المرأة المسلمة الملتزمة بحجابها الإسلامي في لبنان ساهمت بكل شموخ وصمود وعنفوان في إسقاط غطرسة العدو الإسرائيلي، وفي إلحاق الهزيمة بجيشه الذي لا يقهر، فخرج مذعوراً مدحوراً من أرض الجنوب… ولا زالت المرأة المسلمة الملتزمة في لبنان تمارس دوراً واضحاً في كل الفعاليات الثقافية والاجتماعية والتربوية والإعلامية والسياسية.
ولا أريد الاسترسال في سرد أدوار المرأة المسلمة الملتزمة في الكثير من البلدان العربية والإسلامية، وفي مناطق متعددة من العالم.. وإنما الهدف من إثارة هذه الشواهد هو البرهنة على زيف المقولات المناهضة للدين..
أثارت إعجابي كلمات لفتاة بحرانية قرأتها قبل أشهر في جريدة الأيام… تقول هذه الفتاة الملتزمة:
"كنت أدرس في إحدى الدول العربية وبسبب ارتدائي الحجاب عانيت الأمرّين، حتى اضطررت إلى ترك دراسة الطب بعد أن خيّرتني الجامعة التي أدرس فيها بين أن أخلع الحجاب أو أترك الدراسة، فتركتها بعد أن كنت متفوقة وفي سنتي الثانية، وعدت للبحرين مرفوعة الرأس بحجاب الإيمان والتقوى هذا مع أن بعض أقاربي نصحوني بمواصلة الدراسة بدون حجاب، لكن ذلك لم يكن يهمني، وأنا أواصل دراستي في تخصص آخر في جامعة البحرين، وكم أنا سعيدة الآن ومرتاحة الضمير تغمرني السكينة وأحس بتوفيق الله لي أين ما ذهبت".
وتحضرني كلمة المرأة المسلمة التركية (مروة قاوقجي) حينما أحدثت ضجة الحجاب.. "مانعوا الحجاب ومطاردو الفضيلة، فإن مسعاهم الخائب سينتهي إلى خسران؛ لأن إطفاء نور الله مهمة مستحيلة، لم يفلح فيها بشر أبداً".
المثال الثالث:
المرأة والتعاطي مع بعض ألوان الفن المعاصرة -أسوق هذا كمثال لتغاير النهجين وليس لمعالجة المسألة- في ساحة هذا الفن يبرز: الغناء، الموسيقى، الرقص، المسرح، السينما…النهج الآخر -الذي يعتمد الرؤية غير الإسلامية- يبارك كل هذه الألوان من الفن، بكل أشكالها وصيغها، وأجوائها… ويعتبرها أنماط حضارية، وظواهر رقي وتقدم في مجتمعات هذا العصر…
والمرأة هي العنصر الأكثر إثارة وجاذبية وفاعلية في عالم الفن المعاصر؛ ولذلك تم توظيفها بكل إتقانٍ لأداء هذا الدور…
وفي ضوء هذا الفهم يتجه مشروع النهوض بواقع المرأة -وفق المنظور اللا إسلامي- إلى أن تشغيل الطاقات والإمكانات الفنية -فيما هو الفن بأشكاله المتنوعة- عند المرأة هو من متبنيات هذا المشروع واهتماماته الأساسية، دونما حساب للضوابط والمعايير الدينية والأخلاقية ما دامت المرأة تساهم بشكل فاعل في تنشيط حركة الفن، وتحقيق أهدافه…
أما النهج الإسلامي -وفق منظوراته وتصوراته- فيرفض "الفن الهابط" بكل أشكاله وألوانه وصوره، كونه يشكل مصادرة واستلاب وتمييع لقيم الأمة، وأخلاقيّاتها الأصيلة فلا يسمح الإسلام بممارسة أي لون من ألوان هذا "الابتذال الأخلاقي" مهما حاولت "ثقافة الاستلاب" أن تعطيه تهاويل الإغراء والاجتذاب…
الإسلام لا يحمل عقدة تجاه "الفن النظيف" الذي يؤصل قيم الأمة، ويحافظ على نظافة أخلاقها، ويحمني دينها، ومبادءها ويعتمد الأساليب المشروعة التي لا تقترب من منطقة الحرام..
