قهوة الصباح
سيد ضياء الموسوي
المشاريع الثورية... جينات مختلفة والحامض النووي واحد
يقول آلبير كامو: إني لا أبحث عن مجد وإنما أبحث عن السعادة.
ليس مهمًا أن ترفل بحرير المجد بقدر ما يهم أن تتصالح سفن ذاتك بمرافئ سلامك الداخلي.
كن أنت وكفى.
هذا أنا، لذا أنا لا أكتب أسطرًا ستتسمر على أعين هذا الجيل أو ذاك؛ وإنما عيني على الأجيال المقبلة بعد 300 مئة عام.
اسمحوا اليوم، أن انتقد بأسلوب حضاري خطاب الأحزاب ذات الإسلام السياسي.
ساعِد الفقراء تكن قريبًا من الله لكن لا تطعمهم خطابات محشوة بالهواء، وأنت لم تطعم فقيرًا واحدًا طيلة عمرك أو تفتح بيتًا ومن ثم تريد أن تكون وصيًا عليهم باسم الدين =.
الأجيال المقبلة تلك، ربما تخرج من غيبوبة المؤدلجين، وتتمرد على سجون الأفكار ومعتقلات الاعتقال الدينية ومناجم الأحزاب.
ما دام الإنسان مؤدلجًا، وتفرخ بعقله طيور التحزب، سيبقى في غيبوبته السياسية وسيبقى وحشًا متوترًا متطرفًا خصيمًا للابتسامة ولا يرى في الحياة إلا ظلاله.
هكذا هو التاريخ، المؤدلجون مرعبون ومخيفون وقلقون ومتوترون.
المتطرف الإسلامي أو القومي أو الشيوعي أو الليبرالي مخيف لأنه عدو حرية الآخر.
اليوم، تتصاعد عند الأحزاب الإسلامية، ادعاءاتهم بالإيمان وتهمة الآخرين بالكفر في العالم العربي وكذلك عندنا في البحرين.
المؤدلج يقيم بعقله شرطي لقمع أي آخر يختلف معه ولو كان هذا الآخر حضاريًا.
ذات يوم، كان الماركسي يدور بكرباجه إما على شكل حزب أو شكل نظام ليقمع أي مختلف معه على أنه (رجعي) و(امبريالي).
السندويشات التي كان يوزعها الماركسي المتطرف يقوم بتوزيعها اليوم رجل الدين المتطرف الشيعي والسني ولكن بتغيير نوعية ورق السندويش.
على بوابة التاريخ، يتبادل المؤدلجون ثياب الشرطي، فإذا انتهت مرحلة واحد منهم لبس اللباس الآخر ذات الثياب وقد تختلف النجوم المعقودة على الكتب بين هلال عسكري أو هلال ديني أو صليب معقود.
الزعماء الثوريون المؤدلجون ديكتاتوريون.
الجنرال الديكتاتور جنرال ديكتاتور أكان ببزة عسكرية أو بجبة.
هم النقاء وبقية العالم نجاسة. هم المؤمنون وبقية الناس كفرة. هم القريبون لله وبقية العالم شياطين.
هم المخلصون للشعب ولو لم يوظفوا شخصًا أو يساعدوا فقيرا وبقية الناس أعداء للفقراء وإن كانت حياة غيرهم كلها عطاء للفقراء.
الدكتاتور دكتاتور، ألبس عمامة أو «نكتاي» أو قبعة. يتغير الشكل ويبقى الدم واحدًا.
سأضرب لكم أمثلة سريعة، ستجدونهم جميعًا في سلة واحدة، وإن كان الديني أخطر، لأنه يدعي الولاية من قبل الله والوصاية من قبل السماء؛ بمعني يحارب بسكين شرعية وبكرباج مهرب من السماء ولو بطائرة مدنية.
لينين كان لا يرى إلا الشيوعيين، فقمع كل من لا يؤمن بالشيوعية. فكان يقول «إن موت ثلاثة أرباع الشعب الروسي ليس بشيء، المهم أن يصبح الربع الباقي منهم شيوعيين)).
