هذا الكتاب القيم وجدته على الشبكة وأحببت أن أثبته هنا كي لا يضيع ..
بسم
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله rتسليما كثيرا ، أما بعد :
ما كدت أنجز الرد على مجموعة الاشكالات التي وردت على كتابي(1)من بعض الاخوة الأفاضل من أهل القصيم في نجد إلا وبي فوجئت وأنا أسلِّم ردي على تلك الاشكالات بإيراد الآتي على مؤلف الكتاب ما نصه : [ الإشكال السادس : ظاهر صنيع أهل العلم ـ فيما أعلم ـ ممن يهتم بأخبار المهدي ، أن المهدي واحد وليس متعدد ، وإن كان هناك تعدد فما الدليل ؟ ومن قال به منهم ؟ ثم مع إثبات التعدد لابد من الفصل بين أحاديث المهدي ، أي الأحاديث تعني وتخص المهدي الأول ومن منها يخص المهدي الآخر وهكذا ؟ وأهم الفصل بين الأحاديث وتوضيحها وفرزها ما يمنع من اللبس والتداخل والخلط ؟ لأنه من الملاحظ أن هناك أحاديث للمهدي عامة وأُخر خاصة ، فمن لهذا ومن لهذا ؟ وبعضها في محمد بن عبد الله وبعضها في غيره .
وقال : الإشكال السابع : نقل ابن حزم الإجماع في آخر مراتب الإجماع واتفقوا على أن محمد rوجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع الناس . وأقره ابن تيمية على ذلك ولم ينقضه ] اهـ . هذا نص ما ورد من هذا الأخ الفاضل إلحاقا لما كان قد أورده سابقا من اعتقادات كان يرى فيها شيئا من المعارضة لبعض ما ورد في كتابي . وما ذكره أخيرا كما المنقول هنا عن عودة النبي rكان بالفعل مفاجأة لي ، وقد أخبرني بعض الإخوة أن منهم من صارحه بهذا وذكر له أنه معتقد راسخ في ضميري لم أنفك عنه منذ أكثر من سبع سنين ، فما كان من هذا الرجل إلا المبادرة بالكتابة لي في هذا الأمر العظيم طالبا الرد والتفصيل .
وذكرت للإخوة عتبي على هذا الذي نقل له هذا الخبر وشافهه به وقد كان مؤتمنا على هذا السر ، فاعتذروا بأنه ضاق عنه الصبر ، وأن من رأيه أن صبرك على كتمان هذا الأمر العظيم وتحملك لتسفيه الناس لك وطعنهم في مقدرتك العقلية لكونك تعتقد أنك المهدي الذي أخبر رسول الله r أنه يبعث عند الاختلاف والزلازل من مشرق الشمس ، وأنك تؤمن بأنك المعني بمن قص الله تعالى نبأه وقومه كما في سورة الدخان وغيرها ، مع أنك واسمك الذي لم يوافق ما ورد في الخبر المشهور الذي فيه أن المهدي اسمه يواطئ اسم النبي واسم أبيه كذلك ، ما دعى الناس للقطع بأنك مجنون أشر ، وإن كان يسعك الصبر من قبل فقد كان للأمر وجه حينها ، أما وقد بلغ بعض المنافقين هذا النبأ فأخذوا يطعنون بك وباعتقادك هذا سفها من أنفسهم الجاهلة فقد طفح الكيل وبلغ الأمر حدا لا يطاق ، كما ظهر عند صاحبي هذا ، فاندفع يفصح عن هذا السر ويواجه به من واجه ، وقد عهدته من قبل صنديدا من صناديد الطائفة المنصورة لا يخشى في الله أحد في معتقد حق بان له فيه البرهان . أما أنا فلا يسعني والأمر هكذا إلا أن أنصره ما دام قد أبدى وعقلها وتوكل وإلا كنت من الخاذلين وأعوذ بالله أن أكون كذلك . وإني لأرجو كما صبرت لله عليه ، أن يغفر لي إذ ظهر رغما عني وينصرني إن كنت مسلِّماً به لوجهه ومصدقا به خوفا منه لا طالباً في ذلك دنيا مؤثرة ولا هواً متبعا إنما الخشية منه أن أترك هداه ولا أطيع أمره .
