فساد في أجهزة الكشف أم فساد في الذمم؟
حيدرنواف المسعودي
*حيدر نواف المسعودي
وأخيرا تمكن العراقيون من الكشف عن المجرمين الشركاء في جريمة قتل الآلاف من أبنائهم الذين راحوا ضحية عمليات التفجير ، وهؤلاء المجرمين هم اؤلئك الذين ابرموا صفقة شراء ما يسمى بـ (جهاز السونار) والمعروف تجاريا باسم جهاز "أيه دى إى 651"والذي تقوم بتصنيعه وتوريده للعراق شركة "أيه تى أس س البريطانية للكشف عن المتفجرات"، والذي تبين بعد الفحص والاختبار والتجربة انه جهاز ( بلا حظ ولا دبان ) وبلا (ذمة ولا ضمير ) هو ومن اشتراه، لأنه لا يستطيع الكشف لاعن متفجرات ولا مفخخات ولاعن أي شيء آخر قابل أو غير قابل للانفجار ، والظاهر أن هذا الجهاز عنده حاسة شم "عطلانة" يشتم كل شيء ماعدا المواد المنفجرة ، والشيء الذي استطاع السونار الكشف عنه لأول مرة وبشكل صحيح هو اؤلئك الفاسدين واللصوص الذين وقفوا وراء صفقة شراءه ، والذين كانوا يعتقدون أن فساد هذا الجهاز وعجزه عن الكشف عن المتفجرات ، سيعجز كذلك عن الكشف عن ذممهم الفاسدة وروائح فضائحهم وسرقاتهم ، ولكن السونار هذه المرة أدار مؤشره بالاتجاه الصحيح لأول مرة وأشار إلى روائح الفاسدين الأكثر نتانة من روائح المتفجرات .
إن هذا الجهاز الذي ادعت الشركة المنتجة انه يكتشف الأسلحة أو العبوات الناسفة على بعد نصف ميل أو تحت الماء أو على متن طائرات على ارتفاع ثلاثة أميال في الجو، تبين انه لم يستطيع الكشف عن أطنان من المتفجرات على بعد عدة خطوات منه ، وكانت كلفة الجهاز الواحد"250" دولارًا في حين إن الحكومة العراقية دفعت مبلغ خيالي غير معقول وهو" 65000 " دولارا للجهاز الواحد،والله اعلم ( بيا جيب راح هذا الفرق في السعر ) وكان العراق قد اشترى أكثر من" 800 "جهاز من هذه الأجهزة والتي كلفت العراق" 100 "مليون دولار أمريكي.
لقد باع هؤلاء الفاسدين والسراق دماء وأرواح ألاف العراقيين بـ " 100 مليون دولار".
وان اعتقد أن من ساهم في هذه الصفقة الفاسدة ، هو شريك للإرهابيين الذين قاموا بعمليات التفجير بل هو إرهابي أيضا لا يقل إجراما عنهم ، ويجب أن يقع عليه نفس العقوبة والقصاص ، فهو فاسد وسارق للمال العام أولا ، وقاتل مع سبق الإصرار لعلمه بان هذه الأجهزة غير فعالة وان فسادها سيودى بأرواح الناس ثانيا .
ولان الحكومة لا يهمها كثيرا أمر المواطن ولا حياته ولا دمه ولا أمنه فان المسؤولين الحكوميين لازالوا يصرون وبقوة عل إنكار هذه الفضيحة وتكذيب هذه الحقائق ويصرون على فاعلية هذه الأجهزة والإبقاء على استخدامها برغم تفشي هذه الفضيحة في استهانة واضحة وكبيرة بأرواح ودماء العراقيين ، في حين أن الشرطة البريطانية قامت بإلقاء القبض على مدير شركة "إيه تي إس سي" البريطانية التي ورّدت الأجهزة إلى العراق بتهمة التزوير والخداع.
وكان المتحدث باسم الشرطة البريطانية قد قال انه تم توقيف "جيم ماكورميك" مدير شركة "إيه تي إس سي" في مقاطعة "سومرست" وأخضع للتحقيق بسبب اكتشاف غش وخداع في الطريقة التي روّج بها لجهاز الكشف عن المتفجرات الذي تنتجه الشركة ويحمل اسم "إيه دي إي 651".
والعجيب في الأمر أن يتبنى الجانب البريطاني موضوع عدم فاعلية أجهزة كشف المتفجرات المرسلة إلى العراق وكشف فساد و خداع هذه القضية ، فيما الحكومة العراقية ساكتة عن هذا الموضوع وكان الأمر لا يخصها تماما ؟ فالحكومة البريطانية تحترم شعبها بينما حكومتنا لا تحترم ولا تأبه للشعب ودماءه ، وهاهم رموز وقادة الحكومة العراقية منشغلين بحملاتهم الانتخابية وسبل فوزهم فيها للبقاء في السلطة لفترة أطول من اجل المزيد من الأموال والمكاسب ، ومنشغلين كذلك بسبل تامين الأموال الضخمة لحملاتهم الانتخابية بأية وسيلة كانت حتى ولو بالمتاجرة بدماء وأرواح العراقيين، والشعب لا يشكل لديهم سوى رقما انتخابيا يحقق الفوز لهم ويجب استغلال هذا الرقم بشكل جيد.
almasudy1968@yahoo.com
www.almasudy68.maktoobblog.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
* عضو الجمعية الوطنية ورئيس الكتلة الوطنية المستقلة
http://www.eatilaf.com/articles.php?action=show&id=795
تعليق