إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشعائر الحسينية.. ونقد الـ لانقد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعائر الحسينية.. ونقد الـ لانقد

    لشعائر الحسينية.. ونقد الـ لانقد

    موقع الإمــام الشيرازي


    ما غاب يوماً حدث "عاشــوراء" بكل أحزانه وآلامه ودمائه منذ أن تفجر في العاشر من المحرم الحرام من العام 61هـ، تلك الأحزان التي كانت مأساتها بأبشع الصور وأكثرها توحشاً، فكان لها أن تكون - وستبقى - أثراً في الوجدان، ولوعة في القلب، واعتبار للعقل والبصيرة حتى يحتار المرء ما بين الانجرار الى العاطفة الفياضة من ثنايا عاشوراء وما بين التأمل في المواقف السامقة التي كتبها سيد الشهداء بدماء الأنبياء على أرض كربلاء والتي ما زالت تضج حزناً ومظلومية، وتتحفز ثأراً ونصرة من هول ما وقع في "يوم أبي عبد الله" الذي "لا يوم كمثله"، حيث جسد آخر ابن بنت نبي ملقىً على صحراء لاهبة، وقد مضت عليه سيوف وأسهم ورماح حاملة معها حقداً وخبثاً ولؤماً، والرأس الشريف يتلو آيات ربه الكريم فيما كان الإمام السجاد (عليه السلام) ينتظر دوره بعد أن هد جسده المرض، والسيدة الحوراء زينب تراقب المأساة تلو المأساة والشهيد بعد الشهيد بقلب مكسور لكنه عامر بإيمان أشد ثباتاً من الجبال الراسيات، وهي (عليها السلام) تنظر الى تقطيع أجساد هاشميين أبرار وعبّـاد أحرار وعينها تحن الى المغوار أبي الفضل العباس (عليه السلام)، فيما هي منشدَّة الى عزيزها أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) المضرَّج بدمائه، وتدعو جبار السماوات والأرضين بـ "صبر جميل" أن يتقبل القربان.
    ولأن سيد الشهداء الإمام الحسين قد تحمّل كل تلك المصائب والفواجع في أقل من نصف يوم، وتحمّل (عليه السلام) ما لايطيقه بشر لذلك لا يمكن لأحد تصور ما جرى في يوم عاشوراء من أحداث دامية ومكابدات أليمة، وقد تراود أحدنا بعض الخواطر، ولكن لا يمكن مطلقاً تصور ما جرى في يوم عاشوراء، من هنا فإن التعبير عن عاشوراء واستذكار أحداثه – بالتأكيد – سيكون استثنائياً حيث أن كل ما يرتبط بعاشوراء استثنائياً...

    يقول المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله): "لقد شاء الله تعالى أن تكون قضية الإمام الحسين (عليه السلام) استثنائية في كل جوانبها، ومن الاستثناءات التي تميز بها الإمام الحسين شدة الحزن والبكاء عليه وإقامة العزاء على مصابه، وشد الرحال لزيارته في كل مناسبة إسلامية مهمة، فإن ما ورد من الحث على ذلك من النبي الأكرم وسائر المعصومين (عليهم السلام) بشأن الإمام الحسين لم يرد في أي منهم ولا حتى في النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه، فلقد ذكرت الروايات الواردة عنهم (عليهم السلام) من الأجر لزائر الإمام الحسين، ومعظم شعائره، ومقيم العزاء عليه ما لم يرد مثله لغيره، لذلك فإن المقولة التي تردد أحياناً من أن (كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء) غير صحيحة، لأنها تتعارض مع ما ورد من روايات المعصومين من أنه لا أرض مثل كربلاء ولا يوم كعاشوراء".

