حدثنا الحسن بن صباح البزار حدثنا زيد بن حباب عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت أخبرنا يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالي فانظري فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي أما شبعت أما شبعت قالت فجعلت أقول لا لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر قالت فارفض الناس عنها قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر قالت فرجعت قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه
بما أنني لاحظت أن المتداخلين لا يفهمون معنى الحديث المذكور أقول لهم ما قاله علماء السنة في هذا الحديث،وكذلك من كتب الشيعة :
- الجارية في النساء كالغلام في الرجال ، وهما يقالان عن من دون البلوغ منهما ( المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 2/533) .
-
قال ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " 1/239 :" والظاهر من هاتين الجاريتين صغر السن ، لأن عائشة كانت صغيرة ، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسرِّب إليها الجواري فيلعبن معها " .
- مزمارة الشيطان : يعني الغناء أو الدف ، وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي ، فقد تشغل القلب عن الذكر ، ونسبه الصديق إلى الشيطان على ما ظهر لأبي بكر ، وهذا إنكار منه لما سمع مستصحباً لما كان مقرراً عنده من تحريم اللهو والغناء جملة ، حتى ظن أن هذا من قبيل ما ينكر فبادر إلى ذلك .
- والصديق – رضي الله عنه – ظنّ أن الجاريتين فعلتا ذلك بغير علم النبي – صلى الله عليه وسلم – لكونه دخل فوجد النبي – صلى الله عليه وسلم – مغطّى بثوبه فظنه نائماً ، فتوجه الإنكار على ابنته من هذه الأوجه ، مستصحباً لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو فبادر إلى إنكار ذلك قياما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بذلك ، فأوضح له النبي – صلى الله عليه وسلم – الحال ، وعرّفه الحُكم مقروناً ببيان الحكمة بأنه يوم عيد ، فلا ينكر فيه مثل هذا ، كما لا ينكر في الأعراس .
- وعندئذ قال له النبي – صلى الله عليه وسلم - :" دعهما " ثم علل النبي – صلى الله عليه وسلم – الإباحة بأنه يوم عيد ، ويوم سرور وفرح شرعي فلا ينكر فيه مثل هذا ، كما لا ينكر في الأعراس .
- غناؤهما كان في الشجاعة والقتل والحث على القتال ، ونحو ذلك مما لا مفسدة فيه ، بخلاف الغناء المشتمل على ما يهيج النفوس على الشر ويحملها على الخنا والقبح .
-
فأين الإشكال غناء جاريتين صغيرتين غي مكلفتين ، تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بُعاث من الشجاعة والحرب ، وكان اليوم يوم
عيد .
- قال القاضي عياض – رحمه الله - :" إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة ، وهذا لا يهيج الجواري على شر ، ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه وإنما رفع الصوت بالإنشاد " ( شرح مسلم للنووي 6/433) .
-
قول عائشة – رضي الله عنها - :" وليستا بمغنيتين " :" أي ليستا ممن يعرف بالغناء كما تعرفه المغنيات المعروفات بذلك ، وهذا تحرز من الغناء المعتاد عند المشهورين به ، الذي يحرك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل والمجون ، الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه محاسن النساء وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه ، لأنه اللهو واللعب المذموم بالاتفاق ، أما ما يسلم من تلك المحرمات فيجوز القليل منه ، وفي أوقات الفرح كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة " ( المفهم للقرطبي 2/534) .
-
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :" وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصِّل لهم بسط النفس ، وترويح البدن من كلف العبادة ، وأن الإعراض عن ذلك أولى ، وفيه إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين " ( فتح الباري 2/443) .
-
قال الإمام البغوي – رحمه الله - :" وكان الشعر الذي تغنيان في وصف الحرب والشجاعة ، وفي ذكره معونة في أمر الدين ، فأما الغناء بذكر الفواحش والابتهار – الاشتهار – بالحرم والمجاهرة بالمنكر من القول فهو المحظور من الغناء ، وحاشاه – صلى الله عليه وسلم – أن يجري شيء من ذلك بحضرته عليه الصلاة والسلام ، فيغفل النكير له ، وكل من رفع صوته بشيء جاهراً به ، ومصرحاً باسمه لا يستره ولا يكني عنه فقد غنى ، بدليل قولها :" وليستا بمغنيتين "
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، ... ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر أحدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى
-
قال ابن القيم رحمه الله : " وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع ... بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام " مدارج السالكين 1/493
-
قال الألباني – رحمه الله - :" في قوله " فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا " وهذا التعليل من بلاغته – صلى الله عليه وسلم – لأنه من جهة يشير به إلى لإقرار أبي بكر على إنكاره للمزامير كأصل ، ويصرح من جهة أخرى بإقرار الجاريتين على غنائهما بالدف ، مشيراً بذلك إلى أنه مستثنى من الأصل ، كأنه – صلى الله عليه وسلم – يقول لأبي بكر : أصبت في تمسكك بالأصل ، وأخطأت في إنكارك على الجاريتين فإنه يوم عيد " ( تحريم آلات الطرب ص : 108 ) .
