السيرة الذاتية

• من مواليد سورية سنة 1943 للميلاد.
• متزوج ولديه أربعة أبناء.
• مسيحي الديانة.
حاصل على بكالوريا منهاج عربي فرنسي.
• أعد دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي، قسم منها منشور ومطبوع.
• عمل محرراً بالصحافة الكويتية وبالتحديد جريرة (القبس) منذ عام 1966 بشكل متواصل حتى يومنا هذا، وتدرج في مسؤولياته الصحافية حتى أصبح مديراً لتحرير جريدة (شبكة الحوادث) النصف شهرية. كما عمل في بعض الإذاعات العربية.
• عضو في الاتحاد العالمي لكتاب الخيال العلمي. وعضو في اتحاد الكتّاب العرب.
• له مؤلفات عدة مطبوعة منها: (عشرة أيام ساخنة) و(الأسياد) و(الأحلام تموت أولاً) و(دخان فوق دسمان) وهي رواية من أدب الاحتلال العراقي للكويت.
• تعرف على شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) بعدما التقى بالإمام الشيرازي (دام ظله) الذي أهداه بضع كتب تتحدث عن ثورته المباركة وجهاده المقدس، فكان ذلك بداية تأليفه لأكثر ما يعتز به من مؤلفاته وهو كتابه (الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي).
• يستعد حالياً لنشر كتاب جديد يحمل عنوان (زينب.. صخرة أكملت مسيرة).
• هو صاحب المقولة المشهورة: (الإسلام بدؤه محمدي واستمراره حسيني).
يعتبر نفسه شيعياً وإن كان مسيحياً!
أنطون بارا: أنتم لا تعرفون قدر الحسين (عليه السلام)!
لم نكن نتصور ونحن نتوجه للقاء الأستاذ أنطون بارا أننا على موعد مع شخصية رجل يعتبر نفسه شيعياً! فما نعلمه عنه أنه مفكر وباحث مسيحي الديانة وقد كتب كتاباً بعنوان (الحسين في الفكر المسيحي) ضمنه رؤاه تجاه ثورة سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام).
أنطون بارا الذي دام لقاؤنا معه أكثر من ثلاث ساعات، لم يكن يذكر الحسين إلا ويقرن ذكره بقوله (عليه السلام)، وهو يرى أن أبا عبد الله ليس حكراً على الشيعة أو المسلمين بل هو للعالم أجمع فهو (ضمير الأديان) حسب وصفه. والمثير في الأمر أنه يعتبر التشيع (أعلى درجات الحب الإلهي) ومن هنا فإنه يعتقد بأن كل شخص في هذا العالم مهما كانت ديانته فإنه يمكن أن يكون شيعياً (لعظمة الاقتداء بأهل البيت عليهم السلام)، وكي يحافظ على جماليات عقيدته)!
بيد أنه وفي السياق ذاته قال: (أنتم الشيعة والمسلمون لم تعرفوا قدر الحسين، فالمفترض أن تكون لديكم أمانة تامة بتوصيل صيحته يوم عاشوراء إلى العالم، وهذه الأمانة تستدعي التعمق بأركان وروحية حركته الثورية وعدم الاكتفاء بالسردية والمظهر الخارجي للواقعة). وحينما وجه بارا كلمته هذه إلينا أثناء اللقاء استذكرنا كيف أننا أضعنا تراث إمامنا العظيم وكم نحن مقصرون في حق نصرته التي تتجلى اليوم بقول الحق والدفاع عن المظلوم وإعلاء راية العدالة والحرية.