    ويضيف سماحته (دام ظله):
    "لقد سقط في حادثة عاشوراء ويسقط فيها كثيرون، حتى ممن كانوا يُعدّون من أتباع أهل البيت (ع)، ليس في عامها الأول فحسب، بل في كل عام، وفي هذا العام أيضاً، وفي الأعوام اللاحقة، حتى قيام الساعة. وأول طائفة سقطت في قصة عاشوراء هم أكثر من ألف شخص دخلوا مع سيد الشهداء (عليه السلام) إلى كربلاء، وكانوا ممن يصلّون خلف الإمام ويقبّلون يديه ويسألونه عن مسائلهم الشرعية، فكانوا على استقامة في الاعتقاد بالإمام الحسين إلى ليلة عاشوراء، إلا أنهم سقطوا في تلك الليلة بخذلانهم الإمام الحسين وتفرقهم عنه، لأنهم لم يعاذوا من هذا الافتتان، فأخذوا ينفرطون من حوله جماعات جماعات، ولكن نجح في هذا الامتحان الصعب القليل من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وهم القلّة الباقية مع الإمام (عليه السلام)، إذ أعاذهم الله من الافتتان به. والاستعاذة من هذا الافتتان بحاجة إلى شيئين، الأول: الدعاء، والثاني: العمل. فقد قال الله تعالى: "قُلْ ما يعبأُ بِكُم ربي لَولا دعاؤُكُم". وقال عز من قائل: "وأن ليس للإنسانِ إِلا ما سعى". ما يعني أن الأمرين مطلوبان معاً. صحيح أن الإمام الحسين (عليه السلام) دعا لنا، ولكن يجب علينا أيضاً أن نهتم بذلك، وأن ندَعَ إثارة المشاكل والأثرات، ذلك أن الشعائر الحسينية شعائر إلهية،


    والتخصص في إعطاء الرأي في مفرداتها للمراجع، الذين ينبغي سؤالهم، فحذار أن يحكم أحد بغير ما أنزل الله فيها فيسقط ـ لا سمح الله ـ. وإن عاشوراء فيصل وممتحن للناس يُمتحنون به، سرعان ما ينتهي بسببه الإنسان إلى الجنة والسعادة أو إلى النار والشقاء. فلنجنب أنفسنا وأهلينا وإخواننا في النسب ومن أهل الإيمان من السقوط في هذا الامتحان، وذلك بالنصيحة لهم، وكما يقول القرآن الكريم: (بِالحكمة والموعظة الحسنة)".

    إن من المؤسف جداً أن يسقط في امتحان الانتماء الى عاشوراء بعض من هو في العقيدة من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)...
    يقول المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في إحدى محاضراته:
    "ذات يوم جاءني شخص يعتقد أنه من أتباع أهل البيت، وكان يشكك بواحدة من شعائر الإمام الحسين (عليه السلام)، فسألته عن سبب تشكيكه فقال:
    "لإشكالين، الأول: أن هذه الشعيرة لم تكن موجودة في زمن النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع).
    والثاني: أن بعض من يمارس هذه الشعيرة قد يرتكب بعض المحرّمات أو يتخلّف عن بعض الواجبات"... أما عن الإشكال الأول فقلت له – والحديث لسماحة السيد المرجع (دام ظله):
    إن هذا من كلمات الوهّابية، فلا ينبغي لكم ترديده. والوهّابية لا يرجعون إلى سند قوي، أما نحن فنستند في عقائدنا وفي فقهنا إلى مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الذين لا يقاس بهم من الناس أحد. ثم إنني أسأل من يعترض على هذه الشعائر بدعوى عدم وجودها في زمن النبي (صلى الله عليه وآله): ماذا يقول في قباب الأئمة، والحسينيات، والكتب الحديثية، والمدارس الدينية والمراجع و... فهذه كلها لم تكن في زمان النبي، ولا في زمان الأئمة (ع)، مع أن سخف القول ببطلانها من الواضحات. ويجاب عن هذا الإشكال بجوابين فقهيين:
    الأول: أن هذه الشعائر داخلة تحت العمومات، وهي تشمل الجميع، فكما إنها تشمل قبة الإمام الحسين (عليه السلام) وضريحه ولم تكن في زمن الأئمة (عليهم السلام)، فكذلك تشمل الشعائر كلها. الثاني: إن هذه الشعائر من مقدّمات وجود الواجب، ومقدّمات وجود الوجوب ـ كما هو معلوم ـ واجبة، عينية كانت أو كفائية، وإن علماء الشيعة من الشيخ المفيد وحتى زمننا الحاضر بحثوا هذه المسائل بتحقيق وعمق وبسط. إذن فهذا الإشكال غير وارد، وهو كلام الذين لم يقرؤوا القرآن أو قرأوه ولم يفهموه، أو لم يقرؤوا الحديث أو قرؤوه ولم يعوه.

