،،،،،،،،،،،،،،،

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
مَن هتك حرمة النِّساء؟
الشيخ سعيد المادح
أحيانًا أقف مشدوهًا أمام تكرَّر الحوادث التاريخية بصورة طبق الأصل لما جرى، فحقًّا إنَّ التأريخ يعيد نفسه، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتم فيه، فها هم قتلة عمار بن ياسر هذا الصحابي الجليل الذي أنبأ عن مصرعه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، حيث قال: (يا عمار تقتلك الفئة الباغية).
أولئك السفاحون الذين سفكوا هذه الدماء الزكية، وبعد أن سقط القناع عن هذه الفئة الباغية التي كان قد أنبأ عنها الصادق الأمين (صلَّى الله عليه وآله)، وجدوا أنفسهم في مأزق؛ لانفضاح دجلهم على الأمَّة المسلمة، فما كان منهم إلا أن ألقوا بهذا العار الذي لحق بهم على أشرف الخلق بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، حيث كان عمار بن ياسر قد خرج يجاهد مع الإمام علي (عليه السلام)!، فقالوا إنَّ الذي قتل عمارًا هو من أخرجه للحرب!!!، تصوّروا.. هكذا وبكل وقاحة، وكما يقول المثل العربي: (رمتني بدائها وانسلَّت)!
ولا تعجب إن صدَّق كثير من البلهاء هذه المقولة! وبناءً على هذه المقولة سيكون كل من قُتِل مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، أو أبي بكر وعمر، إنما قتله عمر وأبو بكر والنبي الأكرم (صلَّى الله عليه وآله)، وأما المشركون فهم براءٌ من دمه!!
نعم هكذا، اكذُب واكذُب واكذُب، حتى تكون أُضحوكة بين الأمم، فهل ذرةً من حياء، وقليل من خجل؟!
وهكذا عاد الزمان على نسائنا اللاتي خرجنَ كعمار بن ياسر بكلِّ قناعة، وكلِّ إيمان بحقانية قضيتهنَّ، فلم يجبرهنَّ أحدٌ كما لم يجبر أمير المؤمنين (عليه السلام) عمار بن ياسر، وهل عمار طفل صغير؟! إنه قمَّة من قمم الإسلام الشاهقة، وإن نساءنا مفخرة من مفاخر العفَّة والشَّرف والوعي والبصيرة، وإنما خرجنَ يطالبن بحقوقهنَّ كسائر أبناء الشعب – سنَّة وشيعة، وغيرهم-، ولكن أيدٍ آثمة امتدَّت لحرمتهن، وشاء الله أن يفتضح المعتدي ويسقط القناع، وظهرت الحقيقة المخزية في التعامل الدنيئ والذي لا يملك ذرة من الشرف والإنسانية والغيرة، وحين افتضحوا بين الملأ عمدوا إلى استئجار بعض الاقلام الرخيصة لتبرير عارهم وشنارهم وإلقائه على الآخرين، فقالوا: "إنما انتهك حرمة النِّساء من أخرجهنَّ للشارع"، ﴿... كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ...﴾ .
ثم دعونا نتنزَّل في الجدال، فنقول: مَن الذي أخرج النساء إلى الشارع؟
هل هو مَن وقف معهنَّ؛ ليؤازرهنَّ، ويدافع عن حقوقهنَّ وكرامتهنَّ؟، أم هو مَن قتل أبناءهن واعتقل أزواجهنَّ وآباءهنَّ وإخوانهنَّ، ويتَّم أبناءهنَّ، وسلب حقوقهنَّ وكرامتهنَّ وحريتهنَّ، ولذلك خرجنَ كما خرج كلُّ الشباب والرجال والكهول والأطفال والأساتذة والعلماء والأطباء والوزراء والنواب والقُضاة والرياضيِّين، وإلخ؟، أم أنَّ كلَّ هؤلاء قد شربوا حبوب الهلوسة، فخرجوا للشارع كما هو منطق القذافي؟!
ثم هل تظنون أنَّ المرأة البحرينية بلا عقل ولا قلب حتى ترى كلَّ هذه المصائب تترى على الوطن والمواطنين - وهم أهلها وأحبتها -، ثم تجلس، وتتفرَّج، ولا تنبس ببنت شفه؟!
هل هذا ما تطلبونه للمرأة؟!
هل تظنونها حجرًا جامدًا، أو أنَّها لا تمتلك شيئًا من حبِّ الوطن، أو شيئًا من المشاعر والأحاسيس على أقل تقدير؟!
وهل المرأة بحاجة إلى مَن يدعوها للخروج أصلًا؟؟!!
كفاكم استخفافًا بعقول الناس، وكفاكم تهريجًا، فقد سئمنا هذه السَّخافات، وليس من مخرج لهذا الوطن إلا الإصلاح الحقيقي الذي يضمن أمن الجميع، وكرامة الجميع، وحقوق الجميع، وأمَّا هذه الهرطقات في الصحافة الصفراء فما عادت تجدي نفعًا، وربما نفعت في التَّضليل قبل ألف وأربعمائة سنة، ولكنَّها لا تجدي اليوم، فلا شيئ سيغطي على هذا العار الذي أزكم الأنوف.
تعليق