فالفن المحرم بعناوينه الأولية أو بعناوينه الثانوية، هو فن مرفوض، لا يسمح الإسلام بالتعاطي معه سواء بالنسبة للرجل أو بالنسبة للمرأة…
والفن الهادف النظيف الذي لا يحمل أي مخالفة شرعية، فهو فن لا يمنع منه الإسلام بل يعتمده أسلوباً من أساليب الدعوة والتبليغ، ونحن ندعو لأن تتأسس جمعية للفن الإسلامي، ندعو لتوظيف الطاقات والكفاءات الموجودة في شبابنا وشاباتنا، توظيفاً يخدم أهداف الإسلام ، ويساهم في تحصين الأمة روحياً وأخلاقياً وثقافياً، وفي صياغة الواقع الاجتماعي والتربوي والإعلامي والسياسي صياغة نظيفة هادفة، ويعطي للحركة الفنية مضمونها الأصيل، وصبغتها الأنقى والأطهر…
من خلال هذه الأمثلة الثلاثة تتضح لنا المسافة بين المنظور الإسلامي والمنظور الآخر في التعاطي مع "مشروع النهوض بواقع المرأة" فهناك رؤيتان متغايرتان في مساحات كبيرة من هذا المشروع، ولا ننفي إمكانية أن تلتقي الرؤيتان في بعض المساحات..
ثانيا: أهم مكونات المشروع الإسلامي للنهوض بواقع المرأة:
وهمّنا هنا أن نؤكد على أهم المكونات في المشروع الإسلامي للنهوض بواقع المرأة:
1. القاعدة الأساسية لهذا المشروع:
يجب أن يرتكز المشروع النهضوي النسوي على "القاعدة الإسلامية"، ومن خلال هذه القاعدة تتحد "المنطلقات"و"الأهداف" وتحدد "المناهج والوسائل" و تتحدد المفاهيم والأفكار ، والمعايير والقيم…
هنا يتمايز هذا المشروع الإسلامي عن بقية المشاريع الأخرى التي تأسست على قواعد فكرية متنافيه مع القاعدة الفكرية الإسلامية…
وبمقدار ما يتركز الارتساء على "القاعدة الإسلامية"تتحد "أصالة الانتماء "في المشروع النهضوي،وفي ضوء هذه الأصالة يتحدد الموقف من كل المشروعات النسوية المتحركة في الساحة.
2- الوعي الإسلامي:
يجب أن يمتلك "المشروع النهضوي" وعياً إسلامياً أصيلاً ،تتأسس من خلاله كل الرؤى والتصورات، والأفكار والمفاهيم ،التي يعتمدها المشروع في صياغة الواقع النسوي في جميع مكوناته…
إن غياب الوعي الأصيل يعرض المشروع إلى منحيين خطيرين :
المنحى الأول:
الجمود الانغلاق؛مما يؤدي إلى خلق حالة من "الشلل" في حركة المشروع وتعطيل الكثير من إمكاناته وقدراته…كما يعطي ذلك مبرراً لأعداء المشروع أن يتهموه بالإفلاس و العجز والقصور…
المنحى الثاني:
الارتباك والتعثر، وربما الانحراف .. فالانطلاق بالمشروع بطريقة لا تملك رؤية واعية بصيرة سوف لن يحمي المشروع من الارتباك والتعثر، ولن يحفظ على سلامة المسار، واستقامة الحركة… وبالتالي لن يحقق المشروع أهدافه في النهوض بواقع المرأة وفق منظور الإسلام وتصوراته…
وهنا جانب آخر خطير نتيجة غياب الوعي الإسلامي الأصيل، وهو في حالة الغبش في التعاطي مع المصطلحات المطروحة في الساحة الثقافية، وفي الساحة الاجتماعية وفي الساحة السياسية… وهي مصطلحات ضبابية وقد تختزن في داخلها مضامين تتنافى مع منظوراتنا الإسلامية، وكذا تتسرب هذه المضامين بطريقة غير مباشرة إلى ذهنية الأمة، فتتشكل هذه الذهنية وفق رؤى وتصورات منحرفة عن الإسلام أو رؤى وتصورات لا تحمل النقاوة والأصالة فيجب على المشروع النهضوي النسوي أن يتعاطى مع هذه المصطلحات بحذرٍ شديد حتى لا يتورط في متاهات تبعده عن مساراته الأصلية، وتنأى به عن خط الله تعالى…
3. الصبغة الروحية والأخلاقية:
قيمة المشروع النهضوي الإسلامي بما يحمله من صبغة روحية متميزة، وأخلاقية إيمانية عالية، فيجب أن تنطبع حركة المشروع في إمتداداتها الثقافية والاجتماعية والسياسية بهذه الصبغة الروحية، وبهذه الخصوصية الأخلاقية، وهكذا يتميز المشروع الإسلامي للنهوض بواقع المرأة بالطابع الروحاني والأخلاقي، وهذا الطابع هو تجسيد للمضمون العبادي… فالحركة النهضوية هنا ليست عملاً ثقافياً، اجتماعياً، سياسياً بحتاً، وإنما هي عمل عبادي يستهدف الحصول على "القرب من الله تعالى" والتوفر على "مغفرته ورضوانه" {إنما يتقبل الله من المتقين} فإذا كانت المشروعات النهضوية الأخرى، غالباً ما تحكمها المصالح والمنافع الذاتية، والدوافع الدنيوية البحتة، فإن المشروع النهضوي الإسلامي، تحكمه الدوافع الأخروية والمعايير الأخلاقية، ما يمنحه النظافة والطهر والنقاء، والصدق والإخلاص والتضحية والإيثار، والديمومة والبقاء..