في النهاية سقط الاتحاد السوفيتي، لأن الله لا يقبل إلا بالتنوع، وخلقنا لنكون مختلفين وحضاريين في الاختلاف. لا يوجد إنسان يمثل قيمة بنفسه. قيمتنا بالآخر. إذن الإنسانية ودولة الإنسان هما الطرق الأقرب للتنمية شريطة نقدهما وتطويرهما باستمرار.
استالين حكم الروس بذات الأسلوب وأشد وراح يقول «إن موت الإنسان قد يكون تراجيديا، لكن موت الملايين مسألة إحصائية».
فرنسا حكمها لويس الخامس عشر بالنار، ووقف أمام البرلمان في باريس قائلا «في شخصي وحده تجتمع السلطة دون حسيب ورقيب».
كل أولئك سقطوا. وراحت شعوبهم تبحث عن الإنسانية وحكم المدنية وفصل الدين والايديولوجيات الثورية عن الدولة وانظر كيف تحولوا؟
البريطاني اوليفركرومويل حكم بالنار والسلاح وراح يقول «تسعة من كل عشرة مواطنين يكرهونني.. ما أهمية ذلك إن كان العاشر وحده مسلحا».
السلاح ليس حلا؛ أكان سلاحا عسكريا أو سلاح فتوى أو شرطة دينية أو ثورية. الحل الإقناع والتنمية والحضارة والحرية المقيدة بقوانين تتوافق مع حركة التاريخ وقيمة الإنسان.
رحل هذا الطاغية وبقت الديمقراطية البريطانية تشع بالمدنية.
ماوتسي تونغ حكم الصين بالحديد وذبح معارضيه وكان يقول «السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية».
الحزب الشيوعي الصيني تمرد على نظريته، وراح يفكر في التنمية الاقتصادية. انظروا أين وصلت الصين.
فرانكو راح يوزع القنابل الأهلية بين الإسبانيين وذبح من ذبح وهو القائل «إخضاع الناس بالحديد والنار هو الحل».
رحل فرانكو وبقيت إسبانيا التعددية جميلة بمدنيتها.
الامبراطورية العثمانية حكمت بالقوة وباسم الإسلام وسقطت وجاء اتاتورك وحكم بالتطرف العلماني تركيا، وألغى الأذان وصادر أي حرية دينية وفشل. نشهد اليوم كيف تركيا تتجه للاعتدال، بوش قسم الناس إلى فئتين: إما معي وإما ضدي. فشلت كل مشاريعه ورحنا ننام على الحروب، بن لادن قسم العالم إلى فسطاطين: مؤمن وكافر وفشل مشروعه.
نجاد راح يقسم الإيرانيين والعالم أجمع، إما معي وإما ضدي وبدا هناك شرخ كبير في إيران.
نظام ولاية الفقيه قائم على إما معي وإما ضدي. من لا يؤمن بولاية الفقيه ولو نظريًا يصادر حقه وهذه بداية النهاية.
حركة التاريخ واحدة. الانهيارات تبدأ هكذا، وتحتاج لوقت حتى تفرغ ما في جوفها ثم تنهار وتبدأ مرحلة جديدة. المدنية ولبرلة الدولة وفصل السياسية عن الأديان والنقد للتجربة هي مواقع القوة لبقاء أي مشروع أو تجربة.
اليوم في البحرين، نشهد التقسيم ذاته عند الدينيين بصورة دكتاتورية وبعقلية لينينية ماركسية ماوتسي تغية نجادية فرانكونية إسلامية.
تغيرت الثياب والعقلية هي هي.
«مرشح مؤمن» و»مرشح كافر».
بالأمس ستالين يقول: «مع الرفاق» أو»ضد الرفاق».
هتلر كان يقول:
«مع النازية أو ضدها»، وموسوليني يقول: «مع الفاشية أو ضدها»، وصدام «مع البعثية أو ضدها»، وبوش «مع الرأسمالية أو ضدها».
واليوم الأحزاب الإسلامية تقول: «مع المؤمنين» أم «ضد المؤمنين».
فكروا في الإنسان وأنسنة المشاريع والحياة.
بقدر ما تكون إنسانا، تكون وطنيًا ومنتجًا ومعطاء.
قولوا أنتم
مع إيجابيات الجميع) ولسنا مع (سلبيات الجميع).
لا يوجد أحد كامل والإنسانية فوق الأديان وفوق كل المشاريع.
