفه به المخالفون، من أهل التكييف، والتمثيل ؛ وعما نفاه عنه النافون، من أهل التحريف والتعطيل، فقال : (سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين) (الصافات 180-182)
    والفرقة الناجية : وسط في باب أفعاله تعالى، بين القدرية والجبرية ؛ وهم وسط في باب وعيد الله، بين المرجئة والوعيدية ؛ وهم وسط، في باب الإيمان والدين، بين الحرورية والمعتزلة ؛ وبين المرجئة والجهمي ؛ وهم وسط : في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض، والخوارج.
    وأعتقد : أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود ؛ وأنه تكلم به حقيقةً، وأنزله علي عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأومن : بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور .
    وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد
    (ص31) الموت، فأومن بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة عراة غرلاً، تدنو منهم الشمس، وتُنصب الموازين، وتُوزن بها أعمال العباد ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) (المؤمنون 102-103) وتنشروا الدواوين، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله .
    وأومن : بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ؛ وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس علي قدر أعمالهم.
    وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع، وأول مشفّع ؛ ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال ؛ ولكنها لا تكون إلا من بعد الأذن والرضى، كما قال تعالى : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) (الأنبياء 28) ، وقال تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) (البقرة 255) وقال تعالى : ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) النجم 26 وهو : لا يرضى إلا التوحيد ؛ ولا يأذن إلا لأهله وأما المشركون : فليس لهم من الشفاعة نصيب ؛ كما قال تعالى : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) (المدثر 48) .
    (ص32) وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان ؛ وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر، لا يضامون في رؤيته .
    وأومن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته ؛ وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ؛ ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين ؛ ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة ؛ ثم أهل بدر ؛ ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ؛ ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم ؛ وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، وأسكت عما شجر بينهم ؛ وأعتقد فضلهم، عملاً بقوله تعالى : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) (الحشر 10) وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئاً، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكني أرجو للمحسن، وأخاف علي المسيء، ولا أُكفر أحداً من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام ؛ وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام : براً كان، أو
    (ص33) فاجرا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل .
    وأرى وجوب السمع والطاعة : لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته ؛ وحرم الخروج عليه ؛ وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله ؛ وأعتقد : أن كل محدثه في الدين بدعة.
    وأعتقد أن الإيمان : قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو : بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إلَه إلا ّ الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وارى وجوب الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة .
    فهذه عقيدة وجيزة، حررتها وأنا مشتغل البال، لِتطلَّعوا على ما عندي، والله علي ما نقول وكيل

    تعليق


    • #32
      وله أيضاً : رحمه الله تعالى، رسالة أرسلها إلى ابن السويدي، عالم من أهل العراق، سأله عما يقول الناس فيه، فأجابه :
      بسم الله الرحمن الرحيم
      من محمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ في الله : عبد الرحمن، بن عبد الله .
      سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد : فقد وصل إلى كتابك، وسر الخاطر، جعلك الله من أئمة المتقين، ومن الدعاة إلى دين سيد المرسلين ؛ وأخبرك أنى – ولله الحمد – متبع، لست بمبتدع ؛ عقيدتي، وديني الذي أدين الله به هو : مذهب أهل السنة والجماعه، الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة، وأتباعهم، إلى يوم القيامة .
      ولكنني بينت للناس : إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء، والأموات، من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يعبد الله به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك مما هو حق الله، الذي لا يشركه فيه أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل ؛ وهو : الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم ؛ وهو : الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم ؛ وهو : الذي عليه أهل السنة والجماعة .
      (ص80 ) وبيّنت لهم : أن أول من أدخل الشرك في هذه الأمة ، هم الرافضة، الذين يدعون علياً وغيره، ويطلبون منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات ؛ وأنا صاحب منصب في قريتي، مسموع الكلمة فأنكر هذا بعض الرؤساء لكونه خالف عادات نشؤوا عليها .
      وأيضاً : ألزمت من تحت يدي، بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الربا، وشرب المسكر، وأنواع المنكرات، فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا، وعيبه، لكونه مستحسناً عند العوام ؛ فجعلوا قدحهم وعداوتهم، فيما آمر به من التوحيد، وأنهي عنه من الشرك، ولبسوا على العوام : أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، ونسبوا إلينا أنواع المفتريات، فكبرت الفتنة، وأجلبوا علينا بخيل الشيطان، ورجله .
      فمنها : إشاعة البهتان، بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلاً عن أن يفتريه ومنها : ما ذكرتم : أني أكفر جميع الناس، إلا من اتبعني، وأني أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، فيا عجباً كيف يدخل هذا في عقل عاقل ؟! وهل يقول هذا مسلم إني أبرأ إلى الله من هذا القول، الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل، فاقد الإدراك ؛ فقاتل الله أهل الإغراض الباطلة وكذلك قولهم، إني أقول : لو أقدر على هدم قبة النبي صلى الله عليه وسلم لهدمتها .
      وأما دلائل الخيرات، وما قيل عني : أني حرقتها، فله
      (ص81 ) سبب، وذلك أني أشرت على من قبل نصيحتي من إخواني : أن لا يصير في قلبه أجل من كتاب الله ؛ ولا يظن أن القراءة فيه أفضل من قراءة القرآن، وأما : إحراقها، والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان، فنسبة هذا إلىَّ من الزور والبهتان .
      والحاصل : أن ما ذكر عني من الأسباب، غير دعوة الناس إلى التوحيد، والنهي عن الشرك، فكله من البهتان ؛ وهذا لو حفي على غيركم، فلا يخفى على حضرتكم، ولو أن رجلاً من أهل بلدكم، ولو كان أحب الخلق إلى الناس، قام يلزم الناس الإخلاص، ويمنعهم من دعوة أهل القبور، وله أعداء وحساد، أشد منه رياسة، وأكثر اتباعاً، وقاموا يرمونه بمثل هذه الأكاذيب، ويوهمون الناس : أن هذا تنقص بالصالحين، وأن دعوتهم من إجلالهم، واحترامهم، لعلمتم كيف يجري عليه .
      ومع هذا، وأضعافه : فلابد من الإيمان بما جاء به الرسول، عليه الصلاة والسلام، ونصرته، كما أخذ الله على الأنبياء قبله، وأممهم، في قوله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه ) [آل عمران:81] فلما فرض الله الإيمان، لم يجز تركه
      وأنا : أرجو أن الله يكرمك، بنصر دينه، ونبيه، وذلك
      (ص82 ) على حسب الاستطاعة، ولو بالقلب، والدعاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " فإن رأيت عرض كلامي هذا على من ظننت أنه يقبله من إخواننا، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .
      ومن أعجب ما جرى، من بعض الرؤساء المخالفين : أني لما بينت لهم معنى كلام الله تعالى، وما ذكره أهل التفسير، في قوله تعالى : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ) [الإسراء:57] وقوله تعالى : ( ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) [يونس:81]وقوله : ( ما نعبدهم إلا ليقربوا إلى الله زلفى ) الآية [الزمر:3] وما ذكره الله، من إقرار الكفار في قوله تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) الآية [يونس:31] وغير ذلك ،قالوا : القرآن لا يجوز العمل به لنا، ولا مثلنا ؛ ولا بكلام الرسول،ولا بكلام المتقدمين، ولا نقبل إلا ما ذكره المتأخرون
      فقلت : أنا أخاصم الحنفي بكلام المتأخرين من الحنيفة، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، كلا أخاصمه بكتب المتأخرين، من علماء مذهبه، الذين يعتمد عليهم ؛ فلما أبوا ذلك، نقلت لهم كلام العلماء من كل مذهب، وذكرت ما قالوا، بعدما حدثت الدعوة عند القبور، والنذر لها فعرفوا ذلك، وتحققوه، ولم يزدهم إلا نفوراً .
      وأما التكفير : فأنا أكفر من عرف دين الرسول، ثم بعدما
      (ص83 ) عرف، سبه، ونهى الناس عنه، وعادى من فعله، فهذا هو الذي أكفره، وأكثر الأمة – ولله الحمد – ليسوا كذلك .
      وأما القتال : فلم نقاتل أحداً إلا دون النفس، والحرمة ؛ فإنا نقاتل على سبيل المقابلة ( وجزاء سيئّة سيئّة مثلها )[الشورى:40] وكذلك . من جاهر بسبب دين الرسول، بعدما عرفه، والسلام .


