بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين..
وبعد ..
فإن للتصوّف حكايات ونوادر وسوابق لا تخفى على البصير.
وإن المتصوّفة وإن كانوا أقل خطراً من غيرهم إلا أن انحرافهم مما لا شك ولا ريب فيه.
ومن لطائف ما جادت به قرائح علمائنا حولهم رسالة لعلم من أعلام المذهب الحق، الشيخ الكبير جعفر كاشف الغطاء أرسلها إلى أهل خوي (وهي مدينة من مدن إيران) لمّا توسّعت دعوة الصوفيّة فيهم فقال فيها:
بسم اللّه و الحمد للّه و الصلاة على محمّد و آله.
من المعترف بذنبه المقصّر في طاعة ربّه، أقلّ الأنام، كثير الذنوب والاثام، الأقلّ الأحقر عبد اللّه جعفر، إلى الإخوان الكرام و الأخلاء العظام، أعاظم أهل خوي و أعيانها وأساطينها وأركانها.
أمّا بعد: فقد صحّ الكلام المأثور و المثل المشهور أنّه ما يثنّى إلا و قد يثلّث.
فقدحصل ثالث الأديان في بلادكم، المذهب الوهّابي وبيكجان، فهنيئاً لكم على هذا الدين الجديد، و المذهب السديد، وظهور هؤلاء الأنبياء الذين يخاطبون بصفات جبّار السماء، بل كانوا عين اللّه، وكان اللّه عينهم، و لا فرق بينه و بينهم!!
فدقّوا الطبول، و غنّوا بالمزامير، وأظهروا العشق للّطيف الخبير، وأكثروا النظر إلى الأمرد الحسان.
فإنّه يتّحد بهم الرحيم الرحمن، و دعوا الصلاة و الصيام وجميع العبادات بالتمام، فإنّكم نلتم درجة الوصول، فلمن تعبدون؟!
وأنتم مع اللّه متّحدون فلمن تسجدون؟
إنّما يعبد من لم يبلغ الوصول إلى تلك الرتب، كمحمّد صلّى الله عليه وآله سيّد العرب، أمّا من لم يكن في جبّته غير اللّه فليس عليه صيام ولا صلاة.
فالحمد للّه الذي أعطاكم أنبياء متعدّدين، و أَبان غَلَطنا في أنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله خاتم النبيّين، والشكر للّه الذي بعث إليكم رسلًا لايعرفون أصلًا و لا فرعاً، فلو سألت أكبرهم عن أفعال الشكّ لتحيّر، أو عن أحكام السهو لما تدبّر، أو عن بعض الفروع الفقهيّة لوجدتموه جاهلًا بالكلّية.
وعلى كلّ حال فلكم الهناء، و قد بلغتم من معرفة الدين كلّ المنى، ونحن لنا عليكم حقّ يجب عليكم فيه الأداء، و لا يتمّ ذلك إلا بإرسال هؤلاء الأنبياء، ليعلّمونا كما علّموكم، ويفهّمونا كما فهّموكم، لنصل إلى بعض ما وصلتم إليه، و نقف على بعضما وقفتم عليه. حلواى تنتنانى تا نخورى نداني (من الأمثال الفارسية بمعنى من لم يذق لم يدر).
فأقسمت عليكم باللّه أن تطعمونا من هذه الحلواء التي ما ذاقها الأنبياء، ولا الأوصياء، و لا العلماء من المتأخّرين والقدماء، ولا وصفت أجزاؤها في كتاب منزل ولا على لسان نبي مرسل.
فإمّا أن لا يكونوا علموها ولا وصلوا إليها ولا فهموها، أو وجدوها حلواء ميشومة، بأنواع السمّ مسمومة، تقتل آكليها بحرارتها، و تقطع أمعائهم لشدّة مرارتها.
و اللّه إنّي أُخبرت واختبرت أهل هذه الأقاويل، فوجدتهم بين من يسلك هذه الطريقة ليتيسّر له تحصيل ملاذّ الدنيا: من النظر إلى وجوه الأمرد الحسان، والتوصّل إلى ضروب العصيان، و بين من يريد جلالة الشأن و ليس من أهل العلم حتّى ينال ذلك في كلّ مكان، فيدلّس نفسه في اسم طاعة الرحمن، و بين ناقص عقل قد امتلأ من الجهل.
و إلا فكيف يخفى على الطفل الصغير فضلًا عن الكبير السيرة النبويّة، والطريقة المحمّديّة و الجادّة الإماميّة، حتّى يشتبه عليه التدليس، و ما عليه إبليس وجنود إبليس؟!
اللّهم إنّي أنذرت، اللّهمّ إنّي أخبرت، اللهمّ إنّي وعظت، اللهمّ إنّي نصحت، فلا تؤاخذني بذنوب أهل خوي وأمثالهم يا أرحم الراحمين».
المصدر: مقدمة كتاب كشف الغطاء ج1 ص28-29 (الطبعة الاولى لدفتر تبليغات)
ولنا عودة أخرى إلى الصوفية والتصوّف إن وفقّنا الخالق لذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شعيب العاملي
والحمد لله رب العالمين..
