بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّل فَرَجَهم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ قَرِيناً ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ نَصِيراً ،
وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْقٍ إِلَيْكَ ، وَ بِالْعَمَلِ لَكَ بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ .
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ
***
ما زال هذا الحديث النبوي الشريف يغيظ بعض المعاندين ويوقد في قلوبهم ناراً موقدة تُلقي في بعض الأوقات بشرر من الشبهات
التي يزعم أصحابها أنها من الحق
لكن بإذن الله تعالى سنجعل هذه النار الموقدة تأكل قلوبهم وما تحويه من شبهاتهم الساقطة الباطلة
قال الألباني
( ورد من حديث زيد بن أرقم و سعد بن أبي وقاص و بريدة بن الحصيب و علي بن أبي طالب و أبي أيوب الأنصاري و البراء بن عازب و عبد الله بن عباس و أنس بن مالك و أبي سعيد و أبي هريرة ...
و للحديث طرق أخرى كثيرة جمع طائفة كبيرة منها الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 103 - 108 ) و قد ذكرت و خرجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقينا ، و إلا فهي كثيرة جدا ، و قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، قال الحافظ ابن حجر : منها صحاح و منها حسان . و جملة القول أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه ، بل الأول منه متواتر عنه صلى الله عليه وسلم كما ظهر لمن تتبع أسانيده و طرقه ، و ما ذكرت منها كفاية ...
إذا عرفت هذا ، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث و بيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية ، قد ضعف الشطر الأول من الحديث ، و أما الشطر الآخر ، فزعم أنه كذب <1> ! و هذا من مبالغته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها و يدقق النظر فيها . و الله المستعان .
ـ السلسلة الصحيحة ج 4 ـ
قال ابن كثير
( قال ـ يعني الذهبي ـ: وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وأما اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد )
ـ البدايةو النهاية ج 5 ـ
قال الآلوسي
( وعن الذهبي أن «من كنت مولاه فعلي مولاه» متواتر يتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ، وأما اللهم وال من والاه ، فزيادة قوية الإسناد )
ـ تفسير الآلوسي ج 5 ـ
قال الكتاني
( 232 (من كنت مولاه فعلي مولاه)...
وممن صرح بتواتره أيضا المناوي في التيسير نقلا عن السيوطي وشارح المواهب اللدنية
ـ نظم المتناثر من الحديث المتواتر ج 1 ـ
قال المناوي
( (من كنت مولاه فعلي مولاه) ...
وقال المصنف : حديث متواتر. )
ـ فيض القدير ج 6 ـ
قال العجلوني
( من كنت مولاه فعلي مولاه.
رواه الطبراني وأحمد والضياء في المختارة عن زيد بن أرقم وعلي وثلاثين من الصحابة بلفظ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ،
فالحديث متواتر أو مشهور. )
ـ كشف الخفاء ج 2 ـ
فالشطر الأول من الحديث متواتر ومع ذلك يقول الدكتور الجزائري خالد كبير علال في كتابه ( التعصب المذهبي في التاريخ )
وهذا الدكتور ينقل كلام ابن تيمية فقد قال ابن تيمية
فإن صح ما قاله ابن تيمية فلنا أن نسأل
لماذا أنكر هؤلاء هذا الحديث المتواتر ، هل السبب جهلهم بالحق أم جحدهم للحق ؟؟؟
لكن بالبحث في كلام هؤلاء نجد أن ما ورد عن البخاري هو
( قال لى عبيد حدثنا يونس سمع اسمعيل عن جميل بن عامر أن سالما حدثه سمع من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه، قال أبو عبد الله في اسناده نظر )
ـ التاريخ الكبير ج 1 ـ
فكلام البخاري عن الإسناد فقط ولم يتحدث عن المتن ، أما طعنه في المتن فلم أجده
فمن أين جاء به ابن تيمية ؟؟؟
ولم أجد ما ورد على لسان ابن تيمية عن إنكار إبراهيم الحربي ، فمن يجده يتكرم ويعلمنا به
أما ابن حزم فقد قال
( وأما من كنت مولاه فعلى مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلا )
ـ الفصل في الملل والنحل ج 4 ـ
هذا كلام مردود عليه فالحديث متواتر
وقد قال وصي الله بن محمد عباس بعد تصحيحه للشطر الأول من الحديث
( وقال ابن حزم في المفاضلة ( 264):" وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً ".
وهذا الكلام فيه مجازفة قبيحة منه رحمه الله فهؤلاء رجال الحديث وهم ثقات أثبات معروفون )
أما كلام عبد الله الزيلعي فقد رد عليه الشيخ مقبل الوادعي فقال
( الحديث الثاني: ((من كنت مولاه فعليّ مولاه)) حديث صحيح، رواه الترمذي وغيره وقد ساق الشيخ ناصر الدين الألباني -حفطه الله تعالى- طرقه المتكاثرة فى "السلسلة الصحيحة" ...
أما صاحب "نصب الراية" وهكذا فيما يظهر شيخ الإسلام ابن تيمية فإنّهما حكما على الحديث بالضعف ولا مجال لتضعيفه فهو مرويّ من طرق كثيرة متكاثرة لا يستطاع أن يحكم عليه بالضعف. والله المستعان.)