      أبعد هذا يحارب الشيخ رحمه الله رحمة واسعة
      وأنا أقول إن من يحارب محمد بن عبد الوهاب في الحقيقة يحارب دعوته ودعوته هي دعوة نبينا صلى الله عليه وءاله وسلم

      فهو محارب لله ورسوله
      ونسال الله السلامة والعافية

      تعليق


      • #33
        من غير إطالة مع كلام الشيخ فهو أولى الناس بأن يبين عقيدته ويرد على مخالفيه


        قال شيخ الإسلام : العالم الرباني ؛ والصديق الثاني ؛ مجدد الدعوة الإسلامية، والملة الحنيفة ؛ أوحد العلماء، وأورع الزهاد ؛ الشيخ : محمد بن عبد الوهاب ؛ أجزل الله له الأجر والثواب ؛ وأسكنه الجنة بغير حساب، لما سأله أهل القصيم عن عقيدته :
        بسم الله الرحمن الرحيم
        أُُشهد الله ومن حضرني من الملائكة، وأشهدكم : أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره ؛ ومن الإيمان بالله : الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا أٌلحد في أسمائه وآياته، ولا أكيّف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه ؛ لأنه تعالى لا سمي له، ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه.
        (ص30) فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً، فنزّه نفسه عما وصفه به المخالفون، من أهل التكييف، والتمثيل ؛ وعما نفاه عنه النافون، من أهل التحريف والتعطيل، فقال : (سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين) (الصافات 180-182)
        والفرقة الناجية : وسط في باب أفعاله تعالى، بين القدرية والجبرية ؛ وهم وسط في باب وعيد الله، بين المرجئة والوعيدية ؛ وهم وسط، في باب الإيمان والدين، بين الحرورية والمعتزلة ؛ وبين المرجئة والجهمي ؛ وهم وسط : في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض، والخوارج.
        وأعتقد : أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود ؛ وأنه تكلم به حقيقةً، وأنزله علي عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأومن : بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور .
        وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد
        (ص31) الموت، فأومن بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة عراة غرلاً، تدنو منهم الشمس، وتُنصب الموازين، وتُوزن بها أعمال العباد ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) (المؤمنون 102-103) وتنشروا الدواوين، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله .
        وأومن : بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ؛ وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس علي قدر أعمالهم.
        وأومن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع، وأول مشفّع ؛ ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال ؛ ولكنها لا تكون إلا من بعد الأذن والرضى، كما قال تعالى : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) (الأنبياء 28) ، وقال تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) (البقرة 255) وقال تعالى : ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) النجم 26 وهو : لا يرضى إلا التوحيد ؛ ولا يأذن إلا لأهله وأما المشركون : فليس لهم من الشفاعة نصيب ؛ كما قال تعالى : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) (المدثر 48) .
        (ص32) وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان ؛ وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر، لا يضامون في رؤيته .
        وأومن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته ؛ وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ؛ ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين ؛ ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة ؛ ثم أهل بدر ؛ ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ؛ ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم ؛ وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، وأسكت عما شجر بينهم ؛ وأعتقد فضلهم، عملاً بقوله تعالى : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) (الحشر 10) وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئاً، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكني أرجو للمحسن، وأخاف علي المسيء، ولا أُكفر أحداً من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام ؛ وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام : براً كان، أو
        (ص33) فاجرا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل .
        وأرى وجوب السمع والطاعة : لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته ؛ وحرم الخروج عليه ؛ وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله ؛ وأعتقد : أن كل محدثه في الدين بدعة.
        وأعتقد أن الإيمان : قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو : بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إلَه إلا ّ الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وارى وجوب الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة .
        فهذه عقيدة وجيزة، حررتها وأنا مشتغل البال، لِتطلَّعوا على ما عندي، والله علي ما نقول وكيل .
        ثم لا يخفى عليكم : وأنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم، قد وصلت إليكم، وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي .
        (ص34) فمنها، قوله : إني مبطل كتب المذاهب الأربعة ؛ وإني أقول : أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء ؛ وإني أدعي الاجتهاد وإني خارج عن التقليد، وإني أقول إن اختلاف العلماء نقمة ؛ وإني أكفر من توسل بالصالحين ؛ وإني أكفر البوصيري، لقوله : يا أكرم الخلق ؛ وإني أقول : لو أقدر علي هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها؛ ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها، وجعلت لها ميزاباً من خشب ؛ وإني أُحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما ؛ وإني أكفر من خلف بغير الله ؛ وإني أكفر ابن الفارض، وابن عربي ؛ وإني أحرق دلائل الخيرات، وروض الرياحين، وأسميه روض الشياطين .
        جوابي عن هذه المسائل، أن أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ؛ وقبله من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى بن مريم، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور ؛ قال تعالى : ( إنما بفتري الكذب الذين لا يؤمنون ) [النحل 105] بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول : إن الملائكة، وعيسى، وعزيراً في النار ؛ فأنزل الله في ذلك : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) (الأنبياء 101) .
        وأما المسائل الأخر ، وهى : أني أقول لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى لا إلَه إلا ّ الله، وأني أعرف من
        (ص35) يأتني بمعناها، وأني أكفر الناذر إذا أراد بنذره التقرب لغير الله، وأخذ النذر لأجل ذلك، وأن الذبح لغير الله كفر، والذبيحة حرام ؛ فهذه المسائل حق، وأنا قائل بها، ولي عليها دلائل من كلام الله وكلام رسوله، ومن أقول العلماء المتبعين، كالأئمة الأربعة، وإذا سهل الله تعالى : بسطت الجواب عليها في رسالة مستقلة، إن شاء الله تعالى .
        ثم اعلموا وتدبروا قوله تعالى : (يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة) (الحجرات 6)


        تعليق


        • #34
          وقال أيضا رحمه الله رحمة واسعة في نفس الكتاب اي الدرر السنية في الاجوبة النجدية في باب العقائد

