هذا البحث منقول من كتاب (( رجال الشيعة في اسانيد السنة)) تأليف: محمد جعفر الطبسي .
قالوا فيه: الجوزجاني، سكن دمشق، وحدث عن جماعة، وروى عنه جماعة.
قال ابن منظور: إن الجوزجاني سكن دمشق، يحدث على المنبر، ويكاتبه أحمد بن حنبل، فيتقوى بكتابه، ويقرؤه على المنبر، وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي (1).
أما الدار قطني، فقد قال عنه: إنه من المخرجين الثقات، أقام بمكة مدة، وبالرملة مدة، وبالبصرة مدة.
وكان من الحفاظ المصنفين، والمخرجين الثقات، لكن كان فيه انحراف عن علي بن أبي طالب (2).
كما قال عنه ابن حجر: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني رمي بالنصب (3).
أما الذهبي فهو الآخر يقول عنه: وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي (4).
مبناه في الجرح والتعديل: جعل الجوزجاني حب علي (عليه السلام) أو بغضه مقياسا لرد الرواية أو قبولها، وكأنه بهذا وضع شرطا إضافيا للرد والقبول، فبقدر ما يكون الراوي مبغضا لعلي، أو لا يذكره بخير، تقبل روايته عنده، وهو ثقة، ثبت، عدل، صدوق، وبقدر ما يكون الراوي ذاكرا لفضائل علي، أو محبا له، أو مواليا، تكون روايته مردودة، وهو مجروح ومطعون فيه.
ولسخف مبناه هذا فقد حمل المحدثين على إسقاط اعتبار كلامه في أهل الكوفة، فهذا عبد الفتاح أبو غدة يقول: وقد استقر قول أهل النقد فيه على أنه لا يقبل له قول في أهل الكوفة، كما قاله شيخنا الكوثري في تأنيب الخطيب (5).
أما ابن حجر فقد قال ما نصه: أما الجوزجاني فقد قلنا غير مرة: إن جرحه لا يقبل في أهل الكوفة لشدة انحرافه ونصبه (6).
وقال أيضا: وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدة انحرافه في النصب، ولشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة، حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثق رجلا ضعفه قبل التوثيق (7).
والعجب كل العجب ممن يعد الجوزجاني ثبتا ومن الثقات مع تصريحه بأنه مبغض لعلي الذي - إضافة إلى ما ورد فيه من مناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - لا يضارعه أحد من الصحابة على الاطلاق إيمانا وعلما وجهاد . . . .
وكما يقول عنه محمود أبو رية: " . . . وذلك مما أتيح له من صفات ومزايا لم تتهيأ لغيره من بين الصحابة جميعا، فقد رباه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عينه، وعاش زمنا طويلا تحت كنفه، وشهد الوحي من أول نزوله إلى يوم انقطاعه، بحيث لم تند عنه آية من آياته . . . " ثم يختم قوله بأعظم وأدق وأقصر عبارة قرأتها في تصوير ظلامة علي (عليه السلام): " لك الله يا علي، ما أنصفوك في شئ ! " (8).
إن ممن وصف الجوزجاني بأنه (ثقة) النسائي (9) - كما قال عنه أبو بكر الخلال -: إبراهيم بن يعقوب جليل جدا، وكان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكراما شديدا (10).
وكم هو دقيق ما قاله بشار عواد محقق كتاب " تهذيب الكمال ": والله لا أدري كيف يكون ثبتا من كان شديد التحامل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، نعوذ بك اللهم من المجازفة (11).
هذا وإن الجوزجاني كان حريزي المذهب - نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف بالنصب - (12).
وكما يقول عنه عمرو بن علي: كان ينتقص عليا وينال منه، لكنه قال في موضع آخر: ثبت شديد التحامل على علي، هذا غريب، ويقول عواد: ولكن الغريب حقا قول الذهبي عنه في الميزان: كان - أي حريز - متقنا ثبتا، لكنه مبتدع.
وقال في الكاشف: ثقة . . . .
وهو ناصبي.
وقال في المغني: ثبت لكنه ناصبي.
وقال في الديوان: ثقة لكنه ناصبي مبغض (13).
وهنا يواصل عواد قوله حول كلام الذهبي هذا، فيقول: لا نقبل هذا الكلام من شيخ النقاد أبي عبد الله الذهبي، إذ كيف يكون الناصبي ثقة، وكيف يكون المبغض ثقة ؟ فهل النصب وبغض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بدعة صغرى أم كبرى ؟ والذهبي نفسه يقول في الميزان: 1 / 226 في وصف البدعة الكبرى: " الرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة " أو ليس الحط على علي والنصب من هذا القبيل ؟ وقد ثبت من نقل الثقات أن هذا الرجل كان يبغض عليا، وقد قيل: إنه رجع عن ذلك فإن صح رجوعه فما الذي يدرينا إنه ما حدث في حال بغضه وقبل توبته ؟
وعندي أن حريز بن عثمان (14) لا يحتج به، ومثله مثل الذي يحط على الشيخين، والله أعلم (15).
