السلام عليكم ورحمة الله
نصيحة إلى كل اخ شيعي فانا احبك وانت تحبني"
يتبع
نصيحة إلى كل اخ شيعي فانا احبك وانت تحبني"
أمَّا بعدُ:
فهذه مقالة بعنوان (نصيحة إلى اخي الشيعي لانك تحبني وانا احبك)، أحاول فيها تنبيهَ عقولهم، وإعمال فكرهم لبيان موقف أئمَّة أهل البيت من كِبار الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان، الذين تولَّوا الخلافة قبلَ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وذلك لِما اشتهر عند الشِّيعة الإماميَّة من سَبِّ هؤلاء الأصحاب؛ سائلاً الله - تعالى - أن تجد هذه المقالةَ قلوبًا نقيَّة، وعقولاً ذكية تقبل الحق من قائله، وإن لم يكن شيعيًّا إماميًّا، ونسأل الله - تعالى - أن يُرينا الحق حقًّا، ويرزقنا اتِّباعه، وأن يُرينا الباطل باطلاً، ويرزقنا اجتنابه، آمين.
نصيحة إلى كل اخ شيعي لاني احبك وتحبنياعلم - هداني الله وإيَّاك - أنَّ قضية التبرؤِّ من أكثر الصحابة وسبّهم من القضايا التي انفرد بها الشِّيعة الإماميَّة، وتوارثها أبناء هذه الطائفة، فهل لهم في ذلك مستند صحيح؟ وقبل أن تجيب: أرجو منك الإنصافَ، وإعمال الفِكر لاستبيان الحقِّ بالنسبة لموقف الإمام جعفر الصادق[1] وآبائه - رضي الله عنهم - من الخُلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان الذين تقدَّموا عليًّا في الخلافة؛ لنرى هل كانوا يتولَّونهم، ويترضَّون عنهم، ويترحَّمون عليهم، أم كانوا يسبُّونهم ويلعنونهم - كما يفعل الشيعة الإماميَّة الآن؟ وحتى يستبينَ الحق، هيا بنا نبحث في كتب أهل السُّنة وكتب الشيعة الزيدية، وكتب الشيعة الإماميَّة بإنصاف؛ لنرى كلام أئمَّة أهل البيت في هؤلاء الخلفاء، ولنفسح لعقولنا المجال كي تصلَ إلى الحق.
أولاً: من كتب أهل السنة:
الثابت من الرِّوايات عند أهل السُّنة عن أئمَّة أهل البيت أنَّهم كانوا يعرفون حقَّ الصحابة، ويتولَّون أبا بكر وعمر، ويترضَّون عنهما، ويترحَّمون عليهما، ويلعنون مَن يلعنهما، ويتبرَّؤون منه؛ كما ثبت ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأولاده من بعده، وإليك بعضَ أقوالهم:
1 - بعدما طُعن عمر - رضي الله عنه - دخل عليٌّ - رضي الله عنه - ليراه، فترحَّم عليه وأثنى عليه؛ فقد روى البخاري (3482)، ومسلم (2389) عن ابن أبي مُليكة، قال: سمعت ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - يقول: وُضع عمرُ بن الخطَّاب على سَريره، فتكنفه الناس يدعون، ويُثنون ويُصلُّون عليه، قبل أن يرفع وأنا فيهم، قال: فلم يَرعْني إلاَّ برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفتُّ إليه، فإذا هو عليٌّ، فترحَّم على عمر، وقال: "ما خلَّفتُ أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايمُ الله، إن كنتُ لأظنُّ أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أنِّي كنتُ كثيرًا أسمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: جئتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنتُ لأرجو أو لأظنُّ أن يجعلك الله معهما".
2 - وروى أحمد (835) - بسند صحيح - عن أبي جحيفة - الذي كان عليٌّ يسمِّيه وهب الخير - قال: قال علي - رضي الله عنه -: يا أبا جحيفة، ألاَ أُخبرك بأفضلِ هذه الأمَّة بعد نبيِّها؟ قال: قلت: بلى، قال: ولم أكن أرى أنَّ أحدًا أفضل منه، قال: "أفضلُ هذه الأمَّة بعد نبيِّها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر - رضي الله عنهما - وبعدهما آخرُ ثالث ولم يسمِّه".
3 - وفي صحيح البخاري (3468)، وسنن أبي داود (4629): قال محمَّد بن الحنفيَّة لأبيه عليِّ بن أبي طالب: أيُّ الناس خير بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: أبو بكر، قلت: ثم مَن؟ قال: ثم عمر، وخشيتُ أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت قال: ما أنا إلاَّ رجل من المسلمين".
