
لقد زادت في الآونة الأخيرة حالات التسمم الكيميائي عند الأطفال نتيجة الاستخدام الخاطئ لبعض المواد الكيميائية. ومن أنواع التسمم الكثير الانتشار في مجتمعنا هو استخدام المبيدات الحشرية المعروفة (بالجارة) والتي تحتوي على مواد كيميائية سامة تعرف باسم Oranophosphate للقضاء على قمل الرأس.
هذه المبيدات الحشرية يكثر استخدامها من قبل الأطباء البيطريين لعلاج المواشي المصابة بالقمل، المن، العته او الجرب وكذلك تستخدم لنفس الغرض من قبل المزارعين لقتل هذه الحشرات التي تصيب المزروعات. ولكن مالا يتوقع هو استخدام هذه المبيدات الحشرية من قبل بعض الناس كعلاج للتخلص من قمل الرأس لدى الأطفال مما أدى الى حدوث تسمم كيميائي بسبب مادة Oranophosphate والتي تتواجد بهذه المبيدات بتركيز عال جداً.
يتم امتصاص هذه المادة عن طريق الجلد او الاستنشاق عندما توضع على فروة الرأس. وفي بعض الحالات قد يسبب التسمم عن طريق الفم عند شرب هذه المبيدات من قبل الأطفال عندما تتواجد في متناول أيديهم. مادة Oranophosphate سامة جداً ومن أسوء انواعه Ethnyl Parathion التي تستخدم للقضاء على الحشرات في المزارع والحيوانات وهو المكون الأساسي الموجود في مادة (الجارة) المتواجدة في الأسواق. ومن المواد الأقل خطورة مثل، Diazinon, Clorothion, Malathion, وهي موجودة في المبيدات الحشرية المستخدمة في المنازل. وعند تعرض الأطفال لهذه المبيدات الحشرية إما عن طريق الجلد او الاستنشاق او الفم فقد تسبب أعراض كثيرة سببها زيادة التعرق والإفرازات من معظم أجهزة الجسم مثل الجهاز الهضمي والجهاز العصبي والجهاز التنفسي ومن هذه الأعراض قيء وغثيان والآلام في البطن وتوتر وضعف عضلي مع زغللة النظر يمكن ان تتطور الى تشنجات او حتى غيبوبة كاملة، ويمكن ان تؤثر على نبضات القلب. ومن اهم الأسباب التي تؤدي للوفاة هو وجود إفرازات وسوائل كثيرة في الرئة مما يؤدي الى توقف عملية التنفس.
في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني خلال السنتين الماضيتين. تم إدخال حوالي 20حالة تسمم كيميائي بسبب استخدام مادة (الجارة) أكثر من نصفهم قضوا معظم الوقت في العناية المركزة تحت التنفس الصناعي وللأسف الشديد فقط توفيت طفلة في عمر الزهور من جراء استخدام هذه المادة من قبل الأسرة لعلاج قمل الرأس. وعشرات أضعاف هذه الحالات تم علاجها في مركز الإسعاف او العيادات الخارجية حيث كانت تعاني من بعض أعراض التسمم الخفيفة مثل القيء وآلام البطن والتشنجات وغيرها.
السؤال الذي يطرح نفسه من هو المسؤول عن التسمم بمادة (الجارة) Oranophosphate ؟ ان قلة وعي الأسرة واستخدام هذه المواد السامة استخدام خاطئ يلقى المسئولية الكبرى على الأسرة ولكن لا نستطيع ان نهمل مسئولية الصيدليات البيطرية والمحلات الزراعية التي تبيع او تصرف هذه المواد للعامة دون تحفظ ولكل من يطلبها. وايضاً دون توضيح ماهي مخاطر هذه المواد لو استخدمت استخداماً خاطئئا وزارة التجارة تتحمل جزءاً من المسئولية ايضاً لذا أرى كما يرى الكثيرون الى ضرورة خطر بيع مثل هذه المواد السامة الى المواطنين ويجب ان تقتصر على المزارعين وبوجود تصريح الاستخدام.
توضيح هذه المشكلة ونشر الوعي عن خطورتها كان الشغل الشاغل للعاملين في إدارة الطب الوقائي ومكافحة العدوى بالشئون الصحية للحرس الوطني وذلك لازدياد حالات التسمم خاصة عند بدأ العام الدراسي حيث ان معظم الأطفال المصابين بقمل الرأس والذين يتم تشخيص حالتهم من قبل المسئولين في المدارس يتم إرجاعهم الى منازلهم من قبل المدرسة للقضاء على قمل الرأس ونظراً لتوفر مادة (الجارة) وسهولة الحصول عليها من قبل الأهالي ومعرفتهم انها تقضي على القمل عند الحيوان يتم استخدامها بالخطأ على رؤوس الأطفال للقضاء على القمل.
وبالدعم الكامل من المسئولين في الشؤون الصحية والرئاسة العامة للحرس الوطني تم وضع خطه للقضاء على هذه الآفة تتلخص فيما يلي:
1- تم طبع منشورات وملصقات توضح كيفية استخدام العلاج الصحيح وتحذر من مخاطر استخدام مادة الجارة في القضاء على قمل الرأس وقد تم توزيعها على كافة مدارس البنين والبنات والمراكز الصحية التابعة للحرس الوطني.
2- بتصريح من معالي وكيل الحرس الوطني فقد تم توزيع العلاج الخاص بقمل الرأس في كافة المراكز الصحية والعيادات والمدارس التابعة للحرس الوطني حتى لا يكون للمواطن اي ذريعة لاستخدام المواد الكيميائية السامة في القضاء على قمل الرأس.
أن الدافع الرئيسي لحملتنا هذه هو تأمين الوقاية والعلاج لأطفالنا وحمايتهم من العادات الخاطئة الناتجة عن قلة الوعي.