والسؤال الأهم .. ما هو الحال في حالة عدم وجود معصوم بيناا الآن ؟
هل نتعامل بالشورى التي هي عكس نظام الولاية كما تفعل ايران الموالية ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
والسؤال الأهم .. ما هو الحال في حالة عدم وجود معصوم بيناا الآن ؟
هل نتعامل بالشورى التي هي عكس نظام الولاية كما تفعل ايران الموالية ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
اذا كان الله اكمل الدين......ورتضاه لنا و الرسول بلغ الرساله كامله ونصح الامه وبين الحلال والحرام
هنا : ما فئدة وجود امام معصوم
سؤال من نفس الطراز: هل أكتمل دين وشريعة نبي الله ابراهيم عليه السلام أم لا ؟؟؟؟ هل أكتمل دين وشريعة نبي الله موسى عليه السلام أم لا ؟؟؟؟ هل أكتمل دين وشريعة نبي الله عيسى عليه السلام أم لا ؟؟؟
هل الاجابة نعم قد أكتملت أم لا لم تكتمل ؟؟؟ هؤلاء الانبياء أصحاب كتب سماوية
نعم أبلغها كاملة ليس فيها نقص من أي نوع ...ولم يمنعه أحد من إبلاغ أي شيء فيها ....
(وانا معك في هذه أبلغها كاملة ليس في نقص ..ولم يمنعه أحد لا أبوجهل ولاأبولهب)
فمن قال بأن هناك شخص منع الرسول من تبليغ ولو حرف للمسلمين فقد طعن في الرسول (ص) بل وطعن في الله عز وجل الذي عصم النبي من الناس في التبليغ ..قال سبحانه :" والله يعصمك من الناس "
ياشيخ اتقي الله .وماشأن تبليغ الرسالة
كاملة بدون نقص في منع كتاب يكون حجة على من ينكث بعد المبايعة ..
وهل تظن ان الأدلة والبراهين في بولاية الامام علي .كلها تعتمد على حادثة يوم الخميس. .حتى تدعي ان عدم كتابة الكتاب يعتبر تقصير من النبي .أمركم عجيب!!
ثانيا“
النبي بلغ الرسالة كاملة في اليوم الغدير رغم انف عمر وزبانيته امام الالوف من المسلمين وهذا التبليغ مستمر الى غاية هذا الزمن...
و أما مسألة أن عمر منع كتاب النبي
لا عمر ولا زبانيته يستطيعوا منع رسوله الله من كتابة الكتاب.لكن عمركم وزبانيته
رفضوا ذلك الكتاب هل تفهم رفضوا والكتاب كان موجه لهم .لكي
يكون حجة دامغة على الناكثين بعد ان المبايعة .و تم التبليغ بولاية علي يوم الغدير.
ولكنهم رفضووه قبل كتابته. لذلك النبي طردهم ومافائدة الكتاب لمن
رفضه.اساسا“.
اذا كان الله اكمل الدين......ورتضاه لنا و الرسول بلغ الرساله كامله ونصح الامه وبين الحلال والحرام
هنا : ما فئدة وجود امام معصوم
سؤال من نفس الطراز: هل أكتمل دين وشريعة نبي الله ابراهيم عليه السلام أم لا ؟؟؟؟ هل أكتمل دين وشريعة نبي الله موسى عليه السلام أم لا ؟؟؟؟ هل أكتمل دين وشريعة نبي الله عيسى عليه السلام أم لا ؟؟؟
هل الاجابة نعم قد أكتملت أم لا لم تكتمل ؟؟؟ هؤلاء الانبياء أصحاب كتب سماوية
أخ عنيد ... قلتم: " (وانا معك في هذه أبلغها كاملة ليس في نقص ..ولم يمنعه أحد لا أبوجهل ولاأبولهب) أبو جهل وأبو لهب وغيرهم لم يمنعوا الرسول من تأدية الرسالة ... هم حاولوا لكنهم فشلوا .... لم يحدث المنع ولم يتم لهم ما أرادوا .... وقولك: " ياشيخ اتقي الله .وماشأن تبليغ الرسالة
كاملة بدون نقص في منع كتاب يكون حجة على من ينكث بعد المبايعة .. هل هذا الكتاب وحي من الله أم لا ؟ إن كان من الوحي فلا يمكن لعمر ولا لمليون مثله أن يمنعوا الرسول من تبليغه للناس لأن الله عصمه .. وإن لم يكن بوحي فهذا شأن آخر ..فاختر لنا .. وقولك : " وهل تظن ان الأدلة والبراهين في بولاية الامام علي.كلها تعتمد على حادثة يوم الخميس. . نحن لا نتحدث عن الولاية تحديداً بل عن مبدأ إمكانية منع اللرسول من إنفاذ ما هو من الوحي رغم العصمة الالهية له في التبليغ ...وهذا ما ننكره بشدة .. وقولك : "لا عمر ولا زبانيته يستطيعوا منع رسوله الله من كتابة الكتاب.لكن عمركم وزبانيته
رفضوا ذلك الكتاب هل تفهم رفضوا والكتاب كان موجه لهم رفضهم لا يعني أن النبي يتوقف عن الكتابة .... ومنطقياً كتابة الكتاب ثم رفضهم له أكثر نجاعة في مواجهة النكوص حسب زعمكم .... فلماذا وحسب رأيك تراجع النبي عن الكتابة بإرادته الحرة ؟ وقولك : " يكون حجة دامغة على الناكثين بعد ان المبايعة لو كان عمر من الناكثين لقاتله الامام فهو مأمور بهذا ..وكونه لم يقاتلهم فهذا يؤكد أنهم لم ينكثوا .. وقولك : " لذلك النبي طردهم ومافائدة الكتاب لمن
رفضه.اساسا“. سبحان الله ليقيم عليهم الحجة ... فائته أن يقيم عليهم الحجة ..ألست أنت القائل بأنه أراد أن يكتب كي يقيم عليهم الحجة ؟ هل رأيت كم التناقض في كلامك ؟
يا حبيبي أنتم ربطتم الأمانة ومدى اكتمالها بالوصي على الامانة ...