          وله أيضاً : قدس الله روحه، ونور ضريحه :
          بسم الله الرحمن الرحيم
          الذي يعلم من وقف عليه من الإخوان، المتبعين محمداً صلى الله عليه وسلم أن ابن صياح : سألني عما ينسب إلى ؟ فطلب منى : أن أكتب الجواب ؛ فكتبته :
          الحمد لله ربّ العالمين ؛ أما بعد : فما ذكره المشركون : على أني أنهى عن الصلاة على النبي، أو أني أقول : لو أن لي أمراً، هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم أو أني أتكلم في الصالحين، أو أنهى عن محبتهم، فكل هذا كذب وبهتان، افتراه على الشياطين، الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل، مثل أولاد شمسان، وأولاد إدريس، الذين يأمرون الناس ينذرون لهم، وينخونهم، ويندبونهم، وكذلك فقراء الشيطان : الذين ينتسبون إلى الشيخ عبد القادر رحمه الله، وهو منهم بريء، كبراءة على بن أبي طالب من الرافضة .
          (ص75) فلما رأوني : آمر الناس بما أمرهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم أن لا يعبدوا إلا الله، وأن من دعا عبد القادر، فهو كافر ؛ وعبد القادر منه بريء، وكذلك من نخا الصالحين، أو الأنبياء، أو ندبهم، أو سجد لهم، أو نذر لهم، أو قصدهم بشيء من أنواع العبادة، التي هي حق الله على العبيد، وكل إنسان، يعرف أمر الله ورسوله : لا ينكر هذا الأمر، بل يقر به، ويعرفه .
          وأما الذي ينكره، فهو بين أمرين، إن قال : إن دعوة الصالحين، واستغاثتهم، والنذر لهم، وصيرورة الإنسان فقيراً لهم، أمر حسن ؛ ولو ذكر الله ورسوله : إنه كفر ؛ فهو مصر بتكذيب الله ورسوله، ولا خفاء في كفره فليس لنا معه كلام .
          وإنما كلامنا : مع رجل، يؤمن بالله واليوم الأخر ، ويحب ما أحب الله ورسوله، ويبغض ما أبغض الله ورسوله، لكنه جاهل، قد لبست عليه الشياطين دينه ؛ ويظن : أن الاعتقاد في الصالحين، حق ؛ ولو يدرى أنه كفر، يدخل صاحبه في النار، ما فعله ؛ ونحن : نبين لهذا ما يوضح له الأمر، فنقول : الذي يجب على المسلم، أن يتبع أمر الله ورسوله، ويسأل عنه، والله سبحانه : أنزل القرآن، وذكر فيه ما يحبه، وببغضه، وبين لنا فيه ديننا، وأكمل ؛ وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء، فليس على وجه الأرض أحد أحب إلى أصحابه منه ؛ وهم يحبونه على أنفسهم، وأولادهم،
          (ص76 ) ويعرفون قدره، ويعرفون أيضاً : الشرك، والإيمان .
          فإن كان أحد من المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعاه، أو نذر له، أو ندبه، أو أحد من أصحابه جاء عند قبره بعد موته يسأله، أو يندبه، أو يدخل عليه للالتجاء له عند القبر، فاعرف : أن هذا أمر صحيح حسن، ولا تطعني، ولا غيري.
          وإن كان إذا سألت وجدت أنه : صلى الله عليه وسلم تبرأ ممن اعتقد في الأنبياء، والصالحين، وقتلهم، وسباهم، وأولادهم، وأخذ أموالهم، وحكم بكفرهم ؛ فاعرف : أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق ولا يأمر إلا بالحق ؛ والواجب على كل مؤمن : اتباعه فيما جاء به .
          وبالجملة : فالذي أنكره : الاعتقاد في غير الله، مما لا يجوز لغيره ؛ فإن كنت قلته من عندي، فارم به ؛ أو من كتاب لقيته، ليس عليه عمل، فارم به، كذلك ؛ أو نقلته عن أهل مذهبي، فارم به، وإن كنت قلته، عن أمر الله ورسوله، وعما أجمع عليه العلماء في كل مذهب، فلا ينبغي لرجل يؤمن بالله واليوم الأخر : أن يعرض عنه، لأجل أهل زمانه، أو أهل بلده، وأنّ أكثر الناس في زمانه أعرضوا عنه .
          واعلم : أن الأدلة على هذا، من كلام الله، وكلام رسوله، كثيرة، لكن : أنا أمثل لك بدليل واحد، ينبهك على غيره، قال الله تعالى : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضرّ عنكم ولا تحويلاً، أولئك الذين يدعون
          (ص77 ) يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ) الآية [الإسراء:56-57]، ذكر المفسرون في تفسيرها : أن جماعة كانوا يعتقدون في عيسى، عليه السلام، وعزير ؛ فقال تعالى : هؤلاء عبيدي، كما أنتم عبيدي، ويرجون رحمتي، كما ترجون رحمتي ؛ ويخافون عذابي، كما تخافون عذابي .
          فيا عباد الله : تفكروا في كلام ربكم، تبارك وتعالى، إذا كان ذكر عن الكفار، الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن دينهم الذي كفرهم به، هو : الاعتقاد في الصالحين ؛ وإلا فالكفار : يخافون الله، ويرجونه، ويحجون ويتصدقون، ولكنهم كفروا بالاعتقاد في الصالحين ؛ وهم يقولون : إنما اعتقدنا فيهم، ليقربونا إلى الله زلفى، ويشفعوا لنا، كما قال تعالى : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) الآية [الزمر:3]وقال تعالى : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) الآية [يونس:18] .
          فيا عباد الله : إذا كان الله ذكر في كتابه، أن دين الكفار، هو : الاعتقاد في الصالحين ؛ وذكر أنهم اعتقدوا فيهم، ودعوهم، وندبوهم، لأجل أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، هل بعد هذا البيان، بيان ؟ فإذا كان من اعتقد في عيسى ابن مريم، مع أنه نبي من الأنبياء، وندبه ونخاه فقد .
          (ص78 ) كفر ؛ فكيف بمن يعتقدون في الشياطين، كالكلب : أبي حديدة، وعثمان، الذي في الوادي، والكلاب الأخر في الخرج، وغيرهم في سائر البلدان، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله ؟!
          وأنت يا من هداه الله : لا تظن أن هؤلاء يحبون الصالحين، بل هؤلاء أعداء الصالحين وأنت والله الذي تحب الصالحين لأن : من أحب قوماً أطاعهم، فمن أحب الصالحين ؛ وأطاعهم، لم يعتقد إلا في الله، وأما من عصاهم ودعاهم يزعم أنه يحبهم، فهو مثل النصارى، الذين يدعون عيسى، ويزعمون محبته، وهو بريء منهم، ومثل الرافضة : الذين يدعون علي بن أبي طالب، وهو بريء منهم .
          ونختم هذا الكتاب، كلمة واحدة، وهي أن أقول : يا عباد الله، لاتطيعوني، ولا تفكروا ؛ واسألوا أهل العلم من كل مذهب، عما قال الله ورسوله ؛ وأنا أنصحكم : لا تظنوا أن الاعتقاد في الصالحين، مثل الزنا، والسرقة، بل هو عبادة للأصنام، من فعله كفر، وتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا عباد الله : تفكروا، وتذكروا ؛ والسلام .