    أما الإشكال الثاني فجوابه: أن الشخص العادي ـ فضلاً عن المتفقّه ـ يدرك أن وقوع الحرام أو التخلّف عن الطاعة في مكان أو مقام لا يعني عدم مشروعية ذلك المكان أو المقام، وإنما تنحصر الحرمة في الفعل نفسه. فلو أن إنساناً بات في مسجد مثلاً من طلوع الفجر حتى طلوع الشمس، وبسبب تساهله فاتته الصلاة، فهل يؤمر بغلق هذا المسجد أم يجب هداية ذلك الإنسان بالحكمة والموعظة الحسنة؟ وإن ما أود أن أنبه إليه في المقام أن على المؤمنين التورع عن إبداء الرأي في أحكام الله تعالى، وأن عليهم التقيد بالرجوع إلى من لهم الحق في الإفتاء وبيان أحكام الله تعالى، لأن أحكام الله تعالى مهمة جداً وعظيمة عنده، ولا تنال بسهولة من كل أحد، بل يبذل الفقهاء الجهد لسنوات من أجل الوصول إليها، ورُبّ مسألة واحدة يستغرق البحث فيها أسابيع قبل أن يتوصل الفقيه في نهاية الأمر إلى فتوى فيها، وقد لا يتوصل".. انتهى حديث سماحته.
    إن من المهم أن يهتم المؤمن باستقراء علمي لمفردات دينه وعقيدته، وإن من الضروري أن يتأمل في أصول مذهبه وفروعه، وإن من الحسن أن يترصد لما قيل ويقال في قضايا الدين والمعتقد لغرض التدقيق بما يتدين به ويعتقد أولاً، والدفاع ثانياً لكن ينبغي بالمؤمن الحصيف أن يسعى الى كل ذلك بحكمة تستبطن دوافع الأقوال والأفعال، وتستشرف النتائج والآثار إذ ليس من العزة أن يكون (المؤمن) مطية لآخرين لهم مصالحهم الخاصة التي لا تخدم الدين، وإذا كان من يفتي أو يكتب ضد هذه الشعيرة الحسينية أو تلك تحت إدعاء الدفاع عن (صورة المؤمنين) فالأولى به أن يصحح ما ينتشر في عالمنا اليوم من القبائح التي يقوم بها مَن يجاهر بـ (إسلامه) وهو يحارب أمن المجتمعات وسلام الشعوب واستقرار الدول، فيذبح الشباب، ويقتل الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، ويفجر المدارس والجامعات والأسواق، ويستبيح الأرض والعِرض، وهؤلاء الذين يقومون بتلك الفجائع والقبائح ليسوا أفراداً يعدون بالأصابع بل هم بالملايين.. والأكثر بؤساً وتعاسة: أن مثلهم مَنْ يرضى بأفعالهم ويبررها!!.
    ولابد من التساؤل:
    أليس من الغريب...
    ونحن نعيش في زمن لا يخلو فيه يوم من أيامنا من عمليات قتل للعباد وتدمير للبلاد يقوم بها انتحاري أو انتحارية، وقد يقوم بها فتى بعمر الزهور..!!
    نعم، فالأمر وصل الى أن يقوم الأطفال بتفجير أنفسهم وسط الناس المدنيين، وأن يعمل مَنْ يعمل على تفخيخ (المعوقين عقلياً) لغرض تفجيرهم في الأسواق...
    بل هناك من لجأ الى تفخيخ أجساد الأموات لغرض تفجيرها بأهلها المفجوعين بفقد عزيزهم ليصب آلاماً على آلامهم...
    أليس من الغريب...
    مع كل هذا الذي حدث ويحدث يأتي أحدهم متناسيا كل تلك المشاهد المفجعة والوقائع الوحشية ليقول :
    "شعيرة التطبير بمشاهدها المليئة بالدماء تستفز مشاعر الآخرين ضدنا"، فيقوم بطباعة كتيب بآلاف النسخ، ويتم توزيعه قبل أيام قليلة من شهر محرم الحرام/1431، وكأن الأمة ينتظرها خطر عظيم من هذه الشعيرة، ووتخوفاً من هذا الخطر الداهم فإن على هذا (المكتب المرجعي) أو ذلك (الرجل المعمم) تدارك الأمر وانقاذ الأمة.. في الوقت الذي تنتهك حقوق الإنسان - في كل يوم بل في كل ساعة - وفي معظم بلاد المسلمين، وليس هناك مَنْ يحرك ساكناً، وكأن الأمر لا ينبغي الاهتمام به.. فضلاً عن الحديث عنه!!.

