بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى الأمجد الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
أما بعد
بعد أن ناقشنا في المبحث الأول من الفصل الأول السياق التاريخي لإنحياز الخوارج إلى النهروان ننتقل الأن إلى المبحث الثاني وقد خصصه السابعي للصحابة الذين كانوا في صف الخوارج يوم النهروان.
أحب السابعي أن يبرهن لنا على صدق دعوى الخوارج فقال بأن أهل النهروان كان فيهم بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبأن هؤلاء الصحابة كان لهم دور بارز في الإلحاح على الإمام علي سلام الله عليه بالتراجع عن التحكيم. وكدليل على إيمانه بهذا الشيئ فقد أورد لنا السابعي في كتابه " الخوارج والحقيقة الغائبة" في المحبث الثاني من الفصل الاول في صفحة 75 ما يلي:
المبحث الثاني:
الصحابة من أهل النهروان
تذكر المصادر عدداً من صحابة رسول الله &ويبدو واضحاً أن غالبية المصادر متفقة على ذكر بعض تلك الأسماء في النهروان والأحداث التي سبقتها. وعلى الرغم من نفي بعض الروايات التي اعتمد عليها بعض العلماء والباحثين وجود الصحابة في صفوف أهل النهروان أو ضمن معارضي التحكيم، كالذي يروي عن ابن عباس أنه قال لأهل حروراء: "أتيتكم من عند أصحاب النبي المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم النبي وصهـره وعليهـم نـزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم واحد.." فإن - في المقابل - من الروايات ما يفيد خلاف هذه الفكرة، إذ يروى عن ابن عباس نفسه أنه لما جاء من عند معاوية في أمر الحكمين ناقشه عدة رجال في مسألة التحكيم وهم يستدلون عليه من كتاب الله، يقول الراوي: "حتى دخلني من ذلك، قال: ومن هم ؟ هم والله السِّنّ الأول أصحاب محمد، هم والله أصحاب البرانس والسواري".
أقول:
لو فرضنا أن صحة دعوى الخوارج تكمن في وجود بعض الصحابة بين أهل النهروان لكان الاجدر بالسابعي أن يستدل على صحة دعوى الامام علي سلام الله عليه بقبول التحكيم خصوصا بعد أن أجبر عليه مخافة وقوع الفتنة في جيشه لكونه صحابيا والكثير من الصحابة المشهورين كانوا معه كالحسن والحسين سلام الله عليهما و كإبن عباس وأبو أيوب الأنصاري وغيرهم. فشهرة هؤلاء الصحابة أشهر من نار على علم.
أو لكان الاجدر بالسابعي أن يستدل على صحة دعوى معاوية بن أبي سفيان في محاربة الإمام علي سلام الله عليه لانه أيضا صحابي وكان في صفة صحابة. وكان في صف معاوية أيضا بعض أولاد كبار الصحابة كعبيد الله بن عمر بن الخطاب الذي كان على رأس قراء أهل الشأم.
فعلى فرض أننا نساوي بين الصحابة ولا نفرق بينهم ولا يوجود أيات قرآنية أوأحاديث نبوية شريفة تبين فضل بعضهم على بعض فلا يمكن أن نحكم بصحة دعوى أي فريق على الاخر لمجرد وجود صحابة في كل فريق. فدعوى السابعي إذا ساقطة.
ولكن ما نفعل إن كانت الايات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة تفاضل بين الصحابة. وقد بينت الايات والاحاديث أن فضائل الامام علي سلام الله عليه لا يمكن أن يصل إليها أحد. إضافة إلى ذلك فإن سيرة الإمام علي سلام الله عليه من علم وحلم وورع وحكمة معروفة عند القاصي والداني. وقد قدمنا سابقا مقولة علماء التفسير عند الاباضية بأنهم قبلوا تفسير إبن عباس لعدة أسباب أحدها أنه من أهل بيت النبوة فعلاوة على أن الإمام علي سلام الله عليه من أهل بيت النبوة فإنهم قد ذكروا أن عليا سلام الله عليه أعلم من إبن عباس. وقد ذكرنا هذا الشيئ وأوردناه في المبحث لأول. فليراجعه من أراده.
ونذكر هنا بعض ما ذكره شاعر الأباضية أبو مسلم البهلاني في الإمام علي سلام الله عليه فقد قال أبو مسلم بأن الإمام علي سلام الله عليه بصير بأحكام الدماء وبأنه سلام الله عليه حيدرة الكرار وبأنه سلام الله عليه أعلم أهل الطين والوبر ويعترف ابو مسلم البهلاني بسوابق الامام علي سلام الله عليه وبأنه أخو رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويعترف أيضا بحادثة الغدير. وإضافة إلى ما ذكره أبو مسلم البهلاني فنحن نذكر جزءا مما قاله الشيخ الخليلي إمام الاباضية الحالي في الإمام علي سلام الله عليه, وهذا القول عنه نقلناه من شبكة الندوة. والموضوع تجدونه على هذه الوصلة
http://www.alnadwa.net/alkhalili/jabreen.htm
"لقاء مجلة جبرين مع سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان
- حول الصحوة الإسلامي
جبرين:
من النقاط التي طالما تجول بالخاطر، وتثير التساؤل في الأذهان موقف الإباضية من عثمان وعلي، وهذا يخلق نوعاً من التضارب في الأذهان بين ما عرف عن عثمان وعلي وبين ما نسمع من رأي الاباضية في هذا الموضوع.
الشيخ:
.............