ـ المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح ـ
*****
قال الدكتور الجزائري
هذا الكلام للدكتور يوهم القاريء بأن هؤلاء العلماء ضعفوا هذا الحديث بمتنه المذكور من قبل وذكره الدكتور قبل كلامه السابق ، لكن بالرجوع لهذه الكتب نجد الأمر مختلف عما يقول ، فبالرجوع لكلام ابن الجوزي والجوزقاني بجدهم قد ذكرا فيه
( 52- ( 26 ) أبو معاذ الشاه ثنا حبشون بن موسى ثنا علي بن سعيد الرملي ثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة عن النبي من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو غدير خم ثم أخذ يدي علي فقال من كنت مولاه فعلى مولاه وقال له عمر بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم فأنزل الله اليوم أكملت لكم دينكم الحديث )
ـ أحاديث مختارة من موضوعات الجوزقاني وابن الجوزي للذهبي ـ
فهذا المتن مخالف لمتن الحديث المذكور
وبالرجوع لكلام الشيخ مقبل الوادعي نجده قال فيه
( 146 - قال الإمام أبو عبد الله بن ماجة رحمه الله ( ج 1ص 45 ) :
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ سَابِطٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ فَذَكَرُوا عَلِيًّا فَنَالَ مِنْهُ فَغَضِبَ سَعْدٌ وَقَالَ تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " .
هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده وجدتهم ثقات ، ولكن يحيى بن معين يقول : إن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من سعد بن أبي وقاص كما في " جامع التحصيل ".)
ـ أحاديث معلة ظاهرها الصحة ـ
فالمتن هنا أيضاً مخالف للمتن المذكور من قبل
هذا بالإضافة إلى أن الشيخ مقبل الوادعي قد صحح شطر الحديث الأول كما هو مذكور من قبل
فهل لم يقرأ هذا الدكتور تصحيح الشيخ لهذا الشطر من الحديث ؟؟؟
وبالرجوع لكلام محمد بن القيسراني نجده قد ذكر الشطر الأول المتواتر من الحديث ضمن كتابه
( ذخيره الحفاظ المخرج على الحروف والالفاظ - الذخيره في الاحاديث الضعيفه والموضوعة )
فهل سبب هذا الجهل بالحق أم الجحد للحق ؟؟؟
أما نسخة ابن نبيط التي ذكرها الدكتور خالد فقال في الهامش ( . و ابن تبيط : نسخة الأشجعي في الأحاديث الموضوعة ،مصر دار الصحابة ج1ص:55.)
هذه النسخة قال عنها الذهبي
( ونسخة نبيط نسخة موضوعة بلا ريب ، فلا تغتروا بعلوها ، فاللكي تكلم فيه ابن ماكولا وغيره ، وشيخه أحمد أحسبه هو واضع النسخة )
ـ معجم الشيوخ ج 2 ـ
فالنسخة ساقطة من الأصل
وبالرجوع لكتاب الدكتور عمر بن عثمان ( الوضع في الحديث ) نجد المؤلف قد قال فيه
( 32 ـ الحسين بن محمد بن خسرو البلخي :
قال ابن حجر : رأيت بخط هذا الرجل جزءاً من جملته نسخة رواها عن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله الواسطي حدثنا أبو بكر محمد بن عمر البابزائي بجامع واسط حدثنا الدقيقي عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس والنسخة كلها مكذوبة على الدقيقي فمن فوقه ما حدثوا منها بشيء. فمنها: حديث " من كنت مولاه " وحديث " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " وحديث " أصحابي كالنجوم " وغير ذلك وهذه الأحاديث وإن كانت رويت من طريق غير هذه فإنها بهذا الإسناد مختلقة وما أدري هي من صنعة الحسين أو شيخه أو شيخ شيخه (2).
_____________
(2) لسان 2 : 312 .)
فكما هو واضح فالمؤلف لم يذكر هذا الحديث ضمن الأحاديث الموضوعة التي ذكرها في كتابه هذا بل نقل كلام ابن حجر عن ( الحسين بن محمد ) وأن هذا الإسناد المذكور هو المختلق وليس متن الحديث ، بل قال ابن حجر في فتح الباري ( وَأَمَّا حَدِيث " مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيّ مَوْلَاهُ " فَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ ، وَهُوَ كَثِير الطُّرُق جِدًّا ، وَقَدْ اِسْتَوْعَبَهَا اِبْن عُقْدَة فِي كِتَاب مُفْرَد ، وَكَثِير مِنْ أَسَانِيدهَا صِحَاح وَحِسَان )
أما الدكتور خالد علال فقد أوهم القاريء لكتابه بأن الدكتور عمر بن عثمان قد حكم على هذا الحديث بالوضع ، فمن أين جاء بهذا الكلام ؟؟؟
*****
قال الدكتور الجزائري
قد ثبت صحة الشطر الثاني من الحديث فهذا الكلام عن وضع بعض الناس للشطر الثاني كلام باطل
ولقد ذكرت من قبل كلام الذهبي الذي نقله عنه ابن كثير والآلوسي حول هذه الزيادة وقد قال فيها
( وأما اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد )
*****
قال الدكتور الجزائري
وأين اسم الشيخ الألباني ؟؟؟
هل لم يقرأ الدكتور تصحيح الشيخ الألباني لهذا الحديث بشطريه ؟؟؟
وصححه أيضاً مصطفى بن العدوي في ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة )
وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد بن حنبل ج 4
والعدد ليس المهم بل الأهم إصابة الحق
وقد تبين صحة الحديث بشطريه
***
قال الدكتور الجزائري
1 ـ ما ثبت صحته فهو الصحيح
2 ـ هذا الشطر المتواتر يكفي وحده في إثبات الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام
وقد ثبت هذا من الحديث الصحيح للرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي فيه
( عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ
غَزَوْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ عَلِيًّا فَتَنَقَّصْتُهُ فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ". )
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد جعل لأمير المؤمنين عليه السلام ولاية مثل ولايته على المسلمين فجعله أولى بهم من أنفسهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا وقد بينا هذا بالتفصيل في موضوع خاص به
وهذا الحديث قال فيه الشيخ الألباني وشعيب الأرنؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين ( السلسلة الصحيحة و التعليق على مسند أحمد )
وصححه الشيخ مقبل الوادعي ( الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين ) وأم شعيب الوادعية ( الصحيح المسند من فضائل أهل بيت النبوة ) .
