إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مقابلة مع عالم الدين الزيدي (صاحب الجوف) الذي اعتنق دين الشيعة الجعفري

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقابلة مع عالم الدين الزيدي (صاحب الجوف) الذي اعتنق دين الشيعة الجعفري

    بسم الله الرحمن الرحيم






    لقاء الشهر

    لقاء مع فضيلة القاضي الشيخ أبو جعفر المبخوت
    أجراه: حيدر السلامي
    عدسة: أحمد الحسن
    الشيخ المبخوت واحد من أولئك الرجال الذين نذروا أنفسهم للحقيقة وذابوا فيها منتهجين طريقها مشمرين الذراع كاشفين عن وجهها البهي كل الأستار التي أسدلتها جنايات التاريخ في عصور حاكمية الاستبداد ودكتاتوريات التعصب البغيض.. تلك العصور التي زرعت الجهل وولدت التخلف وأودت بأمة الإسلام إلى السبات والتأخر عن الركب الحضاري.
    التقيناه فدارت عجلة الحوار مسرعة ولم تحسب للوقت أي حساب، وكأن الساعات تمر مر اللحظات الهانئة - وقلما يجود بها الزمان- على شغاف القلب.
    هو يروي قصة انتصار الحق على النفس وهواها والشيطان ووساوسه والدنيا وإغراءاتها. فاستمعوا له عبر هذا الجانب من الحوار الأتي:



    دعنا فضيلة القاضي ننطلق بداية من حيث الولادة الميمونة والمحطات اللاحقة من السيرة الذاتية؟
    في البداية أشكركم على إتاحة هذه الفرصة الطيبة ومن بعد أقول: ولدت سنة 1973م في حصن بني سعد من مديرية المطمة التابعة لمحافظة الجوف في بلاد اليمن السعيد.
    وقبل ولادتي بثلاثة شهور توفي والدي(رحمه الله) وهكذا نشأت وترعرعت في أحضان جدي لأمي، وكان رجلا صالحا محبا للدين فكان يصحبني معه إلى الصلاة عندما كان عمري ثمان سنوات. وقد أدخلني الكتاتيب الدينية التي تدرس القرآن الكريم فتعلمت تجويد القرآن ودرست بعض المقدمات على مذهب الزيدية ككتاب العقد الثمين في أصول العقيدة وكتاب الآجرومية وثلاثين مسألة في التوحيد من كتاب مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم للشيخ حسن الرصاص، ثم كتاب الأزهار لأمجد بن يحيى المرتضى.
    بعدها أرسلت من قبل المشرفين في المحافظة والتابعين لحركة السيد مجد الدين إلى أحد العلماء في صعدة لإكمال دراستي فيها. ومن هناك توسعت علاقاتي مع العلماء وأخذت أدرس عند القاضي علي إسماعيل المتعيش(رحمه الله) وكان أبا رحيما وكثير الاهتمام بي، درست عليه كتاب الكاشف لذوي العقول في معرفة الأصول والروض النضير وسمة زيد بن علي على الروض النضير و حفظت (315) حديثا. ودرست على السيد عبد الله صالح العجري أكثر من (15) كتابا في العقائد، وعلى القاضي صلاح بعض العلوم، ولكن أكثر دراستي كانت على يد القاضي إسماعيل المتعيش وهو أستاذ العلماء في وقته.. وكان ذلك كله مع مواصلة الدراسة الأكاديمية ولم أتوقف عنها إلا ثلاث سنين جمدت فيها الملف وتفرغت للدراسة الدينية. ثم رجعت لمتابعتها حتى تخرجت في كلية التربية حاصلا على شهادة البكالوريوس في علوم القرآن.