          تعليق


          • #35
            المشاركة الأصلية بواسطة بو يعقوب
            وله أيضاً : رحمه الله تعالى، رسالة أرسلها إلى ابن السويدي، عالم من أهل العراق، سأله عما يقول الناس فيه، فأجابه :
            بسم الله الرحمن الرحيم
            من محمد بن عبد الوهاب، إلى الأخ في الله : عبد الرحمن، بن عبد الله .
            سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد : فقد وصل إلى كتابك، وسر الخاطر، جعلك الله من أئمة المتقين، ومن الدعاة إلى دين سيد المرسلين ؛ وأخبرك أنى – ولله الحمد – متبع، لست بمبتدع ؛ عقيدتي، وديني الذي أدين الله به هو : مذهب أهل السنة والجماعه، الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة، وأتباعهم، إلى يوم القيامة .
            ولكنني بينت للناس : إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء، والأموات، من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يعبد الله به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك مما هو حق الله، الذي لا يشركه فيه أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل ؛ وهو : الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم ؛ وهو : الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم ؛ وهو : الذي عليه أهل السنة والجماعة .
            (ص80 ) وبيّنت لهم : أن أول من أدخل الشرك في هذه الأمة ، هم الرافضة، الذين يدعون علياً وغيره، ويطلبون منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات ؛ وأنا صاحب منصب في قريتي، مسموع الكلمة فأنكر هذا بعض الرؤساء لكونه خالف عادات نشؤوا عليها .
            وأيضاً : ألزمت من تحت يدي، بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الربا، وشرب المسكر، وأنواع المنكرات، فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا، وعيبه، لكونه مستحسناً عند العوام ؛ فجعلوا قدحهم وعداوتهم، فيما آمر به من التوحيد، وأنهي عنه من الشرك، ولبسوا على العوام : أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، ونسبوا إلينا أنواع المفتريات، فكبرت الفتنة، وأجلبوا علينا بخيل الشيطان، ورجله .
            فمنها : إشاعة البهتان، بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلاً عن أن يفتريه ومنها : ما ذكرتم : أني أكفر جميع الناس، إلا من اتبعني، وأني أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، فيا عجباً كيف يدخل هذا في عقل عاقل ؟! وهل يقول هذا مسلم إني أبرأ إلى الله من هذا القول، الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل، فاقد الإدراك ؛ فقاتل الله أهل الإغراض الباطلة وكذلك قولهم، إني أقول : لو أقدر على هدم قبة النبي صلى الله عليه وسلم لهدمتها .
            وأما دلائل الخيرات، وما قيل عني : أني حرقتها، فله
            (ص81 ) سبب، وذلك أني أشرت على من قبل نصيحتي من إخواني : أن لا يصير في قلبه أجل من كتاب الله ؛ ولا يظن أن القراءة فيه أفضل من قراءة القرآن، وأما : إحراقها، والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان، فنسبة هذا إلىَّ من الزور والبهتان .
            والحاصل : أن ما ذكر عني من الأسباب، غير دعوة الناس إلى التوحيد، والنهي عن الشرك، فكله من البهتان ؛ وهذا لو حفي على غيركم، فلا يخفى على حضرتكم، ولو أن رجلاً من أهل بلدكم، ولو كان أحب الخلق إلى الناس، قام يلزم الناس الإخلاص، ويمنعهم من دعوة أهل القبور، وله أعداء وحساد، أشد منه رياسة، وأكثر اتباعاً، وقاموا يرمونه بمثل هذه الأكاذيب، ويوهمون الناس : أن هذا تنقص بالصالحين، وأن دعوتهم من إجلالهم، واحترامهم، لعلمتم كيف يجري عليه .
            ومع هذا، وأضعافه : فلابد من الإيمان بما جاء به الرسول، عليه الصلاة والسلام، ونصرته، كما أخذ الله على الأنبياء قبله، وأممهم، في قوله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه ) [آل عمران:81] فلما فرض الله الإيمان، لم يجز تركه
            وأنا : أرجو أن الله يكرمك، بنصر دينه، ونبيه، وذلك
            (ص82 ) على حسب الاستطاعة، ولو بالقلب، والدعاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " فإن رأيت عرض كلامي هذا على من ظننت أنه يقبله من إخواننا، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .
            ومن أعجب ما جرى، من بعض الرؤساء المخالفين : أني لما بينت لهم معنى كلام الله تعالى، وما ذكره أهل التفسير، في قوله تعالى : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ) [الإسراء:57] وقوله تعالى : ( ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) [يونس:81]وقوله : ( ما نعبدهم إلا ليقربوا إلى الله زلفى ) الآية [الزمر:3] وما ذكره الله، من إقرار الكفار في قوله تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) الآية [يونس:31] وغير ذلك ،قالوا : القرآن لا يجوز العمل به لنا، ولا مثلنا ؛ ولا بكلام الرسول،ولا بكلام المتقدمين، ولا نقبل إلا ما ذكره المتأخرون
            فقلت : أنا أخاصم الحنفي بكلام المتأخرين من الحنيفة، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، كلا أخاصمه بكتب المتأخرين، من علماء مذهبه، الذين يعتمد عليهم ؛ فلما أبوا ذلك، نقلت لهم كلام العلماء من كل مذهب، وذكرت ما قالوا، بعدما حدثت الدعوة عند القبور، والنذر لها فعرفوا ذلك، وتحققوه، ولم يزدهم إلا نفوراً .
            وأما التكفير : فأنا أكفر من عرف دين الرسول، ثم بعدما
            (ص83 ) عرف، سبه، ونهى الناس عنه، وعادى من فعله، فهذا هو الذي أكفره، وأكثر الأمة – ولله الحمد – ليسوا كذلك .
            وأما القتال : فلم نقاتل أحداً إلا دون النفس، والحرمة ؛ فإنا نقاتل على سبيل المقابلة ( وجزاء سيئّة سيئّة مثلها )[الشورى:40] وكذلك . من جاهر بسبب دين الرسول، بعدما عرفه، والسلام .


            أبعد هذا يحارب الشيخ رحمه الله رحمة واسعة
            وأنا أقول إن من يحارب محمد بن عبد الوهاب في الحقيقة يحارب دعوته ودعوته هي دعوة نبينا صلى الله عليه وءاله وسلم

            فهو محارب لله ورسوله
            ونسال الله السلامة والعافية


            زميلي بو يعقوب يبدوا إنك ماكنة نسخ ولصق ثم دعنا من محمد بن عبد الوهاب ولنبقى في عمر بن الخطاب. وأتمنى أن تكون شجاعا وتجيب على سؤالي ...



            تعليق


            • #36
              المشاركة الأصلية بواسطة المواطن
              طالما تتبادر لأذهاننا مفاهيم لايمكننا أن نشخص أو نحدد مصاديقها بسبب الفوضى الحاصلة وبسبب الإختلاط والتداخل الجزئي بين بعض المصاديق

              التي نتوقعها تتبع تلك المفاهيم وهي ربما في الحقيقة متداخلة معها قسرا وليست هي المصاديق الحقيقية الكاملة في إنطباقها لتلك المفاهيم .

              فعلى سبيل المثال والذي هو ما أريد أن أعرفه بالضبط ...

              مفهــــــوم " السنـــــــــــــي "

              ومفهـــــوم " الوهــــــــــابــي "


              لأن هذه القضية من أكبر مشكلاتنا في التعامل مع السنة والوهابية فنعمم وصفنا ونطلق أحكامنا عليهم على حد سواء ومن المفروض أن الطرفين يختلفون أيضا فيما بينهم بكثير من الأمور سواء كانت في العقائد أو في الفقه


              وعليـــــه يكــون الســـــؤال .


              ماهـــــو الفــرق بيــــن " السنـــــــي " وبين " الوهابــــــــــي "










              لا بأس بإعادة السؤال مرة أخرى وأرجوا من الزملاء الوهابية عدم المحاولة في تشتيت الموضوع

              تعليق


              • #37
                المشاركة الأصلية بواسطة المواطن




                زميلي بو يعقوب يبدوا إنك ماكنة نسخ ولصق ثم دعنا من محمد بن عبد الوهاب ولنبقى في عمر بن الخطاب. وأتمنى أن تكون شجاعا وتجيب على سؤالي ...




                وين سؤالك --بس إن شاء الله ماتشتتنا إلي موضوع آخر

                تعليق


                • #38
                  المشاركة الأصلية بواسطة بو يعقوب
                  وين سؤالك --بس إن شاء الله ماتشتتنا إلي موضوع آخر

                  ماهـــــو الفــرق بيــــن " السنـــــــي " وبين " الوهابــــــــــي "

                  تعليق


                  • #39
                    المشاركة الأصلية بواسطة المواطن
                    ماهـــــو الفــرق بيــــن " السنـــــــي " وبين " الوهابــــــــــي "
                    حلو سؤالك --إن كنت تقصد بأهل السنة أمثال شيخ الإسلام بن تيمية صاحب كتاب منهاج السنة النبيويه في الرد على الرافضة و القدريه و بن حزم صاحب كتاب الملل و النحل ---و الوهابية أهل السنة اليوم أنا أشوف ما في فرق

                    تعليق


                    • #40
                      المشاركة الأصلية بواسطة بو يعقوب
                      حلو سؤالك --إن كنت تقصد بأهل السنة أمثال شيخ الإسلام بن تيمية صاحب كتاب منهاج السنة النبيويه في الرد على الرافضة و القدريه و بن حزم صاحب كتاب الملل و النحل ---و الوهابية أهل السنة اليوم أنا أشوف ما في فرق

                      السنة أربعة مذاهب هي ...

                      الحنبلي
                      الشافعي
                      الحنفي
                      المالكي

                      من يتبع هؤلاء يكون بالضرورة من أهل المذاهب السنية الأربعة

                      أما من يتبع من خالفهم بل ربما كفرهم كالخارجي إبن تيمية وتلميذه إبن القيم وأيضا كمؤسس الوهابية وأتباعه شيوخا وعوام فهؤلاء هم فئة أخرى لانعتبرهم من أهل السنة فمن أي الفئتين أنت .؟؟؟؟؟؟؟

                      ورجاء من دون مماطلة ...

                      وشكرا....

                      تعليق


                      • #41
                        المشاركة الأصلية بواسطة المواطن
                        السنة أربعة مذاهب هي ...