وقد فهم هذه الولاية العامة لأمير المؤمنين عليه السلام بعض الصحابة رضي الله عنهم ومنهم الصحابي أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وكلهم من الأنصار كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد بن حنبل
( 22461 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ لَقِيطٍ النَّخَعِيُّ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ
جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ بالرَّحْبَةِ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا قَالَ كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ قَالَ رِيَاحٌ فَلَمَّا مَضَوْا تَبِعْتُهُمْ فَسَأَلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ .)
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا حَنَشٌ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَدِمُوا عَلَى عَلِيٍّ فِي الرَّحْبَةِ فَقَالَ مَنْ الْقَوْمُ قَالُوا مَوَالِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح
ـ مسند أحمد ج 5 ـ
قال الشيخ الألباني : قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات . و قال الهيثمي : " رواه أحمد و الطبراني ، و رجال أحمد ثقات " . ( السلسلة الصحيحة ) وصحح إسناده وصي الله بن محمد عباس في تعليقه على فضائل الصحابة لابن حنبل
وصححه مصطفى بن العدوي ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة ) وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد
فهؤلاء الصحابة كانوا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام عليهم وبأنه أولى بهم من أنفسهم طاعة وتنفيذاً لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولهذا عندما سلموا عليه قالوا له ( يا مولانا ) ، ثم سألهم أمير المؤمنين عليه السلام سؤالاً تقريرياً وقال لهم ( كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ )
قال السندي في شرحه على مسند أحمد : قوله ( وأنتم قوم عرب ) لا تروا أن لأحد عليكم سيادة أو ليس لأحد عليكم منة الإعتاق فكأنه فهم المولى بمعنى السيد أو فهم ولاء العتاقة ، أي : أنه كالمتعق .)
ولم يكن لأمير المؤمنين عليه السلام عليهم ولاء العتق فهم من العرب الأحرار فبقي له عليهم السيادة ، ثم بين هؤلاء الصحابة سبب قولهم هذا وهم من العرب الأحرار وليسوا من العجم العبيد فقالوا : سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ )
وهذا إقرار منهم بأن أمير المؤمنين عليه السلام أولى بهم من أنفسهم ، وعليهم طاعته طاعة العبد لمولاه مثل ولايتهم وطاعتهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
فهذا الشطر الأول وحده يكفي لإثبات ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
أما قول الدكتورالجزائري وغيره بأن هذا الحديث معناه الحب والنصر والموالاة بين جميع المؤمنين
فهذا قول يستدعي بعض الأسئلة منها
1 ـ لماذا خص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الأمر بأمير المؤمنين عليه السلام وأعلنه على هذا الجمع الكبير من الصحابة ، ولم يفعل مثل هذا الأمر ويعلنه مع من هو أفضل منه عندكم مثل أبي بكر وعمر وعثمان ؟؟؟
2 ـ هل فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الأمر محاباة لأمير المؤمنين عليه السلام أم بسبب آخر ؟؟؟
3 ـ لو كان معنى الحديث يعني المحبة والنصرة فهل طبق كل الصحابة هذا الحديث وأحبوا ونصروا أمير المؤمنين عليه السلام ؟؟؟
*****
قال الدكتور الجزائري
1 ـ ثبت صحة الشطر الثاني من الحديث
2 ـ هذه الاعتراضات شبهات باطلة لا أساس لها
1 ـ بعد ثبوت هذا القول من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن خالف هذا القول فلا يلومن إلا نفسه ، فمن حارب أمير المؤمنين عليه السلام فقد حارب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولهذا الجزء من الحديث شواهد تزيد وتؤكد صحته منها
قال رسول الله صلى الله عليه وىله وسلم ( أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ )
وقال الله عز وجل في الحديث القدسي ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ )
فأمير المؤمنين عليه السلام كان هو ولي الله عز وجل في أرضه وولي أمر المسلمين الواجب عليهم طاعته بأمر الله عز وجل ومع هذا فقد عاداه بعض الصحابة ، فمن عاداه منهم فقد عادى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
2 ـ حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يخالف الواقع الذي حدث ، فكيف يبشر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالشهادة والجنة من قتل على حالة المخالفة لأمر الله عز وجل ومعاداة وليه ومحاربته ، فهل هذه هي الشهادة في سبيل الله عز وجل ؟؟؟
من كان في هذه الحالة منهم في طاعة أمير المؤمنين عليه السلام فهو في طاعة الله عز وجل ، وبعد ذلك كان بعض هؤلاء في حالة معصية لأمير المؤمنين عليه السلام ومعصية لله عز وجل ، فالحكم عليهم طبقاً لكل حالة كانوا عليها وليس حكماً بالجملة ، وباب التوبة مفتوح للجميع
والمهم كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) ـ صحيح البخاري ـ
1 ـ قد صح نسبة هذا القول للرسول صلى الله عليه وآله وسلم
2 ـ هذا الدكتور بكلامه هذا قد نسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان والقول بالشرك الصريح ، فكلامه هذا هو الباطل الصريح
وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث صحيحة عند هذا الدكتور قريبة من قوله هذا منها
( قَالَ فِي الْأَنْصَارِ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ )
( لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )
ـ صحيح مسلم ج 1 ـ
*****
قال الدكتور الجزائري
1 ـ قد ثبت صحة هذا القول من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا يثبت كلام ابن تيمية أن الحق يدور مع علي بن أبي طالب عليه السلام مثل دورانه مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أوجب على كل الصحابة بمن فيهم أبي بكر وعمر وعثمان باتباع أمير المؤمنين عليه السلام في كل ما يقول ، ويشهد لهذا القول أحاديث أخرى تؤكد صحتة وتزيد في صحته منها
( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا )
فالتمسك والاعتصام بالقرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام هو السبيل للنجاة من الضلال والهلاك ، فهل أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالتمسك والاعتصام بمن قد يقع منه مخالفة للقرآن الكريم وقد يقع في الضلال ؟؟؟
ولو حدثت منه مخالفة للقرآن الكريم لوقع الافتراق بينهما وهو ما نفاه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال ( لن يتفرقا )
أما الصحابة فقد نازعوا بعضهم بعضاً وكانوا في بعض المسائل فريقين مختلفين أحدهما موافق للحق والآخر مخالف للحق ولم يتبع بعضهم بعضاً
أما المنازعة ققد وقعت المنازعة مع بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم يقدح ذلك في دوران الحق معهم .