    رحلة الانتقال من المذهب الزيدي إلى المذهب الجعفري، متى وكيف ومن أين انطلقت ومن كان وراءها؟
    لا بد من الإشارة إلى بعض الأمور كمقدمة للحديث عن رحلة الانتقال إلى المذهب الحق منها أن المذهب الزيدي كما يذكر أربابه قائم على الانفتاح فهم يقولون في الفروع لا يجوز لمجتهد التقليد أما بقية الناس فلهم ذلك لكنهم لا يفرقون بين تقليد الميت أو الحي بل أن تقليد الميت عندهم أولى. في العقائد أيضاً لا يجوز التقليد وإنما لك أن تتبع الحق أينما وجد.. فمثلا لا يجوز تقليد أحمد بن الحسين الهادي ولا زيد بن علي ولا عبد الله بن حمزة لا يجوز في العقائد تقليد هؤلاء الأئمة. من هنا انطلقنا في دراسة العقائد أولا، وكانت أول صدمة وقعت لي هي أني كنت أتصور أن أهل البيت كما في النصوص الشرعية هم منهل واحد وطريقة واحدة متوحدة ولا فرق بينهم فكلام الأول هو كلام الثاني، لماذا؟ لأن المذهب الزيدي أو الشيعي بشكل عام يقوم في مواجهة مذهب أهل السنة على قاعدة هي: لو أن الناس اتبعوا أهل البيت لربحوا ولما حصلت التفرقة والخلاف. طيب، ولكن أئمة الزيدية كانوا يتقاتلون فيما بينهم البين، وكل إمام تتبعه مجموعة من العلماء، وكل منهم يقول: أنا عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله).. هذا شيء والأهم منه في نفسي هو اختلافهم في العقائد فإذا كان عبد الله بن حمزة يعتبر أن النص على علي بن أبي طالب خفي ويعتذر للصحابة. فمثلا يقول بعملية الموازنة في اليوم الآخر. فحسنات أبي بكر-على حد قوله- كثيرة.. لا أدري كم وكيف.. وسيئاته كم هي وكيف تصير؟!! ومن هنا نتوقف في لعنه أو سبه أو البراءة منه، ولا نترضى ولا نذم. كما يقول أحد تلامذة هذه المدرسة:
    ولا أذم أبا بكر ولا عمر*** عسى التوقف أن ينجي من الزلل
    هذا تيار والتيار الآخر رباح بن الحسين، قد أعلن البراءة منهم ولعنهم وأعلن أن النص على علي جلي ظاهر ومن لم يؤمن بذلك فهو فاجر وعند جميع المسلمين كافر..
    ثم يأتي الاختلاف في الصفات، صفات الله سبحانه وتعالى فاختلف أئمة الزيدية الذين نسمهم بالعترة الطاهرة، في صفاته: القادرية والحيية والعالمية.. هل هي صفات ذاتية أم زائدة على الذات؟ فذهب أحمد بن يحيى المرتضى وعبد الله بن حمزة ويحيى بن حمزة الحسيني ومجموعة إلى القول بأن صفاته غير ذاتية وهي زائدة على الذات, بينما يحيى بن الحسين يقول: من قال بأن القدرة غير القادر فهو كافر ومعنى ذلك أن صفاته عين ذاته.
    واختلفوا في مسألة عذاب القبر.. هل يعذب الإنسان في قبره أم رقدة إلى أن تقوم الساعة, بعضهم قال: رقدة إلى يوم القيامة سواء كان مؤمنا أو كافرا، محض الإيمان أو محض الكفر..
    وبعض آخر قال:عذاب القبر نصوصه صريحة وواضحة بأن الميت يعذب وينعم، وذهبوا إلى تصحيح الحديث (إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار).. كما اختلفوا في قضية الصراط والشفاعة وقضايا أخرى كثيرة.
    أما الفروع فقد اختلفوا مثلا في الغائب عنها زوجها كم تلبث منتظرة.. كم تنتظر؟! منهم ذهب إلى أربع سنوات كما في الرواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) في الاختصاص للشيخ المفيد. ومنهم من ذهب إلى أنها تمكث العمر الطبيعي ثم اختلفوا في العمر الطبيعي فمنهم قال مائة وعشرون عاما.. تنتظر(120) عاما ثم تطلق وتعتد ثم تتزوج. ومنهم قال ثمانون عاما..



    سماحة الشيخ.. اختلاف أئمة الزيدية هل يقوم على أدلة علمية أم هو وليد الظروف السياسية مثلا؟!
    أحسنتم.. ويمكنني إعادة سؤالك بالصيغة الآتية:
    لماذا ننتقدهم وهم فقهاء مجتهدون ولهم أدلتهم والمجتهد مأجور أصاب أو أخطأ, وقد يقال إن عندكم مجتهدين وكذلك هم يختلفون؟!
    والجواب أن انتقادنا متوجه إليهم لأنهم وسموا أنفسهم بالعترة الطاهرة وأنهم حجج الله ونواب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنهم مصاديق حديث الثقلين وأنهم مصاديق قول الرسول (صلى الله عليه وآله): لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وأنهم مصاديق سفينة النجاة, وهم بذلك ادعوا ما ليس لهم. أما أنهم مجتهدون فهذا ما نقوله نحن ولنا الحق في أن نرفض أقوالهم أو أن نقبلها.. لكن جماعة الزيدية لا يقبلون منا أن نرفضهم بالكلية ويقولون إنهم أئمة أهل البيت وحجج الله على الخلق.

    من أين جاء ادعاؤهم؟ هل هو من الانحدار النسبي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!
    هناك ظروف ولدت هذا الادعاء وغيره، فإذا قرأنا الظروف التاريخية للقرن الثاني الهجري نجد أن هناك انعطافا تاريخيا في حياة الأمة من قضية التلقي للتشريع إلى قضية التصنيف للتشريع وقضية نقل الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) مشافهة.. حيث تبلورت قضية التشيع.. ولكنه ليس التشيع العقائدي الذي نعرفه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وإنما تشيع اصطلاحي، وهو أن من روى مناقب لأهل البيت(عليهم السلام) واحترمهم سمي شيعيا في ذلك الوقت مقابلة للنواصب الذين كانوا يجاهرون باللعن وكانوا يسبون أهل البيت(عليهم السلام). تبلورت هذه الطائفة نتيجة الرواية والحديث.. وهذا أحمد بن حنبل أحدهم والشافعي الذي يقول:
    إن كان رفضا حب آل محمد*** فليشهد الثقلان أني رافضي
    ويحيى بن المديني اتهم بالرفض والغلو وفلان وفلان وهكذا كان النواصب اللاهجين باللعن والحاقدين على أهل البيت يسمون كل من يذكر فضائلهم بأنه شيعي رافضي. والواضح أن الشيعي هو من شايع وتابع لا من ذكر المناقب واحترم مواقف أهل البيت, كما تولد الحب لأهل البيت نتيجة المظلومية التي جرت عليهم ونتيجة الثورات المتتالية منهم. إلا أن هذا الزخم من المجتمع لا يقبل بالوصية وأنها منصوصة من إمام على إمام وذلك لأنهم خريجو مدارس السلطات الحاكمة فمن هنا لم يقروا الوصية ولكنهم ينكرون البغض لأن النصوص حكمت وأخذت بأعناقهم فهم محبون وليسوا بأتباع.
    ولكي يواجهوا مدرسة النص قالوا كما تقول المعتزلة ونعرف أن المعتزلة أصبحت طائفة وإن كانت في الفقه سنة إلا أنها تميزت عن السنة بالمعتقدات وأصبحت تمثل طائفة لها أيديولوجيتها ومعتقداتها واسمها فكأنها غير أهل السنة والواقع أنها فرقة سنية.

