إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

نبذة عن مذهب أهل الحق والإستقامة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نبذة عن مذهب أهل الحق والإستقامة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    هذه نبذة قمت بكتابتها عن المذهب الإباضي بهدف نشرها في النت لما أراه من هجوم ظالم على مذهب أهل الحق والاستقامة، وقد أطلعت عليها عدة مشائخ وأساتذة فضلاء من مركز الشيخ حمود بن حميد الصوافي حفظه الله، وعدلت ما أشار عليّ بتعديله من قرأها، أضعها بين أيديكم للفائدة، وأرجو لو يستطيع أي واحد نشرها بقدر ما يستطيع على الشبكة، وهي من سبع عشرة صفحة فقط.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونستغفره من جميع الذنوب والخطايا ونتوب إليه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله ربي بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأصلي وأسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى الصحابة المهتدين ومن سار على نهجهم واتبع هداهم إلى يوم الدين
    أما بعد:
    ما وضعت هذا الموضوع لإثارة فتنة ولا شغب، ولا لمناقشات ساخنة وسب وشتم، إنما تجولت في مواقع الشبكة، فهالني ما رأيته فيها، وأصرح لكم من الآن أنني من أتباع المذهب الإباضي، أتيت هنا فقط لأُعرِّف بالمذهب، وأعطي نبذة عنه، حتى يعلم بأمره من جهله، ويصحح معلوماته من زُوِّرت عليه.

    نشأة المذهب الإباضي

    في الفتنة الكبرى بين الصحابة في معركة صفين، والتي وقعت بين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- وبين معاوية، وبعدها انقسم المسلمون سياسيا إلى ثلاث فئات:
    جيش معاوية "الشام"
    جيش علي "العراق والكوفة"
    جيش المحكمة "حروراء ومن بعدها النهروان"
    ولا أريد التعمق في الكلام عن هذه القضية فليس هو موضوع حديثنا، وهي مشهورة في كتب التاريخ -على بعض الملابسات فيها، وأنصح بشدة من أراد الاطلاع على تحقيق معمق في هذه القضية بالرجوع إلى كتاب "الخوارج والحقيقة الغائبة" للشيخ ناصر السابعي طبعة مكتبة الضامري سلطنة عمان-
    ولكن للاختصار أذكر بعض الحقائق المزورة وتصحيحها:
    فقد ذُكر في كتب التاريخ أنه عندما رفع جيش معاوية المصاحف، عرف علي أنها خدعة وأراد مواصلة القتال، إلا أن مجموعة من الناس –وقد كانوا يُدعون يومئذ بالقراء- جاؤوه وطلبوا منه أن يجيب داعي الله وإلا رموه برمته وتخلوا عنه، فأمر الأشترَ وألح عليه أن يقف عن القتال –وكان الأشتر رافضا لذلك- ثم بعدها رجع الأشتر وتشاتم هو والقراء، ثم جاء رسول معاوية إلى علي أن بيننا كتاب الله، يجتمع واحد منا وواحد منكم فيحكمان بكتاب الله، فأراد علي أن يخرج ابن عباس فرفض القراء ذلك، ثم أرد أن يخرج الأشتر فرفضوا وقالوا: وهل سعرها إلا الأشتر؟! وأبوا إلا أن يخرج أبا موسى، فحاول مناقشتهم فرفضوا –مع ما يذكر عن أبي موسى أنه كان يثبط الناس عن علي.
    ثم بعد ذلك كُتب الكتاب وكان مكتوبا فيه: هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.
    فرفض رسول معاوية تلك العبارة إذ أنهم لا يقرون بإمارة علي، فمسح علي اسم الإمارة اقتداء برسول الله في صلح الحديبية.
    ثم اختلفوا هل يقدم اسم علي في الكتاب أم اسم معاوية؟ فكل جيش يرى صاحبه أحق بتقديم اسمه، حتى اصطلحوا على أن الكتاب المأخوذ إلى جيش معاوية يقدم فيه اسم معاوية والمأخوذ إلى جيش علي يقدم فيه اسم علي، وكان يقرأ الكتاب على جيش علي الأشعث بن قيس، ويطوف به عليهم، فلما انتهى إلى إحدى القبائل، أنكر عروة بن أدية –أخو أبي بلال مرداس بن حدير، وأدية أمهما وقيل جدتهما- أن يحكم الرجال في كتاب الله إذ الحكم واضح في المسألة خاصة بعد أن قُتل عمار بن ياسر –وكان مع علي فقتله جيش معاوية- مع ما ورد في الحديث من اثنين وثلاثين طريقا "ويح عمار، تقتله الفئة الباغية" وصاح بالعبارة التي أصبحت بعد ذلك شعارا للمحكمة أو الخوارج كما يدعوهم أهل التاريخ، وهي : (لا حكم إلا لله) وضرب مؤخرة بعير الأشعث بسيفه، وانحاز معه جماعة، حتى رجع جيش علي وهم يتشاتمون ويضربون بعضهم بالسياط، وقد كانوا عند ذهابهم متآلفين متوادين.
    (على أن الإمام عليّاً لما دخل الكوفة اعتزله عدد كبير من جيشه إلى مكان قريب من الكوفة يسمى حَرَوْرَاء متمسكين بموقفم من التحكيم وأنه تحكيم للرجال في أمر قد حكم الله فيه، ونادى مناديهم: "إن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي، وأمير الصلاة عبدالله بن الكواء اليشكري".
    أراد الإمام علي -كرم الله وجهه - معرفة حجة الذين اعتزلوه إلى حروراء فأرسل إليهم عبدالله بن العباس ليناظرهم. وتتضارب ها هنا الروايات، هل استطاع ابن عباس أن يرد على ما أبدوه من حجج فأقنعهم فدخل عدد منهم الكوفة ؟ أم لم يقنعهم وحينئذ لم ينجح في ردهم إليها ؟ غير أن الثابت أن الإمام عليَّاً قدم عليهم بنفسه فيما بعد، ويبدو من غالب الروايات أن أهل حروراء فهموا من الإمام علي تراجعه عن إنفاذ التحكيم وقبوله استئناف القتال مع أهل الشام، وأنهم لهذا السبب أجابوه إلى ما أراد من دخولهم جميعاً الكوفة معه، ويؤيد هذا أنهم لما دخلوا الكوفة أشيع أن الإمام علياً رجع عن التحكيم، وأنه إنما يعد العدة لمعاودة قتال الفئة الباغية. فلما بلغ علياً ذلك خطب الناس بقوله: "كذب من قال إني رجعت عن القضية وقلت إن الحكومة ضلال"، فكان ذلك بداية لفصام جديد حيث صار المحكّمة يعترضون على الإمام علي في خطبه مرددين "لا حكم إلا لله". وازدادت المعارضة شدة، الأمر الذي أدى بالإمام علي إلى عدم إنفاذ أبي موسى الأشعري إلى مكان التحكيم في الوقت المحدد له وظلت المحاورات والمجادلات بين الإمام علي وبين المحكّمة، وبينه وبين الأشعث بن قيس ومن معه إذ كان يصر الأشعث على التحكيم ويلح على الإمام علي في قبوله. وفي محاولة أخيرة من المحكّمة أقبل وفد منهم إلى الإمام علي لثنيه عن إجابة معاوية إلى مراده. ويبدو أن ذلك اللقاء كان حاسماً، حين عرفوا منه إصراره على موقفه وعزمه على إنفاذ أبي موسى للقاء عمرو بن العاص.
    عندئذ انطلق هذا الوفد ومعهم أصحابهم ممن يرى رأيهم، فاجتمعوا في منزل عبدالله بن وهب الراسبي وعزموا على الانفصال، ثمّ عرضوا الإمامة على وجوههم فتدافعوها ولم يرض بها أحد منهم، وأخيراً قبلها عبدالله بن وهب قائلاً: "هاتوها، أما والله لا آخذها رغبة في الدنيا، ولا أدعها فَرَقاً من الموت"
    بعد أن تمت البيعة اجتمعوا في منزل شريح بن أوفى، فأشار عليهم بالتوجه إلى المدائن، إلا أن زيد بن حصن الطائي نصحهم عنها خشية أن يمنعهم من دخولها سعد بن مسعود الثقفي والي علي عليها، ثمّ اجتمع رأيهم على التوجه إلى النَّهروان، وكاتبوا إخوانهم من أهل البصرة يعلمونهم بما اتفقوا عليه، ويستنهضونهم للحاق بهم، ثمّ خرجوا إلى النهروان وحداناً مستخفين لئلا ترى لهم جماعة فيتبعوا، في أثناء ذلك كان علي قد وجه أبا موسى الأشعري إلى أذرح للقاء عمرو بن العاص، واجتمع الحكمان في جمع من أصحابهما لإصدار الحكم في القضية. وتتضارب الروايات بشأن ما جرى بين الحكمين في ذلك اللقاء وما أسفر عنه التحكيم؛ فعلى حين تؤكد روايات عدة أن عمرو بن العاص خدع أبا موسى إذ ولى معاوية الخلافة بعد أن خلع أبو موسى عليّاً، نجد بعض الروايات تبين أن كليهما عزلاً عليّاً ومعاوية وتركا الأمر شورى. وتفيد كل الروايات أنهما تفرقا ولم يصلا إلى حل يرضي الطرفين.
    بيد أننا نلاحظ أن ما افترق عليه الحكمان كان مفاجئاً للإمام علي وأصحابه، مما جعله يجمع جنده من جديد متجهاً إلى الشام لاستئناف القتال. وبعث إلى أهل النهروان يعلمهم بما أسفر عنه التحكيم ويدعوهم إلى الدخول معه لمواصلة قتال معاوية وأصحابه. ولكنهم ردوا عليه برفض الانضمام إليه فأيس منهم وتركهم ومضى إلى أهل الشام حتى بلغ النخيلة فعسكر بها.
    عند ذاك أقبلت جماعة من أهل البصرة ممن ينكرون التحكيم ليلحقوا بأصحابهم في النهروان يقودها مِسْعَر بن فَدَكي التميمي فلقوا في طريقهم عبدالله بن خباب بن الأرت فقتله مسعر بعد حوار معه بيّن فيه تصويبه لعلي بن أبي طالب، ثمّ اتجهوا إلى النهراون.
    بلغ الإمام علياً نبأ مقتل عبدالله بن خباب فقرر بعد إلحاح من الأشعث بن قيس وكثير من جيشه أن يحول وجهته إلى النهروان بدلاً من أهل الشام مطالباً إياهم بدم عبدالله بن خباب.
    وتورد بعض الروايات أن علياً طالب أهل النهروان أن يسلموه القتلة وأنهم قالوا: "كلنا قتلته"، إلا أننا نجد - في المقابل - من الروايات ما ينفي عن أهل النهروان أنهم ارتضوا مسلك مسعر بن فدكي في الاستعراض والتقتيل أو سمحوا له بالبقاء في صفوفهم.
    ومع ذلك فإننا نرى الإمام عليّاً -كرم الله وجهه - زحف بجيشه إلى النهروان، فجرت هنالك معركة فاصلة قتل فيها معظم أهل النهروان، ولم ينج منهم إلا القليل) الخوراج والحقيقة الغائبة مبحث أهل النهروان
    وراجع كتاب التاريخ للطبري، والكامل لابن الأثير، والبداية والنهاية لابن كثير.