4. التوازن بين حاجات الروح وحاجات الجسد:
من أهم خصائص المشروع النهضوي الإسلامي أنه يوازن بين حاجات الروح وحاجات الجسد، ويوازن بين مطالب الآخرة ومطالب الدنيا، فليس مشروعاً للإصلاح والبناء والتغيير هذا المشروع الذي يعمر دنيا الإنسان، ويخرب آخرته، هذا المشروع الذي يستجيب لحاجات الجسد، ويتنكر حاجات الروح…
والعكس صحيح، فليس مشروعاً للإصلاح والبناء والتغيير ذلك الذي يتنكر لحاجات الجسد، ويتغافل عن مطالب الدنيا.. {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخر ولا تنس نصيبك من الدنيا}. {أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا}.
المشروع الذي يعتمد "منهج الله" هو القادر على هذه "الموازنة" وما عداه فهي مشروعات لا تعطي الحياة إلا الخسران والشقاء والحرمان والضياع، والبؤس، والعناء {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}
فأي مشروع يحاول أن يصوغ الحياة بعيداً عن "منهج الله" فهو مشروع
خاسر لا يحمل للإنسان إلا مزيداً من التيه والضلال والعمى في الدنيا والآخرة {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}.
ولا أريد الاسترسال في سرد أدوار المرأة المسلمة الملتزمة في الكثير من البلدان العربية والإسلامية، وفي مناطق متعددة من العالم.. وإنما الهدف من إثارة هذه الشواهد هو البرهنة على زيف المقولات المناهضة للدين..
أثارت إعجابي كلمات لفتاة بحرانية قرأتها قبل أشهر في جريدة الأيام… تقول هذه الفتاة الملتزمة:
"كنت أدرس في إحدى الدول العربية وبسبب ارتدائي الحجاب عانيت الأمرّين، حتى اضطررت إلى ترك دراسة الطب بعد أن خيّرتني الجامعة التي أدرس فيها بين أن أخلع الحجاب أو أترك الدراسة، فتركتها بعد أن كنت متفوقة وفي سنتي الثانية، وعدت للبحرين مرفوعة الرأس بحجاب الإيمان والتقوى هذا مع أن بعض أقاربي نصحوني بمواصلة الدراسة بدون حجاب، لكن ذلك لم يكن يهمني، وأنا أواصل دراستي في تخصص آخر في جامعة البحرين، وكم أنا سعيدة الآن ومرتاحة الضمير تغمرني السكينة وأحس بتوفيق الله لي أين ما ذهبت".
وتحضرني كلمة المرأة المسلمة التركية (مروة قاوقجي) حينما أحدثت ضجة الحجاب.. "مانعوا الحجاب ومطاردو الفضيلة، فإن مسعاهم الخائب سينتهي إلى خسران؛ لأن إطفاء نور الله مهمة مستحيلة، لم يفلح فيها بشر أبداً".
