[B][FONT="Arial"][SIZE=20px][COLOR="DarkGreen"]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.
وبعد ، فيقول العبد عديم البضاعة والمتمسك بأحاديث أهل بيت الرسالة عليهم السلام عباس بن محمّد رضا القمّي ختم الله له بالحسنى والسعادة:
إنّ العقل والنقل يحكمان على الشخص الذي يعزم على السفر أن يهيء الزاد والمؤونة لسفره بمقدار ما يلزمه في ذلك السفر . ثمّ يسافر ؛ وعليه فمن الأجدر ونحن في سفره الآخرة الذي لا مناص لنا عنه ولا يوجد طريق للتخلص منه ـ أن نقدم أمامنا الزاد والمؤونة بما يناسبه ، كما روي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما قدم مكّة المعظمة فانّه وقف عند باب الكعبة ونادى على الناس الذين جاؤوا للحج من أطراف الدنيا وقد اجتمعوا في المسجد الحرام ، فقال : (أيها الناس أنا جندب بن السكن الغفاري : انّي لكم ناصح شفيق فهلمّوا).
فاكتنفه الناس ، فقال :
انّ أحدكم لو أراد سفراً لاتخذ من الزاد ما يصلحه . (ولابدّ منه)(1) فطريق يوم القيامة أحق ما تزودتم له.
فقام رجل ، فقال : فارشدنا يا أباذر.
(1) اثبتت هذه الزيادة في البحار وسقطت من المصدر المطبوع.
( 102 )
فقال : حج حجّةً لعظائم الامور ، وصم يوماً لزجرة النشور وصلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور .. الخبر(1).
وقد وعظ الامام الحسن المجتبى عليه السلام جنادة بن أُمية حين وفاته ، وأول شيء قاله له :
(استعد لسفرك ، وحصّل زادك قبل حلول أجلك)(2).
وبما أن سفر الآخرة سفر بعيد ، وفيه أهوال ومواقف صعبة وعقبات شديدة ومنازل عسرة فلذلك فهو محتاج الى زادٍ كثير ، ولابدّ أن لا يَغفل عنه ، وأن يفكر فيه ليلاً ونهاراً . كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه كان ينادي في كل ليلة عندما يهجع الناس بصوته الرخيم بحيث يسمعه جميع أهل المسجد جيران المسجد ، فيقول:
«تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل»(3).
يعني : استعدوا وهيئوا ما تحتاجونه في سفركم رحمكم الله فانّ منادي الموت نادى فيكم على أبوابكم بالرحيل.
«واقلّوا العُرجَة على الدنيا ، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فانّ امامكم
(1) رواه أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي في : دعائم الاسلام | ج 1 ، ص 270 ، تحقيق آصف فيضي | دار المعارف | مصر | 1963 م | ونقله عنه العلاّمة المجلسي في البحار : ج 96 ، ص 258 ، وبقية الحديث الشريف . (وكلمة حق تقولها ، أو كلمة سوء تسكت عنها وصدقة منك على مسكين ، فعلّك تنجو من يوم عسير . اجعل الدنيا كلمةً في كلمةً في طلب الحلال ، وكلمة في طلب الآخرة ، وانظر كلمةً تضرّ ولا تنفع فدعها . واجعل المال درهيمن : درهماً قدمته لآخرتك ودرهماً انفقته على عيالك كلّ يوم صدقة).
(2) رواه أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الخزاز القمّي الرازي في : كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ص 227 ، باب (ما جاء عن الحسن عليه السلام ما يوافق هذه الآخبار ونصه على أخيه الحسين عليهما السلام) ح 5 ، بإسناد عن محمّد بن وهبان البصري ، تحقيق الكوه كمرئي الخوئي | ط قم 1401 هـ . ق . ونقله عنه المجلسي في البحار : ج 44 ، ص 139.
(3) نهج البلاغة : ج 2 ، ص 183 ، تحقيق محمّد عبدة . شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد | ج 11 ، ص 5.
( 103 )
عقبة كؤوداً ، ومنازل مخوفة مهولة لابدّ من الورود عليها والوقوف عندها»(1).
ونحن نشير الى بعض تلك العقبات الصعبة والمنازل المهولة . ونذكر بعض الامور النافعة في درء صعوبات وأهوال ذلك المحلّ بكمال الاختصار . وضمن عدة فصول . وإن وفقني الحقّ تعالى وامهلني الأجل فسوف اصنِّف كتاباً مفصلاً في هذا الباب إن شاء الله تعالى ، ولو انّني لم أر في هذا الزمان مَن يَطلبُ هذه المطالب بشكل جدّي وحقيقي .