  • #2
    سعيكم مشكور وندعوا من الله ان يصلحك
    اما النشر اعتقد احتفظ به لنفسك ليحسدوك عليه

    تعليق


    • #3
      هذا ما تذكره كتب التاريخ أو أغلبها –باختصار ومع اقتضاب عدة أحداث رأيت ألا داعي لذكرها-، ويظهر التناقض الواضح الجلي في هذه الأحداث، إذ يرغمون عليا في البداية على قبول التحكيم، ثم لا يقرأ عليهم الكتاب إلا وأنكروا التحكيم، كما يظهر هنا الجهل الواضح الذي لا يتناسب مع القراء –وهي لفظة كانت تطلق على العلماء في الزمان الأول-.
      وإليك مقاطع من مبحث الشيخ الدكتور ناصر السابعي في كتابه "الخوارج والحقيقة الغائبة" التي ناقش فيها الملابسات أعلاه:
      (تشير بعض الروايات إلى أن الإمام عليّاً كان ينحي باللائمة على أهل حروراء في كونهم أصروا على وقف القتال وأرغموه على قبول التحكيم. وثمة من الروايات ما يؤكد نسبة هذه المقولة إلى الإمام علي، فقد روي أن جماعة ومعهم عصابة من (القراء الذين صاروا خوارج من بعد) جاءوا إلى الإمام علي حين رفعت المصاحف فقالوا له: يا علي أجب إلى كتاب الله عز وجل إذ دعيت إليه، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم أو نفعل بك كما فعلنا بابن عفان، إنه علينا أن نعمل بما في كتاب الله عز وجل فقبلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك".
      غير أن من الواضح وجود ما يناقض هذه الرواية المتضمنة كون كل أهل حروراء كانوا ممن وافق على وقف القتال أو دعوا إليه، يقول أبو وائل شقيق بن سلمة: "كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل إلى علي بمصحف وادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك، فجاء به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله { ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون }، فقال علي: نعم، أنا أولى بذلك، بيننا وبينكم كتاب الله، قال: فجاءت (الخوارج) ونحن ندعوهم يومئذ القراء وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما ينتظر هؤلاء القوم الذين على التل، ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم... ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفاً..."
      وإذا تتبعنا الأحداث التي بدأت من رفع المصاحف إلى الاعتزال إلى حروراء نلاحظ ما يؤيد أن أهل حروراء لم يتخلوا عن مبدئهم الذي انتهجوه، وذلك ضمن السلسلة الآتية.
      1- معارضتهم للتحكيم ابتداءً من وقف القتال، روى البلاذري: "لما رفعت المصاحف اختلف أهل العراق فقالت طائفة منهم كرهت القتال: أجِبنا إلى كتاب الله، وقالت طائفة: ألسنا على كتاب الله وبيعتنا وطلب الحق، فإن كانت ها هنا شبهة أو شك فلم قاتلنا".
      ورواية أبي وائل السابقة والرواية التالية تبينان أمر هاتين الطائفتين.
      2- روى البلاذري أنه "لما اجتمع علي ومعاوية على أن يحكِّما رجلين اختلف الناس على علي، فكان عظمهم وجمهورهم مقرين بالتحكيم راضين به وكانت فرقة منهم - وهم زهاء أربعة آلاف من ذوي بصائرهم والعباد منهم - منكرة للحكومة، وكانت فرقة منهم - وهم قليل - متوقفين، فأتت الفرقة المنكرة علياً فقالوا: "عد إلى الحرب… ففارقوه ومضى بعضهم إلى الكوفة قبل كتاب القضية، وأقام الباقون معه على إنكارهم التحكيم ناقمين عليه يقولون: لعله يتوب ويراجع...".
      3- ضرب عروة بن أدية دابة الأشعث حين مروره بكتاب التحكيم يقرؤه على القبائل وتعالت النداءات من كل جانب قائلة "لا حكم إلا لله".
      4- ما مر من مجيء جماعة من جيش الإمام علي إليه تطلب منه استئناف القتال.
      5- تخاصم أصحاب علي في طريق عودتهم إلى الكوفة "ولقد أقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط يقول (الخوارج): يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله عز وجل وحكمتم، وقال الآخرون: فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا".
      وبناءً على هذه الأحداث المتسلسلة فإن من المرفوض أن يكون الذين ضغطوا على الإمام علي - كرم الله وجهه - لقبول التحكيم هم الذين أنكروه عليه فيما بعد في تلك الفترة الوجيزة، والمفارقة - هنا - أن أهل حروراء بنوا انشقاقهم على رفض التحكيم، وإذن فإنه ليس ممكناً - كما يقول د. هشام جعيط - القبول بالرواية القائلة إن القراء نواة المذهب الخارجي المقبل (على حد تعبيره) هم الذين أكرهوا علياً على القبول بوقف القتال، وهذا هو الذي توصل إلى تقريره كثير من الباحثين.
      يؤكد د. محمود إسماعيل أن انفصال أهل حروراء عن الإمام علي كان لرفضهم مبدأ التحكيم من أساسه حيث يقول: "والذي نستخلصه في النهاية براءة القراء الذين صاروا فيما بعد خوارج من مسؤولية التحكيم انطلاقاً من موقف سياسي وديني في آنٍ واحد جعلهم يثورون رفضاً له لا رغبة فيه"، ويدعم وجهة نظره برسالة علي إلى أهل النهروان "...فهلموا نعطيكم الرضا ونرجع إلى الأمر الأول الذي طلبتموه مني ونقاتل عدونا حتى يحكم الله بيننا، والله خير الحاكمين".
      كما يبني أحمد سليمان معروف نفيه لأن يكونوا شهروا سيوفهم في وجه الإمام علي وأرغموه على وقف القتال وقبول مبدأ التحكيم وفرضوا عليه أبا موسى الأشعري على أنهم لم يكونوا بعد قد شكلوا قوة جماعية ضاغطة لها رأي موحد، بل ما زالوا أفراداً لهم آراء شتى لا ينظم بينهم ناظم إلا بعض الخواطر المشتركة والتي لم تصل بعد إلى حد الإجماع.
      ولعل من المفاجئ أن نجد في ثنايا كلام الإمام علي نفسه تبرئة لمنكري التحكيم الأولين من تلبسهم بشيء من المساعي فيه، فإنه -كرم الله وجهه- لما ظهرت نتيجة التحكيم بعد أن خرج معارضوه إلى النهروان قام بالكوفة خطيباً فكان من قوله: "... أما بعد فإن المعصية تورث الحسرة وتعقب الندم، وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وفي هذه الحكومة أمري ونحلتكم رأيي لو كان لقصير أمر، ولكن أبيتم إلا ما أردتم، فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن:
      أمرتهم أمري بمنعرج اللوى……فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغدِ
      ألا إن هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن..." وجلي أن خطابه كان لأهل الكوفة وهم غير معارضي التحكيم، وفيه إلقاء اللوم عليهم بكونهم خالفوه في أمر الحكومة وإصرارهم عليها وخالفوه في الحكمين اللذين اختاروهما، ثم كتب إلى أهل النهر: "... أما بعد فإن هذين الرجلين اللذين ارتضينا حكمهما قد خالفا كتاب الله... فإذا بلغكم كتابي هذا فأقبلوا فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم، ونحن على الأمر الأول الذي كنا عليه.." وفي رواية "...فهلموا نعطيكم الرضا ونرجع إلى الأمر الأول الذي طلبتموه مني..." ، وفي رواية: "فقد جاءكم ما كنتم تريدون وقد تفرق الحكمان على غير حكومة ولا اتفاق فارجعوا إلى ما كنتم عليه فإني أريد المسير إلى الشام". وفي هذه النصوص ما يغني عن التعليق.
      هذا، ويعلل د. الهلابي تحميل (القراء الذين صاروا خوارج) مسؤولية وقف القتال والتحكيم ونتائجه الفاشلة بقوله: "أدرك الكوفيون أن قبول التحكيم كان كارثة للخليفة علي وأهل العراق. والخليفة كانت سلطته أصلاً على قبائل العراق ضعيفة، وازدادت ضعفاً بقوة الأشعث وانشقاق جيش أهل العراق، ثم حدثت المواجهة العسكرية بين شطري الجيش وانتهت باستئصال الفئة المنشقة في الميدان، لكن مبادئهم وأفكارهم زادت انتشاراً وآمن بها ناس كثيرون وخرجوا من أمصارهم فأصبحوا خطراً على أهل هذه الأمصار، ثم أخذت المآسي تتوالى حتى وصلت قمتها باغتيال الخليفة علي على يد أحد الخوارج، ثم توحدت الأمة الإسلامية مرة ثانية تحت قيادة معاوية وخلفائه من بني أمية، وبذلك تحولت الكوفة وأهلها إلى مصر تابع لأهل الشام يرسل لها الأمويون ولاة مستبدين مثل زياد وابنه عبيدالله والحجاج لقمع شوكتهم، وأصبحت الكوفة مركزاً للمعارضة ومفرخة للثورات ضد الأمويين، ليس هذا فحسب بل إن ضربات الخوارج الموجعة كانت أشد إيلاماً من قمع الأمويين ولم يكتف الخوارج بالضربات المسلحة بل كانوا يعيرونهم بالتكالب على الدنيا وبالنفاق والكفر. كانت هذه الظروف التي تعيشها العراق وخصوصاً الكوفة في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وكانت نتيجة لقبول التحكيم في صفين، فما أحرى الرواة الكوفيين - إذن - أن يحملوا المسؤولية أعداءهم الخوارج ويتخلصوا منها من ناحية ويجعلوا دعوى الخوارج تناقض نفسها؛ فهم الذين أجبروا عليّاً على قبول التحكيم وهم الذين ثاروا عليهم بسبب قبولهم التحكيم"
      ولئن كان د.جعيط يحتمل أن تكون جماعة من القراء موافقة في البداية على وقف المعارك وأن تكون انضمت فيما بعد إلى أهل حروراء،فإن الدكتور الهلابي -كما مر قريباً - والدكتور محمود إسماعيل ينفيان أن يكون للقراء دور في الضغط على الإمام علي لقبول التحكيم، يقول د. محمود: "والذين نؤكده أن الأقلية الرافضة كانت تشمل جماعة القراء". ولهذا أعطى د. جعيط فسحة لاحتمال أن يكون جميع القراء عارضوا وقف المعارك.
      ويؤيد هذا الرواية التالية: "فلما سمع علي قول الأشعث ورأى حال الناس قِبَل القضية وأجاب إلى الصلح قام إلى علي أناس وهم القراء منهم عبدالله بن وهب الراسبي في أناس كثير قد اخترطوا سيوفهم ووضعوها على عواتقهم، فقالوا لعلي: اتق الله فإنك أعطيت العهد وأخذته منا لنفنين أنفسنا أو لنفنين عدونا أو يفيء إلى أمر الله...".
      ورواية أبي وائل السابق ذكرها مؤكدة لهذه الرواية، لأن فيها أن الذين أنكروا على علي قبوله وقف القتال هم القراء. وبهذا نعلم أن الرافضين للتحكيم ابتداءً إنما هم القراء.