فأقول وبالله تعالى أتوكل :نعم قد شكك أكثرهم في قدراتي العقلية ورموني بالجنون لكوني أعتقد أني المهدي الذي بشر بخروجه رسول الله rآخر الزمان عند ظهور الفتن واستعلاء الباطل وأهله وعند كثرة الزلازل والاختلاف ، وقد جعل الله تعالى من البينات لصدق هذا البعث والخروج الكثير من البراهين ومن أظهرها الدخـان والزلازل كما فصلت هذا في كتبي(2)وهي متداولة الآن عند بعضهم .
ويعلم الله أنه لم يكن يحزنني رميهم لي بالجنون وأنا أراه تصديقا للقرآن إذ ذكر الله عز وجل أنّ هذا كائن منهم بنص سورة الدخان ، وقد مكر الله بهم سلفا ، إذ قدر أمري وأظهر بذلك ما يدل على وصفي ، وبعثني وأعمى عليهم اسمي حتى لا يكون للمتأولين بالباطل سبيل عليه فيدَّعونه لأنفسهم ، فحفظ الله بهذا هذا الأمر العظيم عنده ، فصار هذا سببا للقطع بأني مجنون ، ولهذا تجدهم لا يمارون في هذا أبدا ، في حين أني على يقين أنهم على باطل من القول وأني على الحق المبين قال تعالى : ( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هـم المتقون )(3) .
والله يعلم أني على يقينبأن محمداً بن عبدالله الذي يعتقدون أنه المهدي ما هو إلا رسول الله rوما أنا إلا المهدي الذي يكون بعثه عند الاختلاف والزلازل وظهور الفتن ، هذا هو الحق وليس هناك من سبيل لإيضاح الأمر لثقيلي الأفهام هؤلاء وما علي إلا الصبر على رميهم إياي بالجنون وأنا أقـرأ ذكري وإياهم بالقرآن العظيم ولا أقول إلا صبراً والله المستعان على ما يصفون ، قال تعالى : ( هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشرا طها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم )(4)وقال تعالى : ( أنى لهم الذكرى وقـد جاءهم رسـول مبين . ثم تولوا عنه وقالوا معلَّم مجنون )(5) .
ومن ذكراهم بعثي من بين أظهرهم وقد جعل الله لهذا البعث أظهر أشراط الساعة برهاناً وهو الدخان ، وقد نص سبحانه على أنهم لن ينتفعوا إذا جاء ذكرهم وتحقق خبرهم , وبينّ أنه كيف يتحقق لهم الانتفاع من هذه الذكرى وهم معرضون عن اتباع هذا الرسول وتصديقه مع أن أمره بيِّن ظاهر .
والعجب من الأخ القصيمي الفاضل حين بادر لإنكار الأمر فزع للاحتجاج بإجماع مظنون لا يغني شيئاً , وهو مزعوم مثل سابقه الذي نقله في يأجوج ومأجوج مبني على الظن لا اليقين , وهذا في خصوص عودة رسول الله rأما أصحابه فنعم ولا وجه للخلط بين رسول الله rو أصحابه في هذا الأمر العظيم .
قال أبو محمد بن حزم : الإجماع راجع إلى توقيف رسول الله , فلا يجوز أن يكون حق في الدين إلا عن رسول الله عن الله تعالى . وقال : الإجماع حق ولا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله عن الله تعالى(6) . وقال في موضع آخر تفسيراً لقوله تعالى: ( أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين )(7)فصح بالقرآن أنهما موتتان وحياتان فقط , فالموتة الأولى هي افتراق الأرواح عن الأجساد أول خلق الله عز وجل , ثم كانت الحياة الأولى ؛ وهي جمع الأرواح والأجساد في الدنيا ثم كانت الموتة الثانية التي لابد منها , ثم يكون الإحياء الثاني , وهو جمع الأرواح والأجساد ثانية يوم القيامة , إلا عيسى عليه السلام , ومن أحياه الله تعالى علامة لنبوة نبي , أو آية , ثم أماتهم . فإن هؤلاء خُصُّوا بنص القرآن بحياةٍ ثالثةٍ , وموتة ثالثة فقط اهـ (8).