    بينما الواقع يقول غير ذلك، فالقصص تتحدث، والوقائع تؤكد، أن الذين لم يسمعوا عن الشعائر الحسينية - ومنها التطبير - ولم يروها فإنهم حينما يشاهدونها أول مرة، تتحفز في عقولهم ووجدانهم أسئلة البحث عن السبب الذي دعا هؤلاء لفعل ما يفعلون؟...
    وما الذي يريدون قوله بهذه الشعيرة؟...
    وما هي الرسالة التي يزمعون إيصالها؟...
    بل عبر مشاهد شعيرة التطبير فإن الذي يتحفز عند المتأمل هو:
    شعور بـ (رفض الظلم) بموازاة الإحساس بعظمة الفاجعة التي حلت بالإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه...
    ومن هنا فإن شعيرة التطبير:
    (مشهد هادر) يؤكد المؤمن من خلاله رفضه للظلم والظالمين...
    وأن شعيرة التطبير:
    (شعار صارخ) يؤكد عبره المؤمن استعداده لبذل النفس في سبيل نصرة المظلومين والمقهورين والمحرومين والمستضعفين...
    هكذا يفهم أتباع أهل البيت (شعيرة التطبير)...
    أما مَن يريد لوي عنق الحقيقة وتجريد الحدث من فضائله عنوة، فهذا شأنه، وليس شأن الشعائر التي توارثتها الأجيال وبها تفاخرت..
    وليس شأن مَنْ آل على نفسه المشاركة في الشعائر الحسينية...
    والحفاظ عليها من المشوَهيـن والمشوِهيـن...
    ودعمها...
    والدفاع عنها...
    ومن أجلها يبذل الغالي والنفيس.
    أليس من الغريب...
    أن يسخِّر أحدهم جهده على مدى أيام وربما أسابيع لتأليف كتاب لا لشيء سوى لأن يقول للناس أن (شعيرة التطبير حرام فاجتنبوها)، وبالتالي هو يخسر من وقته وجهده الكثير، فضلاً عن التبعات المالية التي تؤخذ من أموال المسلمين، وفي نفس الوقت، فإن قراءة الكتاب تتطلب وقتاً من القراء المؤمنين والمؤمنات، ولو حسبنا أن ألف شخص يقرأ ذلك الكتاب الذي يدعو الناس الى ترك شعيرة التطبير، وأن كل شخص يستغرق في قراءة الكتيب ثلاث ساعات – على سبيل المثال – فإنه ستضيع بذلك ثلاثة آلاف ساعة (هدراً) على أمر قد أكد استحبابه مئات مراجع الدين والفقهاء والمحققين...
    بينما:
    كان الأولى لو تُسخَّر تلك الجهود والأموال لتأسيس مراكز دراسات تعنى بشؤون مجتمعاتنا التي تعاني من الخوف والجوع ونقص بالأنفس والثمرات فهي – اليوم - مهددة في حياتها وحاضرها ومستقبلها...