وبعد ..
فإن للتصوّف حكايات ونوادر وسوابق لا تخفى على البصير.
وإن المتصوّفة وإن كانوا أقل خطراً من غيرهم إلا أن انحرافهم مما لا شك ولا ريب فيه.
ومن لطائف ما جادت به قرائح علمائنا حولهم رسالة لعلم من أعلام المذهب الحق، الشيخ الكبير جعفر كاشف الغطاء أرسلها إلى أهل خوي (وهي مدينة من مدن إيران) لمّا توسّعت دعوة الصوفيّة فيهم فقال فيها:
بسم اللّه و الحمد للّه و الصلاة على محمّد و آله.
من المعترف بذنبه المقصّر في طاعة ربّه، أقلّ الأنام، كثير الذنوب والاثام، الأقلّ الأحقر عبد اللّه جعفر، إلى الإخوان الكرام و الأخلاء العظام، أعاظم أهل خوي و أعيانها وأساطينها وأركانها.
أمّا بعد: فقد صحّ الكلام المأثور و المثل المشهور أنّه ما يثنّى إلا و قد يثلّث.
فقدحصل ثالث الأديان في بلادكم، المذهب الوهّابي وبيكجان، فهنيئاً لكم على هذا الدين الجديد، و المذهب السديد، وظهور هؤلاء الأنبياء الذين يخاطبون بصفات جبّار السماء، بل كانوا عين اللّه، وكان اللّه عينهم، و لا فرق بينه و بينهم!!
فدقّوا الطبول، و غنّوا بالمزامير، وأظهروا العشق للّطيف الخبير، وأكثروا النظر إلى الأمرد الحسان.
فإنّه يتّحد بهم الرحيم الرحمن، و دعوا الصلاة و الصيام وجميع العبادات بالتمام، فإنّكم نلتم درجة الوصول، فلمن تعبدون؟!
وأنتم مع اللّه متّحدون فلمن تسجدون؟
إنّما يعبد من لم يبلغ الوصول إلى تلك الرتب، كمحمّد صلّى الله عليه وآله سيّد العرب، أمّا من لم يكن في جبّته غير اللّه فليس عليه صيام ولا صلاة.
فالحمد للّه الذي أعطاكم أنبياء متعدّدين، و أَبان غَلَطنا في أنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله خاتم النبيّين، والشكر للّه الذي بعث إليكم رسلًا لايعرفون أصلًا و لا فرعاً، فلو سألت أكبرهم عن أفعال الشكّ لتحيّر، أو عن أحكام السهو لما تدبّر، أو عن بعض الفروع الفقهيّة لوجدتموه جاهلًا بالكلّية.
وعلى كلّ حال فلكم الهناء، و قد بلغتم من معرفة الدين كلّ المنى، ونحن لنا عليكم حقّ يجب عليكم فيه الأداء، و لا يتمّ ذلك إلا بإرسال هؤلاء الأنبياء، ليعلّمونا كما علّموكم، ويفهّمونا كما فهّموكم، لنصل إلى بعض ما وصلتم إليه، و نقف على بعضما وقفتم عليه. حلواى تنتنانى تا نخورى نداني (من الأمثال الفارسية بمعنى من لم يذق لم يدر).
فأقسمت عليكم باللّه أن تطعمونا من هذه الحلواء التي ما ذاقها الأنبياء، ولا الأوصياء، و لا العلماء من المتأخّرين والقدماء، ولا وصفت أجزاؤها في كتاب منزل ولا على لسان نبي مرسل.
فإمّا أن لا يكونوا علموها ولا وصلوا إليها ولا فهموها، أو وجدوها حلواء ميشومة، بأنواع السمّ مسمومة، تقتل آكليها بحرارتها، و تقطع أمعائهم لشدّة مرارتها.
و اللّه إنّي أُخبرت واختبرت أهل هذه الأقاويل، فوجدتهم بين من يسلك هذه الطريقة ليتيسّر له تحصيل ملاذّ الدنيا: من النظر إلى وجوه الأمرد الحسان، والتوصّل إلى ضروب العصيان، و بين من يريد جلالة الشأن و ليس من أهل العلم حتّى ينال ذلك في كلّ مكان، فيدلّس نفسه في اسم طاعة الرحمن، و بين ناقص عقل قد امتلأ من الجهل.
و إلا فكيف يخفى على الطفل الصغير فضلًا عن الكبير السيرة النبويّة، والطريقة المحمّديّة و الجادّة الإماميّة، حتّى يشتبه عليه التدليس، و ما عليه إبليس وجنود إبليس؟!
اللّهم إنّي أنذرت، اللّهمّ إنّي أخبرت، اللهمّ إنّي وعظت، اللهمّ إنّي نصحت، فلا تؤاخذني بذنوب أهل خوي وأمثالهم يا أرحم الراحمين».
المصدر: مقدمة كتاب كشف الغطاء ج1 ص28-29 (الطبعة الاولى لدفتر تبليغات)
ولنا عودة أخرى إلى الصوفية والتصوّف إن وفقّنا الخالق لذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شعيب العاملي
تعليق