ويشهد له أيضاً قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما مر علي عليه السلام
( الحق مع ذا الحق مع ذا )
وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
( : علي مع القرآن و القرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) وهو نفس معنى الحديث الأول
والأهم هنا هو ثبوت صحة هذا القول للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو كاف لرد هذه الشبهة الساقطة .
*****
قال الدكتور الجزائري
ينقل الدكتور هنا بعض كلام ابن تيمية الذي قال فيه
( وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " { اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ } مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الْإِسْلَامِ ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إخْوَةٌ مَعَ قِتَالِهِمْ وَبَغْيِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ )
ـ مجموع فتاوى ابن تيمية ج 1 ـ
أقول
1 ـ قد ذكرنا من قبل الحديث القدسي الذي قال الله عز وجل فيه
( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ )
وأميرالمؤمنين عليه السلام من أولياء الله عز وجل الذين من عاداهم فقد حاربهم الله عز وجل
2 ـ الآية الكريمة تتحدث عن قتال يقع بين طائفتين ، أما ما حدث لأمير المؤمنين عليه السلام من بعض الصحابة وأتباعهم فهو مخالفة أمر ومعاداة وقتال ولي أمرهم الذي أمرهم الله عز وجل بطاعته ، فهذا خارج الآية الكريمة
3 ـ هذه الآية الكريمة نزلت في قتال وقع بين طائفتين من المؤمنين و الكافرين وقد عبر القرآن الكريم عن هؤلاء الكفار بالمؤمنين
( 3357 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ وَرَكِبَ حِمَارًا وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ وَهِيَ أَرْضٌ سَبَخَةٌ فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِلَيْكَ عَنِّي فَوَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ قَالَ فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ قَالَ فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَبِالْأَيْدِي وَبِالنِّعَالِ قَالَ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ
{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا })
ـ صحيح مسلم ج 9 ، صحيح البخاري ج 9ـ
قال ابن حجر
( وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ اِبْن بَطَّال نُزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة وَهِيَ قَوْله : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا ) فِي هَذِهِ الْقِصَّة ، لِأَنَّ الْمُخَاصَمَة وَقَعَتْ بَيْن مَنْ كَانَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابه وَبَيْن أَصْحَاب عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ، وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ كُفَّارًا فَكَيْفَ يَنْزِل فِيهِمْ : ( طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ قِصَّة أَنَس وَأُسَامَة مُتَّحِدَة ، فَإِنَّ فِي رِوَايَة أُسَامَة فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ . قُلْت : يُمْكِن أَنْ يُحْمَل عَلَى التَّغْلِيب )
ـ فتح الباري شرح البخاري ج 8 ـ
فلفظ الإيمان يطلق على المؤمن و غيره
فالشطر الثاني من الحديث لا يخالف الإسلام كما يزعم ابن تيمية وغيره
وهو قول حق ثابت متفق على صحته وليس بباطل كما يزعم الدكتور خالد علال
قال الله عز وجل
بسم الله الرحم الرحيم
( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا )
صدق الله العلي العظيم
والحمد لله رب العالمين
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّل فَرَجَهم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ قَرِيناً ، وَ اجْعَلْنِي لَهُمْ نَصِيراً ،
وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْقٍ إِلَيْكَ ، وَ بِالْعَمَلِ لَكَ بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَ ذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ .
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ
***
ما زال هذا الحديث النبوي الشريف يغيظ بعض المعاندين ويوقد في قلوبهم ناراً موقدة تُلقي في بعض الأوقات بشرر من الشبهات
التي يزعم أصحابها أنها من الحق
لكن بإذن الله تعالى سنجعل هذه النار الموقدة تأكل قلوبهم وما تحويه من شبهاتهم الساقطة الباطلة
قال الألباني
( ورد من حديث زيد بن أرقم و سعد بن أبي وقاص و بريدة بن الحصيب و علي بن أبي طالب و أبي أيوب الأنصاري و البراء بن عازب و عبد الله بن عباس و أنس بن مالك و أبي سعيد و أبي هريرة ...