سيد ضياء الموسوي
المشاريع الثورية... جينات مختلفة والحامض النووي واحد
يقول آلبير كامو: إني لا أبحث عن مجد وإنما أبحث عن السعادة.
ليس مهمًا أن ترفل بحرير المجد بقدر ما يهم أن تتصالح سفن ذاتك بمرافئ سلامك الداخلي.
كن أنت وكفى.
هذا أنا، لذا أنا لا أكتب أسطرًا ستتسمر على أعين هذا الجيل أو ذاك؛ وإنما عيني على الأجيال المقبلة بعد 300 مئة عام.
اسمحوا اليوم، أن انتقد بأسلوب حضاري خطاب الأحزاب ذات الإسلام السياسي.
ساعِد الفقراء تكن قريبًا من الله لكن لا تطعمهم خطابات محشوة بالهواء، وأنت لم تطعم فقيرًا واحدًا طيلة عمرك أو تفتح بيتًا ومن ثم تريد أن تكون وصيًا عليهم باسم الدين =.
الأجيال المقبلة تلك، ربما تخرج من غيبوبة المؤدلجين، وتتمرد على سجون الأفكار ومعتقلات الاعتقال الدينية ومناجم الأحزاب.
ما دام الإنسان مؤدلجًا، وتفرخ بعقله طيور التحزب، سيبقى في غيبوبته السياسية وسيبقى وحشًا متوترًا متطرفًا خصيمًا للابتسامة ولا يرى في الحياة إلا ظلاله.
هكذا هو التاريخ، المؤدلجون مرعبون ومخيفون وقلقون ومتوترون.
المتطرف الإسلامي أو القومي أو الشيوعي أو الليبرالي مخيف لأنه عدو حرية الآخر.
اليوم، تتصاعد عند الأحزاب الإسلامية، ادعاءاتهم بالإيمان وتهمة الآخرين بالكفر في العالم العربي وكذلك عندنا في البحرين.
المؤدلج يقيم بعقله شرطي لقمع أي آخر يختلف معه ولو كان هذا الآخر حضاريًا.
ذات يوم، كان الماركسي يدور بكرباجه إما على شكل حزب أو شكل نظام ليقمع أي مختلف معه على أنه (رجعي) و(امبريالي).
السندويشات التي كان يوزعها الماركسي المتطرف يقوم بتوزيعها اليوم رجل الدين المتطرف الشيعي والسني ولكن بتغيير نوعية ورق السندويش.
على بوابة التاريخ، يتبادل المؤدلجون ثياب الشرطي، فإذا انتهت مرحلة واحد منهم لبس اللباس الآخر ذات الثياب وقد تختلف النجوم المعقودة على الكتب بين هلال عسكري أو هلال ديني أو صليب معقود.
الزعماء الثوريون المؤدلجون ديكتاتوريون.
الجنرال الديكتاتور جنرال ديكتاتور أكان ببزة عسكرية أو بجبة.
هم النقاء وبقية العالم نجاسة. هم المؤمنون وبقية الناس كفرة. هم القريبون لله وبقية العالم شياطين.
هم المخلصون للشعب ولو لم يوظفوا شخصًا أو يساعدوا فقيرا وبقية الناس أعداء للفقراء وإن كانت حياة غيرهم كلها عطاء للفقراء.
الدكتاتور دكتاتور، ألبس عمامة أو «نكتاي» أو قبعة. يتغير الشكل ويبقى الدم واحدًا.
سأضرب لكم أمثلة سريعة، ستجدونهم جميعًا في سلة واحدة، وإن كان الديني أخطر، لأنه يدعي الولاية من قبل الله والوصاية من قبل السماء؛ بمعني يحارب بسكين شرعية وبكرباج مهرب من السماء ولو بطائرة مدنية.
لينين كان لا يرى إلا الشيوعيين، فقمع كل من لا يؤمن بالشيوعية. فكان يقول «إن موت ثلاثة أرباع الشعب الروسي ليس بشيء، المهم أن يصبح الربع الباقي منهم شيوعيين)).