تحدث بارا عن ظروف تعرفه على شخصية أبي الأحرار سلام الله عليه، بدءاً من لقائه بالمرجع الديني الأعلى الإمام الشيرازي في أوائل السبعينات الذي شوقه لتأليف كتابه القيم، وحتى ما واجهه من متاعب وصعوبات ومحاربات من قبل البعض الذين لم يعجبهم ما ورد في ثنايا هذا الكتاب. لكنه أوضح أنه متيقن من أن (سيدي الحسين عليه السلام سيشملني بكرمه يوم لا ينفع مال ولا بنون). وهذا نص لقائنا معه:
• س: أستاذ أنطون.. هلا سردت لنا قصة تأليفك لكتابك الحسين في الفكر المسيحي؟
• ج: في البداية لم أكن أعرف شيئاً عن واقعة كربلاء الدامية سوى بعض الخطوط العامة من قبيل خروج الإمام الحسين (عليه السلام) على يزيد لعنه الله ومقتله في أرض كربلاء، وذلك لأننا كنا أثناء دراستنا نمر مروراً سريعاً على هذه الواقعة دون أن نطلع على التفاصيل. ولكن حينما تعرفت على شخصية الإمام المرجع السيد الشيرازي قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، أهداني بعض الكتب التي تتحدث عن الحسين (عليه السلام) فقرأتها ووجدتها ملحمة فريدة من نوعها، واستغربت كيف أنها لم تجد اهتماماً على مستوى المفكرين المسلمين، فالمسلم غير الشيعي يتحدث عنها كمجرد حادثة تاريخية لاعتبارات ترتبط بالوجهة العامة للمجتمع الذي يعيش فيه وحتى لا يخالف بيئته وثقافته، أما المسلم الشيعي فإنه ينظر إلى هذه الواقعة العظيمة بنظرة تغلب عليها العاطفة. فاتجهت إلى ما كتبه المستشرقون فلم أجد كتاباتهم إلا في فلك النظرة المادية التي أغفلت جوانب الثورة الروحية والاجتماعية.
هذا كله دفعني إلى تدوين ملاحظات عن هذه الثورة وعن شخصية الحسين (عليه السلام)، ولعل نظرتي كانت أكثر النظرات حيادية وموضوعية بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى العاطفية والعقائدية، فأنا كاتب وباحث مسيحي يعيش في بلاد مسلمة وقد تشربت الثقافة الإسلامية من ذات المصادر التي غذت المسلمين، مما جعل هويتي الثقافية والاجتماعية هوية إسلامية على رغم ديانتي المسيحية. وهذا ما جعل إدراكي للقضية الحسينية إدراكاً واعياً متكاملاً.
وفي الواقع لم تكن لديّ النية لتأليف أي كتاب بهذا الخصوص، لكنني كنت دائم التردد على ديوانية الإمام الشيرازي في (بنيد القار) مع الأخ الشيخ أزهر الخفاجي، وحيث كان الحديث يدور بيننا في الديوانية أشرت إلى أنني بحكم طبيعة عملي الصحافية دونت كثيراً من الملاحظات عن الإمام الحسين (عليه السلام)، فقال لي الإمام: (لماذا لا تكتب كتاباً تجمع فيه هذه الملاحظات؟) فأجبت: (سأفكر في الموضوع). والحقيقة أن الفكرة اختمرت في رأسي فرحت إلى مكتبي ووجدت الملاحظات التي دونتها وقد بانت سماكتها، فصرت أبحث أكثر وأكثر، وكما تعلم فإن الباحث ما إن يبدأ بالبحث لا ينتهي أبداً، وكلما تعمقت ازداد البحث صعوبة وقد وجدت نفسي أسير في حقل ألغام ملؤه الحساسية، فلعلك تتبنى رأياً يعجب هذا ولا يرضي ذاك، عدا عن كوني مسيحياً يفترض به النأي عن بحوث كهذه تخص المسلمين.
غير أنني واصلت المسير في بحثي لأنني كنت أعتقد بأننا كمسيحيين عرب ثقافتنا هي ثقافة المسلمين ذاتها، وينبغي أن تكون لنا نظرتنا المتوازنة والمختلفة عن نظرة المستشرقين تجاه قضية الحسين (عليه السلام)، ولست أذيع سراً إذا ما قلت بأنني كنت طوال فترة تأليفي للكتاب أشعر بإلهام معنوي خاص يدفعني إلى مواصلة البحث والتحقيق والكتابة رغم صعوبة ذلك بالنظر إلى الاعتبارات المختلفة.
لقد حاولت الإحاطة بمختلف الجزئيات آتياً على كثير من الشرح والتحليل لمختلف الأبعاد والزوايا، حاولت الإجابة على كثير من الأسئلة التي تكتنف الثورة وشخصية الحسين (عليه السلام)، فلماذا حدثت هذه الملحمة وهل كان هدفها دنيوياً؟ ولماذا أقبل الحسين (عليه السلام) على الشهادة؟ وما سر كلماته وصرخاته؟ ولماذا أخذ معه الأطفال والنساء؟ الأمر الذي جعل مدة تأليفي تطول إلى أكثر من خمس سنين منها سنتان كنت فيها في تفرغ تام للتأليف، كما أنني لم أكن متزوجاً بعد، ومع هذا طال تأليفي إلى كل هذه المدة وهي مدة طويلة بالنسبة لي، فبقية مؤلفاتي لم تتجاوز مدة تأليفها سنتان على أقصى التقادير.