وبسبب هذه الملاحظة أيضاً فقد كتبت هذه المختصر بدون اندفاع مع قلة رغبة ، وأسأل الحقّ تعالى التأييد والتوفيق انّه قريب مجيب.
***(1) نهج البلاغة : ج 2 ، ص 183 ، تحقيق محمّد عبده . شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد | ج 11 ، ص 5.
( 104 )
( 105 )
المنزل الأول في هذا السفر
الموت ( 106 )
( 107 )
فصل :
ولهذا المنزل عقبات كؤود ومواقف صعبة ، ونحن نشير الى عقبتين منها :
العقبة الاُولى
سكرات الموت وشدة نزع الروح
(وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)(1).
وهذه العقبة صعبة جداً وانّ شدائدها وصعوباتها تحيط بالمحتضر من جميع الجهات..
فمن جهة تواجهه شدة المرض ، وشدة الوجع ، واعتقال اللسان ، وذهاب القوة من الجسم..
ومن جهة اُخرى يواجه بكاء الأهل والعيال ، ووداعهم له ، وغَمَّ يُتم وغربة أطفاله..
ومن جهة اُخرى يواجه غمَّ مفارقته لماله ومنزله وأملاكه ومدّخراته وأشيائه النفسية التي صرف عمره العزيز من أجل تحصيل المزيد منها ، بل ان أكثر ما عنده عائد للآخرين وقد تملّكه منهم بالظلم والغصب .. وكم تعلقت من الحقوق الشرعية بأمواله ولم يؤدها .. وهو الآن في تلك الحالة ينتبه الى ما اتلفته وخربته أعماله
(1) سورة ق : الآية 19.
( 108 )
بعدما انقضى الأمر وانسدّ طريق اصلاحه. فكان كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «يتذكر أمولاً جمعها اغمض في مطالبها وأخذها من مُصرَّحاتها ، ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره والعبءُ على ظهره»(1)..
ومن جهة اُخرى فهو يواجه هول قدومه على نشأة اُخرى هي غير هذه النشأة.
ثمَّ انّ عينيه تريان أشياءاً لم ترها قبل ذلك:
(فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)(2).
فيرى رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانّه يترقب ايّ حكم يحكمون به ، وأي شيء سوف يوصون به ؟
ومن جهة اُخرى قد اجتمع ابليس واعوانه ليوقعوه في الشك ، وهم يحاولون جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان.
ومن جهة اُخرى يعاني من هول حضور ملك الموت ، وبأي صورة وهيئة سوف يجيئه به ، وبأي نحو سوف يقبض روحه . الى غير ذلك..
قال أمير المؤمين عليه السلام: «فاجتمعت عليه سكرات الموت ، فغير موصوف ما نزل به»(3).
وروى الشيخ الكليني عن الامام الصادق عليه السلام:
«أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينيه ، فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا
(1) نهج البلاغة : فيض الاسلام ، ص 331 ، وراجع نهج البلاغة : ج 1 ، ص 212 محمّد عبدة ، ونقله عنه في البحار: ج 6 ، ص 164 ، كتاب العدل والمعاد | باب سكرات الموت وشدائده : ح 33 . شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد : ج 7 ، ص 201.
(2) سورة ق : الآية 22.
(3) راجع بحار الانوار : ج 73 ، ص 109 . كتاب الإيمان والكفر : مساوىء الأخلاق : باب حبّ الدنيا وذمها : ح 109 نقله عن كتابة (عيون الحكم والمواعظ) لعلي بن محمّد الواسطي.
( 109 )
هو يصيح فقال النبي صلى الله عليه وآله : أجزعاً أم وجعاً ؟ فقال عليه السلام : يا رسول الله ما وجعت وجعاً قط أشدّ منه . فقال صلى الله عليه وآله : يا علي انّ ملك الموت اذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم . فاستوى علي عليه السلام جالساً فقال : يا رسول الله أعد عليَّ حديثك فقد أنساني وجعي ما قُلت.
ثمّ قال : هل يصيب ذلك أحداً من امتك ؟
قال : نعم حاكم جائر ، وآكل مال اليتيم ظلماً ، وشاهد زور»(1).
وأما الأشياء التي تهوِّن سكرات الموت
صلة الرحم :
ما رواه الشيخ الصدوق عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال :
«مَن أحبَّ أن يخفف الله عز وجلّ عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً ، وبوالديه بارّاً ، فإذا كان كذلك هوَّن الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً»(2).
برّ الوالدين :
وروي :
«انّ رسول الله صلى الله عليه وآله حضر شاباً عند وفاته فقال له : قل لا إله إلاّ الله».
قال : فاعتقل لسانه مراراً.