طيب الآن أين الوصي على الامانة ؟
لقد عاد الشيعة عندما أقاموا دولتهم في إيران إلى الشورى ..يعني يعتقدون بنظام الولاية ..ويحكمون أنفسهم بنظام السقيفة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
بعني ستار جاي يقول لكم والزميل كرار لازم تنكرون حجة الوداع لانه النبي صلى الله عليه واله وسلم ستار اعرف منه حسب قوله ويقول ستار بطعن الرساله ويقوم ستار بدوره جندي ال اميه ينفي الوحي والتنزيل لانه يريد ستار عندما بلغ الله نبيه الكريم لازم تجي اليهود والنصارى لابي بكر وعمر يسئلونهم ويهطعون رؤسهم امامهم لينصر اسياده اكيد ستار قصده واضح يريد تمكين اليهود والنصارى من دين الاسلام لان ابو بكر وعمرجهالا دائما يفشلون عندما يسئلونهم اليهود بعد النبي عن اسئله لاعلم لهم بها لانهم لم يسلموا ابدا ولم يدخلوا الاسلام ولم يحفظوا من القران ايه منه ابدا واتحداه من يعاندي بهالكلام والسؤال اذا تم التبليغ وليس لنا حاجه باالامام الذي خصه الله وعينه بغدير خم وانتهى الموضوع الى هنا حسب ادعاء ستار لماذا لم يعرف ابو بكر وعمر الاسلام ودين الاسلام للناس الذين لم يدخلوا الاسلام في زمنهم ولماذا لما ياخذوا من التبليغ معرفه ليجيبوا اليهود والنصارى الاحبار والجاثليق وغيره وعندما يعز الكل ياتي الامام علي عليه السلام يبين لهم فيما اختلفوا به من بعد النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم ويسلم اليهود والنصارى على يد اخا ووزير ووصي الرسول الاعظم علي ابن ابي طالب فاين الشيخين من التبليغ روى العلامة الأديب ابن دريد البصري في كتابه المجتنى قال: أخبرنا محمد، قال: حدثنا العكلي، عن ابن عائشة، عن حماد، عن حميد، عن أنس بن مالك قال: أقبل يهوديّ بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأشار القوم إلى أبي بكر، فوقف عليه، فقال: أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبيّ، أو وصيّ نبيّ(1). قال أبو بكر:سل عمّا بدا لك. قال اليهودي:أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله. فقال أبو بكر: هذه مسائل الزنادقة يا يهودي. وهم أبو بكر والمسلمون باليهودي. فقال ابن عباس: ما أنصفتم الرجل.. فقال أبو بكر: أما سمعت ماتكلم به؟! فقال ابن عباس: إن كان عندكم جوابه، وإلا فاذهبوا به إلى علي رضي الله عنه يجيبه، فإني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»: «اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه»(1). قال:فقام أبو بكر ومن حضره، حتى أتوا علي بن أبي طالب «عليه السلام» فاستأذنوا عليه، فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، إن هذا اليهودي سألني مسائل الزنادقة. فقال علي «عليه السلام»: ما تقول يا يهودي؟! قال: أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي. فقال له «عليه السلام»: قل. قال: فردد اليهودي المسائل. فقال علي «عليه السلام»: أما ما لا يعلمه الله، فذلك قولكم يا معشر اليهود: إن العزيز ابن الله.. والله لا يعلم أن له ولداً. وأما قولك: أخبرني بما ليس عند الله، فليس عنده ظلم للعباد. وأما قولك: أخبرني بما ليس لله، فليس له شريك. فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنك وصي رسول الله «صلى الله عليه وآله»(1). فقال أبو بكر والمسلمون لعلي «عليه السلام»: يا مفرج الكرب([4]). 4-موقف ابن عباس:
وذكرت الرواية المتقدمة لابن عباس موقفاً في قصة اليهودي، حين اتهمه أبو بكر بالزندقة، وهمَّ أن يبطش به هو ومن حوله.. مع العلم: بأن ابن عباس لم يكن حينئذٍ قد بلغ الحلم إن كان قد ولد في سنة الهجرة، وإن كان قد ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات، فربما يكون بالغاً حين حصلت هذه القصة.. فيرد على الرواية: أن هذا السن قد لا يسمح لابن عباس بهذا التدخل القوي، حيث من المتوقع أن تأخذه هيبة المجلس، وتمنعه من التدخل في الحديث الذي يجري بين الكبار.. ولعلّ بين الحاضرين من يبادر إلى زجره عن ذلك أيضاً.. إلا أن يقال: إن شخصية ابن عباس كانت قوية، وموقعه النسبي من حيث إنه ابن عم رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يسمح له بذلك.. وقد تعود الناس على أن لبني هاشم تميزاً على غيرهم من حيث المعرفة والإدراك، وما إلى ذلك.. كما أن الحكام آنئذٍ كانوا يحاولون إرضاء العباس مهما أمكن، ليمكنهم تحكيم سلطتهم، وفرض سيطرتهم، من خلال محاصرة علي «عليه السلام» وإضعافه. ومن معه من بني هاشم.. مع ملاحظة: أنهم قد وجدوا أنفسهم مع هذا اليهودي في مأزق يحتاجون للخروج منه، فهم بحاجة إلى أية كلمة تفتح أمامهم الطريق للخلاص. ولذلك فليس من المصلحة ـ بنظرهم ـ التوقف عند هذه الإعتبارات في هذا الوقت على الأقل.. 5-2 ـ أنت خليفة نبي هذه الأمة؟!:
وروي: أن بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر، فقال له: أنت خليفة نبي هذه الأمة؟ فقال: نعم. قال: فإنا نجد في التوراة: أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم، فخبِّرني عن الله، أين هو؟ أفي السماء، أم في الأرض؟! فقال له أبو بكر: في السماء على العرش. قال اليهودي: فأرى الأرض خالية منه، وأراه ـ على هذا القول ـ في مكان دون مكان. فقال أبو بكر: هذا كلام الزنادقة، أعزب عني وإلا قتلتك فولى الرجل متعجباً يستهزئ بالإسلام، فاستقبله أمير المؤمنين «عليه السلام»، فقال له: يا يهودي، قد عرفت ما سألت عنه، وما أجبت به، وإنا نقول: إن الله عز وجل أين الأين فلا أين له، وجل عن أن يحويه مكان، وهو في كل مكان، بغير مماسة ولا مجاورة، يحيط علما بها، ولا يخلوا شيء من تدبيره تعالى. وإني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك، فإن عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي: نعم. قال: ألستم تجدون في بعض كتبكم: أن موسى بن عمران كان ذات يوم جالساً إذ جاءه ملك من المشرق، فقال له: من أين جئت؟! فقال: من عند الله عز وجل. ثم جاءه ملك آخر من المغرب، فقال له: من أين جئت؟! فقال: من عند الله. ثم جاءه ملك فقال: من أين جئت؟ فقال: قد جئتكم من السماء السابعة من عند الله عز وجل. وجاءه ملك آخر قال: قد جئتك من الأرض السابعة السفلى من عند الله عز وجل. فقال موسى «عليه السلام»: سبحان من لا يخلو منه مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان. فقال اليهودي: أشهد أن هذا هو الحق المبين، وأنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه([5]). ونقول: قد دلتنا هذه الرواية على أمور، نكتفي بالإشارة إلى بعضها، وهي التالية: 6-ألف: مواصفات الأوصياء في التوراة:
