السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ...نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم ..
لباب الأول
أسباب التعصب ضد الإباضية
أولا: إنكارهم الظلم في كل زمان وخاصة زمن بني أمية حيث سلطت عليهم الدولة الأموية إعلامها الهادر فكالت عليهم التهم كيلا فانطلت على البعض وساعد في نشرها الطّمّاعون فيما لدى الدولة ، وليس من المستغرب وجود مثل هؤلاء الطماعين فهم موجودون في كل زمان ، كذلك ليس من المستغرب كيل التهم على المصلحين فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يسلم من ذلك ، وهذه طريقة متبعة إلى يومنا هذا .
ثانيا : كون الإباضية متفقين مع الخوارج في الخروج عن علي – كرم الله وجهه – بسبب عدم قبول التحكيم سهّل إلصاقهم بالخوارج .ومروق الخوارج من الدين سهل الافتراء على الإباضية .
ثالثا : الأكاذيب التي سطرها كتاب المقالات في كتبهم ، فكتاب المقالات الذين سطروا الأكاذيب ضلوا وأضلوا وصاروا قنطرة عبور للحاقدين سواء قصدوا ذلك أو وقعوا ضحية .
أما كونهم ضلوا فهم مسئولون عما كتبوه يوم القيامة .
وأما كونهم أضلوا فكتبهم أصبحت مرجعا لكل من أراد أن يعرف شيئا عن الإباضية ، ووثقوا بها فيما قالت لسببين : لكون هؤلاء الكتاب من العلماء المشهورين ، ولكون هذه الادعاءات موجودة في عدة كتب مع أن مصادر هذه الكتب غير متنوعة وإنما نقل الثاني ما كتبه الأول وهكذا .
فكونت هذه الكتب لدى قارئها صورة بغيضة عن هذه الفرقة الإسلامية فرأى أن من واجبه حماية الناس من الوقوع فيها وإنقاذ المنتمين إليها من الضياع ، وهذا رأي في محله لو كان ما كتب عن الإباضية صحيحا لأن ما كتب عنهم ينفر منه الطبع السليم ، ولكن في الحقيقة من وقع في شباك هذه الكتب جرفه السيل وهو لا يدري ، لأن ما كتب عنهم لا يمت إليهم بصلة .
فإن من يقرأ عن الإباضية في كتب المقالات ويقارن ذلك بكتب الإباضية يجد عجبا ، حيث لا يجد أي أثر لما كتب عنهم وذلك لأن كتّاب المقالات لم يكتبوا شيئا حقيقيا عن الإباضية بسبب أن الإباضية في نظرهم فرقة ضالة يجب أن يلقى بها في مكان سحيق ، سواء كان هذا الحكم نابعا منهم أو وقعوا ضحية لغيرهم فقاموا بالتضليل على هذا المذهب وطمس حقيقته بشتى الأساليب ، واتفاق الكثير منهم على ذلك ليس صدفة وإنما بسبب وحدة عقيدتهم عن هذا المذهب وأخذ الثاني ما كتبه الأول وتبعهم الآخرون من غير تتبع للحقيقة من كتب الإباضية مع أن بعضهم شرط على نفسه أخذ ذلك من كتبهم . باستثناء بعض الكتاب المنصفين فلهم الشكر والتقدير .
ويدل على ما أقول :
(1) إنهم لم يكتبوا شيئا عن أئمة الإباضية مثل جابر بن زيد وأبي عبيدة وغيرهم
(2) لم يذكروا عقائد الإباضية .
(3) لم يذكروا شيئا من آراء الإباضية الفقهية .
(4) لم يذكرا إلا النزر اليسير من مبادئ الإباضية تنحصر في السياسة وحقوق المسلمين على بعضهم . بل ذكروا بدائل للتضليل
فقسموا الإباضية إلى فرق أصلية ، وأخرى فرعية استنتجوها من وحي خيالهم لمسرحية بيع أمة وذكروا لها عقائد شرك بالله .
والإباضية لا يعرفون شيئا عن تلك الفرق ولا يوجد أي ذكر لها ولا لعقائدها ولا لأئمتها في كتب الإباضية سواء الذي ألفت قبل كتب المقالات أو التي ألفت بعدها ويبرؤن منها إن كان لها وجود أصلا وممن ألصقها بهم .