المثال الثالث:
المرأة والتعاطي مع بعض ألوان الفن المعاصرة -أسوق هذا كمثال لتغاير النهجين وليس لمعالجة المسألة- في ساحة هذا الفن يبرز: الغناء، الموسيقى، الرقص، المسرح، السينما…النهج الآخر -الذي يعتمد الرؤية غير الإسلامية- يبارك كل هذه الألوان من الفن، بكل أشكالها وصيغها، وأجوائها… ويعتبرها أنماط حضارية، وظواهر رقي وتقدم في مجتمعات هذا العصر…
والمرأة هي العنصر الأكثر إثارة وجاذبية وفاعلية في عالم الفن المعاصر؛ ولذلك تم توظيفها بكل إتقانٍ لأداء هذا الدور…
وفي ضوء هذا الفهم يتجه مشروع النهوض بواقع المرأة -وفق المنظور اللا إسلامي- إلى أن تشغيل الطاقات والإمكانات الفنية -فيما هو الفن بأشكاله المتنوعة- عند المرأة هو من متبنيات هذا المشروع واهتماماته الأساسية، دونما حساب للضوابط والمعايير الدينية والأخلاقية ما دامت المرأة تساهم بشكل فاعل في تنشيط حركة الفن، وتحقيق أهدافه…
أما النهج الإسلامي -وفق منظوراته وتصوراته- فيرفض "الفن الهابط" بكل أشكاله وألوانه وصوره، كونه يشكل مصادرة واستلاب وتمييع لقيم الأمة، وأخلاقيّاتها الأصيلة فلا يسمح الإسلام بممارسة أي لون من ألوان هذا "الابتذال الأخلاقي" مهما حاولت "ثقافة الاستلاب" أن تعطيه تهاويل الإغراء والاجتذاب…
الإسلام لا يحمل عقدة تجاه "الفن النظيف" الذي يؤصل قيم الأمة، ويحافظ على نظافة أخلاقها، ويحمني دينها، ومبادءها ويعتمد الأساليب المشروعة التي لا تقترب من منطقة الحرام..
فالفن المحرم بعناوينه الأولية أو بعناوينه الثانوية، هو فن مرفوض، لا يسمح الإسلام بالتعاطي معه سواء بالنسبة للرجل أو بالنسبة للمرأة…
والفن الهادف النظيف الذي لا يحمل أي مخالفة شرعية، فهو فن لا يمنع منه الإسلام بل يعتمده أسلوباً من أساليب الدعوة والتبليغ، ونحن ندعو لأن تتأسس جمعية للفن الإسلامي، ندعو لتوظيف الطاقات والكفاءات الموجودة في شبابنا وشاباتنا، توظيفاً يخدم أهداف الإسلام ، ويساهم في تحصين الأمة روحياً وأخلاقياً وثقافياً، وفي صياغة الواقع الاجتماعي والتربوي والإعلامي والسياسي صياغة نظيفة هادفة، ويعطي للحركة الفنية مضمونها الأصيل، وصبغتها الأنقى والأطهر…
من خلال هذه الأمثلة الثلاثة تتضح لنا المسافة بين المنظور الإسلامي والمنظور الآخر في التعاطي مع "مشروع النهوض بواقع المرأة" فهناك رؤيتان متغايرتان في مساحات كبيرة من هذا المشروع، ولا ننفي إمكانية أن تلتقي الرؤيتان في بعض المساحات..
ثانيا: أهم مكونات المشروع الإسلامي للنهوض بواقع المرأة:
وهمّنا هنا أن نؤكد على أهم المكونات في المشروع الإسلامي للنهوض بواقع المرأة:
1. القاعدة الأساسية لهذا المشروع:
يجب أن يرتكز المشروع النهضوي النسوي على "القاعدة الإسلامية"، ومن خلال هذه القاعدة تتحد "المنطلقات"و"الأهداف" وتحدد "المناهج والوسائل" و تتحدد المفاهيم والأفكار ، والمعايير والقيم…
هنا يتمايز هذا المشروع الإسلامي عن بقية المشاريع الأخرى التي تأسست على قواعد فكرية متنافيه مع القاعدة الفكرية الإسلامية…
وبمقدار ما يتركز الارتساء على "القاعدة الإسلامية"تتحد "أصالة الانتماء "في المشروع النهضوي،وفي ضوء هذه الأصالة يتحدد الموقف من كل المشروعات النسوية المتحركة في الساحة.