وأما بالنسبة للخليفة الرابع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فإن الإباضية لا يزيدون عن حكاية ما حدث في عهده، ولا ينالون من شخصه وهم أكثر الناس تقديراً له واحتراماً لصحبته برسول الله صلى عليه وسلم وقرابته منه، ويدركون كل الإدراك أنه من أفقه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم إطلاعاً على سيرته عليه أفضل الصلاة والسلام، وأكثرهم علماً بكتاب الله سبحانه وتعالى، ولذلك كثيراً ما يأخذون بآرائه في الفقه كما هو واضح في كتبهم الفقهية في الأشياء التي لا يأخذ فيها الجمهور بآرائه. "
على كل,
ولو اكتفى السابعي بالقول بأنه كان في صفوف الخوارج بعض الصحابة لهان الامر.
ولكن المشكلة في إستدلال السابعي لا تكمن في ذكره أن خوارج النهروان كان بينهم صحابة.
لا, المشكلة ليست هنا أبدا, فالسابعي يعلم تماما أن معاوية كان على الباطل وهو مع ذلك صحابي وكان معه صحابة.
المشكلة تكمن في أنه يجعل من هؤلاء الصحابة الذين لا يُعرف من هم ولا يعرف لهم فضل أو منقبة فوق باقي الصحابة الذين مدحهم الله ورسوله. واستدل السابعي على ذلك بالحديث المعهود الذي بتره والذي يدعي فيه رَاوي الحديث أن صحابة النهروان " هم والله السِّنّ الأول أصحاب محمد، هم والله أصحاب البرانس والسواري".
فهذه هي أم المصائب والمشاكل. كيف يكون هؤلاء الصحابة الذين لا نعرف هويتهم هم "أصحاب محمد" ؟ بل ومن السن الأول من أصحاب محمد؟.
وكعادتنا في تفنيد ما ينقله لنا السابعي فنحن نذكر الاحاديث التي بترها لكي يعلم القارئ السبب الذي من أجله تُبتَر هذه الاحاديث.
وكما يقال التكرار يعلم الشطار.
ونعتذر من القراء على إيراد هذا الحديث عدة مرات ولكن للضرورة أحكام. فالسابعي جعل من هذا الحديث ركيزة لكتابه هذا فتراه يذكره في كل مناسبة حتى أنه استدل به على صحة دعوى الخوارج في خاتمة كتابه.
على كل إليكم الحديث:
مصنف ابن أبي شيبة ج: 7 ص: 551
37873 حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه قال إني لخارج من المسجد إذ رأيت ابن عباس حين جاء من ثم معاوية في أمر الحكمين فدخل دار سليمان بن ربيعة فدخلت معه فما زال يرمي إليه رجل ثم رجل بعد رجل يا ابن عباس كفرت وأشركت ونددت قال الله في كتابه كذا وقال الله كذا وقال الله كذا حتى دخلني من ذلك قال ومن هم؟ هم والله السن الأول أصحاب محمد هم والله أصحاب البرانس والسواري قال فقال ابن عباس انظروا أخصمكم وأجدلكم وأعلمكم بحجتكم فليتكلم فاختاروا رجلا أعور يقال له عتاب من بني تغلب فقام فقال قال الله كذا وقال الله كذا كأنما ينزع بحاجته من القرآن في سورة واحدة
قال فقال ابن عباس إني أراك قارئا للقرآن عالما بما قد فصلت ووصلت أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل علمتم أن أهل الشام سألوا القضية فكرهناها وأبيناها فلما أصابتكم الجروح وعضكم الألم ومنعتم ماء الفرات وأنشأتم تطلبونها ولقد أخبرني معاوية أنه أتي بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه ثم أتاه منكم فقال إني تركت أهل العراق يموجون مثل الناس ليلة النفر بمكة يقولون مختلفين في كل وجه
قال ثم قال ابن عباس أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أي رجل كان أبو بكر فقالوا خير وأثنوا عليه
فقال أفرأيتم لو أن رجلا خرج حاجا أو معتمرا فأصاب ظبيا أو بعض هوام الأرض فحكم فيه أحدهما وحده أكان له والله يقول يحكم به ذوا عدل فما اختلفتم فيه من أمر الأمة أعظم يقول فلا تنكروا حكمين في دماء الأمة وقد جعل الله في قتل طائر حكمين وقد جعل بين اختلاف رجل وامرأته حكمين لإقامة العدل والإنصاف بينهما فيما اختلفا فيه "
وكما قلنا سابقا, هذا الحديث يؤكد أن الخوارج هم من طلب قضية التحكيم وهم من أرسل إلى معاوية بعد أن كاد الاخير أن يهرب.
وهذا الحديث قد ناقشناه سابقا فلا داعي للتكرار. ولكن حيث أن السابعي استدل بهذا الحديث على أن الصحابة هم السن الاول من أصحاب محمد وأنهم أصحاب السواري والبرانس فيحق لنا أن نسأل هذه الأسئلة:
1- من هم هؤلاء الصحابة؟
2- وأي سرايا قادوها؟
3- ولماذا هم أصحاب البرانس؟ وهل كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مبرنسا لكي يميز نفسه عن باقي الناس أم أن هذا الشيئ بدعة؟
4- ما الذي نعلمه عن جهاد الصحابة من أهل النهروان في حياة رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم؟
5- وما الذي نعلمه عن علمهم؟
6- وماذا نقلوا لنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم؟
7- وهل استشارهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم؟
8- وهل نزل فيهم قرآن يمدحهم؟
9- هل قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حقهم شيئا يمدح فعلهم؟
10- من هو الأعور , عتاب من بني تغلب, الذي تولى نقاش إبن عباس؟
جوابا على السؤال الاول نقول لحد الان وبعد مضي أكثر من ألف وأربعة مئة سنة على هذه الحادثة لم يخبرنا السابعي بهؤلاء الصحابة الذين يدعي رواي الحديث بأنهم السن الأول من أصحاب محمد وبأنهم أصحاب السواري والبرانس؟
أما بالنسبة للجواب على الأسئلة 2-9 فهي كالتالي: لا نعلم ولم يخبرنا أحد عن علمهم أو جهادهم أو مشورتهم.