    فلقد قال الأسكافي والحسن البصري الحاكم الجشمي مصرحين بأنه لما قام زيد بالثورة انتمت المعتزلة إليه. ومن المفارقات التاريخية أن عبد الله بن الحسن كان يأخذ أولاده ويذهب بهم إلى مالك وفلان وفلان ولا يذهب بهم إلى الإمام زين العابدين(عليه السلام) ليعلمهم كما هو الحال بالنسبة لمحمد النفس الزكية الذي كان يذهب به أبوه إلى المدينة ليتلقى العلوم من الفقهاء, وقد كانت هناك حساسيات من قضية الوصية وتعرفون المحاكمات التي صارت على قضية فدك بعدما أرجعت إلى الإمام باقر علم الأنبياء(عليه السلام) هناك أخذ جعفر بن الحسن يشاجر أولاد الحسين(عليه السلام)، وادعى أولاد الحسين بالوصية - كما تروي كتب التاريخ- ثم انعقدت بعد ذلك الشريعة أو المحاكمة فوق خالد بن عبدالله القسري مدة من الزمن ثم هلك جعفر بن الحسن فتبعه في المحاكمة عبد الله بن الحسن وكان المواجه له زيد بن علي ويحلل المؤرخون أن من أسباب ثورة زيد كان ذهابه إلى الشام وقضية الاحتكام على الأراضي وفدك..
    إذن فكان ثمة تنافر بين عبد الله بن الحسن وبين الأئمة الأوصياء(عليهم السلام) وفي قضية الأبواء عندما دعوا الإمام الصادق(عليه السلام) وأبو جعفر المنصور وقال(عليه السلام): إنها ليست لك.. إني لا أجد محمد بن عبد الله خليفة في كتاب أبي علي وأنها صائرة لهذا أي المنصور, إلى آخر الرواية.. حيث يقول له عبد الله: ما حملك إلا الحسد لابني.
    من هنا تعرف أن هناك شيئا من الحقد لأبناء الحسين من قبل بعض بني الحسن الذين انتموا إلى المعتزلة فكرا ومعتقدا حتى صار لهم في الأخير مذهبا ثم لم يكن يستطيع أحد أن يقول بفكرة تخالف أهل البيت(عليهم السلام) فلما قام زيد بن علي وجد بعض الناس هذه الثورة مظلة له بأن جعلها دعوة مذهبية ومن هناك دبت أقدام أشخاص مثل: أبي الجارود الأعمى والحسن بن صالح بن حي وكثير النوى وسليمان بن جرير الحرزي.. وكل واحد منهم ادعى زيدا ونسب مذهبه إليه واعتقد شيئا بالإمامة فمنهم من قدم الفاضل على المفضول ومنهم من قال الإمامة بالنص والإشارة.

    إذن فأعمدة المذهب الزيدي هم هؤلاء الأربعة؟
    نعم ولهذا سميت مدارسهم بالجارودية والصالحية والسليمانية وكان اعتقاد الجارودية هو أن الإمامة في أمير المؤمنين بالوصف والإشارة دون التسمية أما الصالحية والسليمانية فأجمعوا في قول وافترقوا في قول, اجتمعوا في أن الإمامة في علي بن أبي طالب(عليه السلام) بالأفضلية وليست بالنص وافترقوا في تكفير عثمان فالسليمانية كفرته بسبب إحداثه لا بسبب الخلافة والصالحية لم تكفره. وفيما بعد تبلور خط رابع وهو دبلجة من هذه الخطوط جميعا، يقول بأن الخلافة بالنص الخفي ويجوز إمامة المفضول على الفاضل. وبهذا برروا للصحابة أعمالهم, نتيجة قولهم بالنص الخفي من أجل أن يسوغ لهم القول بتبرئة الصحابة، لأن النص إذا كان جليا وجب انحراف الصحابة، ومن هنا كان انطلاق الأئمة الزيدية منذ القرن السادس الهجري إلى يومنا هذا..

    تكرر في قولكم عبارة النص الخفي ما هي دلالتها من منظور الزيدية؟
    الزيدية يعتبرون النص في أمير المؤمنين وفي الحسن والحسين(عليهم السلام) خفيا بمعنى أن النبي قصد إمامة أمير المؤمنين ضرورة وهناك طبعا مشاجرة حول مصطلح ضرورة.




