وجواب آخر :
أن هذا الحديث الذي تم ذكره وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) قد أخرجه أحمد والترمذي والحاكم(1) ولم يخرجه أحد من أصحاب الصحاح، وقد اختلف العلماء في تصحيحه كما نقل ذلك أئمة أهل الشأن.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: « وأما قوله: ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فليس في الصحاح لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه، كما حسنه الترمذي، وقد صنف أبو العباس بن عقده مصنفاً
في جمع طرقه».(1)
وقال ابن حزم: « وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً».(2)
وقد ذهب إلى تصحيح هذا الحديث الحاكم، ومن المعاصرين الشيخ الألباني.(3)
والقصد أن العلماء اختلفوا في تصحيح الحديث، وهذا على خلاف ما ادعى الرافضي من أن الحديث موثق عند الفريقين، فإن من العلماء من ينكره ولا يرى صحته كما تقدم.
وعلى القول بصحة الحديث فلا حجة فيه للرافضة في دعواهم أنه نص على خلافة علي، فإن الموالاة المذكورة في الحديث هي (الموالاة) التي ضد المعاداة. لا (الولاية) التي هي الإمارة.
قال ابن الأثير في النهاية: «تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف،
والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء (فالوَلاية) بالفتح في النسب، والنصرة، والمعتق، (والوِلاية) بالكسر في الإمارة والولاء المعتق، (والموالاة) من والى القوم، ومنه الحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. قال الشافعي -رضي الله عنه - يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم }(1)».(2)
وهذا المفهوم اللغوي الذين ذكره ابن الأثير هنا للفظة الموالاة في الحديث واستشهد له بقول الشافعي، هو الذي قرره العلماء المحققون في ردهم على الرافضة.
قال أبو نعيم: « فإذا احتج بالأخبار وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه، قيل له: مقبول منك، ونحن نقول وهذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب - عليه السلام - ومعناه من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلي والمؤمنون مواليه، دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:
{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض }(1)...
وإنما هذه منقبة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي - رضي الله عنه - وحث على محبته وترغيب في ولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه وبغضهم له، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم : (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).(2) وحكي عن ابن عيينة أن علياً - رضي الله عنه - وأسامة تخاصماً فقال علي لأسامة أنت مولاي فقال: لست لك مولى: إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كنت مولاه فعلي مولاه). وهذا كما يقول الناس: فلان مولى بني هاشم، ومولى بني أمية وإنما الحقيقة واحد منهم».(3)
ويقول شيخ الإسلام بعد أن ذكر تضعيف العلماء لهذا الحديث: ونحن نجيب بالجواب المركب، فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه، ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلغ بلاغاً مبيناً، وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالولي والله تعالى قال: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا }(1)، وقال: { وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير }(2) فبين أن الرسول ولي المؤمنين وأنهم مواليه أيضاً، كما بين أن الله وليّ المؤمنين وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالموالاة ضد المعاداة وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة...
وفي الجملة فرق بين الولي والمولى ونحو ذلك وبين الوالي، فباب الولاية التي هي ضد العداوة شيء، وباب الولاية التي هي الإمارة شيء، والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين، فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم».(3)
فتبين أن المولاة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم هي موالاة الإسلام التي هي
ضد العداوة، والمستلزمة للمحبة والمناصرة، دون الولاية التي هي الإمارة، ولهذا ما استدل أحد من الصحابة لا علي ولا غيره بهذا الحديث على استخلاف علي، ولا يعرف هذا عن أحد من أهل العلم المعتد بأقوالهم في الأمة، وإنما استدل به الرافضة الذين هم أجهل الناس بمدلولات النصوص وأبعدهم عن الفهم الصحيح.
قال شيخ الإسلام: « وأما الزيادة وهي قوله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) الخ. فلا ريب أنه كذب، ونقل الأثرم في سننه، عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر وأنه حدث بحديثين: أحدهما: قوله لعلي: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ. والآخر: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فأنكره أبو عبد الله جداً لـم يشك أن هذين كذب».(1)
وقال -رحمه الله- في بعض فتاويه: ( وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من ولاه...الخ ) فهذا ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي، وليس فيه إلا (من كنت مولاه فعلي مولاه) وأما الزيادة فليست في الحديث، وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفيــة.
ولا ريب أنها كذب لوجوه:
أحدها: أن الحق لا يدور مع معين إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن علياً ينازعه الصحابة في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه، كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل، وقوله: ( اللهم انصر من نصره...الخ ) خلاف الواقع، قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا: كسعد الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار ونصرهم الله.
وكذلك قوله: ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) مخالف لأصل الإسلام فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي
بعضهم على بعض».(1)
فتبين أن الثابت من الحديث لا حجة للرافضة فيه، وأما الزيادة وهي قوله: اللهم وال من والاه... وما بعدها. فلا عبرة لها لأنها كذب كما قرر ذلك شيخ الإسلام بيَّن بطلانها رواية ودراية.
