بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع يفصح الكثير عن عقائد إبن أبى الحديد
فقد لا يجد بعض المنصفين مفراً من الأقرار بمظلومية فاطمة -صلوات الله عليها-
بل لا ينكرها إلا جاهل تافه
وقد يحاول أن يبرر لهم بقوله :
قال أبو بكر : وذ كر ابن شهاب بن ثابت أن قيس بن شماس أخا بنى الحارث من الخزرج ، كان مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمة . قال : وروى سعد بن إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر ذلك اليوم ، وأن محمد بن مسلمة كان معهم ، وأنه هو الذى كسر سيف الزبير . قال أبو بكر : وحدثني أبو زيد عمر بن شبة ، عن رجاله ، قال : جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الانصار ونفر قليل من المهاجرين ، فقال : والذى نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لاحرقن البيت عليكم . فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف ، فاعتنقه زياد بن لبيد الانصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسر ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا ، حتى بايعوا أبا بكر . قال أبو زيد : وروى النضر بن شميل ، قال : حمل سيف الزبير لما ندر من يده إلى أبى بكر وهو على المنبر يخطب ، فقال : اضربوا به الحجر ، قال أبو عمرو بن حماس : ولقد رأيت الحجر وفيه تلك الضربة ، والناس يقولون : هذا أثر ضربة سيف الزبير . قال أبو بكر : وأخبرني أبو بكر الباهلى ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن الشعبى ، قال : قال أبو بكر : يا عمر ، أين خالد بن الوليد ؟ قال : هو هذا ، فقال : انطلقا إليهما - يعنى عليا والزبير - فأتيانى بهما ، فانطلقا ، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج ، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف ؟ قال : أعددته لابايع عليا ، قال : وكان في البيت ناس كثير ، منهم المقداد بن الاسود وجمهور الهاشميين ، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت
فكسره ، ثم أخذ بيد الزبير ، فأقامه ثم دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد ، دونك هذا ، فأمسكه خالد - وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس ، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما ، ثم دخل عمر فقال لعلى ، قم فبايع فتلكا واحتبس ، فأخذ بيده ، وقال : قم ، فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير ، ثم أمسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا ، واجتمع الناس ينظرون ، وامتلات شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن ، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت : يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ! والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله . قال : فلما بايع على والزبير ، وهدأت تلك الفورة ، مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر ، وطلب إليها فرضيت عنه . قال أبو بكر : وحدثني المؤمل بن جعفر ، قال : حدثنى محمد بن ميمون ، قال : حدثنى داود بن المبارك ، قال : أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب عليه السلام ونحن راجعون من الحج في جماعة ، فسألناه عن مسائل ، وكنت أحد من سأله ، فسألته عن أبى بكر وعمر ، فقال : أجيبك بما أجاب به جدى عبد الله بن الحسن ، فإنه سئل عنهما ، فقال : كانت أمنا صديقة ابنة نبى مرسل ، وماتت وهى غضبى على قوم ، فنحن غضاب لغضبها . قلت : قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز ، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوى ، قال ، أنشدني هذا الشاعر لنفسه - وذهب عنى أنا اسمه - قال يا أبا حفص الهوينى وما كنت مليا بذاك لولا الحمام
أتموت البتول غضبى ونرضى * ما كذا يصنع البنون الكرام . يخاطب عمرو يقول له : مهلا ورويدا يا عمر ، أي ارفق وائتد ولا تعنف بنا . وما كنت مليا ، أي وما كنت أهلا لان تخاطب بهذا وتستعطف ، ولا كنت قادرا على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذى ولجتها عليه ، لولا أن أباها الذى كان بيتها يحترم ويصان لاجله مات ، فطمع فيها من لم يكن يطمع . ثم قال : أتموت أمنا وهى غضبى ونرضى نحن ! إذا لسنا بكرام ، فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه وأمه ويغضب لغضبهما . والصحيح عندي أنها ماتت وهى واجدة على أبى بكر وعمر ، وأنها أوصت ألا يصليا عليها ، وذلك عند أصحابنا من الامور المغفورة لهما . وكان الاولى بهما إ كرامها واحترام منزلها لكنهما خافا الفرقة ، وأشفقا من الفتنة ، ففعلا ما هو الاصلح بحسب ظنهما ، وكانا من الدين وقوة اليقين بمكان مكين ، لا شك في ذلك ، والامور الماضية يتعذر الوقوف على عللها وأسبابها ، ولا يعلم حقائقها إلا من قد شاهدها ولابسها ، بل لعل الحاضرين المشاهدين لها يعلمون باطن الامر ، فلا يجوز العدول عن حسن الاعتقاد فيهما بما جرى ، والله ولى المغفرة والعفو ، فإن هذا لو ثبت أنه خطا لم يكن كبيرة ، بل كان من باب الصغائر التى لا تقتضي التبرى ، ولا توجب زوال التولى .