هذا تقرير ابن حزم عن الإجماع وأنه لا يكون إلا بتوقيف من رسول الله rأو بدليل عن الله عز وجل , وفي هذا ما يعارض ما نقله الأخ عنه في أن الإجماع حاصل في أن رسول الله rلا يعود إلى الدنيا ثانية كما سيجري هذا لعيسى وغيره من رسل الله , إذ أنه ليس هناك ما يدل عن الله ورسوله rعلى امتناع تحقق هذا بل على خلافه قام الدليل ، وإني لعلى استعداد تام وقطع جازم على أن ابن حزم وغير ابن حزم لا يمكنه بحال إثبات خلاف هذا عن الله ورسوله rوبيني وبينهم كل الكتاب وكل السنة , ولي عليهم سابقة ؛ زبور داود وإنجيل عيسى عليهما الصلاة والسلام , والله هو الهـادي والموفق .
وعلى هذا يبطل الاحتجاج بدعوى الإجماع أقله على مذهب ابن حزم إذ اشترط لثبوت الإجماع أن يكون توقيفي ولا توقيف بهما على نفي تحقق هذا , فبطل القول بدعوى الإجماع على مذهبه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : العلم بثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها لا يقع اهـ(9).
قلت :فكيف في عودة رسول الله rوقد جاءت النصوص إن لم تكن مصرحة بذلك فهي قطعاً تلمح له . ومن المفارقة حقاً أن يختار ابن حزم أن كل ما في القرآن على ظاهره , ومن ظاهره قوله تعالى : ( وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب )(10) وقال : ( فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الـذي نعدهـم أو نتوفينك فإلينا يرجعون )(11)وقال سبحانه أيضاً في هذا : ( و إنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون )(12) فما هو الوعد هنا الذي سيريه نبيه عليه الصلاة والسلام , لاشك أنه مما وعدوا به آخـر الزمـان لقوله سبحانه : ( ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين . قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون . فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون )(13)ولقوله : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت مـن قبل أو كسبت في إيمانهـا خيراً قُل انتظروا إنا منتظرون )(14)وهذا قطعا مما يكون آخر الزمان , وقوله : ( منتظرون )بصيغة الجمع والمراد من معه من رسل الله تعالى على مـا سأقرره في هذا الكتاب .
بسم
الله الرحمن الرحيم
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله rتسليما كثيرا ، أما بعد :
ما كدت أنجز الرد على مجموعة الاشكالات التي وردت على كتابي(1)من بعض الاخوة الأفاضل من أهل القصيم في نجد إلا وبي فوجئت وأنا أسلِّم ردي على تلك الاشكالات بإيراد الآتي على مؤلف الكتاب ما نصه : [ الإشكال السادس : ظاهر صنيع أهل العلم ـ فيما أعلم ـ ممن يهتم بأخبار المهدي ، أن المهدي واحد وليس متعدد ، وإن كان هناك تعدد فما الدليل ؟ ومن قال به منهم ؟ ثم مع إثبات التعدد لابد من الفصل بين أحاديث المهدي ، أي الأحاديث تعني وتخص المهدي الأول ومن منها يخص المهدي الآخر وهكذا ؟ وأهم الفصل بين الأحاديث وتوضيحها وفرزها ما يمنع من اللبس والتداخل والخلط ؟ لأنه من الملاحظ أن هناك أحاديث للمهدي عامة وأُخر خاصة ، فمن لهذا ومن لهذا ؟ وبعضها في محمد بن عبد الله وبعضها في غيره .
وقال : الإشكال السابع : نقل ابن حزم الإجماع في آخر مراتب الإجماع واتفقوا على أن محمد rوجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع الناس . وأقره ابن تيمية على ذلك ولم ينقضه ] اهـ . هذا نص ما ورد من هذا الأخ الفاضل إلحاقا لما كان قد أورده سابقا من اعتقادات كان يرى فيها شيئا من المعارضة لبعض ما ورد في كتابي . وما ذكره أخيرا كما المنقول هنا عن عودة النبي rكان بالفعل مفاجأة لي ، وقد أخبرني بعض الإخوة أن منهم من صارحه بهذا وذكر له أنه معتقد راسخ في ضميري لم أنفك عنه منذ أكثر من سبع سنين ، فما كان من هذا الرجل إلا المبادرة بالكتابة لي في هذا الأمر العظيم طالبا الرد والتفصيل .
