ثم إن أبا طالب رضي الله تعالى عنه يصرح في هذه
، لقصيدة بتصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بأخص ألفاظ التصديق ،
ينادي بالقسم في نصرته صلى الله عليه وآله وسلم
وبذل المهجة والأهل دونه ،
حيث يقول :
ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعبأ بقول الا باطل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للارامل
يطوف به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في عصمة وفواضل
إلى حيث قال :
كذبتم وبيت الله نسلم أحمدا ولما نطاعن دونه ونقاتل
ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وفي هذه الأبيات أيضا بيان لمن تأملها في صحة ما ذكرناه من إخلاص أبي طالب رضي الله عنه
، والولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
وبذل غاية النصرة له ،
والشهادة بنبوته وتصديقه حسب ما ذكرناه .
وقد جاءت الأخبار متواترة
لا يختلف فيها من أهل النقل اثنان ، أن قريشا أمرت بعض السفهاء أن يلقي على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلى الناقة إذا ركع في صلاته
، ففعلوا ذلك ، وبلغ الحديث أبا طالب ، فخرج مسخطا ومعه عبيد له ،
فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره صلى الله عليه وآله وسلم ويغسلوه
، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال القوم ،
وهم إذ ذاك وجوه قريش ، وحلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك ، فما امتنع أحد منهم عن طاعته ، وأذل جماعتهم بذلك وأخزاهم .
وفي هذا الحديث دليل على رئاسة أبي طالب على الجماعة ، وعظم محله فيهم ،
وأنه ممن تجب طاعته عندهم ،
ويجوز أمره فيهم وعليهم ، ودلالة على شدة غضبه لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله ،
وحميته له ولدينه ، وترك المداهنة والتقية في حقه ، والتصميم لنصرته ، والبلوغ في ذلك إلى حيث لم يستطعه أحد قبله ، ولا ناله أحد بعده .
تعليق