4 - وقد روي عن علي - رضي الله عنه - من نحوِ ثمانين وجهًا - كما قال ابن تيمية - أنَّه قال على منبر الكوفة: "خيرُ هذه الأمَّة بعد نبيِّها أبو بكر وعمر"[2].
5 - وروى الطبراني[3] من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنَّه كان يحلف أنَّ الله أنزل اسم أبي بكر من السَّماء: الصديق"، وقال الحافظ في "فتح الباري (9/7)": "رجاله ثقات" ا.هـ.
وثَبتَ ذلك أيضًا عن الإمام زيد بن علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما سألوه عن الشَّيخين: أبي بكر وعمر، فترضَّى عنهما، وأخبر بأنَّهما كانا وزيري جَّدِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكان ذلك سببًا في انحراف هؤلاءِ الشيعة الغلاة عنه، ورفضوه وسمُّوا بالرافضة[4].
وكما ثبت ذلك عن الإمام زيدِ بن علي، فهو الثابت أيضًا من كلام أخيه محمَّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم، فَهُم ذريَّة طاهرة بعضُها من بعض، وهذا هو المعقول، إذ كيف يترضَّى عليهما الإمام زيد، ثم يأتي أخوه محمد الباقر فيتبرأ منهما - كما تزعم الشِّيعة الإماميَّة - وأبوهما واحد، وتعلَّما من مدرسة واحدة - رضي الله عنهم جميعًا.
وهذه بعض النصوص عنهما:
1 - قال حفص بن غِياث: سمعت جعفر بن محمَّد، يقول: "ما أرجو من شفاعة عليٍّ شيئًا، إلاَّ وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثلَه، لقد ولدني مرَّتين".
2 - وعن أسباط بن محمَّد، حدَّثنا عمرو بن قيس الملاَّئي، سمعتُ جعفر بن محمَّد يقول: "برئ اللهُ ممَّن تبرَّأ من أبي بكر وعمر".
3 - وعن عبدالجبَّار بن العبَّاس الهمداني: أنَّ جعفر بن محمَّد أتاهم وهم يُريدون أن يرتحلوا من المدينة، فقال: إنَّكم - إن شاء الله - من صالحي أهل مِصركم، فأبلغوهم عنِّي: مَن زعم أنِّي إمام معصوم، مفترض الطاعة، فأنا منه بريء، ومَن زعم أنِّي أبرأ من أبي بكر وعمر، فأنا منه بريء".
4 - وعن حنان بن سدير: سمعتُ جعفر بن محمد، وسُئِل عن أبي بكر وعمر، فقال: "إنَّك تسألني عن رجلين قد أكلاَ من ثمار الجنَّة".
5 - وعن محمَّد بن فُضيل، عن سالم بن أبي حفصة، قال: سألتُ أبا جعفر وابنَه جعفرًا عن أبي بكر وعمر، فقال: يا سالم، تولَّهما، وابرأْ من عدوهما، فإنهما كانَا إمامَيْ هدًى، ثم قال جعفر: يا سالم، أيسبُّ الرجلُ جدَّه؟! أبو بكر جَدي، لا نالتني شفاعةُ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما "، وسالم بن أبي حفصة الذي روى هذا الأثر ظاهرُ التشيُّع، ومحمد بن فضيل الراوي عنه من الشِّيعة الثِّقات عند أهل السُّنة[5].
6 - عن خَلَف بن حوشب، عن سالم بن أبي حفصة - وكان يترفَّض - قال: دخلتُ على أبي جعفر وهو مريض، فقال - وأظنُّ قال ذلك من أجلي -: اللهمَّ إنِّي أتولَّى، وأحبُّ أبا بكر وعمر، اللهمَّ، إن كان في نفسي غيُر هذا، فلا نالتني شفاعةُ محمَّد يوم القيامة - صلَّى الله عليه وسلَّم "[6].
7 - وروى عليُّ بن الجعد عن زهير بن محمَّد، قال: قال أبي لجعفر بن محمَّد: إنَّ لي جارًا يزعم أنَّك تبرأ من أبي بكر وعمر، فقال: برئ الله مِن جارك، والله، إنِّي لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيتُ شكاية، فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم"[7].
8 - قال إسحاق الأزرق عن بسَّام الصَّيرفي: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر فقال: والله إنِّي لأتولاَّهما، وأستغفر لهما، وما أدركتُ أحدًا من أهل بيتي إلاَّ وهو يتولاَّهما"[8].