وإيمانا مني بأن هؤلاء الخوارج لا يعرف لهم فضل أو جهاد أو علم , ولكي نتعرف أكثر على ما يدعيه رواي الحديث وما يؤمن به السابعي في أن هؤلاء الخوارج هم السن الأول من أصحاب محمد وهم أصحاب السواري والبرانس فقد فتحت موضوعا في السلبة العمانية وهي السبلة التي ينشر فيه السابعي مواضيعه ولكن السابعي لم يدخل للنقاش في هذا الموضوع ولم يستطع حتى شخص واحد من الاباضية أن يعرفنا على بطولات هؤلاء الخوارج.
والوصلة تجدونها في السبلة العمانية بعنوان:
أيها الاباضية: أخبرونا عن أفعال وبطولات أهل النهروان في حياة رسول الله
http://omania.net/avb/showthread.php?t=126216
أما الجواب على السؤال رقم 10 فهو فعلا محير.
كيف يختار السن الأول من أصحاب محمد, وهم أصحاب العلم والفقة والسرايا والبرانس الذين عاصروا الوحي وتلقوا العلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مباشرة – بزعمهم- رجلا أعورا غير معروف؟
ولا نعلم هل كان هذا الأعور, عتاب من بني تغلب, من الصحابة أم لم يكن منهم ؟
ولماذا تقدم هذا الأعور لنقاش إبن عباس إذا كان في صف الخوارج من هو أعلم منه؟
بل كيف قبل هذا الأعور أن يتقدم على من هم خيرا منه؟
الجواب بصراحة وبكل بساطة لانه لم يكن في من يدعون صحبتهم أي صحابي.
إضافة إلى كل ذلك فهذا الحديث قد تم قبل معركة النهروان بعد رجوع إبن عباس من التحكيم.
ولكن لماذا هذا الإصرار من السابعي – وبدون دليل- على أن هؤلاء الخوارج هم السن الأول من أصحاب محمد وهم أصحاب السواري والبرانس؟ ولو أخذنا بعين الاعتبار باقي متن الحديث فسوف نجد أن هذا الحديث فيه مصائب عظيمة في حق الخوارج. فلماذا هذا الإصرار؟
في الواقع حاولت أن أجد جوابا لهذا السؤال فبحثت في بطون الكتب والسيديات وشبكات الحوار ولكني رجعت بخفي حنين.
ولكن وجدت الجواب على سؤالي في كتاب السابعي "الخوارج والحقيقة الغائبة" في المبحث الرابع من الفصل الأول صفحة 136 . فالسبب الذي يجعل السابعي يتمسك بقشة الغريق (حديث السن الأول من أصحاب محمد) هو محاولة الأخير إبعاد دعوى تكفير الخوارج للمسلمين اللاصقة بهم عنهم. فالحديث الذي يذكر بأنهم يكفرون أهل الإسلام لا ينطبق إلا عليهم كما ذكرنا ومحادثتهم لإبن عباس لهي خير دليل على ذلك.
وسنرى كيف حاول السابعي إبعاد هذه التهمة اللاصقة بهم عنهم:
[COLOR=Red]يقول السابعي في كتابه الخوارج والحقيقة الغائبة في
"المبحث الرابع
نسبة الإستعراض والتكفير إلى أهل النهروان.
"......... . والرواية التي تثبت التكفير والتشريك إليهم عند مخاطبتهم لابن عباس "كفرت وأشركت"( محمولة على هذه الفكرة السابقة لحين أداء الرواية، أولاً: لأن الذين يخاطبون ابن عباس بهذا الكلام تصفهم الرواية نفسها بالقدرة على انتزاع الأدلة من القرآن والتأثير على المخاطب، كما تصف متكلمهم بأنه قارئ للقرآن عالم بما فصل ووصل، وثانياً: لأنهم في هذه الرواية "السن الأول أصحاب محمد" أي الأقدمون من أصحاب النبي &
إذا السبب الذي من أجله يتمسك السابعي بقشة الغريق هو أن هذه الشرذمه من الناس التي كفرت إبن عباس فعلوا ذلك لأنهم السن الاول من أصحاب محمد فيحق لهم أن يشَّركوا ويكفروا كيفما يحلو لهم. ولا يحق لأحد بعدهم أن يكفر أو يشرك.
فما فعله نافع بن الأزرق وإن كان سائرا على درب خوارج النهروان في تكفير المسملين غير مقبول بنظر السابعي.
غريب فعلا!!!!
الاباضية يقولون بأنهم متمسكون بأهل النهروان وما فعلوه وما قاموا به لانهم كانوا على الحق. فكيف لا يرضون بما فعله نافع بن الأزرق. فالناظر للحديث يعلم أن نافع بن الازرق أكثر تمسكا بخوارج النهروان من الاباضية.
وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن الخوارج لم يكن لهم رأي واحد وأن عقائدهم لم تكن واحده.
وما يحاول السابعي أن يوصله لنا هو التالي: من قال بتكفير المسلمين ممن سار على درب أهل النهروان من غير أهل النهروان فهو على باطل.
وسنناقش موضوع التكفير في محله إن شاء الله. ولكن الواضح من الحديث أن دعوى التكفير والتشريك لم تبتدأ بنافع بن الأزرق عام الافتراق بل كانت مترسخة في عقول الخوارج قبل عودة إبن عباس من عند معاوية في أمر الحكيمن أي قبل معركة النهروان.
فدعوى التكفير والتشريك هي جزء من عقائدهم التي لم تتبلور بعد. فمحاولة السابعي إبعاد هذه التهمة عنهم هي محاولة باطلة تفندها الادلة التي يستنجد بها السابعي لإثبات مذهبه.