    ألم يكن الأولى أن تخصص الـ (ثلاثة آلاف ساعة) للتفكير بإيجاد حلول لما أشارت إليه دراسات أعدتها مراكز علمية كبرى حول شعوب الشرق الأوسط التي تعتبر من بين الشعوب الأكثر شباباً في المنطقة، إذ أن 60 في المائة من أفرادها هم دون 25 عاماً، وهذا يوفر قوة اندفاع كبيرة، لكنه يرتب الكثير من التحديات أيضاً، حيث أكدت تلك الدراسات أن الدول العربية بحاجة لتوفير (مائة مليون وظيفة) بحلول عام 2020، لاستيعاب تزايد الأيدي العاملة!...

    ألم يكن الأولى أن تلك الساعات الـ (ثلاثة آلاف) أن يستثمرها أصحابها في قراءة تقارير منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة والتي أشارت الى أن أسعار السلع الغذائية ستظل مرتفعة ومتقلبة على المدى المتوسط، محذرة من إن عدد جياع العالم تجاوز الـ (مليار نسمة)، وداعية إلى ضرورة مضاعفة الإنتاج العالمي من الغذاء حيث سيصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات و200 مليون نسمة في عام 2050. وكانت منظمة "فاو" أشارت في وقت سابق إلى أن عدد الجياع في العالم قد يصل إلى رقم غير مسبوق، وأرجعت هذا الإرتفاع القياسي المرتقب، إلى الأزمة المالية العالمية التي تعصف بالإقتصاد العالمي، وإلى الحروب والجفاف، والقلاقل السياسية، وإلى إرتفاع أسعار المواد الغذائية. واعتبرت أن هذا الأمر قد يمثل تهديداً للسلام والأمن الدوليين...

    ألم يكن الأولى أن يستنفع من تلك الساعات الـ (ثلاثة آلاف) بحثاً عن حلول من خلال قراءة (تقرير التنمية الإنسانية) الذي أشار بـ (الأرقام) الى معاناة مجتمعات مسلمة من:
    ارتفاع في عدد حالات الطلاق..
    وتزايد في أعداد الأولاد (بنين وبنات) الهاربين من بيوت الأهل..
    وتنامي في ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان عليها..
    واتساع ظاهرة الأطفال المستخدمين بأعمال لا تتناسب وأعمارهم..
    وتنامي أعداد اللقطاء والمشردون في الشوارع والأرامل والأيتام..
    وأن هناك قفزات في أرقام العزوبة والعنوسة..
    وتفكك في العلاقات الأسرية..
    وضمور مشاعر المحبة والتواصل بين الأقرباء..
    وأن مدارس اليوم تعلِّم ولا تربي..
    وأن الأمان وراحة البال عملة مفقودة..
    وأن هناك العشرات من المؤسسات الدينية والفكرية والثقافية لا تقدم حلاً بل تنتج فتناً وأزمات!!...
    ألم يكن الأولى أن يبحث في تلك الساعات الـ (ثلاثة آلاف) عن إجابات لتساؤلات الناس ومخاوفهم:
    كيف يمكن تربية الأولاد بين فضائيات ملتزمة لكنها قاصرة ومواقع انترنيت متدنية؟!
    وماهي سبل ترسيخ معاني الفضيلة والعفاف في نفوس الأولاد؟
    وكيف يمكن أن يكون الوالدان المصدر الأقرب والأصدق للمعلومات التي ينبغي أن تصل الى الأولاد بما فيها التي تتعلق بقضايا العواطف والزواج؟
    وكم أم تفتقد إلى الوسائل الصحيحة في تربية أولادها؟ وكم أب يضيع بين متطلبات المعيشة ورعاية أسرته؟