9 - وعن جابر الجُعفي، عن محمَّد بن علي، قال: "أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسنَ ما يكون من القول"[9].
10 - عن عبدالملك بن أبي سليمان: قلت لمحمَّد بن علي: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا)) [المائدة: 58]، قال: هم أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قلت: إنَّهم يقولون: هو عليٌّ، قال: عليٌّ منهم "[10].
ثانيًا: من كتب الشِّيعة الزيديَّة:
سبق أن بيَّنا موقفَ الإمام زيد من الشَّيخين: أبي بكر وعمر، وحُسن ثنائه عليهما، وكيف رَفَضه غلاةُ الشِّيعة بسبب ذلك وتركوا مناصرتَه، وكان أحوج ما يكون إلى مَن ينصره في خروجه على سلاطين الجَور، ومع ذلك آثرَ الحق، ولم يداهن فيه.
وإليك أقوالَ بعض أئمَّة المذهب الزيدي في الصحابة والخلفاء الذين تقدَّموا أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب مِن كتبهم:
- قال الشَّوكاني: حكى الإمام عبدالله بن حمزةَ في كتابه "الكاشف للإشكال الفارق بين التشيُّع والاعتزال" ما لفظُه: "والمسلك الثاني: أنَّ أمير المؤمنين هو القُدوة، ولم يعلم من حاله - عليه السلام - لعنُ القوم، ولا التبرؤُ منهم، ولا تفسيقهم؛ يعني: المشايخ.
قال: وهو قدوتنا، فلا نزيد على حَدِّه الذي وصل إليه، ولا ننقص شيئًا من ذلك؛ لأنَّه إمامُنا وإمام المتقين، وعلى المأمور اتِّباع آثار إمامه، واحتذاء أمثاله، فإن تعدَّى، خالف وظلم" ا.هـ، وقد حكى هذا الكلامَ بألفاظه السيِّد الهادي، وحكى في الصحابة أنَّ عليًّا - عليه السلام - كان يرضى عنهم، فقـال:
وروى الإمام المهديُّ في "يواقيت السير": أنَّه حين مات أبو بكر، قال - عليه السلام -: "رضي الله عنك، واللهِ لقد كنتَ بالناس رؤوفًا رحيمًا"، انتهى[11].
- ولقد قال الإمـام المهديُّ في "القلائد": "إنَّ قضاء أبي بكر في فدك صحيح، وروى في هذا الكتاب عن زيد بن علي: أنَّه قال: لو كنتُ أبا بكر لَمَا قضيتُ إلاَّ بما قضى به أبو بكر".
- وقال المنصور بالله عبدالله بن حمزة في رسالته في جواب المسألة التهاميَّة بعد أن ذكر تحريمَ سبِّ الصحابة ما لفظُه: "وهذا ما َيقضي به عِلمُ آبائنا إلى عليٍّ - عليه السلام"[12].
فهذه مقالة بعنوان (نصيحة إلى اخي الشيعي لانك تحبني وانا احبك)، أحاول فيها تنبيهَ عقولهم، وإعمال فكرهم لبيان موقف أئمَّة أهل البيت من كِبار الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان، الذين تولَّوا الخلافة قبلَ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وذلك لِما اشتهر عند الشِّيعة الإماميَّة من سَبِّ هؤلاء الأصحاب؛ سائلاً الله - تعالى - أن تجد هذه المقالةَ قلوبًا نقيَّة، وعقولاً ذكية تقبل الحق من قائله، وإن لم يكن شيعيًّا إماميًّا، ونسأل الله - تعالى - أن يُرينا الحق حقًّا، ويرزقنا اتِّباعه، وأن يُرينا الباطل باطلاً، ويرزقنا اجتنابه، آمين.
