الكفل ... تستغيث من عودة اليهود .. من الذي سيوقع على عودتهم؟ وما هو الثمن؟
كتابات - أبو حسن الزيدي
وهي مدينة يتصل بها الريف والأراضي الزراعية تحيطها من جميع الجهات ، وسكانها من الطبقة الفقيرة، السمة الغالبة على سكانها، الطبقة الفلاحية ، اغلبهم من عشائر بني حِسن ، وهي آخر مدينة باتجاه النجف الأشرف من مدن الحلة من جهة الجنوب.
وهي مدينة تاريخية ضربت جذورها بعمق التاريخ، ذكرها ياقوت الحموي باسم برملاحة : بالفتح ، والحاء مهملة : موضع في أرض بابل قرب حلة دبيس بن مزيد شرقي قرية يقال لها القسونات ، بها قبر باروخ أستاذ حزقيل وقبر يوسف الربان وقبر يوشع ، وليس يوشع بابن نون ، وقبر عزرة ، وليس عزرة بناقل التوراة الكاتب ، والجميع يزوره اليهود ، وفيها أيضا قبر حزقيل المعروف بذي الكفل يقصده اليهود من البلاد الشاسعة للزيارة (معجم البلدان ج1 ص 403) .
وكذلك فان بالقرب منها يقع قبر زيد الشهيد وقبر رُشيد الهجري ، و الآن هذه الأضرحة الشريفة والمناطق التي تقع فيها هذه القبور تابعة للكفل إدارياً.
ونتيجةً لوجود هذه القبور التي تضم شخصيات من بني إسرائيل ، فهناك أطماع لاستملاك الأراضي التي تحيط بها ، وهناك من نقل(1) بان هناك أعمال تنقيب وبحث كانت تجري منذ زمن النظام السابق ، تحت عنوان اللجان الباحثة عن أسلحة الدمار الشامل وينقل لنا جون كولي ، إن هذه اللجان شخّصت الكثير من الأماكن الأثرية في العراق ، وما أن وقع الاحتلال في نيسان 2003 حتى رأينا النهب المنظم للمتحف العراقي ، أضف إلى ذلك أن القواعد الأمريكية استقرت أما في أماكن أثرية، أو قريبة منها. ولعل أوضح مثال هو ما حصل في الكفل ، فان قوات الاحتلال استقرت لفترة في مكان قريب منه وكانت النتائج أن قلعوا كل النقوش التي كانت على الجدران وأخذت لا احد يعلم مصيرها ، وكانت عليها كتابة بالآرامية - توجد صور توضح كيف أنهم جردوا الجدران منها - ولم يكتفوا بهذا ، بل أنهم اجروا عمليات تنقيب ، وقد عثروا بالفعل على قبور مما يجعل عدد الأشخاص المدفونين في المكان يصل إلى سبعة أشخاص - وأيضاً توجد صور توثق ذلك - والمثال الآخر استقرار قوات الاحتلال ولمدة طويلة في قاعدة اسكانيا قرب ناحية الشوملي شرق الحلة 65 كيلو متر ، حيث توجد هناك منطقة أثرية أطلق عليه الاثاريون (تل زونة) ، وكذلك استقرارهم في بابل الأثرية وهذا مما لا يخفى على أحد .
وقد أعلن قبل مدة عن سرقة آثار من هذا المكان وتم تهريبها إلى لندن وإسرائيل عن طريق الأردن، وهذه الآثار عبارة عن أواني نقش عليها بالكتابة المسمارية، يقال بان الآثار التي وصلت لندن أعيدت ، أما التي وصلت تل أبيب فإنها لم تعاد إلى الآن .
في الاسبوع المنصرم حضر مجموعة من اليهود - بزي أمريكي طبعاً - واجتمعوا مع المسؤولين في الكفل ، بحضور قائمقام الحلة صباح الفتلاوي، ومدير الناحية وبعض المسؤولين في المحافظة، وتم الاتفاق على استعادة أراض ادعوا إنها ملك ليهود عراقيين تم تهجيرهم في الماضي ، وهذه السندات تجعل مدينة الكفل ملكا لأشخاص يهود بكاملها ، وقد تم الاتفاق على إزالة الأبنية في الرقعة الجغرافية الممتدة ما بين جسر الكفل ، إلى منطقة المرادية، وتعويض الأهالي بمبالغ زهيدة ، وسيشرعون في العمل في هذا المشروع سنة 2011 ، وقد ضج الأهالي عندما علموا بهذا الخبر، إلا أن صوتهم لا يمكن أن يُسمع من قبع في القصور، ولعل ضجيج التيار الكهربائي المستمر أصم آذانهم .
وقد تم اختيار هذا الوقت تحديداً للتحرك على هذا الإجراء ، لمساومة من يريد تسنم مناصب سيادية في الحكومة المرتقبة ، ولعل هذه المسألة من المسائل التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر لندن وصلاح الدين للمعارضة العراقية. ومن المستغرب إنهم يوافقون على إعادة اليهود (الإسرائيليين) ، وهم يعلمون مدى حساسية هذه المسألة بالنسبة للمسلمين عموماً ، وماذا فعل هؤلاء بالمسلمين الأبرياء في كل بقاع العالم ، في حين لم يفكر الساسة (الموقرون) في كسر قرار علي حسن المجيد القاضي بمصادرة بيوت الشيعة في الجنوب الذين شاركوا في الانتفاضة التي أطلق عليها (الانتفاضة الصدرية) في 17/3/1999 بعيد استشهاد الصدر الثاني ، في استرداد البيوت إلى مالكيها الأصليين .