وحيث أن حديث قشة الغريق – كما أحببنا تسميته – الذي يتمسك به الاباضية حدث قبل معركة النهروان فلماذا لم يذكر لنا كليب أسماء هؤلاء الصحابة وهل قتلوا يوم النهروان؟ وهل نجى منهم أحد يوم النهروان؟ وهل ؟ وهل ؟ وهل؟....
هناك ألف سؤال وسؤال يدور حول هذا الموضوع وحول هذا الحديث الذي بلا شك وبلا ريب ينسف نظرية الاباضية في أن القراء الخوارج هم من طالب بإكمال القتال بعد رفع المصاحف يوم صفين.
في حديث "قشة الغريق" الذي استدل به السابعي على كون صحابة الخوارج من السن الأول من أصحاب محمد نقطة لا بد لي من التعليق عليها.
عندما قرأت الحديث لأول مرة شدتني كلمة "محمد". لم أكن أتوقع أن أحدا من المسلمين يذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بهذا الشكل وبهذه الطريقة التي تعطي إحساسا بأن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس برسول أو بنبي أو بأنه أنسان لا إعتبار له والعياذ بالله. ولم أكن أتوقع أن أحدا يذكره بدون الصلاة عليه وخصوصا إذا علمنا أن هذا الحديث كان من أناس يدعون الصحبة. فأين هذا الاحترام للمبعوث رحمة للعالمين أين الاحترام لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
وكلمة "محمد" تذكرني بصلح الحديبية وتذكرني بقول المشركين حين وقعوا المعاهدة في ذلك الوقت.
على كل:
رجعنا إلى كلام السابعي فيما قال أنه روي عن إبن عباس في أنه لم يكن في الخوارج أحد من المهاجرين والانصار:
يقول السابعي:
كالذي يروي عن ابن عباس أنه قال لأهل حروراء: "أتيتكم من عند أصحاب النبي المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم النبي وصهـره وعليهـم نـزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم واحد.."
ثم أورد لنا السابعي بعد هذا الكلام حديث قشة الغريق المعهود المبتور الذي أوضحنا فيه أنه على الخوارج وليس لهم.
على أننا لو ألقينا نظرة متفحصة على كلام إبن عباس لوجدنا التالي:
1- إبن عباس ذهب لمناقشة الخوارج في عقر دارهم ولم ينكر أحد منهم عليه ما قاله لهم في حق الامام علي سلام الله عليه أو في حق المهاجرين والأنصار.
2- نلاحظ أنه لم يقل أنه لم يكن فيهم صحابة بل قال بأنه ليس في الخوارج أحد من المهاجرين, وليس فيهم أحد من الانصار الذي نصروا وأووا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد هجرته من مكة المكرمة. فالفرق بين أن يكون بينهم صحابة وبين أن يكون بينهم المهاجرين والانصار هو فرق بين السماء والأرض.
فكيف غاب هذا الامر عن السابعي؟
أم أن هذا الشيئ لم يغب عن السابعي ولكنه كره أن لا يكون في الخوارج السن الأول من أصحاب "محمد" – صلى الله عليه وعلى أله وسلم؟ كره أن لا يكون في خوارج النهروان من كان في مرتبة أهل البيت أو الصحابة الذين كانوا مع علي سلام الله عليه.
3- إبن عباس يلقي الحجة على من ناظرهم في كلى الحديثين.
4- رجوع جم غفير من الخوارج عن رأيهم السابق وهذا ما تأكده الكثير من المصادر
على كل سنذكر مناظرة إبن عباس للحروريه من مصدرها كاملة مع السند.
"السنن الكبرى للنسائي ج: 5 ص: 165
ذكر مناظرة عبد الله بن عباس الحرورية واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
8575 أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال ثم لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار وكانوا ستة آلاف
فقلت لعلي يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم
قال إني أخافهم عليك
قلت كلا
فلبست وترجلت ودخلت عليهم في دار نصف النهار وهم يأكلون فقالوا مرحبا بك يا بن عباس فما جاء بك قلت لهم أتيتكم من ثم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار ومن ثم بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون فانتحى لي نفر منهم
قلت هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه قالوا ثلاث قلت ما هن
قال أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله وقال الله إن الحكم إلا لله ما شأن الرجال والحكم
قلت هذه واحدة
قالوا وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب سباهم ولم يغنم إن كانوا كفارا لقد حل سبيهم ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيهم ولا قتالهم قلت هذه ثنتان
فما الثالثة وذكر كلمة معناها قالوا محى نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين
قلت هل عندكم غير هذا
قالوا حسبنا هذا
قلت لهم أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يرد قولكم أترجعون قالوا نعم
قلت أما قولكم حكم الرجال في أمر الله فإني أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه أرأيت قول الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم وكان من حكم الله أنه صيره إلى الرجال يحكمون فيه ولو شاء يحكم فيه فجاز من حكم الرجال أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح ذات البين وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب قالوا بلى بل هذا أفضل وفي المرأة وزوجها وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة خرجت من هذه قالوا نعم
قلت وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم أفتسبون أمكم عائشة تستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم فإن قلتم إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم وإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم فأنتم بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج أفخرجت من هذه قالوا نعم
وأما محي نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بما ترضون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية صالح المشركين فقال لعلي اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قالوا لو نعلم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاتلناك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امح يا علي اللهم إنك تعلم أني رسول الله امح يا علي واكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من علي وقد محى نفسه ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة أخرجت من هذه قالوا نعم فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالتهم قتلهم المهاجرون والأنصار"
سنتابع موضوع الصحابة في أهل النهروان في الحلقة القادمة إن شاء الله
السلام عليكم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى الأمجد الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
أما بعد
بعد أن ناقشنا في المبحث الأول من الفصل الأول السياق التاريخي لإنحياز الخوارج إلى النهروان ننتقل الأن إلى المبحث الثاني وقد خصصه السابعي للصحابة الذين كانوا في صف الخوارج يوم النهروان.
