اللهم يفرج عنك اخي مدمر ويرزقك ماهو خير لك في الدنيا والاخرة
أحب أن الفتك الى رسالة كتبها مولانا الامام الصادق صلوات الله عليه لجماعة من بني عمّه حين أصابتهم شدّة من بعض الأعداء على وجه التعزية نقلتها من كتاب مسكن الفؤاد تأليف الشهيد الثاني الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي
رضوان الله عليه.
«بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الخلف الصالح والذريّة الطيّبة ـ من ولد أخيه وابن عمه ــ.
أمّا بعد: فلئن كنت قد تفردت ـ أنت وأهل بيتك ممّن حمل معك ـ بما أصابكم، فما انفردت بالحزن والغيظ والكآبة وأليم وجع القلب دوني، ولقد نالني من ذلك من الجزع والقلق وحرّ المصيبة مثل مانالك، ولكن رجعت إلى ما أمرالله عزّ وجلّ به المتقين من الصبر وحسن العزاء، حين يقول لنبيّه صلّى الله عليه وآله: (واصبر لحكم ربّك فانّك بأعيننا)(1).
وحين يقول: (فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت)(2).
وحين يقول لنبيّه صلّى الله عليه وآله، حين مثّل بحمزة: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصّابرين)(3).
فصبر رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يعاقب.
وحين يقول: (وامر اهلك بالصّلاة واصطبر عليها لانسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)(4)،
____________
(1) الطور 52: 48.
(2) القلم 68: 48.
(3) النحل 16: 126.
(4) طه: 20: 132.
--------------------------------------------------------------------------------
( 117 )
وحين يقول: (الّذين اذا اصابتهم مصيبةٌ قالوا انّا لله وانّا اليه راجعون * اولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةُ واولئك هم المهتدون)(1).
وحين يقول: (انّما يوفّى الصّابرون اجرهم بغير حساب)(2).
وحين يقول عن لقمان لابنه: (واصبر على مااصابك انّ ذلك من عزم الامور)(3)،
وحين يقول عن موسى عليه السلام: (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا انّ الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين)(4).
وحين يقول: (الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر)(5).
وحين يقول: (ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثّمرات وبشّر الصّابرين)(6).
وحين يقول: (والصّابرين والصّابرات)(7).
وحين يقول: (واصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين)(8) وأمثال ذلك من القرآن كثير.
واعلم ـ أيّ عمّ وابن عمّ ـ أنّ الله ـ عزّوجلّ ـ لم يبال بضرّ الدنيا لوليّه ساعة قط، ولا شيء أحب إليه من الضرّ والجهد واللأواء(9) مع الصبر، وأنّه ـ تبارك وتعالى ـ لم يبال بنعيم الدنيا لعدوه ساعة واحدة قط.
ولولا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخيفونهم ويمنعونهم، وأعداؤه آمنون مطمئنون عالون ظاهرون.
ولولا ذلك لما قتل زكريا ويحيى بن زكريا ظلماً وعدواناً في بغيّ من البغايا.
____________
(1) البقرة 2: 156، 157.
(2) الزمر 39: 10.
(3) لقمان 31: 17.
(4) الأعراف 7: 128.
(5) العصر 103: 3.
(6) البقرة 2: 155.
(7) الاحزاب 33: 35.
(8) يونس 10: 109.
(9) اللأواء: الشدّة. « الصحاح ـ لأى ـ 6: 2478».
--------------------------------------------------------------------------------
( 118 )
ولولا ذلك لما قتل جدّك عليّ بن أبي طالب عليه السلام ـ لمّا قام بأمر الله جل وعزّ ـ ظلماً، وعمّك الحسين بن فاطمة ـ صلّى الله عليهما ـ اضطهاداً وعدواناً.
ولولا ذلك لما قال الله عزّوجلّ في كتابه: ( ولولا ان يكون النّاس امّةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفاً من فضّة ومعارج عليها يظهرون)(1).
ولولا ذلك لما قال في كتابه: (ايحسبون انّما نمدّهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون)(2).
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: «لولا أن يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة من حديد، فلا يصدع رأسه أبداً».
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: « أن الدنيا لا تساوي عندالله عزّوجلّ جناح بعوضة».
ولولا ذلك ما سقى كافراً منها شربة ماء.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: «لو أنّ مؤمناً على قلة جبل لا بتعث الله له كافراً أو منافقاً يؤذيه».
