تويت
روي أن الحجاج بن يوسف كان جالساً في القبة الخضراء وعنده وجوه أهل العراق إذ دخل صبي بعمر عشر سنين، له ذوائبه الطويلة ولم يسلم، بل نظر إلى القبة يميناً وشمالاً وقال: ( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴿١٢٨﴾ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴿١٢٩﴾ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ) وكان الحجاج متكئاً فاستوى قاعداً وقال: يا غلام إني لأرى لك عقلاً وذهناً، أحفظتَ القرآن؟
قال الغلام: أخفتُ على القرآن الضياع حتى أحفظه؟
قال الحجاج: أو جمعتَ القرآن؟
قال الغلام: أو كان القرآن متفرقاً حتى أجمعه؟
قال الحجاج: أحكمتَ القرآن؟
قال الغلام: إن الله تعالى أنزله محكماً
قال الحجاج: أستظهرت القرآن؟
قال الغلام: معاذ الله أن أجعله وراء ظهري
قال الحجاج: ويلك، ماذا أقول؟
قال الغلام: الويل لك، قل: أوعيت القرآن في صدرك؟
قال الحجاج: اقرأ شيئاً من القرآن
قال الغلام: أعوذ بالله من الشيطان ومنك. إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجاً
فقال الحجاج: ويلك، إنهم يدخلون
فقال الغلام: قد كانوا يدخلون، وأما اليوم فقد صاروا يخرجون
قال الحجاج: ولمَ ذلك؟
قال الغلام: لسوء فعلك بهم
فقال الحجاج: ويلك هل عرفت المخاطب لك؟
قال الغلام: نعم، شيطان ثقيف، الحجاج بن يوسف
قال الحجاج: ويلك، مَن أبوك؟
قال الغلام: الذي زرعني
قال الحجاج: فمن أمك؟
قال الغلام: التي ولدتني
قال الحجاج: أين ولدت؟
قال الغلام: في بعض الفلوات
قال الحجاج: وأين نشأت؟
قال الغلام: في بعض البراري
قال الحجاج: أمجنون أنت فأعالجك؟
قال الغلام: لولم أكن مجنوناً لما وقفت بين يديك كأني ممن يرجو فضلك، أو يخاف عقابك
قال الحجاج: ما تقول في أمير المؤمنين؟
قال الغلام: رحم الله أبا الحسن
قال الحجاج: إنما أعني عبد الملك بن مروان
قال الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله
قال الحجاج: ويلك، بما استحق اللعنة؟
قال الغلام: باستعماله إياك على الناس، تستبيح أموالهم وتستحل دماءهم
فالتفت الحجاج إلى أصحابه وقال: ما ترون في أمر هذا الغلام؟
قالوا: اسفك دمه فقد خلع الطاعة
فقال الغلام: جلساء أخيك خير من جلسائك
قال الحجاج: أخي محمد بن يوسف؟
قال الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله، إنما أعني أخاك فرعون قال لجلسائه: ماذا تأمرون في أمر موسى؟ قالوا: ارجه وأخاه، وهؤلاء أمروك بقتلي، إذن والله تقوم عليك الحجة غداً بين يدي الله ملك الجبارين، ومذل المتكبرين
فقال الحجاج: يا غلام قلل كلامك واقصر ألفاظك فإني أخاف عليك، وقد أمرت لك بأربعة آلاف درهم تستعين بها
قال الغلام: لا حاجة لي بهذا المبلغ بيَّض الله وجهك، وأعلا كعبك
فالتفت الحجاج إلى أصحابه وقال لهم: هل تعلمون ما أراد بقوله؟
قالوا: لا
قال الحجاج: أراد التعليق والصلب
ثم التفت إلى الغلام وقال له: ما تقول؟
قال الغلام: قاتلك الله من منافق ما أفهمك
قال الحجاج: يا فلان اضرب عنقه
فقام رجل من القوم يقال له الرقاشي وقال: هبه لي أصلح الله الأمير
قال الحجاج: هو لك لا بارك الله لك فيه
قال الغلام: لا أدري أيكما أحمق، الواهب أجلا قد حضر، أم المستوهب أجلاً لم يحضر
فقال الرقاشي: استوهبك من القتل وتكافيني بهذا الكلام؟!