      تعليق


      • #4
        غير أنه بناء على كون أهل حروراء مؤلفين من القراء وغيرهم فإن من المحتمل أن يكون من غير القراء - ممن كان موافقاً على وقف القتال - من انضم إلى أهل حروراء حين الاعتزال، إذ نجد رواية البلاذري تجعل عدد المعترضين على التحكيم في صفين أربعة آلاف، ونجد أيضاً عدد أهل حروراء أكثر من ذلك، حيث تجعلهم معظم الروايات اثني عشر ألفاً، ويوصله بعضها إلى أربعة وعشرين ألفاً. ومعنى هذا أن كثيراً ممن قبلوا فكرة التحكيم ابتداءً قد اقتنعوا فيما بعد برأي المعارضين. ولا ننسى أنهم كانوا يعيرونهم -في طريقهم إلى الكوفة - بأنهم أدهنوا في أمر الله، وحينئذ فإن من المقبول أنهم كانوا يشرحون موقفهم بدءاً من كتابة كتاب التحكيم إلى حروراء الأمر الذي يفيد أنهم استطاعوا أن يكسبوا أنصاراً لهم، بالإضافة إلى رواية البلاذري السابقة القائلة بأن هنالك فرقة متوقفة، ولا مانع -حينئذ- من انضمامها أو بعض أفرادها إلى أهل حروراء. وهذا ما توضحه رواية الشماخي، أن الناس لما رجعوا إلى العراق "قبل كثير منهم الحق ورجع إليه"، ورواية البرّادي "حتى انتهى القوم إلى الكوفة ثمّ سار الذين كرهوا الحكومة بصفين وخالفوا عليّاً على تحكيمه الحكمين وحكموا الله في أنفسهم إلى من كان من إخوانهم مع علي فناظروهم ودعوهم إلى تحكيم الله وخلع ما سواه ... فعرفوا من ذلك ما عرفوهم فرجعوا إليهم ونزلوا حروراء وخرجوا معهم". يقول ابن كثير: "وقد يكون واطأهم على مذهبهم آخرون من غيرهم حتى بلغوا اثني عشر ألفاً أو ستة عشر ألفاً"، وهذا - تالياً - ينفي اللوم عن الفئة التي رفضت التحكيم في صفين، إذ إنه من غير اللائق بالإمام علي أن يوبخ من أنكر التحكيم بما لم يلتبسوا به"، لهذا يحتمل أن يكون علي قد توجه إلى هوامش الحركة أولئك الذين مالوا إليها بعد ذلك لكي يذكرهم بدورهم في صفين".
        وإذن فإن الرواية المتسقة مع هذه الأحداث هي رواية البرّادي، أن الإمام عليّاً لما أقبل على أهل حروراء إثر رجوع ابن عباس من عندهم" وسمع (أي علي) مخاصمتهم له أقبل على قوم كانوا ممن ولي أمر معاوية بصفين فاستنقذهم الله بإخوانهم من المسلمين بعدما قدموا الكوفة فقال لهم علي: ألستم تعلمون أن القوم دعونا إلى كتاب الله فأتيتموني فقلتم لا نقاتل قوماً دعونا إلى كتاب الله فقلت لكم إن هذا من القوم خديعة…". ويؤكد هذه الرواية رواية البلاذري أن علياً لما حاجهم قالوا له: "إنما قلت لنا ما قلت وقد تاب إلى الله من كان منا مائلاً إلى الحكومة". وفي "السير" للشماخي: "عرفنا إخواننا الحق فتبنا". وحينئذ فمن الطبيعي أن يعاتب الإمام علي من كانوا معه على وقف القتال ثمّ تركوه إلى رأي المعارضين. ولعل وجود طائفة في صفوف أهل حروراء كانت من قبل تؤيد وقف القتال هو الذي سوّغ - بعد فترة من الزمن- لأن تسحب فكرة (القراء الذين أجبروا عليّاً على قبول التحكيم ثمّ صاروا خوارج بعد ذلك) على جميع أهل حروراء.
        هذا، وتتفق كثير من الروايات على أن أهل حروراء طلبوا من الإمام علي إعلان توبته عن التحكيم بعد أن أعلنها من كان مائلاً إليه فقال كرم الله وجهه: "أستغفر الله وأتوب إليه" . وعلى إثر ذلك دخلوا كلهم الكوفة.
        وهذا يفسر الروايات التي تقول بأن عليّاً كلمهم حتى أجمعوا هم وهو على الرضا فرجعوا حتى دخلوا الكوفة على الرضا منه ومنهم. وهو السبب الذي يمكن من خلاله توجيه دخول أهل حروراء الكوفة إثر المناظرة لأنهم دخلوها "وهم يظهرون التحكيم"، ولأنهم "رفضوا فكرة التحكيم من أساسها ولم يكن ثمة ما يدفعهم إلى قبولها مشروطة، وهو أمر يتفق وصرامتهم في الدين وبغضهم لألاعيب السياسة وحيلها، ولأن الخلاف ما لبث أن احتد بين الطرفين من جديد قبل ظهور نتيجة التحكيم"، وذلك بعدما عرفوا من الإمام علي عودته ثانياً إلى التمسك بفكرة التحكيم.
        وبهذا يمكن الجمع بين الروايات التي تقول بأن أهل حروراء حجوا ابن عباس والروايات التي تقول بأنه لما حاجهم رجع قسم منهم تائبين بأن التوبة صدرت من قبل الذين كانوا قبلوا فكرة التحكيم أولاً، وهذه التوبة عن قبول التحكيم لا عن معارضته، بدليل قولهم: "وقد تاب إلى الله من كان منا مائلاً إلى الحكومة" وقولهم: "عرفنا إخواننا الحق"، وتكون تلك الروايات الأخيرة قد تخطت الفترة من رد أهل حروراء على ابن عباس ثمّ مجيء علي إليهم في حروراء وما جرى فيها من النقاش بينهم وبينه لتقفز من رد ابن عباس على حجج أهل حروراء إلى إعلان بعضهم التوبة من قبول التحكيم أمام الإمام علي كرم الله وجهه في حروراء. ويرجح الاقتضاب في هذه الروايات أن فيها أن فرقة من أهل حروراء دخلوا الكوفة وأنهم "قتل سائرهم" خلافاً لما ثبت أنهم دخلوها من عند آخرهم، ثمّ توجه فريق منهم إلى النهروان فقتل جلهم هنالك.
        ولعل الإمام عليّاً أراد أن يتألف قلوب أهل حروراء وأن يجمع أفراد جيشه كلهم تحت رايته، "وحاول -كما يقول شارح نهج البلاغة- أن يسلك معهم مسلك التعريض والمواربة فقال لهم كلمة مجملة مرسلة يقولها الأنبياء والمعصومون وهي قوله: أستغفر الله من كل ذنب، فرضوا بها وعدوها إجابة لهم على سؤالهم وصفت له -عليه السلام- نياتهم، واستخلص بها ضمائرهم من غير أن تتضمن تلك الكلمة اعترافاً بكفر أو ذنب". فكان من سياسته أن أظهر لهم الميل إلى رأيهم، وذلك منه ليحسم الشقاق ويرأب الصدع ويسد الثلمة ثمّ ليفعل الله ما يريده من الخير لعباده، ولهذا نجد عند الطبري أن عليّاً لما قال له أهل حروراء: "فخبرنا عن الأجل لم جعلته بينك وبينهم؟" قال: "ليعلم الجاهل ويتثبت العالم ولعل الله عز وجل يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة، ادخلوا مصركم رحمكم الله" فدخلوا من عند آخرهم.
        أما الحديث عن نتائج التحكيم فإننا لا نجد أهل النهروان يولونه أهمية أو يرتبون عليه أمراً، لأنهم يرفضونه من أساسه، وإذن فإن نتائجه كلها غير مغيرة في الأمر شيئاً، إذ نلاحظ أنهم اعتزلوا الإمام عليّاً إلى حروراء لموافقته على التحكيم ثمّ انفصلوا إلى النهروان حين تأكدوا من عزمه على إنفاذ أبي موسى ولم ينتظروا ما يسفر عنه لقاء الحكمين. والأهم من ذلك مبايعتهم لعبدالله بن وهب الراسبي قبل لقاء أبي موسى وعمرو بن العاص، فإنها مبنية على قبول التحكيم، يقول د. هشام جعيط عن التحكيم عند حديثه عن خروج أهل النهر: "وليس من الوارد ربطه بنتائج هذا الفعل، لأن التحكيم كتحكيم - مبدئياً ومهما تكن نتيجته -لم يكن مرفوضاً من قِبَلهم وحسب، بل كان في أساس حركتهم بالذات".
        ويؤكد ذلك أيضاً رسالة عبدالله بن وهب الراسبي إلى علي: "...وبلغنا كتابك تذكر فيه أن الحكمين نبذا كتاب الله وراء ظهورهما وحكما بغير ما أنزل الله، وقد علمنا - فالحمد لله - أن أمرهما كان مخالفاً للحق من أوله، وأنت بتحكيمك إياهما أعظم جرماً منهما...". وهذا صريح في كونهم يعدون التحكيم المترتب على وقف القتال جرماً وخطيئة وذنباً، وأصرح منه قول حرقوص بن زهير لعلي: "تب من خطيئتك" وقوله له: "إن ذلك ذنب ينبغي لك أن تتوب منه". لكن لا بد من التأكيد على أن أهل النهروان لم يروا مجرد القبول بالتحكيم يوجب خلع الإمام علي، بل إنهم راجعوه وكرروا مناقشتهم له، فلما رأوه مصرّاً على رأيه عازماً عليه غير راجع عنه حينئذٍ نصبوا عبدالله بن وهب الراسبي إماماً.
        غير أننا يستوقفنا في هذا الصدد أمران:
        الأول: احتجاج أهل حروراء على ابن عباس - ضمن ما خاصموه به - بأن عمرو بن العاص غير عدل مع أن الآية اشترطت العدالة في الحكمين، كما أن أبا موسى كان يثبط الناس عن علي.
        الثاني: ورد عن أهل النهروان قولهم لقيس بن سعيد الذي أرسله إليهم علي: "ألم يخلعه وكيله".
        ويفيد كلا الأمرين أن حجة معارضي التحكيم غير محصورة في خطأ فكرة التحكيم، بل ينضم إليها اختلال بعض شروط الحكمين والنتيجة التي توصلا إليها.
        أما الأمر الأول فالظاهر أنهم أرادوا مجابهة ابن عباس وإسقاط دليله وبيان نقاط الخلل في حجته، لا على أنهم يجيزون التحكيم أن لو كان عمرو في نظرهم عدلاً، ذلك أنهم نفوا رضاهم عن التحكيم بما سبق ذكره من الاستدلال بآية قتال البغاة. وأما الأمر الثاني فلعله من باب إلزام الخصم بما يلتزمه، وقد التزم علي في صحيفة التحكيم بقبول النتيجة، إذ إن قبول التحكيم ونتيجته يمثلان في نظرهم أمراً واحداً، ولذلك أوردوه ضمن ما احتجوا به على سلامة موقفهم. وعلى الرغم من إبائهم العودة إلى الإمام علي بعد إعلان نتيجة التحكيم فقد شرطوا عليه للوصول إلى وفاق معه توبته عن موقفه ولم يكترثوا بكونه تم خلعه عن الخلافة من قبل الحكمين، سواء على الروايات التي تقول بأن أبا موسى وعمراً خلعا عليّاً عن الخلافة ومعاوية عن ولاية الشام أو الروايات التي تبين أن أبا موسى خلع علياًّ بينما خدعه عمرو فولى معاوية.
        والذي يبدو أن موقف مناهضي التحكيم الذي امتد إلى النهروان هو رفض التحكيم بكل عناصره، وقوّى موقفهم انتفاء صفة الشرعية عنه فيما يلي:
        أ- موضوع التحكيم، فإنه غير معين ولا واضح، ولكنه جرى في النهاية في موضوع لا علاقة له بأسباب القتال الظاهرة.
        ب- الحَكَمان، فإن عمرو بن العاص غير عدل حسب رأيهم، أما أبو موسى فإنه لا يمثل وجهة نظر الإمام علي لأنه لم يشترك معه في القتال، بل كان منعزلاً، "وكان منحرفاً عن علي لأنه عزله ولم يستعمله"، "فلم يزل واجداً منها على علي" على حد تعبير ابن عبد البر، وكان أبو موسى يخذل الناس عن علي بالكوفة وينهاهم أن يخرجوا معه، بل ورد عنه نفسه قوله: "ما ينبغي لقوم اتهموني أن يرسلوني لأدفع عنهم باطلاً أو أجر إليهم حقّاً". فهو على أحسن تقدير محايد، أي غير متحمس للفكرة التي صار موكلاً بها حماس عمرو بن العاص لفكرة موكله.
        جـ- الحُكْم، وهو النتيجة التي أصدرها الحكمان، وما يهم من ذلك الحكم عزل الإمام علي عن الخلافة، الأمر الذي سوّغ لأن توصف حادثة التحكيم بأنها مهزلة.
        كل هذه الأمور عززت من موقف معارضي التحكيم، فلو تمسكوا فقط بنتيجته لكان لهم عذرهم المقبول. على أننا يجب أن لا نغفل عن أن إصرارهم على استمرار القتال إنما كان لصالح الإمام علي نفسه، وقبول التحكيم يشكك في عدالة قضيته، ولهذا كان من قول أهل حروراء له: "دعوتنا إلى كتاب الله والعمل به فأجبناك وبايعناك، وقد قتلت في طاعتك قتلانا يوم الجمل وصفين، ثمّ شككت في أمر الله وحكمت عدوك ونحن على أمرك الذي تركت وأنت اليوم على غيره...".
        والحقيقة أن التبرم والاستياء من فكرة التحكيم لا يختص به أهل حروراء، بل نجد ذلك فيمن لم يكن في صفين، فهناك من يقول: "والله ما صنع علي شيئاً، ذهب ثمّ انصرف في غير شيء". وإجابةً على سؤال من علي وهو في طريقه إلى الكوفة: "خبرني ما تقول الناس فيما كان بيننا وبين أهل الشام" يقول أحدهم: "فيهم المسرور فيما كان بينك وبينهم، وأولئك أغشاء الناس، وفيهم المكبوت الآسف بما كان من ذلك، وأولئك نصحاء الناس لك". وسؤال آخر يطرحه الإمام علي على عبدالله بن وديعة الأنصاري: "ما سمعت الناس يقولون في أمرنا؟" قال:" منهم المعجب ومنهم الكاره له كما قال عز وجل: { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك } ، فقال له علي: "فما قول ذوي الرأي فيه؟" قال: "أما قولهم فيه فيقولون إن عليّاً كان له جمع عظيم ففرقه وكان له حصن حصين فهدمه، فحتى متى يبني ما هدم، وحتى متى يجمع ما فرق، فلو أنه كان مضى بمن أطاعه - إذ عصاه من عصاه - فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذاً لكان ذلك الحزم".
        ولا ريب أن مواصلة القتال كان هو الأمر المحمود، فإن عليّاً نفسه كان يرى رفع المصاحف خدعة، وكان معارضاً لوقف القتال في بداية الأمر، وكذلك كثير من قادة جيشه. ولهذا فليس عجيباً أن يقال عن الفرقة المنكرة للتحكيم بأنهم "من ذوي البصائر". وقد نقل عن الحسن البصري قوله: "إن القوم نعسوا نعسة في دينهم"، وهو تعبير ينم عن الركون الذي ركنه أغلب أصحاب الإمام علي عندما ملوا القتال وأحبوا الدعة والراحة.
        والذي دعا الإمام عليّاً إلى قبول التحكيم نزوله عند رأي الجمهور وخشية زيادة الفرقة في جيشه. وثمة ما يدل على أن عليّاً قد ألجئ إلى وقف القتال، يقول ابن عباس: "إن أهل العراق ملُّوا السيف وجزعوا منه جزعاً لم يجزعه أهل الشام واختلفوا بينهم، فخاف علي لما رآى من وهنهم أن ينكشفوا عنه ويتفرقوا عنه فمال إلى القضية... ولو كان معه من يصبر على السيف لكان الفتح قريباً". لأجل هذا فمن الصعب التصديق بالرواية القائلة بأن عليّاً هم بالإقدام على أهل الشام لإعادة الحرب، لكنه أحجم خشية على ولديه أن يهلكا فينقطع بذلك نسل محمد - صلى الله عليه وسلم -.
        على أن الإمام عليّاً أحس بخطئه ورأى قبول التحكيم منافياً للحزم والكياسة عندما رأى تفرق جيشه وتباغضهم واختلافهم، وذلك حين رجوعه من صفين فرأى الفرقة دبت في أصحابه فقال:
        لقد عثرت عثرة لا أعتذر……سوف أكيس بعدها وأستمر
        وأجمع الأمر الشتيت المنتشر
        وقد استظهر الآمدي من هذا الرجز أن عليّاً "أخطأ في التحكيم".