ولولا ذلك لما جاء في الحديث أنّه: «إذا أحبّ الله قوماً ـ أو أحب عبداً ـ صبّ عليه البلاء صبّاً، فلا يخرج من غمّ إلاّ وقع في غمّ».
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: «ما من جرعتين أحبّ إلى الله تعالى أن يجرعهما عبده المؤمن في الدنيا، من جرعة غيظ كظم عليها، وجرعة حزن عند مصيبة صبر عليها بحسن عزاء واحتساب».
ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله يدعون على من ظلمهم بطول العمر، وصحة البدن، وكثرة المال والولد.
ولولا ذلك ما بلغنا: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان إذا خصّ رجلأ بالترحّم عليه والاستغفار استشهد.
فعليكم ـ يا عمّ وابن عمّ وبني عمومتي واخوتي ـ بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى الله عزّوجلّ، والرضا والصبر على قضائه، والتمسك بطاعته، والنزول عند أمره.
____________
(1) الزخرف 43: 33.
(2) المؤمنون 23: 55، 56.
--------------------------------------------------------------------------------
( 119 )
أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وختم لنا ولكم بالسعادة، وأنقذنا وإيّاكم من كلّ هلكة بحوله وقوته، إنّه سميع قريب.
وصلّى الله على صفوته من خلقه، محمد النبيّ وأهل بيته صلوات الله وسلامه وبركاته ورحماته عليهم أجمعين»(1).
هذا آخر التعزية بلفظها، نقلتها من كتاب « التتمات والمهمات » وعليها نختم الرسالة حامدين لله تعالى على نواله، مصلّين على صاحب الرسالة، وعلى آله أهل العصمة والعدالة.
ولقد فرغ منها مؤلفها العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدين علي بن أحمد الشاميّ العامليّ عامله الله بفضله وعفا عنهم بمنه وسط نهار الجمعة، غرّة شهر رجب المرجب الفرد الحرام، عام أربعة وخمسين وتسعمائة حامداً مصلياً مسلماً مستغفراً والحمد لله وحده، وصلاته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
____________
(1) إقبال الأعمال: 578 باختلاف يسير، ونقله في البحار 82: 145 عن مسكن الفؤآد.
أحب أن الفتك الى رسالة كتبها مولانا الامام الصادق صلوات الله عليه لجماعة من بني عمّه حين أصابتهم شدّة من بعض الأعداء على وجه التعزية نقلتها من كتاب مسكن الفؤاد تأليف الشهيد الثاني الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي
رضوان الله عليه.
«بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الخلف الصالح والذريّة الطيّبة ـ من ولد أخيه وابن عمه ــ.
أمّا بعد: فلئن كنت قد تفردت ـ أنت وأهل بيتك ممّن حمل معك ـ بما أصابكم، فما انفردت بالحزن والغيظ والكآبة وأليم وجع القلب دوني، ولقد نالني من ذلك من الجزع والقلق وحرّ المصيبة مثل مانالك، ولكن رجعت إلى ما أمرالله عزّ وجلّ به المتقين من الصبر وحسن العزاء، حين يقول لنبيّه صلّى الله عليه وآله: (واصبر لحكم ربّك فانّك بأعيننا)(1).
وحين يقول: (فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت)(2).
وحين يقول لنبيّه صلّى الله عليه وآله، حين مثّل بحمزة: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصّابرين)(3).
فصبر رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يعاقب.
وحين يقول: (وامر اهلك بالصّلاة واصطبر عليها لانسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)(4)،
____________
(1) الطور 52: 48.
(2) القلم 68: 48.
(3) النحل 16: 126.
(4) طه: 20: 132.
--------------------------------------------------------------------------------
( 117 )
وحين يقول: (الّذين اذا اصابتهم مصيبةٌ قالوا انّا لله وانّا اليه راجعون * اولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةُ واولئك هم المهتدون)(1).
وحين يقول: (انّما يوفّى الصّابرون اجرهم بغير حساب)(2).
وحين يقول عن لقمان لابنه: (واصبر على مااصابك انّ ذلك من عزم الامور)(3)،
وحين يقول عن موسى عليه السلام: (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا انّ الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين)(4).
وحين يقول: (الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر)(5).
وحين يقول: (ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثّمرات وبشّر الصّابرين)(6).