فقال لامرأةٍ عند رأسه : هل لهذا امّ ؟
(1) الكافي : ج 3 ، ص 253 ـ 254 ، والإسناد موثق . ونقله عنه المجلسي في البحار : ج 6 ، ص 170 ، ح 46 ، وفي البحار: ج 61 ، ص 49 ، ح 27.
(2) الأمالي للصدوق : ص 318 ، المجلس 61 ، ح 14 . ونقله عنه في البحار: ج 74 ، ص 66 ، ح 33 ، ونقله الفتال النيشابوري في روضة الواعظين ، ص 1367 (مجلس في ذكر وجوب بر الوالدين) ، ورواه الطبري في مشكاة الأنوار : ص 162 ، الفصل 14 (في حقوق الوالدين وبرهما) وعنه في البحار : ج 82 ، ص 65 ، ح 9.
( 110 )
قالت : نعم أنا امّه.
قال صلى الله عليه وآله : أفساخِطةٌ أنت عليه؟
قالت : نعم ما كَلَّمتُهُ مُنذُ ستّة حجج.
قال صلى الله عليه وآله لها : ارضي عنه.
قالت : رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : قل لا إله إلاّ الله.
قال : فقالها . فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما ترى؟
قال : أرى رجلاً أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة ، وأخذ بكَظمَيَّ.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله قل : يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مِنّي اليسير واعف عنِّي الكثير انَّك الغفور الرحيم.
فقالها الشاب . فقال له النبي صلى الله عليه وآله : انظر ماذا ترى؟
قال : أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني ، وأرى الأسود قد تولى عنّي.
فقال له : اعد ، فأعاد . فقال له : ما ترى ؟
قال : لست أرى الأسود ، وأرى الابيض قد وليني.
ثمّ طفي على تلك الحال(1).
(1) رواه الطوسي في الأمالي : ج 1 ، ص 62 ـ 63 ، ح 4 وروى الصدوق قريباً منه في : من لا يحضره الفقيه : ج 1 ، ص 132 ، ح 347 ، ونقله عنه الحر العاملي في وسائل الشيعة : ج 2 ، كتاب الطهارة : أبواب الاحتضار : باب 39 ، ح 3 ، ونقله النوري في المستدرك : ج 2 ، باب 29 ، ص 129 ، ح 1617 ، الطبعة الحديثة ، وفي ج 1 ، ص 92 ، باب 29 ، ح 1 ، الطبعة الحجرية.
ونقله في المستدرك : ج 15 ، باب 75 ، ص 189 ، ح 17967 ، الطبعة الحديثة ، ونقله في ج 15 ، باب 75 ، ص 196 ـ ح 17933 عن القطب الراوندي في لب اللباب ، وسمّى الشاب ç
( 111 )
يقول المؤلّف :
تأمّل في هذا الحديث جيداً ، وانظر كم هو أثر العقوق فمع انّ هذا الشاب كان من الصحابة وانّ نبي الرحمة صلى الله عليه وآله قد عاده زائراً وجلس عند وسادته ، ولقنه بنفسه الشريفة كلمة الشهادة ، ومع كل ذلك فلم يتمكن على النطق بتلك الكلمة إلاّ بعدما رضيت عنه امّه ، وحينئذٍ انطلق لسانه فقال كلمة الشهادة.
كسي المؤمن :
وروي أيضاً عن الامام الصادق عليه السلام :
«مَن كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة ، وأن يهوّن عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره»(1).
اطعام المؤمن الحلوى :
وروي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله :
«من اطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت»(2).
* ومِنَ الامور الاُخرى التي تنفع في تعجيل راحة المحتضر قراءة سورة يس
è (الحارث) ونقله في البحار : ج 74 ، ص 75 ، ح 68 ، وفي البحار : 81 ، ص 232 ، ح 7 ، وفي البحار : ج 95 ، ص 342 ، ح 1.
(1) رواه الكليني في الكافي : ج 2 ، ص 204 ، كتاب الإيمان والكفر : باب مَن كسا مؤمناً : ح 1 ، ورواه عن المجلسي في البحار : ج 74 ، ص 380 ، وتكملة الحديث :
«وأن يلقى الملائكة اذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه: (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون)».
(2) رواه القطب الراوندي في الدعوات : ص 141 ، فصل (في ذكر أشياء من المأكولات والمشروبات وكيفية تناولها) ، ح 359 ، ونقله المجلسي في البحار ، ج 66 ، ص 288 ، وفي ج 75 ، ص 456 ، ح 33 ، ونقله في المستدرك : ج 16 ، ص 355 ، ح 20152 ، الطبعة الحديثة.
( 112 )
والصافات(1) وكلمات الفرج عنده(2).