  • #2


    ولكن ما هو المعنى الأقرب إلى الواقع الزيدي في تعريف الضروري وهل إنكار ما هو معلوم بالضرورة يوجب الكفر أو الخروج من الإسلام وهل يمكن أن تكون الإمامة ضرورة ولا يكون دليلها ضروريا؟
    الضروري عند الزيدية مفهوم غائم. ولكن يمكن إثارة بعض النقاط التي تقربه إلينا بعض الشيء..
    تقسم الضرورة إلى نوعين حسية ونظرية. ومن الضرورة الحسية أن ترى الشمس, أن ترى السماء فوقنا, أن تحس النار محرقة.. لكن الضرورة النظرية هو أن تتوصل إلى معرفتها لا بالحس ولكن بالاستدلال كالخبر المتواتر، مثلا: أنا ما رأيت أمريكا ولكن أؤمن بوجودها ضرورة..
    الجماعة خلطوا بين الضرورة الحسية وضربوا بها الضرورة النظرية فقالوا نعلم بأن علي بن أبي طالب إماما كما أن النار محرقة، ومن هنا كانت بعض المناقشات بيني وبين السيد بدر الدين الحوثي أسأل الله أن يريه الحقيقة فهو يقول: أن الضرورة النظرية حتمت على أن أمير المؤمنين هو وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكنها تحتاج إلى نظر وتأمل. ولهذا لعل الصحابة أخطأوا في أنهم لم ينظروا ولم يتأملوا. ولذا قلنا (النص خفي)..
    قلت له: بما أن رسول الله كان بين أظهرهم يكلمهم ويكلمونه فقد علمنا أن الإمامة ضرورة. قال: نعم, قلت: فكيف عرفناه ولم يعرفه أصحابه مع أنهم عاشوا في عصره ونحن متأخرون عنه, إلا إذا قلتم بأنهم لم يعرفوا حقيقة.. فما هو الدليل على ذلك؟ وهذا معناه أننا ضربنا أصل الاستدلال, فقال السيد بدر الدين: أنا عن نفسي أؤمن بتكفيرهم كونهم خالفوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأعذر الأئمة الذين قالوا بعدم التكفير.
    والخلاصة على أية حال في موضوع الضرورة أنهم يقولون: لم يعرف الأصحاب مراد الرسول(صلى الله عليه وآله) ضرورة وأرادوا بها الضرورة الحسية. وواقعا أنا أعتقد بأنهم عرفوا مراد النبي(صلى الله عليه وآله) كما عرفوا أن الشمس فوقهم بالضرورة الحسية ولكن تنزلا وجريا معهم فإنه ليس فقط الضرورة الحسية تفيد العلم. فالضرورة النظرية أيضا تؤدي إلى العلم..
    وهكذا لما رأينا هذه الأمور الغامضة وهذا الخلط وبعض الشطحات في المعتقد الزيدي بقضية الإمامة خاصة، ورأينا أن الأصل أولا ابتنى على النص والحكم يبقى على النص حتى يأتي حكم آخر يغيره. لكن الجماعة حكموا بأن الخلافة بالنص إلى الحسين، وفيما بعده قالوا لمن شهر سيفه.. من أين لكم هذا وما الدليل عليه؟! لا دليل لديهم لا من كتاب الله ولا من سنة الرسول(صلى الله عليه وآله) وإنما أول من قال هذا الكلام هو أبو الجارود وزياد بن المنذر العبدي(من شهر سيفه فهو الإمام مفترض الطاعة)..
    ومن هذا كله عرفنا أن مفهوم أئمة أهل البيت لا ينطبق على الزيدية فرحنا نبحث عن مصاديق النصوص فمثلا: حديث الثقلين يحتاج إلى مصاديق.. لابد له من مصاديق حقيقية لأن الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فكذلك لابد قرين الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, الكتاب فيه تبيان لكل شيء ولابد أن يكون قرينه يعلم بكل حيثيات الكتاب. الكتاب الكريم معصوم ولا بد أن يكون قرينه معصوما فالرسول (صلى الله عليه وآله) كما في أمالي المرشد بالله وفي أمالي أبي طالب بسندهم جميعا عن ابن عباس قال من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن غرسها ربي فليتول علي بن أبي طالب وأوصياءه فإنهم عترتي خلقهم الله من طينتي، أعطاهم الله علمي وفهمي) وبهذا حدد المصاديق وهم الذين أعطاهم الله علم الرسول وفهمه.. ومن أولئك غير أئمة أهل البيت أئمة الشيعة الإمامية؟!! ولم نر طائفة ولا مجتمعا ولا معتقدا فيه هذه المصاديق سواهم ومن هنا أخذنا نتساءل هل الأئمة المعصومون اختلفوا وأخذت حالة الشك تنمو في نفسي ولذلك قررت خوض البحث حتى أصل إلى الحقيقة في الإجابة على كل تساؤلاتي وشكوكي وبدأت أقرأ كتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية.

    ومتى كان ذلك؟
    كانت هذه الإرهاصات الأولى التي سبقت التحول إلى مذهب الحق وقد وقعت لي منذ عام 1993 ولقد كنت أكتم نفسي وأحدثها ويا ليت أخواني الزيدية يسمعون هذا الكلام كنت بيني وبين نفسي أخاطب الله أن يلعن علماء الشيعة إن كانوا على الباطل...ثم أخذت كتاب الحق اليقين للسيد عبد الله شبر وأصول الكافي، طبعا المراجعات وأمثاله من الكتب التي يتشيع بها الآخرون ليست لنا لأننا نعتبر أنفسنا شيعة بالأصل ولكن الخلاف بيننا حول الإمامة وعليه كنت أبحث عن مسائل الإمامة بالذات.. لماذا الغيبة؟ لماذا العصمة؟ لماذا اثنا عشر إماما؟
    فأولا النصوص ألزمتنا بضرورة وجود أوصياء ولا بد أن يكون الرسول سماهم وحددهم وعينهم أو على الأقل حسب تصوري أن يقول الرسول لعلي يا علي بين للناس الإمام من بعدك ويقول علي للحسن بين الإمام الذي يليك وهكذا كل إمام يعين الإمام الذي يخلفه ومن خلال البحث توصلت إلى أن هذه هي طريقة الإمامية الاثني عشرية سبحان الله وجدت ما كنت أبحث عنه وما تصورته من قبل أن أطلع على فكر الإمامية كان حقا وهم فعلا يدينون به.
    وهو الفهم الصحيح لمبدأ الإمامة وإلا فلا فرق بيننا وبين أهل السنة.. كل واحد خليفة وكل خليفة سلطان الله وظل الله والقضية هي هل أنها في بني أمية أم في بني هاشم؟! أليس هذا هو الصراع بين الزيدية والسنة؟! فالزيدية يقولون الإمامة في الحسنين والسنة يقولون لا .. أما كيفياتها ومصاديقها فلا يختلفون فيها ولو كان فاسقا.. وإن كان الزيدية يشترطون العدالة لكن كثير من أئمتهم كانوا فسقة ومع ذلك هم يصلون عليهم أي يقولون صلوات الله عليهم .. فهنا يا سيدي كما قلت لك وصلت إلى أن الحق هو ما عليه الشيعة الإمامية ولكني مع ذلك بقيت أسير العادة والإلف وهوى النفس أول الأمر خاصة وإني قد وصلت لمرحلة علمية معينة وأصبحت مقبولا عند العلماء وأصبحت رئيسا لحزب الحق بمحافظة الجوف مما سبب نشوب الصراع مع النفس أولا.