        تعليق


        • #5
          وأما ما يتعلق بموقف الإمام علي النهائي من التحكيم فإنه كان يرى أنه أعطى أهل الشام عهداً لا يحل له نقضه وعليه الوفاء به، خاصة بعد أن أرسل إليه معاوية يذكره بما تعاهدا عليه. وربما رأى في الوقت ذاته أن يعمل برأي الأغلبية من أصحابه. ولعله أيضاً لم يكن مقتنعاً بما أبداه أهل حروراء من أدلة، ولهذا لم يسلم بأن التحكيم ذنب. على أنه -كرم الله وجهه- كان لا يشك في أن نتيجة التحكيم ستكون لصالحه بناءً على الشرط بأن يحكم الحكمان بكتاب الله. بينما كان معارضو التحكيم يقولون له: "إن معاوية يدعي مثل الذي تدعي".
          وظل علي - إذن - متمسكاً بوجهة نظره، كما كان معارضو التحكيم متمسكين بموقفهم إلى أن فارقوه إلى النهروان. وبناءً على إشكالية اتهام أهل النهروان بمقتل عبدالله بن خباب بن الأرت جرت بينهم هنالك معركة النهروان الفاصلة التي قُتل فيها معظم أهل النهروان.) ا.هـ

          هذا عن إرغام علي على التحكيم، أما عن نسبة الاستعراض –وهو يعني القتل بلا وجه شرعي يبيحه- لأهل النهروان، وحادثة مقتل عبدالله بن خباب والمسرحية الهزلية التي حدثت في تلك الحادثة، فإليكها:

          (وقد كثرت نسبة هذا الفعل إلى أهل النهروان، وكثر التركيز على أنه السبب المباشر لمعركة النهروان بين جملة من معارضي التحكيم وبين الإمام علي. ففي الروايات أن عليّاً لم يستحل قتالهم حتى قتلوا عبدالله بن خباب. وكان يقول لهم وهم في الكوفة: "إنا لا نمنعهم الفيء ولا نحول بينهم وبين دخول مساجد الله ولا نهيجهم ما لم يسفكوا دماً وما لم ينالوا محرماً". كما كان يمتنع من قتالهم "حتى يريقوا الدماء ويقطعوا السبيل ويخيفوا الأمن".
          ورغم ما ينسب إليهم من الاستعراض وأنهم اتخذوا ذلك منهجاً في التعامل مع مخالفيهم إلا أن المثال الهام الذي أخذ منه ذلك الحكم العام هو حادثة مقتل عبدالله بن خباب بن الأرت. والسؤال الذي يتبدى على الساحة ها هنا: هل كان أهل النهروان حقاً راضين عن مقتل عبدالله بن خباب؟ وهل قالوا جميعاً: كلنا قتله، ليترتب عليه أنهم إن لم يقتلوه أو يرضوا بقتله فقد حموا القاتل كما يقول الأستاذ أحمد جلي؟


          حادثة مقتل عبدالله بن خباب:

          سبق أن أهل النهروان كتبوا إلى إخوانهم من أهل البصرة يستنهضونهم للحاق بهم. وتتفق المصادر على أن أهل البصرة اجتمعوا في خمسمائة رجل أو ثلاثمائة وجعلوا عليهم مسعر بن فدكي التميمي ثم اتجهوا إلى النهروان. كما يتفق كثير منهما على أن مسعراً هو الذي قتل عبدالله بن خباب. وتختلف الروايات في بيان تفاصيل الحادثة، ففي بعض الروايات المقتضبة أن مسعراً "أدلج بأصحابه وأقبل يعترض الناس وعلى مقدمته الأشرس ابن عوف الشيباني وسار حتى لحق بعبدالله بن وهب بالنهر". وتضيف رواية أخرى تفصيلات أخر: "أنهم دخلوا قرية فخرج عبدالله بن خباب صاحب رسول الله ذعراً يجر رداءه فقالوا:لم ترع، فقال: والله لقد ذعرتموني، قالوا: أأنت عبدالله بن خباب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، فسألوه عن حديث... قال: نعم، قال: فقدموه على ضفة النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل وبقروا بطن أم ولده عما في بطنها".
          أما الرواية الأكثر تفصيلاً فتقول:
          "إن الخارجة التي أقبلت من البصرة جاءت حتى دنت من إخوانها بالنهر فخرجت عصابة منهم فإذا هم برجل يسوق بامرأة على حمار، فعبروا إليه فدعوه فهددوه وأفزعوه وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا عبدالله بن خباب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ أهوى إلى ثوب يتناوله من الأرض - وكان سقط منه لما أفزعوه - فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم، قالوا له: لا روع عليك، فحدثنا عن أبيك بحديث سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعل الله ينفعنا به. قال: حدثني أبي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أن فتنة تكون يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه، يمسي فيها مؤمناً ويصبح فيها كافراً، ويصبح فيها كافراً ويمسي فيها مؤمناً" فقالوا: لهذا الحديث سألناك، فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيراً. وقالوا: ما تقول في عثمان في أول خلافته وفي آخرها؟ قال: إنه كان محقاً في أولها وفي آخرها. قالوا: فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال: إنه أعلم بالله منكم وأشد توقياً على دينه وأنفذ بصيرة. فقالوا: إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحداً فأخذوه وكتفوه ثمّ أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متم، حتى نزلوا تحت نخل مواقر فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فمه، فقال أحدهم: بغير حلها وبغير ثمن ؟ فلفظها وألقاها من فمه، ثمّ أخذ سيفه فأخذ يمينه، فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه بسيفه، فقالوا: هذا فساد في الأرض، فأتى صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيره، فلما رأى ذلك منهم ابن خباب قال: لئن كنتم صادقين فيما أرى فما علي منكم بأس، إني لمسلم ما أحدثت في الإسلام حدثاً، ولقد أمنتموني، قلتم: لا روع عليك، فجاؤوا به فأضجعوه فذبحوه، وسال دمه في الماء وأقبلوا إلى المرأة فقالت: إني إنما أنا امرأة، ألا تتقون الله، فبقروا بطنها.وقتلوا ثلاث نسوة من طيء، وقتلوا أم سنان الصيداوية.
          لغ ذلك علياً ومن معه من قتلهم عبدالله بن خباب واعتراضهم الناس فبعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم فينظر فيما بلغه عنهم ويكتب به إليه على وجهه ولا يكتمه، فخرج حتى انتهى إلى النهر ليسائلهم فخرج القوم إليه فقتلوه.
          من خلال ما تقدم يتبين لنا الآتي:
          1- أن مجال الشك في مقتل عبدالله بن خباب ضيق، لأن المصادر جميعها تثبت مصرعه في تلك الفترة الزمنية المحددة. ولذا فإن ما يثيره د. هشام جعيط اعتماداً على رواية ابن سعد بسنده إلى عبدالله بن عبدالله بن الحارث بن نوفل: سألت عبدالله بن خباب: متى مات أبوك قال: سنة سبع وثلاثين وهو يومئذ ابن ثلاث وسبعين سنة" من الصعب قبوله. يقول د. جعيط: "سؤال لم يكن من الممكن طرحه سنة 38هـ ولا قبل سنة 60 أو 70هـ"، مضيفاً إلى ذلك خبراً يرويه الطبري فيه تحديد وقت معركة النهروان، ويسكت هذا الخبر تماماً عن حكاية مقتل عبدالله بن خباب، ويذكر أنهم قتلوا رسل علي فحسب. ومع صعوبة تصديق كل أحداث قصة مقتل ابن خباب كقتل الخنزير ثمّ إرضاء صاحبه وأكل رطبة وعد ذلك من الفساد في الأرض الأمر الذي لا يتوافق مع مقتل رجل بريء، فليس ثمة مانع من أن يكونوا قتلوه بغياً وعدواً، لا سيما أن المصادر متفقة عليها.
          2- أن مقتل عبدالله بن خباب كان بعد وصول عبدالله بن وهب وأصحابه النهر.
          3- أن قتله كان من قبل عصابة انبثقت من الجماعة التي أقبلت من البصرة، وإذا كان عدد أفراد هذه الجماعة خمسمائة أو ثلاثمائة فإن تلك العصابة يكون عدد أفرادها أقل بكثير.
          هذا، وتورد بعض الروايات أن علياً طالب أهل النهروان أن يسلموه القتلة وأنهم قالوا: كلنا قتله. غير أن هنالك ما ينفي أن يكون مسعر قد بقي في صفوف أهل النهروان نظراً للجريمة التي ارتكبها، وما ينفي أن يكون أهل النهر اتخذوا مسلكه في الاستعراض منهجاً لهم، وذلك من خلال الآتي:
          أولاً: نجد في بعض الروايات أن علياً لما طالبهم بالقتلة خرج من أهل النهروان رجل. فمن هذا الرجل ؟ ولم خرج في تلك الساعة؟ ويروي كل من البلاذري والأشعري أن مسعر بن فدكي انضم إلى راية أبي أيوب الأنصاري في جيش علي قبل نشوب القتال في النهروان. بل يروي الأشعري أيضاً والمقدسي أن مسعراً انسحب إلى البصرة قبل القتال. ويتفق هذا مع رواية الشماخي القائلة بأن مسعر بن فدكي لما وصل إلى أهل النهروان أنكروا ما فعله وهموا بقتله وفر منهم وبرئوا منه فخرج يستعرض الناس. كما يروي ابن حزم موافقاً للشماخي أن مسعراً قدم إلى علي فاستأمنه ثمّ تاب. قال ابن حزم: "وكان يقطع الطريق ويستحل الفروج".
          كل هذا يؤكد براءة أهل النهروان من عمل مسعر وتحمل مسعر تبعة الجرم الذي ارتكبه، كما يؤكد عدم رضاهم عن مقتل ابن خباب، ولهذا يقول الأشعري بعدما أورد ما صنعه مسعر: "وبعض الخوارج يقولون: إن عبدالله بن وهب كان كارهاً لذلك كله وكذلك أصحابه". والأبعد من هذا ما تقوله بعض الروايات "فساروا حتى بلغوا النهروان، فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس قتلاً فقال أصحابهم: ويلكم ما على هذا فارقنا علياً".
          وبهذا يتبين أنه حتى الجماعة التي أقبلت من البصرة لم يرتضِ أكثرها عمل مسعر. وعليه فإن الاستعراض الذي نتج عنه مقتل ابن خباب وزوجته وبعض النسوة ورسول علي كان من عمل مسعر ولا علاقة لأهل النهروان به، خاصة بعد أن طردوه وبعد أن استأمن إلى علي فأمنه لأنه كان "يقطع الطريق ويستحل الفروج".
          وبناءً على هذا وللجمع بين كل هذه الروايات يمكن أن تكون كلمة"كلنا قتله" - على فرض ثبوتها - صادرة من قبل هذه العصابة التي يرأسها مسعر قبل أن يبلغوا النهروان، حينذاك قتلوا رسول علي. وبعد أن طردوا من النهروان قتلوا من سوى عبدالله ابن خباب وزوجته، فإن رواية الشماخي تدل على أن مسعراً قتل ابن خباب فقط قبل أن يصل إلى النهروان فلما وصل إليهم طردوه فخرج يستعرض الناس ولقي حجاجاً فضرب أعناقهم. ولعله حين علم أن علياً رفع راية أمان جاء إليها ليستأمن، ولكي ينجو من العقوبة جاء متنكراً كما عند ابن حزم: "جاء مسعر بن فدكي وهو متنكر حتى دخل على علي بن أبي طالب فما ترك من آية من كتاب الله فيها تشديد إلا سأله عنها وهو يقول: له توبة. قال: وإن كان مسعر بن فدكي ؟ قال: وإن كان مسعر بن فدكي، قال: فقلت: أنا مسعر بن فدكي فأمِّنِّي، قال: أنت آمن. قال: وكان يقطع الطريق ويستحل الفروج".
          ولعل سبب تنكره ما يروى أن أبا أيوب نادى: "من جاء هذه الراية منكم ممن لم يقتل ولم يستعرض فهو آمن، ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن، إنه لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم"، فكان هذا سبباً لتنكره حتى يضمن لنفسه الأمان ثمّ يكشف عن هويته، وبعد ذلك يكون مسعر قد اتجه إلى البصرة على رواية الأشعري والمقدسي.
          ثانياً: ثمة أمر آخر - غير ما تقدم - يؤيد عدم انتهاج أهل النهروان أمر التقتيل والاستعراض، وأنه لا تعدو حوادث القتل المذكورة كونها خروجاً فردياً على هذا الإطار.

          تعليق


          • #6
            فقد كان أبو بلال مرداس بن أدية التميمي ممن شهد صفين مع علي وأنكر التحكيم ثمّ اعتزل إلى حروراء، وشهد النهروان مع منكري التحكيم، وكان من الأربعمائة الذين ارتثوا في المعركة فنجا، وقد بقي إلى عهد زياد بن أبيه والي معاوية على الكوفة والبصرة، وكان زياد يستخلف على البصرة إذا خرج منها سمرة بن جندب الفزاري. وقد اتخذ كل من زياد وسمرة سياسة جائرة مع مخالفي السلطة يومئذ وبلغت مبلغاً عظيماً، الأمر الذي أدى إلى تطرف بعض المعارضين، فكان من ذلك حادثة قريب بن مرة الأزدي الإيادي وزحاف بن زحر الطائي وكانا ابني خالة، فقتلا رجالاً، فقال أبو بلال: "قريب لا قربه الله من كل خير وزحاف لا عفا الله عنه، لقد ركباها عشواء مظلمة" يقول لاستعراضهما الناس. وفي رواية: "قريب لا قربه الله، وايم الله لأن أقع من السماء أحب إلي من أن أصنع ما صنع" يعني الاستعراض
            وقد خرج مرداس في زمن عبيدالله بن زياد - الذي سار على منوال أبيه وزاد عليه - في أربعين رجلاً إلى الأهواز قائلاً: "إنه والله ما يسعنا المقام بين هؤلاء الظالمين تجري علينا أحكامهم مجانبين للعدل مفارقين للفضل، والله إن الصبر على هذا لعظيم وإن تجريد السيف وإخافة السبيل لعظيم، ولكننا ننتبذ عنهم ولا نجرد سيفاً ولا نقاتل إلا من قاتلنا" ومن قوله: "إنا لم نخرج لنفسد في الأرض ولا لنروّع، أحداً ولكن هرباً من الظلم، ولسنا نقاتل إلا من يقاتلنا ولا نأخذ من الفيء إلا أعطياتنا"، وتؤكد مصادر أخرى أنه لم يقتل ولم يعرض للسبيل، وأنه كان "لا يدين بالاستعراض".
            ومنهج أبي بلال واضح في أنه لا يستبيح قتال أحد إلا دفاعاً عن النفس، وهذا يعكس لنا طبيعة موقف أهل النهروان بأنهم لا يستبيحون دم أحد من المسلمين، فإن أبا بلال واحد منهم، ولا شك أنه إذا كان يقف موقفاً معادياً من قريب وزحاف لما ارتكباه فإن رضاه عن عبدالله بن وهب - وهو رمز لفكر أهل النهروان - يجلي لنا الصورة الحقيقية لمنهجهم في التعامل مع مخالفيهم.
            يقول أبو بلال:
            أبعد ابن وهب ذي النزاهة والتقى
            ومن خاض في تلك الحروب المهالكا

            أحب بقاءً أو أرجِّي سلامة

            وقد قتلوا زيد بن حصن ومالكا

            فيا ربِّ سلِّم نيَّتي وبصيرتي

            وهب لي التقى حتى ألاقي أولئكا


            هذا ما يتعلق بنسبة الاستعراض وقتل عبدالله بن خباب، وتصرفت في النص للاختصار، أيضا ملاحظة مهمة: في الكتاب نسب الشيخ كل عبارة وجملة إلى مصدرها، ولكن يعسر علي هذا هنا، فكما قلت سابقا، من شاء التفصيل والاستزادة والمعرفة فليرجع إلى كتاب الخوارج والحقيقة الغائبة للشيخ ناصر السابعي طبعة مكتبة الضامري سلطنة عمان.


