ينتقل فيروس الجدري عن طريق الملامسة
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحرب الجرثومية فبعد موجة الجمرة الخبيثة والتي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية في العام المنصرم، أخذ الغرب يتحدث عن خطر استخدام فيروس الجدري كسلاح جرثومي جديد.
وبدأت العديد من الدول الغربية بإعادة انتاج اللقاح ووضع الخطط الوقائية والمباشرة باعطاء اللقاح إلى الفئات الأكثر تعرضا لأخطاره.
ما هو الجدري، ولماذا هذه الضجة المثارة حوله؟ هذا هو موضوع الزاوية لهذه الصفحة.
الجدري مرض حاد سريع الانتشار ويحدث نتيجة للاصابة الجدري (Variola - Virus). ولقد أثمرت الجهود التي بذلتها منظمة الصحة العالمية بدءا من عام 1967م في القضاء التام على هذا المرض والذي كان يصيب الملايين سنويا وخاصة في قارة آسيا وافريقيا. ولقد تم تسجيل آخر حالة للجدري نتيجة للتعرض لعدوى الفيروس خارج المختبرات في عام 1977م في الصومال، بينما تم تسجيل آخر وفاة للجدري من جراء التعرض للفيروس في المختبر لفني بريطاني في مدينة برمنجهام سنة 1978م. ومنذ ذلك التاريخ لم تسجل أية حالات إصابة بالجدري وبقي الفيروس محفوظا "من عينات مرضى الجدري" لأغراض البحث العلمي في مركزين فقط في العالم، الأول يوجد في مركز مراقبة الأمراض والأوبئة وطرق الوقاية منها (CDC) في أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية والثاني يوجد في مركز تحضير الفيروسات في الاتحاد السوفيتي "سابقا". وعلى الرغم من إلحاح منظمة الصحة العالمية في عامي 1993م و1995م على كل من الاتحاد السوفيتي وأمريكا للقضاء على مخزون مختبراتهم من الفيروس إلا ان جهودهما باءت بالفشل ومما زاد الأمور تعقيدا إعلان الاتحاد السوفيتي إدراج فيروس الجدري ضد الأسلحة الجرثومية. ولقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي وتفتت دولة إلى حالة عالمية من الخوف من خطر تسرب الأسلحة الجرثومية خارج دول الاتحاد السوفيتي وإساءة استخدامها.
ينتقل فيروس الجدري عن طريق ملامسة مفرزات الشخص المصاب أو عن طريق الرذاذ المتطاير من فمه عند السعال والعطاس. وتبلغ فترة الحضانة حوالي 12يوماً يعاني المصاب فيها من حمى واندفاعات جلدية مؤلمة تنتهي ببثور، هذا وتتجاوز نسبة الوفيات في حالة الأوبئة 30%، يشكل النوعان السريران المعروفان بالنوع الترفي والنوع الخبيث أكثر الأشكال خطورة إذ تصل الوفيات ما بين 90- 100% ويمكن التأكد من الاصابة عن طريق عزل الفيروس من مفرزات المريض أو الكشف عن جزءي الفيروس باستعمال المجهر الالكتروني أو الجهاز الحديث والمعروف يولميبريز تشين راكشن (PCR). ولا يوجد في وقتنا الحاضر مضادات فعالة للقضاء على الفيروس "الأبحاث ما زالت مستمرة". وتتركز خطة العلاج للمصاب بالجدري على عزله وإعطاء السوائل وخافضات الحرارة والمضادات الحيوية في حال الإصابة الثانوية بالبكتيريا.
ويعتبر لقاح الواقي من الجدري "يحتوي على فيروس مشابه لفيروس الجدري" الوسيلة الوحيدة للوقاية من المرض. إلا ان الأعراض الجانبية الخطرية التي قد تتيح من جراء إعطاء اللقاح كانت من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى التوقف عن الاستمرار باعطاء اللقاح الروتيني بعد انقراض المرض، ومن هذه الأعراض الجانبية التهابات جلدية شديدة قد تتطور إلى الغرغرينا "نسبة الحدوث 2لكل مليون جرعة" والتهاب الدماغ "نسبة الحدوث 4لكل مليون جرعة". ولقد ساهم إعطاء الغاما الغلوبين اللقاحي في السابق "متوفر بشكل محدود" في التخفيف من الأعراض الجانبية الخطيرة للقاح.
ولا توجد أية توصيات عالمية "حتى إعداد هذا المقال" توجب اعطاء هذا اللقاء بشكل روتيني للأطفال والبالغين ويتحضر اعطاء اللقاح في وقتنا الحاضر للعاملين في المختبرات التي يتواجد فيها الفيروس وكذلك للجنود.
اما بالنسبة للأشخاص الذين أخذوا اللقاح في السابق فتشير دراسة نشرة في مجلة الأمراض المعدية في عام 1972م ان نسبة حدوث المرض ,14% للذين أخذوا اللقاح قبل عشر سنوات ,111% للذين أخذوا اللقاح منذ أكثر من عشرين سنة. ولقد تم توفير 15مليون جرعة من هذا اللقاح في أمريكا وهناك خطة تهدف إلى انتاج 90مليون جرعة في السنوات القادمة.
وقانا الله وإياكم من الحرب الجرثومية