شرح نهج البلاغة ج6 ص 48 - ص50
فهذه الأية تكون جمرة في فمه وفم من يقول بقوله :
ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا
الأحزاب : 57 - 58
فقد لا يجد بعض المنصفين مفراً من الأقرار بمظلومية فاطمة -صلوات الله عليها-
بل لا ينكرها إلا جاهل تافه
وقد يحاول أن يبرر لهم بقوله :
قال أبو بكر : وذ كر ابن شهاب بن ثابت أن قيس بن شماس أخا بنى الحارث من الخزرج ، كان مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمة . قال : وروى سعد بن إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر ذلك اليوم ، وأن محمد بن مسلمة كان معهم ، وأنه هو الذى كسر سيف الزبير . قال أبو بكر : وحدثني أبو زيد عمر بن شبة ، عن رجاله ، قال : جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الانصار ونفر قليل من المهاجرين ، فقال : والذى نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لاحرقن البيت عليكم . فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف ، فاعتنقه زياد بن لبيد الانصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسر ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا ، حتى بايعوا أبا بكر . قال أبو زيد : وروى النضر بن شميل ، قال : حمل سيف الزبير لما ندر من يده إلى أبى بكر وهو على المنبر يخطب ، فقال : اضربوا به الحجر ، قال أبو عمرو بن حماس : ولقد رأيت الحجر وفيه تلك الضربة ، والناس يقولون : هذا أثر ضربة سيف الزبير . قال أبو بكر : وأخبرني أبو بكر الباهلى ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن الشعبى ، قال : قال أبو بكر : يا عمر ، أين خالد بن الوليد ؟ قال : هو هذا ، فقال : انطلقا إليهما - يعنى عليا والزبير - فأتيانى بهما ، فانطلقا ، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج ، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف ؟ قال : أعددته لابايع عليا ، قال : وكان في البيت ناس كثير ، منهم المقداد بن الاسود وجمهور الهاشميين ، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت
فكسره ، ثم أخذ بيد الزبير ، فأقامه ثم دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد ، دونك هذا ، فأمسكه خالد - وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس ، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما ، ثم دخل عمر فقال لعلى ، قم فبايع فتلكا واحتبس ، فأخذ بيده ، وقال : قم ، فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير ، ثم أمسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا ، واجتمع الناس ينظرون ، وامتلات شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن ، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت : يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ! والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله . قال : فلما بايع على والزبير ، وهدأت تلك الفورة ، مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر ، وطلب إليها فرضيت عنه . قال أبو بكر : وحدثني المؤمل بن جعفر ، قال : حدثنى محمد بن ميمون ، قال : حدثنى داود بن المبارك ، قال : أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب عليه السلام ونحن راجعون من الحج في جماعة ، فسألناه عن مسائل ، وكنت أحد من سأله ، فسألته عن أبى بكر وعمر ، فقال : أجيبك بما أجاب به جدى عبد الله بن الحسن ، فإنه سئل عنهما ، فقال : كانت أمنا صديقة ابنة نبى مرسل ، وماتت وهى غضبى على قوم ، فنحن غضاب لغضبها . قلت : قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز ، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوى ، قال ، أنشدني هذا الشاعر لنفسه - وذهب عنى أنا اسمه - قال يا أبا حفص الهوينى وما كنت مليا بذاك لولا الحمام
أتموت البتول غضبى ونرضى * ما كذا يصنع البنون الكرام . يخاطب عمرو يقول له : مهلا ورويدا يا عمر ، أي ارفق وائتد ولا تعنف بنا . وما كنت مليا ، أي وما كنت أهلا لان تخاطب بهذا وتستعطف ، ولا كنت قادرا على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذى ولجتها عليه ، لولا أن أباها الذى كان بيتها يحترم ويصان لاجله مات ، فطمع فيها من لم يكن يطمع . ثم قال : أتموت أمنا وهى غضبى ونرضى نحن ! إذا لسنا بكرام ، فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه وأمه ويغضب لغضبهما . والصحيح عندي أنها ماتت وهى واجدة على أبى بكر وعمر ، وأنها أوصت ألا يصليا عليها ، وذلك عند أصحابنا من الامور المغفورة لهما . وكان الاولى بهما إ كرامها واحترام منزلها لكنهما خافا الفرقة ، وأشفقا من الفتنة ، ففعلا ما هو الاصلح بحسب ظنهما ، وكانا من الدين وقوة اليقين بمكان مكين ، لا شك في ذلك ، والامور الماضية يتعذر الوقوف على عللها وأسبابها ، ولا يعلم حقائقها إلا من قد شاهدها ولابسها ، بل لعل الحاضرين المشاهدين لها يعلمون باطن الامر ، فلا يجوز العدول عن حسن الاعتقاد فيهما بما جرى ، والله ولى المغفرة والعفو ، فإن هذا لو ثبت أنه خطا لم يكن كبيرة ، بل كان من باب الصغائر التى لا تقتضي التبرى ، ولا توجب زوال التولى .
شرح نهج البلاغة ج6 ص 48 - ص50
فهذه الأية تكون جمرة في فمه وفم من يقول بقوله :
ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا
الأحزاب : 57 - 58
تعليق