الآن وقد رحل
عبد الهادي الرويحي
أكثر من عقد من الزمن مر على الوسط الشيعي تناول فيه المهتمون آراء الراحل محمد حسين فضل الله بالرفض أو القبول بسبب اختلاف البنى الثقافية الدينية، فكانت أربع فئات:
الأولى: تتبنى فكره بقناعة وتدافع عنه، وفيهم من يرجع إليه تقليدًا.
الثانية: تخالفه مع اتخاذ طريق الوسطية –حسب تعبيرهم- وتحفظ له المكانة القيادية التي يتمتع بها.
الثالثة: ترفضه رفضًا مطلقًا لا مداهنة فيه وتصرح بهذا المنهج إلى البراءة المعلنة.
الرابعة: ترفضه فكرًا ومنهجًا وتتبنى أسلوب الرد الموضوعي، (لا لرفضها المطلق لمنهج الفئة الثالثة) إنما لعدم جدوائية الفكر الهجومي الحاد.
وفي نظرنا أن الفئة الرابعة هي الأقرب للصواب.
والآن وقد رحل، وجدنا قسمًا من الفئتين الثالثة والرابعة قد غير فكرته وصار إلى الفئة الثانية، وهي فئة الوسطية.
ومع احترامنا للآراء وبعدنا عن التصنيف المجحف فإن إبداء الرأي ليس جريمة ولا كفرًا، وليس حقًا حكرًا، ولكن بشرط أن ينفتح الطرف الآخر على هذا الرأي، وأعني به أن يكون تلميذًا للحق لا متعاليًا عليه.
إن من آفات الحوار عندنا أن لا نكرس في أنفسنا هذه الحقيقة قبل بدأ الحوار: إن كان ما عندك حقًا فإني أتبعه، حتى وإن كانت قناعتي بحقانية ما عندي، والله تعالى وهو الحق المطلق فإنه من باب الإنصاف للخصم يقول: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين".
عودًا حميدًا..
إلى الذين لم يتلبسوا بفكر السيد فضل الله ومازالوا يفتحون قلوبهم على الحقائق:
ترى هل قرأتم آراءه بتمعن وتدقيق قبل أن (تتفاعلوا وتنفعلوا) معه – حسب تعبيره؟
لماذا تصمون آذانكم وأعينكم وعقولكم وقلوبكم عن هتاف الدليل وهو يصدع بكم ليل نهار؟
لماذا يأخذكم بهرج السياسة وأضواء الشهرة والأسماء والألقاب والتوصيفات والكلام المنمق عن حديث الروح والوحي وحريم الولاية الذي يفيض خشوعًا وجلالاً؟
لماذا كان التفاعل مع قضايا فلسطين والتعصب لها (مع اعترافنا بكونها إسلامية ومهمة) مقبولاً ومساغًا.. والتعصب لأهل بيت العصمة سلام الله عليهم مذمومًا؟
إنكم تطالبون بالوسطية "دائمًا" لكن في ما يتعلق بالدين! هلا كنتم وسطيين سياسيًا ومددتم أكفكم إلى جنبلاط وجعجع أو إلى كل منتمٍ إلى حضيرة الإسلام والعروبة بعنوان (اختلاف الرأي لا يفسد (للود) قضية) كما يقول الشاعر العربي القديم؟ أم أنكم ترون كما يرى البعض أنه لا توجد عندنا أولويات مقدمة على الوطن بما في ذلك المذهب؟!
وهلا كنتم وكانت قراءتكم وثقافتكم الاعتقادية بكمِّ وكيف قراءتكم الفكرية والسياسية؟
وبالجملة:
لماذا كان شعاركم: (نعم للتسامح الديني، لا للتسامح السياسي)؟ من حيث تدرون أو لا تدرون؟
وليتكم أيها الأحباء تفرقون بين موقفنا من الإختلاف المرجعي والإختلاف المذهب؟
وخلاصة القول ولب اللباب:
إن اختلافنا مع السيد فضل الله ليس خلافًا مرجعيًا حتى ينادى برأب الصدع فيه، إنما هو خلاف عقدي مذهبي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وأعيدها قولاً وكتابةً: (إنما هو خلاف عقدي مذهبي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى)!!
لو أنكم تقرؤون وتنصتون لرأيتم أنه قد ضرب الثوابت العقدية لبنية مذهب أهل البيت عليهم السلام – والشواهد كثيرة واضحة – وضرب العصمة بما هي هي، والولاية التكوينية الثابتة عقلاً ونصًا، وعلى مختلف الأصعدة.
وختامًا
والآن وقد رحل..
فإن الموت لا يغير من الأمر شيئًا، لأن الله حسيبه لو كان ذنبًا متعلقًا به لا يمس أحدًا، فهلا كان الله حسيب (صدام حسين)؟!
بل إن صدام قد يتعلق في ذمته دماء الأبرياء أليس كذلك؟ مما لا حيلة لأحد في فكه من هذا المأزق الحرج..
ومن هنا أوتيتم:
لأن صاحبكم قد تعلق في ذمته حق لله.. ولرسوله.. ولأمير المؤمنين.. ولفاطمة.. والأئمة الإثني عشر.. وللإمام المهدي المنتظر صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين..
وأسس على ذلك ثقافة مغايرة لنهج الحق في عقول عدة أجيال..
منقول عن مجموعة بن مهدي البريدية
http://groups.yahoo.com/group/oh-ahmad/message/3323
منقول عن مجموعة بن مهدي البريدية
http://groups.yahoo.com/group/oh-ahmad/message/3323
تعليق