*وروى الشيخ الصدوق عن الامام الصادق عليه السلام:
«مَن صام يوماً من آخر هذا الشهر(1) كان ذلك أماناً من شدة سكرات الموت ،
(1) روى الكليني في الكافي الشريف : كتاب الجنائز : باب اذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع : ح 5 ، ج 3 ، ص 126 بالإسناد عن سليمان الجعفري قال : رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم : قم يابني فاقرا عند رأس أخيك (والصفات صفاً) حتّى تستتمها ، فقرأ فلما بلغ (أهم اشدّ خلقاً أمّن خلقنا) قضى الفتى ، فلّما سُجِّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر ، فقال له : كنّا نعهد الميت اذا نزل به يقرأ عنده (يس والقرآن الحكيم) وصرت تأمرنا بالصافات ، فقال : يا بني لم يقرأ عبدٌ مكروبٌ من موت قط إلاّ عجّل الله راحته).
وفي الوسائل : كتاب الطهارة : أبواب الاحتضار ، باب 41 ، ح 1 ، عن الكافي بدل (لم يقرأ عبدُ ... الخ) (لم تقرأ عند مكروب «ومن موت» قط الاّ عجل الله راحته).
(2) وردت في روايات كثيرة : منها ما رواه الكليني في الكافي الشريف بروايات عدة منها : بإسناد صحيح عن زرارة رحمه الله عن أبي جعفر عليه السلام قال :
اذا ادركت الرّجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج (لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، لا إله إلاّ الله العلي العظيم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وما فيهنَّ وما بينهنَّ وما تحتهنّ وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين).
الكافي : كتاب الجنائز : باب تلقين الميت : ح 3 ، ج 3 ، ص 122.
وروى في ح 7 ، ج 3 ، ص 124 بالإسناد الى عبدالله بن ميمون القداح عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام اذا حضر أحداً من أهل بيته الموتُ قال له : قل : لا إله إلاّ الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهنَّ وما بينهما ّ وربّ العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (فاذا قالها المريض قال : اذهب فليس عليك بأسٌ).
وروى في ح 9 ، ج 3 ، ص 124 ، بإسناد صحيح عن أبي عبدالله عليه السلام:
انّ رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي . فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : قل : (لا إله إلاّ الله العلي العظيم ، لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وما بينهنّ وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين) فقالها : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : (الحمد لله الذي استنقذه من النار).
أقول : الظاهر انّ الكلمات وحدة . أتم الروايات الصحيحة الاُولى والله تعالى أعلم.
(3) يعني شهر رجب الأَصب.
( 113 )
وأماناً له من هول المطلع وعذاب القبر»(1).
* واعلم انّ لصيام أربعة وعشرين يوماً من رجب ثواب عظيم فمن جملته :
«ومَن صامِ مِن رجب أربعةً وعشرين يوماً فإذا نزل به من ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلّة من ديباج أخضر على فرس من أفراس الجنان وبيده حرير أخضر ممسّك بالمسك الاذفر وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان ، فسقاه عند خروج نفسه ، يهوّن به عليه سكرات الموت ثمّ يأخذ روحه في تلك الحرير فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريّان حتّى يرد حوض النبي صلى الله عليه وآله»(2).
*وقد روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله :
«مَن صلى الليلة السابعة من رجب أربع ركعات بالحمد مرّة وقل هو الله أحد ثلاث مرّات ، وقل اعوذ برب الفلق ، وقل اعوذ برب الناس ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله عند الفراغ عشر مرّات ، ويقول الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر) عشر مرّات ؛ اظله الله تحت ظلّ عرشه ويعطيه ثواب مَن صام شهر رمضان واستغفرت له الملائكة حتّى يفرغ من هذه الصلاة ويسهّل عليه النزع وضغطة القبر ولا يخرج من الدنيا حتّى يرى مكانه في الجنّة وآمنه الله من الفزع الأكبر»(3).
* وروى الشيخ الكفعمي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله :
«مَن قال هذه الكلمات في كل يوم عشراً غفر الله تعالى له أربعة آلاف كبيرة ، ووقاه من شرّ الموت ، وضغطة القبر ، والنشور ، والحساب ، والأهوال كلها وهو مائة هول أهونها الموت ، ووقي مِن شرِّ ابليس وجنوده ، وقضي دينه وكُشِفَ همّه وغمّه وفرِّج كربه».
(1) رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : ص 18 ، ح 3 ، ورواه في الأمالي : ص 23 ، المجلس الرابع ، ح 7 ، ونقله المجلسي في البحار : ج 97 ، ص 32 ـ 33 ، ح 6.
(2) رواه الصدوق في الأمالي : ص 432 ، المجلس 80 ، ح 1.
(3) رواه السيّد ابن طاووس في اقبال الأعمال : ص 651 ـ 652 الطبعة الحجرية.
( 114 )
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.