2- الوعي الإسلامي:
يجب أن يمتلك "المشروع النهضوي" وعياً إسلامياً أصيلاً ،تتأسس من خلاله كل الرؤى والتصورات، والأفكار والمفاهيم ،التي يعتمدها المشروع في صياغة الواقع النسوي في جميع مكوناته…
إن غياب الوعي الأصيل يعرض المشروع إلى منحيين خطيرين :
المنحى الأول:
الجمود الانغلاق؛مما يؤدي إلى خلق حالة من "الشلل" في حركة المشروع وتعطيل الكثير من إمكاناته وقدراته…كما يعطي ذلك مبرراً لأعداء المشروع أن يتهموه بالإفلاس و العجز والقصور…
المنحى الثاني:
الارتباك والتعثر، وربما الانحراف .. فالانطلاق بالمشروع بطريقة لا تملك رؤية واعية بصيرة سوف لن يحمي المشروع من الارتباك والتعثر، ولن يحفظ على سلامة المسار، واستقامة الحركة… وبالتالي لن يحقق المشروع أهدافه في النهوض بواقع المرأة وفق منظور الإسلام وتصوراته…
وهنا جانب آخر خطير نتيجة غياب الوعي الإسلامي الأصيل، وهو في حالة الغبش في التعاطي مع المصطلحات المطروحة في الساحة الثقافية، وفي الساحة الاجتماعية وفي الساحة السياسية… وهي مصطلحات ضبابية وقد تختزن في داخلها مضامين تتنافى مع منظوراتنا الإسلامية، وكذا تتسرب هذه المضامين بطريقة غير مباشرة إلى ذهنية الأمة، فتتشكل هذه الذهنية وفق رؤى وتصورات منحرفة عن الإسلام أو رؤى وتصورات لا تحمل النقاوة والأصالة فيجب على المشروع النهضوي النسوي أن يتعاطى مع هذه المصطلحات بحذرٍ شديد حتى لا يتورط في متاهات تبعده عن مساراته الأصلية، وتنأى به عن خط الله تعالى…
3. الصبغة الروحية والأخلاقية:
قيمة المشروع النهضوي الإسلامي بما يحمله من صبغة روحية متميزة، وأخلاقية إيمانية عالية، فيجب أن تنطبع حركة المشروع في إمتداداتها الثقافية والاجتماعية والسياسية بهذه الصبغة الروحية، وبهذه الخصوصية الأخلاقية، وهكذا يتميز المشروع الإسلامي للنهوض بواقع المرأة بالطابع الروحاني والأخلاقي، وهذا الطابع هو تجسيد للمضمون العبادي… فالحركة النهضوية هنا ليست عملاً ثقافياً، اجتماعياً، سياسياً بحتاً، وإنما هي عمل عبادي يستهدف الحصول على "القرب من الله تعالى" والتوفر على "مغفرته ورضوانه" {إنما يتقبل الله من المتقين} فإذا كانت المشروعات النهضوية الأخرى، غالباً ما تحكمها المصالح والمنافع الذاتية، والدوافع الدنيوية البحتة، فإن المشروع النهضوي الإسلامي، تحكمه الدوافع الأخروية والمعايير الأخلاقية، ما يمنحه النظافة والطهر والنقاء، والصدق والإخلاص والتضحية والإيثار، والديمومة والبقاء..
4. التوازن بين حاجات الروح وحاجات الجسد:
من أهم خصائص المشروع النهضوي الإسلامي أنه يوازن بين حاجات الروح وحاجات الجسد، ويوازن بين مطالب الآخرة ومطالب الدنيا، فليس مشروعاً للإصلاح والبناء والتغيير هذا المشروع الذي يعمر دنيا الإنسان، ويخرب آخرته، هذا المشروع الذي يستجيب لحاجات الجسد، ويتنكر حاجات الروح…
والعكس صحيح، فليس مشروعاً للإصلاح والبناء والتغيير ذلك الذي يتنكر لحاجات الجسد، ويتغافل عن مطالب الدنيا.. {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخر ولا تنس نصيبك من الدنيا}. {أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا}.
المشروع الذي يعتمد "منهج الله" هو القادر على هذه "الموازنة" وما عداه فهي مشروعات لا تعطي الحياة إلا الخسران والشقاء والحرمان والضياع، والبؤس، والعناء {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}
فأي مشروع يحاول أن يصوغ الحياة بعيداً عن "منهج الله" فهو مشروع
خاسر لا يحمل للإنسان إلا مزيداً من التيه والضلال والعمى في الدنيا والآخرة {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}.