قد صرحت الرواية: بأن أوصاف خلفاء الأنبياء مكتوبة في التوراة، ومنها: أن يكون وصي نبي الأمة أعلم الأمة. ونحن وإن كنا لم نجد ذلك في هذا الكتاب المتداول بين اليهود، ويدَّعون: أنه التوراة، مما يعني: أنه قد حرف عما كان عليه، أو أن التوراة الحقيقية قد استبدلت بسواها مما هو مصنوع وموضوع، وقد سمي باسم التوراة بلا مبرر.. غير أن ما ذكره حبر اليهود، من ضرورة كون أوصياء الأنبياء أعلم أممهم هو مما تضافرت عليه الإشارات والدلائل، حيث نجد: أن ذلك هو ما يمكن استخلاصه من كثير من الحوادث التي جاء فيها اليهود والنصارى للسؤال عن هذا الدين، فإن الجميع كانوا يسعون لمعرفة الوصي بواسطة معرفة ما لديه من علوم يفترضون أنها لا توجد لدى غيره من بني البشر. ثم هم يجعلون ثبوت وجود الوصي دليلاً على صدق ذلك النبي.. 7-ب: التجسيم في جواب أبي بكر:
وإن إلقاء نظرة على جواب أبي بكر لذلك اليهودي تعطي: أنه لم يكن موفقاً فيه.. حيث إنه أثبت أن الله تعالى في جهة دون أخرى، وفي مكان دون آخر. حيث قال: «في السماء على العرش». وقد أخذ عليه اليهودي ذلك. كما ذكرته الرواية.. ويجب ألا يغيب عن الناس أمران: أحدهما: أن التوراة المتداولة، تصف الله تعالى بما هو منزه عنه، فتثبت أنه في مكان، وأنه في جهة، وأنه جسم ذو أبعاد.. وما إلى ذلك.. مع أن الحبر اليهودي لم يرتض من أبي بكر إثبات هذه الصفات لله تعالى، الأمر الذي يدل على: أنه كان يستقي معارفه من التوراة التي لم تتعرض لمثل هذا التحريف، وليس فيها هذه الأباطيل التي نعرفها ونراها في التوراة المتداولة.. الثاني: لعل أبا بكر كان قد سمع قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}([6])، وكذلك ما يشير إلى جهة العلو، كقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}([7])، ونحو ذلك، فظن: أن الله في جهة العلو، وأنه جالس على العرش، ولم يلتفت إلى: أن ذلك يؤدي إلى محاذير عقيدية خطيرة. وكان عليه أن يعرف: أن لهذه الآيات معان راقية، لم يصل إليها وهمه، ولم ينلها تفكيره وفهمه. 8-ج: أبو بكر يتهم.. ويتهدد:
وقد ظهر من كلام أبي بكر: أنه بمجرد أن سمع الإشكال من ذلك اليهودي بادر إلى اتهامه بالزندقة. وتهدده بالقتل. إن لم ينصرف عنه. ونقول: أولاً: إن كان الرجل يستحق القتل فعلاً، فلا يجوز طرده، بل الواجب الإمساك به، وإجراء حكم الله فيه.. ثانياً: إن السائل، وإن كان يهودياً، لكن ذلك لا يمنع من إنصافه في المحاورة العلمية، وقد سجل إشكالاً صحيحاً، يُظْهِر بطلان جواب أبي بكر بحسب الظاهر. ولا يمكن الحكم عليه بالزندقة ولا بغيرها، ما لم يأت أبو بكر بما يزيل الشبهة التي أثارها هو بكلامه.. لكن أبا بكر عدل عن السعي لإزالة الشبهة إلى التهديد، والوعيد، والإتهام.. ثالثاً: إن اليهودي لم يزد على أن فسر جواب أبي بكر، وبين لوازمه الظاهرة التي يكون أبو بكر هو المطالب بنفيها، والتبرؤ منها، حتى لا يقع في المحذور الذي نسبه لليهودي، واستحلّ به دمه.. 9-د: علي يستدرج اليهودي، ويلزمه بما التزم:
وقد كانت لعلي «عليه السلام» طريقته الفذّة في احتواء المشكلة، ثم في استدراج اليهودي إلى إعطاء تعهّد بالإيمان إن ظهر صدق قول عليّ «عليه السلام» في استخراج الحجّة من الكتب التي يأخذ اليهود علمهم منها، على طريقة الإلزام للطرف الآخر بما يلزم به نفسه.. وهكذا كان.. وشهد اليهودي بأنّ ما قاله عليّ «عليه السلام» هو الحقّ المبين، وأن علياً «عليه السلام» أحقّ بمقام النبيّ «صلى الله عليه وآله» ممّن استولى عليه.. 10-3 ـ أسئلة أخرى لرأس الجالوت:
وسأل رأس الجالوت علياً «عليه السلام» بعدما سأل أبا بكر، فلم يعرف: ما أصل الأشياء؟! فقال «عليه السلام»: هو الماء لقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}([FONT='Times New Roman',serif][8][/font]). وما جمادان تكلما؟! فقال: هما السماء والأرض. وما شيئان يزيدان وينقصان، ولا يرى الخلق ذلك؟! فقال: هما الليل والنهار. وما الماء الذي ليس من أرض ولاسماء؟! فقال: الماء الذي بعث سليمان إلى بلقيس، وهو عرق الخيل إذا هي أجريت في الميدان. وما الذي يتنفس بلا روح؟! فقال: والصبح إذا تنفس. وما القبر الذي سار بصاحبه؟! فقال: ذاك يونس لما سار به الحوت في البحر([FONT='Times New Roman',serif][9][/font]). 11-4 ـ وازدادوا تسعاً:
وفي كتب أصحاب الرواية: اليهود قالت لما سمعت قوله سبحانه في شأن أصحاب الكهف: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً}([FONT='Times New Roman',serif][10][/font]): ما نعرف التسع. ذكرها رهط من المفسرين كالزجَّاج وغيره: أن جماعة من أحبار اليهود أتت المدينة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقالت: ما في القرآن يخالف ما في التوراة، إذ ليس في التوارة إلا ثلاثمائة سنين. فأشكل الأمر على الصحابة فبهتوا، فرفع إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام» فقال: لا مخالفة، إذ المعبر عند اليهود السنة الشمسية، وعند العرب السنة القمرية. والتوراة نزلت عن لسان اليهود، والقرآن العظيم عن لسان العرب، والثلاثمائة من السنين الشمسية ثلاثمائة وتسع من السنين القمرية([FONT='Times New Roman',serif][11][/font]). ونقول:
1 ـ إن هذه الرواية لم تذكر التاريخ الدقيق لقدوم هذه الجماعة من أحبار اليهود إلى المدينة، بل اكتفت بالقول: بأن ذلك قد حدث بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»... فقد يكون هذا التعبير من أسباب ترجيح حدوث ذلك في عهد أبي بكر، فإنه هو الأنسب في مثل هذه التعابير.. 2 ـ قد يمكن أن يستأنس لذلك: بأن من الطبيعي أن يكثر قدوم جماعة اليهود إلى المدينة في عهد أبي بكر، إذ قد كان يهمهم كثيراً أن يبحثوا عن ثغرة يمكنهم النفوذ منها إلى المجتمع الإسلامي ليعبثوا به، ويسقطوه من الداخل، قبل أن يستحكم أمره، وتقوى شوكته، وتضرب جذوره إلى الأعماق، بحيث يفقدون الأمل بإحداث أي خلل فيه بعد ذلك. 3 ـ إن أمير المؤمنين «عليه السلام» لم يكن ليغيب عن الساحة، ويترك هؤلاء يعيثون فساداً في هذا الدين، بما يثيرونه من شبهات وأسئلة، حتى وصل الأمر إلى السؤال عن هذا التعبير القرآني، الذي لم يجدوا له نظيراً في توراتهم، فلعلهم يجدون في ذلك ما يمكنهم من الطعن في صدق القرآن فيما أخبر به من أنه مصدق للتوراة، حيث قال سبحانه: {مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ}([FONT='Times New Roman',serif][12][/FONT])، فجاء جوابه لهم ليلقمهم حجراً، وليرد كيدهم إلى نحورهم.. 4 ـ لا ندري لماذا بهت الصحابة في قبال هذه المسألة، فلم يعرفوا حلها. وفيهم الكثيرون ممن كانوا يرشحون أنفسهم لخلافة الرسول «صلى الله عليه وآله»، بما فيهم أبو بكر الذي استولى بالفعل على هذا المقام، وصار محبوه يروجون له، وينسبون إليه الفضائل والكرامات، حتى إن فيهم من يحاول أن يدعي له مقاماً في العلم، متشبثاً مستدلاً على ذلك بأتفه الأسباب، حتى ولو زعمه أنه: لأنه دلهم على الموضع الذي يدفن فيه النبي «صلى الله عليه وآله». مع أن هذا أيضاً غير صحيح، فضلاً عن دعواهم اعلميته لروايته حديثاً يخالف القرآن وهو ان الأنبياء لا يورثون، وهو ما أثبتنا في كتابنا الصحيح من سيرة النبي عدم صحته أيضاً. 12-5 ـ راهب معه ذهب:
وروي: أنه وفد وفد من بلاد الروم إلى المدينة على عهد أبي بكر، وفيهم راهب من رهبان النصارى، فأتى مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ومعه بختي([13]) موقر ذهباً وفضة، وكان أبو بكر حاضراً، وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار. فدخل عليهم، وحياهم، ورحب بهم، وتصفح وجوههم، ثم قال: أيكم خليفة رسول الله، وأمين دينكم؟! فأومي إلى أبي بكر، فأقبل إليه بوجهه، ثم قال: أيها الشيخ ما اسمك؟! قال: اسمي عتيق. قال: ثم ماذا؟! قال: صدِّيق. قال:ثم ماذا؟! قال: لا أعرف لنفسي اسماً غيره. فقال: لست بصاحبي. فقال له: وما حاجتك؟! قال: أنا من بلاد الروم، جئت منها ببختي موقر ذهباً وفضة، لأسأل أمين هذه الأمة مسألة، إن أجابني عنها أسلمت، وبما أمرني أطعت، وهذا المال بينكم فرقت، وإن عجز عنها رجعت إلى الوراء بما معي، ولم أسلم. فقال له أبو بكر: سل عما بدا لك. فقال الراهب: والله، لا أفتح الكلام ما لم تؤمني من سطوتك وسطوة أصحابك. فقال أبو بكر: أنت آمن، وليس عليك بأس، قل ما شئت. فقال الراهب: أخبرني عن شيء: ليس لله، ولا من عند الله، ولا يعلمه الله. فارتعش أبو بكر، ولم يحر جواباً، فلما كان بعد هنيئة قال ـ لبعض أصحابه ـ: ائتني بأبي حفص عمر. فجاء به، فجلس عنده، ثم قال: أيها الراهب اسأله. فأقبل الراهب بوجهه إلى عمر، وقال له مثل ما قال لأبي بكر، فلم يحر جواباً. ثم أتى بعثمان، فجرى بين الراهب وعثمان مثل ما جرى بينه وبين أبي بكر وعمر، فلم يحر جواباً. فقال الراهب: أشياخ كرام، ذووا فجاج الإسلام. ثم نهض ليخرج. فقال أبو بكر: يا عدو الله، لولا العهد لخضبت الأرض بدمك. فقام سلمان الفارسي «رضي الله عنه»، وأتى علي بن أبي طالب «عليه السلام» وهو جالس في صحن داره مع الحسن والحسين «عليهما السلام»، وقص عليه القصة. فقام علي «عليه السلام» وخرج، ومعه الحسن الحسين «عليهما السلام» حتى أتى المسجد، فلما رأى القوم علياً «عليه السلام»، كبروا الله، وحمدوا الله، وقاموا إليه أجمعهم. فدخل علي «عليه السلام» وجلس. فقال أبو بكر: أيها الراهب، سائله، فإنه صاحبك وبغيتك. فأقبل الراهب بوجهه إلى علي «عليه السلام»، ثم قال: يا فتى، ما اسمك؟! قال: اسمي عند اليهود «إليا»، وعند النصارى «إيليا»، وعند والدي «علي» وعند أمي «حيدرة». قال: ما محلك من نبيكم؟! قال: أخي، وصهري، وابن عمي لحاً([14]). قال الراهب: أنت صاحبي ورب عيسى، أخبرني عن شيء ليس لله، ولا من عند الله، ولا يعلمه الله. قال «عليه السلام»: على الخبير سقطت. أما قولك:«ما ليس لله»، فإن الله تعالى أحد، ليس له صاحبة ولا ولد. وأما قولك:«ولا من عند الله»، فليس من عند الله ظلم لأحد. وأما قولك:«ولا يعلمه الله»، فإن الله لا يعلم له شريكاً في الملك. فقام الراهب، وقطع زناره، وأخذ رأسه وقبل ما بين عينيه، وقال: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأشهد أنك أنت الخليفة، وأمين هذه الأمة، ومعدن الدين والحكمة، ومنبع عين الحجة. لقد قرأت اسمك في التوراة إليا، وفي الإنجيل إيليا، وفي القرآن علياً، وفي الكتب السابقة حيدرة، ووجدتك بعد النبي وصياً، وللإمارة ولياً، وأنت أحق بهذا المجلس من غيرك، فخبرني ما شأنك وشأن القوم»؟! فأجابه بشيء. فقام الراهب وسلم المال إليه بأجمعه، فما برح علي «عليه السلام» مكانه حتى فرقه في مساكين أهل المدينة، ومحاويجهم، وانصرف الراهب إلى قومه مسلماً(1). ونقول: 1 ـ قد يرى البعض: أن نقل حمولة بختي من الذهب كل تلك المسافات الشاسعة التي تعد بمئات الأميال ليس أمراً عادياً، بل هو مجازفة كبيرة، من الصعب أن نصدق أن أحداً يقدم عليها، إلّا إذا ضمن لنفسه ولبضاعته تلك: الأمن، والسلامة من قطاع الطرق، والسراق، وإلا إذا فرض أنه قد انضم إلى بعض القوافل الكبيرة المحمية بالرجال الأشدّاء، أو أنه استطاع أن يحتفظ بالسرية التامة لحقيقة البضاعة التي يحملها.. 