                        الحنبلي
                        الشافعي
                        الحنفي
                        المالكي

                        من يتبع هؤلاء يكون بالضرورة من أهل المذاهب السنية الأربعة

                        أما من يتبع من خالفهم بل ربما كفرهم كالخارجي إبن تيمية وتلميذه إبن القيم وأيضا كمؤسس الوهابية وأتباعه شيوخا وعوام فهؤلاء هم فئة أخرى لانعتبرهم من أهل السنة فمن أي الفئتين أنت .؟؟؟؟؟؟؟

                        ورجاء من دون مماطلة ...

                        وشكرا....
                        نبي دليل على أن بن تيمية كفر الأئمة الأربعة هو و تلميذه بن القيم رحمة الله عليهم جميعا


                        ----------------------------------

                        و إذا ما عندك دليل --عند الله تجتمع الخصوم

                        تعليق


                        • #42
                          المشاركة الأصلية بواسطة بو يعقوب
                          نبي دليل على أن بن تيمية كفر الأئمة الأربعة هو و تلميذه بن القيم رحمة الله عليهم جميعا


                          ----------------------------------

                          و إذا ما عندك دليل --عند الله تجتمع الخصوم
                          بما إنك تماطل كثيرا وتتهرب من الإجابة سأتماشى مع رغبتك لكن قليلا فلاتنخدع بهدوء إسلوبي .

                          وعلى هذا الأساس أتمنى منك أن تكون محاورا ملما بما عند الفريقين .

                          وسأوجه لك سؤالا .



                          هل يجوز عند أهل المذاهب الأربعة الشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي زيارة القبور والتبرك بها ...؟؟؟


                          هل يجوز عند إبن تيمية زيارة القبور والتبرك بها .؟؟؟ أم يعتبر كل من زار قبرا أو تبرك به خارج عن الملة ويكفره ؟؟؟

                          تعليق


                          • #43
                            يرفع رفع الله قدر الشيعة والتشيع

                            تعليق


                            • #44
                              المبحث الأول
                              عقيدة أهل السنة في زيارة القبور وشد الرحل إليها