الهوامش
(1 و 2) مختصر تاريخ دمشق: 4 / 182، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 7 / 281، تهذيب التهذيب: 1 / 198 الرقم 300.
(3) تقريب التهذيب: 1 / 46 الرقم 304.
وقال أيضا في مقدمة فتح الباري: 388: الجوزجاني كان ناصبيا منحرفا عن علي.
(4) ميزان الاعتدال: 1 / 76 الرقم 257.
(5) انظر هامش الرفع والتكميل: 308، (نقلا عن تأنيب الخطيب: 116).
(6) تهذيب التهذيب: 5 / 41.
(7) لسان الميزان: 1 / 27.
(8) أضواء على السنة المحمدية: 249.
(9 و 10) تهذيب الكمال: 2 / 248.
(11) هامش تهذيب الكمال: 5 / 574.
وفي هامش تهذيب الكمال أيضا: 2 / 250: وقد قال الامام الذهبي في أبي إسحاق الجوزجاني: (الثقة الحافظ أحد أئمة الجرح والتعديل) الميزان: 1 / 75، ولكن المطالع لكتابه يجد أنه جرح خلقا كثيرا بسبب العقائد ولا سيما من العراقيين، ولا يصح ذلك إذ به تسقط كثير من السنن والآثار، وهو بلا شك كان عنده انحراف عن سيدنا علي بن أبي طالب.
(12) تهذيب الكمال: 2 / 248 - 249، راجع كتاب الثقات لابن حبان: 8 / 81.
وفي تهذيب التهذيب: 1 / 159 ان حريز حروري المذهب.
وفي كتاب المجروحين: 1 / 268 انه كان داعية إلى مذهبه.
(13) راجع الكاشف: 1 / 169 الرقم 994، ميزان الاعتدال: 1 / 475 الرقم 1792، المغني: 1 / 154 الرقم 1358.
(14) قال أحمد بن سعيد الدارمي، عن أحمد بن سليمان المروزي: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه، راجع تهذيب الكمال: 5 / 576، وفي هامش الكتاب: إسنادها جيد، الدارمي ثقة اتفق عليه البخاري ومسلم، وأحمد بن سليمان صدوق أخرج له البخاري في الصحيح، وإسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهو حمصي.
(15) هامش تهذيب الكمال: 5 / 579.
قالوا فيه: الجوزجاني، سكن دمشق، وحدث عن جماعة، وروى عنه جماعة.
قال ابن منظور: إن الجوزجاني سكن دمشق، يحدث على المنبر، ويكاتبه أحمد بن حنبل، فيتقوى بكتابه، ويقرؤه على المنبر، وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي (1).
أما الدار قطني، فقد قال عنه: إنه من المخرجين الثقات، أقام بمكة مدة، وبالرملة مدة، وبالبصرة مدة.
وكان من الحفاظ المصنفين، والمخرجين الثقات، لكن كان فيه انحراف عن علي بن أبي طالب (2).
كما قال عنه ابن حجر: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني رمي بالنصب (3).
أما الذهبي فهو الآخر يقول عنه: وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي (4).
مبناه في الجرح والتعديل: جعل الجوزجاني حب علي (عليه السلام) أو بغضه مقياسا لرد الرواية أو قبولها، وكأنه بهذا وضع شرطا إضافيا للرد والقبول، فبقدر ما يكون الراوي مبغضا لعلي، أو لا يذكره بخير، تقبل روايته عنده، وهو ثقة، ثبت، عدل، صدوق، وبقدر ما يكون الراوي ذاكرا لفضائل علي، أو محبا له، أو مواليا، تكون روايته مردودة، وهو مجروح ومطعون فيه.
ولسخف مبناه هذا فقد حمل المحدثين على إسقاط اعتبار كلامه في أهل الكوفة، فهذا عبد الفتاح أبو غدة يقول: وقد استقر قول أهل النقد فيه على أنه لا يقبل له قول في أهل الكوفة، كما قاله شيخنا الكوثري في تأنيب الخطيب (5).
أما ابن حجر فقد قال ما نصه: أما الجوزجاني فقد قلنا غير مرة: إن جرحه لا يقبل في أهل الكوفة لشدة انحرافه ونصبه (6).
وقال أيضا: وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدة انحرافه في النصب، ولشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة، حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثق رجلا ضعفه قبل التوثيق (7).
والعجب كل العجب ممن يعد الجوزجاني ثبتا ومن الثقات مع تصريحه بأنه مبغض لعلي الذي - إضافة إلى ما ورد فيه من مناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - لا يضارعه أحد من الصحابة على الاطلاق إيمانا وعلما وجهاد . . . .