2 ـ إن سؤال الراهب عن اسم أبي بكر كان بهدف معرفة إن كان يطابق ما هو مكتوب عندهم في كتبهم المقدّسة، ليكون ذلك من إمارات الصدق بالنسبة إليه.. 3 ـ إن ذكر اسم الإمام والخليفة في الكتب المقدّسة يسقط ما يدّعونه: من أن الله تعالى قد أوكل نصب الإمام إلى الناس.. 4 ـ إن الراهب لم يسئ إلى الحاضرين بأدنى كلمة، بل هو قد أثنى عليهم، ومدحهم قبل أن يسألهم، وبعد أن سألهم، لم يجد عندهم الجواب الكافي والشافي.. 5 ـ إن أبا بكر بعد أن عجز هو ومن استدعاهم إلى مجلسه عن جواب سؤال الراهب، ونهض الراهب ليخرج بادر إلى الهجوم عليه، وتهديده.. ولعلّ السبب في ذلك ثلاثة أمور: أحدها: أنه أحسّ بفوات الذهب من يده.. الثاني: أن هذا الفوات قد اقترن بفضح أبي بكر، وفريقه كله، وإظهار مدى جهلهم بالمسائل، وبعدهم عن معرفة الحقائق والدقائق.. الثالث: إن ذلك قد اقترن بانطباع سيء، ربما يترك آثاراً سلبية كبيرة وخطيرة، تتلخص في أن من لا يجيب على هذه الأسئلة، فهو غاصب لمقامه، معتد على إمامه، وليس هو الإمام الحقيقي، ولا الخليفة الشرعي لذلك النبي الذي ينسب نفسه إليه. 6 ـ إن الإبتهاج العفوي الذي استقبل به الحاضرون في ذلك المجلس علياً «عليه السلام»، يعطي: أن أولئك الحاضرين، كانوا على قناعة تامة بمقام علي «عليه السلام»، وبالمسافات الشاسعة التي تفصله عنهم وعن حكامهم في العلم والفضل والكرامة عند الله، ومنزلته من رسول الله «صلى الله عليه وآله».. 7 ـ ثم إن عهدنا بأبي بكر وعمر وعثمان: أنهم بمجرد أن يواجهوا أمراً من هذا القبيل يلجأون إلى علي «عليه السلام».. ولا يبحثون عن غيره، فلماذا استدعى أبو بكر عمر أولاً، ثم عثمان ثانياً، فلما عجزا كما عجز أبو بكر لم يذكر علياً «عليه السلام»، ولا ذكره عمر ولا عثمان ولا غيرهم.. وقد يرى البعض: أن من حق هؤلاء أن لا يذكروا علياً «عليه السلام»، ومن حق الآخرين أن لا يذكروه أيضاً، خوفاً من بطشهم.. لأنهم يعرفون أن علياً «عليه السلام» سوف يجيب على الأسئلة. وذلك يعني تأكيد مقامه، وبيان فضله، وظهور علمه من جهة.. ثم أن يفوز هو بذلك الذهب الكثير من جهة أخرى. ولعلّهم كانوا يخططون للإستيلاء على ذلك الذهب، ومنع الراهب من اصطحابه، بوسيلة أو بأخرى.. 8 ـ ولكن علياً «عليه السلام» قد خفف عنهم بعض التخفيف حين فرَّق ذلك الذهب في محاويج أهل المدينة، ولم يحتفظ لنفسه بشيء منه.. 9 ـ يلاحظ: ان الراهب طلب من أبي بكر أن يؤمنه من سطوته، مع ان النبي «صلى الله عليه وآله» ووصيه «عليه السلام»لا يمكن ان يكونا من الجلادين، واهل البطش.. فالظاهر ان الذي دعا الراهب الى طلب الامان هو انه حين سأل ابا بكر عن اسمه، واستقصى في السؤال فلم يجد بغيته، ظهر له أنه إمام حاكم زيفي ليس هو من الأنبياء ولا من الأوصياء فأراد أن يحتاط لنفسه بأخذ الأمان. 10 ـإن أبا بكر حين وصل إلى علي «عليه السلام» قال للراهب: سائله، فإنه صاحبك وبغيتك، فدل بذلك على أنه عارف بالحق وبأهله.. ويصبح قول أبي بكر هذا دليلاً على أنه قد أخذ مقاماً ليس له. 13-6 ـ علي وأسئلة النصارى:يتبع لنشوف نحتاج الامام علي اولا
عن سلمان الفارسي «رحمه الله» قال: لما قبض النبي «صلى الله عليه وآله» اجتمعت النصارى إلى قيصر ملك الروم، فقالوا له: أيها الملك، إنَّا وجدنا في الإنجيل رسولاً يخرج من بعد عيسى، اسمه أحمد، وقد رمقنا خروجه، وجاءنا نعته، فأشر علينا، فإنا قد رضيناك لديننا ودنيانا. قال: فجمع قيصر من نصارى بلاده مائة رجل، وأخذ عليهم المواثيق: أن لا يغدروا، ولا يخفوا عليه من أمورهم شيئاً، وقال: انطلقوا إلى هذا الوصي، الذي هو بعد نبيهم، فسلوه عما سئل عنه الأنبياء «عليه السلام»، وعما أتاهم به من قبل، والدلايل التي عرفت بها الأنبياء، فإن أخبركم فآمنوا به، وبوصيه، واكتبوا بذلك إلي. وإن لم يخبركم، فاعلموا: أنه رجل مطاع في قومه، يأخذ الكلام بمعانيه، ويرده على مواليه، وتعرفوا خروج هذا النبي. قال: فسار القوم حتى دخلوا بيت المقدس، واجتمعت اليهود إلى رأس جالوت، فقالوا له مثل مقالة النصارى بقيصر. فجمع رأس جالوت من اليهود مائة رجل. قال سلمان: فاغتنمت صحبة القوم، فسرنا حتى دخلنا المدينة، وذلك يوم عروبة، وأبو بكر قاعد في المسجد يفتي الناس. فدخلت عليه، فأخبرته بالذي قدم له النصارى واليهود، فأذن لهم بالدخول عليه، فدخل عليه رأس جالوت، فقال: يا أبا بكر، إنا قوم من النصارى واليهود، جئناكم لنسألكم عن فضل دينكم، فإن كان دينكم أفضل من ديننا قبلناه، وإلا فديننا أفضل الأديان؟! قال أبو بكر: سل عما تشاء أخبرك إن شاء الله. قال: ما أنا وأنت عند الله؟! قال أبو بكر: أما أنا فقد كنت عند الله مؤمناً، وكذلك عند نفسي إلى الساعة، ولا أدري ما يكون من بعد. فقال اليهودي: فصف لي صفة مكانك في الجنة، وصفة مكاني في النار، لأرغب في مكانك وأزهد عن مكاني. قال: فأقبل أبو بكر ينظر إلى معاذ مرة، وإلى ابن مسعود مرة. وأقبل رأس جالوت يقول لأصحابه بلغة أمته: ما كان هذا نبياً. قال سلمان: فنظر إلي القوم، قلت لهم: أيها القوم! ابعثوا إلى رجل لو ثنيتم الوسادة لقضى لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل الزبور بزبورهم، ولأهل القرآن بقرآنهم، ويعرف ظاهر الآية من باطنها، وباطنها من ظاهرها. قال معاذ: فقمت فدعوت علي بن أبي طالب، وأخبرته بالذي قدمت له اليهود والنصارى، فأقبل حتى جلس في مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله». قال