    كما حدث للحر الرياحي مثلا وبدأت تخير نفسك بين الجنة والنار؟
    فعلا وأتذكر والله ذات مرة أني كنت أتحدث عن الإمام الصادق (عليه السلام) في محاضرة وبعدها صليت بالناس جماعة وخرجت.. في الطريق صرت أحدث نفسي وأناجي ربي يا الله أنا صليت بالناس الآن صلاة لا أعرف أنها عن رسول الله حقا أم لا؟!
    يا إلهي هذه ليست عقيدتي.. يعني واقعا لماذا أختار غير الذي يهديني إليه عقلي وبحثي؟! ثم قلت لنفسي هناك طريق أفضل لعل العقول أفضل من عقلي ولعل الحق عند غيري يعني لعلك يا فلان وصلت الآن إلى أوهام .. فاذهب إلى العلماء واسأل وناظر..

    في أي سنة أعلنت التجعفر مذهبا؟
    في سنة 1995م أعلنت التشيع على مذهب الإمامية الاثني عشرية أمام نفسي أولا وبذا خرجت من الصراع منتصرا عليها ولا أنسى تلك اللحظة عندما سالت الدموع من عيني وأنا أسأل الله أن يثبتني على الحق ما أحياني ويشد من عزيمتي لمواجهة ظروف المرحلة القادمة.
    فاعتزلت ثلاثة أيام عن الصلاة وجلست في غرفتي لا أجتمع بأحد من الناس ولا أعمل شيئا غير قراءة الأدعية والصلاة ومراجعة الكتب العديدة التي تتناول الأدلة العقلية والنقلية على صحة ما تذهب إليه شيعة آل البيت(عليهم السلام) الجعفرية, وكم كنت حينها أبكي وأتوسل إلى الله أن يدخلني مدخل صدق ويخرجني، ويهبني القوة والشجاعة على قول الحق وتبليغ الحقيقة إلى الناس واستمررت على هذا الحال أتعبد بمذهب الإمام الصادق(عليه السلام) وأمارس التقية إلى الشهر السادس من عام 1995 م إذ خرجت على الملأ وأعلنت عقيدتي بأهل البيت(عليهم السلام) ونشرت لواء الدفاع عن المذهب الحق, والتبليغ والدعوة إليه بكل أوتيت من قوة.

    هل خضت حلبة الحجاج والمناظرة مع علماء الزيدية بعد تشيعك للاثني عشر إماما؟
    نعم وقد دعاني أستاذي الأول علي حسن الداهوق الذي صدر كتابا ضد الإمام المهدي(عليه السلام).. دعاني لضيافته وبدأ يناقشني فقال سمعت عنك كلاما لا أدري أ صحيح هو أم لا؟ قلت: وما ذاك؟ قال: تشك في الأئمة الزيدية, قلت له: بالعكس أنا لا أشك بهم, ولكن اعتقادي بهم أنهم ليسوا بمعصومين, وإنما هم مجتهدون ولي الحق في أن أقلدهم وأتبعهم بالدليل ولي الحق ألا أتبعهم إذا خالفهم الدليل, قال: لا، هم أئمة أهل البيت.. كم الأئمة عندك؟ هكذا مباشرة.. قلت: الأئمة الذين حددهم الرسول(صلى الله عليه وآله) هم الأئمة عندي, إذا الرسول قال الأئمة ثلاثمائة شخص أتبعهم. إذا قال خمسة أشخاص أتبعهم، إذا قال اثنا عشر شخصا أتبعهم كذلك.. فالنصوص الصريحة عنه (صلى الله عليه وآله) تحدد الإمامة كيفا وكما. ثم أوردت له نصوصا تحتاج إلى مصاديق هم ليسوا أئمتنا ومن جملة ما أوردت ذكره حديث الأئمة الاثنا عشر وحديث الأسباط الاثناعشر, وهما واردان عند الزيدية، وسألته: من هم؟ فذهل وأحجم.. ثم قال لي وأين هو الإمام الثاني عشر المهدي؟ غاب في سرداب وأنتم تبكون وتلطمون من أجل أن يحضر دون جدوى.. قلت يا أستاذ هذا كلام لا يتفوه به رجل عالم يمتلك مباني فكرية وأسسا للنقاش والحوار فمن شأنك أن تقول لي ما هو الدليل على أن الإمام المهدي هو الآن حي وأنه غائب, قال: لا أنتم ناس عندكم فلسفة و..و.. جعل يقول أنتم ونحن قلت له يا شيخ أنت أستاذي من أنت ومن أنا؟! والزيدية من ومن أنا؟ قال: لا أنت الآن لم تعد من الزيدية وقد انحرفت. قلت: أخبرني متى التقيت بأحد من الإمامية وأنت تعلم جيدا بأني لم أخالط غير الزيدية يوما. والخلاصة أنه في آخر النقاش قال: أطلب منك شيئا وهو أن لا تتكلم ضدنا, ونحن كذلك لا نتكلم عنك. قلت وأنا كذلك أريد أن يكون هذا الكلام سرا بيننا. وتعاهدنا عهد الله على ذلك.
    لكن الذي حدث أنه خدعني وخان العهد فذهب إلى أحد طلابي وهو أمين بن حسن وقال له بالحرف الواحد يا أمين أستاذك كفر قال له : كيف؟ قال يصلي على حجر ويحل وطء المرأة من دبرها ويمسح على رجليه ويحل المتعة فيمكن له الآن أن يتمتع بابنتك إلى غير ذلك من التفاهات.. وأخذ يشيع عني الشنائع وفي ذات يوم رجعت إلى البيت فإذا بوالدتي تغلق الباب بوجهي وتقول: لقد كفرت, وإذا بي أجد زوجتي قد حرموها علي ولم أدر ما سبب كل ذلك حتى أخبرني الأخ الشيخ أمين بما جرى.
    فطلبت مناظرة الأستاذ ولكن شرط أن تكون علنية أمام الملأ وقلت أنا مستعد لإثبات المتعة والمسح على الرجلين وغيرها من المسائل من كتب الزيدية أنفسهم وأقول هذا هو مذهبنا وأني لم أنحرف ولا زلت تبعا للإمام فلان والإمام فلان من أئمة الزيدية, ولما سمع الأستاذ بذلك هرب ولم يستجب لدعوتي المناظرة وقال إن فلانا مراوغ وأخشى أن يسحر الناس بكلامه.