حاولوا طمس الحقيقة بالتعميمات الفاسدة حيث أنهم ألصقوا الإباضية بالخوارج والفرق الضالة وشتى الاتهامات الأخرى سأذكرها فيما بعد .
وانتشرت هذه الافتراءات في الكتب الأخرى وعلى السنة الخطباء الحاقدين وفي الأشرطة السمعية إلى يومنا هذا مثل كتاب الإباضية الذي سيأتي الرد عليه المحشي بالأكاذيب وبقى الإباضية يعانون منها متخذين موقف الدفاع عن أنفسهم
وما كنت اكتب كلمة واحدة مما قاله أهل المقالات السابقين مما خالفوا فيه الواقع لو أن المتأخرين اتبعوا الحق و لم يظلوا يرددون تلك الأكاذيب.
من يعرف النطق منكم صار يشتمنا كأنه فرض عين عندكم شهرا
ولكن ما الذي حمل هؤلاء الكتّاب على هذه الافتراءات حيث دونوا اسم الإباضية وكتبوا أشياء لا تمت إليهم بصلة ؟!!
يقول البعض ربما أن ذلك يعود إلى قلة معرفتهم بالمذهب الإباضي بسبب أن حركته كانت سرية ، وفي الحقيقة أن هذا ليس شيئا مقنعا لأمرين :
أولا :- إن كتب المقالات التي كثر فيها الكذب على الإباضية بدأ تأليفها في القرن الرابع الهجري وقبل كتابتهم هذه كان المذهب منتشرا ، ففي عمان بويع بالخلافة قبل هذا التاريخ حوالي ستة أئمة ،بدءا من الإمام الجلندى بن مسعود الذي بويع في عام 132 ه وفي المغرب الأئمة الرستميون كانت دولتهم تغطي حيزا كبيرا من المغرب العربي من الجزائر إلى ليبيا ودامت أكثر من 150 سنة ،من 144 -296 هـ وهو قبل القرن الرابع الهجري وكذلك الإمام عبدالله بن يحيى الكندي في اليمن وصل نفوذه إلى الحجاز فهل بعد هذا تعذر الحصول على المعلومات ، هذا بالنسبة للقدماء فكيف بالمتأخرين ؟
ثانيا :- إذا كانوا أخذوا من غير الثقات فقد وقعوا فيما نهى الله عنه حيث قال الله سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "الحجرات 6 وفيما عده رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا في قوله : " كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع " متفق عليه
ثالثا:- إن كانوا لا يعرفون شيئا عن الإباضية وكتبوا عنهم لإكمال كتبهم فقد وقعوا فيما نهى الله عنه حيث قال :- " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) الإسراء 36
وإن كان قد حملتهم إلى ذلك كراهية هذا المذهب فالله سبحانه نهى أن يحمل الإنسان بغضه على الظلم وأمره بدل ذلك بالعدل حيث قال عز من قائل " لا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى " المائدة 8 ) أي لا يحملكم بغض أي قوم على ظلمهم وإنما عليكم العدل في كل شيء .
وأي ظلم يعمله هؤلاء على هذا المذهب أكثر من وصفهم بالضلال ونسبة الشرك إليهم والله يقول " إن الشرك لظلم عظيم " لقمان 13
وإن كان قصدهم الانتصار للحق لكون أنهم يرون أنفسهم على حق وغيرهم على باطل ، فإن هذه الدعوى كل يدعيها كما نص على ذلك حديث الافتراق ولكن الحق غير محتاج إلى تأييد بالباطل فالحق والباطل ضدان ، قال الله تعالى :- " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " الإسراء 81 وقال :-" بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " الأنبياء 18
لم تقم السماوات والأرض إلا بالحق بل لم يخلق الله هذا الكون إلا بالحق والباطل لا يأتي إلا بباطل ، كيف يدعي شخص أن الفرقة التي ينتمي إليها متبعة الحق وهو في نفس الكتابة التي كتبها لم يستطع سلوك طريق الحق ؟!
يتبع ...........
تعليق