وكما يقول عنه محمود أبو رية: " . . . وذلك مما أتيح له من صفات ومزايا لم تتهيأ لغيره من بين الصحابة جميعا، فقد رباه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عينه، وعاش زمنا طويلا تحت كنفه، وشهد الوحي من أول نزوله إلى يوم انقطاعه، بحيث لم تند عنه آية من آياته . . . " ثم يختم قوله بأعظم وأدق وأقصر عبارة قرأتها في تصوير ظلامة علي (عليه السلام): " لك الله يا علي، ما أنصفوك في شئ ! " (8).
إن ممن وصف الجوزجاني بأنه (ثقة) النسائي (9) - كما قال عنه أبو بكر الخلال -: إبراهيم بن يعقوب جليل جدا، وكان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكراما شديدا (10).
وكم هو دقيق ما قاله بشار عواد محقق كتاب " تهذيب الكمال ": والله لا أدري كيف يكون ثبتا من كان شديد التحامل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، نعوذ بك اللهم من المجازفة (11).
هذا وإن الجوزجاني كان حريزي المذهب - نسبة إلى حريز بن عثمان المعروف بالنصب - (12).
وكما يقول عنه عمرو بن علي: كان ينتقص عليا وينال منه، لكنه قال في موضع آخر: ثبت شديد التحامل على علي، هذا غريب، ويقول عواد: ولكن الغريب حقا قول الذهبي عنه في الميزان: كان - أي حريز - متقنا ثبتا، لكنه مبتدع.
وقال في الكاشف: ثقة . . . .
وهو ناصبي.
وقال في المغني: ثبت لكنه ناصبي.
وقال في الديوان: ثقة لكنه ناصبي مبغض (13).
وهنا يواصل عواد قوله حول كلام الذهبي هذا، فيقول: لا نقبل هذا الكلام من شيخ النقاد أبي عبد الله الذهبي، إذ كيف يكون الناصبي ثقة، وكيف يكون المبغض ثقة ؟ فهل النصب وبغض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بدعة صغرى أم كبرى ؟ والذهبي نفسه يقول في الميزان: 1 / 226 في وصف البدعة الكبرى: " الرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة " أو ليس الحط على علي والنصب من هذا القبيل ؟ وقد ثبت من نقل الثقات أن هذا الرجل كان يبغض عليا، وقد قيل: إنه رجع عن ذلك فإن صح رجوعه فما الذي يدرينا إنه ما حدث في حال بغضه وقبل توبته ؟
وعندي أن حريز بن عثمان (14) لا يحتج به، ومثله مثل الذي يحط على الشيخين، والله أعلم (15).
الهوامش
(1 و 2) مختصر تاريخ دمشق: 4 / 182، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 7 / 281، تهذيب التهذيب: 1 / 198 الرقم 300.
(3) تقريب التهذيب: 1 / 46 الرقم 304.
وقال أيضا في مقدمة فتح الباري: 388: الجوزجاني كان ناصبيا منحرفا عن علي.
(4) ميزان الاعتدال: 1 / 76 الرقم 257.
(5) انظر هامش الرفع والتكميل: 308، (نقلا عن تأنيب الخطيب: 116).
(6) تهذيب التهذيب: 5 / 41.
(7) لسان الميزان: 1 / 27.
(8) أضواء على السنة المحمدية: 249.
(9 و 10) تهذيب الكمال: 2 / 248.
(11) هامش تهذيب الكمال: 5 / 574.
وفي هامش تهذيب الكمال أيضا: 2 / 250: وقد قال الامام الذهبي في أبي إسحاق الجوزجاني: (الثقة الحافظ أحد أئمة الجرح والتعديل) الميزان: 1 / 75، ولكن المطالع لكتابه يجد أنه جرح خلقا كثيرا بسبب العقائد ولا سيما من العراقيين، ولا يصح ذلك إذ به تسقط كثير من السنن والآثار، وهو بلا شك كان عنده انحراف عن سيدنا علي بن أبي طالب.
(12) تهذيب الكمال: 2 / 248 - 249، راجع كتاب الثقات لابن حبان: 8 / 81.
وفي تهذيب التهذيب: 1 / 159 ان حريز حروري المذهب.
وفي كتاب المجروحين: 1 / 268 انه كان داعية إلى مذهبه.
(13) راجع الكاشف: 1 / 169 الرقم 994، ميزان الاعتدال: 1 / 475 الرقم 1792، المغني: 1 / 154 الرقم 1358.
(14) قال أحمد بن سعيد الدارمي، عن أحمد بن سليمان المروزي: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه، راجع تهذيب الكمال: 5 / 576، وفي هامش الكتاب: إسنادها جيد، الدارمي ثقة اتفق عليه البخاري ومسلم، وأحمد بن سليمان صدوق أخرج له البخاري في الصحيح، وإسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهو حمصي.
(15) هامش تهذيب الكمال: 5 / 579.
تعليق