وذكرت للإخوة عتبي على هذا الذي نقل له هذا الخبر وشافهه به وقد كان مؤتمنا على هذا السر ، فاعتذروا بأنه ضاق عنه الصبر ، وأن من رأيه أن صبرك على كتمان هذا الأمر العظيم وتحملك لتسفيه الناس لك وطعنهم في مقدرتك العقلية لكونك تعتقد أنك المهدي الذي أخبر رسول الله r أنه يبعث عند الاختلاف والزلازل من مشرق الشمس ، وأنك تؤمن بأنك المعني بمن قص الله تعالى نبأه وقومه كما في سورة الدخان وغيرها ، مع أنك واسمك الذي لم يوافق ما ورد في الخبر المشهور الذي فيه أن المهدي اسمه يواطئ اسم النبي واسم أبيه كذلك ، ما دعى الناس للقطع بأنك مجنون أشر ، وإن كان يسعك الصبر من قبل فقد كان للأمر وجه حينها ، أما وقد بلغ بعض المنافقين هذا النبأ فأخذوا يطعنون بك وباعتقادك هذا سفها من أنفسهم الجاهلة فقد طفح الكيل وبلغ الأمر حدا لا يطاق ، كما ظهر عند صاحبي هذا ، فاندفع يفصح عن هذا السر ويواجه به من واجه ، وقد عهدته من قبل صنديدا من صناديد الطائفة المنصورة لا يخشى في الله أحد في معتقد حق بان له فيه البرهان . أما أنا فلا يسعني والأمر هكذا إلا أن أنصره ما دام قد أبدى وعقلها وتوكل وإلا كنت من الخاذلين وأعوذ بالله أن أكون كذلك . وإني لأرجو كما صبرت لله عليه ، أن يغفر لي إذ ظهر رغما عني وينصرني إن كنت مسلِّماً به لوجهه ومصدقا به خوفا منه لا طالباً في ذلك دنيا مؤثرة ولا هواً متبعا إنما الخشية منه أن أترك هداه ولا أطيع أمره .
فأقول وبالله تعالى أتوكل :نعم قد شكك أكثرهم في قدراتي العقلية ورموني بالجنون لكوني أعتقد أني المهدي الذي بشر بخروجه رسول الله rآخر الزمان عند ظهور الفتن واستعلاء الباطل وأهله وعند كثرة الزلازل والاختلاف ، وقد جعل الله تعالى من البينات لصدق هذا البعث والخروج الكثير من البراهين ومن أظهرها الدخـان والزلازل كما فصلت هذا في كتبي(2)وهي متداولة الآن عند بعضهم .
ويعلم الله أنه لم يكن يحزنني رميهم لي بالجنون وأنا أراه تصديقا للقرآن إذ ذكر الله عز وجل أنّ هذا كائن منهم بنص سورة الدخان ، وقد مكر الله بهم سلفا ، إذ قدر أمري وأظهر بذلك ما يدل على وصفي ، وبعثني وأعمى عليهم اسمي حتى لا يكون للمتأولين بالباطل سبيل عليه فيدَّعونه لأنفسهم ، فحفظ الله بهذا هذا الأمر العظيم عنده ، فصار هذا سببا للقطع بأني مجنون ، ولهذا تجدهم لا يمارون في هذا أبدا ، في حين أني على يقين أنهم على باطل من القول وأني على الحق المبين قال تعالى : ( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هـم المتقون )(3) .
والله يعلم أني على يقينبأن محمداً بن عبدالله الذي يعتقدون أنه المهدي ما هو إلا رسول الله rوما أنا إلا المهدي الذي يكون بعثه عند الاختلاف والزلازل وظهور الفتن ، هذا هو الحق وليس هناك من سبيل لإيضاح الأمر لثقيلي الأفهام هؤلاء وما علي إلا الصبر على رميهم إياي بالجنون وأنا أقـرأ ذكري وإياهم بالقرآن العظيم ولا أقول إلا صبراً والله المستعان على ما يصفون ، قال تعالى : ( هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشرا طها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم )(4)وقال تعالى : ( أنى لهم الذكرى وقـد جاءهم رسـول مبين . ثم تولوا عنه وقالوا معلَّم مجنون )(5) .