    ومع علماء أهل السنة هل فتحت باب الحوار؟
    كانت لي حوارات ساخنة مع أهل السنة أيام كنت زيديا وكانت لهجتي في الحوار إمامية فإنك تعرف بأن الزيدية ليس لهم ثقافة معاصرة وأسلوب حوار وبحوث بل هم أناس جامدون يتكلمون بمنطق القرن الثاني أو الثالث الهجري ومن هنا كان أهل السنة يشيعون عني بأني إمامي المذهب ولم أكن أتصور نفسي هكذا بالعكس كنت أدين الله بكفر هذه الطائفة.. ويبدو أن السبب في إشاعتهم عني ذلك هو أني كنت أنطلق في مناقشاتهم من نصوص العصمة والوصية والإمامة وهذه- سبحان الله هي التي أوصلتني لما أنا فيه اليوم. وأتذكر في هذا الصدد طريفة, ذات مرة كنت أناقش أحد السلفيين واسمه عبد الله قبل(12) سنة تقريبا من الآن, ومن الحجج التي ألقيتها عليه يومها أنني قلت له: لا يمكن أن يتركنا الله سبحانه وتعالى دون راع يرعانا ووصي يكون علينا حجة بعد النبي(صلى الله عليه وآله) ثم سألته: لما قاتل علي معاوية من كان على الحق؟ قال: كلهم على الحق قلت: فالدماء في ذمة من؟ قال هم شهداء كلهم, ورد علي بالنقد فقال: أئمتك الزيدية تقاتلوا ومنهم الإمام الهادي قتل الإمام المهدي فالدماء في ذمة من؟ هنا أخذت يمينا وشمالا في الإجابة وأخذت أذم في الهادي وأبرر للمهدي ثم وقفت محرجا فألزمني هو بالقول: ما تقوله في أئمتك قله في صحابة نبيك..
    هذه من مناظراتي مع أهل السنة ولي مناظرات أخرى مع الشيخ علي صواب خريج جامعة محمد بن سعود وهو صاحب الفتوى المعروفة ضد الاشتراكيين. ومناظرة مع أساتذة الجامعة عندما أصبحت بحمد الله إماميا ولقد دعونا للمناظرة كثيرين لكنهم امتنعوا والسبب أنهم يقولون كما قال الشيخ المفيد[IMG]images/smilies/05055.gif[/IMG]الإمامي لو ناقشك بأن هذا الخشب ذهب لأقنعك) ويقولون الإمامية يقلبون الباطل حقا لذلك فالسنة يهربون من مناقشاتنا.

    هل أوجد انتقالكم إلى مذهب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أي تأثير في المحيط الاجتماعي؟!
    يعني عندما يصير الإنسان له وزنه الاجتماعي وامتداده ثم في لحظات يصبح الناس يبصقون بوجهه إذا ما رأوه ماشيا في الطريق. فما رأيك؟!
    عندما يكون الإنسان إمام جماعة وخطيبا معروفا على مستوى ومقدرا من قبل جميع علماء اليمن وحتى الأمور المالية كانت تجري بين يدي بيسر ثم في لحظة من اللحظات أصبح دجالا كذابا كافرا لا يجوز الصلاة خلفي يفتون بحرمة زوجتي علي ويفصلونها عني قهرا, هم لم يفتوا بذلك على الوهابية ولا تكلموا عنهم بهذا الشكل رغم أني لم أكن أدعو إلى المذهب الإمامي وكنت أقول لهم بصراحة يا جماعة سوف أدرس المذهب الزيدي ولا أصرح بعقيدتي الإمامية ولا أدعو لها ولكن ارفعوا عني الحصار قالوا: لا أنت غير مقبول وأخذوا يراودونني على ترك المذهب الحق. ولما رأوني مصرا ثابتا على عقيدتي أرسلوا علي السيد عبد الله والسيد حسين من قبل السيد مجد الدين بثلاثة آلاف ريال سعودي يقررونها شهريا ثم جعلوا راتبي راتب المشائخ القبليين ثمانية عشر ألف ريال سعودي, محاولين إغرائي بالمال مقابل رجوعي إلى المذهب الزيدي, لكنني رفضت فعمدوا إلى تسقيطي اجتماعيا وشوهوا سمعتي قذفا وتشهيرا ولكن رغم ذلك كله كانت الأمور تجري لصالح مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ولعل وراءها مددا غيبيا.. لا أعرف.