    وفي خضم ذلك الواقع المأزوم ألم يكن من العقل أن نتساءل: ما الذي يجب أن نعمله للحد من توالد أمراض صحية، ونفسية، وأخلاقية، وإنسانية تنال من حاضر ملايين الأولاد ومستقبلهم!...
    وكيف نتعامل مع ما يسمع في كل يوم من قضايا انحراف وفساد تؤكد تلك الهواجس العاصفة!..
    ألم يكن الأولى أن تخصص تلك الساعات الـ (ثلاثة آلاف)، وفي خضم هذا الواقع المأزوم، للتعامل بموضوعية مع بيانات المنظمات المدنية والإنسانية الدولية التي أشارت الى أن شعوب النرويج وأستراليا وآيسلندا يتمتعون بأفضل مستويات معيشة في العالم، في حين تعاني أكبر الدول العربية – بحسب جمعيات ومؤسسات عربية وإسلامية علمية مستقلة - من تفاقم وضع ثلاثة ملايين طفل (لقيط ومشرد)، ومليوني شخص يسكنون المقابر، وسبعة ملايين يقطنون في المساكن العشوائية!!...
    وفي دولة مسلمة غنية يوجد أكثر من 70% من الناس لا يصلون، وأكثر من مليون فتاة تركت بيت أهلها لتعيش في مكان ما، وأربعة ملايين مدمنين على المخدرات وأكثر منهم يتعاطونها!...
    وفي أغنى دولة عربية يذهب أكثر من مائة إنسان بسبب هطول أمطار بنسب معتدلة ـ وتمنع فيها المرأة من قيادة السيارة، والأهم من ذلك، أن أضرحة أربعة من أولاد نبي هذه الأمة مهدمة، ومَنْ يحاول الوصول إليها فإنه سيلقى شتماً ولعناً وضرباً، ولا فرق بالذي يريد الوصول الى تلك البقاع المقدسة سواء أكان رجلاً أو إمرأة، وهو الأمر الذي طفح بالذي صبره قليل ليدب فيه الحنين الى الجاهلية الأولى!!.

    ولو يطلع شبابنا المؤمن على ما أعلن عنه في كتاب صدر قبل أيام بعنوان (دائرة العلماء المجانين) حيث يقول أحد علماء التكنولوجيا:
    "إن الجيل المقبل من السيارات الذي سينتج في السنوات المقبلة لن يكون بحاجة إلى سائق، إذ إن الكمبيوتر سيقوم بكل المهام التي يقوم بها السائق حالياً، بينما يتفرغ السائق للحديث على الموبايل، أو مشاهدة التلفزيون في السيارة، أو تناول الساندويشات والمرطبات في المقعد الخلفي، أو يضطجع ويلف ساقاً على ساق كأنه في منزله، إلى أن توصله السيارة إلى المكان الذي يريد. وأثناء السير تقف السيارة عند الإشارات الحمر، وتلتزم بقواعد المرور تماماً، بل إنها تستطيع أن “تتفاهم” مع السيارات الأخرى في الشارع، وإذا كانت ترغب في تغيير مسارها من خط إلى آخر مثلاً، فإنها ترسل إشارات مغناطيسية إلى السيارات القريبة منها، تحدد فيها موقعها بالضبط، وتبلغ برغبتها في تغيير المسار، فتفسح لها السيارات الأخرى الطريق، يضاف إلى ذلك أنها تستطيع الرؤية أثناء الليل، وفي الأحوال الجوية السيئة التي ينخفض فيها مجال الرؤية إلى بضعة أمتار، بفضل أجهزة الأشعة تحت الحمراء الموجودة فيها، كما أنها أثناء السير تسرع وتبطئ حسب الحاجة من دون أن يضطر السائق إلى تغيير سرعتها"!!...
    بربكم أيها الناس..