نصيحة إلى كل اخ شيعي لاني احبك وتحبني
أولاً: من كتب أهل السنة:
الثابت من الرِّوايات عند أهل السُّنة عن أئمَّة أهل البيت أنَّهم كانوا يعرفون حقَّ الصحابة، ويتولَّون أبا بكر وعمر، ويترضَّون عنهما، ويترحَّمون عليهما، ويلعنون مَن يلعنهما، ويتبرَّؤون منه؛ كما ثبت ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأولاده من بعده، وإليك بعضَ أقوالهم:
1 - بعدما طُعن عمر - رضي الله عنه - دخل عليٌّ - رضي الله عنه - ليراه، فترحَّم عليه وأثنى عليه؛ فقد روى البخاري (3482)، ومسلم (2389) عن ابن أبي مُليكة، قال: سمعت ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - يقول: وُضع عمرُ بن الخطَّاب على سَريره، فتكنفه الناس يدعون، ويُثنون ويُصلُّون عليه، قبل أن يرفع وأنا فيهم، قال: فلم يَرعْني إلاَّ برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفتُّ إليه، فإذا هو عليٌّ، فترحَّم على عمر، وقال: "ما خلَّفتُ أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايمُ الله، إن كنتُ لأظنُّ أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أنِّي كنتُ كثيرًا أسمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: جئتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنتُ لأرجو أو لأظنُّ أن يجعلك الله معهما".
2 - وروى أحمد (835) - بسند صحيح - عن أبي جحيفة - الذي كان عليٌّ يسمِّيه وهب الخير - قال: قال علي - رضي الله عنه -: يا أبا جحيفة، ألاَ أُخبرك بأفضلِ هذه الأمَّة بعد نبيِّها؟ قال: قلت: بلى، قال: ولم أكن أرى أنَّ أحدًا أفضل منه، قال: "أفضلُ هذه الأمَّة بعد نبيِّها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر - رضي الله عنهما - وبعدهما آخرُ ثالث ولم يسمِّه".
3 - وفي صحيح البخاري (3468)، وسنن أبي داود (4629): قال محمَّد بن الحنفيَّة لأبيه عليِّ بن أبي طالب: أيُّ الناس خير بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: أبو بكر، قلت: ثم مَن؟ قال: ثم عمر، وخشيتُ أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت قال: ما أنا إلاَّ رجل من المسلمين".
4 - وقد روي عن علي - رضي الله عنه - من نحوِ ثمانين وجهًا - كما قال ابن تيمية - أنَّه قال على منبر الكوفة: "خيرُ هذه الأمَّة بعد نبيِّها أبو بكر وعمر"[2].
5 - وروى الطبراني[3] من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنَّه كان يحلف أنَّ الله أنزل اسم أبي بكر من السَّماء: الصديق"، وقال الحافظ في "فتح الباري (9/7)": "رجاله ثقات" ا.هـ.
وثَبتَ ذلك أيضًا عن الإمام زيد بن علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما سألوه عن الشَّيخين: أبي بكر وعمر، فترضَّى عنهما، وأخبر بأنَّهما كانا وزيري جَّدِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكان ذلك سببًا في انحراف هؤلاءِ الشيعة الغلاة عنه، ورفضوه وسمُّوا بالرافضة[4].
وكما ثبت ذلك عن الإمام زيدِ بن علي، فهو الثابت أيضًا من كلام أخيه محمَّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم، فَهُم ذريَّة طاهرة بعضُها من بعض، وهذا هو المعقول، إذ كيف يترضَّى عليهما الإمام زيد، ثم يأتي أخوه محمد الباقر فيتبرأ منهما - كما تزعم الشِّيعة الإماميَّة - وأبوهما واحد، وتعلَّما من مدرسة واحدة - رضي الله عنهم جميعًا.
وهذه بعض النصوص عنهما:
1 - قال حفص بن غِياث: سمعت جعفر بن محمَّد، يقول: "ما أرجو من شفاعة عليٍّ شيئًا، إلاَّ وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثلَه، لقد ولدني مرَّتين".
2 - وعن أسباط بن محمَّد، حدَّثنا عمرو بن قيس الملاَّئي، سمعتُ جعفر بن محمَّد يقول: "برئ اللهُ ممَّن تبرَّأ من أبي بكر وعمر".
3 - وعن عبدالجبَّار بن العبَّاس الهمداني: أنَّ جعفر بن محمَّد أتاهم وهم يُريدون أن يرتحلوا من المدينة، فقال: إنَّكم - إن شاء الله - من صالحي أهل مِصركم، فأبلغوهم عنِّي: مَن زعم أنِّي إمام معصوم، مفترض الطاعة، فأنا منه بريء، ومَن زعم أنِّي أبرأ من أبي بكر وعمر، فأنا منه بريء".
4 - وعن حنان بن سدير: سمعتُ جعفر بن محمد، وسُئِل عن أبي بكر وعمر، فقال: "إنَّك تسألني عن رجلين قد أكلاَ من ثمار الجنَّة".
