
عندما يجتمع الشعر النابع من تجربة مع الإنشاد الجماعي المحلِّق بأجنحة الحماسة، مع الصورة التلفزيونية المشحونة بإشارات تاريخية وواقعية، فإنه سيكون أمامنا منتج فني، لن نستطيع الانحياز إلى أحد عناصره.
هذا ما تجلى لي في أوبريت "وانتصر الحسين" الذي قامت به مجموعة من رواديد البحرين الذين يشكلون علامة مميزة في المشهد العاشورائي في منطقة الخليج، والتقاؤهم معاً بهذا العمل يعطي المشاهد كثافة ترابطية تفجر معاني التعاضد والتجاسد.
أتى عنوان الأوبريت "وانتصر الحسين" شارة إيجابية وإشهاراً عقائديا، وبقدر ما هو واضح ومباشر فإنه يضمر ما قبل "الواو" مساحة عريضة تجعل المتلقي يستحضر سيرة الحق وتاريخ النضال.
أما بالنسبة لنص العمل؛ فهو يتكون من قسمين: قصيدة "خطاب إلى يزيد" لرائد الشعر الحديث بدر شاكر السياب، وتذييل وإضافة نصية للشاعر ناصر العلوي، ومن الملاحظ أنه تم التعديل على بعض أبيات السياب، وهذ الأمر يسبب إشكالية دلالية - مهما كانت النية حسنة -، ولو كان السياب حاضراً لرفض هذا التغيير، فكان من المفترض على القائمين أن ينتخبوا من النص فهو يتسع لذلك، لا أن يتصرفوا فيه فالنص الشعري أمانة تاريخية، ورغم هذه النقطة الحساسة إلا أن العمل متكامل إجمالا.
المشاهد المصاحبة تستعرض نماذج إنسانية مضطهدة مقموعة، تتخلص من مأساتها بإيمانها بالثورة، وتأتي لحظات جريئة في الأوبريت يشعر المشاهد من خلالها أن انسيابية النص وحناجر المنشدين والمؤثرات الصوتية والإلقاء الخطابي ورؤية المخرج تضافرت جميعها لتعبر أكثر عن شخصية "يزيد" عبر الإسقاطات السياسية.
إنَّ المنتج الناحج ليس عبر تكراره المفرط على الفضائيات، وإنما يكمن باعتلاقه بالذاكرة وصلاحيته للمستقبل.
بقلم: ياسر آل غريب