    لو يطلع شبابنا وشاباتنا على هذا الإعلان العلمي المثير كيف يمكن أن يكون إحساسهم بالخيبة من فتاوى وكتب وإصدارات تهاجم الشعائر الحسينية، وقوانين تمنع شعيرة التطبير!!...
    أليس من الحكمة:
    أن يطلع شبابنا وشاباتنا على مؤتمراتنا ومراكز دراساتنا – على سبيل الافتراض - التي تستقرأ ما صدر في الربع الأول من العام الهجري 1430 عن مؤسسات دولية من إحصائيات ودراسات عن دول من العالم الثالث، ومعظمها دول غالبيتها السكانية من المسلمين متناولة أبرز التحديات التي تواجه حياة الإنسان كالأمن، والبطالة، والفقر، وانتهاكات حقوق الإنسان (خاصة حقوق المرأة)، وتزايد النمو السكاني دون تنظيـم فضلاً عن العوامل الجديدة التي أدرجتها تلك الدراسات الحديثة منها: البيئة، ندرة المياه، التصحر، الاحتباس الحراري، والاختلافات الطائفية والدينية واللغوية. وهذه العوامل - بحسب الدراسات - أدت إلى تقويض (الأمن الإنساني) من خلال تزايد عدد ضحايا الصراعات المسلحة من قتلى وجرحى ومهجرين...
    أليس من الحكمة:
    الالتفات الى المعلومة المهمة التي أثارت جدلاً – وما زالت – والتي تشير الى تجاوز أعداد ضحايا الصراعات الداخلية في دول مسلمة على أعداد ضحايا التدخلات الخارجية، وأن أكثر اللاجئين في العالم هم من المسلمين الى دول غير مسلمة!...
    لماذا لم نسمع تعليقاً عن كل ذلك..!
    ولماذا لم نسمع رأياً ببعض ذلك..!

    بالتأكيد فإن السبب في تلك الأزمات المستعصية والمتفاقمة ليست (شعيرة التطبير)، بل (بعض أسباب) تلك الأزمات هو مَنْ يسخّر الأموال والساعات لا لشيء سوى لانتقاد شعيرة التطبير وغيرها من الشعائر الحسينية ليثير بذلك – بقصد أو دون قصد - اللغط بين الناس، ويوقظ الفتن والمهاترات والانقسامات بين أتباع المذهب الواحد، ويشجع أعداء الإسلام على ظلم أتباع أهل البيت (ع) والتجني عليهم دون أن يترك فسحة للعقل لإدراك:
    أن التطبير (شعيرة حسينية) لا تشجع على إثم..
    ولا تدعو الى رذيلة..
    وإنما فعل إيماني ولائي يحفز القيم الإيمانية والنبل الوجداني..
    ويذكِّر بسيد الشهداء وسبط الرسول وريحانته الإمام الحسين..
    علماً بأن شعيرة التطبير تمارس مرة واحدة في السنة...
    ولساعات معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة..
    ألا ساء ما يعملون..
    ألا ساء ما يحكمون..
    ألا ساء ما يقولون..
    ألا ساء ما يكتبون..
    إن صيحة (حيدر) الهادرة من حشود المطبّرين جديرة بتحفيز قيم العدل العلوية ومواقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الإنسانية...
    وأن في لبس البياض رمزية تتضمن حقيقة أن الله تعالى اختار أن يكون مع الإمام سيد الشهداء الإمام الحسين في عاشوراء أكثر من سبعين بقليل ليس أكثر علماً بأن الذين يحبون سيد الشهداء (عليه السلام) حينها كانوا أكثر بكثير...
    لذلك فإن الذي يريد أن يكون (حسينيـاً) ينبغي أن يكون
    أبيض القلب..
    والروح..
    والنية..
    والقصد..
    والقول..
    والعمل..
    وأن الدماء التي تنتشر على الجسد والملابس البيضاء هي رمزية أخرى تذكّر الإنسان بعظمة المصيبة التي حدثت في عاشوراء حيث التماهي مع بعض مفردات تلك الأحداث المفجعة، وتستدعي المؤمن الى أن يراجع نفسه ليتأكد ويؤكد متساءلاً:
    هل أنا فعلاً مع الإمام الحسين؟...
    وهل أنا على استعداد لتحقيق أهداف الإمام الحسين في إقامة العدل ومقارعة الظلم؟...
    وهل أنا صادق العهد الذي قطعته للإمام الحسين بأن أقف مع المظلومين والخائفين والمقهورين والمحرومين؟...
    وهل أنا كما يريد الإمام الحسين بأن أحب للناس مثلما أحب لنفسي، وأن أهتم بأمور المسلمين لأكون منهم؟...
    وهل أنا الذي أرفع السيف صارخاً (حيدر) مثلما يريدني الإمام أمير المؤمنين لأكون من المؤثرين على أنفسهم ولو كان فيهم خصاصة؟...
    وهل أنا من الذين يعرضون أنفسهم وقولهم وفعلهم على صحف علي والحسين لكي أكون معهم لا مع غيرهم؟!...
    إن عاشوراء سيد الشهداء حدث استثنائي..
    واستثنائي جداً..
    وهو ما ينعكس في كل عام بصور جديدة لم تكن موجودة في العام الذي سبق، ودليل ذلك رسائل إنسانية رائعة قد أتت من أرض كربلاء في العام الهجري الجديد 1431حيث:
    وجهت رئاسة طائفة الصابئة المندائيين أتباعها بعدم إجراء مراسم الزواج خلال شهر محرم الحرام احتراماً لذكرى سيد الشهداء (عليه السلام)..

