بقلم / أبو جهاد المصري
يمر المجتمع المصري بعددا من التحركات الإحتجاجية في ظل عدم تشكيل مجلس برلماني منتخب أو رئيس للجمهورية منتخب، وربما تكون إحدي دوافع ما قيل عنه أنه الثوره المضاده هو خلق فراغ سياسي يَشُل الحركه السياسية بعد نجاح الثورة في إقصاء النظام السياسي السابق، وعليه فتوابع هذه التحركات تكاد تكون قد بدت في الأفق علي شكل أفكار طائفية مضادة لفكرة المواطنة التي دعي إليها الدستور المصري في مادته الأولي
وكان أبرز ما يهدد فكرة المواطنة التي يجتمع عليها الشعب بكامل تياراته وأفكاره هي تلك التوابع والأفكار التي نتجت عن سياسات رديئة قبل وما بعد الثورة المصرية، فمن أحداث الكُشح إلي اختطاف المسلمات إلي تفجير كنيسة القديسين ثم كنيسة أطفيح وقيام الأقباط بمظاهرات للمطالبة بمحاكمة المتورطين في أحداث كنيسة القديسين ، وأخيرا قيام مواطني محافظة قنا بتظاهرات نتيجة اختيار محافظ قبطي ، البعض ينفي المطالب الطائفية للمتظاهرين ولكن هذا النفي لا أعده إلا في خانة التهدئة والاستيعاب والإحتواء ،حتي إذا ما أدت هذه التحركات إلي اختيار محافظ آخر فقد نجحنا في نفي الصِبغة الطائفيه عنها، وهذا أعده في المجمل ليس علاجا بل دفنا للرؤوس في الرمال!
لابد أن نواجه الحقائق علي الأرض ، هذه الحقائق التي تشهد بأن المجتمع المصري به انشقاق ديني علي مستوي الطبقات الكادحه، هذه الطبقات التي تعاني من أمراض الجهل والأمية والفقر بالإضافه إلي إهمال الحكومات المتعاقبه لأحوالهم طيلة فترات حكم الأنظمه المصرية في العقود الأخيرة، ممما نتج عنه حاجزا نفسيا لم نراه عند الطبقه الوسطي التي شكلت العمود الفقري للثورة المصرية في القاهره والإسكندرية
إن وجود هذه الإحتجاجات في محافظة مثل محافظة قنا ليس مُستغربا، فهذه المحافظة تُمثل إحدي أبرز المحافظات المصرية مكانةً بين أبناء الصعيد بِرُمتِه، يعود ذلك لوجود مرقد سيدي عبدالرحيم القناوي أكبر مزار ديني يحج إليه ملايين المسلمين من شتي قري ومحافظات الصعيد كل عام،بالإَضافه لكون المحافظة من المزارات السياحية الهامة ورغم ذلك لم نجد الأثر الإيجابي من وراء السياحة علي أحوال أهالي المحافظة التي تُعد من أفقر المحافظات علي مستوي الجمهورية
وبالتالي تكتشف بأن هذه الأحداث هي نتاج طبيعي لسياسات الأنظمه السابقة التي أهملت الصعيد وتركته بين براثن الجهل والتطرف، وهذا يدعو إلي وقفه جادة من كل شرفاء ومثقفي مصر وفي مقدمتهم مثقفي ودعاة الإخوان المسلمين وأهمية نشاطهم في التوعية والإخبار بمكانة المواطن المصري مهما كان لونهُ أو عِرقهُ أو دينه
تأصيل فكرة المواطنه مهم جدا لاستيعاب تلك التحركات، وزرع وتأصيل فكرة أن الدولة المصرية إسلامية بمعني أن غالبية قاطنيها مسلمون، وأن تشريعاتها مستمده من دين الأغلبية بما يضمن حقوق الأقليات والتي يجب تأصيل وشرح معني حق المواطنه في هذا البند بأسلوب سياسي وتشريعي
يجب أن يفهم المحتجون أن الإختيار علي أساس الدين والعرق من شأنه هضم حقوق الأقليات ونزع صفة المواطنة المصرية عنهم، كيف وهم يخدمون بالجيش المصري والشرطة وكافة الأجهزه ثم لا نجدهم في خدمة أوطانهم في وظائف مدنية ؟؟!،وماذا لو قرر-وهذا مستبعد-الأقباط الإنفصال عن مصر علي شاكلة جنوب السودان، هذا رغم الفوارق الجغرافية واستحالة تحقق ذلك علي الأرض ،ولكن طرحه كفكره ربما يُقرب مفهوم المواطنه في أذهانهم
إن الدولة المدنية ذات الخلفية الإسلامية أو الثقافة الإسلامية تتطلب المساواه بين جميع المواطنين ولا فارق بين مسلم وقبطي فهم أمام الدستور والقانون سواء، ويجب فصل الوظائف السياسية والإجتماعية التي هي من حق الجميع وبين الوظائف الدينية كالمشيخة والإمامة أو الرهبنة التي هي من حق مستحقيها من أبناء الدين أو الطائفة،وماذا لو كان هذا المُحافظ رجلا كُفئا سبطا حليما حكيما، قديرا في شئون الإدارة؟
جميع هذه الأفكار يجب أن تصل للناس علي أعلي المستويات، ويجب تحديد الخطاب أكثر للطبقة الكادحة التي تمثل الغالبية العظمي من شعب مصر ، بما أنها أكثرالطبقات التي تعاني من مشاكل الجهل والجمود التي زرعتها الأنظمة المصرية بسياساتها الردئية علي مر عقود
المصدر / مدونتي الدولة في الإسلام
تعليق