ومن ذكراهم بعثي من بين أظهرهم وقد جعل الله لهذا البعث أظهر أشراط الساعة برهاناً وهو الدخان ، وقد نص سبحانه على أنهم لن ينتفعوا إذا جاء ذكرهم وتحقق خبرهم , وبينّ أنه كيف يتحقق لهم الانتفاع من هذه الذكرى وهم معرضون عن اتباع هذا الرسول وتصديقه مع أن أمره بيِّن ظاهر .
والعجب من الأخ القصيمي الفاضل حين بادر لإنكار الأمر فزع للاحتجاج بإجماع مظنون لا يغني شيئاً , وهو مزعوم مثل سابقه الذي نقله في يأجوج ومأجوج مبني على الظن لا اليقين , وهذا في خصوص عودة رسول الله rأما أصحابه فنعم ولا وجه للخلط بين رسول الله rو أصحابه في هذا الأمر العظيم .
قال أبو محمد بن حزم : الإجماع راجع إلى توقيف رسول الله , فلا يجوز أن يكون حق في الدين إلا عن رسول الله عن الله تعالى . وقال : الإجماع حق ولا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله عن الله تعالى(6) . وقال في موضع آخر تفسيراً لقوله تعالى: ( أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين )(7)فصح بالقرآن أنهما موتتان وحياتان فقط , فالموتة الأولى هي افتراق الأرواح عن الأجساد أول خلق الله عز وجل , ثم كانت الحياة الأولى ؛ وهي جمع الأرواح والأجساد في الدنيا ثم كانت الموتة الثانية التي لابد منها , ثم يكون الإحياء الثاني , وهو جمع الأرواح والأجساد ثانية يوم القيامة , إلا عيسى عليه السلام , ومن أحياه الله تعالى علامة لنبوة نبي , أو آية , ثم أماتهم . فإن هؤلاء خُصُّوا بنص القرآن بحياةٍ ثالثةٍ , وموتة ثالثة فقط اهـ (8).
هذا تقرير ابن حزم عن الإجماع وأنه لا يكون إلا بتوقيف من رسول الله rأو بدليل عن الله عز وجل , وفي هذا ما يعارض ما نقله الأخ عنه في أن الإجماع حاصل في أن رسول الله rلا يعود إلى الدنيا ثانية كما سيجري هذا لعيسى وغيره من رسل الله , إذ أنه ليس هناك ما يدل عن الله ورسوله rعلى امتناع تحقق هذا بل على خلافه قام الدليل ، وإني لعلى استعداد تام وقطع جازم على أن ابن حزم وغير ابن حزم لا يمكنه بحال إثبات خلاف هذا عن الله ورسوله rوبيني وبينهم كل الكتاب وكل السنة , ولي عليهم سابقة ؛ زبور داود وإنجيل عيسى عليهما الصلاة والسلام , والله هو الهـادي والموفق .
وعلى هذا يبطل الاحتجاج بدعوى الإجماع أقله على مذهب ابن حزم إذ اشترط لثبوت الإجماع أن يكون توقيفي ولا توقيف بهما على نفي تحقق هذا , فبطل القول بدعوى الإجماع على مذهبه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : العلم بثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها لا يقع اهـ(9).
قلت :فكيف في عودة رسول الله rوقد جاءت النصوص إن لم تكن مصرحة بذلك فهي قطعاً تلمح له . ومن المفارقة حقاً أن يختار ابن حزم أن كل ما في القرآن على ظاهره , ومن ظاهره قوله تعالى : ( وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب )(10) وقال : ( فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الـذي نعدهـم أو نتوفينك فإلينا يرجعون )(11)وقال سبحانه أيضاً في هذا : ( و إنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون )(12) فما هو الوعد هنا الذي سيريه نبيه عليه الصلاة والسلام , لاشك أنه مما وعدوا به آخـر الزمـان لقوله سبحانه : ( ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين . قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون . فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون )(13)ولقوله : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت مـن قبل أو كسبت في إيمانهـا خيراً قُل انتظروا إنا منتظرون )(14)وهذا قطعا مما يكون آخر الزمان , وقوله : ( منتظرون )بصيغة الجمع والمراد من معه من رسل الله تعالى على مـا سأقرره في هذا الكتاب .
تعليق