و للحديث طرق أخرى كثيرة جمع طائفة كبيرة منها الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 103 - 108 ) و قد ذكرت و خرجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقينا ، و إلا فهي كثيرة جدا ، و قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، قال الحافظ ابن حجر : منها صحاح و منها حسان . و جملة القول أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه ، بل الأول منه متواتر عنه صلى الله عليه وسلم كما ظهر لمن تتبع أسانيده و طرقه ، و ما ذكرت منها كفاية ...
إذا عرفت هذا ، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث و بيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية ، قد ضعف الشطر الأول من الحديث ، و أما الشطر الآخر ، فزعم أنه كذب <1> ! و هذا من مبالغته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها و يدقق النظر فيها . و الله المستعان .
ـ السلسلة الصحيحة ج 4 ـ
قال ابن كثير
( قال ـ يعني الذهبي ـ: وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وأما اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد )
ـ البدايةو النهاية ج 5 ـ
قال الآلوسي
( وعن الذهبي أن «من كنت مولاه فعلي مولاه» متواتر يتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ، وأما اللهم وال من والاه ، فزيادة قوية الإسناد )
ـ تفسير الآلوسي ج 5 ـ
قال الكتاني
( 232 (من كنت مولاه فعلي مولاه)...
وممن صرح بتواتره أيضا المناوي في التيسير نقلا عن السيوطي وشارح المواهب اللدنية
ـ نظم المتناثر من الحديث المتواتر ج 1 ـ
قال المناوي
( (من كنت مولاه فعلي مولاه) ...
وقال المصنف : حديث متواتر. )
ـ فيض القدير ج 6 ـ
قال العجلوني
( من كنت مولاه فعلي مولاه.
رواه الطبراني وأحمد والضياء في المختارة عن زيد بن أرقم وعلي وثلاثين من الصحابة بلفظ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ،
فالحديث متواتر أو مشهور. )
ـ كشف الخفاء ج 2 ـ
فالشطر الأول من الحديث متواتر ومع ذلك يقول الدكتور الجزائري خالد كبير علال في كتابه ( التعصب المذهبي في التاريخ )
( و قد تنازع علماء أهل السنة في حديث المولاة بين مُنكر و مُصحح له أو لبعضه ، . فمنهم طائفة أنكرت الحديث كلية كالبخاري ، و إبراهيم الحربي ، و ابن حزم ، و عبد الله الزيلعي )
( وتنازع الناس في صحته فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث انهم طعنوا فيه
وضعفوه )
وضعفوه )
لماذا أنكر هؤلاء هذا الحديث المتواتر ، هل السبب جهلهم بالحق أم جحدهم للحق ؟؟؟
لكن بالبحث في كلام هؤلاء نجد أن ما ورد عن البخاري هو
( قال لى عبيد حدثنا يونس سمع اسمعيل عن جميل بن عامر أن سالما حدثه سمع من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه، قال أبو عبد الله في اسناده نظر )
ـ التاريخ الكبير ج 1 ـ
فكلام البخاري عن الإسناد فقط ولم يتحدث عن المتن ، أما طعنه في المتن فلم أجده
فمن أين جاء به ابن تيمية ؟؟؟
ولم أجد ما ورد على لسان ابن تيمية عن إنكار إبراهيم الحربي ، فمن يجده يتكرم ويعلمنا به
أما ابن حزم فقد قال
( وأما من كنت مولاه فعلى مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلا )
ـ الفصل في الملل والنحل ج 4 ـ
هذا كلام مردود عليه فالحديث متواتر
وقد قال وصي الله بن محمد عباس بعد تصحيحه للشطر الأول من الحديث
( وقال ابن حزم في المفاضلة ( 264):" وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً ".
وهذا الكلام فيه مجازفة قبيحة منه رحمه الله فهؤلاء رجال الحديث وهم ثقات أثبات معروفون )
أما كلام عبد الله الزيلعي فقد رد عليه الشيخ مقبل الوادعي فقال
( الحديث الثاني: ((من كنت مولاه فعليّ مولاه)) حديث صحيح، رواه الترمذي وغيره وقد ساق الشيخ ناصر الدين الألباني -حفطه الله تعالى- طرقه المتكاثرة فى "السلسلة الصحيحة" ...
أما صاحب "نصب الراية" وهكذا فيما يظهر شيخ الإسلام ابن تيمية فإنّهما حكما على الحديث بالضعف ولا مجال لتضعيفه فهو مرويّ من طرق كثيرة متكاثرة لا يستطاع أن يحكم عليه بالضعف. والله المستعان.)
ـ المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح ـ
*****
قال الدكتور الجزائري
و ذكره في الضعيف و الموضوعات محمد بن القيسراني، و ابن الجوزي و الجوزقاني، و مقبل بن هادي الوداعي ، و ابن تبيط ، و عمر بن عثمان
( 52- ( 26 ) أبو معاذ الشاه ثنا حبشون بن موسى ثنا علي بن سعيد الرملي ثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة عن النبي من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو غدير خم ثم أخذ يدي علي فقال من كنت مولاه فعلى مولاه وقال له عمر بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم فأنزل الله اليوم أكملت لكم دينكم الحديث )
ـ أحاديث مختارة من موضوعات الجوزقاني وابن الجوزي للذهبي ـ
فهذا المتن مخالف لمتن الحديث المذكور
وبالرجوع لكلام الشيخ مقبل الوادعي نجده قال فيه
( 146 - قال الإمام أبو عبد الله بن ماجة رحمه الله ( ج 1ص 45 ) :
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ سَابِطٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ فَذَكَرُوا عَلِيًّا فَنَالَ مِنْهُ فَغَضِبَ سَعْدٌ وَقَالَ تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " .
هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده وجدتهم ثقات ، ولكن يحيى بن معين يقول : إن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من سعد بن أبي وقاص كما في " جامع التحصيل ".)
ـ أحاديث معلة ظاهرها الصحة ـ
فالمتن هنا أيضاً مخالف للمتن المذكور من قبل
هذا بالإضافة إلى أن الشيخ مقبل الوادعي قد صحح شطر الحديث الأول كما هو مذكور من قبل
فهل لم يقرأ هذا الدكتور تصحيح الشيخ لهذا الشطر من الحديث ؟؟؟
وبالرجوع لكلام محمد بن القيسراني نجده قد ذكر الشطر الأول المتواتر من الحديث ضمن كتابه
( ذخيره الحفاظ المخرج على الحروف والالفاظ - الذخيره في الاحاديث الضعيفه والموضوعة )
فهل سبب هذا الجهل بالحق أم الجحد للحق ؟؟؟
أما نسخة ابن نبيط التي ذكرها الدكتور خالد فقال في الهامش ( . و ابن تبيط : نسخة الأشجعي في الأحاديث الموضوعة ،مصر دار الصحابة ج1ص:55.)
هذه النسخة قال عنها الذهبي
( ونسخة نبيط نسخة موضوعة بلا ريب ، فلا تغتروا بعلوها ، فاللكي تكلم فيه ابن ماكولا وغيره ، وشيخه أحمد أحسبه هو واضع النسخة )
ـ معجم الشيوخ ج 2 ـ
فالنسخة ساقطة من الأصل
وبالرجوع لكتاب الدكتور عمر بن عثمان ( الوضع في الحديث ) نجد المؤلف قد قال فيه
( 32 ـ الحسين بن محمد بن خسرو البلخي :
قال ابن حجر : رأيت بخط هذا الرجل جزءاً من جملته نسخة رواها عن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله الواسطي حدثنا أبو بكر محمد بن عمر البابزائي بجامع واسط حدثنا الدقيقي عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس والنسخة كلها مكذوبة على الدقيقي فمن فوقه ما حدثوا منها بشيء. فمنها: حديث " من كنت مولاه " وحديث " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " وحديث " أصحابي كالنجوم " وغير ذلك وهذه الأحاديث وإن كانت رويت من طريق غير هذه فإنها بهذا الإسناد مختلقة وما أدري هي من صنعة الحسين أو شيخه أو شيخ شيخه (2).
_____________
(2) لسان 2 : 312 .)
فكما هو واضح فالمؤلف لم يذكر هذا الحديث ضمن الأحاديث الموضوعة التي ذكرها في كتابه هذا بل نقل كلام ابن حجر عن ( الحسين بن محمد ) وأن هذا الإسناد المذكور هو المختلق وليس متن الحديث ، بل قال ابن حجر في فتح الباري ( وَأَمَّا حَدِيث " مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيّ مَوْلَاهُ " فَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ ، وَهُوَ كَثِير الطُّرُق جِدًّا ، وَقَدْ اِسْتَوْعَبَهَا اِبْن عُقْدَة فِي كِتَاب مُفْرَد ، وَكَثِير مِنْ أَسَانِيدهَا صِحَاح وَحِسَان )
أما الدكتور خالد علال فقد أوهم القاريء لكتابه بأن الدكتور عمر بن عثمان قد حكم على هذا الحديث بالوضع ، فمن أين جاء بهذا الكلام ؟؟؟
*****
قال الدكتور الجزائري
و طائفة أخرى حسّنت الجزء الأول من الحديث ، و هو : (( من كنت مولاه فعلي مولاه )) ، و أنكرت الجزء الثاني منه ، و قالت أن الناس زادوه ، و قال بذلك أحمد بن حنبل ،و الترمذي ،و ابن عدي ،و الذهبي .
ولقد ذكرت من قبل كلام الذهبي الذي نقله عنه ابن كثير والآلوسي حول هذه الزيادة وقد قال فيها
( وأما اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد )
*****
قال الدكتور الجزائري
و طائفة قليلة حسّنت الحديث كله ، كابن حبان ،و الضياء المقدسي .
هل لم يقرأ الدكتور تصحيح الشيخ الألباني لهذا الحديث بشطريه ؟؟؟
وصححه أيضاً مصطفى بن العدوي في ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة )
وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد بن حنبل ج 4
والعدد ليس المهم بل الأهم إصابة الحق
وقد تبين صحة الحديث بشطريه
***
قال الدكتور الجزائري
و قد ترجح لدي أن موقف الطائفة الثانية هو الصحيح ، لأن الجزء الأول الذي أثبتوه من الحديث ، لا يثير أية اعتراضات ، فهو يقرر المولاة بين المؤمنين ،و هي ليست خاصة بعلي-رضي الله عنه- بل هي بين جميع المؤمنين ، فهي مولاة و ولاية حب و تعاون ، لقوله تعالى: (( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض )) .
2 ـ هذا الشطر المتواتر يكفي وحده في إثبات الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام
وقد ثبت هذا من الحديث الصحيح للرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي فيه
( عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ
غَزَوْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ عَلِيًّا فَتَنَقَّصْتُهُ فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ فَقَالَ يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ". )
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد جعل لأمير المؤمنين عليه السلام ولاية مثل ولايته على المسلمين فجعله أولى بهم من أنفسهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا وقد بينا هذا بالتفصيل في موضوع خاص به
وهذا الحديث قال فيه الشيخ الألباني وشعيب الأرنؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين ( السلسلة الصحيحة و التعليق على مسند أحمد )
وصححه الشيخ مقبل الوادعي ( الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين ) وأم شعيب الوادعية ( الصحيح المسند من فضائل أهل بيت النبوة ) .
