تويت
بيان سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي حفظه الله
حول أحداث البحرين
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
اللهم انصر أهلنا وإخواننا وأخواتنا في البحرين.حول أحداث البحرين
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
فقد تنكّرت لهم في ظلامتهم الكبيرة الواسعة معظم أجهزة الإعلام والأنظمة العربيتين ومنظمات حقوق الإنسان، وبقوا وحدهم تحت كابوس الظلم والإرهاب الذي بسطه آل خليفة في البحرين، إلاّ رحمة الله فإنها لا تغيب ولا تنقطع عن عباد الله المستضعفين المظلومين.
* * *
ان شعب البحرين يعاني من الاضطهاد والإرهاب والتمييز بأبشع أشكاله، على يد العائلة الملكية الحاكمة في هذا البلد منذ عقود طويلة من الزمن، وليس لهذا الشعب إلاّ الله من يسمع نداءه وظلامته، ويستجيب لنجدته.ألقوا شبابهم في غياهب السجون، وعرّضوهم فيها لألوان من التعذيب، وحرموهم من شبابهم وعوائلهم ومستقبلهم وحريتهم وكرامتهم، لأنهم طالبوا بحقوق شعبهم المشروعة، وطالبوا العائلة الحاكمة في البلد بالكفّ عن الظلم والاضطهاد والتمييز والتخريب السكاني، والإفساد.
* * *
ويحكمهم رجل من الأسرة المالكة من موقع رئاسة الوزراء (وهو عم الملك) منذ اكثر من أربعين سنة، أغرق البحرين في الفساد المالي والأخلاقي والسياسي.. يرفضه الشعب، ويمقته، ولا يزال ثابتاً في موقعه، رغم كل صيحات الاستنكار وصرخات الاستنجاد.صعد هذا الرجل إلى كرسي الحكم مع طاغية ليبيا في زمن متقارب، ويتعرض اليوم طاغية ليبيا لإعصار عالمي يزلزل عرشه، ولا يزال هذا الرجل على عرش الحكم، لا يسع أحدٌ أن يمسّه بكلمة سوء، وإلا كان جزاؤه الضرب، والسجن، والمداهمة على يد جلاوزة آل خليفة وقوات درع الجزيرة.
* * *
هبّت رياح التغيير في المنطقة العربية وخرج الناس إلى الساحات والشوارع وتنادوا بالتغيير وبسقوط الطغاة والجبابرة والفاسدين من حكام المنطقة العربية، وسقط طاغية تونس وطاغية مصر، وتعرض طاغية ليبيا واليمن لإعصار كبير، ينذرهم بالسقوط الوشيك.ورأت أمريكا، ودول الاتحاد الأوروبي أن من الأصلح لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة ان تتخلى عن إسناد ودعم هذه الأوراق المحترقة من عملائها في المنطقة، وتضم (صوتها) إلى جانب الشباب الثائر في هذه المنطقة، لئلا تخسر العملاء والشعوب مرّة واحدة.. بعد ما رأت أن مآل عملائها في مصر وتونس وليبيا واليمن هو السقوط لا محالة.
وانقلب موقف الإعلام الرسمي العربي مرّة واحدة، بنفس الاتجاه بعدما عرف من أمريكا وأوروبا الضوء الأخضر لإسناد الثورات الشعبية العارمة في المنطقة، فتحوّل الإعلام العربي الرسمي في عشية وضحاها فجأة من إعلام داعم للطغاة، كما كان الناس يعهدونهم من قبل، إلى إعلام عكسي يدعم مسيرات الثورات الإسلامية السلمية في مصر وتونس وليبيا واليمن.
وانبرى شباب البحرين مستفيدين من الانفراج الإعلامي والأمني والسياسي النسبي في المنطقة، للمطالبة بحقوقهم، وحرياتهم، وكرامتهم، وحقهم في المواطنة، واستنكارهم للتمييز بين شرائح الوطن الواحد.
واجتمعوا في ساحة اللؤلؤة يطالبون بالملكية الدستورية.. بصورة سلمية، وبشعارات وطنية إسلامية، تدعو إلى وحدة المسلمين، ونبذ الطائفية السياسية، وإلى العدالة في حقوق المواطنة، فجوبهوا بالقمع والقتل والرمي بالرصاص الحيّ، من قبل القوات الحكومية والأوباش الذين استخدمتهم الحكومة لهذه الغاية (بلطجية النظام)، وحاصروا المستشفيات لمنع إدخال الجرحى إليها، وقطعوا التيار الكهربائي عن المستشفيات لتعطيل عمل المستشفيات، وأطلقوا النار على سيارات الإسعاف، مما اضطر الناس إلى إقامة مراكز طبية ميدانية للإسعاف في المساجد والساحات والبيوت.
* * *
وأسرعت قوات (درع الجزيرة) بأمر من الحكومة السعودية لمواجهة التجمع الشعبي الكبير في ساحة اللؤلؤة، بالأساليب القمعية المعروفة، واضرموا النار في الخيام السفرية للمحتجين، كما قامت الحكومة البحرينية بالتعاون مع القوات السعودية بمداهمة البيوت وإلقاء القبض على علماء الدين وخطباء التجمع السلمي في ميدان اللؤلؤة، وألقوا القبض خلال هذه المدة على عدد كبير من مسؤولي التجمع الشعبي السلمي في ميدان اللؤلؤة..وأعلن ملك البحرين حالة الطوارئ في البلد لتسهيل عملية قمع التجمع الشعبي في البحرين ومداهمات البيوت.