وما إن فرغت من الكتاب الذي طالما عدلت فيه ونقحت بين الفينة والأخرى حتى أرسلته إلى الإمام المرجع، فقرأه وأعجب به وقال لي بالحرف الواحد: (اطبعه فوراً) وحينها اشترطت عليه أن يكتب لي مقدمته فأبدى موافقته، وذهبت إلى المرحوم باقر خريبط رئيس تحرير مجلة صوت الخليج التي كنت أعمل بها أيضاً فوافق على التكفل بطباعة الكتاب. وهكذا خرج الكتاب إلى النور بتوفيق من الله وببركة سيدي الحسين (عليه السلام).
وأذكر هنا أنه ما إن نشر الكتاب حتى طلب مني الإمام الشيرازي عشرين نسخة منه بثمنها، فقلت له: (يا سيدنا كيف آخذ منك ثمناً وأنت من أنت؟) فأجاب: (إنني أود أن أساعدك.. وإذا لم تقبل فإنني لن آخذ النسخ). والحقيقة أنني كنت محرجاً جداً أمام إصرار الإمام واضطررت إلى القبول.
• س: ألم يثر كتابك ردود فعل معاكسة؟
• ج:بالطبع أثار الكثير من ردود الفعل، وأكثر مما تتصور. صحيح أن الشيعة بشكل خاص والمسلمين بشكل عام تقبلوه وأعرف كثيراً اعتبروه أفضل ما أُلف في الحسين (عليه السلام) إلا أن بعضاً من الناس من المسلمين والمسيحيين اعترضوا على الكتاب. ومما قالوه: أن هذا مسيحي متشيع لآل البيت (عليهم السلام)، والحق أنهم أرادوا ذمي فمدحوني!
أذكر أن شخصاً في بيروت أصدر كتاباً فيه رد على كتابي، لكن معالجته كانت ركيكة وسطحية جداً إذ حاول جاهداً أن يثبت أن القضية الحسينية مجرد حادثة تاريخية تتعلق بالصراع على السلطة. لكن في المقابل هناك من ألف رسالة دكتوراه بخصوص الكتاب وقدمها إلى إحدى جامعات لبنان.
وقد أتاني شخص من جامعة لاهور في باكستان واسمه (مشتاق أسد) طالباً الإذن في ترجمة الكتاب إلى اللغة الأوردية فوافقت سرياً وقد أبدى استغرابه من أنني لم أطلب أية نسبة من الأرباح فقلت له: (إنني لم أؤلف هذا الكتاب للتربح بل ألفته لإيماني بشخصية الحسين (عليه السلام) ).
كما جاءني دكتور عراقي من النمسا يدعى (رضا رشيد) راميا ترجمة الكتاب إلى اللغتين النمساوية والروسية فوافقت أيضاً. والحمد لله فقد ترجم الكتاب إلى سبعة عشر لغة عالمية وهذا من فضل الحسين (عليه السلام).
وبعد عشرة سنوات من نشر الكتاب فوجئت باستدعائي إلى النيابة العامة هنا في الكويت بتهمة التعرض للخلفاء المسلمين(!) وحينما ذهبت إلى الموعد المقرر عرفت أن وزارة الإعلام هي صاحبة الدعوى، إذ رأى قسم الرقابة فيها أن عبارة وردت في الكتاب تتحدث عن سياسة عثمان بن عفان الفاسدة في إدارة الحكم والتي كانت السبب في استشراء نفوذ بني أمية هي محل طعن بالخليفة عثمان، وقد دافعت عن كلمتي أمام المحكمة وبينت أنني أخذتها من كتب المسلمين وعلمائهم، وأشرت إلى بعضها وهي مجازة وموجودة في المكتبة المركزية للدولة مما يعني رضاها بمحتواها. ووجهت حديثي للقاضي قائلاً: (تركتم أكثر من 499 صفحة من الكتاب فيها مديح لرموز الإسلام بدءاً من النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وتمسكتم بصفحة واحدة تدعون أن فيها طعناً!!) المهم أن المحكمة حكمت علي بغرامة مقدارها خمسون ديناراً مع مصادرة الكتاب ومنعه من التداول! هذا على الرغم من أن الكتاب مجاز أكثر من ثلاث مرات عندما يتم إدخاله في الفهرسة الآلية لمعرض الكتاب وفي كل مرة كما تعلم فإنهم يعيدون قراءة الكتاب، كما أن هناك قضايا رفعت على بعض الأقلام أخذت ذات المقطع من حديثي حول عثمان بن عفان وبقية الصحابة، وكان حكمهم مناقضاً لما حكم عليّ! والظاهر أن في الأمر تدبير بليل.
