هذه محاضرة : الخير كلُّه في السيف لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ ياسر الحبيب دام عزّه، من قسم المحاضرات العامة- دروس وعبر
بتدوين: عاشقة البتول
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين , سيدنا المصطفى أبو القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين , الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا , ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم من الآن إلى قيام يوم الدين , آمين رب العالمين .
حياة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله كلها دروس وعبر , الرسول الخاتم مدرسة عظيمة متكاملة , وفي كل خطوة كان يخطوها في كل تحرك به يمكن لنا أن نستفيد منها . من هذا التحرك أو الخطوة دروس عدة , وحكم لاتعد , ألا إن المشكلة عندنا نحن المسلمين هي أننا لا نتدبر جيدا حياة رسول الله وفي أسرته الوضاء.
هناك مع الأسف في أجوائنا تتكرر مُمل لما يعرف عن حياة رسول الله ولا نحاول أن نغوص أكثر لننقب أكثر عن بعض المحطات أو بعض الوقفات في هذه السيرة العظيمة حتى نطبقها على أرض الواقع . نحاول أن نكتشف رسول الله صلى الله عليه وآله من جديد , نحن اليوم نعاني من مشكلات كثيرة وتحديات خطيرة تواجه الإسلام , تواجه التشيع وكثيرا من هذه المشكلات يمكنني أجزم وأطبع عندها الحلول عند النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لكننا لا نعرفها , لا نعرف هذه الحلول , لماذا؟ لأننا لا نفتش أكثر في هذه السيرة , نحاول أن نبحث ما خًفي عنها , عن بعض ما تجاهلناه لا نفعل ذلك . لذلك أبتلينا أن نتحدث عن بعض الجوانب المجهولة .
الجوانب المجهولة من سيرة رسول الله
المحطة الأولى : نعنونها بعنوان " الحوار لأهله والقوة لمستحقيها "
لاحظوا هنالك صنفان من البشر صنف يتقبل الحوار عنده شيء من الإنصاف , مستعد لأن يتحاور ويتناظر هذا الصنف لا نقابله إلا بالحوار والمناظرة بالتي هي أحسن , بمعنى لو كان لدينا كافر أو مخالف ولو كانوا من أهل الأنصاف والنقاش العلمي لا يواجه إلا سلاح الحوار "يستحق الحوار"
الصنف الآخر : ليس مستعد للحوار بل هو يمنع الحوار ويمنع إيصال الحق للغير أيضا بالقوة وبالعنف , تجدا كافراً أو مخالفا , أنت تريد أن تناقشه أو تطرح ما لديك بشكل علمي أمام عامة الناس , فهذا يأتي ويقطع عليك الطريق بالإرهاب والقتل والتفجير بقوة السيف , يحاول أن يوقف جهودك فيقطع عليك الطريق لتبيين الحق , فهذا كيف يٌعامل؟ يعامل بالحوار, بالمناظرة؟ أبدا, يعامل بالقوة, إذا منع الناس لتبيين ومنع الناس من أن يثبتوا الحق يجب أن يجابه بالقوى, إذا لم يمنع فنحن وإياه في سلام, وإذا منع فنحن وإياه في حرب.
هذا هو الذي يفسّر كثيرا من حروب رسول الله, وهذا هو ما يمثل الإجابة على إشكال كبير طالما ما ردده اليهود والنصارى والكفار والمستشرقون الغربيون. أنتم تدّعون أنه رسول رحمة فما كل هذه الحروب التي قام بها إذن؟ وما تفسيرها؟ هل هي حروب دفاعية؟ نقول لكم جزء منها حروب دفاعية فقط, نعم حرب بدر دفاعية, وكذلك حرب أحد وحرب الأحزاب دفاعية, أما كثيرا من فتوحات رسول الله كانت هجومية, يهجم على البلدان فيُسقط الحكومات, ويفرض سيطرة دولته على تلك البلدان. ما هو تفسيركم لهذا؟ أليس هذا قهرا وإكراها وبطشا؟
الجواب : هذا الذي قلت؟ تلك الدول والبلدان, القبائل والجماعات التي غزاها رسول الله بعض منها قد أَعتدى فيجب رد إعتدائه وصد إعتداءه, بعض منها يحرض على الإعتداء فكان رسول الله يستبق الأمر فيقطع عليهم مؤامرة من جذورها, تارة لا نجد لا هذا ولا ذاك , نجد دولة أو حكومة أو قبيلة أو بلدة معينة في زمن الرسول, كانت تمنع وصول الإسلام إليها , بمعنى إذا جاء أحد الدعاة المسلمين لكي يبين الحق لا أن يجبرهم "لا إكراه في الدين " لا يجبرهم على إعتناق الإسلام لا بل فقط يبين لهم الإسلام فكانت هذه الحكومات وهذه السلطات -إن جاز التعبير- تمنع هذا الرجل بإزهاق روحه أو بصده بنحو أو بآخر . فما داموا قد منعوا التبيين, ليست عندهم حرية فكرية، دينية, ثقافية.... هاهنا يجب قتالهم .