* * *
ولاذت وسائل الإعلام الرسمية العربية بصمت رهيب عما يجري في البحرين من قمع واضطهاد وإرهاب، وطوقت هذه المسيرة الشعبية الكبيرة السلمية ووسائل القمع التي استخدمتها السلطة بالتعتيم الخبري الكامل.وواجه معظم الأنظمة العربية وأمريكا والدول الأوروبية، هذا الأسلوب القمعي للحراك السلمي الشبابي في البحرين بالسكوت والصمت، وهو علامة الرضا.
وقد علم الناس جميعا ان قيمة الشعارات الأمريكية في الدفاع عن حقوق الإنسان التي ترفعها أمريكا، بين حين وآخر، مقدرة بمقدار براءة الذمة السياسية للولايات المتحدة (إعلامياً).
فإذا تعرضت الكيانات السياسية التي تحفظ المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة للخطر، تتناسى أمريكا شعار الدفاع عن حقوق الإنسان، وتعطي لحكام المنطقة الضوء الأخضر للقمع والإرهاب والاضطهاد.
* * *
ولا تزال أمريكا تلتزم الصمت تجاه الأحداث التي تجري في البحرين، فقد تقدمت البوارج العسكرية السعودية إلى شواطئ البحرين، وخرج الناس يوم الجمعة أمس متحدين حالة الطوارئ التي أعلنها الملك في مسيرات احتجاجية، لتشييع الشهداء الجدد رحمهم الله. الذين سقطوا في المسيرات الاحتجاجية السلمية.وكانت تحلق فوق رؤوسهم طائرات 16 F والمروحيات العسكرية، واستخدم جلاوزة السلطة الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين مما أدى إلى اختناق احد المتظاهرين وشهادته رحمه الله.
ولا يزال الناس يَتَحَدّون السلطة بالمسيرات الاحتجاجية في مختلف مناطق البحرين، وشعارهم المطالبة بحقوق المواطنة والدستور، ويصرون على الثبات على مبدأ سلمية المسيرات، مهما كان الثمن، ولا تزال السلطة تواجههم بالقمع والإرهاب، والمداهمات، والسجون، والتعذيب الشديد في زنزانات التعذيب.
إنّ البطش والفتك الذي تمارسه السلطة في مواجهة الناس لا تزيد الناس إلاّ إصراراً على تحدي السلطة، ومواصلة المسيرات الاحتجاجية السلمية، مهما كان الثمن الذي يدفعه البحرين من شبابه الذين يقدمهم شهداء وسجناء تحت طائلة التعذيب، ليسعد أبناؤهم بالكرامة وحقوق المواطنة التي سلبها منهم النظام الحاكم في البحرين منذ عقود من الزمان.
* * *
أيها المسلمون في كل مكان!أيها العرب في كل العالم العربي!
يا أئمة الجمعة والجماعات والجوامع في كل مكان من العالم!
أيتها الحركات والمنظمات الإسلامية في العالم!
يا منظمة العالم الإسلامي!
ويا جامعة الدول العربية!
ويا منظمات حقوق الإنسان في العالم!
ويا أيتها الفضائيات الحرة الشريفة التي يديرها مدراء أحرار شرفاء يجعلون الله نصب أعينهم في كل حركة إعلامية سياسية:
إنّ ظلماً واضطهاداً واسعاً يجري اليوم في البحرين، في وضح النار، على شعب مسالم أعزل، يطالب بحقوق المواطنة والدستور والعدالة والكرامة ورفع التمييز لا غير، ولا يملك إلا الدعاء إلى الله والهتاف بالمسلمين.
استجيبوا لنداء إخوانكم في دين الله، وضمّوا أصواتكم إلى أصواتهم، وادعموا بما استطعتم صرخة هذا الشعب في ظلامته الكبيرة، وادعموهم بما استطعتم بالدعاء، وبالكلمة، وبالإعلام، وبالتجمع أمام السفارات السعودية والبحرينية في كل مكان، للمطالبة بالكفّ عن الظلم والقمع لهذه المسيرات السلمية السياسية المطلبية في البحرين، والاستجابة لمطالبهم الحقوقية المشروعة، والاستجابة لحقهم الذي جعله الله تعالى لهم في كل الشرائع في حق تقرير مصيرهم السياسي، والعيش بكرامة، وحقهم في الاعتراض السلمي.. وهذا هو أقل الواجب الشرعي علينا تجاه الظلم الذي يجري على هذا الشعب.
واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم).
واجتمعوا للدعاء لهم بين يدي الله ليفرج عنهم هذا الكرب العظيم الذي وقع عليهم على يد الأُسرة الملكية الحاكمة في البحرين منذ أمد طويل فإن الله تعالى يستجيب لدعاء عباده، إذا أخلصوا لله في الدعاء، وقرنوا الدعاء بالعمل.
اللهم فرّج عن أهلنا وإخواننا وأخواتنا في البحرين، وانصرهم نصراً عزيزاً، وحقق لهم ما يريدون من الكرامة، والحرية، وحق المواطنة، وحق تقرير المصير، وأيّد مسيرتهم، واستجب اللهم دعاءهم واستنصارهم، يا رب المستضعفين والمظلومين، ويا قاهر المستكبرين، وقاصم الجبارين، ومبير الظالمين.
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
محمد مهدي الآصفي
النجف الأشرف في 20 ربيع الثاني 1432هـ
النجف الأشرف في 20 ربيع الثاني 1432هـ