أحب السابعي أن يبرهن لنا على صدق دعوى الخوارج فقال بأن أهل النهروان كان فيهم بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبأن هؤلاء الصحابة كان لهم دور بارز في الإلحاح على الإمام علي سلام الله عليه بالتراجع عن التحكيم. وكدليل على إيمانه بهذا الشيئ فقد أورد لنا السابعي في كتابه " الخوارج والحقيقة الغائبة" في المحبث الثاني من الفصل الاول في صفحة 75 ما يلي:
المبحث الثاني:
الصحابة من أهل النهروان
تذكر المصادر عدداً من صحابة رسول الله &ويبدو واضحاً أن غالبية المصادر متفقة على ذكر بعض تلك الأسماء في النهروان والأحداث التي سبقتها. وعلى الرغم من نفي بعض الروايات التي اعتمد عليها بعض العلماء والباحثين وجود الصحابة في صفوف أهل النهروان أو ضمن معارضي التحكيم، كالذي يروي عن ابن عباس أنه قال لأهل حروراء: "أتيتكم من عند أصحاب النبي المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم النبي وصهـره وعليهـم نـزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم واحد.." فإن - في المقابل - من الروايات ما يفيد خلاف هذه الفكرة، إذ يروى عن ابن عباس نفسه أنه لما جاء من عند معاوية في أمر الحكمين ناقشه عدة رجال في مسألة التحكيم وهم يستدلون عليه من كتاب الله، يقول الراوي: "حتى دخلني من ذلك، قال: ومن هم ؟ هم والله السِّنّ الأول أصحاب محمد، هم والله أصحاب البرانس والسواري".
أقول:
لو فرضنا أن صحة دعوى الخوارج تكمن في وجود بعض الصحابة بين أهل النهروان لكان الاجدر بالسابعي أن يستدل على صحة دعوى الامام علي سلام الله عليه بقبول التحكيم خصوصا بعد أن أجبر عليه مخافة وقوع الفتنة في جيشه لكونه صحابيا والكثير من الصحابة المشهورين كانوا معه كالحسن والحسين سلام الله عليهما و كإبن عباس وأبو أيوب الأنصاري وغيرهم. فشهرة هؤلاء الصحابة أشهر من نار على علم.
أو لكان الاجدر بالسابعي أن يستدل على صحة دعوى معاوية بن أبي سفيان في محاربة الإمام علي سلام الله عليه لانه أيضا صحابي وكان في صفة صحابة. وكان في صف معاوية أيضا بعض أولاد كبار الصحابة كعبيد الله بن عمر بن الخطاب الذي كان على رأس قراء أهل الشأم.
فعلى فرض أننا نساوي بين الصحابة ولا نفرق بينهم ولا يوجود أيات قرآنية أوأحاديث نبوية شريفة تبين فضل بعضهم على بعض فلا يمكن أن نحكم بصحة دعوى أي فريق على الاخر لمجرد وجود صحابة في كل فريق. فدعوى السابعي إذا ساقطة.
ولكن ما نفعل إن كانت الايات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة تفاضل بين الصحابة. وقد بينت الايات والاحاديث أن فضائل الامام علي سلام الله عليه لا يمكن أن يصل إليها أحد. إضافة إلى ذلك فإن سيرة الإمام علي سلام الله عليه من علم وحلم وورع وحكمة معروفة عند القاصي والداني. وقد قدمنا سابقا مقولة علماء التفسير عند الاباضية بأنهم قبلوا تفسير إبن عباس لعدة أسباب أحدها أنه من أهل بيت النبوة فعلاوة على أن الإمام علي سلام الله عليه من أهل بيت النبوة فإنهم قد ذكروا أن عليا سلام الله عليه أعلم من إبن عباس. وقد ذكرنا هذا الشيئ وأوردناه في المبحث لأول. فليراجعه من أراده.
ونذكر هنا بعض ما ذكره شاعر الأباضية أبو مسلم البهلاني في الإمام علي سلام الله عليه فقد قال أبو مسلم بأن الإمام علي سلام الله عليه بصير بأحكام الدماء وبأنه سلام الله عليه حيدرة الكرار وبأنه سلام الله عليه أعلم أهل الطين والوبر ويعترف ابو مسلم البهلاني بسوابق الامام علي سلام الله عليه وبأنه أخو رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويعترف أيضا بحادثة الغدير. وإضافة إلى ما ذكره أبو مسلم البهلاني فنحن نذكر جزءا مما قاله الشيخ الخليلي إمام الاباضية الحالي في الإمام علي سلام الله عليه, وهذا القول عنه نقلناه من شبكة الندوة. والموضوع تجدونه على هذه الوصلة
http://www.alnadwa.net/alkhalili/jabreen.htm
"لقاء مجلة جبرين مع سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان
- حول الصحوة الإسلامي
جبرين:
من النقاط التي طالما تجول بالخاطر، وتثير التساؤل في الأذهان موقف الإباضية من عثمان وعلي، وهذا يخلق نوعاً من التضارب في الأذهان بين ما عرف عن عثمان وعلي وبين ما نسمع من رأي الاباضية في هذا الموضوع.
الشيخ:
.............