وقد فهم هذه الولاية العامة لأمير المؤمنين عليه السلام بعض الصحابة رضي الله عنهم ومنهم الصحابي أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وكلهم من الأنصار كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد بن حنبل
( 22461 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ لَقِيطٍ النَّخَعِيُّ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ
جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ بالرَّحْبَةِ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا قَالَ كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ قَالَ رِيَاحٌ فَلَمَّا مَضَوْا تَبِعْتُهُمْ فَسَأَلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ .)
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا حَنَشٌ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَدِمُوا عَلَى عَلِيٍّ فِي الرَّحْبَةِ فَقَالَ مَنْ الْقَوْمُ قَالُوا مَوَالِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح
ـ مسند أحمد ج 5 ـ
قال الشيخ الألباني : قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات . و قال الهيثمي : " رواه أحمد و الطبراني ، و رجال أحمد ثقات " . ( السلسلة الصحيحة ) وصحح إسناده وصي الله بن محمد عباس في تعليقه على فضائل الصحابة لابن حنبل
وصححه مصطفى بن العدوي ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة ) وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد
فهؤلاء الصحابة كانوا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام عليهم وبأنه أولى بهم من أنفسهم طاعة وتنفيذاً لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولهذا عندما سلموا عليه قالوا له ( يا مولانا ) ، ثم سألهم أمير المؤمنين عليه السلام سؤالاً تقريرياً وقال لهم ( كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ )
قال السندي في شرحه على مسند أحمد : قوله ( وأنتم قوم عرب ) لا تروا أن لأحد عليكم سيادة أو ليس لأحد عليكم منة الإعتاق فكأنه فهم المولى بمعنى السيد أو فهم ولاء العتاقة ، أي : أنه كالمتعق .)
ولم يكن لأمير المؤمنين عليه السلام عليهم ولاء العتق فهم من العرب الأحرار فبقي له عليهم السيادة ، ثم بين هؤلاء الصحابة سبب قولهم هذا وهم من العرب الأحرار وليسوا من العجم العبيد فقالوا : سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ )
وهذا إقرار منهم بأن أمير المؤمنين عليه السلام أولى بهم من أنفسهم ، وعليهم طاعته طاعة العبد لمولاه مثل ولايتهم وطاعتهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
فهذا الشطر الأول وحده يكفي لإثبات ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
أما قول الدكتورالجزائري وغيره بأن هذا الحديث معناه الحب والنصر والموالاة بين جميع المؤمنين
فهذا قول يستدعي بعض الأسئلة منها
1 ـ لماذا خص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الأمر بأمير المؤمنين عليه السلام وأعلنه على هذا الجمع الكبير من الصحابة ، ولم يفعل مثل هذا الأمر ويعلنه مع من هو أفضل منه عندكم مثل أبي بكر وعمر وعثمان ؟؟؟
2 ـ هل فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الأمر محاباة لأمير المؤمنين عليه السلام أم بسبب آخر ؟؟؟
3 ـ لو كان معنى الحديث يعني المحبة والنصرة فهل طبق كل الصحابة هذا الحديث وأحبوا ونصروا أمير المؤمنين عليه السلام ؟؟؟
*****
قال الدكتور الجزائري
. و أما الجزء الثاني الذي أنكروه و قالوا أن الناس أضافوه ، فهو كلام منكر حقا ، يثير كثيرا من الاعتراضات ،و يتناقض مع أصول الدين و سلوكيات الصحابة مع علي .
2 ـ هذه الاعتراضات شبهات باطلة لا أساس لها
فمن ذلك أولا ، أن الجزء الثاني من الحديث يقول : (( اللهم وال من والاه ، و عاد من عاداه )) و هذا يعني أن الله تعالى يعادي طلحة و الزبير و عائشة –رضي الله عنهم- لمجرد أنهم حاربوا عليا ، و هذا كلام باطل من أساسه ، لأنه ثبت عن رسول الله –عليه الصلاة و السلام- أنه بشّر طلحة و الزبير بالشهادة و الجنة ،و ينطبق ذلك-أيضا- على زوجات النبي-صلى الله عليه و سلم- و من بينهن عائشة ، فهن أمهات المؤمنين بنص القرآن الكريم (( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ،و أزواجه أمهاتهم ))- سورة الأحزاب/ 6- .
قال رسول الله صلى الله عليه وىله وسلم ( أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ )
وقال الله عز وجل في الحديث القدسي ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ )
فأمير المؤمنين عليه السلام كان هو ولي الله عز وجل في أرضه وولي أمر المسلمين الواجب عليهم طاعته بأمر الله عز وجل ومع هذا فقد عاداه بعض الصحابة ، فمن عاداه منهم فقد عادى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
2 ـ حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يخالف الواقع الذي حدث ، فكيف يبشر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالشهادة والجنة من قتل على حالة المخالفة لأمر الله عز وجل ومعاداة وليه ومحاربته ، فهل هذه هي الشهادة في سبيل الله عز وجل ؟؟؟
و ثانيا أن ذلك الجزء من الحديث يجعل قتلة عثمان و طائفة السبئية الذين كانوا مع علي ، يجعلهم من الذين يواليهم الله تعالى و لا يعاديهم ، لمجرد أنهم كانوا مع علي ، رغم أنهم من القتلة و المنحرفين ، و هذا استنتاج باطل و مضحك ، سببه ذلك الجزء الباطل من الحديث .