فنحن ليسوا معتدين أن يجعلوا شعوبهم بمجرد أن تستمع لصوت الإسلام, لدعوة الإسلام, وإذا هم في حرب, الدولة التي تقف أمام وصول الإسلام إليها, فنحن وإياها في حرب. لماذا تمنع الناس أن يسمعوا نداء الإسلام ويسمعوا دعوة الإسلام؟ فأنت ليس من حقك أن تعرض حجرا , إجعلهم يسمعون , كلمة الإسلام في بلادك . أما إيذاء وقتل ومنع , فأنت هاهنا في حرب لأنك بهذا تمنع إيصال الرسالة الإلهية إلى البشر "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" , إذا تبين الرشد من الغي لاحظ : وأوصلنا رسالتنا إلى أولئك البشر فتبين لهم الرشد من الغي فمن شاء فليؤمن, ومن شاء فليكفر . فهو من يتحمل المسؤولية إما إذا لم يتبين "لا إكراه" يصبح نعم إكراه على أصول الدين إلى تلك البقعة إلى ذلك الحيز .
{المقوقس} كان رجل على عظيم القدر, زعيم دولة في شمال مصر , نصراني , هذا الرجل وصل إلى دولته نداء الإسلام , لم يمانع, سمح بهذا النداء وصالح رسول الله { صلى الله عليه وآله وسلم} رسول الله لم يشن عليه أية حرب , لم يبعث له أي بعث أو سرية على الإطلاق .أما زعماء قريش مثلا كانونا يمنعون , أهل الطائف كانوا كذلك يمنعون , وسائر الأمصار أهل اليمن وما أشبه .تلك الحروب التي تبدو كأنها حروب هجومية هي في واقع الحال دفاع , دفاع عن حق الإنسان في أن يستمع لنداء الحق , لصوت السماء .
الآن تعالوا وطبقوا هذا المبدأ على عصرنا, هذه الدول الغربية , بغض النظر عن بعض علاتها وبعض مشاكلنا وإياهم , ولكن بشكل عام هم يمنعون وصول نداء الإسلام إليهم ؟ أبدا, في نفس الدولة الغربية يجلس المسلمون ويبلغون عن دينهم , ويقيمون في تلك البلاد , ويؤسسون مراكزهم ويطبعون مجلاتهم , ويؤسسون إذاعاتهم وكيفما يشاءون , لا يوجد هنالك حجرا أو صدا ومنع , فإذن لا حرب بيننا وبينهم , نعم إلا إذا اعتدوا تتغير المسألة ويختلف موضوعها ويتغير , ويتغير حكمها , إذا ماداموا لم يمنعوا فنحن وإياهم في سلام نعتبرهم عينا لوضع المقوقس في مصر .
أما تلك الدول التي تمنع وصول الإسلام إليها , ويفرضوا حجرا أو وصاية فكرية على عقول الناس , تجعل سدا بينهم وبين الإسلام هذه يجب أن تحارب . ليس من حقك أن تفرض قناعتك أنت على الآخرين , وإن كنت حاكما هذا الأمر نحن لا نجوّزه نحن الشيعة كما سبق وأن نقلت نتميز عن سائر الأديان والمذاهب بهذه المسألة , فأول مسألة تجدونها في كل الرسائل العملية لأية مرجع مسألة رقم واحد ماذا يقول فيها المرجع والفقيه ؟ لا يجوز التقليد في أصول الدين وإنما التوصل والإعتقاد بها عن طريق دليل أو برهان بمعنى نحن نجيز لأبنائنا ونشجعهم أن يبحثوا ويناظروا ويقرؤوا كتب الأديان والمذاهب الأخرى , فأقرأ كما تشاء وأبحث كما تشاء , وشجعهم على ذلك لأننا لا نفرض عليهم وصاية فكرية أو حجرا لأن بالنتيجة سيرجعون بأن الحق مع الإسلام والتشيع , فلا يوجد لدينا خوف من أن يفتش أبنائنا عن ذلك. فلا يصح أي أحد أن يقلد الأب أو الأم تقليد أعمى للأجداد هذا ليس من تعاليم الرسول وآله الأطهار.
أما الأديان الأخرى تمنع هذا الشيء عن أبنائها , فسأل علماء البكرين هل يجوز أن تقرأ كتب الشيعة؟ لا يجوز قراءتها، لماذا؟ لأنهم يعانون من عقدة نقص أن تتأثر أبنائهم بالشيعة , إذن هذه الجهة التي تمنع وصول رسالة الإسلام , هذه جهة يجب أن تحارب , بمعنى رسالة الإسلام الحق إسلام أهل البيت ليس إسلام السقيفة إسلام أبي بكر وعمر إسلام بني أمية والعباسيين .
تعليق