وأما بالنسبة للخليفة الرابع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فإن الإباضية لا يزيدون عن حكاية ما حدث في عهده، ولا ينالون من شخصه وهم أكثر الناس تقديراً له واحتراماً لصحبته برسول الله صلى عليه وسلم وقرابته منه، ويدركون كل الإدراك أنه من أفقه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم إطلاعاً على سيرته عليه أفضل الصلاة والسلام، وأكثرهم علماً بكتاب الله سبحانه وتعالى، ولذلك كثيراً ما يأخذون بآرائه في الفقه كما هو واضح في كتبهم الفقهية في الأشياء التي لا يأخذ فيها الجمهور بآرائه. "
على كل,
ولو اكتفى السابعي بالقول بأنه كان في صفوف الخوارج بعض الصحابة لهان الامر.
ولكن المشكلة في إستدلال السابعي لا تكمن في ذكره أن خوارج النهروان كان بينهم صحابة.
لا, المشكلة ليست هنا أبدا, فالسابعي يعلم تماما أن معاوية كان على الباطل وهو مع ذلك صحابي وكان معه صحابة.
المشكلة تكمن في أنه يجعل من هؤلاء الصحابة الذين لا يُعرف من هم ولا يعرف لهم فضل أو منقبة فوق باقي الصحابة الذين مدحهم الله ورسوله. واستدل السابعي على ذلك بالحديث المعهود الذي بتره والذي يدعي فيه رَاوي الحديث أن صحابة النهروان " هم والله السِّنّ الأول أصحاب محمد، هم والله أصحاب البرانس والسواري".
فهذه هي أم المصائب والمشاكل. كيف يكون هؤلاء الصحابة الذين لا نعرف هويتهم هم "أصحاب محمد" ؟ بل ومن السن الأول من أصحاب محمد؟.
وكعادتنا في تفنيد ما ينقله لنا السابعي فنحن نذكر الاحاديث التي بترها لكي يعلم القارئ السبب الذي من أجله تُبتَر هذه الاحاديث.
وكما يقال التكرار يعلم الشطار.
ونعتذر من القراء على إيراد هذا الحديث عدة مرات ولكن للضرورة أحكام. فالسابعي جعل من هذا الحديث ركيزة لكتابه هذا فتراه يذكره في كل مناسبة حتى أنه استدل به على صحة دعوى الخوارج في خاتمة كتابه.
على كل إليكم الحديث:
مصنف ابن أبي شيبة ج: 7 ص: 551
37873 حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه قال إني لخارج من المسجد إذ رأيت ابن عباس حين جاء من ثم معاوية في أمر الحكمين فدخل دار سليمان بن ربيعة فدخلت معه فما زال يرمي إليه رجل ثم رجل بعد رجل يا ابن عباس كفرت وأشركت ونددت قال الله في كتابه كذا وقال الله كذا وقال الله كذا حتى دخلني من ذلك قال ومن هم؟ هم والله السن الأول أصحاب محمد هم والله أصحاب البرانس والسواري قال فقال ابن عباس انظروا أخصمكم وأجدلكم وأعلمكم بحجتكم فليتكلم فاختاروا رجلا أعور يقال له عتاب من بني تغلب فقام فقال قال الله كذا وقال الله كذا كأنما ينزع بحاجته من القرآن في سورة واحدة
قال فقال ابن عباس إني أراك قارئا للقرآن عالما بما قد فصلت ووصلت أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل علمتم أن أهل الشام سألوا القضية فكرهناها وأبيناها فلما أصابتكم الجروح وعضكم الألم ومنعتم ماء الفرات وأنشأتم تطلبونها ولقد أخبرني معاوية أنه أتي بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه ثم أتاه منكم فقال إني تركت أهل العراق يموجون مثل الناس ليلة النفر بمكة يقولون مختلفين في كل وجه
قال ثم قال ابن عباس أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أي رجل كان أبو بكر فقالوا خير وأثنوا عليه
فقال أفرأيتم لو أن رجلا خرج حاجا أو معتمرا فأصاب ظبيا أو بعض هوام الأرض فحكم فيه أحدهما وحده أكان له والله يقول يحكم به ذوا عدل فما اختلفتم فيه من أمر الأمة أعظم يقول فلا تنكروا حكمين في دماء الأمة وقد جعل الله في قتل طائر حكمين وقد جعل بين اختلاف رجل وامرأته حكمين لإقامة العدل والإنصاف بينهما فيما اختلفا فيه "
وكما قلنا سابقا, هذا الحديث يؤكد أن الخوارج هم من طلب قضية التحكيم وهم من أرسل إلى معاوية بعد أن كاد الاخير أن يهرب.
وهذا الحديث قد ناقشناه سابقا فلا داعي للتكرار. ولكن حيث أن السابعي استدل بهذا الحديث على أن الصحابة هم السن الاول من أصحاب محمد وأنهم أصحاب السواري والبرانس فيحق لنا أن نسأل هذه الأسئلة:
1- من هم هؤلاء الصحابة؟
2- وأي سرايا قادوها؟
3- ولماذا هم أصحاب البرانس؟ وهل كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مبرنسا لكي يميز نفسه عن باقي الناس أم أن هذا الشيئ بدعة؟
4- ما الذي نعلمه عن جهاد الصحابة من أهل النهروان في حياة رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم؟
5- وما الذي نعلمه عن علمهم؟
6- وماذا نقلوا لنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم؟
7- وهل استشارهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم؟
8- وهل نزل فيهم قرآن يمدحهم؟
9- هل قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حقهم شيئا يمدح فعلهم؟
10- من هو الأعور , عتاب من بني تغلب, الذي تولى نقاش إبن عباس؟
جوابا على السؤال الاول نقول لحد الان وبعد مضي أكثر من ألف وأربعة مئة سنة على هذه الحادثة لم يخبرنا السابعي بهؤلاء الصحابة الذين يدعي رواي الحديث بأنهم السن الأول من أصحاب محمد وبأنهم أصحاب السواري والبرانس؟
أما بالنسبة للجواب على الأسئلة 2-9 فهي كالتالي: لا نعلم ولم يخبرنا أحد عن علمهم أو جهادهم أو مشورتهم.