-
- أما حديث أحمد ( 5/353 ) وصححه الألباني في الصحيحة (1609) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه :" أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رجع من بعض مغازيه فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف قال: إن كنت فعلت فافعلي وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب ثم دخل عمر قال: فجعلت دفها خلفها ( وفي رواية ) – تحت إستها - وهي مقنعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس ههنا ودخل هؤلاء فلما أن دخلت فعلت ما فعلت " .
-
الرد :
- في الحديث أن أمة سوداء ليست حرة نذرت أن تضرب الدف فرحا بقدومه – صلى الله عليه وسلم – صالحاً سالماً منتصراً .
- فاغتفر لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للسبب الذي نذرته لإظهار فرحها ، ومن أهل العلم من قال أنها خصوصية للرسول – صلى الله عليه وسلم – لأنه ليس هناك من يُفرح به كالفرح به – صلى الله عليه وسلم - .
- وقال الخطابي في معالم السنن (4/382) :" ضرب الدف ليس مما يُعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذور ، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح ، غير أنه اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قدم المدينة من بعض غزواته ، وكانت فيه مساءة الكفار ، وإرغام المنافقين صار فعله كبعض القُرب التي من نوافل الطاعات ، ولهذا أبيح ضرب الدفوف "
-
كذلك ثابت في كتب الشيعة الإمامية وقد أخرج النوري الطبرسي في " مستدرك الوسائل 14/ ص 304 - كتاب النكاح – باب نوادر ما يتعلق بأبواب مقدمات النكاح – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال :" فرق بين النكاح والسفاح ضرب الدف " .
- وروى الطبرسي كذلك (16789) 12 – عن جعفر بن محمد ع أنه قال :" لما كان في الليلة التي بنى فيها علي بفاطمة عليها السلام سمع رسول الله – صلى الله عليه وآله – ضرب الدف ن فقال ما هذا ؟ فقالت أم سلمة : يا رسول الله هذه اسماء بنت عميس تضرب الدف أرادت أن تفرح فاطمة لئلا ترى أنه لما ماتت أمها لم تجد من يقوم لها ، فرفع رسول الله – صلى الله عليه وآله – يده إلى السماء ثم قال : اللهم أدخل على اسماء بنت عميس السرور كما فرحت ابنتي ثم دعا بها فقال : يا اسماء ما تقولون إذا نقرتن الدف ؟ فقالت يا رسول الله ما ندري ما نقول في ذلك ؟ وإنما أردت فرحها ، فقال : فلا تقولوا هجراً وهذراً " .
- وأخرج الطبرسي في " المستدرك " 16790 – 13 : عن رسول الله أنه مر ببني زريق فسمع عزفاً ، فقال ما هذا قالوا يا رسول الله نكح فلان فقال كمل دينه ، هذا النكاح لا السفاح ولا يكون نكاح في السر حتى يرى دخان أو يسمع حس دف " وقال :" الفرق ما بين النكاح والسفاح ضرب الدف " .
الوهابي محمد بن الصدوق نقل من منتديات الوهابيية على هذه الرواية من البخاري وليس على رواية الموضوع
روى البخاري في صحيحه ج4 ص39 ,185 حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا عمرو: أن محمد بن عبد الرحمن الأسدي حدثه، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث: فاضطجع على الفراش وحول وجهه (1)، ودخل أبو بكر فانتهرني (2)، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال: (دعهما) (3). فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وكان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما قال: (تشتهين تنظرين). فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده (4)، وهو يقول: (دونكم يا بني أرفدة). حتى إذا مللت، قال: (حسبك). قلت: نعم، قال: (فاذهبي).
تعليق