5 - وعن محمَّد بن فُضيل، عن سالم بن أبي حفصة، قال: سألتُ أبا جعفر وابنَه جعفرًا عن أبي بكر وعمر، فقال: يا سالم، تولَّهما، وابرأْ من عدوهما، فإنهما كانَا إمامَيْ هدًى، ثم قال جعفر: يا سالم، أيسبُّ الرجلُ جدَّه؟! أبو بكر جَدي، لا نالتني شفاعةُ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما "، وسالم بن أبي حفصة الذي روى هذا الأثر ظاهرُ التشيُّع، ومحمد بن فضيل الراوي عنه من الشِّيعة الثِّقات عند أهل السُّنة[5].
6 - عن خَلَف بن حوشب، عن سالم بن أبي حفصة - وكان يترفَّض - قال: دخلتُ على أبي جعفر وهو مريض، فقال - وأظنُّ قال ذلك من أجلي -: اللهمَّ إنِّي أتولَّى، وأحبُّ أبا بكر وعمر، اللهمَّ، إن كان في نفسي غيُر هذا، فلا نالتني شفاعةُ محمَّد يوم القيامة - صلَّى الله عليه وسلَّم "[6].
7 - وروى عليُّ بن الجعد عن زهير بن محمَّد، قال: قال أبي لجعفر بن محمَّد: إنَّ لي جارًا يزعم أنَّك تبرأ من أبي بكر وعمر، فقال: برئ الله مِن جارك، والله، إنِّي لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيتُ شكاية، فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم"[7].
8 - قال إسحاق الأزرق عن بسَّام الصَّيرفي: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر فقال: والله إنِّي لأتولاَّهما، وأستغفر لهما، وما أدركتُ أحدًا من أهل بيتي إلاَّ وهو يتولاَّهما"[8].
9 - وعن جابر الجُعفي، عن محمَّد بن علي، قال: "أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسنَ ما يكون من القول"[9].
10 - عن عبدالملك بن أبي سليمان: قلت لمحمَّد بن علي: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا)) [المائدة: 58]، قال: هم أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قلت: إنَّهم يقولون: هو عليٌّ، قال: عليٌّ منهم "[10].
ثانيًا: من كتب الشِّيعة الزيديَّة:
سبق أن بيَّنا موقفَ الإمام زيد من الشَّيخين: أبي بكر وعمر، وحُسن ثنائه عليهما، وكيف رَفَضه غلاةُ الشِّيعة بسبب ذلك وتركوا مناصرتَه، وكان أحوج ما يكون إلى مَن ينصره في خروجه على سلاطين الجَور، ومع ذلك آثرَ الحق، ولم يداهن فيه.
وإليك أقوالَ بعض أئمَّة المذهب الزيدي في الصحابة والخلفاء الذين تقدَّموا أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب مِن كتبهم:
- قال الشَّوكاني: حكى الإمام عبدالله بن حمزةَ في كتابه "الكاشف للإشكال الفارق بين التشيُّع والاعتزال" ما لفظُه: "والمسلك الثاني: أنَّ أمير المؤمنين هو القُدوة، ولم يعلم من حاله - عليه السلام - لعنُ القوم، ولا التبرؤُ منهم، ولا تفسيقهم؛ يعني: المشايخ.
قال: وهو قدوتنا، فلا نزيد على حَدِّه الذي وصل إليه، ولا ننقص شيئًا من ذلك؛ لأنَّه إمامُنا وإمام المتقين، وعلى المأمور اتِّباع آثار إمامه، واحتذاء أمثاله، فإن تعدَّى، خالف وظلم" ا.هـ، وقد حكى هذا الكلامَ بألفاظه السيِّد الهادي، وحكى في الصحابة أنَّ عليًّا - عليه السلام - كان يرضى عنهم، فقـال:
وَرَضِّ عَنْهُمْ كَمَا رَضَّى أَبُو الْحَسَنِ أَوْ قِفْ عَنِ السَّبِّ إِنْ مَا كُنْتَ ذَا حَذَرِ
- ولقد قال الإمـام المهديُّ في "القلائد": "إنَّ قضاء أبي بكر في فدك صحيح، وروى في هذا الكتاب عن زيد بن علي: أنَّه قال: لو كنتُ أبا بكر لَمَا قضيتُ إلاَّ بما قضى به أبو بكر".
- وقال المنصور بالله عبدالله بن حمزة في رسالته في جواب المسألة التهاميَّة بعد أن ذكر تحريمَ سبِّ الصحابة ما لفظُه: "وهذا ما َيقضي به عِلمُ آبائنا إلى عليٍّ - عليه السلام"[12].
يتبع
تعليق