قصة حقيقية من واقعنا العراقي حدثت في السبعينات..(بقلمي)...
أكمل قيس دراسته الجامعية في كلية الزراعة بمعدل جيد جدا الذي أتاح له مستقبلا افضل من خلال قبوله بمرحلة الماجستير..دخل قيس في مرحلته الجديدة من الدراسة و التقى بالطلبة الذين يشاركونه مقاعد الدراسة و التقت عيناه مع عيني زينب التي إختارت مقعد منفرد بعيد عن الطلبة..إستلطف هدوءها و بساطتها وفي نفسه كان يود أن يعرف عنها المزيد..وبمرور الزمن حاول قيس التقرب منها عن طريق المشاريع المشتركة في الدراسة..وعرف عنها ماجعله يتمسك بها رغم أنها تختلف عنه في المذهب إلا أنهما أرادا أن يرتفعا و يسموان فوق الفروع..ويستظلا تحت ظل شجرة الاسلام العظيم المملوء بالعفووالتسامح و المحبة..بعد حب كبير تقدمت عائلة قيس لخطبة زينب بعد أن أنهيا الدراسة..تردد أهل زينب في البداية إلا أن زينب أصرت على أن هناك إسلام عظيم يسمو فوق المسميات..وافقوا الاهل بقناعة تامة بعدما تأكدوا من الاخلاق العالية التي يمتلكها قيس..أخيرا إجتمعا تحت سقف واحد بعد أن تم تعيينهما في الجامعة ليبدءا مشوار العمر في الكفاح و العمل و الحب..و تفانت زينب في خدمة زوجها فهي كالنحلة لاتكل ولا تمل..حبها الكبير كان كالخيمة إستظل بها كل من قيس و أهله و أقاربه و أصدقاءه..وأصبحت زينب أمثولة للتضحية و الايثارو بالمقابل لم يكن قيس باقل منها حماسا..فهو صاحب البيت له من سمو الاخلاق و هدوء الطبع ما جعل المقربين لايجدون متعة ولا راحة إلا في هذا البيت المبارك المفعم بالايمان و المحبة و البركة......
بعد خمس سنوات من الحب و التفاني..لم يكن الحظ يحالف زينب في الانجاب رغم مراجعتها للأطباء و تصميمها على أن يكون في هذا البيت صوتا ثالثا يملأ سكونه بضجيجه و مرحه..إلا أن الاطباء نصحوها أن تخضع لأرادة الله سبحانه و تعالى و تستسلم للأمر الواقع ولأن الاطباء كما أخبروها يقف عاجزا عن بعض الحالات المستعصية..بدأ الحزن يلف زينب وبدأت تستعرض حياتها السعيدة مع قيس و حبه لها و إيثاره في كثير من إمور حياتها..و أرادت أن تقابل التضحية بالتضحية..صممت أن تفاتح قيس بموضوع أصبح هاجزها الوحيد..قالت له في جلسة هادئة بينهما وهي تصارع مشاعرها بين حب قيس و الفرح الغامر به وبين دموع على فراقه المرتقب والذي حددته هي قبل أوانه..تكلمت والحسرة تملأ قلبها ويلف الحزن وجهها الذي أطفأت إشراقته هذه المعضلة..قالت: قيس حبيبي أريدك أن تتزوج إمرأة أخرى..لم يكن قيس مهياءا لهذا الحديث الذي أحدث هزة عميقة في وجدانه ومشاعره و اراد أن يتدارك الموقف بحنانه المعتاد و ضحكته المألوفة لديها إلا أن زينب بدت أكثر جدية في طلبها وبدت عصبية المزاج لأنها أرادت ان تحسم الموقف في تلك الليلة..حاول قيس أن يوضح لها أنه سعيد بها و بإيمانها و أخلاقها وأن الاطفال رزق من الله كبقية الارزاق التي يمنحها لمن يشاء وهو لايريد شيئا آخر من هذه الدنيا الزائلة..بعد جدل طويل طلب قيس منها مهلة للتفكير..فاتفقا بعد أن يأخذ كل منهما وقتا للتفكير..وفي كل مرة تحاول زينب أن تفتح الموضوع يتهرب قيس بحجج مختلفة..إنه يريدها هي..لقد ملأت عليه حياته..واستخدم سياسة التسويف التي إستمرت طويلا و زينب صابرة ولم ترد أن يتفاقم الشعور بالكآبة و الحزن الى الحد الذي يدمر البيت بما فيه من رحمة و عطف و إيمان..إستغلت زينب مناسبة عيد الأم الذي تعود قيس أن يهديها هدية بهذه المناسبة لأنه يشعر بأنها زوجة صالحة و أم مثالية وأرادت هي أن تُشعره بأن لهذه الهدية صاحبة أخرى هي التي أحق بها..مَن تستطيع أن تنجب له..إلا أن قيس لم يأبه بكلامها و أراد أن تنتهي المناسبة بدون منغصات......
