خرج الأمير علي ابن الخليفة العباسي المأمون الى شرفة القصر العاجية ذات يوم وراح ينظرإلى سوق بغداد يتابع الناس في السوق فلفت نظر الأمير حمال يحمل للناس بالأجرة وكان يظهر عليه الصلاح فكانت حباله على كتفه والحمل على ظهره ينقل الحمولة من دكان لآخر ومن مكان إلى مكانفأخذ الأمير يتابع حركاته في السوق وعندما إنتصف الضحى ترك الحمال السوق وخرج إلى ضفاف نهر دجلة وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه وأحذ يدعو ثم عاد إلى السوق فعمل إلى قبيل الظهر ثم إشترى خبزا فأخذه إلى النهر فبله بالماء وأكلولما إنتهى توضأ للظهر وصلى ثم نام ساعة وبعدها نزل إلى السوق ,, للعمل ..وفي اليوم التالي عاد و راقبه الأمير علي وإذ به نفس البرنامج السابق... والجدول الذي لا يتغيروهكذا اليوم الثالث والرابع فأرسل الأمير جنديا من جنوده إلى ذلك الحمّال يستدعيه لديه في القصر فذهب الجندي وإستدعاه فدخل الحمال الفقير على الأمير وسلم عليهفقال الأمير :ألا تعرفني؟فقال: ما رأيتك حتى أعرفكقال أنا ابن الخليفةفقال : يقولون ذلكقال: ماذا تعمل أنت ؟فقال : أعمل مع عباد الله في بلاد اللهقال الأمير قد رأيتك أياما... ورأيتُ المشقة التي أصابتك فأريد أن أخفف عنك المشقةفقال : بماذا ؟قال الأمير أسكن معي وأهلك بالقصر آكلا شاربا مستريحا لا همّ ولا حزن ولا غمّفقال الفقير : يا ابن الخليفة, لا همّ على من لم يذنب , ولا غمّ على من لم يعص ولا حزن على من لم يُسيءأما من أمسى في غضب الله وأصبح في معاصي الله فهو صاحب الغمّ والهمّ والحزن فسأله عن أهله فاجابه قائلا :أمي عجوز كبيرة وأختي عمياء حسيرة وهما تصومان كل يوم وآتي لهما بالإفطارثم نفطر جميعا ثم ننامفقال الأمير : ومتى تستيقظ ؟فقال إذا نزل الحي القيوم إلى السماء الدنيا - يقصد انه يقوم الليل فقال : هل عليك من دين ؟فقال : ذنوبٌ سلفتْ بيني وبين ربيفقال : ألا تريد معيشتنا ؟فقال : لا و الله لا أريدهافقال : ولم ؟فقال: أخاف أنْ يقسو قلبي وأن يضيع دينيفقال الأمير : هل تفضل أن تكون حمالا على أن تكون معي في القصر؟فقال : نعم و الله فأخذ الأمير يتأمله وينظر إليه مدهوشاًوراح الحمال يلقى عليه مواعظ عن الإيمان والتوحيد ثم تركه وذهبوفي ليلة من الليالي شاء الله ان يستيقظ الأمير وان يستفيق من غيبوبته وأدرك أنه كان في سبات عميق وأن داعي الله يدعوه لينتبهفاستيقظ الأمير وسط الليل وقال لحاشيته أنا ذاهب إلى مكان بعيد أخبروا أبي الخليفة المأمون أني ذهبت وقولوا له بأنّي وإياه سنلتقي يوم العرض الأكبرقالوا : ولم ؟فقال : نظرتُ لنفسي وإذ بي في سبات وضياع وظلال وأريدُ أن أُهاجر بروحي إلى اللهفخرج وسط الليل وقد خلع لباس الأمراء ولبس لباس الفقراء ومشى واختفى عن الأنظارولم يعلم الخليفة ولا أهل بغداد أين ذهب الأمير وعهد الخدم به يوم ترك القصر أنه راكب إلى مدينة واسط كما تقول كتب التاريخ وقد غير هيئته كهيئة الفقراء وعمل مع تاجر في صنع الآجرفكان له ورد في الصباح ويحفظ القرآن الكريم ويصوم الأثنين والخميس ويقوم الليل ويدعو الله عز وجلوما عنده من مال يكفيه يوما واحدا فقطفذهب همه وغمه وذهب حزنه وذهب الكبر والعجب من قلبهولما أتته الوفاة أعطى خاتمه للتاجر الذي كان يعمل لديه وقال: أنا ابن الخليفة المأمون إذا متُ فغسلني وكفني واقبرني ثم اذهب لأبي وسلمهُ الخاتمفغسله وكفنه وصلى عليه وقبره وأتى بالخاتم للمأمونوأخبرهُ خبره وحاله فلما رأى الخاتم شهق وبكى الخليفة المأمون وارتفع صوته وبكى الوزراءوعرفوا أنه أحسن اختيار الطريق
X
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
أنشئ بواسطة مروان1400, 29-06-2025, 05:21 AM
|
ردود 0
72 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
29-06-2025, 10:59 PM
|
||
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 01-08-2022, 02:20 PM
|
ردود 3
418 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
29-06-2025, 03:32 AM
|
||
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 26-08-2020, 10:37 AM
|
ردود 4
116 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
اليوم, 03:02 AM
|
||
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 25-08-2020, 06:34 AM
|
ردود 4
467 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
29-06-2025, 11:08 PM
|
||
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 06-09-2019, 12:55 PM
|
ردود 7
383 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة وهج الإيمان
اليوم, 03:03 AM
|