    ولم يكتف المسيحيون بإلغاء الاحتفالات بمولد السيد المسيح (عليه السلام) وحلول العام الميلادي الجديد بل خرجوا بموكب مهيب بين الحرمين المقدسين في كربلاء يعزون أتباع أهل البيت (عليهم السلام)...
    وأتباع الديانة الإيزدية أكدوا مشاركتهم أتباع أهل البيت (عليهم السلام) أحزان عاشوراء...
    في المقابل شاهد العالم قطعان التكفيريين القتلة وهم يقتلون أتباع أهل البيت المعزين، ويفجرون مواكب العزاء والولاء في:
    العراق..
    وباكستان..
    وكشمير..
    وأفغانستان...
    ويضيقون عليهم في أكثر من مكان.. ومكان.. ومكان!!
    إن من أبرز ما كرسته نهضة الإمام الحسين ثقافة النقد ومساءلة ذوي السلطة صغيرها وكبيرها، ومناظرة أصحاب الفكر والرأي في المسائل والإشكالات بسيطها ومركبها، فليس لأحد حصانة ترفعه عن المحاسبة أو المناظرة لذلك فإن هذا المقال لا ينبغي أن يخطر على بال أحد أنه رد بمثابة صد لمن يعترض على شعيرة التطبير الحسينية.. بل هو مقال حوار بمحبة، وبحث بموضوعية، واستقراء بمنهجية، ودعوة لله.. وفي الله.. والى الله...
    ومضامين صفحات المقال هي لتأكيد:
    أن ليس كراهة في التطبير..
    وأن ليس حرمة في التطبير..
    وأن ليس ما يشين في التطبير..
    وأن ليس ما يعيب في التطبير..
    وأن ليس ما يخجل في التطبير..
    وأن ليس ما يدعو للهزء والسخرية في التطبير..
    وفي موازاة ذلك فإن من الحكمة أن على الإنسان أن يستمع لكل ما يقال لكن عليه في الوقت نفسه أن يهتم بـ (المهم) وأن يتجاوز ما يصدر عن جهل أو حنق أو قصور أو تقصير...
    كما أن من الموضوعية أن يتغافل الإنسان عما يكتب أو يقال بدوافع جني مال وطمع بجاه أو لاستجرار رضا مَن لا يستحق الرضا...
    فالله أولى بالحق.

  • #2
    والله قد افلح من طبررررررررررررررررررررررررررررررررررررر

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
    ردود 2
    12 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    يعمل...
    X