إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

شهيد المحراب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شهيد المحراب

    قلة أولئك الرجال الذين هم على نسج عليِّ بن أبي طالب... تنهد بهم الحياة، موزعين على مفارق الأجيال كالمصابيح، تمتص حشاشاتها لتفنيها هدياً على مسالك العابرين، وهم على قلتهم، كالأعمدة تنفرج فيما بينها فسحات الهياكل، وترسو على كواهلها أثقال المداميك، لتومض من فرق مشارفها قبب المنائر.

    وإنهم في كل ذلك كالرَّواسي، تتقبل هوج الأعاصير وزمجرة السُّحب لتعكسها من مصافيها على السفوح خيرات رقيقة، رفيقة عذبة المدافق.

    ومن بين هؤلاء القلة يبرز وجه علي بن أبي طالب عليه السلام في هالة من رسالة وفي ظلِّ من نبوة، فاضتا عليه انسجاماً واكتمالاً كما احتواهما لوناً وإطاراً.

    وهكذا توفرت السانحة لتخلق في أكلح ليل طالت دجيته على عصر من عصور الإنسان فيه من الجهل والحيف ما يضم ويذل.. رجلاً تزاخرت فيه وفرة كريمة من المواهب والمزايا، لا يمكن أن يستوعبها إنسان دون أن تقذف به إلى مصافِّ العباقرة.

    وهكذا الدخول إلى هذه الشخصية ليس أقل حرمة من الولوج إلى المحراب، وإني أدرك الصعوبة في كل محاولة أقوم بها في سبيل جعل الحرف يطيع لتصوير هذا الوجه الكريم، لأن التصوير يهون علية أن يلتقط بالأشكال والأعراض، في حين يدق عليه أن يتقصىّ ما خلف الأعراض من معانٍ وألوان.

    وعلي بن أبي طالب هو بتلك الألوان أكثر مما هو بتلك الأعراض، وإنه عصيّ على الحرف بتصويره بقدر ما هو قصيّ عليه بمعانيه.

    فهو لم يأت دنياه بمثل ما يأتيها العاديُّون من الناس، جماعات جماعات. يأتي الناس دنياهم يقضون فيها لبانات العيش ثم عنها بحكم المقدَّر يرتحلون لا تغمرهم بعد آجالهم إلاّ موجة النسيان.. أما هو، فلقد أتى دنياه، أتاها وكأنه أتى بها.. ولما أتت عليه بقي وكأنه أتى عليها.

    الحقيقة، إن بطولته هي التي كانت من النوع الفريد، وهي التي تقدر أن تقتلع ليس فقط بوابة (حصن خيبر) بل حصون الجهل برمتها، إذ تتعاجف لياليها على عقل الإنسان.

    كل ذلك لأخلُص إلى القول أنَّه يكون من باب الفضاضة أن نربط عبقرية رجل كعلي بن أبي طالب بخيوط الأحداث التي بعثرتها حوله ظروف كئيبة كما تبعثر الريح في الجو بعض الغيوم.

    فالأحداث التي مرَّت على جانبيه لم يكن لها أي شأن في تغيير جوهر ذلك المعدن الذي انغلقت عليه شخصيته الفذَّة، كالغيوم عينها التي تتغشى بها صفحة الفضاء لا يمكنها بحال من الأحوال أن تطفئ الشمس. وبالتالي إن هذه الأحداث ليست غير أشكال وأعراض، ومهما تتكثّف ومهما يكثّفها المغرضون، فإنَّ جوهر ابن أبي طالب عليه السلام يلبث خلفها كما تلبث الشمس خلف الغمام.

    ومن هنا: إن كل قول في علي بن أبي طالب عليه السلام يحصره في مكان أو زمان يبقى حديثاً له قيمة السرد، ويبقى حروفاً مقفلة لا تنفذ إليها ألوان المعاني.

    أما إذا كان علي بن أبي طالب قد حصره التجوال لفترة قصيرة من الزمن بين البصرة والكوفة أو بين مكة والمدينة. فإن ذلك لم يمنع كونه أبداً ذلك العدّاء الذي كانت مواقع خطواته أبعد من محط هذه الأماكن.