ابن مسعود: وكان علينا ثوب ذل، فلما جاء علي بن أبي طالب كشفه الله عنا. قال علي «عليه السلام»: سلني عما تشاء أخبرك إن شاء الله. قال اليهودي: ما أنا وأنت عند الله؟! قال: أما أنا فقد كنت عند الله وعند نفسي مؤمناً إلى الساعة، فلا أدري ما يكون بعد. وأما أنت فقد كنت عند الله وعند نفسي إلى الساعة كافراً، ولا أدري ما يكون بعد.. قال رأس جالوت: فصف لي صفة مكانك في الجنة، وصفة مكاني في النار، فأرغب في مكانك وأزهد عن مكاني. قال علي «عليه السلام»: يا يهودي! لم أر ثواب الجنة ولا عذاب النار فأعرف ذلك، ولكن كذلك أعد الله للمؤمنين الجنة وللكافرين النار، فإن شككت في شيء من ذلك فقد خالفت النبي «صلى الله عليه وآله»، ولست في شيء من الإسلام. قال: صدقت رحمك الله، فإن الأنبياء يوقنون (لعل الصحيح: يؤمنون) على ما جاؤوا به، فإن صدقوا آمنوا، وإن خولفوا كفروا. قال: فأخبرني أعرفت الله بمحمد؟! أم محمداً بالله؟! فقال علي «عليه السلام»: يا يهودي! ما عرفت الله بمحمد، ولكن عرفت محمداً بالله، لأن محمداً محدود مخلوق، وعبد من عباد الله، اصطفاه الله واختاره لخلقه، وألهم الله نبيه كما ألهم الملائكة الطاعة، وعرفهم نفسه بلا كيف ولا شبه. قال: صدقت. قال: فأخبرني الرب في الدنيا أم في الآخرة؟! فقال علي «عليه السلام»: إن «في» وعاء، فمتى ما كان بفي كان محدوداً. ولكنه يعلم ما في الدنيا والآخرة، وعرشه في هواء الآخرة، وهو محيط بالدنيا، والآخرة بمنزلة القنديل في وسطه إن خليت يكسر، إن أخرجته لم يستقم مكانه هناك، فكذلك الدنيا وسط الآخرة. قال: صدقت. قال: فأخبرني الرب يحمل أو يحمل؟! قال علي بن أبي طالب «عليه السلام»:يحمل. قال رأس جالوت: فكيف؟! وإنا نجد في التوراة مكتوباً: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}([16]). قال علي: يا يهودي، إن الملائكة تحمل العرش، والثرى يحمل الهواء، والثرى موضوع على القدرة، وذلك قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}([17]). قال اليهودي: صدقت رحمك الله([18]). 14-7 ـ أسئلة الجاثليق:
المفيد، عن علي بن خالد، عن العباس بن الوليد، عن محمد بن عمر الكندي، عن عبد الكريم بن إسحاق الرازي، عن بندار، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل بن أبي إدريس([19])، عن عبد الرحمن بن قيس البصري، قال: حدثنا ذازان([20]) عن سلمان الفارسي «رحمة الله عليه» قال: لما قبض النبي «صلى الله عليه وآله»، وتقلد أبو بكر الأمر قدم المدينة جماعة من النصارى، يتقدمهم جاثليق لهم، له سمت ومعرفة بالكلام ووجوهه، وحفظ التوراة والإنجيل وما فيهما. فقصدوا أبا بكر، فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الإنجيل رسولاً يخرج بعد عيسى، وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله، يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا إلى ملكنا، فجمع وجوه قومنا، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيكم محمد. وفيما قرأناه من كتبنا: أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، فأنت أيها الأمير وصيه لنسألك عما نحتاج إليه؟! فقال عمر: هذا خليفة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فجثا الجاثليق لركبتيه وقال له: خبرنا أيها الخليفة عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسأل عن ذلك. فقال أبو بكر: نحن مؤمنون وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والإيمان خير من الكفر. فقال الجاثليق: هذه دعوى يحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟! فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي، ولا علم لي بما عند الله. فقال الجاثليق: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن؟! أم أنا كافر عند الله؟! فقال: أنت عندي كافر، ولا علم لي بحالك عند الله. فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكاً في نفسك وفي، ولست على يقين من دينك. فخبرني: ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه من الدين تعرفها؟! فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا. فقال له: فترجو لي منزلة من الجنة؟! قال: أجل أرجو ذلك. فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجياً لي، وخائفاً على نفسك، فما فضلك في العلم؟! ثم قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك؟! قال: لا، ولكني أعلم منه ما قضي لي علمه([21]). قال: فكيف صرت خليفة للنبي وأنت لا تحيط علماً بما يحتاج إليه أمته من علمه؟! وكيف قدمك قومك على ذلك؟! فقال له عمر: كف أيها النصراني عن هذا العتب، وإلا أبحنا دمك! فقال الجاثليق: ما هذا عدل على من جاء مسترشداً طالباً. قال سلمان «رحمة الله عليه»: فكأنما أُلبسنا جلباب المذلة، فنهضت حتى أتيت علياً «عليه السلام»، فأخبرته الخبر فأقبل ـ بأبي وأمي ـ حتى جلس، والنصراني يقول: دلوني على من أسأله عما أحتاج. فقال له أمير المؤمنين «عليه السلام»: سل يا نصراني، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا تسألني عما مضى ولا ما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد «صلى الله عليه وآله». فقال النصراني: أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟! فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي. فقال الجاثليق: الله أكبر، هذا كلام وثيق بدينه، متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي؟! فقال «عليه السلام»: منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى، لا أرتاب بذلك ولا أشك في الوعد به من ربي. قال النصراني: فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها؟! فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: بالكتاب المنزل، وصدق النبي المرسل. قال: فبما علمت صدق نبيك؟! قال: بالآيات الباهرات، والمعجزات البينات. قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الإحتجاج، خبرني عن الله تعالى أين هو اليوم؟! فقال «عليه السلام»: يا نصراني، إن الله تعالى يجل عن الأين، ويتعالى عن المكان، كان فيما لم يزل ولا مكان، وهو اليوم على ذلك، لم يتغير من حال إلى حال. فقال: أجل، أحسنت أيها العالم، وأوجزت في الجواب، فخبرني عن الله تعالى، أمدرك بالحواس عندك، فيسألك المسترشد في طلبه استعمال الحواس؟!