وبعد ، فيقول العبد عديم البضاعة والمتمسك بأحاديث أهل بيت الرسالة عليهم السلام عباس بن محمّد رضا القمّي ختم الله له بالحسنى والسعادة:
إنّ العقل والنقل يحكمان على الشخص الذي يعزم على السفر أن يهيء الزاد والمؤونة لسفره بمقدار ما يلزمه في ذلك السفر . ثمّ يسافر ؛ وعليه فمن الأجدر ونحن في سفره الآخرة الذي لا مناص لنا عنه ولا يوجد طريق للتخلص منه ـ أن نقدم أمامنا الزاد والمؤونة بما يناسبه ، كما روي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما قدم مكّة المعظمة فانّه وقف عند باب الكعبة ونادى على الناس الذين جاؤوا للحج من أطراف الدنيا وقد اجتمعوا في المسجد الحرام ، فقال : (أيها الناس أنا جندب بن السكن الغفاري : انّي لكم ناصح شفيق فهلمّوا).
فاكتنفه الناس ، فقال :
انّ أحدكم لو أراد سفراً لاتخذ من الزاد ما يصلحه . (ولابدّ منه)(1) فطريق يوم القيامة أحق ما تزودتم له.
فقام رجل ، فقال : فارشدنا يا أباذر.
(1) اثبتت هذه الزيادة في البحار وسقطت من المصدر المطبوع.
( 102 )
فقال : حج حجّةً لعظائم الامور ، وصم يوماً لزجرة النشور وصلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور .. الخبر(1).
وقد وعظ الامام الحسن المجتبى عليه السلام جنادة بن أُمية حين وفاته ، وأول شيء قاله له :
(استعد لسفرك ، وحصّل زادك قبل حلول أجلك)(2).
وبما أن سفر الآخرة سفر بعيد ، وفيه أهوال ومواقف صعبة وعقبات شديدة ومنازل عسرة فلذلك فهو محتاج الى زادٍ كثير ، ولابدّ أن لا يَغفل عنه ، وأن يفكر فيه ليلاً ونهاراً . كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه كان ينادي في كل ليلة عندما يهجع الناس بصوته الرخيم بحيث يسمعه جميع أهل المسجد جيران المسجد ، فيقول:
«تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل»(3).
يعني : استعدوا وهيئوا ما تحتاجونه في سفركم رحمكم الله فانّ منادي الموت نادى فيكم على أبوابكم بالرحيل.
«واقلّوا العُرجَة على الدنيا ، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد فانّ امامكم
(1) رواه أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي في : دعائم الاسلام | ج 1 ، ص 270 ، تحقيق آصف فيضي | دار المعارف | مصر | 1963 م | ونقله عنه العلاّمة المجلسي في البحار : ج 96 ، ص 258 ، وبقية الحديث الشريف . (وكلمة حق تقولها ، أو كلمة سوء تسكت عنها وصدقة منك على مسكين ، فعلّك تنجو من يوم عسير . اجعل الدنيا كلمةً في كلمةً في طلب الحلال ، وكلمة في طلب الآخرة ، وانظر كلمةً تضرّ ولا تنفع فدعها . واجعل المال درهيمن : درهماً قدمته لآخرتك ودرهماً انفقته على عيالك كلّ يوم صدقة).
(2) رواه أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الخزاز القمّي الرازي في : كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ص 227 ، باب (ما جاء عن الحسن عليه السلام ما يوافق هذه الآخبار ونصه على أخيه الحسين عليهما السلام) ح 5 ، بإسناد عن محمّد بن وهبان البصري ، تحقيق الكوه كمرئي الخوئي | ط قم 1401 هـ . ق . ونقله عنه المجلسي في البحار : ج 44 ، ص 139.
(3) نهج البلاغة : ج 2 ، ص 183 ، تحقيق محمّد عبدة . شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد | ج 11 ، ص 5.
( 103 )
عقبة كؤوداً ، ومنازل مخوفة مهولة لابدّ من الورود عليها والوقوف عندها»(1).
ونحن نشير الى بعض تلك العقبات الصعبة والمنازل المهولة . ونذكر بعض الامور النافعة في درء صعوبات وأهوال ذلك المحلّ بكمال الاختصار . وضمن عدة فصول . وإن وفقني الحقّ تعالى وامهلني الأجل فسوف اصنِّف كتاباً مفصلاً في هذا الباب إن شاء الله تعالى ، ولو انّني لم أر في هذا الزمان مَن يَطلبُ هذه المطالب بشكل جدّي وحقيقي .
وبسبب هذه الملاحظة أيضاً فقد كتبت هذه المختصر بدون اندفاع مع قلة رغبة ، وأسأل الحقّ تعالى التأييد والتوفيق انّه قريب مجيب.
