لا بد من توضيح نوع الكذب ، لأن الإسلام أباح ثلاثة أنواع من الكذب :
1- الكذب لإصلاح ذات البين .
2- الكذب على الأعداء في الحرب من باب أن الحرب خدعة .
3- كذب الرجل على زوجته في العلاقات الزوجية ،كالقول أنك جميلة و هي ليست كذلك أو أنا سعيد معك و هو ليس كذلك و لكن من باب التودد لها.
و في كل هذه الأنواع الثلاثة المسلم لا يأثم على هذا الكذب لأنه مباح شرعا ، فضلا عن سلب صفة الصدق عنه ..!!!!!!
من أشنع أنواع الكذب و أعظمها جرما و أثرا هو الكذب على الله و الكذب على رسوله صلى الله عليه و آله و سلم ، فلا يمكن لمن يكذب على الله أو يكذب على رسوله أن نصفه بالصادق في أي حال من الأحوال ..
ماذا تنتظر من النفيس ؟؟ و أنت فتحت موضوعا بلا وجهة ..!!!
فقد أوضحت لك بأن المسلم لا يجوز له الكذب إلا في ثلاث ، لإصلاح ذات البين ، و لخداع العدو في الحرب و للتودد لزوجته في علاقته الزوجية ، و أي كذب في غير هذه الثلاثة فهو في دائرة الحرمة ، و الإكثار من الكذب يخرج الإنسان من صفة الصدق ليكتسب صفة الكذب ليصبح كذابا ..
و سؤال موضوعك القائل : هل يسمى الإنسان صادقا إذا تعمد الكذب فيما يعود عليه بالنفع ، قد أجبت عليه بأنه إن كان هذا النفع يصب في أحد الأمور الثلاثة التي يجوز فيها الكذب ، فإن صفة الصدق لا تتأثر أبدا بهذا الكذب و خلاف ذلك يؤثر في صفة الصدق عنده . و أشنع الكذب هو الكذب على الله و على رسوله .
و من ثمّ بدأ تطرح أسئلة غريبة لا معنى لها ، إذ تسأل قائلا : ماذا تقولون عن الذي يكذب على رأي في نقله عن غيره .. و هذا سؤال غير واضح ، فإن كنت تقصد بأن الشخص قال رأيا يراه هو صواب و أنت ترى أن رأيه خطأ ، فهذا لا يدخل في دائرة الصدق و الكذب ، فأنت لو قلت لي بأنك ترى بأن الفضة أحلى من الذهب ، فهذا رأي قد يكون صواب و قد يكون خطأ ، ولن أقول بأنك تكذب ، فأنت هنا صادق في التعبير عن الرأي الذي تراه و لكن رأيك غير صواب . و إن كنت تقصد من سؤالك بأن الشخص ينقل رأي شخص آخر و غيّر رأيه ، كأن يأتي أحدهم و يقول : إن ناجي يرى بأن الذهب أحلى من الفضة ، فهذا الناقل كذب في نقله لأن ناجي لم يكن يرى ذلك ..
أما الحكم على الناقل بأنه كذّاب ، فهذا لا يكون بهذا الشكل ، لأن كلمة " كذّاب " صيغة مبالغة بمعنى أنه يكثر الكذب و يواظب عليه ، حتى أصبحت سمة في الشخص لا تنفك عنه .. و هذا الحكم لا يكون لمجرد أن الشخص قد كذب في نقله رأي شخص ما أو ماشابه ..
لذا فأنت هنا بلا وجهة في موضوعك ، فاجلس وفكر فيما تريد من موضوعك بدل الأسئلة التي لا معنى لها ..!!!
بسم الله الرحمن الرحيم لعل الخطا الطباعي في عدم وضع واو في كلمة راوي سببت في عدم وضوح السؤال
[/i] وإلا فالموضوع واضح عندي لهذا اعيد ما طرحته عليك سابقا
من يكذب علىراوي في نقله عن غيره ممن نقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله ماذا تقولون عنه؟
بمعنى لو أنني قلت كمثال حدثنا النفيس حدثنا زيد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله فهل كذب النفيس عن زيد بان رسول الله صلى الله عليه وآله حدثه يساوي كذب زيد بان رسول الله صلى الله عليه وآله حدثه ؟ وهل كذبي عن النفيس بان زيدا حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله يساوي كذب زيد بأن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثه؟ ففي النهاية سيكون الغرض هو الكذب فيما يُنقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله لا الغرض في الكذب على النفيس أو الكذب على زيد . فهل يتساويا في هذه الحالة او لا، وهل يطلق على الكاذب في هذه الحالة صادق او لا؟ طبعا ليس هذا هدف الموضوع وإنما يبدأ الموضوع من معرفة هذا.
عندما يريد أحدهم الكذب على الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ، فإنه لن يقول بأنه سمع من الرسول مباشرة ، لأن كذبه سيكون مفضوحا لكون هذا الشخص لم يعاصر الرسول فكيف يكون قد سمع منه ..!! و عليه سنجد هذا الشخص يقول : حدثني محمود أنه سمع من أحمد عن أبيه عن جده أنه سمع زيد يقول بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول : كذا و كذا و كذا ... فهذا الشخص لكي يكذب على الرسول استخدم هؤلاء الأشخاص لتبييض كذبته و إخفائها على الناس .. فهو في حقيقة الأمر يكذب على الرسول و لا يكذب عى محمود أو أحمد و أبيه أو جده أو زيد ..
و الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قد قال : " من كذب عليّ متعمدا فليتبوء مقعده من النار " ، و عليه فهذا الشخص الذي تعمّد الكذب على الرسول قد ارتكب جريمة كبيرة ..
هذا فيما يخص على الكذب من أجل تقويل الرسول قولا لم يقله ، و أما أن يكذب الإنسان على راوي لكي يقلل من ناقلي الرواية دون تعمد الكذب على الرسول فهذا موضوع آخر و هذا ما يسمى التدليس في علم الحديث ..
على سبيل المثال : سمع النفيس من أحمد الذي سمع من محمود الذي سمع عبد الله بن عباس يقول بأنه سمع رسول الله يقول : لا ضرر و لا ضرار .. و النفيس هنا صادق في كونه سمع من أحمد الرواية ، و الرواة جميعهم صادقون في نقلهم و الحديث صحيح في كون الرسول قال ذلك ..
و لكن النفيس عندما نقل الرواية لم يقل بأنه سمع من أحمد ، بل قال بأنه سمع من محمود الذي سمع من عبد الله بن عباس الذي سمع من الرسول .. فالنفيس هنا قد كذب في اسم الشخص الذي حدثه ، و لكنه لم يكذب على الرسول في نص الحديث .. و سبب كذب النفيس هنا لعدة أمور : منها أن ينال شرف أنه من ضمن من عاصر محمود التابعي ، و لكي لا يطول سند الرواية فبدل أن يكون الرواة أربعة ، اختصر العدد إلى ثلاثة ، و منها أن النفيس لديه مشكلة مع أحمد فلا يريد ذكر اسمه في الرواية الشريفة فقفز إلى اسم الذي أخبر أحمد و هكذا .. و هنا يسمى النفيس مدلّس و هذه من مصطلحات علم الحديث ..
خلاصة القول ،، بأن الجريمة الحقيقية هي في تعمد الكذب على رسول الله ، أما الكذب على الناقلين فإنه أقل جرما و أخف حكما ..
تعليق