في أحد الايام جلست زينب مع قيس في وقت العصر ليشربا الشاي وكان في يدها صورة فسألها: ماهذه الصورة؟..فأعطته إياها و طلبت رأيه بصاحبة الصورة وقبل أن يجيب إسترجع قيس الاحداث السابقة و إصرارها على زواجه من إحدى صديقاتها ثم قال لها: يبدو أنها جميلة ولكن ليس بجمالكِ..أراد بهذا الجواب أن يبعد عن ماتريده زينب إلا أنها قالت له: قيس حبيبي أريدك أن تتزوج من صاحبة الصورة فاني أثق بها وأنها تستطيع أن ترسم السعادة في هذا البيت..بعد جدل و نقاش نزل قيس عند رغبة زوجته التي أَلَحَّت عليه في هذا الموضوع مايقارب السنة..واتفقا أن يكون يوم الجمعة القادم الموعد الذي سوف تغادر فيه زينب منزلها الذي قضت فيه أجمل ايام عمرها مع أعز الناس...
جاء يوم الجمعة..و هيأت زينب الافطار كعادتها و جلسا عند مائدة الوداع و زينب تصارع الدموع وهي تنظر الى كل ركن في المنزل جلسا فيه والى كل زهرة و نبتة شاركا في زراعتها..وتذكرت ضحكاته و صوته العذب الذي كان يملأ فيه أركان البيت..إستأذنت منه لتجمع أغراضها فأومأ و الدموع تملأ عينيه..بعد ساعة خرجت زينب ومعها حقيبتها و وقفت أمامه وهو لايريد أن ينظر اليها وهي تودعه..ففهمت زينب ذلك واستدارت نحو الباب لتخرج من هذا البيت الذي جمع و أختزل كل الحب و الحنان في شخصين..سمع قيس بأنها فتحت الباب لتخرج..إنتبه من حالته و نظر الى زينب وهي تضع أولى خطواتها خارج البيت و بدون أن يشعر هرول نحو الباب وهو ينادي: زينب إرحمي هذا البيت ومن فيه..إرحمي من يحبونكِ...
نظرت في عينيه التي لاترى فيها غير الدموع..وقفت هنيئة وأنزلت الحقيبة من يدها واتجهت نحوه وكل منهما يبكي على كتف الآخر..
أدخلها الى المنزل و أغلق الباب الذي لن يُفتح إلا للخير و الاحسان و السعادة...
أكمل قيس دراسته الجامعية في كلية الزراعة بمعدل جيد جدا الذي أتاح له مستقبلا افضل من خلال قبوله بمرحلة الماجستير..دخل قيس في مرحلته الجديدة من الدراسة و التقى بالطلبة الذين يشاركونه مقاعد الدراسة و التقت عيناه مع عيني زينب التي إختارت مقعد منفرد بعيد عن الطلبة..إستلطف هدوءها و بساطتها وفي نفسه كان يود أن يعرف عنها المزيد..وبمرور الزمن حاول قيس التقرب منها عن طريق المشاريع المشتركة في الدراسة..وعرف عنها ماجعله يتمسك بها رغم أنها تختلف عنه في المذهب إلا أنهما أرادا أن يرتفعا و يسموان فوق الفروع..ويستظلا تحت ظل شجرة الاسلام العظيم المملوء بالعفووالتسامح و المحبة..بعد حب كبير تقدمت عائلة قيس لخطبة زينب بعد أن أنهيا الدراسة..تردد أهل زينب في البداية إلا أن زينب أصرت على أن هناك إسلام عظيم يسمو فوق المسميات..وافقوا الاهل بقناعة تامة بعدما تأكدوا من الاخلاق العالية التي يمتلكها قيس..أخيرا إجتمعا تحت سقف واحد بعد أن تم تعيينهما في الجامعة ليبدءا مشوار العمر في الكفاح و العمل و الحب..و تفانت زينب في خدمة زوجها فهي كالنحلة لاتكل ولا تمل..حبها الكبير كان كالخيمة إستظل بها كل من قيس و أهله و أقاربه و أصدقاءه..وأصبحت زينب أمثولة للتضحية و الايثارو بالمقابل لم يكن قيس باقل منها حماسا..فهو صاحب البيت له من سمو الاخلاق و هدوء الطبع ما جعل المقربين لايجدون متعة ولا راحة إلا في هذا البيت المبارك المفعم بالايمان و المحبة و البركة......