***(1) نهج البلاغة : ج 2 ، ص 183 ، تحقيق محمّد عبده . شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد | ج 11 ، ص 5.
( 104 )
( 105 )
المنزل الأول في هذا السفر
الموت ( 106 )
( 107 )
فصل :
ولهذا المنزل عقبات كؤود ومواقف صعبة ، ونحن نشير الى عقبتين منها :
العقبة الاُولى
سكرات الموت وشدة نزع الروح
(وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)(1).
وهذه العقبة صعبة جداً وانّ شدائدها وصعوباتها تحيط بالمحتضر من جميع الجهات..
فمن جهة تواجهه شدة المرض ، وشدة الوجع ، واعتقال اللسان ، وذهاب القوة من الجسم..
ومن جهة اُخرى يواجه بكاء الأهل والعيال ، ووداعهم له ، وغَمَّ يُتم وغربة أطفاله..
ومن جهة اُخرى يواجه غمَّ مفارقته لماله ومنزله وأملاكه ومدّخراته وأشيائه النفسية التي صرف عمره العزيز من أجل تحصيل المزيد منها ، بل ان أكثر ما عنده عائد للآخرين وقد تملّكه منهم بالظلم والغصب .. وكم تعلقت من الحقوق الشرعية بأمواله ولم يؤدها .. وهو الآن في تلك الحالة ينتبه الى ما اتلفته وخربته أعماله
(1) سورة ق : الآية 19.
( 108 )
بعدما انقضى الأمر وانسدّ طريق اصلاحه. فكان كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «يتذكر أمولاً جمعها اغمض في مطالبها وأخذها من مُصرَّحاتها ، ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره والعبءُ على ظهره»(1)..
ومن جهة اُخرى فهو يواجه هول قدومه على نشأة اُخرى هي غير هذه النشأة.
ثمَّ انّ عينيه تريان أشياءاً لم ترها قبل ذلك:
(فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)(2).
فيرى رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانّه يترقب ايّ حكم يحكمون به ، وأي شيء سوف يوصون به ؟
ومن جهة اُخرى قد اجتمع ابليس واعوانه ليوقعوه في الشك ، وهم يحاولون جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان.
ومن جهة اُخرى يعاني من هول حضور ملك الموت ، وبأي صورة وهيئة سوف يجيئه به ، وبأي نحو سوف يقبض روحه . الى غير ذلك..
قال أمير المؤمين عليه السلام: «فاجتمعت عليه سكرات الموت ، فغير موصوف ما نزل به»(3).
وروى الشيخ الكليني عن الامام الصادق عليه السلام:
«أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينيه ، فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا
(1) نهج البلاغة : فيض الاسلام ، ص 331 ، وراجع نهج البلاغة : ج 1 ، ص 212 محمّد عبدة ، ونقله عنه في البحار: ج 6 ، ص 164 ، كتاب العدل والمعاد | باب سكرات الموت وشدائده : ح 33 . شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد : ج 7 ، ص 201.
(2) سورة ق : الآية 22.
(3) راجع بحار الانوار : ج 73 ، ص 109 . كتاب الإيمان والكفر : مساوىء الأخلاق : باب حبّ الدنيا وذمها : ح 109 نقله عن كتابة (عيون الحكم والمواعظ) لعلي بن محمّد الواسطي.
( 109 )
هو يصيح فقال النبي صلى الله عليه وآله : أجزعاً أم وجعاً ؟ فقال عليه السلام : يا رسول الله ما وجعت وجعاً قط أشدّ منه . فقال صلى الله عليه وآله : يا علي انّ ملك الموت اذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم . فاستوى علي عليه السلام جالساً فقال : يا رسول الله أعد عليَّ حديثك فقد أنساني وجعي ما قُلت.
ثمّ قال : هل يصيب ذلك أحداً من امتك ؟
قال : نعم حاكم جائر ، وآكل مال اليتيم ظلماً ، وشاهد زور»(1).
وأما الأشياء التي تهوِّن سكرات الموت
صلة الرحم :
ما رواه الشيخ الصدوق عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال :
«مَن أحبَّ أن يخفف الله عز وجلّ عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً ، وبوالديه بارّاً ، فإذا كان كذلك هوَّن الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً»(2).
برّ الوالدين :
وروي :
«انّ رسول الله صلى الله عليه وآله حضر شاباً عند وفاته فقال له : قل لا إله إلاّ الله».
قال : فاعتقل لسانه مراراً.
فقال لامرأةٍ عند رأسه : هل لهذا امّ ؟
(1) الكافي : ج 3 ، ص 253 ـ 254 ، والإسناد موثق . ونقله عنه المجلسي في البحار : ج 6 ، ص 170 ، ح 46 ، وفي البحار: ج 61 ، ص 49 ، ح 27.