    فتوى تحريم زوجتك عليك من أين انطلقت وعلى أي استناد؟!
    انطلقت من أن الإمامية دائما محكوم عليهم بالكفر في المذهب الزيدي ويروون حديثا عن زيد بن علي أنه قال للرافضة: اذهبوا فأنتم مشركون. وان الرافضة الذين رفضوا زيد بن علي هم الإمامية ويقولون: من لا يعتقد بإمامة آل البيت كافر مشرك ويعتبرون الإمامية لم يؤمنوا بإمامة أئمتهم فهم مشركون وبالتالي تحرم عليهم المسلمات.

    هل وفقت لمشاهدة كرامة ما لأهل البيت المعصومين (عليهم السلام) لدى انتقالك إلى مذهبهم الحق؟!
    ذات مرة, وكان في يدي جرح عميق وصل إلى حد العظم تقريبا ولازال طريا أقسمت على الإمام الحسين(عليه السلام) أن يريني رؤية تريحني فرأيت الإمام الصادق(عليه السلام) يأتيني فيأخذ بيدي إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) ومن ثم يأخذاني جميعا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولما حضرت بين يدي الرسول الكريم وانهاليت عليه بالتقبيل والسلام أخذت أسأله فقلت, يا رسول الله: من هم أهل البيت؟ قال: ألم تعرف بعد؟! ألم أقل لك هم اثنا عشر إماما؟! ألم تعرفهم؟! وهل بعد الحق إلا الضلال؟! وكان الرسول(صلى الله عليه وآله) يتكلم معي بانزعاج ويشد على يدي المجروحة.. استيقظت فإذا بالجرح ملتئم بل لا أثر له لحد هذا اليوم وقد حدثت بها الناس القريبين مني وعلم الكثير بهذه الكرامة.

    وهل من موقف طريف وقع لك عند انتهاجك سبيل الرشاد؟!
    من أطرف المواقف التي واجهتني كان عندما طلب أحدهم مناظرتي واسمه عبد الله الديلمي فقبلت ذلك واجتمعت به فقال لي: لماذا الانحراف؟ قلت: وأي انحراف؛ قال: لماذا انحرفت عن مذهبنا؟ قلت: وأي مذهب لكم؟ قال: الزيدي. قلت: بلا مقدمات قل لي ما هو انتقادك لنا؟ قال: أنتم تمسحون على القدمين قلت: هل يصح المسح على الخفين؟ قال: نعم. قلت ما الدليل؟ أجاب: قوله تعالى: وأرجلكم بالجر على بعض القراءات. قلت: إذا كان هذا هو دليل المسح على الخفين أ فليس من باب الأولوية أن يكون دليلنا في المسح على الرجلين؟ فلما سمع الحاضرون هذه المقالة أيدوا ما ذهبت إليه ووجهوا إليه نفس السؤال فأفحم ولم يجد جوابا غير أن قال: كلكم أعداء الله وخرج مغضبا. وكان من نتيجة هذه المناظرة أن تشيع عدد كبير من الحاضرين بحمد الله على أثرها.

    كيف واجهت اتهامات الناس وانتقاداتهم لك؟
    المواجهة كانت على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى: مواجهة الصمت. يسبون ونسكت لا نتكلم. وهذه إنما جاءت لأن الساب أو المتعرض لنا لا يعرف ماذا عندنا ولا يعرف ما سوف نجيبه به يعني ليس بمستوى من الوعي، فهي من باب وإذا خاطبهم الجاهلون..
    المرحلة الثانية: التشكيك وذلك بمحاولة إثارة الشك في نفسه فالمتعرض لنا يقول: أنتم تقولون بأن الأئمة الاثناعشر يعلمون الغيب مثلا.. نجيبه: من قال لك هذا الكلام ومن أين أخذته؟! فلا يدري بماذا يجيب ويثار في نفسه الشك هل إن ما سمعه عني صحيح أم لا!؟ ومن هنا أذهب معه إلى فوق إلى أصل الإمامة وإلى مفهوم الإمامة الكامل وإنها ليست بأمر هين يمكننا أن نهمله فهي مفهوم كبير جدا وهكذا نتدرج معه من المفهوم العام للإمامة حتى نصل إلى التفاصيل الجزئية ونقنعه في كل ذلك.
    والمرحلة الثالثة: المناظرة وهي إنما تتم مع العلماء وذلك بمناقشة الأدلة العلمية.

    هل قمت بأي نشاط تبليغي في بلدتكم على الأقل, انطلاقا من قوله تعالى(قو أنفسكم وأهليكم نارا)؟
    الحمد لله منذ عام 1998م والنشاط التبليغي آخذ بالتوسع نتيجة الاحتكاك مع الشباب الذين استبسلوا حقيقة في نشر مفاهيم وأخلاق وعلوم أهل البيت(عليهم السلام) بعد أن تعرفوا عليها وآمنوا بها. وكل هؤلاء الشباب من الأسر النجيبة العريقة فشكلوا أرضية كبيرة للانطلاق والنشاط التوعوي والتبليغي بشكل يبعث على السرور. ومن برامجنا إقامة مجالس العزاء الحسيني وطبع النشرات الثقافية والمجلات المهتمة بفكر وعقيدة الإمامية وافتتحنا مكتبة اسمها المكتبة المحمدية وجعلنا مركزها في مديرية المطمة وتفرعت على ثلاث مديريات. وفي عام 2000م أسسنا مكتبة أخرى في سوق عام بالمحافظة واليوم توجد لدينا مكتبة تضم حوالي أربعة آلاف كتابا، ومسجدان كبيران ومدرستان نقيم فيهما مناسباتنا بكل حرية، وأصدرنا جريدة راية الهدى لنا فيها مقالات عقائدية وبحوث فقهية وأخلاقية كثيرة وفتحنا من خلالها بابا حواريا ندعو من خلاله إلى الحوار مع من أحب. وطورنا مكتبة في سوق (الاثنين) الجامع بالمحافظة باسم أمير المؤمنين(عليه السلام) وجعلنا فيها مكانا للاستفتاء ولم نقتصر في ذلك على مذهب الإمامية، بل نجيب كل واحد بحسب مذهبه فنقول له في هذه المسألة مذهبك يحكم بكذا وكذا.
    ولقد لاقت هذه العملية رواجا كبيرا في صفوف الناس, فقد عرف المجتمع بأن المذهب الإمامي مذهب اجتماعي غير متعصب غير منغلق على نفسه.