وإيمانا مني بأن هؤلاء الخوارج لا يعرف لهم فضل أو جهاد أو علم , ولكي نتعرف أكثر على ما يدعيه رواي الحديث وما يؤمن به السابعي في أن هؤلاء الخوارج هم السن الأول من أصحاب محمد وهم أصحاب السواري والبرانس فقد فتحت موضوعا في السلبة العمانية وهي السبلة التي ينشر فيه السابعي مواضيعه ولكن السابعي لم يدخل للنقاش في هذا الموضوع ولم يستطع حتى شخص واحد من الاباضية أن يعرفنا على بطولات هؤلاء الخوارج.
والوصلة تجدونها في السبلة العمانية بعنوان:
أيها الاباضية: أخبرونا عن أفعال وبطولات أهل النهروان في حياة رسول الله
http://omania.net/avb/showthread.php?t=126216
أما الجواب على السؤال رقم 10 فهو فعلا محير.
كيف يختار السن الأول من أصحاب محمد, وهم أصحاب العلم والفقة والسرايا والبرانس الذين عاصروا الوحي وتلقوا العلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مباشرة – بزعمهم- رجلا أعورا غير معروف؟
ولا نعلم هل كان هذا الأعور, عتاب من بني تغلب, من الصحابة أم لم يكن منهم ؟
ولماذا تقدم هذا الأعور لنقاش إبن عباس إذا كان في صف الخوارج من هو أعلم منه؟
بل كيف قبل هذا الأعور أن يتقدم على من هم خيرا منه؟
الجواب بصراحة وبكل بساطة لانه لم يكن في من يدعون صحبتهم أي صحابي.
إضافة إلى كل ذلك فهذا الحديث قد تم قبل معركة النهروان بعد رجوع إبن عباس من التحكيم.
ولكن لماذا هذا الإصرار من السابعي – وبدون دليل- على أن هؤلاء الخوارج هم السن الأول من أصحاب محمد وهم أصحاب السواري والبرانس؟ ولو أخذنا بعين الاعتبار باقي متن الحديث فسوف نجد أن هذا الحديث فيه مصائب عظيمة في حق الخوارج. فلماذا هذا الإصرار؟
في الواقع حاولت أن أجد جوابا لهذا السؤال فبحثت في بطون الكتب والسيديات وشبكات الحوار ولكني رجعت بخفي حنين.
ولكن وجدت الجواب على سؤالي في كتاب السابعي "الخوارج والحقيقة الغائبة" في المبحث الرابع من الفصل الأول صفحة 136 . فالسبب الذي يجعل السابعي يتمسك بقشة الغريق (حديث السن الأول من أصحاب محمد) هو محاولة الأخير إبعاد دعوى تكفير الخوارج للمسلمين اللاصقة بهم عنهم. فالحديث الذي يذكر بأنهم يكفرون أهل الإسلام لا ينطبق إلا عليهم كما ذكرنا ومحادثتهم لإبن عباس لهي خير دليل على ذلك.
وسنرى كيف حاول السابعي إبعاد هذه التهمة اللاصقة بهم عنهم:
[COLOR=Red]يقول السابعي في كتابه الخوارج والحقيقة الغائبة في
"المبحث الرابع
نسبة الإستعراض والتكفير إلى أهل النهروان.
"......... . والرواية التي تثبت التكفير والتشريك إليهم عند مخاطبتهم لابن عباس "كفرت وأشركت"( محمولة على هذه الفكرة السابقة لحين أداء الرواية، أولاً: لأن الذين يخاطبون ابن عباس بهذا الكلام تصفهم الرواية نفسها بالقدرة على انتزاع الأدلة من القرآن والتأثير على المخاطب، كما تصف متكلمهم بأنه قارئ للقرآن عالم بما فصل ووصل، وثانياً: لأنهم في هذه الرواية "السن الأول أصحاب محمد" أي الأقدمون من أصحاب النبي &
إذا السبب الذي من أجله يتمسك السابعي بقشة الغريق هو أن هذه الشرذمه من الناس التي كفرت إبن عباس فعلوا ذلك لأنهم السن الاول من أصحاب محمد فيحق لهم أن يشَّركوا ويكفروا كيفما يحلو لهم. ولا يحق لأحد بعدهم أن يكفر أو يشرك.
فما فعله نافع بن الأزرق وإن كان سائرا على درب خوارج النهروان في تكفير المسملين غير مقبول بنظر السابعي.
غريب فعلا!!!!
الاباضية يقولون بأنهم متمسكون بأهل النهروان وما فعلوه وما قاموا به لانهم كانوا على الحق. فكيف لا يرضون بما فعله نافع بن الأزرق. فالناظر للحديث يعلم أن نافع بن الازرق أكثر تمسكا بخوارج النهروان من الاباضية.
وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن الخوارج لم يكن لهم رأي واحد وأن عقائدهم لم تكن واحده.
وما يحاول السابعي أن يوصله لنا هو التالي: من قال بتكفير المسلمين ممن سار على درب أهل النهروان من غير أهل النهروان فهو على باطل.
وسنناقش موضوع التكفير في محله إن شاء الله. ولكن الواضح من الحديث أن دعوى التكفير والتشريك لم تبتدأ بنافع بن الأزرق عام الافتراق بل كانت مترسخة في عقول الخوارج قبل عودة إبن عباس من عند معاوية في أمر الحكيمن أي قبل معركة النهروان.
فدعوى التكفير والتشريك هي جزء من عقائدهم التي لم تتبلور بعد. فمحاولة السابعي إبعاد هذه التهمة عنهم هي محاولة باطلة تفندها الادلة التي يستنجد بها السابعي لإثبات مذهبه.