(2) الأمالي للصدوق : ص 318 ، المجلس 61 ، ح 14 . ونقله عنه في البحار: ج 74 ، ص 66 ، ح 33 ، ونقله الفتال النيشابوري في روضة الواعظين ، ص 1367 (مجلس في ذكر وجوب بر الوالدين) ، ورواه الطبري في مشكاة الأنوار : ص 162 ، الفصل 14 (في حقوق الوالدين وبرهما) وعنه في البحار : ج 82 ، ص 65 ، ح 9.
( 110 )
قالت : نعم أنا امّه.
قال صلى الله عليه وآله : أفساخِطةٌ أنت عليه؟
قالت : نعم ما كَلَّمتُهُ مُنذُ ستّة حجج.
قال صلى الله عليه وآله لها : ارضي عنه.
قالت : رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : قل لا إله إلاّ الله.
قال : فقالها . فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما ترى؟
قال : أرى رجلاً أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة ، وأخذ بكَظمَيَّ.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله قل : يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مِنّي اليسير واعف عنِّي الكثير انَّك الغفور الرحيم.
فقالها الشاب . فقال له النبي صلى الله عليه وآله : انظر ماذا ترى؟
قال : أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني ، وأرى الأسود قد تولى عنّي.
فقال له : اعد ، فأعاد . فقال له : ما ترى ؟
قال : لست أرى الأسود ، وأرى الابيض قد وليني.
ثمّ طفي على تلك الحال(1).
(1) رواه الطوسي في الأمالي : ج 1 ، ص 62 ـ 63 ، ح 4 وروى الصدوق قريباً منه في : من لا يحضره الفقيه : ج 1 ، ص 132 ، ح 347 ، ونقله عنه الحر العاملي في وسائل الشيعة : ج 2 ، كتاب الطهارة : أبواب الاحتضار : باب 39 ، ح 3 ، ونقله النوري في المستدرك : ج 2 ، باب 29 ، ص 129 ، ح 1617 ، الطبعة الحديثة ، وفي ج 1 ، ص 92 ، باب 29 ، ح 1 ، الطبعة الحجرية.
ونقله في المستدرك : ج 15 ، باب 75 ، ص 189 ، ح 17967 ، الطبعة الحديثة ، ونقله في ج 15 ، باب 75 ، ص 196 ـ ح 17933 عن القطب الراوندي في لب اللباب ، وسمّى الشاب ç
( 111 )
يقول المؤلّف :
تأمّل في هذا الحديث جيداً ، وانظر كم هو أثر العقوق فمع انّ هذا الشاب كان من الصحابة وانّ نبي الرحمة صلى الله عليه وآله قد عاده زائراً وجلس عند وسادته ، ولقنه بنفسه الشريفة كلمة الشهادة ، ومع كل ذلك فلم يتمكن على النطق بتلك الكلمة إلاّ بعدما رضيت عنه امّه ، وحينئذٍ انطلق لسانه فقال كلمة الشهادة.
كسي المؤمن :
وروي أيضاً عن الامام الصادق عليه السلام :
«مَن كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة ، وأن يهوّن عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره»(1).
اطعام المؤمن الحلوى :
وروي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله :
«من اطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت»(2).
* ومِنَ الامور الاُخرى التي تنفع في تعجيل راحة المحتضر قراءة سورة يس
è (الحارث) ونقله في البحار : ج 74 ، ص 75 ، ح 68 ، وفي البحار : 81 ، ص 232 ، ح 7 ، وفي البحار : ج 95 ، ص 342 ، ح 1.
(1) رواه الكليني في الكافي : ج 2 ، ص 204 ، كتاب الإيمان والكفر : باب مَن كسا مؤمناً : ح 1 ، ورواه عن المجلسي في البحار : ج 74 ، ص 380 ، وتكملة الحديث :
«وأن يلقى الملائكة اذا خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه: (وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون)».
(2) رواه القطب الراوندي في الدعوات : ص 141 ، فصل (في ذكر أشياء من المأكولات والمشروبات وكيفية تناولها) ، ح 359 ، ونقله المجلسي في البحار ، ج 66 ، ص 288 ، وفي ج 75 ، ص 456 ، ح 33 ، ونقله في المستدرك : ج 16 ، ص 355 ، ح 20152 ، الطبعة الحديثة.
( 112 )
والصافات(1) وكلمات الفرج عنده(2).