    كم تبلغ نسبة الشيعة الإمامية في اليمن؟
    أعتقد أن ظهور الإمامية في اليمن كان سنة 1997 فهو ظهور حديث والنسبة تقريبا 20% من سكان اليمن والله العالم.

    ما الذي يوحيه توجه كبار الشخصيات الإسلامية إلى مدرسة الآل الكرام؟
    من خلال الاستقراء والتتبع لمقالات المفكرين والعلماء والسياسيين نرى أن المذهب الإمامي هو المقبول لدى العقول اليمنية الأكاديمية العليا فهذه العقول تمتلك التحرر الفكري ولها إطلالة على قدسية الفكر بمعنى أنهم يقدسون الحقيقة فتراهم لا يتعصبون لأي جانب. وكثيرا ما نقرأ منهم عن الفكر الإمامي وهم يحترمونه وأحيانا يتباهون بالولاء لهذا المذهب، وسمعت منهم من قال: أنا أرتاح للمذهب الإمامي لأنه ينبع من أسس متينة ويحترم حقوق الآخرين.

    كيف يمكن نشر المذهب الحق في أرجاء العالم وفي اليمن خاصة؟
    كل بلد وله خصوصيته مما يعني أنه يستلزم علينا أن نغير الوسيلة وفقا لتلك الخصوصية. بالنسبة لليمن والذي هو يعتبر بلد أمير المؤمنين(عليه السلام) هذا البلد كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أهله: أرق قلوبا وألين أفئدة. ومن أهم الأسس التي يجب التركيز عليها باعتقادي النشر الصوتي عبر توفير الكاسيت والوسيلة الأخرى والأهم الشعائر الحسينية أن نركز على مؤسسات الشعائر الحسينية التي تستقطب الناس من مختلف المستويات والشرائح إذ رأينا حتى حملة الشهادات العليا وكبار المثقفين يخضعون عاطفيا أكثر منه عقليا فالأمور العاطفية مهمة وتلعب دورا في تغيير الكثير من تصورات الإنسان. وأن نركز على إنشاء مؤسسات تقيم الحوار المباشر مع أكثر من جهة.. ولا تنسى دور الكتاب في التبليغ أيضا ووسائل الإعلام الحديثة كالانترنيت وغيره.

    جناب القاضي.. كيف تقرأ مستقبل التشيع؟
    عندما تنظر إلى محركات التشيع ترى أنها تعمل تلقائيا ودون تدخل الإنسان وترى التشيع ينتشر بقوته الذاتية. فالبعض تشيع بسبب دعاء كميل والبعض بمجرد سماعه محاضرة للشيخ المالكي أو الوائلي أو المهاجر عبر شريط مسجل والبعض بقراءة كتاب من الكتب الشيعية وهكذا تجد الناس يجنحون نحو التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) تلقائيا وليس بدعوة من أحد. إذن فالمستقبل زاهر وفي اليمن خاصة ستفاجئكم الأيام القادمة إن شاء الله بمفاجئات طيبة خصوصا وأننا- معاشر الشيعة- لا نسعى لنيل مناصب سياسية ولا لأهداف سلطوية دنيوية وإنما نحن أبناء حقيقة وأصحاب قضية تاريخية مفادها: السلام على الوتر الموتور وقضية مستقبلية مغزاها: أين الطالب بدم المقتول بكربلاء.
    نحن ننطلق لتحقيق العدل لا لأنفسنا فقط بل لكل البشرية وذلك بالتمهيد لظهور إمام العصر المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) لذا فالمستقبل لنا كما قد وعد الله سبحانه.

    شيخنا أنت اليوم تتحدث عبر موقع المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام)..هل تجد لهذا الموقع أي صدى يذكر في بلادكم؟
    رغم عدم تتبعي الواسع شخصيا لمواقع الانترنيت لكنني أسمع كثيرا عن موقعكم وكله مما يسر ويفرح وأعرف الكثير من أبناء اليمن قد أدمنوا زيارة هذا الموقع ولا أغالي إن قلت لكم زوار حتى من غير الشيعة وأعتقد أن الشارع اليمني متدين بالطبع ولا تغذيه إلا هذه المواقع فلتجدوا وتجتهدوا لأنكم مؤثرون في الساحة حقيقة.

    ● في الختام نشكركم فضيلة الشيخ وندعو الله لكم بدوام العافية.
    وأنا كذلك أشكركم وأدعو لكم بالتوفيق والنجاح وقبول الأعمال.

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد والِ محمد

      الحمد لله ربِ العالمين

      وفقك الله اخي شيخنا الفاضل

      واسئل الله ان يهدي بنور أهل البيت جميع المسلمين

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X