            والآن أكمل النبذة:

            والإباضية هم امتداد للمحكمة الأوائل،
            وكان قائد المحكمة بعد ذلك هو أبو بلال مرداس بن حدير، والذي سكن في البصرة واتخذ الأسلوب السلمي وجانب الاستعراض وسفك الدماء، بعد ذلك قدم إلى البصرة الإمام جابر بن زيد الأزدي، والتقى هناك بأبي بلال وصارت بينهما مودة وصداقة حميمة، حتى انتقلت الرئاسة بعد ذلك إلى جابر بن زيد الأزدي -والذي قال عن نفسه:" (لقيت سبعين بدرياً من الصحابة فحويت ما بين أظهرهم ما خلا البحر) . وهذا الاستثناء هو استثناء منقطع لأن البحر ابن عباس رضي الله تعالى عنه لم يكن من أهل بدر وإنما هذا من باب الاستثناء المنقطع ، وقد شهد له ابن عباس رضي الله تعالى عنه بسعة العلم وقال : عجباً لأهل العراق يحتاجون إلينا وعندهم جابر بن زيد لو قصدوا نحوه لوسعهم علمه إلى غير ذلك . وكذلك عبدالله بن عمر شهد له بسعة العلم." (فتوى منشورة على النت موجهة إلى سماحة الشيخ أحمد الخليلي)
            وظلت رئاسة المذهب في جابر بن زيد، ثم بعده إلى تلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، ثم إلى تلميذ الأخير، الربيع بن حبيب الفراهيدي الأزدي، وبذلك تعلم أن المذهب الإباضي هو أول المذاهب الإسلامية نشأة، إذا كانت نشأته في القرن الأول الهجري، ومؤسسه الإمام جابر، أقدم أئمة المذاهب، فقد ولد في نهايات خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أي أنه قبل الإمام أبي حنيفة
            .

            تعليق


            • #7
              سبب تسمية الإباضية
              لم يكن الإباضية في وقت مبكر معروفين بهذا الاسم، بل كانوا يطلقون على أنفسهم "جماعة الدعوة" و "جماعة المسلمين" و "أهل الحق"، ولكن كانت نسبتهم سياسية إلى عبدالله بن إباض التميمي من قِبل بني أمية، والذي كان تلميذا للإمام جابر بن زيد، وكان هو المتحدث باسم الإباضية، لأنه كان من قبيلة بني تميم، وكما هو معلوم بأن لبني تميم في ذلك الوقت مكانة وهيبة، وكانت لعبدالله بن إباض مكانة وهيبة أيضا، فكان كما ذكرت هو المتحدث باسم المذهب، وكان يناقش عبد الملك بن مروان ويبين له آراء المذهب، وله رسالة معروفة إليه، وذكر الإمام السالمي في كشف الحقيقة في سبب تسمية المذهب بـ"الإباضية":
              وأصله أن فتى إباض
              كان محاميا لنا وماضي

              مقارعا أعداءنا بالحجة

              وحاميا إخواننا بالشوكة

              قد كان في أيام عبد الملك

              مع شدة الأمر وضيق المسلك

              ناقشه وبيَّن الصوابا

              ولم يكن لبأسه قد هابا

              وكان لا يدعوه إلا باسمه

              تعززا بحقه وعلمه

              وكما هو معلوم، فإن المحكمة قد انقسموا انقساما نهائيا في سنة 64 هـ، وملخص ذلك، أنه بعد وقعة الحرة والتي عاث فيها الجيش الذي بعثه يزيد بن معاوية بقيادة مسلم بن عقبة فسادا في المدينة المنورة واتجه إلى مكة ليصنع بها ما صنع، توجه بعض المسلمين إلى مكة للوقوف بجانب ابن الزبير والدفاع عنها، وكان من بينهم المحكمة. ولكن مات يزيد أثناء حصار ابن الزبير سنة ثلاث وستين، وبعد زوال الخطر، ناقش المحكمة ابن الزبير فوجدوه مخالفا لهم في أفكارهم، فانفصلوا عنه.

              ثمّ إنّ ابن الأزرق خرج على ثلاثمائة رجل عند وثوب الناس بعبيدالله بن زياد ، وتخلّف عنه عبدالله بن صفّار وعبدالله بن اباض ورجال معهما على رأيه ، وكتب إليهما ما ألقاه لأصحابه في خطابته وهو :
              « إنّ الله قد أكرمكم بمخرجكم ، وبصَّركم ما عمى عنه غيركم. ألستم تعلمون أنّكم إنّما خرجتم تطلبون شريعته وأمره ، فأمره لكم قائد ، والكتاب لكم إمام ، وإنّما تتّبعون سننه و أثره؟ فقالوا : بلى ، فقال : أليس حكمكم في وليّكم حكم النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في وليّه ، وحكمكم في عدوّكم حكم النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في عدوّه ، عدوّكم اليوم عدوّ الله وعدوّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) كما أنّ عدوّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) يومئذ هو عدوّ الله وعدوّكم اليوم؟ فقالوا : نعم ، قال : فقد أنزل الله تبارك و تعالى : ( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وِرَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ ) وقال : ( لا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ ) فقد حرّم الله ولايتهم ، والمقام بين أظهرهم ، وإجازة شهادتهم ، وأكل ذبائحهم ، وقبول علم الدين عنهم ، ومناكحتهم و مواريثهم. قد احتجّ الله علينا بمعرفة هذا ، وحقّ علينا أن نعلم هذا الدين الذين خرجنا من عندهم ، ولا نكتم ما أنزل الله ، والله عزّ وجلّ يقول : ( إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ وِ الهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيِّنّاهُ لِلنّاسِ في الكِتابِ أولئك يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ ) .
              فبعث بالكتاب إلى عبدالله بن صفار وعبدالله بن اباض ، فأتيا به ، فقرأه عبدالله بن صفار ، فأخذه ، فوضعه خلفه فلم يقرأه على الناس خشية أن يتفرّقوا ويختلفوا ، فقال له عبدالله بن اباض : مالك لله أبوك؟ أيّ شي أصبت؟ أن قد اُصيب اخواننا؟ أو اُسر بعضُهم؟ فدفع الكتاب إليه ، فقرأه ، فقال : قاتله الله ، أيّ رأي رأى. صدق نافع بن الأزرق (لكن) لوكان القوم مشركين ، كان أصوب الناس رأياً وحكماً فيما يشير به ، وكانت سيرته كسيرة النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في المشركين.
              ولكنّه قد كذب وكذبنا فيما يقول : إنّ القوم كفّار بالنعم والأحكام ، وهم براء من الشرك ، ولايحلّ لنا إلاّ دماؤهم ، وما سوى ذلك من أموالهم فهو علينا حرام، فقال ابن صفار: برئ الله منك فقد قصرت، وبرئ الله من ابن الأزرق فقد غلا، برئ الله منكما جميعًا، وقال الآخر: فبرئ الله منك ومنه. (راجع الكامل لابن الأثير والبداية والنهاية لابن كثير)
              ووجدت في بعض الروايات أن عبد الله بن إباض أراد الخروج، فسمع أصحابه وهم يسبحون ويرتلون القرآن ولهم أزيز كأزيز النحل فقال: أعن هؤلاء أخرج؟!!
              فمكث معهم. فهو كما ترى إمام سياسي لا فقهي، وأما الإمام الحقيقي والروحي للمذهب هو جابر بن زيد -وإن إنكر ذلك من مخالفي الإباضية من أنكره، فإن هذه المسألة صارت مسلمة لدى كثير من الباحثين اليوم-
              (وهنا مسألة أريد أن أبينها، فكثيرا ما يحدث عندما أناقش أحدا فيسألني: من مؤسس مذهبكم؟ فأقول جابر بن زيد، وأنت؟ فيقول رسول الله!
              كل فرقة تدعي أنها على طريق ودين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك نحن أهل الحق والاستقامة، نعتقد اعتقادا جازما لا يقبل التشكيك أننا أصبنا وحدنا دون غيرنا طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وديانته، وإنما جابر بن زيد -والذي أخذ الطريقة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم- هو الطريق الذي وصل منه إلينا دين رسول الله صلى الله عليه وسلم)
              وبما أن نسبتهم إلى عبد الله بن إباض لم تكن تسيء إليهم، وكانت إنما نسبة لأحد أئمتهم، فاستعملوها بعد مدة بينهم، حتى أني علمت أن بعض الإباضية في بعض مناطق أفريقيا، لا يعرفون نفسهم بهذا الاسم، بل يتداولون بينهم اسم "أهل الحق والاستقامة"، من ذاك لا تلقى لابن إباض مسألة في كتب الفقه ولا العقيدة، وفي ذلك يقول الإمام السالمي في كشف الحقيقة:
              ونسبوا من كان في طريقته
              إليه لاشتهار حسن سيرته

              ونحن الأولون لم يشرع لنا

              نجل أباض مذهبا يحملنا

              من ذاك لا تلقى له في المذهب

              مسألة نرسمها في الكتب

              فنحن في الأصل وفي الفروع

              على طريق السلف الرفيع

              فنأخذ الحق متى نراه

              لو كان مبغض لنا أتاه

              والباطل المردود عندنا ولو

              أتى به الخل الذي له اصطفوا



              ذكر بعض الشبهات

              توجد شبهات كثيرا ما أثارها المغرضون وغيرهم حول هذا المذهب، وسأذكر بعضها وأفندها بإذن الله:
              أ- عد الإباضية من الخوارج
              وقد تبرأ الإباضية من الخوارج وعادوهم وكم قاتلوهم في مواقع شهدها التاريخ، وقد ذكرهم الإمام السالمي رحمه الله في كتاب جوهر النظام عندما جاء إلى أحكام الجهاد فقال:
              ومال أهل البغي لا يحل
              وإن يكن قوم له استحلوا