                              كانت زيارة القبور في بداية الإسلام مباحة على البراءة الأصلية، فكان الناس يزورون المقابر ويذهبون إليها، حتى جاء النهي من الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن زيارة القبور مطلقاً، وذلك خوفاً على أصحابه في بداية إسلامهم أن تتعلق نفوسهم بأهل القبور، حيث لم يمض على إسلامهم شيء كثير، وقد كان لأهل الجاهلية صولات وجولات في الاستنجاد بأهل القبور، والاستغاثة بهم مما يفضي إلى الشرك أو ذرائعه (1).
                              ولما استقر التوحيد في نفوس الصحابة، وامتلأت نوراً، جاء نسخ النهي عن زيارة القبور إلى الإذن والترغيب فيها، كما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: (إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)(2) .
                              وبقيت زيارة القبور مشروعة لعموم الأحاديث، ومنها حديث أبي سعيد الخدري (ت - 74هـ) رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة) (3).
                              ومنها حديث بريدة(4) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: (السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية)(5) .
                              ومنها حديث عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا كانت ليلتي يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) (6).
                              وحديث أبي هريرة (ت - 57هـ) رضي الله عنه قال: زار النبي صلّى الله عليه وسلّم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، وقال: (استأذنت ربي بأن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)(7) ، ومنها ما روي عن عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف أقول يا رسول الله في زيارة القبور؟ قال قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)(8) .
                              وزيارة القبور تنقسم قسمين: زيارة مشروعة، وزيارة غير مشروعة:
                              فأما القسم الأول: وهو الزيارة المشروعة: فهي زيارة القبور من أجل تذكر الآخرة، والسلام على أهلها، والدعاء لهم، فهذه مقاصد الزيارة الشرعية يمكن إجمالها فيما يلي:
                              1 - تذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ، ورقة القلب، كما هو الوارد في الأحاديث النبوية.
                              2 - إحسان الزائر إلى الميت بالدعاء له(9) .
                              3 - إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة، والوقوف عند ما شرعه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو استحباب الزيارة، وعدم هجر السنة (10) .
                              4 - حصول الأجر والثواب المترتب على فعل السنة.
                              وهذا النوع من الزيارة مستحب.
                              والقسم الثاني: الزيارة غير الشرعية وهي أقسام:
                              أ - الزيارة المحرمة: وهي التي تتضمن شيئاً من المناهي الشرعية، ولم تصل إلى درجة البدعة وإن كانت من كبائر الذنوب، كالنياحة والجزع، ولطم الخدود، وكثير من الأفعال التي يفعلها العامة مما يوحي بالتسخط على قدر الله، كما روى أنس (ت - 93هـ) رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأتت إليه صلّى الله عليه وسلّم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك؟ فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» (11).
                              ب - الزيارة البدعية: وهي أن يزور قبراً من أجل أن يصلي عنده، أو يدعو الله عنده، أو يقرأ القرآن عنده.
                              ج - الزيارة الشركية: وهي التي يدعى فيها المقبور من دون الله، ويطلب منه قضاء الحوائج، ودفع المكروه وتفريج الكرب أو يصلي له أو يذبح له أو ينذر له (12) .
                              قال ابن عبد الهادي (ت - 744هـ) رحمه الله في بيان هذا (القسم غير المشروع): (كل زيارة تتضمن فعل ما نهى عنه، وترك ماأمر به كالتي تتضمن الجزع، وقول الهجر، وترك الصبر، أو تتضمن الشرك أو دعاء غير الله، وترك إخلاص الدين لله، فهي منهي عنها، وهذه الثانية أعظم إثماً من الأولى - أي تضمن الزيارة الشرك أو دعاء غير الله -، ولا يجوز أن يصلي إليها، بل ولا عندها، بل ذلك مما نهى عنه النبي صلّى الله عليه وسلّم) (13) ، وهذه من وسائل الشرك - كما سبق -.
                              ثم ذكر قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» (14) .
                              فالفرق بين الزيارة الشرعية وغير الشرعية: أن الزيارة الشرعية تتضمن السلام على أهل القبور، والدعاء لهم، وهو مثل الصلاة على جنائزهم، ومن شرطها ألا تتخذ القبور عيداً.
                              أما الزيارة غير الشرعية: التي تتضمن تشبيه المخلوق بالخالق: فينذر زوار القبور للمزور أو يسجدون له ويدعونه، بأن يحبوه مثل ما يحبون الخالق فيكونون قد جعلوه لله نداً، وسووه برب العالمين، وهذا منهي عنه في كتاب الله؛ لأنه من الأعمال الشركية، حيث يقول: عزّ وجل: { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 79 - 80] .
                              وقال - سبحانه -: { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [الإسراء: 56 - 57] .
                              وقال عزّ وجل: { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22 - 23] .
                              والمقصود بالخطاب في زيارة القبور هم الرجال دون النساء، فالترغيب في زيارة القبور؛ إنما هو خاص بالرجال، وقد أجمع العلماء على أنه يستحب للرجال زيارة القبور، وقد حكى الإجماع على استحباب زيارة القبور للرجال الإمام النووي(15) رحمه الله في المجموع(16) .
                              وأما زيارة النساء للقبور: فقد اختلف فيها أهل العلم على أقوال:
                              القول الأول: تحريم زيارة النساء للقبور، وقد استدل القائلون بهذا القول بما قاله أبو هريرة (ت - 57هـ) رضي الله عنهإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعن زوارات القبور)(17) .
                              وحديث أم عطية(18) رضي الله عنها أنها قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا)(19) فالنهي يقتضي التحريم.
                              القول الثاني: الكراهة من غير تحريم: واستدلوا بحديث أم عطية رضي الله عنها السابق، فقولها رضي الله عنها (لم يعزم علينا) دليل على أن النهي ليس نهي تحريم.
                              القول الثالث: إباحة زيارة النساء للقبور: واستدلوا بحديث المرأة التي كانت تبكي عند قبر، فأوصى الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالتقوى والصبر الذي ورد ذكره قبل قليل، ولم ينكر عليها زيارتها للقبر.
                              وبحديث عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها أنها سألت الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الذي تقوله للموتى، فقال لها قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وقد ورد ذكره قبل قليل.
                              القول الرابع: التفصيل وهو: إن كانت زيارتهن لتجديد الحزن والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهن حرم، وإن كانت زيارتهن للاعتبار من غير نياحة كره، إلا أن تكون عجوزاً لا تشتهي فلا يكره (20) .
                              والقول الصحيح - والله أعلم - هو القول بالتحريم؛ وذلك لإمكان الإجابة عن أدلة الأقوال الأخرى، وبقاء الأدلة الخاصة التي تنهى النساء عن زيارة القبور.
                              فحديث أم عطية رضي الله عنها في قولها (لم يعزم علينا). الجواب عنه من وجهين:
                              الوجه الأول: أنه قد يكون مرادها لم يؤكد النهي، وهذا يقتضي التحريم، فهي نفت وصف النهي، وهو النهي المؤكد بالعزيمة، وليس ذلك شرطاً في اقتضاء التحريم، بل مجرد النهي كافٍ في ذلك.
                              الوجه الثاني: أن أم عطية رضي الله عنها ظنت أنه ليس بنهي تحريم فقالت ذلك باجتهادها، والحجة في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لا في ظن غيره.
                              وأما حديث المرأة التي كانت تبكي عند القبر، فليس فيه أي دلالة على جواز زيارة النساء للقبور، حيث أمرها النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصبر، فلم تقبل أمره، فانصرف عنها، ثم إن هذا الحديث لا يُعلم تاريخه هل هو كان قبل أحاديث لعن زائرات القبور أم بعده؟
                              وعلى كل حال: فهذا الحديث إما أن يكون دالاً على الجواز فلا دلالة على تأخره عن أحاديث المنع.
                              وإما أن يكون دالاً على المنع؛ لأمرها بتقوى الله فلا دلالة فيه على الجواز.
                              وعلى كلا التقديرين فلا تعارض هذه الحادثة أحاديث المنع.
                              ومن الأجوبة على هذا الحديث أن المرأة لم تخرج للزيارة، لكنها أصيبت، ومن عظم المصيبة عليها لم تتمالك نفسها لتبقى في بيتها، ولذلك خرجت، وجعلت تبكي عند قبره، ولهذا أمرها صلّى الله عليه وسلّم أن تصبر؛ لأنه علم أنها لم تخرج للزيارة، بل خرجت لما في قلبها من عدم تحمل هذه الصدمة الكبيرة، فالحديث ليس صريحاً بأنها خرجت للزيارة، وإذا لم يكن صريحاً فلا يمكن أن يعارض الشيء الصريح بشيء غير صريح(21) .
                              وأما حديث عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها وتعليم النبي صلّى الله عليه وسلّم إياها دعاء زيارة المقابر، فقد أجاب عنه أهل العلم بأجوبة عدة منها:
                              1 - أن يحمل سؤالها للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتعليمه إياها على ما إذا اجتازت ومرّت على المقابر في طريقها بدون قصد الزيارة، ولفظ الحديث ليس فيه تصريح بالزيارة(22)
                              2 - يحتمل أن يكون هذا كان على البراءة الأصلية في صدر الإسلام، قبل أن تحرم زيارة المقابر تحريماً عاماً على الرجال والنساء، ثم نسخ هذا الحكم عن الرجال دون النساء.
                              3 - أن هذا الحديث من خصائص عائشة(ت-58هـ)رضي الله عنها لما تحلت به من الآداب اللائقة بزيارة القبور؛ لقوة إيمانها، وعظيم صبرها، وكمال عقلها، ووفور فضلها، وقد قال الله عزّ وجل عن عموم نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} [الأحزاب: 32] .
                              وقال عن عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (23).
                              4 - أن يحمل السؤال من عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها وجواب الرسول صلّى الله عليه وسلّم لها على أنها مبلغة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومثل هذا كثير في السنة(24)
                              ويبقى القول بالتحريم هو القول الصحيح؛ لأنه الموافق للنصوص الخاصة المانعة من زيارة النساء للقبور، والحكمة - والله أعلم - أن المرأة ضعيفة، ناقصة عقل ودين، وهي قليلة الصبر، كثيرة الجزع فلا تتحمل مشاهدة قبور الموتى وزيارتهم، ثم إن زيارة القبور للنساء يؤدي إلى مخالفات أخرى باطلة كالتبرج والاختلاط، وهذا محذور منهي عنه في الشريعة، وهو من كبائر الذنوب(25).
                              ويبقى إشكال في زيارة النساء للقبور، وهو أنه قد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه لعن زوارات القبور، فهل المراد باللعن لمن كررت الزيارة، وأما التي لا تزور إلا نادراً فلا تدخل تحت اللعن والنهي، أم الأمر بخلاف ذلك؟
                              والجواب عن هذا الإشكال من وجوه:
                              الأول: أن لفظ (زُوّارات)، بضم الزاي المعجمة، وجمع هذا اللفظ: زُوار، وهو جمع: زائرة سماعاً.
                              الثاني: أن لفظ (زوارات) لو كان بالفتح، فتكون الصيغة دالة على النسب فمعنى زوارات القبور أي ذوات زيارة القبور، كما قال تعالى: { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] .
                              الثالث: أن تصحيح حديث لعن زائرات القبور، يؤيد وينصر القول بالتحريم المطلق لزيارة النساء للقبور.
                              الرابع: سلمنا جدلاً على أن لفظ (زوارات) يدل على التضعيف، لكن هذا التضعيف يحمل على كثرة الفاعلين، لا على كثرة الفعل، فزوارات: يعني النساء إذا كن مائة كان فعلهن كثيراً.
                              والتضعيف باعتبار الفاعل موجود في اللغة العربية كما قال تعالى: { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: 50] ، فلما كانت الأبواب كثيرة كان فيها التضعيف إذ الباب لا يفتح إلا مرة واحدة(26) .
                              وأما زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم - لمن هو بالمدينة من الرجال، أو قدم لزيارة مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو لحاجة له في المدينة ثم صلى في المسجد -: فهذا كله مشروع لا ينكر أحد مشروعيته، ومشروعيته مستمدة من الحكم العام بالاستحباب لزيارة القبور، وليس هناك حديث واحد صحيح يخصص زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بخاصية دون غيره من القبور، ومن زار المدينة فيستحب له أن يدخل المسجد ويقدم رجله اليمنى ويقول: «اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك» (27)، ثم يأتي الروضة الشريفة - إن أمكنه ذلك -، فيصلي ركعتي تحية المسجد في أدب وخشوع، فقد روى عبد الله بن زيد المازني(28) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة»(29) .
                              فإذا فرغ من تحية المسجد، اتجه إلى الحجرة الشريفة التي فيها قبره صلّى الله عليه وسلّم، فيستدبر القبلة، ويستقبل القبر، فيسلم على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويردف ذلك بالصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم، وليس هناك صيغة محددة لهذا، فله أن يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي الله وخيرته من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين: فجزاك الله أفضل ما جزى نبياً ورسولاً عن أمته.
                              اللهم آته الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، يغبطه الأولون والآخرون.
                              اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
                              اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه مشرباً روياً لا نظمأ بعده أبداً.
                              ثم يتأخر إلى صوب اليمين قدر ذراع اليد للسلام على أبي بكر الصديق (ت - 13هـ) رضي الله عنه، ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ من غير تكلف، ثم يتنحى صوب اليمين قدر ذراع للسلام على الفاروق عمر بن الخطاب (ت - 23هـ) رضي الله عنه، ويسلم عليه بما يحضره من الألفاظ من غير تكلف - أيضاً - وله أن يقول: السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر الفاروق، السلام عليكما يا صاحبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وضجيعيه ورحمة الله وبركاته، جزاكما الله تعالى عن صحبة نبيكما وعن الإسلام خيراً، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار(30) .
                              ويسن لمن مكث في المسجد النبوي: أن يكثر من النوافل، وذلك للأجر العظيم المترتب على هذا العمل، كما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»(31).
                              قال ابن القيم (ت - 751هـ) رحمه الله في نونيته بعد أن بين أن شد الرحل لا يكون إلا للمساجد الثلاثة، وهو يبين الآن الزيارة الشرعية:

                              فإذا أتينا المسجد النبوي *** صلينا التحية أولاً ثنتان
                              بتمام أركان لها وخشوعها *** وحضور قلب فعل ذي الإحسان
                              ثم انثنينا للزيارة نقصد الـ *** ـقبر الشريف ولو على الأجفان
                              فنقوم دون القبر وقفة خاضع *** متذلل في السر والإعلان
                              وتفجرت تلك العيون بمائها *** ولطالما غاضت على الأزمان
                              وأتى المسلم بالسلام بهيبة *** ووقار ذي علم وذي إيمان
                              لم يرفع الأصوات حول ضريحه *** كلا ولم يسجد على الأذقان
                              كلا ولم يُر طائفاً بالقبر أسـ *** ـبوعاً كأن القبر بيت ثان
                              ثم انثنى بدعائه متوجها *** لله نحو البيت ذي الأركان
                              هذي زيارة من غدا متمسكاً *** لشريعة الإسلام والإيمان
                              من أفضل الأعمال هاتيك الزيا *** رة وهي يوم الحشر في الميزان
                              لا تلبسوا الحق الذي جاءت به *** سنن الرسول بأعظم البرهان
                              هذي زيارتنا ولم ننكر سوى الـ *** ـبدع المضلة يا أولي العدوان
                              وحديث شد الرحل نص ثابت *** يجب المصير إليه بالبرهان (32)
                              وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً كل سبت فيصلي فيه ركعتين(33) ، ولذلك تسن زيارة مسجد قباء والصلاة فيه لمن جاء المدينة، أو من سكنها.
                              أما زيارة النساء قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال بعض الحنفية باستحبابها(34) إلا أن الجمهور على المنع منها كالمنع من زيارتهن قبور غيره صلّى الله عليه وسلّم؛ لعموم الأدلة، وعدم وجود مخصص - والله أعلم -(35) .
                              وأما السفر لأجل زيارة القبور، فالصحيح هو تحريم إنشاء ذلك السفر؛ وذلك استناداً لقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»(36) .
                              قوله: (لا تشد) بضم أوله على البناء للمفعول بلفظ النفي، والمراد النهي.
                              (الرحال): جمع رحل وهو كور البعير وهو للبعير كالسَرج للفرس، وكني بشد الرحال عن السفر؛ لأنه لازمه، وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر، وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير، والمشي في المعنى المذكور.
                              (إلا إلى ثلاثة مساجد): الاستثناء مفرّغ، والتقدير: لا تشد الرحال إلى موضع، ولازم هذا التقدير: منع السفر إلى كل موضع غيرها؛ لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام.
                              (المسجد الحرام): أي المحرم، وهو كقولهم: الكتاب بمعنى المكتوب، والمسجد بالخفض على البدلية، ويجوز الرفع على الاستئناف.
                              (ومسجدي هذا): أي مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم في المدينة.
                              (ومسجد الأقصى): أي بيت المقدس، سمي بالأقصى: لبعده عن المسجد الحرام في المكان، وقيل: لأنه لم يكن وراءه حينئذٍ مسجد، وقيل: لبعده عن الأقذار والخبث(37) .
                              قال النووي (ت - 676هـ) رحمه الله في شرحه الحديث: (فيه بيان عظيم فضيلة هذه المساجد الثلاثة، ومزيتها على غيرها؛ لكونها مساجد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولفضل الصلاة فيها)(38) .
                              ونقل الحافظ ابن حجر (ت - 852هـ) رحمه الله خلاف العلماء في حكم شد الرحل إلى غير المساجد الثلاثة كزيارة القبور وغيرها، فنقل عن أبي محمد الجويني(39) حرمة شد الرحل إلى غيرها عملاً بظاهر الحديث.
                              وقال بعض الشافعية بعدم الحرمة، ولم يقل أحد من العلماء المعتبرين بسنية السفر لزيارة القبور .(40)
                              وذكر الشيخ مرعي الحنبلي(41) رحمه الله منشأ الخلاف بين القولين، وهو من احتمالي صيغة الحديث (لا تشد الرحال)، فهي ذات وجهين: نفي ونهي.
                              فمن لحظ معنى النفي فقط فقد فهم أن معنى الحديث هو: نفي فضيلة واستحباب السفر إلى غير المساجد الثلاثة، وبنى على ذلك جواز قصر الصلاة إن كان السفر مسافة قصر.
                              ومن لحظ معنى النهي، فالمعنى حينئذٍ يحتمل التحريم أو الكراهة للسفر إلى غير المساجد الثلاثة، وهذا وجه متمسك من قال بعدم جواز القصر في هذا السفر لكونه منهياً عنه، واحتمال التحريم هو الأصل في النهي (42).
                              وقد أجاب القائلون بالإباحة عن هذا الحديث بأجوبة منها:
                              1 - أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه المساجد بخلاف غيرها فإنه جائز.
                              2 - أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة فإنه لا يجب الوفاء به.
                              3 - أن المراد حكم المساجد فقط، وأنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو طلب علم أو تجارة أو نزهة فلا يدخل في النهي، لما روى أحمد (ت - 241هـ) في مسنده من طريق شهر بن حوشب(43) قال سمعت أبا سعيد (ت - 74هـ) وذكرت عنده الصلاة في الطور فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ينبغي للمطي أن تُشَد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي»(44) ، قال الحافظ ابن حجر (ت - 852هـ) ، (وشهر حسن الحديث وإن كان فيه بعض الضعف)(45) .

                              وقد أجاب المباركفوري(46) رحمه الله عن هذه الصوارف عن ظاهر الحديث الذي هو التحريم إلى الإباحة بأجوبة:
                              1 - أن قولهم: المراد الفضيلة التامة... إلخ، فإن هذا خلاف ظاهر الحديث ولا دليل عليه، وأما لفظ (لا ينبغي)؛ في رواية أحمد (ت - 241هـ) فهو خلاف أكثر الروايات، فقد وقع في عامة الروايات (لا تشد) وهو ظاهر في التحريم.
                              وأما قولهم: إن لفظة (لا ينبغي) ظاهر في غير التحريم فهو ممنوع، كما بين ابن القيم (ت - 751هـ) رحمه الله أن المطرد في كلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم استعمال لفظ (لا ينبغي) في المحظور شرعاً وقدراً، وفي المستحيل الممتنع كقوله تعالى: { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً }[مريم: 92] ، وقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ} [يس: 69] ، وقوله سبحانه: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: 210 - 211] ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام»(47) وغيرها من النصوص(48) .
                              2 - أن قولهم: إن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه... إلخ، أو من قال: إن المراد قصدها بالاعتكاف، كما حكاه ابن حجر (ت - 852هـ) رحمه الله عن الخطابي (ت - 388هـ) رحمه الله(49) فالجواب عنهما: أن ذلك تخصيص بلا دليل.
                              3 - أما قولهم: إن المراد من المساجد فقط دون القبور، أو زيارة الصالحين للتبرك بهم... إلخ.
                              فهذا غير مسلّم، بل ظاهر الحديث العموم، وأن المراد: لا تشد الرحال إلى موضع إلا إلى ثلاثة مساجد، فإن الاستثناء مفرغ، والمستثنى منه في المفرغ يقدر بأعم العام.
                              وأما تفرد شهر بن حوشب (ت - 100هـ) برواية دون غيره من الحفاظ فلا يعتد بها؛ فهو كثير الأوهام (50) .
                              وأما السفر إلى موضع للتجارة، أو لطلب العلم، أو لغرض آخر صحيح مما ثبت جوازه بأدلة أخرى فهو مستثنى من حكم هذا الحديث(51) .
                              ولم ينقل عن أحد من الصحابة ولا التابعين ومن بعدهم من سلف الأمة، ممن شهد له بالعلم وصحة المعتقد أنه تكلم باسم زيارة قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترغيباً في ذلك، ولا غير ترغيب، فلم يكن لمسمى هذا الاسم حقيقة عندهم، ولهذا كره بعض أهل العلم لفظة (زيارة القبر).
                              وأما الذين أطلقوا لفظة الزيارة إنما يريدون بها إتيان المسجد، والصلاة فيه، والسلام على الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيه، إما قريباً من الحجرة أو بعيداً عنها، إما مستقبلاً القبلة، أو مستقبل القبر (52).
                              وعلى هذا فتكون أحوال زيارة القبر والمسجد النبوي كالتالي:
                              إن كانت الزيارة بدون شد رحل، فهذه جائزة، ومرغب فيها، ضمن الضوابط الشرعية كزيارة القبور الأخرى، ويزاد عليها في قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ألا يتخذ عيداً لقوله صلّى الله عليه وسلّم : «لا تجعلوا قبري عيداً ، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» (53).
                              وأما إن كانت الزيارة تحتاج إلى سفر: فينظر في مقصود الزائر: إما أن يريد المسجد فقط، وإما أن يريد القبر فقط، وإما أن يريدهما معاً.
                              فإن أراد المسجد فقط فهذا مشروع، لحديث النهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، وحديث تفضيل الصلاة في المسجد النبوي على غيره من المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام.
                              وإن أراد القبر فقط فهذا غير مشروع، فلا يجوز شد الرحل للقبور.
                              وإن أرادهما جميعاً فهذا جائز، فالأصل هو المسجد، ويدخل القبر بالتبع .(54)