في النهاية سقط الاتحاد السوفيتي، لأن الله لا يقبل إلا بالتنوع، وخلقنا لنكون مختلفين وحضاريين في الاختلاف. لا يوجد إنسان يمثل قيمة بنفسه. قيمتنا بالآخر. إذن الإنسانية ودولة الإنسان هما الطرق الأقرب للتنمية شريطة نقدهما وتطويرهما باستمرار.
استالين حكم الروس بذات الأسلوب وأشد وراح يقول «إن موت الإنسان قد يكون تراجيديا، لكن موت الملايين مسألة إحصائية».
فرنسا حكمها لويس الخامس عشر بالنار، ووقف أمام البرلمان في باريس قائلا «في شخصي وحده تجتمع السلطة دون حسيب ورقيب».
كل أولئك سقطوا. وراحت شعوبهم تبحث عن الإنسانية وحكم المدنية وفصل الدين والايديولوجيات الثورية عن الدولة وانظر كيف تحولوا؟
البريطاني اوليفركرومويل حكم بالنار والسلاح وراح يقول «تسعة من كل عشرة مواطنين يكرهونني.. ما أهمية ذلك إن كان العاشر وحده مسلحا».
السلاح ليس حلا؛ أكان سلاحا عسكريا أو سلاح فتوى أو شرطة دينية أو ثورية. الحل الإقناع والتنمية والحضارة والحرية المقيدة بقوانين تتوافق مع حركة التاريخ وقيمة الإنسان.
رحل هذا الطاغية وبقت الديمقراطية البريطانية تشع بالمدنية.
ماوتسي تونغ حكم الصين بالحديد وذبح معارضيه وكان يقول «السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية».
الحزب الشيوعي الصيني تمرد على نظريته، وراح يفكر في التنمية الاقتصادية. انظروا أين وصلت الصين.
فرانكو راح يوزع القنابل الأهلية بين الإسبانيين وذبح من ذبح وهو القائل «إخضاع الناس بالحديد والنار هو الحل».
رحل فرانكو وبقيت إسبانيا التعددية جميلة بمدنيتها.
الامبراطورية العثمانية حكمت بالقوة وباسم الإسلام وسقطت وجاء اتاتورك وحكم بالتطرف العلماني تركيا، وألغى الأذان وصادر أي حرية دينية وفشل. نشهد اليوم كيف تركيا تتجه للاعتدال، بوش قسم الناس إلى فئتين: إما معي وإما ضدي. فشلت كل مشاريعه ورحنا ننام على الحروب، بن لادن قسم العالم إلى فسطاطين: مؤمن وكافر وفشل مشروعه.
نجاد راح يقسم الإيرانيين والعالم أجمع، إما معي وإما ضدي وبدا هناك شرخ كبير في إيران.
نظام ولاية الفقيه قائم على إما معي وإما ضدي. من لا يؤمن بولاية الفقيه ولو نظريًا يصادر حقه وهذه بداية النهاية.
حركة التاريخ واحدة. الانهيارات تبدأ هكذا، وتحتاج لوقت حتى تفرغ ما في جوفها ثم تنهار وتبدأ مرحلة جديدة. المدنية ولبرلة الدولة وفصل السياسية عن الأديان والنقد للتجربة هي مواقع القوة لبقاء أي مشروع أو تجربة.
اليوم في البحرين، نشهد التقسيم ذاته عند الدينيين بصورة دكتاتورية وبعقلية لينينية ماركسية ماوتسي تغية نجادية فرانكونية إسلامية.
تغيرت الثياب والعقلية هي هي.
«مرشح مؤمن» و»مرشح كافر».
بالأمس ستالين يقول: «مع الرفاق» أو»ضد الرفاق».
هتلر كان يقول:
«مع النازية أو ضدها»، وموسوليني يقول: «مع الفاشية أو ضدها»، وصدام «مع البعثية أو ضدها»، وبوش «مع الرأسمالية أو ضدها».
واليوم الأحزاب الإسلامية تقول: «مع المؤمنين» أم «ضد المؤمنين».
فكروا في الإنسان وأنسنة المشاريع والحياة.
بقدر ما تكون إنسانا، تكون وطنيًا ومنتجًا ومعطاء.
قولوا أنتم

لا يوجد أحد كامل والإنسانية فوق الأديان وفوق كل المشاريع.
تعليق