*وروى الشيخ الصدوق عن الامام الصادق عليه السلام:
«مَن صام يوماً من آخر هذا الشهر(1) كان ذلك أماناً من شدة سكرات الموت ،
(1) روى الكليني في الكافي الشريف : كتاب الجنائز : باب اذا عسر على الميت الموت واشتد عليه النزع : ح 5 ، ج 3 ، ص 126 بالإسناد عن سليمان الجعفري قال : رأيت أبا الحسن يقول لابنه القاسم : قم يابني فاقرا عند رأس أخيك (والصفات صفاً) حتّى تستتمها ، فقرأ فلما بلغ (أهم اشدّ خلقاً أمّن خلقنا) قضى الفتى ، فلّما سُجِّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر ، فقال له : كنّا نعهد الميت اذا نزل به يقرأ عنده (يس والقرآن الحكيم) وصرت تأمرنا بالصافات ، فقال : يا بني لم يقرأ عبدٌ مكروبٌ من موت قط إلاّ عجّل الله راحته).
وفي الوسائل : كتاب الطهارة : أبواب الاحتضار ، باب 41 ، ح 1 ، عن الكافي بدل (لم يقرأ عبدُ ... الخ) (لم تقرأ عند مكروب «ومن موت» قط الاّ عجل الله راحته).
(2) وردت في روايات كثيرة : منها ما رواه الكليني في الكافي الشريف بروايات عدة منها : بإسناد صحيح عن زرارة رحمه الله عن أبي جعفر عليه السلام قال :
اذا ادركت الرّجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج (لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، لا إله إلاّ الله العلي العظيم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وما فيهنَّ وما بينهنَّ وما تحتهنّ وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين).
الكافي : كتاب الجنائز : باب تلقين الميت : ح 3 ، ج 3 ، ص 122.
وروى في ح 7 ، ج 3 ، ص 124 بالإسناد الى عبدالله بن ميمون القداح عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام اذا حضر أحداً من أهل بيته الموتُ قال له : قل : لا إله إلاّ الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهنَّ وما بينهما ّ وربّ العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (فاذا قالها المريض قال : اذهب فليس عليك بأسٌ).
وروى في ح 9 ، ج 3 ، ص 124 ، بإسناد صحيح عن أبي عبدالله عليه السلام:
انّ رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي . فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : قل : (لا إله إلاّ الله العلي العظيم ، لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وما بينهنّ وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين) فقالها : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : (الحمد لله الذي استنقذه من النار).
أقول : الظاهر انّ الكلمات وحدة . أتم الروايات الصحيحة الاُولى والله تعالى أعلم.
(3) يعني شهر رجب الأَصب.
( 113 )
وأماناً له من هول المطلع وعذاب القبر»(1).
* واعلم انّ لصيام أربعة وعشرين يوماً من رجب ثواب عظيم فمن جملته :
«ومَن صامِ مِن رجب أربعةً وعشرين يوماً فإذا نزل به من ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلّة من ديباج أخضر على فرس من أفراس الجنان وبيده حرير أخضر ممسّك بالمسك الاذفر وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان ، فسقاه عند خروج نفسه ، يهوّن به عليه سكرات الموت ثمّ يأخذ روحه في تلك الحرير فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريّان حتّى يرد حوض النبي صلى الله عليه وآله»(2).
*وقد روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله :
«مَن صلى الليلة السابعة من رجب أربع ركعات بالحمد مرّة وقل هو الله أحد ثلاث مرّات ، وقل اعوذ برب الفلق ، وقل اعوذ برب الناس ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله عند الفراغ عشر مرّات ، ويقول الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر) عشر مرّات ؛ اظله الله تحت ظلّ عرشه ويعطيه ثواب مَن صام شهر رمضان واستغفرت له الملائكة حتّى يفرغ من هذه الصلاة ويسهّل عليه النزع وضغطة القبر ولا يخرج من الدنيا حتّى يرى مكانه في الجنّة وآمنه الله من الفزع الأكبر»(3).
* وروى الشيخ الكفعمي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله :
«مَن قال هذه الكلمات في كل يوم عشراً غفر الله تعالى له أربعة آلاف كبيرة ، ووقاه من شرّ الموت ، وضغطة القبر ، والنشور ، والحساب ، والأهوال كلها وهو مائة هول أهونها الموت ، ووقي مِن شرِّ ابليس وجنوده ، وقضي دينه وكُشِفَ همّه وغمّه وفرِّج كربه».
(1) رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة : ص 18 ، ح 3 ، ورواه في الأمالي : ص 23 ، المجلس الرابع ، ح 7 ، ونقله المجلسي في البحار : ج 97 ، ص 32 ـ 33 ، ح 6.
(2) رواه الصدوق في الأمالي : ص 432 ، المجلس 80 ، ح 1.
(3) رواه السيّد ابن طاووس في اقبال الأعمال : ص 651 ـ 652 الطبعة الحجرية.
( 114 )
تعليق