أن هذا الحديث الذي تم ذكره وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) قد أخرجه أحمد والترمذي والحاكم(1) ولم يخرجه أحد من أصحاب الصحاح، وقد اختلف العلماء في تصحيحه كما نقل ذلك أئمة أهل الشأن.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: « وأما قوله: ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فليس في الصحاح لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه، كما حسنه الترمذي، وقد صنف أبو العباس بن عقده مصنفاً
في جمع طرقه».(1)
وقال ابن حزم: « وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً».(2)
وقد ذهب إلى تصحيح هذا الحديث الحاكم، ومن المعاصرين الشيخ الألباني.(3)
والقصد أن العلماء اختلفوا في تصحيح الحديث، وهذا على خلاف ما ادعى الرافضي من أن الحديث موثق عند الفريقين، فإن من العلماء من ينكره ولا يرى صحته كما تقدم.
وعلى القول بصحة الحديث فلا حجة فيه للرافضة في دعواهم أنه نص على خلافة علي، فإن الموالاة المذكورة في الحديث هي (الموالاة) التي ضد المعاداة. لا (الولاية) التي هي الإمارة.
قال ابن الأثير في النهاية: «تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف،
والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء (فالوَلاية) بالفتح في النسب، والنصرة، والمعتق، (والوِلاية) بالكسر في الإمارة والولاء المعتق، (والموالاة) من والى القوم، ومنه الحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. قال الشافعي -رضي الله عنه - يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم }(1)».(2)
وهذا المفهوم اللغوي الذين ذكره ابن الأثير هنا للفظة الموالاة في الحديث واستشهد له بقول الشافعي، هو الذي قرره العلماء المحققون في ردهم على الرافضة.
قال أبو نعيم: « فإذا احتج بالأخبار وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه، قيل له: مقبول منك، ونحن نقول وهذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب - عليه السلام - ومعناه من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلي والمؤمنون مواليه، دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:
{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض }(1)...
وإنما هذه منقبة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي - رضي الله عنه - وحث على محبته وترغيب في ولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه وبغضهم له، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم : (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).(2) وحكي عن ابن عيينة أن علياً - رضي الله عنه - وأسامة تخاصماً فقال علي لأسامة أنت مولاي فقال: لست لك مولى: إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كنت مولاه فعلي مولاه). وهذا كما يقول الناس: فلان مولى بني هاشم، ومولى بني أمية وإنما الحقيقة واحد منهم».(3)
ويقول شيخ الإسلام بعد أن ذكر تضعيف العلماء لهذا الحديث: ونحن نجيب بالجواب المركب، فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه، ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلغ بلاغاً مبيناً، وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالولي والله تعالى قال: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا }(1)، وقال: { وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير }(2) فبين أن الرسول ولي المؤمنين وأنهم مواليه أيضاً، كما بين أن الله وليّ المؤمنين وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالموالاة ضد المعاداة وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة...
وفي الجملة فرق بين الولي والمولى ونحو ذلك وبين الوالي، فباب الولاية التي هي ضد العداوة شيء، وباب الولاية التي هي الإمارة شيء، والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين، فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم».(3)
فتبين أن المولاة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم هي موالاة الإسلام التي هي
ضد العداوة، والمستلزمة للمحبة والمناصرة، دون الولاية التي هي الإمارة، ولهذا ما استدل أحد من الصحابة لا علي ولا غيره بهذا الحديث على استخلاف علي، ولا يعرف هذا عن أحد من أهل العلم المعتد بأقوالهم في الأمة، وإنما استدل به الرافضة الذين هم أجهل الناس بمدلولات النصوص وأبعدهم عن الفهم الصحيح.
قال شيخ الإسلام: « وأما الزيادة وهي قوله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) الخ. فلا ريب أنه كذب، ونقل الأثرم في سننه، عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر وأنه حدث بحديثين: أحدهما: قوله لعلي: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ. والآخر: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فأنكره أبو عبد الله جداً لـم يشك أن هذين كذب».(1)
وقال -رحمه الله- في بعض فتاويه: ( وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من ولاه...الخ ) فهذا ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي، وليس فيه إلا (من كنت مولاه فعلي مولاه) وأما الزيادة فليست في الحديث، وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفيــة.
ولا ريب أنها كذب لوجوه:
أحدها: أن الحق لا يدور مع معين إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن علياً ينازعه الصحابة في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه، كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل، وقوله: ( اللهم انصر من نصره...الخ ) خلاف الواقع، قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا: كسعد الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار ونصرهم الله.
وكذلك قوله: ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) مخالف لأصل الإسلام فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي
بعضهم على بعض».(1)
فتبين أن الثابت من الحديث لا حجة للرافضة فيه، وأما الزيادة وهي قوله: اللهم وال من والاه... وما بعدها. فلا عبرة لها لأنها كذب كما قرر ذلك شيخ الإسلام بيَّن بطلانها رواية ودراية.
تعليق