وحين يقول: (والصّابرين والصّابرات)(7).
وحين يقول: (واصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين)(8) وأمثال ذلك من القرآن كثير.
واعلم ـ أيّ عمّ وابن عمّ ـ أنّ الله ـ عزّوجلّ ـ لم يبال بضرّ الدنيا لوليّه ساعة قط، ولا شيء أحب إليه من الضرّ والجهد واللأواء(9) مع الصبر، وأنّه ـ تبارك وتعالى ـ لم يبال بنعيم الدنيا لعدوه ساعة واحدة قط.
ولولا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخيفونهم ويمنعونهم، وأعداؤه آمنون مطمئنون عالون ظاهرون.
ولولا ذلك لما قتل زكريا ويحيى بن زكريا ظلماً وعدواناً في بغيّ من البغايا.
____________
(1) البقرة 2: 156، 157.
(2) الزمر 39: 10.
(3) لقمان 31: 17.
(4) الأعراف 7: 128.
(5) العصر 103: 3.
(6) البقرة 2: 155.
(7) الاحزاب 33: 35.
(8) يونس 10: 109.
(9) اللأواء: الشدّة. « الصحاح ـ لأى ـ 6: 2478».
--------------------------------------------------------------------------------
( 118 )
ولولا ذلك لما قتل جدّك عليّ بن أبي طالب عليه السلام ـ لمّا قام بأمر الله جل وعزّ ـ ظلماً، وعمّك الحسين بن فاطمة ـ صلّى الله عليهما ـ اضطهاداً وعدواناً.
ولولا ذلك لما قال الله عزّوجلّ في كتابه: ( ولولا ان يكون النّاس امّةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفاً من فضّة ومعارج عليها يظهرون)(1).
ولولا ذلك لما قال في كتابه: (ايحسبون انّما نمدّهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون)(2).
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: «لولا أن يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة من حديد، فلا يصدع رأسه أبداً».
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: « أن الدنيا لا تساوي عندالله عزّوجلّ جناح بعوضة».
ولولا ذلك ما سقى كافراً منها شربة ماء.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: «لو أنّ مؤمناً على قلة جبل لا بتعث الله له كافراً أو منافقاً يؤذيه».
ولولا ذلك لما جاء في الحديث أنّه: «إذا أحبّ الله قوماً ـ أو أحب عبداً ـ صبّ عليه البلاء صبّاً، فلا يخرج من غمّ إلاّ وقع في غمّ».
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: «ما من جرعتين أحبّ إلى الله تعالى أن يجرعهما عبده المؤمن في الدنيا، من جرعة غيظ كظم عليها، وجرعة حزن عند مصيبة صبر عليها بحسن عزاء واحتساب».
ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله يدعون على من ظلمهم بطول العمر، وصحة البدن، وكثرة المال والولد.
ولولا ذلك ما بلغنا: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان إذا خصّ رجلأ بالترحّم عليه والاستغفار استشهد.
فعليكم ـ يا عمّ وابن عمّ وبني عمومتي واخوتي ـ بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى الله عزّوجلّ، والرضا والصبر على قضائه، والتمسك بطاعته، والنزول عند أمره.
____________
(1) الزخرف 43: 33.
(2) المؤمنون 23: 55، 56.
--------------------------------------------------------------------------------
( 119 )
أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وختم لنا ولكم بالسعادة، وأنقذنا وإيّاكم من كلّ هلكة بحوله وقوته، إنّه سميع قريب.
وصلّى الله على صفوته من خلقه، محمد النبيّ وأهل بيته صلوات الله وسلامه وبركاته ورحماته عليهم أجمعين»(1).
هذا آخر التعزية بلفظها، نقلتها من كتاب « التتمات والمهمات » وعليها نختم الرسالة حامدين لله تعالى على نواله، مصلّين على صاحب الرسالة، وعلى آله أهل العصمة والعدالة.
ولقد فرغ منها مؤلفها العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدين علي بن أحمد الشاميّ العامليّ عامله الله بفضله وعفا عنهم بمنه وسط نهار الجمعة، غرّة شهر رجب المرجب الفرد الحرام، عام أربعة وخمسين وتسعمائة حامداً مصلياً مسلماً مستغفراً والحمد لله وحده، وصلاته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
____________
(1) إقبال الأعمال: 578 باختلاف يسير، ونقله في البحار 82: 145 عن مسكن الفؤآد.
تعليق