([22]) أم كيف طريق المعرفة به، إن لم يكن الأمر كذلك؟! فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار، أو تدركه الحواس، أو يقاس بالناس. والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول، الدالة ذوي الإعتبار بما هو منها مشهود ومعقول. قال الجاثليق: صدقت، هذا والله هو الحق الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الآن عما قاله نبيكم في المسيح، وأنه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، ونفى عنه الإلهية، وأوجب فيه النقص؟! وقد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المتدينين!! فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه، والتصوير والتغير من حال إلى حال، والزيادة التي لم ينفك منها والنقصان، ولم أنف عنه النبوة، ولا أخرجته من العصمة، والكمال، والتأييد، وقد جاءنا عن الله تعالى: بأنه مثل آدم، خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون. فقال له الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه الآن، غير أن الحجاج مما يشترك فيه الحجة على الخلق والمحجوج منهم، فبم بنت أيها العالم من الرعية الناقصة عندي؟!([23]) قال: بما أخبرتك به من علمي بما كان وما يكون. قال الجاثليق: فهلم شيئاً من ذكر ذلك أتحقق به دعواك. فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: خرجت أيها النصراني من مستقرك، مستفزاً لمن قصدت بسؤالك له، مضمراً خلاف ما أظهرت من الطلب والإسترشاد، فأريت في منامك مقامي، وحدثت فيه بكلامي، وحذرت فيه من خلافي، وأمرت فيه باتباعي. قال: صدقت. والله الذي بعث المسيح، وما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأنك وصي رسول الله، وأحق الناس بمقامه. وأسلم الذين كانوا معه كإسلامه، وقالوا: نرجع إلى صاحبنا فنخبره بما وجدنا عليه هذا الأمر، وندعوه إلى الحق. فقال له عمر: الحمد لله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق، وهدى من معك إليه، غير أنه يجب أن تعلم: أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها، والأمر بعده لمن خاطبت أولاً برضى الأمة واصطلاحها عليه، وتخبر صاحبك بذلك، وتدعوه إلى طاعة الخليفة. فقال: عرفت ما قلت أيها الرجل، وأنا على يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت. وانصرف الناس، وتقدم عمر أن لا يذكر ذلك المقام بعد، وتوعد على من ذكره بالعقاب، وقال: أم والله، لولا أنني أخاف أن يقول الناس: قتل مسلماً لقتلت هذا الشيخ ومن معه، فإنني أظن أنهم شياطين أرادوا الإ فساد على هذه الأمة، وإيقاع الفرقة بينها!
اذا ياستار انظر جهل عمر يريد القتل بدل الاجابه عن دين الاسلام ليعرف الناس العلوم فقال أمير المؤمنين «صلوات الله عليه»: يا سلمان، أترى كيف يظهر الله الحجة لأوليائه، وما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفوراً؟!([24]). ونقول: يصادف الباحث هذا النوع من الروايات في كثير من المواضع، ونحن نكتفي هنا بالإشارة إلى ما يلي: 15-حدث واحد، أم أحداث؟!:
إن الروايتين اللتين ذكرناهما في أوائل هذا الفصل ربما تكونان تحكيان واقعة واحدة، وقد حفلت كل واحدة منهما ببعض الجزئيات والتفاصيل دون الأخرى، فلا بأس بضمها إلى بعضها البعض على سبيل العطف لأجل المقارنة بينهما.. للخروج بصورة أكمل وأتم. ولكن سائر الروايات لا بد من الحكم بأنها وقائع متعددة كما يظهر بالملاحظة والمقارنة.. فراجع. 16-يعجز أبو بكر اكثر من مرة:
ومما يثير العجب هنا: أننا نجد أبا بكر يعجز عن السؤال الواحد مرة من يهودي ومرة أخرى من نصراني.. أو مع نصرانيين أو يهوديين. فكيف نفسر ذلك.. إن لم يكن الله قد ابتلاه بعدم التمكن من ضبط أمثال هذه الأمور، من حيث أن اهتمامه منصرف إلى أمور أخرى لا ربط لها بمثل هذه الأمور.. أو أن الرواة أنفسهم قد توهموا طرح بعض الأسئلة في مورد، والحال أنها إنما طرحت في غيره.. والله هو العالم بالحقائق. 17-لا بد من إمام:
قد عرفنا في كلام الجاثليق: أنهم يجدون في كتبهم: أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء. يقتبس بهم الضياء فيما أشكل. كما أن كلام قيصر في الرواية الأخرى قد أظهر: ضرورة وجود وصي للنبي «صلى الله عليه وآله».. لماذا تأخر وفودهم؟!: إذا كان الجاثليق قد أخبر بظهور نبينا «صلى الله عليه وآله»، فلماذا انتظر حتى توفي فوفد إلى المدينة؟! ونجيب: أولاً: إن للتأخير آفات مختلفة. فلعله ابتلي بواحدة منها منعته من الوفود. ثانياً: لعله كان ينتظر ظهور النبي «صلى الله عليه وآله» على أهل مكة كما كان العرب ينتظرون ذلك. فلما تمكن من الوفود كان «صلى الله عليه وآله» قد استشهد وتولى الأمر أبو بكر. 18-الراهب يخاف:
وقد لاحظنا صاحب الذهب يخشى سطوة أبي بكر، وسطوة أصحابه.. مع أنه جاء يطلب وصي النبي «صلى الله عليه وآله».. والوصي لا يبطش بالناس بغير حق.. فهل يمكن ان نفهم من ذلك: أن ذلك الراهب كان يعرف ـ من كتبه ـ أن مقام الوصي سوف يغصب منه من قبل اناس يتميزون بالبطش بالأبرياء، أم أنه أراد ان يحتاط لنفسه أو أنه قاس ما جرى في هذه الامة على ما جرى في الامم السابقة؟. 19-العلم الخاص دليل الإمامة:
إن رأس الجالوت والجاثليق، وكذلك من معه، بالإضافة إلى اليهودي الآخر الذي تقدمت أسئلته قبل ذلك، كانوا يدركون أن أوصياء الأنبياء هم مصدر المعرفة، ولديهم علوم خاصة بهم.. وليس لأحد سواهم شيء منها، وبها يعرف الناس إمامتهم، ووصايتهم، وأنه يقتبس منهم الضياء فيما أشكل. وظاهر كلام قيصر: أنه كان يفترض أيضاً أن يكون لدى النبي وخليفته من بعده نفس علوم الأنبياء السابقين، ولذلك قال قيصر لرسله: فسلوه عما سئل عنه الأنبياء.. 20-قيصر.. ورسله:
وقد ذكر حديث سلمان: أن قيصر جمع مئة من العلماء، وأرسلهم لاستكشاف أمر النبي. ولعل قيصر هذا غير قيصر الذي راسله رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثم حاربه المسلمون في مؤتة، حيث إن سياق الكلام يشير إلى اختلافه مع من سبقه في التعامل مع هذا الأمر فانه يتصرف بهدوء وبعقلانية.. غير أن ما لفت نظرنا هنا: تحذير قيصر لرسله من الغدر.. مما يشير إلى: أنه كان يتوقع ذلك منهم أكثر من المعتاد.. مع علمنا: بأنه ليس في بلاد العرب من الناحية المعيشية، والرخاء، أو المناخ ما يطمع به هؤلاء، أو ما يمكن تفضيله على الأوطان، ويدعو إلى مفارقة الأهل والخلان. إلا إذا كان يعلم أنه قد حاق بهم من الظلم والمهانة، ولحقهم من الأذى ما يدفعهم إلى تفضيل بلاد العرب على بلادهم.. أو لعله خاف أن يلجأوا إلى عدوه التقليدي كسرى. فإن بلاد العرب تقع قرب بلاد فارس.. ولا بد أن يكون دافعهم إلى عمل كهذا ـ بنظره ـ هو الحصول على الدنيا، والإنتقال إلى ما هو أفضل مما هم عليه.. أو لعله خاف من ان يحملهم تعصبهم على انكار الحقائق، وتزويرها. 21-لا بد من وصي وإمام:
وإذ قد ظهر من الروايات التي هذا سبيلها: أنه لا بد لكل نبي من وصي بعده، فهذا يعني: أن الذي يأتي بعد النبي لا يمكن أن يكون منتخباً من الناس، لأن هذه الملكات، والعلوم، والمزايا التي يكون بها وصياً وإماماً لا يمكن للناس أن يطَّلعوا عليها، فلا معنى لإفساح المجال لهم لاختياره.. وقد استدل قيصر على نفي نبوة النبي بنفس عدم وجود وصي بعده.. يملك علومه، ومزاياه. ودلايله.. كما أن رأس الجالوت قد نفى النبوة عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بمجرد ظهور عجز أبي بكر عن الجواب، وكان أبو بكر قد اظهر نفسه لهم على أنه هو الوصي بعد النبي «صلى الله عليه وآله». 22-أين كان سلمان؟!:
وقد أظهرت الرواية الثانية ـ وهي رواية رسل قيصر ـ: أن سلمان كان مع ذلك الوفد، وصرّحت: بأنه سار معهم إلى المدينة.. وهذا معناه: أنه كان ـ على ما يبدو ـ في البلد المسمى ببيت المقدس، ولسلمان ذكريات في هذا البلد، قبل أن يذهب إلى الحجاز، ويتشرف بالدخول في الإسلام على يد رسول الله «صلى الله عليه وآله». ويبدو أن سلمان كان يسافر إلى مثل هذه المناطق، فقد كان أيضاً في بيروت كما دلّت عليه بعض الروايات([25]).. 23-معاذ فهم كلام سلمان:
وقد طلب سلمان من معاذ: أن يدعو رجلاً لم يذكر اسمه، ولكن ذكر صفته في العلم، فلم يحتج معاذ إلى التصريح له بالاسم، بل عرف المسمى بمجرد ذكر الصفة، فبادر إلى دعوة علي «عليه السلام». ودلالة هذا على موقع علي «عليه السلام» فيهم لا يحتاج إلى بيان.. 24-جواب أبي بكر في رواية رسل قيصر:
وقد يظن البعض: أن جواب أبي بكر على السؤال الأول في الرواية الثانية قد تطابق مع جواب علي «عليه السلام». غير أننا نقول: بل الأمر على عكس ذلك، فإن أبا بكر، وإن كان قد قرّر أنه كان عند الله وعند نفسه مؤمناً إلى تلك الساعة.. ولكنه لم يثبت الكفر للطرف المقابل. الأمر الذي يحمل معه احتمالات أن يكون غير محكوم بالكفر عنده، أو أنه لا يتيقن كفره، وهذا خلل هام لا مجال لغض النظر عنه. ولعله قد كان هناك من حاول أن يستفيد من جواب علي «عليه السلام» لاصلاح كلام ابي بكر، وليخفف من قبحه فخانه التوفيق في ذلك. ولعل رواية الجاثليق هي الأصح والأوضح، لأنها بيّنت أن أبا بكر مؤمن عند نفسه ولا يدري بما عند الله، وأن الجاثليق كافر عند أبي بكر، ولا يدري أبو بكر حال الجاثليق عند الله.. ولذلك قال الجاثليق: ما أراك إلا شاكاً في نفسك وفيَّ، ولست على يقين من دينك. 25-لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً:
إن علياً «عليه السلام» هو الذي يقول: «لو كُشف (لي) الغطاء ما ازددت يقيناً»([26]).. ولكنه هنا لا يستجيب لطلب اليهودي منه: أن يصف مكانه في الجنة، ومكان اليهودي في النار، رغم أن اليهودي قد أغراه بذلك أشد الأغراء، حين قال له: «فأرغب في مكانك وأزهد عن مكاني». ومع أنه قد كان بإمكان علي «عليه السلام» أن يصف له ذلك وصفاً صحيحاً وصادقاً، صادراً من معدنه.. غير أن من الواضح: أن ذلك اليهودي لم يكن مؤمناً بالصلة بين الوصي والنبي، وبين الله تعالى.. لأنه كان لا يزال مقيماً على إنكاره للنبوة والوصية على حد سواء، فكل ما سوف يقدمه له «عليه السلام» من وصف للجنة وللنار سوف يعتبره رجماً بالغيب، وقولاً بغير علم. فكان لا بد له «عليه السلام» من أن يحيله إلى القاعدة العقلية التي لا مناص منها، وهي: أن عليه أن يخضع لمعجزة النبي، ويؤمن بنبوته أولاً، ثم يكون التسليم بكل ما جاء به ذلك النبي ثانياً. 26-معرفة الله عقلية فطرية:
وقد جاء السؤال والجواب عن طريق معرفة الله تبارك وتعالى ليؤكد ما عليه أهل الحق: من أن معرفة الله سبحانه وتعالى ليست بالسمع، وبإخبار الأنبياء، للزوم الدور في ذلك، ولأن ذلك يوجب انسداد باب العلم بهما معاً، فلا يتمكن من معرفة الله، ولا من معرفة أنبيائه. ولذلك استدل «عليه السلام» على معرفة الله سبحانه وتعالى بدليلي العقل والفطرة معاً.. فدليل العقل هو استحالة أن يعرف الله تعالى الخالق والمطلق بمحمد المحدود والمخلوق. و دليل الفطرة هو إلهام الله عباده وملائكته طاعته، وتعريفهم نفسه
تعليق