خصوصا أن هذا الوقت يتزامن مع خروج القوات الامريكية المقاتلة، التي سوف لن تلتزم بأي التزام تجاه البلد المحتل.
قد يقول من يحاول أن يفكر بطريقة الابتعاد عن حساسية اليهود وأنهم أصحاب دين سماوي ، ما الضير من استرجاع كل ذي حق حقه ، وما داموا يملكون الحجة التي تثبت ملكيتهم لهذه الأراضي إذن لماذا لا يأخذونها!
قلنا : نحن مع استرداد حقوق الناس ، ولا نرض بظلم احد ، لكن متى ما كان حقا فعلاً ، واعني اننا نعلم جميعا كيف أخذت هذه المقاطعات من الأراضي وبطرق ملتوية بحيث أصبح الشخص منهم يمتلك آلاف الدونمات من الأراضي ، فكل من كانت له علاقة بشخص متنفذ بالدولة اجتزأت له الدولة منطقة بأكملها وأصبحت ملكا له ، والشواهد على ذلك كثير ، منهم عراقي مسلم كعلي كمال الذي كان يملك منطقة الكمالية (حي الزهراء) حاليا ، فكانت أرضه تمتد من الشارع الرئيسي (طريق بعقوبة القديم) إلى نهر ديالى. ومن اليهود، امرأة تسمى (سارة) إذ توجد منطقة تسمى بكمب سارة في بغداد ، وهي نفسها تملك المئات من الدونمات في الحلة أيضاً ، ولعلها تملك أراض في محافظات اخرى. وعلى هذا الأساس فان بعض رؤساء العشائر الذين كانوا يمتلكون الأراضي الشاسعة، و(الفلاليح) كانوا في عداد العبيد عندهم، فالفلاح يزرع ويحصد ويتعب وبالنتيجة يناصفه (الملاج) في نهاية الموسم. فهم ايضا يطالبون بالاراضي التي كانوا يدعون ملكيتها. إلى ان جاء قانون رقم 30 لسنة 1958م في أيام عبد الكريم قاسم فجعل الفلاح يأخذ حقه.
وكذلك علينا أن لا ننسى أن هؤلاء اليهود أصبحوا مُأدلجين للصهيونية العالمية وولاءهم لبلدهم الأم إسرائيل والتي مواقفها واضحة جلية من المسلمين والعرب وبلدانهم فهل يصح أن نجعل مكان لهم – وأي مكان – في قلب بلداننا ؟ وتجربتنا في فلسطين خير مثال ، خصوصاً وأن أطماعهم لا تقتصر عليها - فلسطين – بل تتعداها لتشمل مايسمى (إسرائيل الكبرى) والتي تمتد من الفرات إلى النيل أي أن هذه الأراضي وغيرها تقع ضمن رقعتها الجغرافية ؟؟!!
ولا يمكن إغفال حساسية المنطقة (الكفل) لقربها من الكوفة والنجف الأشرف ، وكربلاء المقدسة ، التي تعتبر من أهم مراكز الشيعة ، وما لها من تأثير في قلوب المؤمنين .
ولا يمكن اعتبار هذه الحالة هي نهاية المطاف ، بل هناك منطقة أخرى مهددة بالاحتلال الإسرائيلي ، وهي منطقة (خيكان) الواقعة على ضفاف شط الحلة ، بين ناحيتي الحمزة والشوملي ، وهي قريبة أيضاً من القاعدة الامريكية (سكانيا) و(تل زونة ) الأثري الذي تقدم ذكره ، وهذه المنطقة من أفضل أنواع الأراضي ، وهي عامرة ببساتين النخيل والخضرة ، فهناك ادعاءات بان هذه الأراضي تعود ملكيتها لليهود الذين تم تهجيرهم .
وكذلك منطقة (المعيمرة) ، ولا يخفى على اهالي الحلة القدماء كيف أن اليهود استحوذوا على هذه الأراضي ، فكانوا يجلبون الطابوق الأثري من بابل الأثرية في الأربعينات ويسورون فيه مناطق شاسعة ويعتبرونها قبوراً لآبائهم وأجدادهم ويحصلون على سندات تثبت لهم الملكية.
وبهذه الطريقة سيدعون اليوم أن الحلة كلها ملكا لهم ، وسيجدون من سيوقع لهم على استردادها.
فعلى رجال الدين والسياسيين والشباب الرسالي وكل غيور على ارضه وبلده، وهو الذي سيكون عاصمة الامام المهدي (ع) ان يقفوا امام هذه المخططات وكل بحسبه، اما بتوعية المجتمع، واما بالوقوف بحزم من قبل السياسيين ليمنعوا وقوع هذا الامر...
(1)جون كولي، في كتابه اتحاد ضد بابل.
تعليق