              ثم ذكر مَن هؤلاء الذين استحلوا أموالهم:-

              خوارج ضلت فصارت مارقة
              من دينها صفرية أزارقة

              فحكموا بحكم المشركينا

              جهلا على بغاة المسلمينا

              فعرضوا للناس بالسيف كما

              قد استحلوا المال منهم مغنما

              وأمة المختار فارقتهم

              وضللتهم وفسقتهم

              ووردت فيهم عن المختار

              جملة أخبار مع الآثار

              وفيهم المروق يعرفنا

              ومنهم لاشك نبرأنا

              تعليق


              • #8
                ، والسبب في إنكار الإباضية كونهم من الخوارج:
                1- الخوارج "كما حققه الشيخ ناصر السابعي في كتاب الخوارج والحقيقة الغائبة" هم أولئك الذين سلكوا مسلك تكفير مخالفيهم كفر شرك، وبالتالي استباحة دمائهم وأموالهم وذراريهم، والإباضية بريئون من ذلك.
                2- على قول من قال أن الخوارج هم من خرجوا "عن" الإمام علي، فإن معاوية خرج "على" الإمام علي، وكذلك السيدة عائشة وطلحة والزبير، فلِمَ يجعل اسم الخوارج مختصا بالإباضية؟
                وتوجد أسباب أخرى لا تسع هذه العجالة لذكرها وتفصيلها.
                ب-تقسيم الإباضية إلى أربع فرق.
                كثيرٌ وقعوا في هذه المصيبة وللأسف الشديد، سواء من كتاب المقالات والفرق أو الناقلين عنهم، وهي تقسيم الإباضية إلى أربع فرق وهي: الحفصية، والحارثية، واليزيدية، وأصحاب طاعة لا يراد الله بها.
                وهذا كذب وافتراء واضح، وجهل صارخ بالحقيقة، فإن هذه الفرق، لا هي، ولا من نسبت إليهم، ولا الأقوال التي نسبت إليها، ذكرت في شيء من كتب المذهب الإباضي على مر العصور، ولا علم لأهل المذهب بهؤلاء، إنما المذهب الإباضي مذهب واحد، لا توجد به فرق وجماعات، نعم انشقت عنه فرقة النكار والنفاثية والسكاكية وأصحاب خلف بن السمح وغيرهم، فبذلك تعد فرقا وحدها ولا تدرج تحت المذهب الإباضي، فالشافعية والحنابلة والحنفية والمالكية مثلا كلهم تحت مسمى مذهب "أهل السنة والجماعة" ويتولون بعضهم بعضا، إلا أن الإباضية أهل الحق والاستقامة تبرأوا من أولئك المنشقين عنهم، ونفوهم عنهم، وليس لأحد أن يلحق بهم من أنكروا عليه وتبرأوا منه وشهدوا عليه بالضلال، وكما قلت فالمذهب الإباضي مذهب واحد فقط وفرقة واحدة لا تندرج تحتها فرق وأحزاب أخرى
                جـ- نسبة بعض الأقوال "التافهة" إلى الإباضية
                نجد بعض الكتاب وللأسف ينسب إلى الإباضية أهل الحق والاستقامة أقوالا يأباها الصغير قبل الكبير، والجاهل قبل العالم، منها:
                - القول بوجوب ذبح السمك!
                -إسقاط الرجم!،
                -جواز التيمم مع وجود الماء والقدرة على استعماله!،
                -بعث رسول من العجم بعد محمد صلى الله عليه وسلم!
                -أهل النار في لذة ونعيم!....إلخ
                وهذا كذب وزور وبهتان، وبغي وعدوان، أُلصق بأهل الإيمان، وهم منه براء بالجوارح واللسان، وكما ترون فهي أقوال تافهة ساقطة، والمذهب الإباضي بريء منها، ولا علاقة له بها، ومن شاء أن يتأكد، فلينقب في كتب المذهب، ولا ينتقل إلى ما كتبه المخالفون والمغرضون عن المذهب، إذ قد أفحشوا الكذب والافتراء على أهل الحق والاستقامة.
                د- تكفير أهل القبلة.
                مما وقع اللبس فيه، أن الإباضية يكفرون مرتكبي الكبائر ومخالفيهم، وهذا سوء فهم، وبيان ذلك كالتالي:
                الكفر عند الإباضية ينقسم إلى قسمين:
                كفر شرك وهو الخروج من الملة الإسلامية، ويحكم عليهم بحكم الله في المشركين، وفي أهل الكتاب إن كان منهم، وهو ما يسميه بعض المذاهب الأخرى "كفر عقدي"
                كفر نعمة وأصحاب هذا الكفر هم المخالفون للإباضية في بعض مسائل العقيدة التي لا تقبل النقاش والتأويل عندهم، وكذلك مرتكبو الكبائر مالم يتوبوا منها، فهم عند الإباضية كفار نعم، ولو كانوا من الإباضية، وأريد أن أبين هنا أن الكافر كفر نعمة يعامل معاملة المسلمين، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ولا يحل دمه إلا بما أخبر عنه الله ورسوله، ولا يحل ماله ولا ذريته، وتجوز مزاوجته وموارثته، ويدفن في مقابر المسلمين، باختصار يتمتع بكافة حقوق المسلمين سوى حق الولاية فإنه يكون في حكم البراءة، وأريد أن أذكر نبذة هنا عن الولاية والبراءة:
                الولاية: هي الحب في الله، والبراءة: البغض في الله.
                وتنقسمان إلى: ولاية وبراءة جملة، وولاية وبراءة أشخاص
                أما ولاية وبراءة الجملة فتعني أن يعتقد الإنسان بقلبه أنه موال لكافة أولياء الله، من بداية الخلق إلى قيام الساعة، وأنه بريء من كل من تبرأ الله منه، من بداية الخلق إلى قيام الساعة.
                وأما ولاية وبراءة الأشخاص، فهما تنقسمان إلى قسمين: ولاية وبراءة الحقيقة، وولاية وبراءة الظاهر.
                أما ولاية وبراءة الحقيقة، فهي تولي من ورد في حقه "نص من القرآن الكريم أو من السنة النبوية قطعي الدلالة والثبوت على ولايته، مثاله :{وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} فترى في قوله {مثلا للذين آمنوا} أنها من المؤمنين، فوجبت ولايتها" والبراءة ممن ورد في حقه "نص من القرآن الكريم أو من السنة النبوية قطعي الدلالة والثبوت على البراءة منه، مثاله: {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين} ودليل البراءة جلي بين هنا"
                وأما ولاية وبراءة الظاهر فهي تترتب على ما يظهر من صلاح الإنسان واستقامته في أقواله وأفعاله، والبراءة منه مبنية على وقوعه في مخالفة الحق قولا أو عملا، وإصراره عليها وثبوت ذلك عليه.
                أما ولاية الظاهر فتثبت بثلاث طرق هي: المعاينة "وهي أن تشهد منه ما يدل على استقامته من غير خروج عن مسلك الحق قولا وعملا، مع المسارعة إلى التوبة عند الزلل.
                والشهرة، وذلك باشتهار صلاحه واستقامته حتى تتواطأ الألسن على نقل ذلك عنه
                والبينة العادلة، وهي شهادة العدلين، واختلف في شهادة الواحد
                أما براءة الظاهر فتثبت أيضا بإحدى تلك الطرق الثلاث، وزيادة عليها: الإقرار بارتكاب الكبيرة "لا أعني بذلك أن يقر وهو تائب، إنما يقر وهو مصر"
                وبالنسبة للبينة العادلة، فهي لا تثبت إلا بشهادة عدلين لأن حكم البراءة ليس بهين.
                وأما من لم يكن معروفا بصلاح ولا فجور فالواجب فيه الوقوف عنه حتى يثبت ما يوجب ولايته أو البراءة منه.
                هذا باختصار شديد وبتصرف من كتاب شرح غاية المراد لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، والمسألة فيها تفريعات كثيرة، من شاء الاختصار فليرجع إلى شرح سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي على منظومة غاية المراد في الاعتقاد، باب الولاية والبراءة، ومن أراد التعمق والتفصيل فيها فليرجع إلى كتاب كرسي أصول الدين للعلامة الرباني والحبر النوراني الشيخ المحقق سعيد بن خلفان الخليلي رحمه الله.
                تنبيه: وهذا الكتاب ذو مادة دسمة لطلبة العلم ذوي القاعدة العلمية وليس للمبتدئين فليقس كل على قدره، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.

                هـ-الأخذ بأقوال بعض ممن ضلل الإباضية

                كثيرا ما رأيت من يشنع على الإباضية انهم يستشهدون بأقوال بعض مخالفيهم، الذين حكموا بضلال الإباضية وحيادهم عن جادة الحق، خلاصة القول في ذلك بيتان للإمام السالمي في كشف الحقيقة وهما:
                فنأخذ الحق متى نراه
                لو كان مبغضٌ لنا أتاه

                والباطل المردود عندنا ولو

                أتى به الخلُّ الذي له اصطفوا

                فترى الإباضية يستشهدون بكلام ابن الجوزي على أن صفات الله الذاتية هي عين ذاته وليست زائدة عنه مع أن ابن الجوزي ضللهم، وتراهم يخالفون الشيخ جميل بن خميس السعدي في كتابه قاموس الشريعة في أن القرآن غير مخلوق ويقولون بأن القرآن مخلوق مع أن الشيخ جميل من كبار علمائهم وفضلائهم.

                لمَ ذلك؟ رأوا الحق مع ابن الجوزي في كلامه ذلك فاستشهدوا به وإن كان مبغضا لهم، ورأوا الحق في غير كلام الشيخ جميل فتركوا كلامه وإن كان محبا لهم.

                هذه بعض الشبهات، ولا زال يوجد الكثير مما لا يسعني ذكره ومما لا أعلمه، وخلاصة القول: من أراد معرفة المذهب "أي مذهب" فمن كتب أصحابه، ولا يغترنّ بنقول مخالفيه عنه.