• س: هل كان تأليفك لكتابك مترجماً لشعور خاص أم أنه كان بحثاً علمياً بحتاً؟
• ج:التأليف كان من كلا الجهتين. ففي البداية كان التأليف هدفاً علمياً بحثياً ولكن ما إن تعمقت أكثر وتوسعت تاريخياً تولد عندي شعور خاص بعظمة الإمام الحسين (عليه السلام)، تلك الشخصية التي ضحت من أجل الدين والمبادئ وكي لا ينحرف المسلمون عن الرسالة وحتى يضمن دوام العقيدة وانتقالها من جيل لجيل، فإنه إن لم يضحِّ بهذه الكيفية الوجدانية الصارخة لما حدثت هذه الرجة العنيفة في النفوس والتي حفظت الدين الإسلامي، والدليل ما حدث عند رد السبايا إلى دمشق إذ خرج السنة والشيعة والنصارى أيضاً وضربوا الجنود ورشقوهم بالحجارة لأنهم اهتزوا وجدانياً، وكذلك في حمص قاموا بضرب الحراس ومنعوهم الماء لأنهم منعوا آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الماء.
إنها مبادئ إنسانية فجرتها ثورة عاشوراء، وهي ما دفعتني إلى المواصلة في تأليف هذا الكتاب الذي لم أنل منه سوى التعب والجهد والمحاربة دون أي انتفاع شخصي إلا اللهم بركة سيدنا الحسين (عليه السلام). وأعني بالبركة طباعة هذا الكتاب لأكثر من عشرين طبعة رغم أنني لم أطبعه إلاّ ثلاث مرات(!) فهناك كثير من الجهات طبعته دون إذن مني لكنني لم أكترث لأنني شخصياً لا أعتبر الكتاب ملكاً لي بل هو ملك للبشرية جمعاء، كما أن الحسين (عليه السلام) للبشرية جمعاء.
• س: بعد هذه الدراسة المعمقة لتاريخ الإمام سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام) لابد أنك وصلت إلى تعريف محدد واضح له، فما هو من وجهة نظرك؟
• ج:تعريفي الخاص أن الحسين (عليه السلام) (ضمير الأديان) ولولاه لاندرست كل الأديان السماوية، فالإسلام بدؤه محمدي واستمراره حسيني، وزينب (عليها السلام) هي صرخة أكملت مسيرة الجهاد والمحافظة على الدين.
لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذا الدين الوليد فأرسل الحسين إلى جده بقماشة شهيد دون الأنبياء، فكان المنعطف كربلاء فلو لم يقم الحسين (عليه السلام) بثورته لما تبقى شيء من التوحيد أساساً، ولأصبح الدين الإسلامي الجديد مرتبطاً بممارسات السلاطين الذين على المجتمع القبول بهم والرضوخ لجورهم واضطهادهم مهما حدث باعتبارهم (ولاة للأمر).
وإني أعتقد بأن الحسين (عليه السلام) كان مسيراً في هذا الاتجاه لأن له وظيفة إلهية محددة، كما للأنبياء وظائف إلهية محددة. ولكن مع الأسف.. فإنه على الرغم من أن الحسين (عليه السلام) شخصية مقدسة عندكم أنتم الشيعة والمسلمين، إلا أنكم لم تعرفوا قدره وأهملتم تراثه وثورته، إذ الواجب عليكم أن تعرفوا كيف تنصروا هذا الإمام العظيم اليوم من خلال قول الحق ونصرة المظلوم وإصلاح المجتمع وتحقيق العدالة والحرية، والمفترض أن تكون لديكم أمانة تامة بتوصيل صيحته يوم عاشوراء إلى العالم، وهذه الأمانة تستدعي التعمق بأركان وروحية حركته الثورية وعدم الاكتفاء بالسردية والمظهر الخارجي للواقعة.
تعليق