    وهكذا لا تزال الدنيا بأجيالها تغرف الطيب من أفاويهك، يا أيها الوجه الكريم من سنا ريَّك.

    مقتبس


    واستذكر لكم من خطبة الرائعة ما يكون لنا درساً وكلاماً ووزناً في الدنيا والأخرة.

    ومن خطبة له (عليه السلام)
    [في الحث على العمل الصالح]

    رَحِمَ اللهُ عَبْداً سَمِعَ حُكْماً(1) فَوَعَى(2)، وَدُعِيَ إِلَى رَشَاد فَدَنَا(3)، وَأَخَذَ بِحُجْزَةِ(4) هَاد فَنَجَا، رَاقَبَ رَبِّهُ، وَخَافَ ذَنْبَهُ، قَدَّمَ خَالِصاً، وَعَمِلَ صَالِحاً، اكْتَسَبَ مَذْخُوراً(5)، وَاجْتَنَبَ مَحْذُوراً، رَمَى غَرَضاً، وَأَحْرَزَ عِوَضاً، كابَرَ هَوَاهُ(6)، وَكَذَّبَ مُناهُ، جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ، والتَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ، رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ(7)، وَلَزِمَ الَْمحَجَّةَ(8) الْبَيْضَاءَ، اغْتَنَمَ الْمَهَلَ(9)، وَبَادَرَ الاَْجَلَ، وَتَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.

    ____________

    1. الحُكْم ـ هنا ـ: الحِكْمة، قال الله تعال: (وآتيناه الحُكْمَ صبيّاً)
    2. وَعَى: حَفِظَ وفهم المراد.
    3. دنا: قرب من الرشاد الذي دعا اليه.
    4. الحُجْزَة ـ بالضم ـ: معقد الازار، والمراد الاقتداء والتمسك، يقال: أخذ فلان بِحُجْزَةِ فلان، إذا اعتصم به ولجأ إليه.
    5. اكتَسَبَ مَذْخوراً: كسب بالعمل الجليل ثواباً يذخره ويُعِدّهُ لوقت حاجته.
    6. كابَرَ هواه: غالبه، ويروى «كاثَرَ» بالمثلثة أي: غالبه بكثرة أفكاره الصائبة فغلبه.
    7. الغرّاء: النيّرة الواضحة.
    8. المَحَجّة: جادّة الطريق ومُعْظَمُه.
    9. المَهَل ـ هنا ـ: مدة الحياة مع العافية، فإنه أُمْهِلَ فيها دون أن يؤخذ بالموت أوتَحُلّ به بائقةُ العذاب.
    التعديل الأخير تم بواسطة نهج البلاغة; الساعة 07-01-2003, 07:28 PM.

  • #2
    أحسنتم يا نهج البلاغة
    جعلك الله من خلص شيعة أمير المؤمنين عليه السلام
    التعديل الأخير تم بواسطة كرار المصطفى; الساعة 07-01-2003, 09:10 PM.

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      هكذا هو امير المؤمنين على (ع) كيفما نظرت اليه .. لا تجد فيه الانا , وكل ما فيه لله وبالله وفي سبيل الله .....
      شخصية أجتمعت فيها الاضداد... فالذين عرفوه وأحبوه ذابوا فيه وفازوا فوزا عظيم ..
      والذين عرفوه وابغضوه ليس لانهم جهلوه بل لأنهم حسدوه ... لأنه باب المدينة ..........
      اجل هذا هو الامام علي (ع) الذي قال عنه الامام الخميني (قدس ):" لو أجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بتكبيرة أحرام كما أتى بها الامام علي ابن ابي طالب (ع)لما استطاعوا ........"
      انه وبأختصار وجه الله الذي لا يفنى ...
      ولا أغالي فقد سئل الامام الصادق (ع) عن تأويل {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام }الرحمان
      قال : نحن وجه الله الذي لا يفنى "
      اتعرفون لماذا ؟
      لأن كل ما فيهم لله
      تحياتي والسلام من دار السلام .............

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
      ردود 2
      13 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
      بواسطة ibrahim aly awaly
       
      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
      استجابة 1
      12 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
      بواسطة ibrahim aly awaly
       
      يعمل...
      X