وحيث أن حديث قشة الغريق – كما أحببنا تسميته – الذي يتمسك به الاباضية حدث قبل معركة النهروان فلماذا لم يذكر لنا كليب أسماء هؤلاء الصحابة وهل قتلوا يوم النهروان؟ وهل نجى منهم أحد يوم النهروان؟ وهل ؟ وهل ؟ وهل؟....
هناك ألف سؤال وسؤال يدور حول هذا الموضوع وحول هذا الحديث الذي بلا شك وبلا ريب ينسف نظرية الاباضية في أن القراء الخوارج هم من طالب بإكمال القتال بعد رفع المصاحف يوم صفين.
في حديث "قشة الغريق" الذي استدل به السابعي على كون صحابة الخوارج من السن الأول من أصحاب محمد نقطة لا بد لي من التعليق عليها.
عندما قرأت الحديث لأول مرة شدتني كلمة "محمد". لم أكن أتوقع أن أحدا من المسلمين يذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بهذا الشكل وبهذه الطريقة التي تعطي إحساسا بأن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس برسول أو بنبي أو بأنه أنسان لا إعتبار له والعياذ بالله. ولم أكن أتوقع أن أحدا يذكره بدون الصلاة عليه وخصوصا إذا علمنا أن هذا الحديث كان من أناس يدعون الصحبة. فأين هذا الاحترام للمبعوث رحمة للعالمين أين الاحترام لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
وكلمة "محمد" تذكرني بصلح الحديبية وتذكرني بقول المشركين حين وقعوا المعاهدة في ذلك الوقت.
على كل:
رجعنا إلى كلام السابعي فيما قال أنه روي عن إبن عباس في أنه لم يكن في الخوارج أحد من المهاجرين والانصار:
يقول السابعي:
كالذي يروي عن ابن عباس أنه قال لأهل حروراء: "أتيتكم من عند أصحاب النبي المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم النبي وصهـره وعليهـم نـزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم واحد.."
ثم أورد لنا السابعي بعد هذا الكلام حديث قشة الغريق المعهود المبتور الذي أوضحنا فيه أنه على الخوارج وليس لهم.
على أننا لو ألقينا نظرة متفحصة على كلام إبن عباس لوجدنا التالي:
1- إبن عباس ذهب لمناقشة الخوارج في عقر دارهم ولم ينكر أحد منهم عليه ما قاله لهم في حق الامام علي سلام الله عليه أو في حق المهاجرين والأنصار.
2- نلاحظ أنه لم يقل أنه لم يكن فيهم صحابة بل قال بأنه ليس في الخوارج أحد من المهاجرين, وليس فيهم أحد من الانصار الذي نصروا وأووا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد هجرته من مكة المكرمة. فالفرق بين أن يكون بينهم صحابة وبين أن يكون بينهم المهاجرين والانصار هو فرق بين السماء والأرض.
فكيف غاب هذا الامر عن السابعي؟
أم أن هذا الشيئ لم يغب عن السابعي ولكنه كره أن لا يكون في الخوارج السن الأول من أصحاب "محمد" – صلى الله عليه وعلى أله وسلم؟ كره أن لا يكون في خوارج النهروان من كان في مرتبة أهل البيت أو الصحابة الذين كانوا مع علي سلام الله عليه.
3- إبن عباس يلقي الحجة على من ناظرهم في كلى الحديثين.
4- رجوع جم غفير من الخوارج عن رأيهم السابق وهذا ما تأكده الكثير من المصادر
على كل سنذكر مناظرة إبن عباس للحروريه من مصدرها كاملة مع السند.
"السنن الكبرى للنسائي ج: 5 ص: 165
ذكر مناظرة عبد الله بن عباس الحرورية واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
8575 أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال ثم لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار وكانوا ستة آلاف
فقلت لعلي يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم
قال إني أخافهم عليك
قلت كلا
فلبست وترجلت ودخلت عليهم في دار نصف النهار وهم يأكلون فقالوا مرحبا بك يا بن عباس فما جاء بك قلت لهم أتيتكم من ثم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار ومن ثم بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون فانتحى لي نفر منهم
قلت هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه قالوا ثلاث قلت ما هن
قال أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله وقال الله إن الحكم إلا لله ما شأن الرجال والحكم
قلت هذه واحدة
قالوا وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب سباهم ولم يغنم إن كانوا كفارا لقد حل سبيهم ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيهم ولا قتالهم قلت هذه ثنتان
فما الثالثة وذكر كلمة معناها قالوا محى نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين
قلت هل عندكم غير هذا
قالوا حسبنا هذا
قلت لهم أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يرد قولكم أترجعون قالوا نعم
قلت أما قولكم حكم الرجال في أمر الله فإني أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه أرأيت قول الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم وكان من حكم الله أنه صيره إلى الرجال يحكمون فيه ولو شاء يحكم فيه فجاز من حكم الرجال أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح ذات البين وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب قالوا بلى بل هذا أفضل وفي المرأة وزوجها وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة خرجت من هذه قالوا نعم
قلت وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم أفتسبون أمكم عائشة تستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم فإن قلتم إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم وإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم فأنتم بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج أفخرجت من هذه قالوا نعم
وأما محي نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بما ترضون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية صالح المشركين فقال لعلي اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قالوا لو نعلم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاتلناك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امح يا علي اللهم إنك تعلم أني رسول الله امح يا علي واكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من علي وقد محى نفسه ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة أخرجت من هذه قالوا نعم فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالتهم قتلهم المهاجرون والأنصار"
سنتابع موضوع الصحابة في أهل النهروان في الحلقة القادمة إن شاء الله
تعليق