                بعض الخلافات بين أهل الحق والاستقامة وأهل السنة والجماعة


                الحق يقال أن أغلب الخلافات بين أهل الحق وأهل السنة إنما هي في الفروع دون الأصول- وهذا لا يعني أنه لا توجد فروق في الأصول، بل هي موجودة-، حتى أن بعض الباحثين من أهل السنة يعدون المذهب الإباضي مذهبا خامسا، وعلى كل، فذلك لا يستساغ إذ أن نشأة المذهب الإباضي سبقت نشأة جميع المذاهب، فكيف بعد ذلك يُجعل فرعا من من فروع مذهب متأخر عنه؟! وإنما هو مذهب مستقل بآراءه وأفكاره عقيدة وفقها لا يندرج تحت مذهب آخر، وإنما وافقه بعض المذاهب الأخرى في أفكاره ومعتقداته وفقهه.

                وهنا أذكر أبرز ما ظهر وانتشر أن الإباضية أهل الحق والاستقامة خالفوا فيه أهل السنة:
                أ- رؤية الله خالف أهلُ الحق أهلَ السنة فقالوا بأن الله لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا يراه لا مؤمن ولا منافق ولا كافر ولا فاسق، واستدلوا على ذلك بأدلة نصية وعقلية منها {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} وغيرها كثير يعسر ذكرها، وردوا على ما استدل به أهل السنة.
                ب-خلود مرتكبي الكبائر من أهل التوحيد في النار يرى أهل الحق والاستقامة أن من ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ومات وهو غير تائب فإنه يدخل النار والعياذ بالله وإن كان موحدا وإن كان إباضيا، ويخلد فيها أبدا، كما أن أهل الجنة خالدين فيها أبدا، ودلائل ذلك من الكتاب والسنة مستفيضة لا يسع المقام لذكرها، وإنما أذكر مثالا وهو: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}.
                جـ-خلق القرآن يرى الإباضية أهل الحق والاستقامة أن القرآن مخلوق وليس قديما، ولا قديم إلا الله سبحانه وأنه خلق كل شيء بما في ذلك القرآن، واستدلوا أيضا على أدلة عقلية ونقلية منها قوله تعالى:{إنا جعلناه قرآنا عربيا} فالجعل إما بمعنى التحويل أو التكوين، وفي حق الله تعالى دائما يكون في حق التكوين، فجعل القرآن عربيا هو خلق صفة العربية فيه، والقديم لا يتغير فيه شيء ولا يقدر غيره عليه ولا يكون فيه جزء قديم وجزء حادث.
                ومن الجدير بالذكر أن أهل الحق والاستقامة يستدلون بالنقل ويستخدمون العقل، فلم ينفردوا بأحدهما عن الآخر بل وازنوا بينهما إلا أحيانا يطغى النقل على العقل وسيأتي بيان ذلك في آنه بإذن الله.
                ولمن أراد الاستزادة في هذه المسائل الثلاث فعليه بالرجوع إلى كتاب "الحق الدامغ" لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، فقد وضع فيه المقصل على المفصل.
                د-الإمامة لا يحصر الإباضية الإمامة في قريش، بل يجعلونها في أي شخص توافرت فيه الشروط وإن كان زنجيا حبشيا أسودا، ولكن إن توافرت الشروط في اثنين وكان أحدهما قرشيا، ففي هذه الحالة يفضل القرشي على صاحبه.
                ولا زال هناك الكثير كما ذكرت، ولا يسعني لا الوقت ولا علمي بقلته وجهلي بكثرته أن أتوسع في هذا.

                مصادر تشريع الإباضية

                مصادر التشريع عند الإباضية كمصادر غيرهم من المذاهب الإسلامية، القرآن والسنة والإجماع والقياس وما يندرج تحته، وربما اختصروا الإجماع والقياس في قولهم "الرأي"
                والقرآن والسنة مقدمان على كل مصدر، قال الإمام النور السالمي في جوهر النظام –وهو من الأبيات التي أثبتها من أرجوزة الشيخ الصائغي-:
                ولا تناظر بكتاب الله
                ولا كلام المصطفى الأواه

                معناه لا تجعل له نظيرا

                ولو يكون عالما خبيرا

                وقال كذلك في جوهر النظام:

                حسبك أن تتبع المختارا
                وإن يقولوا خالف الآثارا

                وقال أيضا في الجوهر:

                ونحن حيث نطق القرآن
                لا حيث ما قال لنا فلان

                وقال:

                لو كان خيرا لم يفت محمدا
                وصحبه ولم يكن تعددا


                وبما ذكرته كفاية للدلالة على ذلك، وهم كما ذكرت سابقا، يحكمون العقل والنقل، فما ورد فيه النقل إن كان قطعي الدلالة والثبوت ولا يمكن تأويله فإنهم يأخذون به مباشرة كتوحيد الله ونفي الأشباه والأمثال عنه والجنة والنار وغيرهما، أما ما كان يحتمل التأويل فإنهم يؤولونه بما يوافق النصوص الظاهرة المحكمة، وتنزيه الله سبحانه، كتأويل اليد بالقدرة والعين بالعناية والاستواء بالاستيلاء، وغيرها.


                أماكن وجود الإباضية

                الإباضية بحكم ما تعرضوا له تاريخيا من اضطهادات من الدولة الأموية والعباسية والفاطمية وغيرها، ولقلة عددهم انعزلوا بأنفسهم في أماكن بعدما تعرضوا له، وكونوا لأنفسهم تجمعات، ولا توجد دولة مذهبها الرسمي "وأعني به مذهب الحاكم والأغلبية السكانية" هو المذهب الإباضي إلا سلطنة عُمَان، ويوجد جماعة من الإباضية في شرق أفريقيا كزنجبار وممباسة والجزيرة الخضراء وتنزانيا، وفي وادي ميزاب بالجزائر، وفي جبل نفوسة بليبيا، وفي جزيرة جربة بتونس، هذه تجمعاتهم على أنني سمعت عن إباضية في المملكة العربية السعودية وفي خراسان ومصر وغيرهما.

                إلى هنا يكفي هذا القدر سائلا المولى أن أكون قد وفقت في عملي، وقد حرصت فيه على عدم الإساءة لأي مذهب، إنما عرفت بالمذهب الإباضي:

                ملاحظة: أغلب النص كان بصياغتي وبما أحفظه، ويعسر علي تذكر جميع المصادر، فما تذكرته أشرت إليه.



                بعض المراجع لمن أراد الاستزادة والتفصيل:

                الإباضية فرقة إسلامية معتدلة للشيخ علي يحيى معمر
                الإباضية بين الفرق الإسلامية للشيخ علي يحيى معمر
                الإباضية في موكب التاريخ للشيخ علي يحيى معمر
                البعد الحضاري للعقيدة الإباضية للشيخ فرحات الجعبيري
                شخصيات إباضية للشيخ فرحات الجعبيري
                الحق الدامغ لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
                شرح غاية المراد لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
                كتاب لقاءات مع سماحة الشيخ، جمع الأستاذ فهد بن علي بن هاشل السعدي
                نثار الجوهر للإمام أبي مسلم ناصر بن سالم بن عديم البهلاني الرواحي
                العقود الفضية في أصول الإباضية للشيخ سالم بن حمد الحارثي
                أنوار العقول، وشرحيها بهجة الأنوار ومشارق أنوار العقول للإمام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي
                طلعة الشمس للإمام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي
                معارج الآمال شرح مدارج الكمال في نظم مختصر الخصال للإمام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي
                بحث تخرج بعنوان: الخوارج والحقيقة الغائبة للشيخ ناصر بن سليمان السابعي
                الإباضية في ميدان الحق لناصر بن مطر المسقري
                منهج الدعوة عند الإباضية للدكتور محمد صالح ناصر

                هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                منقووووول ....

                تعليق


                • #9
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  ( مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) الروم

                  صدق الله العظيم

                  تعليق


                  • #10
                    قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا






                    إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي ‏ ‏الثقلين ‏ ‏أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي ‏ ‏أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . ‏


                    مستدرك الحاكم- كتاب التفسير - تفسير سورة هود - رقم الحديث : ( 3312 )
                    3270 - أخبرنا ميمون بن اسحاق الهاشمي ثنا أحمد بن عبد الجبار يونس بن بكير ثنا المفضل بن صالح عن ابى اسحاق عن حنش الكنانى قال سمعت اباذر يقول وهو آخذ بباب الكعبة ايها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ومن انكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله (ص) يقول مثل أهل بيتى مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق ، هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .


                    تعليق


                    • #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ) المؤمنون

                      صدق الله العظيم

                      تعليق


                      • #12
                        صدق الله العظيم الذي يقول ان في امتكم احزاب ولكن حزب الله هم الغالبون
                        وليس حزب عمر او عثمان او ابو بكر او الصحابة
                        والقران والسنة هي المؤيدة لنا وقد نقلنا الاحاديث اعلا فلا حاجة لتكرارها والان الاية الكريمة


                        وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة : 56]



                        وخلاف مذهب اهل البيت الذي نص عليهم القران هم حزب الشيطان
                        لان حزب الله هم حزب واحد لا احزاب

                        ويوجد حزب ابليس

                        اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المجادلة : 19]


                        إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر : 6]

                        تعليق


                        • #13
                          وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة : 56]

                          طيب قال الله من يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فالذين ءامنوا لديكم أشخاص يعدوا على الأصابع فكيف نفسر قول الله تعالى ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجآ هل الأافواج حتى هى عدد بسيط من الناس .
                          غريب أمركم والله .
                          أو بالاحرى وللتقريب من هم الذين ءامنوا لديكم هل لك أن تذكرهم لى .

                          تعليق


                          • #14

                            وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة : 56]

                            طيب قال الله من يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فالذين ءامنوا لديكم أشخاص يعدوا على الأصابع فكيف نفسر قول الله تعالى ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجآ هل الأافواج حتى هى عدد بسيط من الناس .
                            غريب أمركم والله .
                            أو بالاحرى وللتقريب من هم الذين ءامنوا لديكم هل لك أن تذكرهم لى .
                            الله سبحانه وتعالى في هذه الاية الكريمة امرنا بولاء من هم حزبه

                            فلا يوجد انسان عاقل ان يقول كل المسلمين امرنا بولايتهم الا المجانين

                            لان الاولياء هم المقتدى بهم والمقتفى اثرهم

                            فهل يعقل كل الصحابه اولياء

                            وان كانو كذلك فلماذا اصلا يوجد خليفة في زمانهم
                            فهم كلهم اولياء وكلهم علماء وكلهم يستحق ان يكون خليفة

                            هذا فهم عقيم لنصواص القران الكريم



                            اما دخول الناس في دين الله فهذا بعيد عن معرض الاية لان الذين امنو المقصود منهم في الاية الاولى هم الاولياء لا غيرهم

                            تعليق


                            • #15
                              لان الذين امنو المقصود منهم في الاية الاولى هم الاولياء لا غيرهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) آل عمران

                              صدق الله العظيم


                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                              استجابة 1
                              9 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                              بواسطة ibrahim aly awaly
                               
                              أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                              ردود 2
                              12 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                              بواسطة ibrahim aly awaly
                               
                              يعمل...
                              X