فقال الغلام: هنيئاً لي الشهادة إن أدركتني السعادة، يا عجباً جئت من بلادي من الفقر والضيق، وأرجع إلى أهلي صفراً بلا شيء، القتل أحب إلي
فقال الحجاج: قد أمرنا لك بمائة ألف دينار، وقد عفونا لحداثة سنك، وصفاء ذهنك، وإياك والجرأة على أرباب الأمر فتقع عند من لا يعفو عنك، ولئن رأيتك في شئ مما تجهل لأضربن عنقك
فقال الغلام: العفو لله لا لك، لا جمع الله بيني وبينك، أو يلتقي السامري وموسى
ثم خرج الغلام فابتدر الخادم على أثره فقال الحجاج: دعوه فما رأيت أشجع منه قلباً، ولا أفصح منه لساناً، فوالله ما وجدت مثله وعسى أن لا يجد مثلي
قال الغلام: أخفتُ على القرآن الضياع حتى أحفظه؟
قال الحجاج: أو جمعتَ القرآن؟
قال الغلام: أو كان القرآن متفرقاً حتى أجمعه؟
قال الحجاج: أحكمتَ القرآن؟
قال الغلام: إن الله تعالى أنزله محكماً
قال الحجاج: أستظهرت القرآن؟
قال الغلام: معاذ الله أن أجعله وراء ظهري
قال الحجاج: ويلك، ماذا أقول؟
قال الغلام: الويل لك، قل: أوعيت القرآن في صدرك؟
قال الحجاج: اقرأ شيئاً من القرآن
قال الغلام: أعوذ بالله من الشيطان ومنك. إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجاً
فقال الحجاج: ويلك، إنهم يدخلون
فقال الغلام: قد كانوا يدخلون، وأما اليوم فقد صاروا يخرجون
قال الحجاج: ولمَ ذلك؟
قال الغلام: لسوء فعلك بهم
فقال الحجاج: ويلك هل عرفت المخاطب لك؟
قال الغلام: نعم، شيطان ثقيف، الحجاج بن يوسف
قال الحجاج: ويلك، مَن أبوك؟
قال الغلام: الذي زرعني
قال الحجاج: فمن أمك؟
قال الغلام: التي ولدتني
قال الحجاج: أين ولدت؟
قال الغلام: في بعض الفلوات
قال الحجاج: وأين نشأت؟
قال الغلام: في بعض البراري
قال الحجاج: أمجنون أنت فأعالجك؟
قال الغلام: لولم أكن مجنوناً لما وقفت بين يديك كأني ممن يرجو فضلك، أو يخاف عقابك
قال الحجاج: ما تقول في أمير المؤمنين؟
قال الغلام: رحم الله أبا الحسن
قال الحجاج: إنما أعني عبد الملك بن مروان
قال الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله
قال الحجاج: ويلك، بما استحق اللعنة؟
قال الغلام: باستعماله إياك على الناس، تستبيح أموالهم وتستحل دماءهم
فالتفت الحجاج إلى أصحابه وقال: ما ترون في أمر هذا الغلام؟
قالوا: اسفك دمه فقد خلع الطاعة
فقال الغلام: جلساء أخيك خير من جلسائك
قال الحجاج: أخي محمد بن يوسف؟
قال الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله، إنما أعني أخاك فرعون قال لجلسائه: ماذا تأمرون في أمر موسى؟ قالوا: ارجه وأخاه، وهؤلاء أمروك بقتلي، إذن والله تقوم عليك الحجة غداً بين يدي الله ملك الجبارين، ومذل المتكبرين
فقال الحجاج: يا غلام قلل كلامك واقصر ألفاظك فإني أخاف عليك، وقد أمرت لك بأربعة آلاف درهم تستعين بها
قال الغلام: لا حاجة لي بهذا المبلغ بيَّض الله وجهك، وأعلا كعبك
فالتفت الحجاج إلى أصحابه وقال لهم: هل تعلمون ما أراد بقوله؟
قالوا: لا
قال الحجاج: أراد التعليق والصلب
ثم التفت إلى الغلام وقال له: ما تقول؟
قال الغلام: قاتلك الله من منافق ما أفهمك
قال الحجاج: يا فلان اضرب عنقه
فقام رجل من القوم يقال له الرقاشي وقال: هبه لي أصلح الله الأمير
قال الحجاج: هو لك لا بارك الله لك فيه
قال الغلام: لا أدري أيكما أحمق، الواهب أجلا قد حضر، أم المستوهب أجلاً لم يحضر
فقال الرقاشي: استوهبك من القتل وتكافيني بهذا الكلام؟!
فقال الغلام: هنيئاً لي الشهادة إن أدركتني السعادة، يا عجباً جئت من بلادي من الفقر والضيق، وأرجع إلى أهلي صفراً بلا شيء، القتل أحب إلي
فقال الحجاج: قد أمرنا لك بمائة ألف دينار، وقد عفونا لحداثة سنك، وصفاء ذهنك، وإياك والجرأة على أرباب الأمر فتقع عند من لا يعفو عنك، ولئن رأيتك في شئ مما تجهل لأضربن عنقك
فقال الغلام: العفو لله لا لك، لا جمع الله بيني وبينك، أو يلتقي السامري وموسى
ثم خرج الغلام فابتدر الخادم على أثره فقال الحجاج: دعوه فما رأيت أشجع منه قلباً، ولا أفصح منه لساناً، فوالله ما وجدت مثله وعسى أن لا يجد مثلي
تعليق