والمهم كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) ـ صحيح البخاري ـ
و ثالثا أن ذلك الجزء من الحديث (( اللهم وال من والاه ، و عاد من عاداه )) ، قد قلب القاعدة الإيمانية (( الحب في الله و البغض في الله )) ، رأسا على عقب و جعلها (( الحب في علي و البغض في علي )) ، و هذا كلام باطل و شرك صريح .
2 ـ هذا الدكتور بكلامه هذا قد نسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان والقول بالشرك الصريح ، فكلامه هذا هو الباطل الصريح
وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث صحيحة عند هذا الدكتور قريبة من قوله هذا منها
( قَالَ فِي الْأَنْصَارِ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ )
( لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )
ـ صحيح مسلم ج 1 ـ
*****
قال الدكتور الجزائري
و يرى شيخ الإسلام ابن تيمية ، أن ذلك الجزء من الحديث ، هو كذب بلا ريب ، لأن الحق لا يدور مع معين إلا النبي ، فلو كان علي بن أبي طالب على ما وصفه ذلك الجزء من الحديث ، لوجب إتباعه في كل ما قال ،و هذا كلام غير صحيح لأن الصحابة نازعوه في مسائل فقهية كثيرة و لم يتبعوه .
( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا )
فالتمسك والاعتصام بالقرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام هو السبيل للنجاة من الضلال والهلاك ، فهل أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالتمسك والاعتصام بمن قد يقع منه مخالفة للقرآن الكريم وقد يقع في الضلال ؟؟؟
ولو حدثت منه مخالفة للقرآن الكريم لوقع الافتراق بينهما وهو ما نفاه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال ( لن يتفرقا )
أما الصحابة فقد نازعوا بعضهم بعضاً وكانوا في بعض المسائل فريقين مختلفين أحدهما موافق للحق والآخر مخالف للحق ولم يتبع بعضهم بعضاً
أما المنازعة ققد وقعت المنازعة مع بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم يقدح ذلك في دوران الحق معهم .
ويشهد له أيضاً قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما مر علي عليه السلام
( الحق مع ذا الحق مع ذا )
وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
( : علي مع القرآن و القرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) وهو نفس معنى الحديث الأول
والأهم هنا هو ثبوت صحة هذا القول للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو كاف لرد هذه الشبهة الساقطة .
*****
قال الدكتور الجزائري
كما أن تلك الزيادة مخالفة لأصل من أصول الإسلام ، عندما نصت على معاداة من عادى عليا ، لأن القرآن الكريم قرر أن المؤمنين إخوة مع قتال و بغي بعضهم على بعض و بذلك يتبيّن مما ذكرناه أن الحديث لم يصح منه إلا الجزء الأول فقط ،و أن الجزء الثاني باطل .
( وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " { اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ } مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الْإِسْلَامِ ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إخْوَةٌ مَعَ قِتَالِهِمْ وَبَغْيِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ )
ـ مجموع فتاوى ابن تيمية ج 1 ـ
أقول
1 ـ قد ذكرنا من قبل الحديث القدسي الذي قال الله عز وجل فيه
( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ )
وأميرالمؤمنين عليه السلام من أولياء الله عز وجل الذين من عاداهم فقد حاربهم الله عز وجل
2 ـ الآية الكريمة تتحدث عن قتال يقع بين طائفتين ، أما ما حدث لأمير المؤمنين عليه السلام من بعض الصحابة وأتباعهم فهو مخالفة أمر ومعاداة وقتال ولي أمرهم الذي أمرهم الله عز وجل بطاعته ، فهذا خارج الآية الكريمة
3 ـ هذه الآية الكريمة نزلت في قتال وقع بين طائفتين من المؤمنين و الكافرين وقد عبر القرآن الكريم عن هؤلاء الكفار بالمؤمنين
( 3357 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ وَرَكِبَ حِمَارًا وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ وَهِيَ أَرْضٌ سَبَخَةٌ فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِلَيْكَ عَنِّي فَوَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ قَالَ فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ قَالَ فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَبِالْأَيْدِي وَبِالنِّعَالِ قَالَ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ
{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا })
ـ صحيح مسلم ج 9 ، صحيح البخاري ج 9ـ
قال ابن حجر
( وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ اِبْن بَطَّال نُزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة وَهِيَ قَوْله : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا ) فِي هَذِهِ الْقِصَّة ، لِأَنَّ الْمُخَاصَمَة وَقَعَتْ بَيْن مَنْ كَانَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابه وَبَيْن أَصْحَاب عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ، وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ كُفَّارًا فَكَيْفَ يَنْزِل فِيهِمْ : ( طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ قِصَّة أَنَس وَأُسَامَة مُتَّحِدَة ، فَإِنَّ فِي رِوَايَة أُسَامَة فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ . قُلْت : يُمْكِن أَنْ يُحْمَل عَلَى التَّغْلِيب )
ـ فتح الباري شرح البخاري ج 8 ـ
فلفظ الإيمان يطلق على المؤمن و غيره
فالشطر الثاني من الحديث لا يخالف الإسلام كما يزعم ابن تيمية وغيره
وهو قول حق ثابت متفق على صحته وليس بباطل كما يزعم الدكتور خالد علال
قال الله عز وجل
بسم الله الرحم الرحيم
( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا )
صدق الله العلي العظيم
والحمد لله رب العالمين
تعليق