أما الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رضوان الله عليه فله رأي خاص وغريب انفرد به عن الجميع:
((مسألة لطم الصدور ونحو ذلك من الكيفيّات المتداولة في هذه الأزمنة، كالضرب بالسلاسل والسيوف وأمثال ذلك، إن أردنا أن نتكلّم فيها على حسب ما تقتضيه القواعد الفقهيّة والصناعة المقرّرة لاستنباط الأحكام الشرعية، فلا تساعدنا إلاّ على الحرمة، ولا يمكننا إلاّ الفتوى بالمنع والتحريم; فإنه لا مخصّص للعمومات الأوليّة والقواعد الكلّية من حرمة الإضرار وإيذاء النفس وإلقائها في التهلكة، ولا دليل لنا يخرجها عنها في المقام.
ولكن الذي ينبغي أن يُقال بالقول الصريح : إنّ من قطعيّات المذهب الإمامي، ومن مسلّمات هذه الفرقة الحقّة الاثنا عشريّة، أنّ فاجعة الطفّ والواقعة الحسينيّة الكبرى واقعة عظيمة، ونهضة دينية عجيبة، والحسين(عليه السلام) رحمة الله الواسعة، وباب نجاة الأُمّة، ووسيلة الوسائل، والشفيع الذي لا يردّ، وباب الرحمة الذي لا يسدّ.
وإنّي أقول : إنّ حقّ الأمر وحقيقة هذه المسألة إنّما هو عند الله جلّ وعلا، ولكن هذه الأعمال والأفعال إن صدرت من المكلّف بطريق العشق الحسيني والمحبّة والوله لأبي عبدالله(عليه السلام) نحو الحقيقة والطريقة المستقيمة، وانبعثت من احتراق الفؤاد واشتعال نيران، الأحزان في الأكباد بمصاب هذا المظلوم ريحانة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، المصاب بتلك الرزيّة، بحيث تكون خالية ومبرّأة من جميع الشوائب والتظاهرات والأغراض النفسانيّة، فلا يبعد أن يكون جائزاً، بل يكون حينئذ من القربات وأجلّ العبادات.
وعلى هذا يُحمل ما صدر من الأعمال ونظائر هذه الأفعال من أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام)، مثل ما نقل عن العقيلة الكبرى والصديقة الصغرى زينب سلام الله عليها من «أنّها نطحت جبينها بمقدّم المحمل حتّى سال الدم من تحت قناعها». ومثل ما ورد في زيارة الناحية المقدّسة في وصف مخدّرات أهل البيت سلام الله عليهم: «للشعور ناشرات وللخدود لاطمات».
ولكن المعنى الذي أشرنا إليه لا يتيّسر لكل أحد، وليس شرعة لكلّ وارد، ولا مطمع لكلّ طامع، ولا يحصل بمحض الادّعاء والتخيّل; فإنّه مرتبة عالية ومحلّ رفيع، ومقام شامخ منيع، وأغلب الأشخاص الذين يرتكبون هذه الاُمور والكيفيّات لا يأتون بها إلاّ من باب التظاهر والمراءات والتحامل والمداجات.
مع أنّ هذا المعنى بغير القصد الصحيح والنيّة الصادقة لا يخلو من إشكال، بل حرام، وحرمته تتضاعف لبعض الجهات والعوارض الحالية والطوارىء المقامية.
وأحسن الأعمال وأنزهها في ذكرى الحسين السبط صلوات الله عليه هو النياحة والندبة والبكاء لريحانة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، والمظلوم الموتور، والسلام عليه والزيارة له، واللعن على أعدائه، والتبرّي من ظالميه والمشاركين في دمه وقاتليه، والراضين بقتله، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وأولاده الميامين المنتجبين.))
الفردوس الأعلى ص 19-22
((مسألة لطم الصدور ونحو ذلك من الكيفيّات المتداولة في هذه الأزمنة، كالضرب بالسلاسل والسيوف وأمثال ذلك، إن أردنا أن نتكلّم فيها على حسب ما تقتضيه القواعد الفقهيّة والصناعة المقرّرة لاستنباط الأحكام الشرعية، فلا تساعدنا إلاّ على الحرمة، ولا يمكننا إلاّ الفتوى بالمنع والتحريم; فإنه لا مخصّص للعمومات الأوليّة والقواعد الكلّية من حرمة الإضرار وإيذاء النفس وإلقائها في التهلكة، ولا دليل لنا يخرجها عنها في المقام.
ولكن الذي ينبغي أن يُقال بالقول الصريح : إنّ من قطعيّات المذهب الإمامي، ومن مسلّمات هذه الفرقة الحقّة الاثنا عشريّة، أنّ فاجعة الطفّ والواقعة الحسينيّة الكبرى واقعة عظيمة، ونهضة دينية عجيبة، والحسين(عليه السلام) رحمة الله الواسعة، وباب نجاة الأُمّة، ووسيلة الوسائل، والشفيع الذي لا يردّ، وباب الرحمة الذي لا يسدّ.
وإنّي أقول : إنّ حقّ الأمر وحقيقة هذه المسألة إنّما هو عند الله جلّ وعلا، ولكن هذه الأعمال والأفعال إن صدرت من المكلّف بطريق العشق الحسيني والمحبّة والوله لأبي عبدالله(عليه السلام) نحو الحقيقة والطريقة المستقيمة، وانبعثت من احتراق الفؤاد واشتعال نيران، الأحزان في الأكباد بمصاب هذا المظلوم ريحانة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، المصاب بتلك الرزيّة، بحيث تكون خالية ومبرّأة من جميع الشوائب والتظاهرات والأغراض النفسانيّة، فلا يبعد أن يكون جائزاً، بل يكون حينئذ من القربات وأجلّ العبادات.
وعلى هذا يُحمل ما صدر من الأعمال ونظائر هذه الأفعال من أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام)، مثل ما نقل عن العقيلة الكبرى والصديقة الصغرى زينب سلام الله عليها من «أنّها نطحت جبينها بمقدّم المحمل حتّى سال الدم من تحت قناعها». ومثل ما ورد في زيارة الناحية المقدّسة في وصف مخدّرات أهل البيت سلام الله عليهم: «للشعور ناشرات وللخدود لاطمات».
ولكن المعنى الذي أشرنا إليه لا يتيّسر لكل أحد، وليس شرعة لكلّ وارد، ولا مطمع لكلّ طامع، ولا يحصل بمحض الادّعاء والتخيّل; فإنّه مرتبة عالية ومحلّ رفيع، ومقام شامخ منيع، وأغلب الأشخاص الذين يرتكبون هذه الاُمور والكيفيّات لا يأتون بها إلاّ من باب التظاهر والمراءات والتحامل والمداجات.
مع أنّ هذا المعنى بغير القصد الصحيح والنيّة الصادقة لا يخلو من إشكال، بل حرام، وحرمته تتضاعف لبعض الجهات والعوارض الحالية والطوارىء المقامية.
وأحسن الأعمال وأنزهها في ذكرى الحسين السبط صلوات الله عليه هو النياحة والندبة والبكاء لريحانة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، والمظلوم الموتور، والسلام عليه والزيارة له، واللعن على أعدائه، والتبرّي من ظالميه والمشاركين في دمه وقاتليه، والراضين بقتله، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وأولاده الميامين المنتجبين.))
الفردوس الأعلى ص 19-22
تعليق