                              يتبع.....


                              تعليق


                              • #45

                                المبحث الثاني
                                الزعم أن شيخ الإسلام ينهى عن زيارة القبور ومناقشته


                                المطلب الأول
                                الزعم بأن شيخ الإسلام ينهى عن زيارة القبور

                                زعم المناوئون لابن تيمية رحمه الله أنه يمنع من زيارة القبور مطلقاً وأنه يقول بتحريم تلك الزيارة، وأنه يستدل بحديث «لعن الله زوارات القبور» (55) على منع الزيارة مطلقاً.
                                وقالوا بأنه - أيضاً - ينكر مشروعية زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم مطلقاً، حتى من كان في المسجد لا يشرع له ذلك.
                                قال الحصني (ت - 829هـ) عن شيخ الإسلام رحمه الله: (ووجدوا صورة فتوى أخرى يقطع فيها بأن زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقبور الأنبياء معصية بالإجماع مقطوع بها) (56).
                                وزعم بعضهم بأن شيخ الإسلام رحمه الله هو أول من قال بهذا القول (57).
                                ويستدلون لزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع الأمة والقياس:
                                أما الكتاب فقول الله عزّ وجل: { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} [النساء: 64] .
                                قال ابن حجر الهيتمي (ت - 973هـ) عن هذه الآية: (دلت على حث الأمة على المجيء إليه صلّى الله عليه وسلّم، والاستغفار عنده، واستغفاره لهم، وهذا لا ينقطع بموته.
                                ودلت - أيضاً - على تعليق وجدانهم الله تواباً رحيماً بمجيئهم واستغفارهم واستغفار الرسول لهم)(58) .
                                وأما من السنة: فيستدلون بأدلة عدة:
                                منها حديث: (من زار قبري وجبت له شفاعتي).
                                وحديث: (من حج فزار قبري بعد وفاتي، فكأنما زارني في حياتي).
                                وحديث: (من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني).
                                وحديث: (من زار قبري، أو من زارني كنت له شفيعاً أو شهيداً)، وغيرها من الأحاديث(59) .
                                ويرى أولئك أن الزيارة: سنة مؤكدة، لكنها مشروطة بالاستطاعة كاستطاعة الحج؛ لأنهم يرون أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد حذر أمته من ترك الزيارة أشد التحذير وأرشد إليها بأبلغ بيان، مما يخشى التارك لها على نفسه القطيعة والعواقب، فترك زيارته صلّى الله عليه وسلّم جفاء، وهو من ترك البر والصلة.
                                وأما ذكر الحج في الزيارة ليس قيداً فهو لا مفهوم له عندهم، إذن: التارك للزيارة يخشى عليه من العقوبات والقبائح (60).
                                وأما الإجماع فيقول ابن حجر الهيتمي (ت - 973هـ) : (وأما إجماع المسلمين فقد نقل جماعة من الأئمة حملة الشرع الشريف الذين عليهم المدار والمعول في نقل الخلاف والإجماع)(61) .
                                وأما القياس: فتقاس زيارة قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم على زيارة قبور غيره، بل زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أولى وأحرى، وأحق وأعلى (62).
                                وأما كراهة الإمام مالك (ت - 179هـ) رحمه الله قول بعض الناس: زرت قبر النبي، فهذا لهم عليه توجيهات:
                                منها: أن لفظة (الزيارة) تستعمل في زيارة قبر كل ميت، وكراهة الإمام مالك (ت - 179هـ) لهذه اللفظة؛ إنما هو لرفعة مكانة النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يساوى وغيره بعبارة واحدة، فكراهة الإمام مالك (ت - 179هـ) رحمه الله إنما هو لأجل أن كلمة أفضل من كلمة.
                                ومنها: أنه كره لفظة (الزيارة)؛ لأن الزيارة تكون لوصل المزور ونفعه، وأما في زيارة قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم فلا تقال هذه اللفظة لعدم حاجة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لذلك، وإنما الحاجة للزائر في رغبته الثواب من عند الله عزّ وجل.
                                ومنها: أن كراهة الإمام مالك (ت - 179هـ) رحمه الله لفظة الزيارة؛ لإضافتها إلى القبر، وأنه لو قال: زرنا النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكرهه لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(63) . وبه قال القاضي عياض رحمه الله (64) .
                                ومنها: كراهة مالك (ت - 179هـ) رحمه الله لفظة (الزيارة)؛ لأن الزيارة من شاء فعلها، ومن شاء تركها، وزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم من السنن الواجبة (65).
                                ويدّعي المناوئون لابن تيمية رحمه الله أنه يحرم شد الرحل إلى زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبر غيره من الأنبياء والصالحين، وأنه قد بلغ الغلو والشطط في هذا الأمر (66).
                                ولذلك يردون عليه، فقد جعل السبكي (ت - 756هـ) من شبه الخصم - ابن تيمية - فهمه الخاطئ لحديث شد الرحل فقال (فتوهم الخصم أن في هذا منع السفر للزيارة، وليس كما توهمه) (67) .
                                وجعل من شبه الخصم - أيضاً -: كون هذا - أي السفر لزيارة القبر - ليس مشروعاً، وأنه من البدع، التي لم يستحبها أحد من العلماء، لا من الصحابة، ولا من التابعين، ولا من بعدهم (68).
                                ويذكر هؤلاء تقدير الاستثناء في حديث شد الرحل وأنه يمكن أن يكون التقدير: لفظ (المكان) ويرون أن هذا باطل - بلا خلاف - ولا قائل به؛ لأنه يلزم على هذا التقدير ألا نسافر إلى تجارة أو علم أو خير، وهذا ضرب من الهوس.
                                ويمكن أن يكون تقدير الاستثناء في الحديث لفظ (قبر)، وهذا السياق ظاهر في عدم انتظام الكلام، وغير لائق بالبلاغة النبوية.
                                ويمكن أن يكون التقدير لفظ (مسجد)، وهذا التقدير أقرب الاحتمالات الثلاثة (69)، ويحث هؤلاء على شد الرحل لزيارة القبر ويندبون إليها حتى للنساء، ويرون أنه لا زيارة إلا بسفر.
                                قال ابن حجر الهيتمي (ت - 973هـ) : (وجه شمول الزيارة للسفر أنها تستدعي الانتقال من مكان الزائر إلى مكان المزور كلفظ المجيء الذي نصت عليه الآية الكريمة... وإذا كانت كل زيارة قربة كان كل سفر إليها قربة.. والقاعدة المتفق عليها أن وسيلة القربة المتوقفة عليها قربة)(70) .
                                ولا يكتفون بأن يجعلوها قربة بل هي من أعظم القربات عند الله عزّ وجل(71) .



                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                                استجابة 1
                                10 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                                ردود 2
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                                بواسطة ibrahim aly awaly
                                 
                                يعمل...
                                X