بعد خمس سنوات من الحب و التفاني..لم يكن الحظ يحالف زينب في الانجاب رغم مراجعتها للأطباء و تصميمها على أن يكون في هذا البيت صوتا ثالثا يملأ سكونه بضجيجه و مرحه..إلا أن الاطباء نصحوها أن تخضع لأرادة الله سبحانه و تعالى و تستسلم للأمر الواقع ولأن الاطباء كما أخبروها يقف عاجزا عن بعض الحالات المستعصية..بدأ الحزن يلف زينب وبدأت تستعرض حياتها السعيدة مع قيس و حبه لها و إيثاره في كثير من إمور حياتها..و أرادت أن تقابل التضحية بالتضحية..صممت أن تفاتح قيس بموضوع أصبح هاجزها الوحيد..قالت له في جلسة هادئة بينهما وهي تصارع مشاعرها بين حب قيس و الفرح الغامر به وبين دموع على فراقه المرتقب والذي حددته هي قبل أوانه..تكلمت والحسرة تملأ قلبها ويلف الحزن وجهها الذي أطفأت إشراقته هذه المعضلة..قالت: قيس حبيبي أريدك أن تتزوج إمرأة أخرى..لم يكن قيس مهياءا لهذا الحديث الذي أحدث هزة عميقة في وجدانه ومشاعره و اراد أن يتدارك الموقف بحنانه المعتاد و ضحكته المألوفة لديها إلا أن زينب بدت أكثر جدية في طلبها وبدت عصبية المزاج لأنها أرادت ان تحسم الموقف في تلك الليلة..حاول قيس أن يوضح لها أنه سعيد بها و بإيمانها و أخلاقها وأن الاطفال رزق من الله كبقية الارزاق التي يمنحها لمن يشاء وهو لايريد شيئا آخر من هذه الدنيا الزائلة..بعد جدل طويل طلب قيس منها مهلة للتفكير..فاتفقا بعد أن يأخذ كل منهما وقتا للتفكير..وفي كل مرة تحاول زينب أن تفتح الموضوع يتهرب قيس بحجج مختلفة..إنه يريدها هي..لقد ملأت عليه حياته..واستخدم سياسة التسويف التي إستمرت طويلا و زينب صابرة ولم ترد أن يتفاقم الشعور بالكآبة و الحزن الى الحد الذي يدمر البيت بما فيه من رحمة و عطف و إيمان..إستغلت زينب مناسبة عيد الأم الذي تعود قيس أن يهديها هدية بهذه المناسبة لأنه يشعر بأنها زوجة صالحة و أم مثالية وأرادت هي أن تُشعره بأن لهذه الهدية صاحبة أخرى هي التي أحق بها..مَن تستطيع أن تنجب له..إلا أن قيس لم يأبه بكلامها و أراد أن تنتهي المناسبة بدون منغصات......
في أحد الايام جلست زينب مع قيس في وقت العصر ليشربا الشاي وكان في يدها صورة فسألها: ماهذه الصورة؟..فأعطته إياها و طلبت رأيه بصاحبة الصورة وقبل أن يجيب إسترجع قيس الاحداث السابقة و إصرارها على زواجه من إحدى صديقاتها ثم قال لها: يبدو أنها جميلة ولكن ليس بجمالكِ..أراد بهذا الجواب أن يبعد عن ماتريده زينب إلا أنها قالت له: قيس حبيبي أريدك أن تتزوج من صاحبة الصورة فاني أثق بها وأنها تستطيع أن ترسم السعادة في هذا البيت..بعد جدل و نقاش نزل قيس عند رغبة زوجته التي أَلَحَّت عليه في هذا الموضوع مايقارب السنة..واتفقا أن يكون يوم الجمعة القادم الموعد الذي سوف تغادر فيه زينب منزلها الذي قضت فيه أجمل ايام عمرها مع أعز الناس...
جاء يوم الجمعة..و هيأت زينب الافطار كعادتها و جلسا عند مائدة الوداع و زينب تصارع الدموع وهي تنظر الى كل ركن في المنزل جلسا فيه والى كل زهرة و نبتة شاركا في زراعتها..وتذكرت ضحكاته و صوته العذب الذي كان يملأ فيه أركان البيت..إستأذنت منه لتجمع أغراضها فأومأ و الدموع تملأ عينيه..بعد ساعة خرجت زينب ومعها حقيبتها و وقفت أمامه وهو لايريد أن ينظر اليها وهي تودعه..ففهمت زينب ذلك واستدارت نحو الباب لتخرج من هذا البيت الذي جمع و أختزل كل الحب و الحنان في شخصين..سمع قيس بأنها فتحت الباب لتخرج..إنتبه من حالته و نظر الى زينب وهي تضع أولى خطواتها خارج البيت و بدون أن يشعر هرول نحو الباب وهو ينادي: زينب إرحمي هذا البيت ومن فيه..إرحمي من يحبونكِ...
نظرت في عينيه التي لاترى فيها غير الدموع..وقفت هنيئة وأنزلت الحقيبة من يدها واتجهت نحوه وكل منهما يبكي على كتف الآخر..
أدخلها الى المنزل و أغلق الباب الذي لن يُفتح إلا للخير و الاحسان و السعادة...
تعليق